التدبّر في القرآن
   قال الله سبحانه وتعالى : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) (1) .
   ولكن ماهي الأقفال التي تشير اليها الآية ؟ ، إنها اقفال الجهل ، والهوى ، والتهّرب من المسؤوليّات الثقيلة التي تصون الانسان والاجتماع من الهلاك ، ولهذا نرى حاليا الأمّة الأسلامية غير موحّدة مع ان القرآن واحد والاسلام واحد والنبّي واحد .
   وحكم الغرب سائدا على البلدان الاسلامية ومن آثارها الواضحة : الحدود الجغرافية التي تحوم كلّ بلد اسلامي مع انّ الغرب بلدا واحدا والولايات المتّحدة الأمريكية بلدا واحدا .
   وثانيا : الحرّيات المشنوقة في بعض البلدان الاسلامية مثل : « حريّة البيان والرأي حرية القلم والكتاب ، حرية الجرائد والصحف والمجلات ، حرية التلفاز والراديو ولا يخفى أن جميع هذه تحت الاطار الاسلامي المشروع الذي بينه لنا الكتاب والسنة » .

--------------------
(1) سورة محمد صلى الله عليه وآله ، الآية 24 .

كيف نقرأ القرآن _ 58 _
   ثالثاً : حاكمية الحزب الواحد في بعض الدّول الاسلامية أو بتعبير آخر حاكمية العائلة المالكة في إدارة شؤون البلاد والعباد ومعنى هذا ليس للشعب الا الطاعة سوى حكمت بعدل أو ظلم .
   وقال سبحانه وتعالى : ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) (2) .
   وعن رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] قال : « لا يعذّب الله قلبا وعى القرآن » (3) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « ويلّ لمن لاكها بين لحييه ولم يتدبّرها » (4) .
   وعن علي ابن أبي طالب [ عليهما السلام ] : « الا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه » (5) .
--------------------
(1) سورة محمد [ صلى الله عليه وآله ] ، الآية 24 .
(2) سورة ص ، الآية 29 .
(3) أمالي الطوسي : ج1 ص 5 .
(4) مجمع البيان : ج2 ص 554 .
(5) بحار الأنوار : ج92 ص 211 .

كيف نقرأ القرآن _ 59 _
   وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [ عليهما السلام ] : « تدبّروا آيات القرآن واعتبروا به ، فأنّه ابلغ العبر » (1) .
   وعنه [ عليه السلام ] : « ايّاك ان تفسرّ القرآن برأيك حتى تفقهه عن العلماء ، فأنّه ربّ تنزيل يشبه بكلام البشر وهو كلام الله ، وتأويله لا يشبه كلام البشر كما ليس شيء من خلقه يشبهه كذلك لا يشبه فعله تعالى شيئا من افعال البشر ، ولا يشبه شيء من كلامه بكلام البشر ، فكلام الله تبارك وتعالى صفته وكلام البشر افعالهم ، فلا تُشبّه كلام الله بكلام البشر فَتُهْلَك وتُضلّ » (2).
   وعن الإمام زين العابدين علي بن الحسين [ عليهما السلام ] : « آيات القرآن خزائن العلم فكلّما فتحت خزانة فينبغي لك أن تنظر فيها » (3) .

--------------------
(1) بحار الأنوار : ج92 ص 316 .
(2) غرر الحكم .
(3) التوحيد للصدوق الباب 36 كما في بحار الأنوار : ج92 ص 107 .

كيف نقرأ القرآن _ 60 _
   وعن الإمام الصادق [ عليه السلام ] : « انّ هذا القرآن فيه منار الهدى ، ومصابيح الدجى ، فليجل جال بصره ، ويفتح للضّياء بصره ، فأنّ التفكّر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور » (1) .
   ومن أدعية الإمام الصادق [ عليه السلام ] في هذا المجال : « اللهم نشرت عهدك وكتابك ، فأجعل نظري فيه عبادة ، وقرائتي فيه تفكّرا ، وفكري فيه اعتبارا ولا تجعل قرائتي قراءة لا تدبّر فيها ، ولا تجعل نظري فيه غفلة » (2) .
   ولأهمية التدبّر في القرآن كرّرت هذه الآية الشريفة في سورة القمر اربع مرّات كرارا : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) (3) .

