تأليف
السيد جعفر مرتضى العاملي
دراسة وتحليل
دار السيرة
بيروت


تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
  والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين ، من الأولين والآخرين ، إلى قيام يوم الدين ، وبعد ...
  فإن حياة الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ، وحتى عضوياً بحياة أخيه السبط الشهيد الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام ... وبالأخص حياتهما السياسية ، فهما شريكان في صنع الأحداث ، أو في التأثير فيها ، سواء على مستوى الموقف ، أو على مستوى نتائجه وآثاره ...
   ولا يقتصر ذلك على الفترة التي عاشاها كإمامين ، يتحملان بالفعل مسؤولية القيادة والهداية للأمة .. بل وينسحب أيضاً حتى على الفترة التي عاشاها في كنف جدهما الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فضلاً عما تلاها من تحولات وتطورات في عهد الخلفاء الثلاثة ، ثم إبان تصدي أبيهما أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه للإمامة الظاهرة ...
  بل إننا حتى بعد استشهاد الإمام الحسن عليه السلام ، لنجد ملامح الآثار

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 6 _

  المباشرة لمواقفه عليه السلام (1) على مجمل المواقف والأحداث التي كان للإمام الحسين عليه السلام التأثير فيها ، أو المسؤولية في صنعها ...
  وليس ذلك ـ فقط ـ لأجل أن دور أحدهما ـ كإمام ـ لا بد أن يكون امتداداً لدور الآخر ... وإنما يضاف إلى ذلك طبيعة الظروف التي رافقت حياتهما ، والمسؤوليات المتميزة التي فرض عليهما القيام بها في تلك الفترة الزمنية ، ذات الطابع الخاص جداً ...
  ولأجل ذلك ... فإن على من يريد البحث والتعرف على الحياة السياسية لأحدهما عليهما الصلاة والسلام ، أن لا يهمل النظر إلى حياة الآخر ، وملاحظة مواقفه ، بل لا بد وأن يبقى على مقربة منها ، إذا أراد أن يستفيد الكثير ممّا يساعده على فهم أعمق لما هو بصدد البحث فيه ، ويهدف إلى التعرف عليه ، وعلى أسبابه ، وعلى آثاره ونتائجه ...
  ونحن في هذا البحث المقتضب ، وإن كنا لم نستطع أن نؤمن ـ حتى الحد الأدنى في مجال الالتزام بهذا الاتجاه ، وذلك بسبب عدم توفر الفرصة ، وكثرة الصوارف ... إلا أننا لا نُبعد كثيراً إذا قلنا : إن ملامح هذا الاتجاه ليست مطموسة تماماً في بحثنا هذا ...
  وأخيراً ... فإن هذه الدراسة الموجزة ، قد تكون قادرة ـ ولو جزئياً ـ على رسم صورة تكاد تكون واضحة عن الحياة السياسية للإمام الحسن عليه الصلاة والسلام ، كما أنها يمكن أن تساعد بشكل فعال في الحصول على تصورٍ ـ ولو محدود ـ عن بعض التيارات والمناحي السياسية لتلك الفترة ... فـ :
  إلى ما يلي من صفحات 20| 1 | 1404 هـ . ق
  5 | 8 | 1362 هـ . ش
  جعفر مرتضى الحسيني العاملي

---------------------------
(1) كتربيته للعديد من الشخصيات ، وكلماته وخطبه التي ألقاها في المناسبات المختلفة ، ثم صلحه الذي ساهم في حفظ كيان الشيعة ، وفي فضح الأمويين والمنافقين ، وكشف نواياهم من خلال أقوالهم وممارساتهم اللا إسلامية واللا إنسانية تجاه الأمة .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 7 _

ما هي السياسة ؟ :
  قيل :
  سأل بعض الناس الإمام الحسن عليه السلام عن رأيه في السياسة ، فقال عليه السلام :
  ( هي أن تراعي حقوق الله ، وحقوق الأحياء ، وحقوق الأموات ، فأما حقوق الله ، فأداء ما طلب ، والاجتناب عما نهى ، وأما حقوق الإحياء ، فهي أن تقوم بواجبك نحو إخوانك ، ولا تتأخر عن خدمة أمتك ، وأن تخلص لولي الأمر ما أخلص لأمته ، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا حاد عن الطريق السوي . وأما حقوق الأموات ، فهي أن تذكر خيراتهم ، وتتغاضى عن مساوئهم ، فإن لهم رباً يحاسبهم ) (1) .

---------------------------
(1) حياة الحسن عليه السلام للقرشي : ج 1 ص 142 | 143 عن مجلة العرفان : ج 4 جزء 3 نقلاً عن التذكرة المعلوفية : ج 9 والإمام الحسن بن علي ، لمحمد علي دخيل ص 52 | 53 ، وسيرة الأئمة الأثني عشر : ج 1 ص 525 . ويرى بعض المحققين : أن هذا الخبر منقول بالمعنى ، وأنه غير صحيح أصلاً ، ولكنني لم أفهم سر حكمه هذا ؟ ! .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 9 _

الفصل الأول :
  في عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله
  روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال في حديث له : ( لو كان العقل رجلاً لكان الحسن )
  ( فرائد السمطين ج 2 ص 68 وعن مقتل الحسين للخوارزمي )

---------------------------
(1) حياة الحسن عليه السلام للقرشي : ج 1 ص 29 ، وسيرة الأئمة الاثني عشر للحسني : ج 1 ص 513 ، وصلح الإمام الحسن عليه السلام لفضل الله ص 15 عن الغزالي في إحياء العلوم . وحول شبهه عليه السلام بجده راجع : تاريخ اليعقوبي ط صادر : ج 2 ص 226 والبحار ج 10 وأعيان الشيعة ج 9 وذكر ذلك العلامة المحقق الأحمدي عن : كشف الغمة ص 154 والفصول المهمة للمالكي ، والإصابة ج 1 ص 328 وكفاية الطالب ص 267 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 202 وينابيع المودة ص 137 وتاريخ الخلفاء ص 126 | 127 والتنبيه والاشراف ص 261 والبحار عن الإرشاد ، والروضة وأعلام الورى ، والعكبري ، والترمذي ، وشرف النبوة .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 11 _

