قوله تعالى (مكانكم) هو ظرف مبنى لوقوعه موقع الامر : أى الزموا ، وفيه ضمير فاعل ، و (أنتم) توكيد له والكاف والميم في موضع جر عند قوم ، وعند آخرين الكاف للخطاب لاموضع لها كالكاف في إياكم (وشركاؤكم) عطف على الفاعل (فزيلنا) عين الكلمة واوا لانه من زال يزول ، وإنما قلبت ياء لان وزن الكلمة فيعل : أى زيولنا مثل بيطر وبيقر فلما اجتمعت الياء والواو على الشرط المعروف قلبت ياء ، وقيل هو من زلت الشئ أزيله ، فعينه على هذا ياء ، فيحتمل على هذا أن تكون فعلنا وفيعلنا.
  قوله تعالى ( هُنَالِكَ تَبْلُو ) يقرأ بالباء : أى تختبر عملها ، ويقرأ بالتاء : أى تتبع ، أو تقرأ في الصحيفة.
  قوله تعالى ( أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) أن وماعملت فيه في موضع رفع بدلا من كلمة ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو في موضع نصب : أى لانهم أو في موضع جر على إعمال اللام محذوفة.
  قوله تعالى ( أَمَّنْ لا يَهِدِّي ) فيها قراء‌ات قد ذكرنا مثلها في قوله ( يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ) ووجهناها هناك ، وأما ( إِلاَّ أَنْ يُهْدَى ) فهو مثل قوله ( إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا ) وقد ذكر في النساء ، وله نظائر قد ذكرت أيضا (فمالكم) مبتدأ وخبره : أى أى شئ لكم في الاشراك ، و ( كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) مستأنف : أى كيف تحكمون بأن له شريكا.
  قوله تعالى ( لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً ) في موضع المصدر : أى إغناء ، ويجوز أن يكون مفعولا ليغنى ، ومن الحق حال منه.
  قوله تعالى ( وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ ) هذا اسم كان ، والقرآن نعت له أو عطف بيان ، و ( انٍ يَفْتَرِي ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه خبر كان : أى وماكان القرآن افتراء ، والمصدر هنا بمعنى المفعول ، أى مفترى.
  والثانى التقدير : ماكان القرآن ذا افتراء.
  والثالث أن ( أن ) خبر كان محذوف ، والتقدير : ماكان هذا القرآن ممكنا أن يفترى ، وقيل التقدير : لان يفترى ، و (تصديق) مفعول له : أى ولكن أنزل للتصديق ، وقيل التقدير : ولكن كان التصديق الذى : أى مصدق الذى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 29 ـ
  ( وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ ) مثل تصديق ( لا رَيْبَ فِيهِ ) يجوز أن يكون حالا من الكتاب والكتاب مفعول في المعنى ، ويجوز أن يكون مستأنفا ( مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) يجوز أن يكون حالا أخرى ، وأن يكون متعلقا بالمحذوف : أى ولكن أنزل من رب العالمين.
  قوله تعالى ( كَيْفَ كَانَ ) كيف خبر كان ، و (عاقبة) اسمها.
  قوله تعالى ( مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ) الجمع محمول على معنى ( من ) والافراد في قوله تعالى ( مَنْ يَنْظُرُ ) محمول على لفظها.
  قوله تعالى ( لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً ) يجوز أن يكون مفعولا : أى لاينقصهم شيئا ، وأن يكون في موضع المصدر.
  قوله تعالى ( كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا ) الكلام كله في موضع الحال ، والعامل فيه يحشرهم وكأن هاهنا مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف : أى كأنهم ، و (ساعة) ظرف ليلبثوا ، و ( مِنْ النَّهَارِ ) نعت لساعة ، وقيل كأن لم صفة اليوم ، والعائد محذوف أى لم يلبثوا قبله ، وقيل هو نعت لمصدر محذوف : أى حشرا كأن لم يلبثوا قبله ، والعامل في يوم اذكر (يتعارفون) حال أخرى ، والعامل فيها يحشرهم ، وهى حال مقدرة ، لان التعارف لايكون حال ( قَدْ خَسِرَ ) يجوز أن يكون مستأنفا ويجوز أن يكون التقدير : يقولون قد خسر ، والمحذوف حال من الضمير في يتعارفون.
  قوله تعالى ( ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ ) ثم هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى ، وإنما رتبت الاخبار بعضها على بعض كقولك : زيد عالم ثم هو كريم.
  قوله تعالى ( مَاذَا يَسْتَعْجِلُ ) قد ذكرنا في ماذا في البقرة عند قوله تعالى ( مَاذَا يُنفِقُونَ ) قولين ، وهما مقولان هاهنا ، وقيل فيها قول ثالث وهو أن تكون ( ماذا ) اسما واحدا مبتدأ ، ويستعجل منه الخبر ، وقد ضعف ذلك من حيث إن الخبر هاهنا جملة من فعل وفاعل ، ولاضمير فيه يعود على المبتدأ ، ورد هذا للقول بأن العائد الهاء في منه فهو كقولك : زيد أخذت منه درهما.
  قوله تعالى (آلآن) فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة ، والناصب لها محذوف تقديره : آمنتم الآن.
  قوله تعالى ( أَحَقٌّ هُوَ ) مبتدأ وهو مرفوع به ، ويجوز أن يكون هو مبتدأ ، وأحق الخبر ، وموضع الجملة نصب بيستنبئونك ، و (إى) بمعنى نعم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 30 ـ
  قوله تعالى ( وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ ) مستأنف ، وهو حكاية مايكون في الآخرة ، وقيل هو بمعنى المستقبل ، وقيل قد كان ذلك في الدنيا.
  قوله تعالى (وشفاء) هو مصدر في معنى الفاعل : أى وشاف ، وقيل هو في معنى المفعول : أى المشفى به.
  قوله تعالى (فبذلك) الفاء الاولى مرتبطة بما قبلها ، والثانية بفعل محذوف تقديره : فليعجبوا بذلك فليفرحوا ، كقولهم : زيدا فاضربه : أى تعمد زيدا فاضربه ، وقيل الفاء الاولى زائدة ، والجمهور على الياء وهو أمر للغائب ، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة ، ويقرأ بالتاء على الخطاب كالذى قبله.
  قوله تعالى (أرأيتم) قد ذكر في الانعام (آلله) مثل آلذكرين ، وقد ذكر في الانعام.
  قوله تعالى ( فِي شَأْنٍ ) خبر كان ( وَمَا تَتْلُوا ) ما نافية ، و (منه) أى من الشأن ، أى من أجله ، و ( مِنْ قُرْآنٍ ) مفعول تتلو ، ومن زائدة ( إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ ) ظرف لشهودا ( مِنْ مِثْقَالِ ) في موضع رفع بيعزب ، ويعزب بضم الزاى وكسرها لغتان وقد قرئ بهما ( ولا أصغر ، ولا أكبر ) بفتح الراء في موضع جر صفة لذرة أو لمثقال على اللفظ ، ويقرآن بالرفع حملا على موضع من مثقال ، والذى في سبأ يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى ( إِلاَّ فِي كِتَابٍ ) أى إلا هو في كتاب ، والاستثناء منقطع.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ آمَنُوا ) يجوز أن يكون مبتدأ ، وخبره ( لَهُمْ الْبُشْرَى ) ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ، لان أو خبر ابتداء محذوف : أى هم الذين ، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعنى ، أو صفة لاولياء بعد الخبر ، وقيل يجوز أن يكون في موضع جر بدلا من الهاء والميم في عليهم.
  قوله تعالى ( فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يجوز أن تتعلق في بالبشرى ، وأن يكون حالا منها ، والعامل الاستقرار ، و ( لا تَبْدِيلَ ) مستأنف.
  قوله تعالى ( إِنَّ الْعِزَّةَ ) هو مستأنف ، والوقف على ماقبله.
  قوله تعالى ( وَمَا يَتَّبِعُ ) فيه وجهان : أحدهما هى نافية ، ومفعول يتبع محذوف دل عليه قوله ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ ) و (شركاء) مفعول يدعون ، ولايجوز أن يكون مفعول يتبعون ، لان المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء وليس كذلك ، والوجه الثانى أن تكون ( ما ) استفهاما في موضع نصب بيتبع.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 31 ـ
  قوله تعالى ( إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ) إن هاهنا بمعنى ( ما ) لا غير ، (بهذا) يتعلق بسلطان أو نعت له.
  قوله تعالى ( مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ) خبر مبتدأ محذوف تقديره افتراؤهم أو حياتهم أو تقلبهم ونحو ذلك.
  قوله تعالى ( إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ) ( إذ ) ظرف ، والعامل فيه نبأ ، ويجوز أن يكون حالا ( فَعَلَى اللَّهِ ) الفاء جواب الشرط ، والفاء في (فاجمعوا) عاطفة على الجواب ، وأجمعوا بقطع الهمزة من قولك أجمعت على الامر إذا عزمت عليه ، إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل بنفسه ، وقيل هو متعد بنفسه في الاصل ، ومنه قول الحرث :

أجـمعوا  أمـرهم بـليل iiفلما      أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
  وأما (شركاء‌كم) فالجمهور على النصب ، وفيه أوجه : أحدها هو معطوف على أمركم تقديره : وأمر شركائكم ، فأقام المضاف إليه مقام المضاف.
  والثانى هو مفعول معه تقديره : مع شركائكم.