--------------------
(1) القمر : 17 ـ 22 ـ 32 ـ 40 .
(2) الكافي : ج2 ص 600 ح 5 .
(3) الاختصاص : ص 141 .

كيف نقرأ القرآن _ 61 _
   وقوله تعالى : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) (1) .
   وقوله سبحانه وتعالى : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ) (2) .
   والقرآن ليس ـ فقط ـ يدعوا النّاس الى التدبّر في آياته . . وانّما : يطلب منهم ان يمارسوا التدبّر العميق أيضا . . كما نفهم ذلك من قوله سبحانه :( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ) (3) .
ولا يخفى أنّ الآية نزلت في « المنافقين » و « المترددين » كما يظهر من الآيات السابقة .

--------------------
(1) النساء ، الآية 82 .
(2) الدخان : 58 .
(3) مريم ، الآية 97 .

كيف نقرأ القرآن _ 62 _
« فالمراد ترغيبهم ان يتدبروا في الآيات القرآنية ويراجعوا في كلّ حكم نازل ، أو حكمة مبنيّة ، أو قصّة ، أو عظمة أو غير ذلك ، جميع الآيات المرتبطة به مما نزلت مكّيتها ومدنيتها ومحكمها ومتشابهها ، ويضموا البعض الى البعض حتى يظهر لهم انّه لا اختلاف بينهما ، ويصدّق قديمها حديثها ، ويشهد بعضها على بعض ، من غير ان يكون بينها أي اختلاف مفروض ، لا أختلاف التناقض بأن ينفي بعضها بعض أو يتدافعا ، ولا أختلاف التفاوت بأن تتفاوت الآيتان من حيث تشابه البيان ، أو متانة المعاني والمقاصد . . » .
« فارتفاع هذه الاختلافات من القرآن يهديهم الى أنه كتاب منزل من الله ، وليس من عند غيره . . . » (1) .    عن الكافي والتهذيب والاستبصار ـ عن عبد الاعلى مولى آل سالم قال : قلت لأبي عبدالله [ عليه السلام ] : عثرت فانقطع ظفري ، فجعلت على اصبعي مرارة (2) فكيف اصنع بالوضوء ؟ .

--------------------
(1) الميزان في تفسير القرآن : ج5 ص19 ، الطبعة الثانية للعلامة الطباطبائي (ره) .
(2) المرارة : شحمه شبه كيس . لازقة بالكبد تكون فيها مادة صفراء هي المرّة [ المنجد : مادة . مرَّ ] .

كيف نقرأ القرآن _ 63 _
قال [ عليه السلام ] : « يعرف هذا واشباهه من كتاب الله عز ّوجلّ ، قال الله عز ّوجلّ : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (1) ، امسح عليه » (2) .
   وفي قاعدة « المعسور يسقط بالميسور » مع أن التأمل الدقيق يقضى : بان المسح ـ بما هو مسح ـ لا حرج فيه ، وانّما الموجب للحرج هو اشتراط ( المباشرة ) في المسح .
   إذن .. فالمنفي في الآية الكريمة [ المسح المباشر لقوله تعالى : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) (3) وليس ( أصل المسح ينفى ) ، للأسف هناك من يتصوّر التدبّر في القرآن معصية كبيرة تهوي بصاحبها في نار جهنم . . . وساءت مصيرا ؟ !

--------------------
(1) الحج ، الآية 78 .
(2) القواعد الفقهية للسيد ميرزا حسن البجنوردي : ج1 ص 209 .
(3) المائدة ، الآية 6 .