بداية :
  لقد ولد الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام في حياة جده الرّسول الأكرم ، محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وبالذات في النصف من شهر رمضان المبارك ، من السنة الثالثة للهجرة النبوية ، على المشهور ... وعاش في كنف جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم سبع سنوات من عمره الشريف ، وكانت تلك السنوات على قلتها ، كافية لأن تجعل منه الصورة المصغرة عن شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى ليصبح جديراً بذلك الوسام العظيم ، الذي حباه به جده ، حينما قال له ـ حسبما روي : ( أشبهت خلْقي وَخُلُقي ) (1) .
  وقال المحقق العلامة الأحمدي : ( أضف إلى ذلك ما لصحبة العظماء من الأثر الروحي على الإنسان ، فمن عاشر كبيراً ، وصاحب عظيما ، فيشرق عليه من نوره ، ويلفح عليه من عطره المعنوي ما تَغْنى به نفسه ، وتسمو به ذاته.. وقد ألمحت الأحاديث الكثيرة الورادة في العِشْرة ، واختيار الصديق إلى هذا

---------------------------
(1) حياة الحسن عليه السلام للقرشي : ج 1 ص 29 ، وسيرة الأئمة الاثني عشر للحسني : ج 1 ص 513 ، وصلح الإمام الحسن عليه السلام لفضل الله ص 15 عن الغزالي في إحياء العلوم ، وحول شبهه عليه السلام بجده راجع : تاريخ اليعقوبي ط صادر : ج 2 ص 226 والبحار ج 10 وأعيان الشيعة ج 9 وذكر ذلك العلامة المحقق الأحمدي عن : كشف الغمة ص 154 والفصول المهمة للمالكي ، والإصابة ج 1 ص 328 وكفاية الطالب ص 267 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 202 وينابيع المودة ص 137 وتاريخ الخلفاء ص 126 | 127 والتنبيه والاشراف ص 261 والبحار عن الإرشاد ، والروضة وأعلام الورى ، والعكبري ، والترمذي ، وشرف النبوة .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 12 _

  المعنى ، وأشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى صحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته القاصعة ، فقال : ( ولقد كنت اتبعه إتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به الخ ... ) .
  أضف إلى ذلك : أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد نحل الحسنين عليهما السلام نحلة سامية ، حينما قال : أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين فله جودي وشجاعتي ) (1) انتهى .

النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومستقبل الأمة :
  والرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو ذلك الشخص الذي يتحمل مسؤولية هداية ورعاية الأمة ، ومسؤولية تبليغ وحماية مستقبل الرسالة ، ثم وضع الضمانات التي لا بد منها في هذا المجال ...
  وهو صلى الله عليه وآله المطلع عن طريق الوحي على ما ينتظر هذا الوليد الجديد ، الإمام الحسن عليه السلام من دَور قيادي هام على هذا الصعيد ... كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم مأمور بأن يساهم هو شخصياً ، وبما هو ممثل للإرادة الإلهية بالإعداد لهذا الدور ، سواء فيما يرتبط ببناء شخصية هذا الوليد اليافع ، ليكون الإنسان الكامل الذي يمتلك الصفات الإنسانية المتميزة ، أو فيما يرتبط ببنائه بناء فذّاً يتناسب مع المهام الجسام ، التي يؤهل للاضطلاع بها على صعيد هداية ورعاية وقيادة الأمة .
  وإذا كانت هذه المهام هي ـ تقريباً ـ نفس المهام التي كان يضطلع بها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ... فإن من الطبيعي أن تتجلى في

---------------------------
(1) راجع هذا الحديث في : روضة الواعظين ، وكفاية الطالب ص 277 ، وحلية الأولياء ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 214 ، وكشف الغمة ص 154 وينابيع المودة ص 259 ، والبحار عن قرب الإسناد ، وإسعاف الراغبين ، بهامش نور الأبصار ص 116 ...

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 13 _

  شخصية من يخلفه نفس الصفات والمؤهلات التي كانت للشخصية النبوية المباركة ...
  وهكذا ... فإنه يتّضح المراد من قوله فإن قوله صلى الله عليه وآله وسلم للإمام الحسن عليه السلام : أشبهت خَلْقي وَخُلُقي ... فأما شبهه له في الخلق ، فذلك أمر واقع ، كما عن أبي جحيفة (1) وأما شبهه له في الخُلُق فلا بد أن يعتبر وسام الجدارة والاستحقاق لذلك المنصب الإلهي ، الذي هو وراثة وخلافة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم وصيه علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام .
  نعم ... لابد من ذلك ، سواء بالنسبة لما يرتبط بشخصية ذلك الوليد ... أو بالنسبة إلى خلق المناخ النفسي الملائم لدى الأمة ، التي يفترض فيها أن لا تستسلم لمحاولات الابتزاز لحقها المشروع في الاحتفاظ بقيادتها الإلهية ، التي فرضها الله تعالى لها ... أو على الأقل أن لا تتأثر بعمليات التمويه والتشويه ، وحتى الإعدام والنسف للمنطلقات والركائز ، التي تقوم عليها رؤيتها العقائدية والسياسية ، التي يعمل الإسلام على تعميقها وترسيخها في ضمير الأمة ووجدانها ...
  ومن هنا ... نعرف السر والهدف الذي يرمي إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تأكيداته المتكررة ، تصريحاً ، أو تلويحاً على ذلك الدور الذي ينتظر الإمام الحسن وأخاه عليهما السلام ، وإلى المهمات الجلّى التي يتم إعدادهما لها ، حتى ليصرح بأنهما عليهما السلام : إمامان قاما أو قعدا (2) كما أنه يقول

---------------------------
(1) راجع : ذكر أخبار أصبهان ج 1 ص 291 وتاريخ الخلفاء ص 188 و 189 عن عبد الله ابن الزبير .
(2)أهل البيت ، تأليف توفيق أبو علم ص 307 والارشاد للمفيد ص 220 ومجمع البيان ج 2 ص 453 وكشف الغمة للأربلي ج 2 ص 159 وروضة الواعظين ص 156 ، وحياة الحسن بن علي عليه السلام للقرشي ج 1 ص 42 ، والبحار ج 44 ص 2 ، وعلل الشرايع ج 1 ص 211 ، وإثبات الهداة ج 5 ص 142 و 137 و 135 والمناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 367 وعبر عنه بالخبر المشهور ، وقال ص 394 : ( اجتمع أهل =