  والثالث هو منصوب بفعل محذوف : أى وأجمعوا شركاء‌كم ، وقيل التقدير : وادعوا شركاء‌كم ، ويقرأ بالرفع وهو معطوف على الضمير في أجمعوا ، ويقرأ فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم ، والتقدير ذوى أمركم ، لانك تقول جمعت القوم وأجمعت الامر ، ولاتقول جمعت الامر على هذا المعنى وقيل لاحذف فيه لان المراد بالجمع هنا ضم بعض أمورهم إلى بعض ( ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ ) يقرأ بالقاف والضاد من قضيت الامر ، والمعنى : أقضوا ماعزمتم عليه من الايقاع بى ، ويقرأ بفتح الهمزة والفاء والضاد ، والمصدر منه الافضاء ، والمعنى : صلوا إلى ولام الكلمة واو ، يقال فضا المكان يفضوا إذا اتسع.
  قوله تعالى ( مِنْ بَعْدِهِ ) الهاء تعود على نوح عليه السلام ( فَمَا كَانُوا ) الواو ضمير القوم ، والضمير في (كذبوا) يعود على قوم نوح ، والهاء في (به) لنوح ، والمعنى : فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذى كذب به قوم نوح : أى بمثله ، ويجوز أن تكون الهاء لنوح ، ولايكون فيه حذف ، والمعنى : فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بنوح عليه السلام.
  قوله تعالى ( أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ) المحكى بيقول محذوف : أى أتقولون له هو سحر ! ثم استأنف فقال ( أَسِحْرٌ هَذَا ) وسحر خبر مقدم ، وهذا مبتدأ.
  قوله تعالى ( الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ ) هو اسم كان ، ولكم خبرها ، وفى الارض ظرف للكبرياء منصوب بها ، أو بكان ، أو بالاستقرار في لكم ، ويجوز أن يكون حالا من الكبرياء ، أو من الضمير في لكم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 32 ـ
  قوله تعالى ( مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ) يقرأ بالاستفهام فعلى هذا تكون ( ما ) استفهاما ، وفى موضعها وجهان : أحدهما نصب بفعل محذوف موضعه بعد ماتقديره : أى شئ أتيتم به وجئتم به يفسر المحذوف ، فعلى هذا في قوله السحر وجهان ، أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف : أى هو السحر ، والثانى أن يكون الخبر محذوفا : أى السحر هو ، والثانى موضعها رفع بالابتداء وجئتم به الخبر ، والسحر فيه وجهان : أحدهما ماتقدم من الوجهين.
  والثانى هو بدل من موضع ( ما ) كما تقول ماعندك أدينار أم درهم ؟ ويقرأ على لفظ الخبر وفيه وجهان : أحدهما استفهام أيضا في المعنى ، وحذفت الهمزة للعلم بها.
  والثانى هو خبر في المعنى ، فعلى هذا تكون ( ما ) بمعنى الذى ، وجئتم به صلتها ، والسحر خبرها ، ويجوز أن تكون ( ما ) استفهاما ، والسحر خبر مبتدأ محذوف.
  قوله تعالى (وملئهم) فيما يعود الهاء والميم إليه أوجه : أحدها هو عائد على الذرية ، ولم تؤنث لان الذرية قوم فهو مذكر في المعنى ، والثانى هو عائد على القوم والثالث يعود على فرعون ، وإنما جمع لوجهين : أحدهما أن فرعون لما كان عظيما عندهم عاد الضمير إليه بلفظ الجمع ، كما يقول العظيم نحن نأمر.
  والثانى أن فرعون صار اسما لاتباعه ، كما أن ثمود اسم للقبيلة كلها ، وقيل الضمير يعود على محذوف تقديره من آل فرعون وملائهم : أى ملا الآل ، وهذا عندنا غلط لان المحذوف لايعود إليه ضمير ، إذ لو جاز ذلك لجاز أن تقول زيد قاموا ، وأنت تريد غلمان زيد قاموا ( أَنْ يَفْتِنَهُمْ ) هو في موضع جر بدلا من فرعون تقديره : على خوف فتنة من فرعون ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف : أى على خوف فتنة فرعون.
  قوله تعالى ( أَنْ تَبَوَّأَ ) يجوز أن تكون أن المفسرة ولايكون لها موضع من الاعراب ، وأن تكون مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحينا ، والجمهور على تحقيق الهمزة ، ومنهم من جعلها ياء وهى مبدلة من الهمزة تخفيفا (لقومكما) فيه وجهان : أحدهما اللام غير زائدة ، والتقدير : أتخذ لقومكما بيوتا ، فعلى هذا يجوز أن يكون لقومكما أحد مفعولى تبوآ ، وأن يكون حالا من البيوت.
  والثانى اللام زائدة ، والتقدير : بوئا قومكما بيوتا : أى أنزلاهم ، وتفعل وفعل بمعنى مثل علقها وتعلقها ، فأما قوله بمصر يجوز أن يتعلق بتبوآ ، وأن يكون حالا من البيوت ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 33 ـ
  وأن يكون حالا من قومكما ، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل في تبوآ وفيه ضعف (واجعلوا ، وأقيموا) إنما جمع فيهما ، لانه أراد موسى وهارون صلوات الله عليهما وقومهما ، وأفرد في قوله (وبشر) لانه أراد موسى عليه السلام وحده ، إذ كان هو الرسول وهارون وزيرا له ، فموسى عليه السلام هو الاصل.
  قوله تعالى ( فَلا يُؤْمِنُوا ) في موضعه وجهان : أحدهما النصب وفيه وجهان : أحدهما هو معطوف على ليضلوا ، والثانى هو جواب الدعاء في قوله اطمس واشدد ، والقول الثانى موضعه جزم ، لان معناه الدعاء كما تقول لاتعذبنى.
  قوله تعالى ( وَلا تَتَّبِعَانِ ) يقرأ بتشديد النون ، والنون للتوكيد ، والفعل مبنى معها ، والنون التى تدخل للرفع لاوجه لها هاهنا لان الفعل هنا غير معرب ، ويقرأ بتخفيف النون وكسرها.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه نهى أيضا ، وحذف النون الاولى من الثقيلة تخفيفا ، ولم تحذف الثانية لانه لو حذفها لحذف نونا محركة واحتاج إلى تحريك الساكنة ، وحذف الساكنة أقل تغيرا ، والوجه الثانى أن الفعل معرب مرفوع وفيه وجهان : أحدهما هو خبر في معنى النهى كما ذكرنا في قوله ( لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ ) والثانى هو في موضع الحال ، والتقدير : فاستقيما غير متبعين.
  قوله تعالى ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) الباء للتعدية مثل الهمزة كقولك : أجزت الرجال البحر ( بَغْياً وَعَدْواً ) مفعول من أجله ، أو مصدر في موضع الحال.
  قوله تعالى (آلآن) العامل فيه محذوف تقديره : أتؤمن الآن.
  قوله تعالى (ببدنك) في موضع الحال : أى عاريا ، وقيل بجسدك لاروح فيه ، وقيل بدرعك.
  قوله تعالى ( مُبَوَّأَ صِدْقٍ ) يجوز أن يكون مصدرا ، وأن يكون مكانا.
  قوله تعالى ( إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ ) هو منصوب على الاستثناء المنقطع ، لان المستثنى منه القرية وليست من جنس القوم ، وقيل هو متصل لان التقدير : فلولا كان أهل قرية ، ولو كان قد قرئ بالرفع لكانت إلا فيه بمنزلة غير فيكون صفة.
  قوله تعالى ( مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ ) هو استفهام في موضع رفع بالابتداء.
  والسموات الخبر وانظروا معلقة عن العمل ، ويجوز أن تكون بمعنى الذى ، وقد تقدم أصل ذلك ( وَمَا تُغْنِي ) يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب ، وأن تكون نفيا.
  قوله تعالى ( كَذَلِكَ حَقّاً ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أن كذلك في موضع نصب صفة لمصدر محذوف : أى إنجاء كذلك وحقا بدل منه ، والثانى أن يكونا منصوبين

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 34 ـ
  بينجى التى بعدهما ، والثالث أن يكون كذلك للاولى وحقا للثانية ، ويجوز أن يكون ، كذلك خبر المبتدأ : أى الامر كذلك ، وحقا منصوب بما بعدها.
  قوله تعالى ( وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ ) قد ذكر في الانعام مثله.

سورة هود عليه السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  إن جعلت هودا اسما للسورة لم تصرفه للتعريف والتأنيث ، ويجوز صرفه لسكون أوسطه عند قوم ، وعند آخرين لايجوز صرفه بحال لانه من تسمية المؤنث بالمذكر ، وإن جعلته للنبى عليه السلام صرفته.
  قوله تعالى (كتاب) أى هذا كتاب ، ويجوز أن يكون خبر ( الر ) أى ( الر ) وأشباهها كتاب ( ثُمَّ فُصِّلَتْ ) الجمهور على الضم والتشديد ، ويقرأ بالتخفيف وتسمية الفاعل ، والمعنى : ثم فرقت كقوله ( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ ) أى فارق ( مِنْ لَدُنْ ) يجوز أن يكون صفة ، أى كائن من لدن ، ويجوز أن يكون مفعولا ، والعامل فيه فصلت ، وبنيت لدن وإن أضيفت ، لان علة بنائها خروجها عن نظيرها ، لان لدن بمعنى عند ، ولكن هى مخصوصة بملاصقة الشئ وشدة مقاربته ، وعند ليست كذلك بل هى للقريب ومابعد عنه وبمعنى الملك.
  قوله تعالى ( أَنْ لا تَعْبُدُوا ) في ( أن ) ثلاثة أوجه : أحدها هى مخففة من الثقيلة.
