قوله تعالى ( لَكِنَّا هُوَ ) الأصل لكن أنا فألقيت حركة الهمزة على النون ، وقيل حذفت حذفا وأدغمت النون في النون ، والجيد حذف الألف في الوصل وإثباتها في الوقف ، لأن أنا كذلك والألف فيه زائدة لبيان الحركة ، ويقرأ بإثباتها في الحالين وأنا مبتدأ ، وهو مبتدأ ثان ، و ( الله ) مبتدأ ثالث ، و ( ربى ) الخبر والياء عائدة على المبتدأ الأول ، ولا يجوز أن تكون لكن المشددة العاملة نصبا ، إذ لو كان كذلك لم يقع بعدها هو لأنه ضمير مرفوع ، ويجوز أن يكون اسم الله بدلا من هو.
  قوله تعالى ( مَا شَاءَ اللَّهُ ) في ( ما ) وجهان : أحدهما هي بمعنى الذى ، وهى مبتدأ والخبر محذوف : أو خبر مبتدأ محذوف : أي الأمر ما شاء الله.
  والثانى هي شرطية في موضع نصب يشاء ، والجواب محذوف : أي ما شاء الله كان ( إِلاَّ بِاللَّهِ ) في موضع رفع خبره ( أنا ) فيه وجهان : أحدهما هي فاصلة بين المفعولين.
  والثانى هو توكيد للمفعول الأول فموضعها نصب ، ويقرأ ( أقل ) بالرفع على أن يكون أنا مبتدأ ، وأقل خبره والجملة في موضع المفعول الثاني.
  قوله تعالى ( حسبانا ) هو جمع حسبانة ، و ( غورا ) مصدر بمعنى الفاعل : أي غائرا : وقيل التقدير : ذا غور.
  قوله تعالى ( يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) هذا هو المشهور ، ويقرأ ( تقلب ) أي تتقلب كفاه بالرفع ( عَلَى مَا أَنفَقَ ) يجوز أن يتعلق بيقلب ، وأن يكون حالا : أي متحسرا على ما أنفق فيها : أي في عمارتها ( ويقول ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يقلب ، وأن يكون معطوفا على يقلب.
  قوله تعالى ( وَلَمْ تَكُنْ لَهُ ) يقرأ بالتاء والياء وهما ظاهران ( ينصرونه ) محمول على المعنى لان الفئة ناس ، ولو كان تنصره لكان على اللفظ.
  قوله تعالى ( هنالك ) فيه وجهان : أحدهما هو ظرف ، والعامل فيه معنى الاستقرار في لله ، و ( الْوَلايَةُ ) مبتدأ ، و ( لله ) الخبر.
  والثانى هنالك خبر الولاية ، والولاية مرفوعة به ، ولله يتعلق بالظرف أو بالعامل في الظرف أو بالولاية ، ويجوز أن يكون حالا من الولاية فيتعلق بمحذوف ، والولاية بالكسر والفتح لغتان ، وقيل للكسر في الإمارة والفتح في النصرة ، و ( الحق ) بالرفع صفة الولاية ، أو خبر مبتدأ محذوف : أي هي الحق أو هو الحق ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، و ( هُوَ خَيْرٌ ) خبره ويقرأ بالجر نعتا لله تعالى.
  قوله تعالى ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يجوز أن تجعل اضرب بمعنى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 104 _