كيف نقرأ القرآن _ 64 _
   ويستدل بالروايات الشريفة التي نهت ( التفسير بالرأي ) ، منها قوله [ عليه السلام ] : « من فسّر القرآن برأية ان أصاب لم يؤجر ، وان اخطا فهوى ابعد من السّماء » (1) .
   وقوله [ عليه السلام ] : « من فسّر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر » (2) .
   وقوله [ عليه السلام ] : « من فسّر القرآن برأيه فيتبّوا مقعده من النار » (3) .
   مع انّ هناك فرقا شاسعا بين المفهومين لأنّ التدبّر هو عبارة عن التروّي والتمعّن والتفكّر في آيات الله بحيث يتفاعل مع القرآن ولكن التفسير بالرأّي هو عبارة عن ابراز رأي جديد خارجا عن نطاق الدليل الشرعي العقلي العرفي وهو امّا فسره بآرائه الشخصية بهواه بمسبقاته الفكرية اي حمل اللفظ القرآني على خلاف الظاهر أو على احد احتمالين دون دليل كما صنع يحيى ابن اكثم في ايات جمّة منها هذه الآية الشريفة ( أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ) (4) .

--------------------
(1) مقدمة ( البرهان في تفسير القرآن) ص 16 طبعة دار الكتب العلمية ـ ايران .
(2) البرهان : ج1 ص19 .
(3) تفسير الصافي : ج1 ص 21 الطبعة الخامسة .
(4) الشورى ، الآية 49 و 50 .

كيف نقرأ القرآن _65 _
   فكان « يدين » عمله الشائن . . . ويتمسك بآية من القرآن في مشروعية اباحة الزواج واباحة اللواط وكان هو محبوب المأمون العباسي ( الملعون ) فقال له يوما : لمن هذا الشعر :

قاض يرى الحدّ في الزنا ولا
يرى على من يلوط من iiبأس
فأجابه : الذي قال :
ما أحسب الجور ينقضي وعلى
الأمة  وال من آل عبّــاس !

   لعل يحيى بن اكثم يستفاد من الآية استحباب هذا العمل الشائن ايضا وليس بعيدا لأرضاء أهواءه وشهواته .
   هلاّ لو لاحظنا الآية وتدبّرنا فيها جيدا لو جدنا المعنى الكمين فيها وهو الناس تجاه ( انجاب الذريّة ) على اربعة اقسام :
فقسم لا يولد الاّ الاناث .
وقسم لا يولد الاّ الذكور
وثالث : يولد له الاثنان معا
ورابع : لا يولد له أي واحد منهما ، بل يظل عقيما ، والله يزوج الاناث ذكرانا والذكور اناثا ويجعل من يشاء عقيما وهذا

كيف نقرأ القرآن _ 66 _
يفهم بعد التدبّر في هذه الآية الشريفة قوله سبحانه وتعالى : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) (1) .
   فيحيى ابن اكثم اراد ان يبرّر اعماله ويرضي اهواءه وشهواته بأستخدام هذه الآية الشريفة لأنه كان يعاني من الشذوذ الجنسي حتى قال عنه ابن خلكان : « الوط قاض بالعراق نعرفه » ! وهذا التجويز المحرم سائد لحدّ هذا اليوم نرى له اثرا خارجيا فضيعا .
   وهناك من يفسّر آيات القرآن حسب ( الفكر الصوفي ) و ( الذوق العرفاني ) فمثلا ابن العربي بأعتبار مذهبه هو ( وحدة الوجود ) ، لذلك فهو يفسّر ـ قول هارون لأخيه موسى [ عليهما السلام ] : « يابن أُم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي » (2) .
   يفسّره بانّ موسى : بعد ان عاد من « الطور » ورأى قومه قد عبدوا العجل . . عاتب اخاه هارون قائلاً له :

--------------------
(1) الشورى ، الآية 49 و 50 .
(2) طه ، الآية 94 .

