ومنه رد على من زعم ان الله عزوجل لا يعلم الشيء حتى يكون ومنه رد على من لم يعرف الفرق بين المشيئة والارادة والقدرة في مواضع ومنه معرفة ما خاطب الله ( عز وجل ) به الائمة والمؤمنين ومنه اخبار خروج القائم منا ومنه ما بين الله فيه شرائع الاسلام وفرائض الاحكام والسبب في معنى بقاء الخلق ومعائشهم ووجوه ذلك .
ومنه اخبار الانبياء وشرائعهم وهلاك اممهم ومنه ما بين الله تعالى في مغازى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وحروبه وفضائل اوصيائه وما يتعلق بذلك ويتصل به فكانت الشيعة اذا فرغت عن تكاليفها تسأله عن قسم قسم فيخبرها
(1) . . . الى ان قال في تفصيل تلك الاحرف السبعة بعد كلام طويل له في توضيح ما أجمله فيها تقدم من نقل كلامه عليه أفضل ( الصلاة والسلام ) فقال :
(2) .
(1) وأما ما فرضه سبحانه من الفرائض في كتابه : فدعائم الاسلام وهي خمس دعائم وعلى هذه الفرائض بنى الاسلام فجعل سبحانه لكل فريضة من هذه الفرائض اربعة حدود لا يسمع احد جهلها أولها الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم الولاية وهي خاتتمتها والحافظة لجميع الفرائض والسنن .
فحدود الصلاة اربعة معرفة الوفت والتوجه الى القبلة والركوع والسجود وهذه عوام في جميع الناس العالم والعامل وما يتصل بها من جميع أفعال الصلاة والأذان والاقامة وغير ذلك ولما علم الله سبحانه ان العباد لا يستطيعون أن يؤدوا هذه الحدود كلها على حقايقها جعل منها فرائض وهي الأربعة المذكورة وجعل ما فيها من غير هذه الاربعة المذكورة من القراءة والدعاء والتسبيح والتكبير والأذان والاقامة وما شاكل ذلك سنة واجببة من أجلها عمل بها فهذا ذكر حدود الصلاة .
--------------------
(1) رسالة المحكم والمتشابه من ص 5 الى ص 9 ط حجري .
(2) نفس المصدر السابق ص 77 .
اتحـاف الفـقهـاء
في تحقيق مسألة اختلاف القراءات والقراء
_ 27 _
واما حدود الزكاة فأربعة أولها معرفة الوقت التي تجب فيه الزكاة والثاني القيمة والثالث الموضع التي توضع فيه الزكاة والرابع العدد فاما معرفة العدد والقيمة فانه يجب على الانسان ان يعلم كم يجب من الزكاة في الاموال التي فرضها الله تعالى من الابل والبقر والغنم والذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب فيجب ان يعرف كم يخرج من العدد والقيمة ويتبعها الوزن والكيل والمساحة فما كان من العدد فهو باب الابل والبقر والغنم واما المساحة فمن باب الأرضين والمياه وما كان من الكيل فهو من أبواب الحبوب التي هي من أقوات الناس في ذلك واما الوزن فمن الذهب والفضة وسائر ما يوزن من أبواب سلع التجارات مما لا يدخل فيه العدد ولا الكيل فاذا عرف الانسان ما يجب عليه في هذه الاشياء وعرف الموضع التي توضع فيه كان مؤدياً للزكاة على ما فرض الله تعالى .
واما حدود الصيام فاربعة حدود : أولها وثانيها اجتناب الاكل والشرب والثالث اجتناب القيء متعمداً والرابع الاغتماس في الماء وما يتصل بها وما يجري مجراها والسنن كلها واما حدود : الحج فأربعة وهي الاحرام والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والوقوف في الموقفين وما يتبعهما وما يتصل بها فمن ترك هذه الحدود وجب عليه الكفارة والاعادة واما حدود الوضوء للصلاة فغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين وما يتعلق بهما ويتصل سنة واجبة على من عرفها وقدر على فعلها .
واما حدود المستحق للامامة فمنها ان يعلم الامام المتولى عليه انه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها لا يزل في الفتيا بولا يخطي في الجواب ولا يسهو ولا ينسي ولا يلهوه شيء من امور الدنيا .
والثاني ان يكون اعلم الناس بحلال الله وحرامه وضروب احكامه وامره ونهيه وجميع ما يحتاج الناس اليه ويتسغني عنهم والثالث يجب ان يكون اسخى الناس وان بخل الناس كلهم لانه ان استولى عليه الشح شح على ما في ايديه من اموال المسلمين والخامس العصمة من جميع الذنوب وبذلك يتميز عن المأمومين الذين هم غير معصومين لأنه لو لم يكن معصومأً لم يؤمن عليه ان يدخل فيها يدخل فيه الناس من موبقات الذنوب المهلكات والشهوات واللذات ولو ضل في هذه الاشياء لاحتاج الى من يقيم الحدود فيكون حينئذ اماماً مأموماً ولا يكون ان يكون الامام بهذه الصفة .