  اذكر فيتعدى إلى واحد ، فعلى هذا يكون ( كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ ) خبر مبتدأ محذوف : أي هو كماء ، وأن يكون بمعنى صير ، فيكون كماء مفعولا ثانيا ( فَاخْتَلَطَ بِهِ ) قد ذكر في يونس ( تذروه ) هو من ذرت الريح تذروه ذروا : أي فرقت ، ويقال ذرت تذرى ، وقد قرئ به ، ويقال أذرت تذرى كقولك أذريته عن فرسه إذا ألقيته عنها ، وقرئ به أيضا.
  قوله تعالى ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ ) أي واذكر يوم ، وقيل هو معطوف على عند ربك : أي الصالحات خير عند الله وخير يوم نسير.
  وفي نسير قراآت كلها ظاهرة ( وترى ) الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم ، وقيل لكل إنسان ، و ( بارزة ) حالا ( وحشرناهم ) في موضع الحال ، وقد مرادة : أي وقد حشرناهم.
  قوله تعالى ( صفا ) حال بمعنى مصطفين : أي مصفوفين ، والتقدير : يقال لهم ( لَقَدْ جِئْتُمُونَا ) أو مفعولا لهم ، فيكون حالا أيضا ، و ( بل ) هاهنا للخروج من قصة إلى قصة.
  قوله تعالى ( لا يُغَادِرُ ) في موضع الحال من الكتاب.
  قوله تعالى ( وَإِذْ قُلْنَا ) أي واذكر ( إِلاَّ إِبْلِيسَ ) استثناء من غير الجنس ، وقيل من الجنس ، و ( كَانَ مِنْ الْجِنِّ ) في موضع الحال ، وقد معه مرادة ( ففسق ) إنما أدخل الفاء هنا لأن معنى إلا إبليس امتنع ففسق ( بئس ) اسمها مضمر فيها ، والمخصوص بالذم محذوف : أي بئس البدل هو وذريته ، ( للظالمين ) حال من ( بدلا ) وقيل يتعلق ببئس.
  قوله تعالى ( مَا أَشْهَدْتُهُمْ ) أي إبليس وذريته ويقرأ أشهدناهم ( عضدا ) يقرأ بفتح العين وضم الضاد ، وبفتح العين وضمها مع سكون الضاد ، والإصل هو الأول ، والثانى تخفيف ، وفي الثالث نقل ، ولم يجمع لأن الجمع في حكم الواحد إذ كان المعنى أن جميع المضلين لا يصلح أن ينزلوا في الاعتضاد بهم منزلة الواحد ، ويجوز أن يكون اكتفى بالواحد عن الجمع.
  قوله تعالى ( وَيَوْمَ يَقُولُ ) أي واذكر يوم نقول ، ويقرأ بالنون والياء ، ( وبينهم ) ظرف ، وقيل هو مفعول به : أي وصيرنا وصلهم إهلاكا لهم.
  والموبق مكان وإن شئت كان مصدرا يقال وبق يبق وبوقا وموبقا ، ووبق يوبق وبقا قوله تعالى ( مصرفا ) أي انصرافا ، ويجوز أن يكون مكانا : أي لم يجدوا مكانا ينصرف إليه عنها والله أعلم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 105 _
  قوله تعالى ( مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ) أي ضربنا لهم مثلا من كل جنس من الأمثال والمفعول محذوف ، أو يخرج على قول الأخفش أن تكون من زائدة ( أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ) فيه وجهان : أحدهما أن شيئا هنا في معنى مجادل ، لأن أفعل يضاف إلى ما هو بعض له ، وتمييزه بجدلا يقتضى أن يكون الأكثر مجادلا ، وهذا من وضع العام موضع الخاص.
  والثانى أن في الكلام محذوفا تقديره : وكان جدال الإنسان أكثر شئ ثم ميزه.
  قوله تعالى ( أَنْ يُؤْمِنُوا ) مفعول منع ( أَنْ تَأْتِيَهُمْ ) فاعله ، وفيه حذف مضاف : أي إلا طلب أو انتظار أن تأتيهم.
  قوله تعالى ( وَمَا أُنْذِرُوا ) ( ما ) بمعنى الذى ، والعائد محذوف ، و ( هزوا ) مفعول ثان ، ويجوز أن تكون ( ما ) مصدرية.
  قوله تعالى ( أَنْ يَفْقَهُوهُ ) أي كراهية أن يفقهوه.
  قوله تعالى ( لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ ) مضارع محكى به الحال ، وقيل هو بمعنى الماضي والوعد هنا يصلح للمكان والمصدر ، والموئل مفعل من وأل يئل إذا لجأوا ، ويصلح لهما أيضا.
  قوله تعالى ( وتلك ) مبتدأ ، و ( أهلكناهم ) الخبر ، ويجوز أن يكون تلك في موضع نصب يفسره المذكور ، و ( لمهلكهم ) مفعل بضم الميم ، وفتح اللام وفيه وجهان : أحدهما هو مصدر بمعنى الإهلاك مثل المدخل.
  والثانى هو مفعول : أي لمن أهلك ، أو لما أهلك منها ، ويقرأ بفتحهما وهو مصدر هلك يهلك ، ويقرأ بفتح الميم وكسر اللام وهو مصدر أيضا ويجوز أن يكون زمانا وهو مضاف إلى الفاعل ويجوز أن يكون إلى المفعول على لغة من قال هلكته أهلكه ، والموعد زمان.
  قوله تعالى ( وَإِذْ قَالَ ) أي واذكر ( لا أَبْرَحُ ) فيه وجهان : أحدهما هي الناقصة وفي اسمها وخبرها وجهان : أحدهما خبرها محذوف : أي لا أبرح أسير ، والثانى الخبر ( حَتَّى أَبْلُغَ ) والتقدير : لا أبرح سيرى ، ثم حذف الإسم وجعل ضمير المتكلم عوضا منه ، فأسند الفعل إلى المتكلم.
  والوجه الآخر هي التامة ، والمفعول محذوف أي لا أفارق السير حتى أبلغ ، كقولك : لا أبرح المكان : أي لا أفارق ( أَوْ أَمْضِيَ ) في ( أو ) وجهان : أحدهما هي لأحد الشيئين : أي أسير حتى يقع إما بلوغ المجمع أو مضى الحقب.
  والثانى أنها بمعنى إلا أن : أي إلا أن أمضى زمانا أتيقن معه فوات مجمع البحرين ، والمجمع ظرف ، ويقرأ بكسر الميم الثانية حملا على المغرب والمطلع.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 106 _
  قوله تعالى ( سبيله ) الهاء تعود على الحوت ، و ( فِي الْبَحْرِ ) يجوز أن يتعلق باتخذ ، وأن يكون حالا من السبيل أو من ( سربا ).
  قوله تعالى ( أَنْ أَذْكُرَهُ ) في موضع نصب بدلا من الهاء في أنسانيه : أي ماأنسانى ذكره ، وكسر الهاء وضمها جائزان ، وقد قرئ بهما ( عجبا ) مفعول ثان لاتخذ ، وقيل هو مصدر : أي قال موسى عجبا ، فعلى هذا يكون المفعول الثاني لاتخذ في البحر.
  قوله تعالى ( نبغى ) الجيد إثبات الياء ، وقد قرئ بحذفها على التشبيه بالفواصل وسهل ذلك أن الهاء لا تضم هاهنا ( قصصا ) مصدر : فارتدا على المعنى ، وقيل هو مصدر فعل محذوف : أي يقصان قصصا ، وقيل هو في موضع الحال : أي مقتصين و ( علما ) مفعول به ، ولو كان مصدرا لكان تعليما.
  قوله تعالى ( عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ ) هو في موضع الحال : أي أتبعك بإذلالى ، والكاف صاحب الحال ، و ( رشدا ) مفعول تعلمن ، ولايجوز أن يكون مفعول علمت لأنه لا عائد إذن على الذى ، وليس بحال من العائد المحذوف ، لأن المعنى على ذلك يبرز والرشد والرشد لغتان وقد قرئ بهما.
  قوله تعالى ( خبرا ) مصدر ، لأن تحيط بمعنى تخبر.
  قوله تعالى ( تسألني ) يقرأ بسكون اللام وتخفيف النون وإثبات الياء ، وبفتح اللام وتشديد النون ، ونون الوقاية محذوفة ، ويجوز أن تكون النون الخفيفة دخلت على نون الوقاية ، ويقرأ بفتح النون وتشديدها.
  قوله تعالى ( لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا ) يقرأ بالتاء على الخطاب مشددا ومخففا ، وبالياء وتسمية الفاعل.
  قوله تعالى ( عسرا ) هو مفعول ثان لتزهق ، لأن المعنى لاتولنى أو تغشني.
  قوله تعالى ( بِغَيْرِ نَفْسٍ ) الباء تتعلق بقتلت أي قتلته بلا سبب ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف : أي قتلا بغير نفس ، وأن تكون في موضع الحال : أي قتلته ظالما أو مظلوما ، والنكر والنكر لغتان قد قرئ بهما ، وشيئا مفعول : أي أتيت شيئا منكرا ، ويجوز أن يكون مصدرا أي مجيئا منكرا.
  قوله تعالى ( مِنْ لَدُنِّي ) يقرأ بتشديد النون ، والاسم لدن ، والنون الثانية وقاية وبتخفيفها وفيه وجهان : أحدهما هو كذلك إلا أنه حذف نون الوقاية كما قالوا

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 107 _
  قدنى وقدى.
  والثانى أصله ولد وهى لغة فيها ، والنون للوقاية ، و ( عذرا ) مفعول به كقولك : بلغت الغرض.
  قوله تعالى ( اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ) هو جواب إذا ، وأعاد ذكر الأهل توكيدا ( أَنْ يَنقَضَّ ) بالضاد المعجمة المشددة من غير ألف ، وهو من السقوط شبه بانقضاض الطائر ، ويقرأ بالتخفيف على ما لم يسم فاعله من النقض ، ويقرأ بالألف والتشديد مثل يحمار ، ويقرأ كذلك بغير تشديد ، وهو من قولك انقضاض البناء إذا تهدم ، وهو ينفعل ، ويقرأ بالضاد مشددة من قولك انقاضت السن إذا انكسرت ( لتخذت ) يقرأ بكسر الخاء مخففة ، وهو من تخذ يتخذ إذا عمل شيئا ، ويقرأ بالتشديد وفتح الخاء وفيه وجهان : أحدهما هو افتعل من تخذه.
  والثانى أنه من الأخذ وأصله أيتخذ ، فأبدلت الياء تاء وأدغمت ، وأصل الياء الهمزة.
  قوله تعالى ( فِرَاقُ بَيْنِي ) الجمهور على الإضافة ، أي تفريق وصلنا ، ويقرأ بالتنوين ، وبين منصوب على الظرف.
  قوله تعالى ( غصبا ) مفعول له أو مصدر في موضع الحال ، أو مصدر أخذ من معناه.
  قوله تعالى ( مؤمنين ) خبر كان ، ويقرأ شاذا بالألف على أن في كان ضمير الغلام أو الشأن ، والجملة بعدها خبرها.
  قوله تعالى ( زكاة ) تمييز ، والعامل خيرا منه ، و ( رحما ) كذلك ، والتسكين والضم لغتان.
  قوله تعالى ( رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) مفعول له أو موضع الحال.
  قوله تعالى ( مِنْهُ ذِكْراً ) أي من إخباره ، فحذف المضاف.
  قوله تعالى ( مَكَّنَّا لَهُ ) المفعول محذوف : أي أمره.
  قوله تعالى ( فأتبع ) يروى بوصل الهمزة والتشديد ، و ( سببا ) مفعوله ، ويقرأ بقطع الهمزة والتخفيف ، وهو متعد إلى اثنين أي أتبع سببا سببا.
  قوله تعالى ( حمئة ) يقرأ بالهمز من غير ألف ، وهو من حمئت البئر تحمأ إذا صارت فيها حمأة ، وهو الطين الأسود ، ويجوز تخفيف الهمزة ، ويقرأ بالألف من غير همز ، وهو مخفف من المهموز أيضا ، ويجوز أن يكون من حمى الماء إذا اشتد حره ، كقوله تعالى ( نَاراً حَامِيَةً ) ( إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ ) ( أن ) في موضع رفع