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 14 _

  لهما : أنتما الإمامان ، ولأمكما الشفاعة (1) .
  وفي مودة القربى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال للحسين عليه السلام : ( أنت سيد ، ابن سيد ، أخو سيد ، وأنت إمام ، ابن إمام ، أخو إمام ، وأنت حجة ، ابن حجة ، أخو حجة ، وأنت أبو حجج تسعة ، تاسعهم قائمهم ) (2) .
  وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه عن الإمام الحسن عليه السلام : ( وهو سيد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الأمة ، أمره أمري ، وقوله قولي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فإنه ليس مني الخ ) (3) وثمة أحاديث أخرى تدل على إمامتهما ، وإمامة التسعة من ذرية الحسين عليه السلام : فلتراجع (4) .
  فكل ما تقدم إنما يعني : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بث في الحسنين عليهما السلام من العلوم النافعة ، والحكمة الساطعة ، وربى فيهما من المؤهلات ما يكفي لأن يجعلهما ، جديرين بمقام خلافته ، وهداية الأمة بعده ...
  كما أننا نلاحظ حرصه صلى الله عليه وآله وسلم على ربط قضاياهما عقيدة وتشريعاً ، وحتى عاطفياً ووجدانياً بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم شخصياً ، حتى

---------------------------
القبلة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال الخ ... ) وسيرة الأئمة الاثني عشر للحسني ج 1 ص 554 و 544 وقال : ( بإجماع المحدثين ) .
(1) نزهة المجالس ج 2 ص 184 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 1 ص 42 عنه وعن الاتحاف بحب الاشراف ص 129 وإثبات الهداة ج 5 ص 52 .
(2) ينابيع المودة ص 168 وراجع منهاج السنة لابن تيمية ج 4 ص 209 وإثبات الهداة ج5 ص 129 والبحار ج 36 ص 290 و 291 عن كفاية الأثر .
(3) فرائد السمطين ج 2 ص 35 وأمالي الصدوق ص 101 وحول ما يثبت إمامة الإمام الحسن عليه السلام راجع : ينابيع المودة ص 441 و 442 و 443 و 487 عن المناقب . وفرائد السمطين ج 2 ص 140 و 134 و 153 و 259 وفي هوامشه عن المصادر التالية : غاية المرام ص 39 وكفاية الأثر المطبوع في آخر الخرائج والجرائح ص 289 عيون أخبار الرضا باب 6 ص 32 والبحار ج 3 ص 303 و ج 36 ص 283 و ج 43 ص 248 وأمالي الصدوق ص 359 المجلس رقم 63 .
(4) راجع : ينابيع المودة ص 369 و 372 و 373 و 374 حتى 399 وإثبات الهداة ج 5 ص 132 . .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 15 _

  ليقول لهما : أنما سلم لمن سالمتم ، وحربٌ لمن حاربتم (1) والأحاديث بهذا المعنى كثيرة جداً لا مجال لاستقصائها .
  وفي نص آخر عن أنس بن مالك قال : دخل الحسن على النبي صلى الله عليه وآله ، فأردت أن أمطيه عنه ، فقال صلى الله عليه وآله : ( ويحك ياأنس ، دع ابني ، وثمرة فؤادي ، فإن من آذى هذا آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ) (2) .
  بل إنه صلى الله عليه وآله وسلم ليخبر الناس بما يجري على الإمام الحسن عليه السلام بعده ، فيقول حسبما روي : ( إن ابني هذا سيد ، وسيصلح الله على يديه بين فئتين عظيمتين ) (3) .

---------------------------
(1) راجع سنن الترمذي ج 5 ص 699 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 52 وينابيع المودة ص 165 عنهما و ص 230 و 261 و 370 عن جامع الأصول وغيره وروضة الواعظين ص 158 وذخائر العقبى ص 25 ، ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 5 و 61 وترجمة الإمام الحسن لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص 97 | 98 وترجمة الإمام الحسين لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص 100 والصواعق المحرقة ص 142 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 211 وأُسد الغابة ج 5 ص 523 ومجمع الزوائد ج 9 ص 169 ، والمناقب للخوارزمي ص 91 و 211 ومستدرك الحاكم ج 3 ص 149 ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 63 والبداية والنهاية ج 8 ص 205 وتايخ بغداد ج 7 ص 137 ومسند أحمد ج 1 ص 442 وفرائد السمطين ج 2 ص 38 و 40 وفي هامشه عن الرياض النضرة ج 2 ص 189 وعن المعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 3 وعن المعجم الكبير ج 3 ص 30 ط 1 وعن سمط النجوم ج 2 ص 488 ، وفي بعض الهوامش الأخرى عن تهذيب الكمال .
(2) أهل البيت ، تأليف توفيق أبو علم ص 274 ، وراجع سنن ابي ماجة ج 1 ص 51 .
(3) أُسد الغابة ج 2 ص 13 والبدء والتاريخ ج 5 ص 238 ودلائل الإمامة ص 64 وسنن الترمذي ج 5 ص 658 وقال عنه : هذا حديث حسن صحيح ، وتاريخ الخلفاء ص 188 وعن سنن أبي داود ص 219 ، و 520 .
ولكن قد جاء في مصادر كثيرة التعبير بـ ( فئتين من المسلمين ) أو ( من المؤمنين ) ونحسب أنها من تزيد الرواة ، من أجل هدف سياسي خاص هو إثبات الإيمان والإسلام للخارجين على إمام زمانهم ، ولعل أول من زادها هو معاوية نفسه كما تدل عليه قصة ذكرها المسعودي ، وفيها إشارة صريحة للهدف السياسي المشار إليه ، قال في مروج الذهب ج 2 ص 430 : إن معاوية حينما أتاه البشير بصلح الحسن كبّر ، فسألته زوجته =