اتحـاف الفـقهـاء
في تحقيق مسألة اختلاف القراءات والقراء
_ 28 _
واما وجوب كونه اعلم اللناس فانه لولم يكن اعلم الناس لم يؤمن عليه تقلب الاحكام والحدود وتختلف عليه القضايا المشكلة فلا يجيب عنها او يجيب عنها بخلافها واما وجوب كونه اشجع الناس فلما قدمنا انه لا يجوز ان ينهزم فيبوء بغضب من الله تعالى وهذه لا يصح ان تكون صفة الامام .
واما وجوب كونه اسخى الناس فلما قدمنا وذلك لا يليق بالامام وقد جعل الله بهذه الاربعة دليلين أبان بهما المشكلات وهما الشمس والقمر اي النبي ووصية بلا فصل .
(2) واما الزجر في كتاب الله تعالى : فهو ما نهى الله سبحانه ووعد عليه بالعقاب لمن خالفه مثل قوله : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) وقوله تعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ، وقوله سبحانه : ( لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ) وقوله تعالى : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى .
(3) زاما الترغيب في كتاب الله تعالى : فقوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ) وقوله ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) وقوله ( وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) وقوله : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {الصف/10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) الآية وقوله : ( إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا ) وأمثال ذلك كثير في كتاب الله .
(4) واما الترهيب في كتاب الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) الى قوله ( وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) وقوله عزوجل : ( وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) وقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ) الى آخر الآية وقوله ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) .
(5) واما الجدال ومعانيه في كتاب الله تعالى : فقوله تعالى : ( وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) ولما خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الى بدر كان خروجه في طلب العدو وقال للصحابة : ان الله عزوجل وعدني ان اظفر بالعير او بقريش فخرجوا مع على هذا فلما اقبلت العير وامره الله بقتال قريش اخبر أصحابه فقال : ان قريشاً قد اقبلت وقد ووعدني الله سبحانه احدى الطائفتين انها لكم وامرني بقتال قريش .
اتحـاف الفـقهـاء
في تحقيق مسألة اختلاف القراءات والقراء
_ 29 _
قال : فجزعوا من ذلك وقالوا : يا رسول الله تعالى : ( وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ ) الى قوله ( وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ) وكقوله سبحانه ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ) وقوله سبحانه ( وجادلهم بالتي هي احسن ) ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى .
واما الاحتجاج على الملحدين وأصناف المشركين مثل قوله حكاية عن قول ابراهيم ( عليه السلام ) : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ ) الى آخر الآية وقوله سبحانه عن الانبياء في مجادلتهم لقومهم في سورة الاعراف وغيرها وقوله تعالى حكاية عن قوم نوح ( عليه السلام ) : ( يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) ومثل هذا كثير موجود في مجادلة الامم للانبياء .
(6) واماما في كتاب الله تعالى من القصص عن الامم فانه ينقسم على ثلاثة اقسام : فمنه ما مضى فما حكاه الله تعالى فقال : ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ) ومنه قول موسى لشعيب ( فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ومنه ما انزل الله من ذكر شرائع الانبياء وقصصهم وقصص اممهم حكاية عن آدم الى نبينا ( صلى الله عليه وآله وعليهم اجمعين ) .
وما الذي كان في عصر النبي ( صلى الله عليه وآله ) فمنه ما انزل الله تعالى في مغازيه واصحابه وتوبيخهم ومدح من مدح منهم وذم من ذم منهم وما كان من خير وشر وقصة كل فريق منهم مثل ما قص من قصة غزاة بدر واحد وخيبر وحنين وغيرها من المواطن والحروب ومباهلة النصارى ومحاربة اليهود وغيره مما لو شرح لطال به الكتاب .
واما قصص ما يكون بعده مما أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) به وما لم يخبر والقيامة واشراطها وما يمكن من الثواب العقاب واشباه ذلك .
(7) واما ما في كتاب الله تعالى من ضرب الامثال مثل قوله تعالى : ( ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ ) الى آخر الآية وقوله تعالى : ( مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ) الآية وكقوله : ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) الى آخر الآية وانما ضرب الله سبحانه هذه الامثال للناس في كتابه ليعتبروا بها ويستبدلوا بها ما اراده منهم من الطاعة وهو كثير في كتابه تعالى (1) .
--------------------
(1) رسالة المحكم والمتشابه لعلم الهدى السيد المرتضى ص 84 ط حجري .
اتحـاف الفـقهـاء
في تحقيق مسألة اختلاف القراءات والقراء
_ 30 _