كيف نقرأ القرآن _ 67 _
لماذا لم تدع الناس يعبدون العجل ؟ الا تعلم انّ الله سبحانه وتعالى يجب ان يعبد ـ في آية صورة كان المعبود ! هذا القول يستلزم هذا الكلام انّه لا يوجد كافر ولا مشرك حتى يوبّخا لأنّ كل طائفة منهما يعبدان الله ولكن على اسلوب متفاوة وهذا معنى وحده الوجود والموجود وهو كفر والحاد وهناك من العرفاء من يفسّر قوله تعالى : ( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) بانّ المقصود من ( فرعون ) ليس شخصاً معيّناً . . . بل المقصود به ( القلب القاسي . . ) . . وهذه الآية تشير ـ الى مجاهدة هذا اللّقب (1) .
والحال نرى خلاف ما يتصوّره العرفاء عرفا وعقلا وشرعا .
   وهناك اصحاب الفكر المادي اخذوا يفسرّون القرآن بطريقة خاصة فالملائكة والجن ، والشياطين فسّروها بـ « القوى الطبيعية » التي تسيّر الانسان والكون . .    أو فسّره بما يظنه أو يخمّنه أو بعض الاستحسانات العقلية الفارغة وهذا نوع آخر للتفسير بالرأي الذي تشير الآية اليه ( إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) (2) .

--------------------
(1) تفسير الصافي ـ المجلد الأول : ص 22 .
(2) النجم ، الآية 28 .

كيف نقرأ القرآن _ 68 _
   ومما يجدر ذكره في هذا المجال : ان أمرأة على عهد عمر بن الخطاب كانت تمارس الجنس مع مملوكها وهذا بالطبع امر محرّم في نظر الاسلام ، فذكر ذلك لعمر ، فأمر ان يؤتى بها . . .
   ولّما جاءت سألها : ما حملك على ذلك ؟ ! فقالت : تأوّلت آية من كتاب الله ، وهي : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {المؤمنون/5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) (1) .
وفي بعض الروايات : « كنت اراه يحلّ لي بملك يميني كما يحلّ للرجل المرأة بملك اليمين » (2) .

--------------------
(1) المؤمنون ، الآية 8 .
(2) الغدير للعلامة الأميني : ج6 ص 118 ، الطبعة الثالثة .

كيف نقرأ القرآن _ 69 _
التطبيق العملي
   قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « من تعلّم القرآن ولم يعمل به وآثر عليه حبّ الدنيا وزينتها استوجب سخط الله ، وكان في الدرجة مع اليهود والنصارى الّذين ينبذون كلام الله وراء ظهورهم ، ومن قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة اعمى ، فيقول : رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ؟ قال ( سبحانه وتعالى ) كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى فيؤمر به الى النار » (1) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « من قرأ القرآن ثمّ شرب عليه حراما أو آثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب عليه سخط الله الاّ أن يتوب ، الا وانّه ان مات على غير توبة حاجّه الله يوم القيامة فلا يزايله الاّ مدحوضاً » (2) .

--------------------
(1) عقاب الأعمال : ص 333 .
(2) من لا يحضره الفقيه : ج2 ص 190 .

كيف نقرأ القرآن _ 70 _
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « انّ في جهنم واديا يستغيث منه اهل النار كلّ يوم سبعين ألف مرة ! »
فقيل له : لمن يكون هذا العذاب ؟
فقال [ صلى الله عليه وآله ] : « لشارب الخمر من أهل القرآن وتارك الصلاة » (1) .
   نقل السيد محمد كاظم القزويني الحائري الخطيب المعروف ( تغمّده الله برحمته الواسعة ) انّ مجموعة من الشباب المؤمنين السوّاح دخلوا مطعما في احدى مدن تونس الاسلامية اذ اقبل المضيّف [ الكارسون ] يعدّد لهم الطعام ، ثمّ قال مع الويسكي أو من دونها سادتي ؟ تفاجئوا بسؤاله وقال احد المؤمنين ألست بمسلم ؟ فأجاب : بلى ، أوليس هذا مطعم المسلمين ؟ قال : بلى ، وهل تقرأ القرآن ؟ قال : وكيف لا أقرأ وانا مسلم .

--------------------
(1) تنبيه الخواطر للورام ، كما في وسائل الشيعة : ج2 ص 838 .