  والثانى أنها الناصبة للفعل ، وعلى الوجهين موضعها رفع تقديره هى أن لاتعبدوا ، ويجوز أن يكون التقدير : بأن لاتعبدوا ، فيكون موضعها جرا أو نصبا على ماحكينا من الخلاف.
  والوجه الثالث أن تكون ( أن ) بمعنى أى ، فلا يكون لها موضع ، ولاتعبدوا نهى ، و (منه) أى من الله ، والتقدير : نذير كائن منه ، فلما قدمه صار حالا ، ويجوز أن يتعلق بنذير ، ويكون التقدير : إننى لكم نذير من أجل عذابه.
  قوله تعالى ( وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا ) ( أن ) معطوفة على ( أن ) الاولى ، وهى مثلها مما ؟؟ ذكر ( وَإِنْ تَوَلَّوْا ) أى يتولوا.
  قوله تعالى (يثنون) الجمهور على فتح الياء وضم النون ، وماضيه ثنى ، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الياء وماضيه أثنى ، ولا يعرف في اللغة إلا أن يقال معناه عرضوها للاثناء ، كما تقول أبعت الفرس إذا عرضته للبيع.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 35 ـ
  ويقرأ بالياء مفتوحة وسكون الثاء ونون مفتوحة وبعدها همزة مضمومة بعدها نون مفتوحة مشددة مثل يقرء‌ون ، وهو من ثنيت ، إلا أنه قلب الياء واوا لانضمامها ثم همزها لانضمامها ، ويقرأ يثنونى مثل يعشوشب وهو يفعوعل من ثنيت ، والصدور فاعل.
  ويقرأ كذلك إلا أنه بحذف الياء الاخيرة تخفيفا لطول الكلمة.
  ويقرأ بفتح الياء والنون وهمزة مكسورة بعدها نون مرفوعة مشددة ، وأصل الكلمة يفعوعل من الثنى ، إلا أنه أبدل الواو المكسورة همزة ، كما أبدلت في وسادة فقالوا إسادة ، وقيل أصلها يفعال مثل يحمار ، فأبدلت الالف همزة كما قالوا ابياض ( أَلا حِينَ ) العامل في الظرف محذوف : أى ألا حين يستغشون ثيابهم يستخفون ، ويجوز أن يكون ظرفا ليعلم.
  قوله تعالى ( مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ) مكانان ، ويجوزأن يكونا مصدرين كما قال الشاعر ( ألم تعلم مسرحى القوافى ) أى تسرحى.
  قوله تعالى (ولئن) اللام لتوطئة القسم ، والقسم محذوف وجوابه (ليقولن) ومثله ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا ) وجواب القسم ( إِنَّهُ لَيَئُوسٌ ) وسد القسم وجوابه مسد جواب الشرط.
  قوله تعالى ( أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ ) يوم ظرف ل‍ (مصروفا) أى لايصرف عنهم يوم يأتيهم ، وهذا يدل على جواز تقديم خبر ليس عليها ، وقال بعضهم : العامل فيه محذوف دل عليه الكلام : أى لايصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم ، واسم ليس مضمر فيها : أى ليس العذاب مصروفا.
  قوله تعالى (لفرح) يقرأ بكسر الراء وضمها وهما لغتان ، مثل يقظ ويقظ وحذر وحذر.
  قوله تعالى ( إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا ) في موضع نصب وهو استثناء متصل ، والمستثنى منه الانسان وقيل هو منفصل ، وقيل هو في موضع رفع على الابتداء ، و ( أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) خبره.
  قوله تعالى ( وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ) صدرك مرفوع بضائق لانه معتمد على المبتدإ وقيل هو مبتدإ وضائق خبر مقدم ، وجاء ضائق على فاعل من ضاق يضيق ( أَنْ يَقُولُوا ) أى مخافة أن يقولوا ، وقيل لان يقولوا : أى لان قالوا فهو بمعنى الماضى.
  قوله تعالى (وباطل) خبر مقدم ، و ( مَا كَانُوا ) المبتدإ والعائد محذوف : أى يعملونه ، وقرئ باطلا بالنصب ، والعامل فيه يعملون ، ومازائدة.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 36 ـ
  قوله تعالى ( أَفَمَنْ كَانَ ) في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف تقديره : أفمن كان على هذه الاشياء كغيره (ويتلوه) في الهاء عدة أوجه : أحدها يرجع على ( من ) وهو النبى صلى الله عليه وسلم ، والتقدير : ويتلو محمدا : أى صدق محمد ( شَاهِدٌ مِنْهُ ) أى لسانه ، وقيل الشاهد جبريل عليه السلام ، والهاء في منه لله ، وفى ( مِنْ قَبْلِهِ ) للنبى ، و ( كِتَابُ مُوسَى ) معطوف على الشاهد ، وقيل الشاهد الانجيل ، والمعنى أن التوراة والانجيل يتلوان محمدا صلى الله عليه وسلم في التصديق ، وقد فصل بين حرف العطف والمعطوف بقوله ( مِنْ قَبْلِهِ ) أى وكتاب موسى عليه السلام من قبله.
  والوجه الثانى أن الهاء للقرآن : أى ويتلو القرآن شاهد من محمد صلى الله عليه وسلم وهو لسانه ، وقيل جبريل عليه السلام.
  والثالث أنها تعود على البيان الذى دلت عليه البينة ، وقيل تمام الكلام عند قوله منه ومن قبله كتاب موسى عليه السلام ابتداء وخبر ، و ( إِمَاماً وَرَحْمَةً ) حالان ، وقرئ كتاب موسى بالنصب : أى ويتلو كتاب موسى ( فِي مِرْيَةٍ ) يقرأ بالكسر والضم وهما لغتان.
  قوله تعالى ( يُضَاعَفُ لَهُمْ ) مستأنف ( مَا كَانُوا ) في ( ما ) ثلاثة أوجه : أحدها هى بمعنى الذى ، والمعنى : يضاعف لهم بما كانوا ، فلما حذف الحرف نصب ، والثانى هى مصدرية ، والتقدير : مدة ماكانوا يستطيعون ، والثالث هى نافية أى من شدة بغضهم له لم يستطيعوا الاصغاء إليه.
  قوله تعالى ( لا جَرَمَ ) فيه أربعة أقوال : أحدها أن ( لا ) رد لكلام ماض : أى ليس الامر كما زعموا ، وجرم فعل وفاعله مضمر فيه ، و ( أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ ) في موضع نصب ، والتقدير : كسبهم قولهم خسرانهم في الآخرة.
  والقول الثانى أن لاجرم كلمتان ركبتا وصارتا بمعنى حقا ، وأن في موضع رفع بأنه فاعل لحق : أى حق خسرانهم.
  والثالث أن المعنى لامحالة خسرانهم ، فيكون في موضع رفع أيضا ، وقيل في موضع نصب أو جر إذ التقدير : لامحالة في خسرانهم.
  والرابع أن المعنى لامنع من أنهم خسروا فهو في الاعراب كالذى قبله.
  قوله تعالى ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ ) مبتدأ ، والخبر (كالاعمى) والتقدير : كمثل الاعمى ، وأحد الفريقين الاعمى والاصم والآخر البصير والسميع (مثلا) تمييز.
  قوله تعالى ( إِنِّي لَكُمْ ) يقرأ بكسر الهمزة على تقدير : فقال إنى ، وبفتحها على تقدير : بأنى ، وهو في موضع نصب : أى أرسلناه بالانذار : أى منذرا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 37 ـ
  قوله تعالى ( أَنْ لا تَعْبُدُوا ) هو مثل الذى في أول السورة.
  قوله تعالى ( مَا نَرَاكَ ) يجوز أن يكون من رؤية العين ، وتكون الجملة بعدها في موضع الحال ، وقد معه مرادة ، ويجوز أن يكون من رؤية القلب ، فتكون الجملة في موضع المفعول الثانى.
  والاراذل جمع أرذال ، وأرذال جمع رذل ، وقيل الواحد أرذل والجمع أراذل ، وجمع على هذه الزنة وإن كان وصفا لانه غلب فصار كالاسماء ومعنى غلبته أنه لايكاد يذكر الموصوف معه ، وهومثل الابطح والابرق ( بَادِي الرَّأْيِ ) يقرأ بهمزة بعد الدال ، وهو من بدأ يبدأ إذا فعل الشئ أولا ، ويقرأ بياء مفتوحة.
  وفيه وجهان : أحدهما أن الهمزة أبدلت ياء لانكسار ماقبلها ، والثانى أنه من بدا يبدو إذا ظهر ، وبادى هنا ظرف ، وجاء على فاعل كما جاء على فعيل نحو قريب وبعيد ، وهو مصدر مثل العافية والعاقبة ، وفى العامل فيه أربعة أوجه : أحدها نراك أى فيما يظهر لنا من الرأى ، أو في أول رأينا.
  فإن قيل ، ماقبل ( إلا ) إذا تم لا يعمل فيما بعدها كقولك : ماأعطيت أحدا إلا زيدا دينارا ، لان إلا تعدى الفعل ولاتعديه إلا إلى واحد كالواو في باب المفعول معه ، قيل : جاز ذلك هنا لان بادى ظرف أو كالظرف ، مثل جهد رأيى أنك ذاهب : أى في جهد رأيى ، والظروف يتسع فيها.
  والوجه الثانى أن العامل فيه اتبعك : أى اتبعوك في أول الرأى أو فيما ظهر منه من غير أن يبحثوا.
  والوجه الثالث أنه من تمام أراذلنا : أى الاراذل في رأينا.
  والرابع أن العامل فيه محذوف : أى يقول ذاك في بادى الرأى به ، والرأى مهموز وغير مهموز.