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 16 _

  أما إخباراته صلى الله عليه وآله بما يجري على أخيه السبط الشهيد الإمام الحسين عليه السلام ، فهي كثيرة أيضاً ، وليس هنا موضع التعرض لها .
  وبعد ذلك كله ، فإننا نجده صلى الله عليه وآله وسلم يُقَبّل الإمام الحسن عليه السلام في فَمِه ، يُقَبل الإمام الحسين عليه السلام في نحره ، في إشارة صريحة منه إلى سبب استشهادهما عليهما السلام ، واعلاماً منه عن تعاطفه معهما ، وعن تأييده لهما في مواقفهما وقضاياهما ...
  هذا كله ، بالإضافة الى كثير من النصوص التي تحدثت عن دور الأئمة وموقعهم بشكل عام ، ككونهم باب حطة ، وربانيي هذه الأمة ، ومعادن العلم ، وأحد الثقلين ، بالإضافة الى الأحاديث التي تشير الى ما سوف يلاقونه من الأمة ، وغير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه ...
  وعلى كل حال ... فإن الشواهد على أن الرسول الأعظم ، محمداً صلى الله عليه وآله وسلم كان يهتم في إعطاءالملامح الواضحة للركائز والمنطلقات ، التي لا بد منها لتكوين الرؤية العقائدية والسياسية الصحيحة والكاملة ، تجاه الدور الذي ينتظر السبطين الشهيدين صلوات الله وسلامه عليهما ، والتي تمثل الضمانات الكافية ، والحصانة القوية لضمير الأمة ضد كل تمويه او تشويه ـ هذه الشواهد ـ كثيرة جداً لا مجال لا ستقصائها ، ولكننا نؤكد بالإضافة الى ما تقدم على الأمور التالية :

أ ـ العاطفة قد تعني موقفاً :
  لقد كان الإمام الحسن عليه السلام أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه

---------------------------
= عن سبب ذلك فقال : ( أتاني البشير بصلح الحسن وانقياده ، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن ابني هذا سيد أهل الجنة ، وسيصلح له بين فئتين عظيمتين من المؤمنين ، فالحمد لله الذي جعل فئتي إحدى الفئتين ) انتهى .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 17 _

  وآله وسلم ... (1) بل لقد بلغ من حبه صلى الله عليه وآله وسلم له ولأخيه عليهما السلام : أنه يقطع خطبته في المسجد ، وينزل عن المنبر ليحتضنهما ، بالإضافة الى بعض ما تقدم وما سيأتي من النصوص الكثيرة ، والتي ذكرنا بعضها ، حيث لا مجال لتتبعها جميعاً في عجالة كهذه ...
  والكل يعلم : أنه صلى عليه وآله وسلم لم يكن ينطلق في مواقفه ، وكل أفعاله وتروكه من منطلق المصالح ، أو الأهواء الشخصية ، ولا بتأثير من النزعات والعواطف ، وإنما كان صلى عليه وآله فانياً في الله بكل وجوده ، وبكل عواطفه وأحاسيسه ، وبكل ما يملك من فكر ، ومن طاقات ومواهب ، فهو صلى الله عليه وآله وسلم من الله سبحانه كان ، ومن أجل دينه ورسالته يعيش ، وعلى طريق حبه ، وحال اللقاء معه يموت ... فالله سبحانه هو البداية ، وهو الاستمرار ، وهو النهاية ... الأمر الذي يعني : أن كل موقف لا يكون خطوة على طريق خدمة دين الله ، وإعلاء كلمته ، لا يمكن أن يصدر عنه ، أياً كان نوعه ، ومهما كان حجمه .
  ولكن ذلك لا يعني أبداً : أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يملك العواطف البشرية ، والأحاسيس الطبيعية ، ولا يمنحها قسطها الطبيعي في مجال التأثير الإيجابي في الحياة ، أو حتى الاستفادة المباحة منها .
  وإنما نريد أن نقول : إنه حينما يتخذ ذلك التأثير العاطفي صفة الموقف ، بإعطائه صفة العلنية ، ويصبح واضحاً : أن ثمة إصراراً أكيداً على إبرازه وإظهاره للملأ العام ، وحتى على المنبر أحياناً ، فلابد أن يكون ذلك في خدمة الرسالة ، وعلى طريق الهدف الأسمى .
  بل ... وحتى على صعيد منحه صلى الله عليه وآله وسلم أحاسيسه وعواطفه قسطها الطبيعي في التأثير في مجاله الشخصي البحت ... فإنه سيحولها إلى عبادة زاخرة بالعطاء ، غنية بالمواهب ن تمنحه المزيد من الطاقة ، وتؤثر المزيد من

---------------------------
(1) نسب قريش لمصعب الزبيري ص 23 ـ 25 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 18 _

  القرب من الله سبحانه وتعالى ...
  نعم ... وان هذا الذي ذكرناه هو الذي يفسر لنا ذلك القدر الهائل من النصوص والآثار ، التي وردت عنه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله تجاه العلاقة التي تربطه بالحسنين صلوات الله وسلامه عليهما ، مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم ، بالنسبة للإمام الحسن عليه السلام : اللهم إن هذا ابني وأنا أحبُّه ، فأحبَّه ، وأحبَّ من يحبه (1) .
  وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : أحب أهل بيتي إليَّ : الحسن والحسين ... إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة جداً (2) .
  فإن هذا الموقف المتميز من الحسنين عليهما السلام ، وتلك الرعاية الفريدة لهما زاخرة ولا شك بالعديد من الدلالات والإشارات الهامة حستما ألمحنا إليه ...
  ولنا أن نخص بالذكر هنا ... موقف ، ومبادرات ، وأقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين ولادتهما عليهما السلام ، فنجده حين ولادة الإمام الحسن عليه السلام يأتي إلى بيت الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ن ويقول : ( يا أسماء هاتي ابني ) ، أو ( هلمي ابني )(3).