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 108 _
  بالأبتداء ، والخبر محذوف : أي إما العذاب واقع منك بهم ، وقيل هو خبر : أي إما هو أن تعذب وإما الجزاء أن تعذب ، وقيل هو في موضع نصب : أي إما توقع أن تعذب أو تفعل ( حسنا ) أي أمرا ذا حسن.
  قوله تعالى ( جَزَاءً الْحُسْنَى ) يقرأ بالرفع والإضافة ، وهو مبتدأ أو مرفوع بالظرف ، والتقدير : فله جزاء الخصلة الحسنى بدل ، ويقرأ بالرفع والتنوين ، والحسنى بدل أو خبر مبتدأ محذوف ، ويقرأ بالنصب والتنوين : أي فله الحسنى جزاء ، فهو مصدر في موضع الحال : أي مجزيا بها ، وقيل هو مصدر على المعنى : أي يجزى بها جزاء ، وقيل تمييز ، ويقرأ بالنصب من غير تنوين ، وهو مثل المنون إلا أنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين ( مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً ) أي شيئا ذا يسر.
  قوله تعالى ( مَطْلِعَ الشَّمْسِ ) يجوز أن يكون مكانا ، وأن يكون مصدرا ، والمضاف محذوف : أي مكان طلوع الشمس.
  قوله تعالى ( كذلك ) أي الأمر كذلك ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف.
  قوله تعالى ( بَيْنَ السَّدَّيْنِ ) بين هاهنا مفعول به ، والسد بالفتح مصدر سد ، وهو بمعنى المسدود ، وبالضم اسم للمسدود ، وقيل المضموم ماكان من خلق الله ، والمفتوح ماكان من صنعة الآدمى ، وقيل هما لغتان بمعنى واحد وقد قرئ بهما.
  قوله تعالى ( يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ) هما اسمان أعجميان لم ينصرفا للعجمة والتعريف ويجوز همزهما وترك همزهما ، وقيل هما عربيان ، فيأجوج يفعول مثل يربوع ، ومأجوج مفعول مثل معقول ، وكلاهما من أج الظليم إذا أسرع ، أن من أجت النار إذا التهبت ، ولم ينصرفا للتعريف والتأنيث.
  والخرج يقرأ بغير ألف مصدر خرج ، والمراد به الأجر ، وقيل هو بمنى مخرج ، والخراج بالألف وهو بمعنى الأجر أيضا ، وقيل هو المال المضروب على الأرض أو الرقاب.
  قوله تعالى ( مَا مَكَّنَنِي فِيهِ ) يقرأ بالتشديد على الإدغام ، وبالإظهار على الأصل و ( ما ) بمعنى الذى وهو مبتدأ ، و ( خير ) خبره ( بقوة ) أي برجال ذى ذوى قوة أو متقوى به ، والردم بمعنى المردوم به أو الرادم ( آتونى ) يقرأ بقطع الهمزة والمد : أي أعطوني ، وبوصلها : أي جيؤنى ، والتقدير : بزبر الحديد ، أو هو بمعنى أحضروا لأن جاء وحضر متقاربان ، و ( الصدفين ) يقرأ بضمتين ، وبضم الأول وإسكان الثاني ، وبفتحتين ، وبفتح الأول وإسكان الثاني ، وبفتح الأول

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 109 _
  وضم الثاني وكلها لغات ، والصدف جانب الجبل ( قطرا ) مفعول آتونى ومفعول أفرغ محذوف : أي أفرغه ، وقال الكوفيون : هو مفعول أفرغ ، ومفعول الأول محذوف.
  قوله تعالى ( فَمَا اسْتَطَاعُوا ) يقرأ بتخفيف الطاء.
  أي استطاعوا ، وحذف التاء تخفيفا : ويقرأ بتشديدها وهو بعيد لما فيه من الجمع بين الساكنين.
  قوله تعالى ( دكاء ) ودكا قد ذكر في الأعراف.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ كَانَتْ ) في موضع جر صفة للكافرين ، أو نصب بإضمار أعنى : أو رفع بإضمارهم.
  قوله تعالى ( أفحسب ) يقرأ بكسر السين على أنه فعل ( أَنْ يَتَّخِذُوا ) سد مسد المفعولين ، ويقرأ بسكون السين ورفع الباء على الابتداء ، والخبر أن يتخذوا.
  قوله تعالى ( هَلْ نُنَبِّئُكُمْ ) يقرأ بالإظهار على الأصل ، وبالإدغام لقرب مخرج الحرفين ، ( أعمالا ) تمييز ، وجاز جمعه لأنه منصوب عن أسماء الفاعلين.
  قوله تعالى ( فَلا نُقِيمُ لَهُمْ ) يقرأ بالنون والياء وهو ظاهر ، ويقرأ يقوم ، والفاعل مضمر : أي فلا يقوم عملهم أو سعيهم أو صنيعهم ، و ( وزنا ) تمييز أو حال.
  قوله تعالى ( ذلك ) أي الأمر ذلك ، ومابعده مبتدأ وخبر ، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ ، و ( جزاؤهم ) مبتدأ ثان ، و ( جهنم ) خبره ، والجملة خبر الأول ، والعائد محذوف : أي جزاؤهم به ، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ ، وجزاؤهم بدلا أو عطف بيان ، وجهنم الخبر ، ويجوز أن تكون جهنم بدلا من جزاء أو خبر ابتداء محذوف ، أي هو جهنم ، و ( بِمَا كَفَرُوا ) خبر ذلك ، ولايجوز أن تتعلق الباء بجزاؤهم للفصل بينهما بجهنم ( واتخذوا ) يجوز أن يكون معطوفا على كفروا ، وأن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى ( نزلا ) يجوز أن يكون حالا من جنات ، ولهم الخبر ، وأن يكون نزلا خبر كان ولهم يتعلق بكان أو بالخبر أو على التبيين.
  قوله تعالى ( لا يَبْغُونَ ) حال من الضمير في خالدين.
  والحلول مصدر بمعنى التحول.
  قوله تعالى ( مددا ) هو تمييز ، ومدادا بالألف مثله في المعنى.
  قوله تعالى ( أَنَّمَا إِلَهُكُمْ ) أن هاهنا مصدرية ، ولا يمنع من ذلك دخول ( ما )

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 110 _
  الكافة عليها ، و ( بِعِبَادَةِ رَبِّهِ ) أي في عبادة ربه ، ويجوز أن تكون على بابها : أي بسبب عبادة ربه ، والله أعلم.