كيف نقرأ القرآن _ 71 _
   عجيب انت مسلم ولم تسمع هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (1) .
   تنحنح قائلا : بلى سمعت أكثر من ذلك : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) (2) .
   وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ) (3) .
   وقوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) (4) .
   اذاً طوبى لك نار جهنم تعرف وتحرف ، فابتسم المضيف قائلاً انا حافظ القرآن ، فأجابه المؤمن ما ثمن حفظ القرآن من دون العمل به « ربَّ تال للقرآن والقرآن يلعنه » (5) .
   وعن الرسول الأكرم [ صلى الله عليه وآله ] : « انَّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه » (6) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] قال : « انما أتخوف على اُمتي من بعدي ثلاث خلال : ان يتأوّلو القرآن على غير تأويله ، ويتّبعوا زلّة العالم ، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا ، وسأنبّئكم المخرج من ذلك ، فأمّا القرآن : فاعملوا بمحكمه ، وآمنوا بمتشابهه ، وأمّا العالم : فانتظروا فئته ، ولا تتّبعوا زلّته ، وأمّا المال فأنّ المخرج منه شكر النّعمة واداء حقّه » .

--------------------
(1) المائدة 90 .
(2) البقرة 219 .
(3) سورة النساء آية 43 .
(4)سورة المائدة آية 91 .
(5) وهذه الجملة الأخير حديث من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله مستدرك الوسائل : ج1 ص 291 .
(6) اصول الكافي : ج1 ص55 .

كيف نقرأ القرآن _ 72 _
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] قال : « القلوب اربعة : « فقلب فيه ايمان وليس فيه قرآن ، وقلب فيه قرآن وليس فيه ايمان ، وقلب فيه قرآن وايمان ، وقلب لا قرآن فيه ولا ايمان ، فأمّا القلب الذي فيه ايمان وليس فيه قرآن كالثّمرة طيّب طعمها ليس لها ريح ، وامّا القلب الذي فيه قرآن وليس فيه ايمان كالأشنّة طيب ريحها خبيث طعمها ، وامّا القلب الذي فيه ايمان وقرآن كجراب المسك ان فتح فتح طيبا وان وعي وعى طيبا ، وامّا القلب الذي لا قرآن فيه ولا ايمان كالحنظلة خبيث ريحها خبيث طعمها » (1) .
وقال [ صلى الله عليه وآله ] : « تكلّم النار يوم القيامة ثلاثة : اميراً ! وقارياً ! وذا ثروة من المال ! فتقول للأمير : يا من وهب الله له سلطانا فلم يعدل فتزدرد (2) كما تزدرد الطير حبّ السّمسم ، وتقول للقارىء : يا من تزيّن للناس وبارز الله بالمعاصي فتزدرد ، وتقول للغني : يا من وهب الله له دنيا كثيرة واسعة فيضا ، وسأله الحقير [ الفقير ] قرضا فأبى الاّ بخلاً فتزدرده » (3) .
--------------------
(1) المستدرك : ج1 ص 287 الطبعة القديمة .
(2) فتلتقف .
(3) في الخصال للصدوق والمستدرك : ج1 ص 291 القديم .

كيف نقرأ القرآن _ 73 _
الاستشفاء به
   قال الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ) (1) .
   وقال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) (2) .
   وقال سبحانه وتعالى : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ) (3) .
   قال الرسول الأعظم [ صلى الله عليه وآله ] : « استشف بالقرآن فان الله عز ّوجل يقول ( وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ ) (4) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « شفاء أمّتي في ثلاث : آية من كتاب الله ، ولعقة من عسل أو شرطة حجام » (5) .
   وعن الصادق [ عليه السلام ] قال : « السواك وقراءة القرآن مقطعة للبلغم » (6) .
   وعنه [ عليه افضل الصلاة والسلام ] : « من قرأ مائة آية من أيّ آي القرآن شاء ، ثمّ قال سبع مرات : يا الله ، فلو دعى على الصّخور فلقها وفي رواية أخرى : لقلعها ان شاء الله » (7) .
   [ ولا يخفى انَّ هذا لا يتم الاّ مع خلوص النيّة والمعرفة وقابلية المعلول ] .