---------------------------
(1) تهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 205 و 206 و207 والغدير ج 7 ص 124 .
(2) راجع الكثير من هذه النصوص في تهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 205 ـ 207 و 210 ، والغدير ج 7 ص 124 ـ 129 و ج 10 وسيرتنا وسنتنا ص 11 ـ 15 ، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ، وفرائد السمطين ، وتاريخ بغداد ج 1 ص 141 وتاريخ الخلفاء ص 189 .
وترحمة الحسن ، وترجمة الحسين من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي ، والفصول المهمة للمالكي ، وترجمة الإمام الحسن عليه السلام من أنساب الأشراف ، ونور الأبصار ، والصواعق المحرقة ، والبحار ج 44 و 43 والإرشاد للمفيد ، وأسد الغابة ، والإصابة ، والاستيعاب ترجمة الحسنين عليهما السلام ، وحياة الحسن عليه السلام للقرشي ، وغير ذلك من المصادر التي تقدمت وستأتي .
(3) راجع البحار ، ترجمة الإمام الحسن عليه السلام . وغير ذلك من المصادر التي تقدمت في الحاشية السابقة .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 19 _

  ثم إنه لم يكن ليسبق ربه في تسمية المولود الجديد ، فينزل الوحي لينبئه عن الخالق الحكيم قوله له : ( سمه حسناً ) ... ثم يعق عنه بكبش ... ويتولى بنفسه حلق شعره ، والتصدق بزنته فضة ، وطلي رأسه بالخلوق بيده المباركة ... وقطع سرته ... إلى آخر ما هنالك مما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الواقعة (1) .
  وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : يا أسماء هاتي ابني ... وذلك في أول يوم من عمر الإمام الحسن عليه السلام له مغزى عميق ، وهدف بعيد ، سنلمح إليه في الفترة التالية إن شاء الله تعالى .

ب ـ قضية المباهلة :
  ومما يدخل في الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام في عهد جده النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قضية المباهلة .
  ويرجح العلامة الطباطبائي رضوان الله تعالى عليه ، أن هذه القضية قد كانت في سنة ست من الهجرة ، أو قبلها (2) .
  ومجملها :
  ان علماء نصارى نجران وفدوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وناظروه في عيسى ، فأقام عليهم الحجة ... فلم يقبلوا ... ثم اتفقوا على المباهلة (3) أمام الله ، فيجعلوا لعنة الله الخالدة ، وعذابه المعجل على الكاذبين

---------------------------
(1) تاريخ الخميس ج 1 ص 418 ، والإمام الحسن بن علي ، لآل ياسين ص 16 و 17 وحياة الحسن عليه السلام للقرشي ج 1 ص 24 حتى ص 28 عن بعض المصادر والمصادر المتقدمة في الحاشية ما قبل السابقة ، وفير ذلك مما سيأتي مما يتعرض لترجمة الإمام الحسن عليه السلام .
(2) تفسير الميزان ج 3 ص 368 .
(3) من البهلة ، وهي اللعنة ، ثم كثر استعمال الابتهال في المسألة والدعاء ، =

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 20 _

  قال تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ *الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (1) .
  فلما رجعوا الى منازلهم قال رؤساؤهم ، السيد ، والعاقب ، والأهتم : إن باهلنا بقومه باهلناه : فإنه ليس نبياً ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله ، فإنه لايُقدِمُ الى أهل بيته إلا وهو صادق .
  وفي اليوم المحدد خرج إليهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومعه علي ، وفاطمة ، والحسنان عليهم السلام ، فسألوا عنهم ، فقيل لهم : هذا ابن عمه ، ووصيه ، وختنه علي بن أبي طالب ، وهذه ابيته فاطمة ، وهذان ابناه الحسن والحسين ، ففرِقوا : فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة . فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الجزية ، وانصرفوا ... هذه خلاصة ما ذكره القمي رحمه الله في تفسيره .
  وفي بعض النصوص أنهم قالوا له : لم لا تباهلنا بأهل الكرامة والكبر ، وأهل الشارة ممن أمن بك واتبعك ؟ ! فقا صلى الله عليه وآله وسلم : أجل ، أباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض ، وأفضل الخلق .
  ثم تذكر الرواية قول الأسقف لأصحابه : ( أرى وجوهاً لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله ... إلى أن قال : أفلا ترون الشمس قد تغير لونها ، والأفق تنجع فيه السحب الداكنة ، والريح تهب هائجة سوداء ، حمراء ، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان ؟ ! لقد أطلَّ علينا العذاب ! انظروا إلى الطير وهي تقيء حواصلها ، وإلى الشجر كيف يتساقط أوراقها ،

---------------------------
= إذا كان إلحاح .
(1) آل عمران : 59 ـ 61 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام ـ 21 ـ

  والى هذه الأرض ترجف تحت أقدامنا ) (1) .

---------------------------
(1) راجع تفسير القمي ج 1 ص 104 وحياة الحسن عليه السلام للقرشي ج 1 ص 49 51 ... وقد روى قضية المباهلة بأهل الكساء بالاختصار تارة ، وبالتفصيل اخرى جم غفير من الحفاظ والمفسرين .
ونذكر على سبيل المثال منهم هنا : تفسير العياشي ج 1 ص 176 و 177 ، ومجمع البيان ج2 ص 452 و 453 ، وتفسير ابن كثير ج 1 ص 370 و 371 وتفسير الطبري ( جامع البيان ) ج 3 ص 211 و 213 و 212 وفيه : ( حدثنا جرير : قال فقلت للمغيرة : إن الناس يروون في حديث أهل نجران : ان علياً كان معهم ، فقال : اما الشعبي فلم يذكره ، فلا أدري : لسوء رأي بني أمنة في علي ، او لم يكن في الحديث ؟ ) ونقول له : الصحيح هو الأول : لأن ذكره في الحديث متواتر ولاشك ، كما رأينا ، سنرى ... وراجع ايضاً تفسير النيسابوري ( بهامش جامع البيان ) ج 3 ص 213 و 214 وتفسير الرازي ج 8 ص 80 وبعد ذكره حديث عائشة في المباهلة بأهل البيت عليهم السلام ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم جعل حينئذٍ الجميع تحت المرط الأسود ، حيث قرأ آية التطهير قال الرازي : ( وهذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث ) ، والتفسير الحديث لمحمد عزت دروزة ج 8 ص 108 عن التاج الجامع للأصول ج 3 ص 296 عن مسلم والترمذي ، والكشاف للزمخشري ج 1 ص 368 ـ 370 ، والإرشاد للمفيد ص 97 ، والصواعق المحرقة ص 153 و 154 وأسباب النزول للواحدي ص 58 و 59 ، وصحيح مسلم ج 7 ص 120 | 121 والبداية والنهاية ج 5 ص 54 وحياة الصحابة ج 2 ص 492 و ج 1 | 130 وصحيح الترمذي ج 5 ص 638 ، والمناقب لابن شهر اشوب ج 3 ص 370 و 368 و 369 عن كثيرين جداً ، وينابيع المودة ص 52 و 232 وعن ص 479 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص 298 | 299 وحقائق التأويل للشريف الرضي رحمه الله ص 110 و 112 وفرائد السمطين ج 1 ص 378 و ج 2 ص 23 و 24 ، وشواهد التنزيل ج 1 ص 126 و 124 و 123 و ج 2 ص 20 والمسترشد في الإمامة ص 60 وترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق بتحقيق المحمودي ج 1 ص 206 ط 1 و ط 2 ص 225 والمناقب للخوارزمي ص 59 و 60 ، كشف الغمة للأربلي ج ص 232 | 233 والإصابة ج 2 ص 503 ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص 50 وتفسير فرات ص 15 و 14 و 16 و 117 وأمالي الشيخ الطوسي ج 2 ص 172 و ج 1 ص 265 والجوهرة في نسب علي عليه السلام وآله ص 69 وذخائر العقبى ص 25 وروضة الواعظين ص 164 وما نزل من القرآن في أهل البيت لابن الحكم ص 50 والفصول المهمة لابن الصباغ ص 110 ، ومستدرك الحاكم ج 3 ص 150 وأُسد الغابة ج 4 ص 26 وسنن البيهقي ج 7 ص 63 ومسند أحمد ج 1 =