سورة مريم عليها السلام
بسم الله الرحمن الرحيم

  قد ذكرنا الكلام على الحروف المقطعة في أول البقرة فليتأمل من ثم.
  قوله تعالى ( عص ) يقرأ بإخفاء النون عند الصاد لمقاربتها إياها واشتراكهما في الفم ، ويقرأ بإظهارها لأن الحروف المقطعة يقصد تمييز بعضها عن بعض إيذانا بأنها مقطعة ، ولذلك وقف بعضهم على كل حرف منها وقفة يسيرة ، وإظهار النون يؤذن بذلك.
  قوله تعالى ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ) في ارتفاعه ثلاثة أوجه أحدها هو خبر مبتدأ محذوف : أي هذا ذكر.
  والثانى هو مبتدأ والخبر محذوف : أي فيما يتلى عليك ذكر.
  والثالث هو خبر الحروف المقطعة ذكره الفراء وفيه بعد لأن الخبر هو المبتدأ في المعنى وليس في الحروف المقطعة ذكر الرحمة ، ولا في ذكر الرحمة معناها ، وذكر مصدر مضاف إلى المفعول ، والتقدير : هذا أن ذكر ربك رحمته عبده ، وقيل هو مضاف إلى الفاعل على الاتساع ، والمعنى : هذا إن ذكرت رحمة ربك ، فعلى الأول ينتصب عبده برحمة ، وعلى الثاني بذكر ، ويقرأ في الشاذ ( ذكر ) على الفعل الماضي ، ورحمة مفعول ، وعبده فاعل ، و ( زكريا ) بدل على الوجهين من عبده ، ويقرأ بتشديد الكاف ورحمة وعبده بالنصب : أي هذا القرآن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أو الأمة ، و ( إذ ) ظرف لرحمة أو لذكر.
  قوله تعالى ( شيبا ) نصب على التمييز ، وقيل هو مصدر في موضع الحال ، وقيل هو منصوب على المصدر من معنى اشتعل لأن معناه شاب ، و ( بدعائك ) مصدر مضاف إلى المفعول : أي بدعائي إياك.
  قوله تعالى ( خِفْتُ الْمَوَالِيَ ) فيه حذف مضاف : أي عدم الموالى أو جور الموالى ويقرأ خفت بالتشديد وسكون التاء ، والموالي فاعل : أي نقص عددهم ، والجمهور على المد وإثبات الياء في ( ورائي ) ويقرأ بالقصر وفتح الياء ، وهو قصر الممدود.
  قوله تعالى ( يرثنى ) يقرأ بالجزم فيهما على الجواب : أي أن يهب يرث ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 111 _
  وبالرفع فيهما على الصفة لولى ، وهو أقوى من الأولى لأنه سأل وليا هذه صفته ، والجزم لا يحصل بهذا المعنى وقرئ شاذا يرثنى وارث على أنه اسم فاعل ، و ( رضيا ) أي مرضيا ، وقيل راضيا ، ولام الكلمة واو وقد تقدم ، و ( سميا ) فعيل بمعنى مساميا ، ولام الكلمة واو من سما يسمو.
  قوله تعالى ( عتيا ) أصله عتو على فعول ، مثل قعود وجلوس ، إلا أنهم استثقلوا توالى الضمتين والواوين فكسروا التاء فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، ثم قلبت الواو التى هي لام ياء لسبق الأولى بالسكون ، ومنهم من يكسر العين إتباعا ويقرأ بفتحها على أنها مصدر على فعيل ، وكذلك بكى وصلى وهو منصوب ببلغت : أي بلغت العتى من الكبر : أي من أجل الكبر ، ويجوز أن تكون حالا من عتى ، وأن تتعلق ببلغت ، وقيل ( من ) زائدة ، وعتيا مصدر مؤكد أو تمييز أو مصدر في موضع الحال من الفاعل.
  قوله تعالى ( قَالَ كَذَلِكَ ) أي الأمر كذلك ، وقيل هو في موضع نصب : أي أفعل مثل ما طلبت ، وهو كناية عن مطلوبه.
  قوله تعالى ( سويا ) حال من الفاعل في تكلم.
  قوله تعالى ( أَنْ سَبِّحُوا ) يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى أي ، و ( بقوة ) مفعول أو حال ( وحنانا ) معطوف على الحكم : أي وهبنا له تحننا ، وقيل هو مصدر ( وبرا ) أي وجعلناه برا ، وقيل هو معطوف على خبر كان.
  قوله تعالى ( إِذْ انتَبَذَتْ ) في ( إذ ) أربعة أوجه : أحدها أنها ظرف والعامل فيه محذوف تقديره : واذكر خبر مريم إذ انتبذت.
  والثانى أن تكون حالا من المضاف المحذوف.
  والثالث أن يكون منصوبا بفعل محذوف : أي وبين إذ انتبذت فهو على كلام آخر كما قال سيبويه في قوله تعالى ( انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ ) وهو في الظرف أقوى وإن كان مفعولا به.
  والرابع أن يكون بدلا من مريم بدل الاشتمال ، لأن الأحيان تشتمل على الجثث ، ذكره الزمخشري وهو بعيد ، لأن الزمان إذا لم يكن حالا من الجثة ولا خبرا عنها ولا وصفا لها لم يكن بدلا منها ، وقيل ( إذ ) بمعنى أن المصدرية كقولك : لاأكرمك إذ لم تكرمني : أي لأنك لم تكرمني ، فعلى هذا يصح بدل الاشتمال : أي واذكر مريم انتباذها ، و ( مكانا ) ظرف ، وقيل مفعول به على المعنى إذ أتت مكانا ( بَشَراً سَوِيّاً ) حال.
  قوله تعالى ( لاهب ) يقرأ بالهمز وفيه وجهان : أحدهما أن الفاعل الله تعالى ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 112 _
  والتقدير : قال لأهب لك.
  والثانى الفاعل جبريل عليه السلام ، وأضاف الفعل إليه لأنه سبب فيه.
  ويقرأ بالياء وفيه وجهان : أحدهما أن أصلها الهمزة قلبت ياء للكسر قبلها تخفيفا.
  والثانى ليهب الله.
  قوله تعالى ( بغيا ) لام الكلمة ياء ، يقال بغت تبغى ، وفى وزنه وجهان : أحدهما هو فعول : فلما اجتمعت الواو والياء قلبت الواو ياء وأدغمت وكسرت الغين إتباعا ، ولذلك لم تلحق تاء التأنيث كما لم تلحق في امرأة صبور وشكور.
  والثانى هو فعيل بمعنى فاعل ، ولم تلحق التاء أيضا للمبالغة ، وقيل لم تلحق لأنه على النسب مثل طالق وحائض.
  قوله تعالى ( كذلك ) أي الأمر كذلك ، وقيل التقدير : قال ربك مثل ذلك و ( هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ) مستأنف على هذا القول ( وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ ) أي ولنجعله آية للناس خلقناه من غير أب وقيل التقدير : نهبه لك ولنجعله ( وَكَانَ أَمْراً ) أي وكان خلقه أمرا.
  قوله تعالى ( فَانتَبَذَتْ بِهِ ) الجار والمجرور حال : أي فانتبذت وهو معها.
  قوله تعالى ( فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ ) الأصل جاءها ، ثم عدى بالهمزة إلى مفعول ثان ، واستعمل بمعنى ألجأها ، ويقرأ بغير همز على فاعلها ، وهو من المفاجأة ، وترك الهمزة الأخيرة تخفيفا ، والمخاض بالفتح وجع الولادة ، ويقرأ بالكسر وهما لغتان ، وقيل الفتح اسم للمصدر مثل السلام والعطاء ، والكسر مصدر مثل القتال ، وجاء على فعال مثل الطراق والعقاب.
  قوله تعالى ( يَا لَيْتَنِي ) قد ذكر في النساء ( نسيا ) بالكسر ، وهو بمعنى المنسى وبالفتح : أي شيئا حقيرا ، وهو قريب من معنى الأول ، ويقرأ بفتح النون وهمزة بعد السين ، وهو من نسأت اللبن إذا خالطت به ماء كثيرا ، وهو في معنى الأول أيضا ، و ( منسيا ) بالفتح والكسر على الإتباع شاذ مثل المغيرة.
  قوله تعالى ( مِنْ تَحْتِهَا ) يقرأ بفتح الميم ، وهو فاعل نادى ، والمراد به عيسى صلى الله عليه وسلم ، أي من تحت ذيلها ، وقيل المراد من دونها ، وقيل المراد به جبريل عليه السلام ، وهو تحتها في المكان كما تقول : دارى تحت دارك ، ويقرأ بكسر الميم والفاعل مضمر في الفعل ، وهو عيسى أو جبريل صلوات الله عليهما ، والجار على هذا حال أو ظرف ، و ( أَنْ لا ) مصدرية أو بمعنى أي.
  قوله تعالى ( بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ) الباء زائدة : أي أميلى إليك ، وقيل هي محمولة