  قوله تعالى ( رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ ) يجوز أن تكون من متعلقة بالفعل ، وأن تكون من نعت الرحمة (فعميت) أى خفيت (عليكم) لانكم لم تنظروا فيها حق النظر وقيل المعنى عميتم عنها كقولهم : أدخلت الخاتم في أصبعى ، ويقرأ بالتشديد والضم : أى أبهمت عليكم عقوبة لكم ، و ( أَنُلْزِمُكُمُوهَا ) الماضى منه ألزمت ، وهو متعد إلى مفعولين ، ودخلت الواو هنا تتمة للميم ، وهو الاصل في ميم الجمع ، وقرئ بإسكان الميم الاولى فرارا من توالى الحركات.
  قوله تعالى (تزدرى) الدال بدل من التاء ، وأصلها تزترى وهو يفتعل من زريت ، وأبدلت دالا لتجانس الزاى في الجهر ، والتاء مهموسة فلم تجتمع مع الزاى.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 38 ـ
  قوله تعالى ( قَدْ جَادَلْتَنَا ) الجمهور على إثبات الالف ، وكذلك (جدالنا) وقرئ ( جدلتنا ) فأكثرت جدلنا بغير ألف فيهما ، وهو بمعنى غلبتنا بالجدل.
  قوله تعالى ( إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ ) حكم الشرط إذا دخل على الشرط أن يكون الشرط الثانى والجواب جوابا للشرط الاول كقولك إن أتيتنى إن كلمتنى أكرمتك ، فقولك إن كلمتنى أكرمتك جواب إن أتيتنى ، وإذا كان كذلك صار الشرط الاول في الذكر مؤخرا في المعنى حتى لو أتاه ثم كلمه لم يجب الاكراه ، ولكن إن كلمه ثم أتاه وجب إكرامه ، وعلة ذلك أن الجواب صار معوقا بالشرط الثانى ، وقد جاء في القرآن منه.
  قوله تعالى ( إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ ).
  قوله تعالى ( فَعَلَيَّ إِجْرَامِي ) يقرأ بكسر الهمزة وهو مصدر أجرم ، وفيه لغة أخرى ( جرم ) ويفتح الهمزة وهو جمع جرم.
  قوله تعالى ( أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ ) يقرأ بفتح الهمزة ، وإنه في موضع رفع بأوحى ويقرأ بكسرها ، والتقدير : قيل إنه ، والمرفوع بأوحى.
  قوله تعالى ( إلى نوح إلا من قد آمن ) استثناء من غير الجنس في المعنى ، وهو فاعل لن يؤمن.
  قوله تعالى (بأعيننا) في موضع الحال من ضمير الفاعل في اصنع : أى محفوظا.
  قوله تعالى ( مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) يقرأ كل بالاضافة ، وفيه وجهان : أحدهما أن مفعول احمل اثنين تقديره : احمل فيها اثنين من كل زوج ، فمن على هذا حال لانها صفة للنكرة قدمت عليها ، والثانى أن ( من ) زائدة والمفعول ( كل ) واثنين توكيد ، وهذا على قول الاخفش ، ويقرأ ( من كل ) بالتنوين ، فعلى هذا مفعول احمل زوجين ، واثنين توكيد له ، ومن على هذا يجوز أن تتعلق باحمل ، وأن تكون حالا.
  والتقدير : من كل شئ أو صنف (وأهلك) معطوف على المفعول ، و ( إِلاَّ مَنْ سَبَقَ ) استثناء متصل ( وَمَنْ آمَنَ ) مفعول احمل أيضا.
  قوله تعالى ( بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا ) مجراها مبتدأ ، وبسم الله خبره ، والجملة حال مقدرة ، وصاحبها الواو في اركبوا ، ويجوز أن ترفع مجراها بسم الله على أن تكون بسم الله حالا من الواو في اركبوا ، ويجوز أن تكون الجملة حالا من الهاء تقديره : اركبوا فيها وجريانها بسم الله : وهى مقدرة أيضا ، قيل مجراها ومرساها ظرفا مكان

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 39 ـ
  وبسم الله حال من الواو : أى مسمين موضع جريانها ، ويجوز أن يكون زمانا : أى وقت جريانها ، ويقرأ بضم الميم فيهما ، وهو مصدر أجريت مجرى ، وبفتحهما ، وهو مصدر جريت ورسيت ، ويقرأ بضم الميم وكسر الراء والسين وياء بعدهما ، وهو صفة لاسم الله عزوجل.
  قوله تعالى ( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ ) يجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في بسم الله ، أى جريانها بسم الله ، وهى تجرى بهم ، ويجوز أن تكون مستأنفة ، وبهم حال من الضمير في تجرى : أى وهم فيها ( نُوحٌ ابْنَهُ ) الجمهور على ضم الهاء ، وهو الاصل ، وقرئ بإسكانها على إجراء الوصل مجرى الوقف ، ويقرأ ابنها يعنى ابن امرأته ، كأنه توهم إضافته إليها دونه لقوله ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) ويقرأ بفتح الهاء من غير ألف وحذف الالف تخفيفا ، والفتحة تدل عليها ، ومثله ( يَا أَبَتِ ) فيمن فتح ، ويقرأ ( ابناه ) على الترئى ليس بندبة ، ولان الندبة لاتكون الهمزة ( فِي مَعْزِلٍ ) بكسر الزاى موضع وليس بمصدر ، وبفتحها مصدر ، ولم أعلم أحدا قرأ بالفتح ( يَا بُنَيَّ ) يقرأ بكسر الياء وأصله بنى بياء التصغير ، وياء هى لام الكلمة وأصلها واو عند قوم وياء عند آخرين ، والياء الثالثة ياء المتكلم ، ولكنها حذفت لدلالة الكسرة عليها فرارا من توالى الياء‌ات ، ولان النداء موضع تخفيف ، وقيل حذفت من اللفظ لالتقائها مع الراء في اركب ، ويقرأ بالفتح.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه أبدل الكسرة فتحة فانقلبت ياء الاضافة ألفا ، ثم حذفت الالف كما حذفت الياء مع الكسرة لانها أصلها ، والثانى أن الالف حذفت من اللفظ لالتقاء الساكنين.
  قوله تعالى ( لا عَاصِمَ الْيَوْمَ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه اسم فاعل على بابه ، فعلى هذا يكون قوله تعالى ( إِلاَّ مَنْ رَحِمَ ) فيه وجهان : أحدهما هو استثناء متصل ( وَمِنْ رَحْمَ ) بمعنى الراحم : أى لاعاصم إلا الله والثانى أنه منقطع : أى لكن من رحمه الله يعصم ، الوجه الثانى أن عاصما بمعنى معصوم ، مثل ( مَاءٍ دَافِقٍ ) : أى مدفوق ، فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا : أى إلا من رحمه الله ، والثالث أن عاصما بمعنى ذا عصمة على النسب ، مثل حائض وطالق ، والاستثناء على هذا متصل أيضا ، فأما خبر لا فلا يجوز أن يكون اليوم ، لان ظرف الزمان لايكون خبرا عن الجثة ، بل الخبر من أمر الله ، واليوم معمول من أمر ، ولايجوز أن يكون اليوم معمول عاصم ، إذ لو كان كذلك لنون.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 40 ـ
  قوله تعالى ( عَلَى الْجُودِيِّ ) بتشديد الياء وهو الاصل ، وقرئ بالتخفيف لاستثقال الياء‌ين ( وَغِيضَ الْمَاءُ ) هذا الفعل يستعمل لازما ومتعديا ، فمن المتعدى ( وَغِيضَ الْمَاءُ ) ومن اللازم ( وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ ) ويجوز أن يكون هذا متعديا أيضا ، ويقال : غاض الماء وغضته ، و (بعدا) مصدر : أى وقيل بعد بعدا ، و ( لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) تبيين وتخصيص ، وليست اللام متعلقة بالمصدر.
  قوله تعالى ( إِنَّهُ عَمَلٌ ) في الهاء ثلاثة أوجه : أحدها هى ضمير الابن : أى إنه ذو عمل.
  والثانى أنها ضمير النداء ، والسؤال في ابنه : أى أن سؤالك فيه عمل غير صالح.
  والثالث أنها ضمير الركوب ، وقد دل عليه اركب معنا ، ومن قرأ عمل على أنه فعل ماض فالهاء ضمير الابن لاغير ( فَلا تَسْأَلْنِي ) يقرأ بإثبات الياء على الاصل ، وبحذفها تخفيفا ، والكسرة تدل عليها ، ويقرأ بفتح اللام وتشديد النون على أنها نون التوكيد ، فمنهم من يكسرها ومنهم من يفتحها ، والمعنى واضح.
  قوله تعالى ( وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي ) الجزم بإن ، ولم يبطل عملها بلا ، لان ( لا ) صارت كجزء من الفعل ، وهى غير عاملة في النفى ، وهى تنفى مافى المستقبل ، وليس كذلك ( ما ) فإنها تنفى مافى الحال ، ولذلك لم يجز أن تدخل إن عليها لان إن الشرطية تختص بالمستقبل ، ومالنفى الحال.
  قوله تعالى ( قِيلَ يَا نُوحُ ) ( يا ) و ( نوح ) في موضع رفع لوقوعهما موقع الفاعل ، وقيل القائم مقام الفاعل مضمر ، والنداء مفسر له : أى قيل قول ، أو قيل هو يانوح ( بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ ) حالان من ضمير الفاعل (وأمم) معطوف على الضمير في اهبط تقديره : اهبط أنت وأمم ، وكان الفصل بينهما مغنيا عن التوكيد ، (سنمتعهم) نعت لامم.