--------------------
(1) سورة الأسراء ، الآية 82 .
(2) سورة يونس ، الآية 57 .
(3) سورة ، الآية فصّلت 44 .
(4) بحار الأنوار : ج92 ص 176 .
(5) بحار الأنوار : ج 92 ص 176 .
(6) المحاسن : ص 563 .
(7) مكارم الأخلاق : ص 420 [ باب الاستشفاء بالقرآن ] .

كيف نقرأ القرآن _ 74 _
   قال علي بن خلف : شكا رجل الى محمد بن حميد الرازي الرّمد فقال له : أدم النظر الى المصحف فأنّه كان بي رمد فشكوت ذلك الى حزير بن عبد الحميد ، فقال لي أدم النظر الى المصحف فأنّه كان بي رمدّ فشكوت الى الأعمش ، فقال لي : أدم النظر الى المصحف فأنّه كان بي رمدّ فشكوت ذلك الى عبد الله بن مسعود ، فقال لي أدم النظر الى المصحف فأنّه كان بي رمدّ ، فشكوت ذلك الى رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] فقال لي : أدم النظر الى المصحف فأنّه كان بي رمدّ فشكوت ذلك الى جبرئيل فقال لي أدم النظر الى المصحف (1) .
   وقال النبي [ صلى الله عليه وآله ] : لجابر بن عبد الله : « يا جابر الا اعلّمك افضل صورة انزلها الله في كتابه ؟ فقال جابر : بلى بأبي انت وأمّي يا رسول الله علّمنها ، فعلّمه رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] سورة الحمد ، وقال : هي شفاء من كل داء الاّ السام [ أي الموت ] » (3) .

--------------------
(1) مستدرك الوسائل : ج1 ص 294 .
(2) تفسير العياشي : ج1 ص 20 .

كيف نقرأ القرآن _ 75 _
   وعن الصادق [ عليه السلام ] قال : « السورة التي اوّلها تحميد ، وأوسطها اخلاص وآخرها دعاء ، سورة الحمد » (1) .
   وعنه [ عليه السلام ] : « ما قرأت الحمد سبعين مرّة الاّ سكن [ الداء ] وان شئتم فجرّبوا ولا تشكّوا » (2) .
   سُإل رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : ايّة آية أعظم ؟ فقال [ صلى الله عليه وآله ] : آية الكرسي (3) .
   وقال [ صلى الله عليه وآله ] : لعلي بن أبي طالب عليهما السلام : « سيّد الكلام القرآن ، وسيّد القرآن : البقرة ، وسيّد البقرة : آية الكرسي ، يا علي : انّ فيها لخمسين كلمة ، وفي كلّ كلمة خمسون بركة » .
   وقال [ صلى الله عليه وآله ] : « من قرأ اربع آيات من أوّل البقرة وآية الكرسي وآيتين بعدها وثلاث آيات من آخرها لم ير في نفسه وماله شيئا يكرهه ولا يقربه شيطان ولا ينسي القرآن » (4) .

--------------------
(1) تفسير العياشي : ج1 ص19 .
(2) طبّ الأئمة : ص 54 .
(3) بحار الانوار : ج92 ص 262 .
(4) الكافي : ج2 ص 621 .

كيف نقرأ القرآن _ 76 _
أجر المستظهر والحافظ
   وعن الإمام الصادق [ عليه السلام ] قال : « من استظهر القرآن وحفظه واحلّ حلاله وحرّم حرامه ادخله الله الجنّة به وشفعه في عشرة من أهله كلّهم قد وجب لهم النار » (1) .
   وعنه [ عليه افضل الصلاة والسلام ] : « ان الذي يعالج القرآن ويحفظه بمشقة منه وقلّة حفظه له اجران » (2) .
   وعن أبي عبد الله [ عليه السلام ] قال : سمعت أبي [ عليه السلام ] يقول : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « ختم القرآن الى حيث تعلم » .
   عن حفص قال : سمعت موسى بن جعفر [ عليهما السلام ] يقول لرجل : « اتحبّ البقاء في الدنيا ؟ فقال : نعم .

--------------------
(1) مستدرك الوسائل : ج1 ص 290 .
(2) الكافي : ج2 ص 443 .