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 113 _
  على المعنى ، والتقدير : هزى الثمرة بالجذع : أي انفضى ، وقيل التقدير : وهزى إليك رطبا جنيا كائنا بجذع النخلة فالباء على هذا حال ( تساقط ) يقرأ على تسعة أوجه : بالتاء والتشديد ، والأصل تتساقط وهو أحد الأوجه 7.
  والثالث بالياء والتشديد والأصل يتساقط فأدغمت التاء في السين.
  والرابع بالتاء والتخفيف على حذف الثانية والفاعل على هذه الأوجه النخلة ، وقيل الثمرة لدلالة الكلام عليها.
  والخامس بالتاء والتخفيف وضم القاف.
  والسادس كذلك إلا أنه بالياء والفاعل الجذع أو الثمر.
  والسابع ( تساقط ) بتاء مضمومة وبالألف وكسر القاف.
  والثامن كذلك إلا أنه بالياء والتاسع ( تسقط ) بتاء مضمومة وكسر القاف من غير ألف ، وأظن أنه يقرأ كذلك بالياء ، و ( رطبا ) فيه أربعة أوجه : أحدها هو حال موطئة ، وصاحب الحال الضمير في الفعل.
  والثانى هو مفعول به لتساقط.
  والثالث هو مفعول هزى.
  والرابع هو تمييز ، وتفصيل هذه الأوجه يتبين بالنظر في القراءات ، فيحمل كل منها على ما يليق به ، و ( جنيا ) بمعنى مجنى ، وقيل هو بمعنى فاعل : أي طريا.
  قوله تعالى ( وقرى ) يقرأ بفتح القاف والماضي منه قررت يا عين بكسر الراء والكسر قراءة شاذة ، وهى لغة شاذة ، والماضي قررت يا عين بفتح الراء ، و ( عينا ) تمييز ، و ( ترين ) أصله ترأيين مثل ترغبين ، فالهمزة عين الفعل ، والياء لامه ، وهو مبنى هنا من أجل نون التوكيد مثل لتضربن ، فألقيت حركة الهمزة على الراء وحذفت اللام للبناء كما تحذف في الجزم ، وبقيت ياء الضمير وحركت لسكونها وسكون النون بعدها ، فوزنه يفين ، وهمزة هذا الفعل تحذف في المضارع أبدا ، ويقرأ ترين بإسكان الياء وتخفيف النون على أنه لم يجزم بإما وهو بعيد ، و ( مِنْ الْبَشَرِ ) حال من ( أحدا ) أو مفعول به.
  قوله تعالى ( فَأَتَتْ بِهِ ) الجار والمجرور حال ، وكذلك ( تحمله ) وصاحب الحال مريم ، ويجوز أن يجعل تحمله حالا من ضمير عيسى عليه السلام ، و ( جئت ) أي فعلت فيكون ( شيئا ) مفعولا ، ويجوز أن يكون مصدرا : أي مجيئا عظيما.
  قوله تعالى ( مَنْ كَانَ ) كان زائدة : أي من هو في المهد ، و ( صبيا ) حال من الضمير في الجار والضمير المنفصل المقدر كان متصلا بكان ، وقيل كان الزائدة لا يستتر فيها ضمير فعلى هذا لا تحتاج إلى تقدير هو ، بل يكون الظرف صلة من ، وقيل ليست زائدة بل هي كقوله ( وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) وقد ذكر ، وقيل هي بمعنى صار ، وقيل هي التامة ، ومن بمعنى الذى ، وقيل شرطية وجوابها كيف.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 114 _
  قوله تعالى ( وبرا ) معطوف على مباركا ، ويقرأ في الشاذ بكسر الباء والراء ، وهو معطوف على الصلاة ، ويقرأ بكسر الباء وفتح الراء : أي وألزمني برا ، أو جعلتني ذا بر ، فحذف المضاف أو وصفه بالمصدر.
  قوله تعالى ( والسلام ) إنما جاءت هذه بالألف واللام لأن التى في قصة يحيى عليه السلام نكرة ، فكان المراد بالثاني الأول كقوله تعالى ( كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) وقيل النكرة والمعرفة في مثل هذا سواء ( يَوْمَ وُلِدْتُ ) ظرف ، والعامل فيه الخبر الذى هو على ، ولا يعمل فيه السلام للفصل بينهما بالخبر.
  قوله تعالى ( ذلك ) مبتدأ ، و ( عيسى ) خبره ، و ( ابْنُ مَرْيَمَ ) نعت أو خبر ثان ، و ( قَوْلَ الْحَقِّ ) كذلك ، وقيل هو خبر مبتدإ محذوف ، وقيل عيسى عليه السلام بدل أو عطف بيان وقول الحق الخبر ، ويقرأ قول الحق بالنصب على المصدر أي أقول قول الحق ، وقيل هو حال من عيسى ، وقيل التقدير : أعنى قول الحق ، ويقرأ قال الحق ، والقال اسم للمصدر مثل القيل ، وحكى قول الحق بضم القاف مثل الروح وهى لغة فيه.
  قوله تعالى ( وَإِنَّ اللَّهَ ) بفتح الهمزة.
  وفيه وجهان : أحدهما هو معطوف على قوله بالصلاة : أي وأوصاني بأن الله ربى.
  والثانى هو متعلق بما بعده ، والتقدير : لأن الله ربى وربكم فاعبدوه : أي لوحدانيته أطيعوه ، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.
  قوله تعالى ( أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ ) لفظه لفظ الأمر ومعناه التعجب ، وبهم في موضع رفع كقولك : أحسن بزيد أي أحس زيد.
  وحكى عن الزجاج أنه أمر حقيقة ، والجار والمجرور نصب ، والفاعل مضمر فهو ضمير المتكلم ، كأن المتكلم يقول لنفسه : أوقع به سمعا أو مدحا ، و ( اليوم ) ظرف والعامل فيه الظرف الذى بعده.
  قوله تعالى ( إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ ) ( إذ ) بدل من يوم أو ظرف للحسرة ، وهو مصدر فيه الألف واللام ، وقد عمل.
  قوله تعالى ( إِذْ قَالَ لأَبِيهِ ) في ( إذ ) وجهان : أحدهما هي مثل إذ انتبذت في أوجهها ، وقد فصل بينهما بقوله ( إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً ).
  والثانى أن ( إذ ) ظرف ، والعامل فيه صديقا نبيا أو معناه.
  قوله تعالى ( أَرَاغِبٌ أَنْتَ ) مبتدأ ، وأنت فاعله ، وأغنى عن الخبر ، وجاز

