عدم شرعية استغلال السلطة لهذه الألقاب
مع إنّ من المعلوم أنّ نظام الحكم عند رموز الجمهور يبتني على عدم النصّ من الله (عزّ وجلّ) ، ولا من رسوله (صلّى الله عليه وآله) على شخص الحاكم ، أو تحديده بنحو منضبط ، بحيث يتعيّن في شخص خاص ، ليتّجه نسبة الخليفة لله (عزّ وجلّ) أو لرسوله (صلّى الله عليه وآله) وإضافته لهم .
وقد أشار إلى ذلك العباس بن عبد المطلب في جوابه لأبي بكر في حديث بينهما طويل ، حينما عرض عليه أبو بكر أن يجعل له ولعقبه من بعده نصيباً في الخلافة من أجل أن يقطعه عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) ويضعف حجّته ، حيث قال العباس له في جملة ما قال : وما أبعد تسميتك بخليفة رسول الله من قولك خلى على الناس أمورهم ليختاروا فاختاروك ! (1) .
ولمّا أرسلوا لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يطلبون منه أن يحضر ليبايع أبا بكر ، وقيل له : خليفة رسول الله يدعوك ، قال (عليه السّلام) : (( لسريع ما كذبتم على رسول الله )) (2) .
اختصاص لقب أمير المؤمنين بالإمام علي (عليه السّلام)
كما إنّ لقب (أمير المؤمنين) من مختصّات الإمام علي (صلوات الله عليه) على ما ورد عن أئمّة أهل البيت (صلوات الله عليهم) فيما رواه عنهم شيعتهم (3) ،
---------------------------
(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 125 خبر سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر .
(2) الإمامة والسياسة 1 / 16 كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب (ع) ، واللفظ له ، كتاب سليم بن قيس / 385 ، الاختصاص / 185 ، الاحتجاج 1 / 108 .
(3) الكافي 1 / 411 و443 ، الخصال / 580 ، الاختصاص / 54 ، الأمالي ـ للطوسي / 295 ، اليقين ـ لابن طاووس / 27 ، تفسير العياشي 1 / 276 ، دلائل الإمامة / 53 ، فضائل أمير المؤمنين (عليه السّلام) ـ لابن عقدة / 60 ، وغيرها من المصادر .
فاجعة الطف أبعادها ـ ثمراتها ـ توقيتها
_ 170 _
وحتى بعض الجمهور
(1) ، بل في بعض روايات الجمهور أنّه اسم سمّاه به جبرئيل ، كما سمّاه الله (عزّ وجلّ) به
(2) ، وأنّه ينادى به يوم القيامة
(3) .
وورد أيضاً أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد أطلقه عليه في عدّة مواضع
(4) ، بل في حديث بريدة : أمرنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن نُسلّم على علي بأمير المؤمنين ، ونحن سبعة ، وأنا أصغر القوم يومئذٍ
(5) .
ولذا ورد عن أبي ذرّ (رضي الله عنه) أنّه حينما مرض أوصى لأمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) ، فقيل له : لو أوصيت إلى أمير المؤمنين عمر لكان أجمل لوصيتك من علي .
فقال : والله ، لقد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقاً ، وإنّه والله
---------------------------
(1) المناقب ـ للخوارزمي / 303 الفصل التاسع عشر في فضائل له شتى .
(2) المناقب ـ للخوارزمي / 323 الفصل التاسع عشر في فضائل له شتى .
(3) المناقب ـ للخوارزمي / 359 ـ 360 الفصل الثاني والعشرون في بيان أنّه حامل لوائه يوم القيامة ، تاريخ دمشق 42 / 326 ـ 328 في ترجمة علي بن أبي طالب ، تاريخ بغداد 13 / 124 في ترجمة المفضل بن سلم ، ينابيع المودّة 1 / 238 .
(4) تاريخ دمشق 42 / 303 ، 326 ، 328 ، 386 في ترجمة علي بن أبي طالب ، المناقب ـ للخوارزمي / 85 الفصل السابع في بيان غزارة علمه وأنّه أقضى الأصحاب ، وص 142 الفصل الرابع عشر في بيان أنّه أقرب الناس من رسول الله وأنّه مولى مَنْ كان رسول الله مولاه ، موضح أوهام الجمع والتفريق 1 / 185 ، تاريخ بغداد 13 / 124 في ترجمة المفضل بن سلم ، الفردوس بمأثور الخطاب 5 / 364 ، حلية الأولياء 1 / 63 في ترجمة علي بن أبي طالب ، لسان الميزان 1 / 107 في ترجمة إبراهيم بن محمد بن ميمون ، ميزان الاعتدال 1 / 64 في ترجمة إبراهيم بن محمود بن ميمون ، مطالب السؤول / 126 ، الكافي 1 / 292 ، تفسير القمي 1 / 174 ، المسترشد / 584 ، الإرشاد / 19 ، الاحتجاج 1 / 83 ، اليقين ـ لابن طاووس / 285 ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهرآشوب 2 / 252 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
(5) تاريخ دمشق 42 / 303 في ترجمة علي بن أبي طالب ، واللفظ له ، الإرشاد 1 / 48 ، اليقين ـ لابن طاووس / 229 ، ونحوه في الخصال / 464 ، وعيون أخبار الرضا 1 / 73 ، والمسترشد / 586 ، والأمالي ـ للطوسي / 331 ، والتحصين / 575 ، وكشف الغمة 1 / 351 ، وغيرها من المصادر .
فاجعة الطف أبعادها ـ ثمراتها ـ توقيتها
_ 171 _
أمير المؤمنين ...