كيف نقرأ القرآن _ 77 _
فقال عليه السلام : ولم ؟ قال : لقراءة قل هو الله احد ، فسكت عنه فقال له بعد ساعة : يا حفص من مات من اوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علّم في قبره ليرفع الله به من درجته فأنّ درجات الجنّة على قدر آيات القرآن ، يقال له : اقرأ وارق ، فيقرأ ثمّ يرقى ، قال حفص : فما رأيت احدا اشدّ خوفا على نفسه من موسى ابن جعفر [ عليهما السلام ] ولا ارجأ الناس منه وكانت قراءته حزنا فاذا قرأ فكانّه يخاطب انسانا » (1) .
   وعن أبي عبد الله [ عليه السلام ] قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « حملة القرآن عرفاء أهل الجنّة ، والمجتهدون قوّاد أهل الجنّة (2) ، والرُّسل سادة أهل الجنّة » (3) .

--------------------
(1) الكافي : ج2 .
(2) الكافي : ج2 ص 606 ح 10 .
(3) علّق على هذا الحديث في كتاب الكافي انّ المقصود من المجتهدين هم المبلّغون رسالة الله سبحانه وتعالى كالمجتهدين والخطباء والكتاب الذين يعتقدون بالله ورسوله وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام .

كيف نقرأ القرآن _ 78 _
دعاء حفظ القرآن
   عن حمّاد بن عيسى ، رفعه الى أمير المؤمنين [ عليه السلام ] قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] أعلّمك دعاء لا تنسى القرآن :
« اللهّم ارحمني بترك معاصيك ابدا ما أبقيتني ، ارحمني من تكلّف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن المنظر فيما يرضيك عنّي ، وألزم قلبي حفظ كتابك كما علّمتني ، وارزقني ان اتلوه على النّحو الذي يرضيك عنّي ، اللهّم نوّر بكتابك بصري واشرح به صدري وفرّح به قلبي واطلق به لساني واستعمل به بدني وقوّني على ذلك واعنّي عليه ، وانّه لا معين عليه الاّ انت لا اله الاّ انت » (1) .
--------------------
(1) بحار الأنوار : ج92 ص 209 .

كيف نقرأ القرآن _ 79 _
مصادر الكتاب
1 ـ مستدرك الوسائل الطبعة القديمة والجديدة .
2 ـ ثواب الأعمال .
3 ـ بحار الأنوار .
4 ـ كنز العمال .
5 ـ جامع الأخبار .
6 ـ لئالي الأخبار .
7 ـ ينابيع المودة .
8 ـ أمالي الطوسي .
9 ـ نهج البلاغة .
10 ـ أصول الكافي .
11 ـ عليّ في القرآن .

كيف نقرأ القرآن _ 80 _
12 ـ غاية المرام .
13 ـ غرر الحكم .
14 ـ مقتل الحسين [ عليه السلام ] للخوارزمي .
15 ـ السياسة الحسينية .
16 ـ السرائر لابن ادريس .
17 ـ الخصال للصدوق .
18 ـ عيون أخبار الرضا [ عليه السلام ] .
19 ـ المجالس .
20 ـ تنبيه الخواطر للورّام .
21 ـ وسائل الشيعة .
22 ـ من لا يحضره الفقيه .
23 ـ عقاب الأعمال .
24 ـ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد .
25 ـ التوحيد للصدوق .
26 ـ معاني الأخبار .
27 ـ الأختصاص .
28 ـ عدّة الداعي .

كيف نقرأ القرآن _ 81 _
29 ـ التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام .
30 ـ تفسير مجمع البيان .
31 ـ تفسير العياشي .
32 ـ تفسير النيسابوري ( غرائب القرآن ورغائب الفرقان ) .
33 ـ التفسير الكبير للرازي .
34 ـ تفسير الميزان للطباطبائي .
35 ـ تفسير الصافي .
36 ـ تفسير البرهان .
37 ـ القواعد الفقهية للسيد ميرزا حسن البجنوردي .
38 ـ المحاسن .
39 ـ مكارم الأخلاق .
40 ـ طبّ الأئمة .