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 115 _
  الابتداء بالنكرة لاعتمادها على الهمزة ، و ( مليا ) ظرف : أي دهرا طويلا ، وقيل هو نعت لمصدر محذوف.
  قوله تعالى ( وَكُلاًّ جَعَلْنَا ) هو منصوب بجعلنا.
  قوله تعالى ( نجيا ) هو حال ، و ( هرون ) بدل ، و ( نبيا ) حال.
  قوله تعالى ( مَكَاناً عَلِيّاً ) ظرف.
  قوله تعالى ( مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ ) هو بدل من النبيين بإعادة الجار ، و ( سجدا ) حال مقدرة لأنهم غير سجود في حال خرورهم ( وبكيا ) قد ذكر ، و ( غيا ) أصله غوى فأدغمت الواو في الياء.
  قوله تعالى ( جَنَّاتِ عَدْنٍ ) من كسر التاء أبدله من الجنة في الآية قبلها ، ومن رفع فهو خبر مبتدإ محذوف ( إنه ) الهاء ضمير اسم الله تعالى ، ويجوز أن تكون ضمير الشأن ، فعلى الأول يجوز أن لا يكون في كان ضمير ، وأن يكون فيه ضمير و ( وعده ) بدل منه بدل الاشتمال ، و ( مأتيا ) على بابه ، لأن ما تأتيه فهو يأتيك ، وقيل المراد بالوعد الجنة : أي كان موعده مأتيا وقيل مفعول هنا بمعنى فاعل ، وقد ذكر مثله في سبحان.
  قوله تعالى ( وَمَا نَتَنَزَّلُ ) أي وتقول الملائكة.
  قوله تعالى ( رَبُّ السَّمَوَاتِ ) خبر مبتدإ محذوف ، أو مبتدأ والخبر ( فاعبده ) على رأى الأخفش في جواز زيادة الفاء.
  قوله تعالى ( أئذا ) العامل فيها فعل دل عليه الكلام : أي أبعث إذا ، ولايجوز أن يعمل فيها ( أخرج ) لأن ما بعد اللام وسوف لا يعمل فيما قبلها مثل إن.
  قوله تعالى ( يذكر ) بالتشديد : أي يتذكر ، وبالتخفيف منه أيضا ، أو من الذكر باللسان ( جثيا ) قد ذكر في عتيا وبكيا ، وأصله جثو ومصدرا كان أو جمعا.
  قوله تعالى ( أَيُّهُمْ أَشَدُّ ) يقرأ بالنصب شاذا ، والعامل فيه لننزعن ، وهى بمعنى الذى ، ويقرأ بالضم ، وفيه قولان : أحدهما أنها ضمة بناء وهو مذهب سيبويه ، وهى بمعنى الذى ، وإنما بنيت هاهنا لأن أصلها البناء لأنها بمنزلة الذى ، ( ومن ) من الموصولات إلا أنها أعربت حملا على كل أو بعض ، فإذا وصلت بجملة تامة بقيت على الإعراب ، وإذا حذف العائد عليها بنيت لمخالفتها بقية الموصولات فرجعت إلى حقها من البناء بخروجها عن نظائرها ، وموضعها نصب بننزع.
  والقول الثاني هي

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 116 _
  ضمة الإعراب.
  وفيه خمسة أقوال : أحدها أنها مبتدأ وأشد خبره وهو على الحكاية ، والتقدير : لننزعن من كل شيعة الفريق الذى يقال أيهم ، فهو على هذا استفهمام وهو قول الخليل.
  والثانى كذلك في كونه مبتدأ وخبرا واستفهاما ، إلا أن موضع الجملة نصب بننزعن ، وهو فعل معلق عن العمل ومعناه التمييز ، فهو قريب من معنى العلم الذى يجوز تعليقه كقولك : علمت أيهم في الدار ، وهو قول يونس.
  والثالث أن الجملة مستأنفة ، وأى استفهام ، ومن زائدة : أي لننزعن كل شيعة ، وهو قول الأخفش والكسائي ، وهما يجيزان زيادة من في الواجب.
  والرابع أن أيهم مرفوع بشيعة ، لأن معناه تشيع ، والتقدير : لننزعن من كل فريق يشيع أيهم ، وهو على هذا بمعنى الذى ، وهو قول المبرد.
  والخامس أن ننزع علقت عن العمل ، لأن معنى الكلام معنى الشرط ، والشرط لا يعمل فيما قبله ، والتقدير : لننزعنهم تشيعوا أو لم يتشيعوا ، أو إن تشيعوا ، ومثله لأضربن أيهم غضب : أي إن غضبوا أو لم يغضبوا ، وهو قول يحيى عن الفراء ، وهو أبعدها عن الصواب.
  قوله تعالى ( وَإِنْ مِنْكُمْ ) أي وما أحد منكم فحذف الموصوف ، وقيل التقدير : وما منكم إلا من هو واردها ، وقد تقدم نظائرها.
  قوله تعالى ( مقاما ) يقرأ بالفتح وفيه وجهان : أحدهما هو موضع الإقامة.
  والثانى هو مصدر كالإقامة ، وبالضم وفيه الوجهان.
  ولام الندى واو ، يقال ندوتهم : أي أتيت ناديهم وجلست في النادى ، ومصدره الندو.
  قوله تعالى ( وكم ) منصوب ب ( أهلكنا ) و ( هُمْ أَحْسَنُ ) صفة لكم ، و ( رئيا ) يقرأ بهمزة ساكنة بعد الواو وهو من الرؤية : أي أحسن منظرا ، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه قلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ثم أدغم.
  والثانى أن تكون من الرى ضد العطش ، لأنه يوجب حسن البشرة ويقرأ ريئا بهمزة بعد ياء ساكنة وهو مقلوب.
  يقال في رأى أرى ، ويقرأ بياء خفيفة من غير همز ، ووجهها أنه نقل حركة الهمزة إلى الياء وحذفها ، ويقرأ بالزاى والتشديد : أي أحسن زينة ، وأصله من زوى يزوى لأن المتزين يجمع ما يحسنه.
  قوله تعالى ( قُلْ مَنْ كَانَ ) هي شرطية والأمر جوابها ، والأمر هنا بمعنى الخبر : أي فليمدن له ، والأمر أبلغ لما يتضمنه من اللزوم ، و ( حتى ) يحكى ما بعدها هاهنا ، وليست متعلقة بفعل ( إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ ) كلاهما بدل مما يوعدون ( فسيعلمون ) جواب إذا ( ويزيد ) معطوف على معنى فليمدد : أي فيمد