  قوله تعالى ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ ) هو مثل قوله تعالى في آل عمران ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ ) وقد ذكر إعرابه ( مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا ) يجوز أن يكون حالا من ضمير المؤنث في نوحيها ، وأن يكون حالا من الكاف في إليك.
  قوله تعالى ( مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) قد ذكر في الاعراف.
  قوله تعالى (مدرارا) حال من السماء ، ولم يؤنثه لوجهين : أحدهما أن السماء السحاب فذكر مدرارا على المعنى.
  والثانى أن مفعالا للمبالغة ، وذلك يستوى فيه المؤنث والمذكر ، مثل فعول كصبور ، وفعيل كبغى ( إِلَى قُوَّتِكُمْ ) إلى هنا محمولة على المعنى ، ومعنى يزدكم يضف ، ويجوزأن يكون ( إلى ) صفة القوة فتتعلق بمحذوف ، أى قوة مضافة إلى قوتكم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 41 ـ
  قوله تعالى ( مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ ) يجوز أن تتعلق الباء بجئت ، والتقدير : ماأظهرت بينة ، ويجوز أن تكون حالا : أى ومعك بينة أو محتجا ببينة.
  قوله تعالى ( إِلاَّ اعْتَرَاكَ ) الجملة مفسرة لمصدر محذوف تقديره : إن نقول إلا قولا هو اعتراك ، ويجوز أن يكون موضعها نصبا : أى مانذكر إلا هذا القول.
  قوله تعالى ( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) أى فإن تتولوا فحذف الثانية (يستخلف) الجمهور على الضم وهو معطوف على الجواب بالفاء ، وقد سكنه بعضهم على الموضع أو على التخفيف لتوالى الحركات.
  قوله تعالى ( كَفَرُوا رَبَّهُمْ ) هو محمول على المعنى : أى جحدوا ربهم ، ويجوز أن يكون انتصب بما حذف الباء ، وقيل التقدير : كفروا نعمة ربهم : أى بطروها.
  قوله تعالى ( غَيْرَ تَخْسِيرٍ ) الاقوى في المعنى أن يكون غير هنا استثناء في المعنى وهو مفعول ثان لتزيدوننى : أى فما تزيدوننى إلا تخسيرا ، ويضعف أن تكون صفة لمحذوف إذ التقدير : فما تزيدوننى شيئا غير تخسير ، وهو ضد المعنى.
  قوله تعالى ( مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ) يقرأ بكسر الميم على أنه معرب ، وانجراره بالاضافة وبفتحها على أنه مبنى مع ( إذ ) لان ( إذ ) مبنى وظرف الزمان إذا أضيف إلى مبنى جاز أن يبنى لما في الظروف من الابهام ، ولان المضاف يكتسى كثيرا من أحوال المضاف إليه كالتعريف والاستفهام والعموم والجزاء ، وأما ( إذ ) فقد تقدم ذكرها.
  قوله تعالى ( وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ) في حذف التاء ثلاثة أوجه : أحدها أنه فصل بين الفعل والفاعل ، والثانى أن التأنيث غير حقيقى ، والثالث أن الصيحة بمعنى الصياح فحمل على المعنى.
  قوله تعالى ( كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ) قد ذكرفى الاعراف (لثمود) يقرأ بالتنوين لانه مذكر ، وهو حى أو أبوالقبيلة ، وبحذف التنوين غير مصروف على أنها القبيلة.
  قوله تعالى (بالبشرى) في موضع الحال من الرسل ( قَالُوا سَلاماً ) في نصبه وجهان : أحدهما هو مفعول به على المعنى كأنه قال : ذكروا سلاما.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 42 ـ
  والثانى هو مصدر : أسلموا سلاما ، وأما (سلام) الثانى فمرفوع على وجهين : أحدهما هو خبر مبتدإ محذوف : أى أمرى سلام ، أو جوابى أو قولى ، والثانى هو المبتدإ والخبر محذوف : أى سلام عليكم ، وقد قرئ على غير هذا الوجه بشئ هو ظاهر في الاعراب ( أَنْ جَاءَ ) في موضعه ثلاثة أوجه : أحدها جر تقديره : عن أن جاء ، لان لبث بمعنى تأخر.
  والثانى نصب وفيه وجهان ، أحدهما أنه لما حذف حرف الجر وصل الفعل بنفسه ، والثاى هو محمول على المعنى : أى لم يترك الاتيان بعجل ، والثالث رفع على وجهين أيضا : أحدهما فاعل لبث.
  أى فما أبطأ مجيئه ، والثانى أن ( ما ) بمعنى الذى ، وهو مبتدإ ، وأن جاء خبره تقديره : والذى لبثه إبراهيم عليه السلام قدر مجيئه ، أو مصدرية : أى لبثه مقدار مجيئه.
  قوله تعالى ( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ ) الجملة حال من ضمير الفاعل في أرسلنا (فضحكت) الجمهور على كسر الحاء ، وقرئ بفتحها والمعنى : حاضت ، يقال ضحكت الارنب بفتح الحاء ( وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ ) يقرأ بالرفع وفيه وجهان : أحدهما هو مبتدأ وماقبله الخبر.
  والثانى هو مرفوع بالظرف ، ويقرأ بفتح الباء وفيه وجهان : أحدهما أن الفتحة هنا للنصب وفيه وجهان : أحدهما هو معطوف على موضع إسحاق ، والثانى هو منصوب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره : ووهبنا له من وراء إسحاق يعقوب ، والوجه الثانى أن الفتحة للجر ، وهو معطوف على لفظ إسحاق : أى فبشرناها بإسحاق ويعقوب ، وفى وجهى العطف قد فصل بين يعقوب وبين الواو العاطفة بالظرف ، وهو ضعيف عند قوم ، وقد ذكرنا ذلك في سورة النساء.
  قوله تعالى ( وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً ) هذا مبتدأ ، وبعلى خبره ، وشيخا حال من بعلى مؤكدة ، إذ ليس الغرض الاعلام بأنه بعلها في حال شيخوخته دون غيرها ، والعامل في الحال معنى الاشارة والتنبيه أو أحدهما ، ويقرأ شيخ بالرفع ، وفيه عدة أوجه : أحدها أن يكون هذا مبتدأ ، وبعلى بدلا منه ، وشيخ الخبر.
  والثانى أن يكون بعلى عطف بيان وشيخ الخبر.
  والثالث أن يكون بعلى مبتدأ ثانيا ، وشيخ خبره ، والجملة خبر هذا.
  والرابع أن يكون بعلى خبر المبتدإ ، وشيخ خبر مبتدإ محذوف : أى هو شيخ.
  والخامس أن يكون شيخ خبرا ثانيا.
  والسادس أن يكون بعلى وشيخ جميعا خبرا واحدا كما تقول : هذا حلو حامض ، والسابع أن يكون شيخ بدلا من بعلى.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 43 ـ
  قوله تعالى ( أَهْلَ الْبَيْتِ ) تقديره : ياأهل البيت ، أو يكون منصوبا على التعظيم والتخصيص : أى أعنى ، ولايجوز في الكلام جر مثل هذا على البدل ، لان ضمير المخاطب لايبدل منه إذا كان في غاية الوضوح ( وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى ) هو معطوف على ذهب ، ويجوز أن يكون حالا من إبراهيم ، وقد مرادة ، فأما جواب ( لما ) فيه وجهان : أحدهما هو محذوف تقديره : أقبل يجادلنا ، ويجادلنا على هذا حال.
  والثانى أنه يجادلنا ، وهو مستقبل بمعنى الماضى : أى جادلنا ، ويبعد أن يكون الجواب جاء‌ته البشرى ، لان ذلك يوجب زيادة الواو وهو ضعيف ، و (أواه) فعال من التأوه.
  قوله تعالى (آتيهم) هو خبر إن ، و (عذاب) مرفوع به ، وقيل عذاب مبتدأ وآتيهم خبر مقدم ، وجوز ذلك أن عذابا وإن كان نكرة فقد وصف بقوله ( غَيْرُ مَرْدُودٍ ) وأن إضافة اسم الفاعل هاهنا لاتفيده التعريف إذ المراد به الاستقبال.
  قوله تعالى ( سِيءَ بِهِمْ ) القائم مقام الفاعل ضمير لوط ، و (ذرعا) تمييز ، و ( يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ) حال ، والماضى منه أهرع (هؤلاء) مبتدأ ، و (بناتى) عطف بيان أو بدل ، و (هن) فصل ، و (أطهر) الخبر ، ويجوز أن يكون هن مبتدأ ثانيا ، وأطهر خبره ، ويجوز أن يكون بناتى خبرا ، وهن أطهر مبتدأ وخبر ، وقرئ في الشاذ ( أطهر ) بالنصب.
  وفيه وجهان : أحدهما أن يكون بناتى خبرا وهن فصلا ، وأطهر حالا ، والثانى أن يكون هن مبتدأ ، ولكم خبر ، وأطهر حال ، والعامل فيه مافيهن من معنى التوكيد بتكرير المعنى ، وقيل العامل لكم لما فيه من معنى الاستقرار.
  والضيف مصدر في الاصل وصف به ، فلذلك لم يثن ولم يجمع ، وقد جاء مجموعا يقال أضياف وضيوف وضيفان.
  قوله تعالى ( مَا نُرِيدُ ) يجوز أن تكون ( ما ) بمعنى الذى ، فتكون نصبا بتعلم وهو بمعنى يعرف ، ويجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب بنريد ؟؟ وعلمت معلقة.