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 22 _

   قال الطبرسي : ( أجمع المفسرون على أن المراد بأبنائنا : الحسن والحسين ) (1) .

---------------------------
=
ص 185 ومناقب الإمام علي عليه السلام لابن المغازلي ص 263 وفي هامشه عن نزول القرآن لأبي نعيم ( مخطوط ) والدر المنثور ج 2 ص 38 ـ 40 عن بعض من تقدم وعن البيهقي في الدلائل ، وابن مردويه ، وابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وتفسير البرهان ج 1 ص 286 ـ 290 عن بعض من تقدم وعن موفق بن أحمد ، في كتاب فضائل الإمام علي ، وأمالي الشيخ ، والاختصاص ، وعن الصدوق وعن الثعلبي ، عن مقاتل ، والكلبي ، وفي تفسير الميزان ج 2 ص 228 ـ 235 . عن كثير ممن تقدم ، وعن عيون أخبار الرضا ، واعلام الورى ، والخرائج والجرائح ، وحلية الأولياء ، والطيالسي . وهو أيضاً في فتح القدير ج 1 ص 347 و 348 وتفسير التبيان ج 2 ص 485 وتفسير نور الثقلين ج 1 ص 288 ـ 290 عن بعض من تقدم وعن الخصال وروضة الكافي وغيرهما وعن نور الأبصار ص 100 وعن المنتقى باب 38 وفي تفسير الميزان ج 3 ص 235 قال : ( قال ابن طاووس في كتاب السعود : رأيت في كتاب تفسير ما نزل في القرآن في النبي واهل بيته ، تأليف محمد بن العباس بن مروان : أنه روى خبر المباهلة من أحد وخمسين طريقاً عمن سماه من الصحابة وغيرهم ، وعد منهم الحسن بن علي ، عليهما السلام ، وعثمان بن عفان ، وسعد بن أبي وقاص ، وبكر بن سمال ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عباس ، وأبا رافع مولى النبي ، وجابر بن عبد الله ، والبراء بن عازب ، وأنس بن مالك ) انتهى . وأضاف ابن شهر آشوب في مناقبه ج 3 ص 368 ـ 369 : أبا الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس ، وابن البيع في معرفة علوم الحديث ، واحمد في الفضائل ، وابن بطة في الإبانة ، والأشفهي في اعتقاد أهل السنة ، والخركوشي في شرف النبي ، ومحمد بن اسحاق ، وقتيبة بن سعيد ، والحسن البصري ، والقاضي أبا يوسف ، والقاضي المعتمد أبا العباس ، وأبا الفرج الأصبهاني في الأغاني عن كثيرين وهامش حقائق التأويل ص 110 عن بعض من تقدم ، وعن تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 65 وعن الكامل لابن الأثير ج 2 ص 112 وعن كنز العمال ج 6 ص 407 وعن تفسير الخازن ، وعن تفسير البغوي بهامشه .
وثمة مصادر كثيرة أخرى ذكرها في مكاتيب الرسول ج 1 ص 180 | 181 فليراجعها من أراد .
(1) مجمع البيان ج 2 ص 452 وراجع التبيان ج 2 ص 485 وتفسير الرازي ج 8 ص 80 وحقائق التأويل ص 114 وفيه : أجمع العلماء الخ ...

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 23 _

  وقال الزمخشري : ( وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء ) (1) .
  ويلاحظ : أن رواية الشعبي لقضية المباهلة لم تذكر علياً عليه السلام ، فتحير الراوي في ذلك ، وعزا ذلك إما إلى سقط في رواية الشعبي أو لسوء رأي بني أمية في علي (2) ولاريب في أن الثاني هو الأصوب ، حسبما عرفناه وألفناه من أفاعيلهم .
  ونحن لا نستطيع في هذه العجالة أن نتعرض لجميع الجوانب التي لابد من بحثها في حديث المباهلة ، فإن ذلك يحتاج إلى تأليف مستقل ، ولكننا نكتفي هنا بالإشارة إلى الأمور التالية :

الأمر الأول : النموذج الحي :
  إن إخراج الحسنين عليهما السلام في قضية المباهلة لم يكن بالأمر العادي ، أو الإتفاقي ... وإنما كان مرتبطاً بمعان ومداليل هامة ، ترتبط بنفس شخصية الحسنين عليهما السلام ، فقد كانا صلوات الله وسلامه عليهما ذلك المصداق الحقيقي ، والمثل الأعلى ، والثمرة الفضلى التي يعنى الإسلام بالحفاظ عليها ، وتقديمها على أنها النموذج الفذ لصناعته الخلاقة ، والبالغة أعلى درجات النضج والكمال ... حتى إنه ليصبح مستعداً لتقديمها على أنها أعز وأغلى ما يمكن أن يقدمه في مقام التدليل على حقانيته وصدقه ، بعد أن فشلت سائر الأدلة والبراهين ـ رغم وضوحها ، وسطوع نورها ، وقاطعيتها لكل عذر ـ في التخفيف من عنت أولئك الحاقدين ، وصلفهم ، وصدودهم عن الحق الأبلج ... فالنبي صلى الله عليه وآله حينما يكون على استعداد للتضحية بنفسه