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 117 _
  ويزيد من هو ، فيه وجهان : أحدهما هي بمعنى الذى ، وهو ( شر ) صلتها وموضع من نصب بيعلمون.
  والثانى هي استفهام ، وهو فصل وليست مبتدأ.
  قوله تعالى ( وولدا ) يقرأ بفتح الواو واللام وهو واحد ، وقيل يكون جمعا أيضا ، ويقرأ بضم الواو وسكون اللام ، وهو جمع ولد مثل أسد وأسد ، وقيل يكون واحدا أيضا ، وهى لغة والكسر لغة أخرى.
  قوله تعالى ( أطلع ) الهمزة همزة استفهام لأنها مقابلة لأم وهمزة الوصل محذوفة لقيام همزة الاستفهام مقامها ، ويقرأ بالكسر على أنها همزة وصل ، وحرف الاستفهام محذوف لدلالة أم عليه.
  قوله تعالى ( كلا ) يقرأ بفتح الكاف من غير تنوين ، وهى حرف معناه الزجر عن قول منكر يتقدمها ، وقيل هي بمعنى حقا ، ويقرأ بالتنوين ، وفيه وجهان : أحدهما هي مصدر كل : أي أعيا : أي كلوا في دعواهم وانقطعوا.
  والثانى هي بمعنى النقل : أي حملوا كلا ، ويقرأ بضم الكاف والتنوين وهو حال : أي سيكفرون جميعا وفيه بعد ( بعبادتهم ) المصدر مضاف إلى الفاعل : أي سيكفر المشركون بعبادتهم الأصنام ، وقيل هو مضاف إلى المفعول : أي سيكفر المشركون بعبادة الأصنام ، وقيل سيكفر الشياطين بعبادة المشركين إياهم ، و ( ضدا ) واحد في معنى الجمع ، والمعنى أن جميعهم في حكم واحد لأنهم متفقون على الإضلال.
  قوله تعالى ( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ ) في ( ما ) وجهان أحدهما هو بدل من الهاء ، وهى بدل الاشتمال : أي نرث قوله.
  والثانى هو مفعول به : أي نرث منه قوله.
  قوله تعالى ( يَوْمَ نَحْشُرُ ) العامل فيه لا يملكون ، وقيل ( نَعُدُّ لَهُمْ ) وقيل تقديره : اذكر ، و ( وفدا ) جمع وافد مثل راكب وركب وصاحب وصحب.
  والورد اسم لجمع وارد ، وقيل هو بمعنى وارد ، والورد العطاش ، وقيل هو محذوف من وارد وهو بعيد ( لا يَمْلِكُونَ ) حال ( إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ ) في موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، وقيل هو متصل على أن يكون الضمير في يملكون للمتقين والمجرمين ، وقيل هو في موضع رفع بدلا من الضمير في يملكون.
  قوله تعالى ( شَيْئاً إِدّاً ) الجمهور على كسر الهمزة وهو العظيم ، ويقرأ شاذا بفتحها على أنه مصدر أد يؤد إذا جاءك بداهية : أي شيئا ذا إد ، وجعله نفس الداهية على التعظيم.
  قوله تعالى ( يتفطرن ) يقرأ بالياء والنون ، وهو مطاوع فطر بالتخفيف ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 118 _
  ويقرأ بالتاء والتشديد ، وهو مطاوع فطر بالتشديد ، وهو هنا أشبه بالمعنى و ( هدا ) مصدر على المعنى لأن تخر بمعنى تهد ، وقيل هو حال.
  قوله تعالى ( أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو في موضع نصب لأنه مفعول له.
  والثانى في موضع جر على تقدير اللام.
  والثالث في موضع رفع : أي الموجب لذلك دعاؤهم.
  قوله تعالى ( من ) نكرة موصوفة ، و ( في السموات ) صفتها ، و ( إِلاَّ آتِي ) خبر كل ، وواحد آتى حملا على لفظ كل وقد جمع في موضع آخر حملا على معناها ، ومن الإفراد ( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ ).
  قوله تعالى ( بلسانك ) قيل الباء بمعنى على ، وقيل هي على أصلها : أي أنزلناه بلغتك فيكون حالا.

سورة طه
بسم الله الرحمن الرحيم

  ( طه ) قد ذكر الكلام عليها في القول الذى جعلت فيه حروفا مقطعة ، وقيل معناه يارجل ، فيكون منادى ، وقيل ( طا ) فعل أمر وأصله بالهمز ، ولكن أبدل من الهمزة ألفا ، وها ضمير الأرض ، ويقرأ طه ، وفي الهاء وجهان : أحدهما أنها بدل من الهمزة كما أبدلت في أرقت فقيل هرقت.
  والثانى أنه أبدل من الهمزة ألفا ثم حذفها للبناء وألحقها هاء السكت.
  قوله تعالى ( إِلاَّ تَذْكِرَةً ) هو استثناء منقطع : أي لكن أنزلناه تذكرة : أي للتذكرة ، وقيل هو مصدر : أي لكن ذكرنا به تذكرة ، ولايجوز أن يكون مفعولا له لانزلنا المذكورة ، لأنها قد تعدت إلى مفعول له : وهو ( لتشقى ) فلا يتعدى إلى آخر من جنسه ، ولا يصح أن يعمل فيها لتشقى لفساد المعنى ، وقيل تذكرة مصدر في موضع الحال.
  قوله تعالى ( تنزيلا ) هو مصدر : أي أنزلناه تنزيلا ، وقيل هو مفعول يخشى ، ومن متعلقة به و ( العلى ) جمع العليا.
  قوله تعالى ( لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ ) مبتدأ وخبر ، أو تكون ( ما ) مرفوعة بالظرف