  قوله تعالى ( أَوْ آوِي ) يجوز أن يكون مستأنفا وأن يكون في موضع رفع خبر أن على المعنى تقديره : أو أنى آوى ، ويضعف أن يكون معطوفا على قوة ، إذ لو كان كذلك لكان منصوبا بإضمار أن ، وقد قرئ به والتقدير : أو أن آوى ، وبكم حال من قوة ، وليس معمولا لها لانها مصدر.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 44 ـ
  قوله تعالى ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ) يقرأ بقطع الهمزة ووصلها وهما لغتان ، يقال أسرى وسرى ( إِلاَّ امْرَأَتَكَ ) يقرأ بالرفع على أنه بدل من أحد ، والنهى في اللفظ لاحد ، وهو في المعنى للوط : أى لاتمكن أحدا منهم من الالتفات إلا امرأتك ، ويقرأ بالنصب على أنه استثناء من أحد ، أو من أهل.
  قوله تعالى ( جَعَلْنَا عَالِيَهَا ) مفعول أول ، و (سافلها) ثان ( مِنْ سِجِّيلٍ ) صفة لحجارة ، و (منضود) نعت لسجيل ، و (مسومة) نعت لحجارة ، و (عند) معمول مسومة أو نعت لها ، و (هى) ضمير العقوبة ، و (بعيد) نعت لكان محذوف ، ويجوز أن يكون خبر هى ، ولم تؤنث لان العقوبة والعقاب بمعنى : أى وما العقاب بعيدا من الظالمين.
  قوله تعالى (أخاهم) مفعول فعل محذوف : أى وأرسلنا إلى مدين ، و (شعيبا) بدل ، و (تنقصوا) يتعدى إلى مفعول بنفسه ، وإلى آخر تارة بنفسه وتارة بحرف جر ، تقول : نقصت زيدا حقه ومن حقه ، وهو هاهنا كذلك : أى لاتنقصوا الناس من المكيال ، ويجوز أن يكون هنا متعديا إلى واحد على المعنى : أى لاتعللوا وتطففوا ، و (محيط) نعت لليوم في اللفظ ، وللعذاب في المعنى ، وذهب قوم إلى أن التقدير : عذاب يوم محيط عذابه ، وهو بعيد لان محيطا قد جرى على غير من هو له ، فيجب إبراز فاعله مضافا إلى ضمير الموصوف.
  قوله تعالى ( أَوْ أَنْ نَفْعَلَ ) في موضع نصب عطفا على مايعبد ، والتقدير : أصلواتك تأمرك أن نترك مايعبد آباؤنا ، أو أن نترك أن نفعل ، وليس بمعطوف على أن نترك إذ ليس المعنى : أصلواتك تأمرك أن تفعل في أموالنا.
  قوله تعالى ( لا يَجْرِمَنَّكُمْ ) يقرأ بفتح الياء وضمها ، وقد ذكر في المائدة ، وفاعله (شقاقى) و ( أَنْ يُصِيبَكُمْ ) مفعول الثانى.
  قوله تعالى ( وَاتَّخَذْتُمُوهُ ) هى المتعدية إلى مفعولين ، و (ظهريا) المفعول الثانى. ووراء‌كم يجوز أن يكون ظرفا لاتخذتم ، وأن يكون حالا من ظهريا.
  قوله تعالى ( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ ) هو مثل الذى في قصة نوح عليه السلام.
  قوله تعالى ( كَمَا بَعِدَتْ ) يقرأ بكسر العين ، ومستقبله يبعد ، والمصدر بعدا بفتح العين فيهما : أى هلك ، ويقرأ بضم العين ومصدره البعد ، وهو من البعد في المكان.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 45 ـ
  قوله تعالى ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ ) هو مستأنف لاموضع له (فأوردهم) تقديره : فيوردهم ، وفاعل ( بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) نعت له ، والمخصوص بالذم محذوف تقديره : بئس الورد النار ، ويجوز أن يكون المورود هو المخصوص بالذم.
  قوله تعالى ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى ) ابتداء وخبر ، و (نقصه) حال ، ويجوز أن يكون ذلك مفعولا به والناصب له محذوف : أى ونقص ذلك من أنباء القرى ، وفيه أوجه أخر قد ذكرت في قوله تعالى ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ ) في آل عمران ( مِنْهَا قَائِمٌ ) مبتدأ وخبر في موضع الحال من الهاء في نقصه (وحصيد) مبتدأ خبره محذوف : أى ومنها حصيد ، وهو بمعنى محصود.
  قوله تعالى ( إِذَا أَخَذَ ) ظرف ، والعامل فيه ( أَخَذَ رَبُّكَ ).
  قوله تعالى (ذلك) مبتدأ و (يوم) خبره ، و (مجموع) صفة يوم ، و (الناس) مرفوع بمجموع.
  قوله تعالى ( يَوْمَ يَأْتِي ) يوم ظرف ، والعامل فيه ( تكلم ) مقدرة ، والتقدير : لاتكلم نفس ، ويجوز أن يكون العامل فيه نفس وهو أجود ، ويجوز أن يكون مفعولا لفعل محذوف.
  أى اذكروا يوم يأتى ويكون تكلم صفة له ، والعائد محذوف : أى لاتكلم فيه أو لاتكلمه ، ويجوز أن يكون منصوبا على إضمار أعنى ، وأما فاعل يأتى فضمير يرجع على قوله ( يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ) ولا يرجع على يوم المضاف إلى يأتى ، لان المضاف إليه كجزء من المضاف ، فلا يصح أن يكون الفاعل بعض الكلمة ، إذ ذلك يؤدى إلى إضافة الشئ إلى نفسه ، والجيد أثبات الياء ، إذ لا علة توجب حذفها ، وقد حذفها بعضهم اكتفاء بالكسرة عنها وشبه ذلك بالفواصل ونظير ذلك ( ماكنا نبغ ـ والليل إذايسر ) ( إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) قد ذكر نظيره في آية الكرسى.
  قوله تعالى ( لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ ) الجملة في موضع الحال ، والعامل فيها الاستقرار الذى في النار أو في نفس الظرف ، ويجوز أن يكون حالا من النار ( خَالِدِينَ فِيهَا ) خالدين حال ، والعامل فيها لهم أو مايتعلق به (مادامت).
  في موضع نصب : أى مدة دوام السموات ، ودام هنا تامة ( إِلاَّ مَا شَاءَ ) في هذا الاستثناء قولان : أحدهما هو منقطع ، والثانى هو متصل ، ثم في ( ما ) وجهان : أحدهما هى بمعنى ( من ) والمعنى على هذا أن الاشقياء من الكفار والمؤمنين في النار ، والخارج منهم منها الموحدون ، وفى الآية الثانية يراد بالسعداء الموحدون ، ولكن يدخل منهم النار العصاة ثم يخرجون منها ، فمقتضى أول الآية أن يكون كل الموحدين في الجنة من أول الامر.
  ثم استثنى من هذا العموم العصاة فإنهم لايدخلونها في أول الامر.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 46 ـ
  والوجه الثانى أن ( ما ) على بابها ، والمعنى : أن الاشقياء يستحقون النار من حين قيامهم من قبورهم : ولكنهم يؤخرون عن إدخالها مدة الموقف ، والسعداء يستحقون الجنة ويؤخرون عنها مدة الموقف ، وخالدين على هذا حال مقدرة ، وفيها في الموضعين تكرير عند قوم ، إذ الكلام يستقل بدونها.
  وقال قوم : فيها يتعلق بخالدين وليست تكريرا ، وفى الاولى يتعلق بمحذوف و (عطاء) اسم مصدر : أى إعطاء ذلك ، ويجوز أن يكون مفعولا لان العطاء بمعنى المعطى.
  سعدوا بفتح السين وهو الجيد ، وقرئ بضمها وهو ضعيف ، وقد ذكر فيها وجهان : أحدهما أنه على حذف الزيادة أى أسعدوا ، وأسسه قولهم رجل مسعود ، والثانى أنه مما لازمه ، ومتعديه بلفظ واحد مثل شجا فاه وشجا فوه ، وكذلك سعدوا وسعدته ، وهو غير معروف في اللغة ولا هو مقيس.
  قوله تعالى ( غَيْرَ مَنقُوصٍ ) حال : أى وافيا.
  قوله تعالى ( وَإِنَّ كُلاًّ ) يقرأ بتشديد النون ونصب كل وهو الاصل ، ويقرأ بالتخفيف والنصب وهو جيد ، لان ( إن ) محمولة على الفعل ، والفعل يعمل بعد الحذف كما يعمل قبل الحذف نحو : لم يكن ولم يك ، وفى خبر ( إن ) على الوجهين وجهان : أحدهما (ليوفينهم) و ( ما ) خفيفة زائدة لتكون فاصلة بين لام إن ولام القسم كراهية تواليهما ، كما فصلوا بالالف بين النونات في قولهم : أحسنان عنى ، والثانى أن الخبر ( ما ) وهى نكرة : أى لخلق أو جمع.
  ويقرأ بتشديد الميم مع نصب كل ، وفيها ثلاثة أوجه : أحدها أن الاصل لمن ( ما ) بكسر الميم الاولى ، وإن شئت بفتحها ، فأبدلت النون ميما وأدغمت ثم حذفت الميم الاولى كراهية التكرير ، وجاز حذف الاولى وإبقاء الساكنة لاتصال اللام بها وهى الخبر على هذين التقديرين.
  الوجه الثانى أنه مصدر لم يلم إذا جمع ، لكنه أجرى الوصل مجرى الوقف ، وقد نونه قوم ، وانتصابه على الحال من ضمير المفعول في لنوفينهم وهو ضعيف.