---------------------------
(1) الكشاف ج1 ص 370 وراجع : الصواعق المحرقة ص 153 عنه ، وراجع الإرشاد للمفيد ص 99 وتفسير الميزان ج 3 ص 238 .
(2) راجع : جامع البيان ج 3 ص 211 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 24 _

  وبهؤلاء ، الذين يعتبرهم القمة في النضج الرسالي بالإضافة إلى أنهم أقرب الناس إليه ، فإنه لا يمكن أن يكون كاذباً ـ والعياذ بالله ـ في دعواه ، كما لاحظه نفس رؤساء أولئك الذين جاؤا ليباهلوه ، وذلك لأن محبة الأقارب ، وإن كنت بحد ذاتها أمراً طبيعياً ، وقد تجعل الإنسان على استعداد للتفريط بكل شيء ، قبل أن يفكر في التفريط بهم ... إلا أن مما يزيد هذه المحبة ويؤكدها ، ويقلل كثيراً من احتمالات التفريط بالأهل والأقارب ، بل ويجعل ذلك في عداد المحالات ـ هو أن يكون لذلك القريب ، بالإضافة الى عامل القربى النسبية ، شخصية متميزة ، تملك من المزايا والفضائل والكمالات ، ما لا يملكه كل من عداها (1) .
  فإذا كان على استعداد للتضحية بنفسه ، وبنوعيات كهذه ـ من أهل بيته ـ فإن ذلك يكون أدل دليل على صدقه ، وعلى فنائه المطلق في هذا الدين ، وعلى ثقته بما يدعو إليه ـ وليس هدفه هو الدنيا الفانية ، وحطامها الزائل ...
  وهذا بالذات هو ما حصل في قضية المباهلة ، التي كان النزاع يدور فيها حول بشرية عيسى عليه الصلاة والسلام ، وإبطال ما يقوله النصارى فيه ، تمهيداً للتأكيد على صحة الإسلام ، وأحقية ما جاء به النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم .

الامر الثاني : التخطيط .. في خدمة الرسالة :
  هذا ... ولربما يتصور البعض : ان اعتبارنا هذا الوليد اليافع ، وأخاه عليهما الصلاة والسلام ذلك المثل الأعلى ، والنموذج الفذ لصناعة الإسلام وخلاقيته ... نابع عن متابعة غير مسؤولة للعواطف والأحاسيس المتأثرة بتعصب مذهبي ،

---------------------------
(1) ويرى المحقق العلامة الأحمدي : ان من الممكن ان يكون العباس قد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما أخرج الحسنين للاستسقاء ، ومنع عمر من الالتحاق بهم ، وقال له : لا تخلط بنا غيرنا ـ وذلك حينما تبرك عمر بهم في هذه القضية راجع : تبرك الصحابة والتابعين ص 283 ـ 287 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 25 _

  أثارته لجاجة الخصوم ...
  لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً ، فإن ما ذكرناه نابع عن وعي عقائدي سليم ، فرضته الأدلة والبراهين ، التي تؤكد ـ بشكل قاطع ـ على أن الأئمة الأطهار عليهم السلام كانوا حتى في حال طفولتهم في المستوى الرفيع الذي يؤهلهم لتحمل الأمانة الإلهية وقيادة حكيمة وواعية ، كما كان الحال بالنسبة لإمامنا الجواد عليه الصلاة والسلام ، وكذلك الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، حيث شاءت الإرادة الإلهية أن يتحملا مسؤولياتهما القيادية في السنين المبكرة من حياتهما .
  تماماً كما كان الحال بالنسبة لنبي الله عيسى عليه السلام ، الذي قال الله تعالى عنه : ( َأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * .. ) الآيات ) (1) .
  وكما كان الحال بالنسبة لنبي الله يحيى عليه الصلاة والسلام ، الذي قال الله سبحانه عنه : ( يَا يَحيىَ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وآتَينَاهُ الحُكمَ صَبِياً ) (2) .
  نعم ... لقد كان الحسنان عليهما السلام حتى في أيام طفولتهما الأولى في المستوى الرفيع من النضج والكمال الإنساني ، ويملكان كافة المؤهلات التي تجعلهما محلاً للعناية الإلهية ، وأهلاً للأوسمة الكثيرة التي منحهما إياها الإسلام على لسان نبيه الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وتجعلهما قادرين على تحمل المسؤوليات الجسام ، حتى لصح إشراكهما في الدعوى ، وفي المباهلة لإثباتها ... حسبما أشار إليه العلامة الطباطبائي والمظفر رحمهما الله تعالى ، على اعتبار أن قوله تعالى : ( فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبين ) يراد منه : الكاذبون الذين هم في أحد طرفي المباهلة ، وإذا كانت الدعوى ، والمباهلة عليها هي بين شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وبين السيد والعاقب والأهتم ، فكان ثجب أن يأتي بلفظ صالح للانطباق على المفرد والجمع معاً ، كأن يقول :

---------------------------
(1) مريم : 29 ـ 30 .
(2) مريم : 12 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 26 _