  الوجه الثالث أنه شدد ميم ( ما ) كما يشدد الحرف الموقوف عليه في بعض اللغات ، وهذا في غاية البعد ويقرأ و ( إن ) بتخفيف النون كل بالرفع وفيه وجهان : أحدهما أنها المخففة واسمها محذوف ، وكل وخبرها خبر إن ، وعلى هذا تكون ( لما ) نكرة : أى خلق أو جمع على ماذكرناه في قراء‌ة النصب ، والثانى أن ( إن ) بمعنى ( ما ) و ( لما ) بمعنى ( إلا ) أى ماكل إلا ليوفينهم ، وقد قرئ به شاذ شاذا : ومن شدد فهو على ماتقدم ، ولايجوز أن تكون ( لما ) بالتشديد حرف جزم ولا حينا لفساد المعنى.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 47 ـ
  قوله تعالى ( وَمَنْ تَابَ ) هو في موضع رفع عطفا على الفاعل في استقم ، ويجوز أن يكون نصبا مفعولا معه.
  قوله تعالى ( وَلا تَرْكَنُوا ) يقرأ بفتح الكاف ، وماضيه على هذا ركن بكسرها وهى لغة ، وقيل ماضيه على هذا بفتح الكاف ، ولكنه جاء على فعل يفعل بالفتح فيهما وهو شاذ ، وقيل اللغتان متداخلتان ، وذاك أنه سمع ممن لغته الفتح في الماضى فتحها في المستقبل على لغة غيره فنطق بها على ذلك ، ويقرأ بضم الكاف وماضيه ركن بفتحها (فتمسكم) الجمهور على فتح التاء ، وقرئ بكسرها وهى لغة ، وقيل هى لغة في كل ماعين ماضيه مكسورة ولامه كعينه نحو مس أصله مسست ، وكسر أوله في المستقبل تنبيها على ذلك.
  قوله تعالى ( طَرَفِي النَّهَارِ ) ظرف لاقم (وزلفا) بفتح اللام جمع زلفة مثل ظلمة وظلم ، ويقرأ بضمها.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه جمع زلفة أيضا ، وكانت اللام ساكنة مثل بسرة وبسر ، ولكنه أتبع الضم الضم.
  والثانى هو جمع زلف وقد نطق به ، ويقرأ بسكون اللام وهو جمع زلفة على الاصل نحو بسرة وبسر ، أو هو مخفف من جمع زليف.
  قوله تعالى ( أُوْلُوا بَقِيَّةٍ ) الجمهور على تشديد الياء وهو الاصل ، وقرئ بتخفيفها وهو مصدر بقى يبقى بقية كلقيته لقية ، فيجوز أن يكون على بابه ، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى فعيل وهو بمعنى فاعل ( فِي الأَرْضِ ) حال من الفساد (واتبع) الجمهور على أنها همزة وصل وفتح التاء والباء : أى اتبعوا الشهوات ، وقرئ بضم الهمزة وقطعها وسكون التاء وكسر الباء ، والتقدير : جزاء ماأترفوا.
  قوله تعالى ( إِلاَّ مَنْ رَحِمَ ) هو مستثنى من ضمير الفاعل في يزالون ، وذلك يعود على الرحمة ، وقيل الاختلاف.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 48 ـ
  قوله تعالى (وكلا) هو منصوب (ب‍ (نقص) ، و ( مِنْ أَنْبَاءِ ) صفة لكل ، و ( مَا نُثَبِّتُ ) بدل من كل أو هو رفع بإضمار هو ، ويجوز أن يكون مفعول نقص ويكون كلا حالا من ( ما ) أو من الهاء على مذهب من أجاز تقديم حال المجرور عليه أو من أنباء على هذا المذهب أيضا ، ويكون كلا بمعنى جميعا ( فِي هَذِهِ ) قيل في الدنيا وقيل في هذه السورة ، والله أعلم.

سورة يوسف عليه السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  قوله تعالى ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ) قد ذكر في أول يونس.
  قوله تعالى (قرآنا) فيه وجهان : أحدهما أنه توطئة للحال التى هى (عربيا) والثانى أنه حال وهو مصدر في موضع المفعول : أى مجموعا أو مجتمعا ، وعربى صفة له على رأى من يصف الصفة أو حال من الضمير الذى في المصدر على رأى من قال : يحتمل الضمير إذا وقع موقع مايحتمل الضمير.
  قوله تعالى (أحسن) ينتصب انتصاب المصدر ( بِمَا أَوْحَيْنَا ) ( ما ) مصدرية وهذا مفعول أوحينا (القرآن) نعت له أو بيان ، ويجوز في العربية جره على البدل من ( ما ) ورفعه على إضمار هو ، والباء متعلقة بنقص ، ويجوز أن يكون حالا من أحسن ، والهاء في (قبله) ترجع على القرآن ، أو على هذا ، أو على الايحاء.
  قوله تعالى ( إِذْ قَالَ ) أى اذكر إذ ، وفى (يوسف) ست لغات ضم السين وفتحها وكسرها بغير همز فيهن وبالهمز فيهن ، ومثله يونس ( يَا أَبَتِ ) يقرأ بكسر التاء والتاء فيه زائدة عوضا من ياء المتكلم وهذا في النداء خاصة وكسرت التاء لتدل على الياء المحذوفة ، ولايجمع بينهما لئلا يجمع بين العوض والمعوض ، ويقرأ بفتحها وفيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه حذف التاء التى هى عوض من الياء ، كما تحذف تاء طلحة في الترخيم ، وزيدت بدلها تاء أخرى وحركت بحركة ماقبلها ، كما قالوا : ياطلحة أقبل بالفتح.
  والثانى أنه أبدل من الكسرة فتحة كما يبدل من الياء ألف.
  والثالث أنه أراد ياأبتا كما جاء في الشعر ( ياأبتا علك أو عساك ) فحذفت الالف تخفيفا ، وقد أجاز بعضهم ضم التاء لشبهها بتاء التأنيث ، فأما الوقف على هذا الاسم فبالتاء عند قوم لانها ليست للتأنيث فيبقى لفظها دليلا على المحذوف ، وبالهاء عند آخرين شبهوها بهاء التأنيث ، وقيل الهاء بدل من الالف المبدلة من الياء ، وقيل هى زائدة لبيان الحركة ، و ( أَحَدَ عَشَرَ ) بفتح العين على الاصل وبإسكانها على التخفيف فرارا من توالى الحركات وإيذانا بشدة الامتزاج ، وكرر ( رأيت ) تفخيما لطول الكلام ، وجعل الضمير على لفظ المذكر لانه وصفه بصفات من يعقل من السباحة والسجود ، ولذلك جمع الصفة جمع السلامة و (ساجدين) حال لان الرؤية من رؤية العين.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 49 ـ
  قوله تعالى (رؤياك) الاصل الهمز ، وعليه الجمهور ، وقرئ بواو مكان الهمز لانضمام ماقبلها ، ومن العرب من يدغم فيقول : رياك فأجرى المخففة مجرى الاصلية ومنهم من يكسر الراء لتناسب الياء (فيكيدوا) جواب النهى ، (كيدا) فيه وجهان : أحدهما هو مفعول به ، والمعنى : فيضعون لك أمرا يكيدك ، وهو مصدر في موضع الاسم ، ومنه قوله تعالى ( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) أى ماتكيدون به فعلى هذا يكون في اللام وجهان : أحدهما هى بمعنى من أجلك ، والثانى هى صفة قدمت فصارت حالا.
  والوجه الآخر أن يكون مصدرا مؤكدا ، وعلى هذا في اللام ثلاثة أوجه : منها الاثنان الماضيان ، والثالث أن تكون زائدة لان هذا الفعل يتعدى بنفسه ، ومنه ( فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ) ونظير زيادتها هنا ( ردف لكم ).
  قوله تعالى (وكذلك) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف : أى اجتباء مثل ذلك ( إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ ) بدلان من أبويك.
  قوله تعالى (آيات) يقرأ على الجمع لان كل خصلة مما جرى آية ، ويقرأ على الافراد لان جميعها يجرى مجرى الشئ الواحد ، وقيل وضع الواحد موضع الجمع ، وقد ذكرنا أصل الآية في البقرة.
  قوله تعالى (أرضا) ظرف لا طرحوه ، وليس بمفعول به لان طرح لايتعدى إلى اثنين ، وقيل هو مفعول ثان لان اطرحوه بمعنى أنزلوه ، وأنت تقول : أنزلت زيدا الدار.
  قوله تعالى ( غَيَابَةِ الْجُبِّ ) يقرأ بألف بعد الياء وتخفيف الباء ، وهو الموضع الذى يخفى من فيه ، ويقرأ على الجمع إما أن يكون جمعها بما حولها كما قال الشاعر : ( يزل الغلام الخف عن صهواته ) أو أن يكون في الجب مواضع على ذلك وفيه قراء‌ات أخر ظاهرة لم نطل بذكرها (يلتقطه) الجمهور على الياء حملا على لفظ بعض ، ويقرأ بالتاء حملا على المعنى ، إذ بعض السيارة سيارة ، ومنه قولهم : ذهبت بعض أصابعه.
  قوله تعالى ( لا تَأْمَنَّا ) في موضع الحال ، والجمهور على الاشارة إلى ضمة النون الاولى ، فمنهم من يختلس الضمة بحيث يدركها السمع ، ومنهم من يدل عليها بضم الشفة فلا يدركها السمع ، ومنهم من يدغمها من غير إشمام ، وفى الشاذ من يظهر النون وهو القياس.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 50 ـ
  قوله تعالى (نرتع) الجمهور على أن العين آخر الفعل وماضيه رتع ، فمنهم من يسكنها على الجواب ، ومنهم من يضمها على أن تكون حالا مقدرة ، ومنهم من يقرؤها بالنون ، ومنهم من يقرؤها بالياء ، ويقرأ نرتع يكسر العين وهو يفتعل من رعى : أى ترعى ماشيتنا أو نأكل نحن.
  قوله تعالى ( يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ) الاصل في الذئب الهمز ، وهو من قولهم : تذأبت الريح إذا جاء‌ت من كل وجه ، كما أن الذئب كذلك ، ويقرأ بالياء على التخفيف.
  قوله تعالى ( وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ) الجملة حال ، وقرئ في الشاذ ( عصبة ) بالنصب وهو بعيد ، ووجهه أن يكون حذف الخبر ونصب هذا على الحال : أى ونحن نتعصب أو نجتمع عصبة.
  قوله تعالى ( فَلَمَّا ذَهَبُوا ) جواب لما محذوف تقديره : عرفناه أو نحو ذلك ، وعلى قول الكوفيين الجواب أوحينا ، والواو زائدة (وأجمعوا) يجوز أن يكون حالا معه قد مرادة ، وأن يكون معطوفا.
  قوله تعالى (عشاء) فيه وجهان : أحدهما هو ظرف : أى وقت العشاء ، و (يبكون) حال ، والثانى أن يكون جمع عاش كقائم وقيام ، ويقرأ بضم العين والاصل عشاة مثل غاز وغزاة ، فحذفت الهاء وزيدت الالف عوضا منها ، ثم قلبت الالف همزة : وفيه كلام قد ذكرناه في آل عمران عند قوله سبحانه ( أَوْ كَانُوا غُزًّى ) ويجوز أن يكون جمع فاعل على فعال ، كما جمع فعيل على فعال لقرب مابين الكسر والضم ، ويجوز أن يكون كنؤام ورباب وهو شاذ.
  قوله تعالى ( عَلَى قَمِيصِهِ ) في موضع نصب حالا من الدم ، لان التقدير جاء‌وا بدم كذب على قميصه.
  وكذب بمعنى ذى كذب ، ويقرأ في الشاذ بالدال ، والكذب النقط الخارجة على أطراف الاحداث ، فشبه الدم اللاصق على القميص بها ، وقيل الكذب الطرى ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ) أى فشأنى فحذف المبتدأ ، وإن شئت كان المحذوف الخبر : أى فلى أو عندى.
  قوله تعالى (بشراى) يقرأ بياء مفتوحة بعد الالف مثل عصاى ، وإنما فتحت الياء من أجل الالف ، ويقرأ بغير ياء ، وعلى الالف ضمة مقدرة لانه منادى مقصور ، ويجوز أن يكون منصوبا مثل قوله ( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ) ويقرأ بشرى بياء مشددة من غير ألف ، وقد ذكر في قوله تعالى ( هدى ) البقرة ، والمعنى:

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 51 ـ
  يابشارة احضرى فهذا أوانك (أسروه) الفاعل ضمير الاخوة ، وقيل السيارة ، و (بضاعة) حال.
  قوله تعالى (بخس) مصدر في موضع المفعول : أى مبخوس أو ذى بخس ، و (دراهم) بدل من ثمن ( وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ ) قد ذكر مثله في قوله ( وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ ) في البقرة ( وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّاهِدِينَ ) في المائدة.
  قوله تعالى ( مِنْ مِصْرَ ) يجوز أن يكون متعلقا بالفعل كقولك : اشتريت من بغداد : أى فيها أو بها ، ويجوز أن يكون حالا من الذى ، أو من الضمير في اشترى فيتعلق بمحذوف (ولنعلمه) اللام متعلقة بمحذوف : أى ولنعلمه مكناه ، وقد ذكر مثله في قوله تعالى ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ) وغيره ، والهاء في (أمره) يجوز أن تعود على الله عزوجل : وأن تعود على يوسف.
  قوله تعالى ( هَيْتَ لَكَ ) فيه قراء‌ات : إحداها فتح الهاء والتاء وياء بينهما.
  والثانية كذلك إلا أنه بكسر التاء.
  والثالثة كذلك إلا أنه بضمها وهى لغات فيها ، والكلمة اسم للفعل ، فمنهم من يقول : هو خبر معناه تهيأت ، وبنى كما بنى شتان ، ومنهم من يقول : هو اسم للامر : أى أقبل وهلم ، فمن فتح طلب الخفة ، ومن كسر فعلى التقاء الساكنين مثل جير ، ومنهم من ضم شبهه بحيث ، واللام على هذا للتبيين مثل التى في قولهم : سقيا لك.
  والقراء‌ة الرابعة بكسر الهاء وهمزة ساكنة وضم التاء وهو على هذا فعل من هاء يهاء مثل شاء يشاء ، ويهئ مثل فاء يفئ ، والمعنى : تهيأت لك أو خلقت ذا هيئة لك ، واللام متعلقة بالفعل.
  والقراء‌ة الخامسة هيئت لك وهى غريبة.
  والسادسة بكسر الهاء وسكون الهمزة وفتح التاء ، والاشبه أن تكون الهمزة بدلا من الياء ، أو تكون لغة في الكلمة التى هى اسم للفعل ، وليست فعلا لان ذلك يوجب أن يكون الخطاب ليوسف عليه السلام ، وهو فاسد لوجهين : أحدهما أنه لم يتهيأ لها ، وإنما تهيأت له ، والثانى أنه قال لك ولو أراد الخطاب لكان هئت لى ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ) هو منصوب على المصدر يقال : عذت به عوذا وعياذا وعياذة وعوذة ومعاذا (إنه) الهاء ضمير الشأن ، والجملة بعده الخبر.
  قوله تعالى ( لَوْلا أَنْ رَأَى ) جواب ( لولا ) محذوف تقديره : لهم بها ، والوقف على هذا ولقد همت به ، والمعنى أنه لم يهم بها ، وقيل التقدير : لولا أن رأى البرهان لواقع المعصية (كذلك) في موضع رفع : أى الامر كذلك ، وقيل في موضع نصب أى نراعيه كذلك واللام في (لنصرف) متعلقة بالمحذوف ، و (المخلصين) بكسر اللام : أى المخلصين أعمالهم وبفتحها : أى أخلصهم الله لطاعته.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) ـ 52 ـ
  قوله تعالى ( مِنْ دُبُرٍ ) الجمهور على الجر والتنوين ، وقرئ في الشواذ بثلاث ضمات من غير تنوين ، وهو مبنى على الضم لانه قطع عن الاضافة ، والاصل من دبره وقبله ، ثم فعل فيه مافعل في قبل وبعد ، وهو ضعيف لان الاضافة لا تلزمه كما تلزم الظروف المبنية لقطعها عن الاضافة.
  قوله تعالى ( يُوسُفُ أَعْرِضْ ) الجمهور على ضم الفاء ، والتقدير : يا يوسف ، وقرأ الاعمش بالفتح ، والاشبه أن أخرجه على أصل المنادى كما جاء في الشعر : ( يا عديا لقد وقتك الاواقى ) وقيل لم تضبط هذه القراء‌ة عن الاعمش ، والاشبه أن يكون وقف على الكلمة ثم وصل ، وأجرى الوصل مجرى الوقف فألقى حركة الهمزة على الفاء وحذفها فصار اللفظ بها ( يُوسُفُ أَعْرِضْ ) وهذا كما حكى الله أكبر أشهد بالوصل والفتح ، وقرئ في الشاذ أيضا بضم الفاء ، وأعرض على لفظ الماضى وفيه ضعف لقوله (واستغفرى) وكان الاشبه أن يكون بالفاء فاستغفرى.
  قوله تعالى (نسوة) يقرأ بكسر النون وضمها وهما لغتان ، وألف الفتى منقلبة عن ياء لقولهم فتيان ، والفتوة شاذ ( قَدْ شَغَفَهَا ) يقرأ بالغين ، وهو من شغاف القلب وهو غلافه ، والمعنى : أنه أصاب شغاف قلبها ، وأن حبه صار محتويا على قلبها كاحتواء الشغاف عليه ، ويقرأ بالعين وهو من قولك : فلان مشغوف بكذا : أى مغرم به ومولع ، و (حبا) تمييز ، والاصل قد شغفها حبه ، والجملة مستأنفة ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في تراود أو من الفتى.
  قوله تعالى (وأعتدت) هومن العتاد ، وهو الشئ المهيأ للامر (متكأ) الجمهور على تشديد التاء والهمز من غير مد ، وأصل الكلمة موتكأ لانه من توكأت ، ويراد به المجلس الذى يتكأ فيه ، فأبدلت الواو تاء وأدغمت ، وقرئ شاذا بالمد والهمز ، والالف فيه ناشئة عن إشباع الفتحة ، ويقرأ بالتنوين من غير همز ، والوجه فيه أنه أبدل الهمزة ألفا ثم حذفها للتنوين.
  وقال ابن جنى : يجوز أن يكون من أو كيت السقاء ، فتكون الالف بدلا من الياء ووزنه مفتعل من ذلك ، ويقرأ بتخفيف التاء من غير همز ، ويقال المتك الاترج ( حاشى لله ) يقرأ بألفين وهو الاصل ، والجمهور على أنه هنا فعل وقد صرف منه أحاشى ، وأيد ذلك دخول اللام على اسم الله تعالى ولو كان حرف جر لما دخل على حرف جر ، وفاعله مضمر تقديره : حاشى يوسف :