  ( فنجعل لعنة الله على الكاذب ) ، أو ( على من كان كاذباً ) مثلاً ... أما ما ورد في الآية ، فيدل على تحقق كاذبين ( بوصف الجمع ) في كلا الفريقين المتباهلين .
  وهذا يعطي : أن الحاضرين للمباهلة شركاء في الدعوى ، فإن الكذب لا يكون إلا فيها ... وعليه ... فعليِّ ، وفاطمة ، والحسنان عليهم السلام شركاء في الدعوى ، وفي الدعوة إلى المباهلة لإثباتها . وهذامن أفضل المناقب التي خص الله بها أهل بيت نبيه (1) .
  قال الزمخشري : ( وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء ) ، كما تقدم .
  وقال الطبرسي وغيره : ( قال ابن أبي علان ـ وهو أحد أئمة المعتزلة ـ : هذا يدل على أن ، الحسن والحسين كانا مكلفين في تلك الحال ، لأن المباهلة لا تجوز إلا مع البالغين .
  وقال أصحابنا : إن صغر السن ونقصانها عن حد البلوغ لا ينافي كمال العقل ، وإنما جعل بلوغ الحلم حداً لتعلق الأحكام الشرعية (2) ، وقد كان سنهما في تلك الحال سناً لا يمتنع معها أن يكونا كاملي العقل . على أن عندنا يجوز أن يخرق الله العادات للأئمة ، ويخصهم بما لا يشاركهم فيه غيرهم ، فلو صح أن كمال العقل غير معتاد في تلك السن ، لجاز ذلك فيهم : إبانة لهم عمن سواهم ، ودلالة على مكانهم من الله تعالى ، واختصاصهم ، ومما يؤيده من الأخبار قول النبي صلى الله عليه وآله : ( ابناي هذان إمامان ، قاما ، أو قعدا ) (3) .
  أضف إلى ما تقدم : أن مما يدل على ما ذكره الطباطبائي والمظفر وغيرهما : نزول سورة هل أتى ، في أهل الكساء ، ومنهم الحسنان عليهما

---------------------------
(1) راجع : تفيسر الميزان ج 3 ص 224 ودلائل الصدق ج 3 قسم 1 ص 84 .
(2) ومن الواضح : أنه قد لوحظ في ذلك عامة الناس وغالبهم .
(3) مجمع البيان ج 2 ص 452 و 453 وراجع : المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 368 . وكلام ابن أبي علان موجود في التبيان أيضاً ج 2 ص 485 ، وراجع الإرشاد للمفيد . وفي البحار للمجلسي بحث حول إيمان علي عليه السلام ، وهو لم يبلغ الحلم .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 27 _

  السلام ، ووعد الله تعالى لهم جميعاً بالجنة .
  ويؤيد ذلك أيضاً : إشراكهما عليهما السلام في بيعة الرضوان ، ثم استشهاد الزهراء بهما في قضية نزاعها مع أبي بكر حول فدك (1) ، إلى غير ذلك من أقوال ومواقف للنبي صلى عليه وآله وسلم منهما في المناسبات المختلفة ...
  كما أن ذلك كله ـ كان يتحه نحو إعداد الناس نفسياً ووجدانياً لقبول إمامة الأئمة عليهم السلام ، حتى وهم صغار السن ، كما كان الحال بالنسبة للإمامين : الجواد والمهدي عليهما السلام .

الأمر الثالث : سياسات لا بد من مواجهتها :
  هذا وقد كان ثمة سياسات ومفاهيم منحرفة ، لا بد من مواجهتها ، والوقوف في وجهها ...
  ونشير هنا إلى مايلي :
  الأول : إن إخراج عنصر المرأة ممثلة بفاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ، والتي تعتبر النموذج الفذ للمرأة المسلمة ـ في أمر ديني ومصيري كهذا ، من شأنه أن يضرب ذلك المفهوم الجاهلي البغيض ، الذي كان لا يرة للمرأة أية قيمة أو شأن يذكر ، بل كانوا يرون فيها مصدر شقاء وبلاء ، ومجلبة للعار ، ومظنة للخيانة (2) : فلم يكن يتصور أحد منهم : أن يرى المرأة تشارك في مسألة حساسة وفاصلة ، بل ومقدسة كهذه المسألة ، فضلاً عن أن تعتبر شريكة في الدعوى ، وفي الدعوة لإثباتها .
  ويرى البعض : أن إخراج الزهراء للمباهلة ، دون سائر نسائه صلى الله عليه وآله ، رغم أن ، الآية قد جاءت عامة ، حيث عبرت بـ ( نساءنا ) ومع أن زوجاته

---------------------------
(1) ستأتي بعض المصادر لذلك إن شاء الله تعالى .
(2) راجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ، ج 1 ص 45 ـ 47 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 28 _

  صلى الله عليه وآله وسلم من أجلى مصاديق هذا التعبير ـ إن ذلك ـ له مغزى يشبه إلى حد كبير المغزى من إرسال أبي بكر بآيات سورة براءة ، ثم عزله ، استناداً إلى قول جبرئيل : لا يُبَلِّغُ عنك إلا أنت أو رجل منك !! .
  هكذا يقال بالنسبة للعموم في قوله : ( وأنفسنا ) ، ولم يخرج سوى أمير المؤمنين عليه السلام ، وفي قوله : ( وأبناءنا ) ولم يخرج سوى الحسنين عليهما السلام . انتهى .
  ونقول :
  أولاً : إن بعض نساء النبي صلى الله عليه وآله ـ كأم سلمة ـ لم يكنَّ ممن يستحق التعريض بهم . لأنها كانت من خيرة النساء ، ومن فضلياتهنَّ ، إلا ان يقال : إن المقصود : أنه ليس أحد منهن أهلاً لأن يباهل النبي صلى الله عليه وآله به سوى فاطمة عليها السلام .
  وثانياً : إن هذا المحقق يريد : أن قوله : ( نساءنا ) لا يقصد به الزوجات ، وإن كان قد أطلق في القرآن عليهن في بعض الموارد ، بل المقصود : المرأة المنسوبة إليه ، وبنت الرجل تنسب إليه ، ويطلق عليها : انها من نسائه .
  وعلى هذا نقول : إن ما ذكره هنا يناقض ما ذكره هو نفسه في موضع آخر حيث قال : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخرج فاطمة للمباهلة بعنوان : ( المرأة المسلمة من ذوات الازواج ، من أهل هذه الدعوة ، لا باعتبار أنها من نساء النبي صلى الله عليه وآله .
  وإن كان كلامه هذا الأخير ليس في محله ، كما ستأتي الإشارة إليه ، ولكنه على أي حال لا ينسجم مع ما ذكره هنا كما قلنا .
  الثاني : إن إخراج الحنين عليهما السلام إلى المباهلة بعنوان أنهما أبناء الرسول الأكرم ، محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، مع أنهما ابنا ابنته الصديقة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليها . له دلالة هامة مغزى عميق ... كما سنرى .