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 119 _
  وقال بعض الغلاة ( ما ) فاعل استوى وهو بعيد ، ثم هو غير نافع له في التأويل ، إذ يبقى قوله ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ ) كلاما تاما ، ومنه هرب ، وفي الآية تأويلات أخر لا يدفعها الإعراب.
  قوله تعالى (وأخفى ) يجوز أن يكون فعلا ومفعوله محذوف : أي وأخفى السر عن الخلق ، ويجوز أن يكون اسما : أي وأخفى منه.
  قوله تعالى ( إِذْ رَأَى ) ( إذ ) ظرف للحديث أو مفعول به ، أي اذكر ( لأهله ) بكسر الهاء وضمها وقد ذكر ، ومن ضم أتبعه ما بعده ، و ( منها ) يجوز أن يتعلق بآتيكم أو حالا من ( قبس ) والجيد في ( هذا ) هنا أن يكتب بألف ، ولايمال لأن الألف بدل من التنوين في القول المحقق ، وقد أمالها قوم وفيه ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون شبه ألف التنوين بلام الكلمة : إذ اللفظ بهما في المقصور واحد.
  والثانى أن تكون لام الكلمة ولم يبدل من التنوين شيئا في النصب كما جاء : ( وآخذ من كل حى عصم ) والثالث أن تكون على رأى من وقف في الأحوال الثلاثة من غير إبدال.
  قوله تعالى ( نودى ) المفعول القائم مقام الفاعل مضمر : أي نودى موسى ، وقيل هو المصدر : أي نودى النداء ومابعده مفسر له و ( يَا مُوسَى ) لا يقوم مقام الفاعل لأنه جملة ( إنى ) يقرأ بالكسر : أي فقال إنى أو لأن النداء قول ، وبالفتح أي نودى بأنى كما تقول : ناديته باسمه ، و ( أنا ) مبتدأ أو توكيد أو فصل.
  قوله تعالى ( طوى ) يقرأ بالضم والتنوين ، وهو اسم علم للوادي ، وهو بدل منه ، ويجوز أن يكون رفعا ، أي هو طوى ، ويقرأ بغير تنوين على أنه معرفة مؤنث اسم للبقعة ، وقيل هو معدول ، وإن لم يعرف لفظ المعدول عنه ، فكأن أصله طاوى فهو في ذلك كجمع وكتع ، ويقرأ بالكسر على أنه مثل عنب في الأسماء ، وعدا وسوى في الصفات.
  قوله تعالى ( وَأَنَا اخْتَرْتُكَ ) على لفظ الإفراد ، وهو أشبه بما قبله : ويقرأ وإنا اخترناك ، على الجمع ، والتقدير : لأنا اخترناك فاستمع ، فاللام تتعلق باستمع ، ويجوز أن يكون معطوفا على أنى أي بأنى أنا ربك ، وبأنا اخترناك.
  قوله تعالى ( لذكرى ) اللام تتعلق بأقم ، والتقدير عند ذكرك إياى ، فالمصدر مضاف إلى المفعول ، وقيل هو إلى الفاعل : أي لذكرى إياك أو إياها.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 120 _
  قوله تعالى ( أخفيها ) بضم الهمزة وفيه وجهان : أحدهما أسترها (1) أي من نفسي لأنه لم يطلع عليها مخلوقا.
  والثانى أظهرها ، قيل هو من الأضداد ، وقيل الهمزة للسلب : أي أزيل خفاءها ، ويقرأ بفتح الهمزة ومعناه أظهرها ، يقال : خفيت الشئ : أي أظهرته ( لتجزى ) اللام تتعلق بأخفيها ، وقيل بآتية ، ولذلك وقف عليه بعضهم وقفة يسيرة إيذانا بانفصالها عن أخفيها ، وقيل لفظه لفظ كى ، وتقديره : القسم : أي لتجزين ، ومامصدرية ، وقيل بمعنى الذى : أي تسعى فيه.
  قوله تعالى ( فتردى ) يجوز أن يكون نصبا على جواب النهى ، ورفعا أي فإذا أنت تردى.
  قوله تعالى ( وَمَا تِلْكَ ) ( ما ) مبتدأ ، وتلك خبره ، وهو بمعنى هذه ، و ( بيمينك ) حال يعمل فيها معنى الإشارة ، وقيل هو بمعنى الذى ، فيكون بيمينك صفة لها.
  قوله تعالى ( عصاي ) الوجه فتح الياء لالتقاء الساكنين ، ويقرأ بالكسر وهو ضعيف لاستثقاله على الياء ، ويقرأ عصى ، وقد ذكر نظيره في البقرة ، و ( أتوكأ ) وما بعده مستأنف ، وقيل موضعه حال من الياء أو من العصا ، وقيل هو خبر هي ، وعصاى مفعول بفعل محذوف ، وقيل هي خبر ، وأتوكأ خبر آخر ، وأهش بالشين المعجمة : أي أقوم بها على الغنم أو أهول ونحو ذلك ، ويقرأ بكسر الهاء : أي أكسر بها على غنمي عاديتها من قولك : هششت الخبز إذا كسرته بعد يبسه ، ويقرأ بضم الهاء وسين غير معجمة من قولك : هس الغنم يهسها إذا ساقها ، وعدى بعلى لأن معناه أقوم بها أو أهول ، و ( أخرى ) على تأنيث الجمع ، ولو قال أخر لكان على اللفظ ، ( تسعى ) يجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا ، وإذا للمفاجأة ظرف مكان ، فالعامل فيها تسعى أو محذوف ، وقد ذكر ذلك.
  قوله تعالى ( سِيرَتَهَا الأُولَى ) هو بدل من ضمير المفعول بدل الاشتمال ، لأن معنى سيرتها صفتها أو طريقتها ، ويجوز أن يكون ظرفا : أي في طريقتها ، وقيل التقدير إلى سيرتها ، و ( بيضاء ) حال ، و ( مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) يجوز أن يتعلق بتخرج ، وأن يكون صفة لبيضاء أو حالا من الضمير في بيضاء ، و ( آية ) حال أخرى بدل من الأول أو حال من الضمير في بيضاء : أي تبيض آية أو حال من الضمير في الجار وقيل منصوبة بفعل محذوف : أي وجعلناها آية أو أتيناك آية ، و ( لنريك ) متعلق بهذا المحذوف ، ويجوز أن يتعلق بما دل عليه آية أي دللنا بها

--------------------
(1) قوله ( أسترها ) أي من نفسي.
قال السفاقسى : هذا المعنى مروى عن ابن عباس ويؤول على معنى من تلقاء ومن عندي اه. (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 121 _
  لنريك ، ولا يتعلق بنفس آية لأنها قد وصفت ، و ( الكبرى ) صفة لآيات ، وحكمها حكم مآرب.
  ولو قال الكبر لجاز ، ويجوز أن تكون الكبرى نصبا بنريك.
  ومن آياتنا حال منها : أي لنريك الآية الكبرى من آياتنا.
  قوله تعالى ( وَيَسِّرْ لِي ) يقال يسرت له كذا ، ومنه هذه الآية ، ويسرته لكذا ومنه قوله تعالى ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ) و ( مِنْ لِسَانِي ) يجوز أن يتعلق باحلل ، وأن يكون وصفا لعقدة.
  قوله تعالى ( وزيرا ) الواو أصل لأنه من الوزر والموازرة ، وقيل هي بدل من الهمزة لأن الوزير يشد أزر الموازر ، وهو قليل وفعيل هنا بمعنى المفاعل ، كالعشير والخليط ، وفى مفعولي أجعل ثلاثة أوجه : أحدها أنهما وزير وهارون ، ولكن قدم المفعول الثاني ، فعلى هذا يجوز أن يتعلق ( لى ) باجعل ، وأن يكون حالا من وزير.
  والثانى أن يكون وزيرا مفعولا أول ، و ( لى ) الثاني ، وهارون بدل أو عطف بيان ، وأخى كذلك.
  والثالث أن يكون المفعول الثاني من أهلى ، ولى تبيين مثل قوله ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) وهارون أخى على ما تقدم ، ويجوز أن ينتصب هارون بفعل محذوف : أي اضمم إلى هارون.
  قوله تعالى ( اشدد ) يقرأ بقطع الهمزة ( وأشركه ) بضم الهمزة وجزمها على جواب الدعاء ، والفعل مسند إلى موسى ، ويقرآن على لفظ الأمر.
  قوله تعالى ( كثيرا ) أي تسبيحا كثيرا أو وقتا كثيرا ، والسؤال والسؤلة بمعنى المفعول مثل الأكل بمعنى المأكول.
  قوله تعالى ( إِذْ أَوْحَيْنَا ) هو ظرف لمننا ( اقذفيه ) يجوز أن تكون ( أن ) مصدرية بدلا من ما يوحى ، أو على تقدير هو أن اقذفيه : ويجوز أن تكون بمعنى : أي ( فليلقه ) أمر للغائب ، و ( منى ) تتعلق بألقيت ، ويجوز أن تكون نعتا لمحبة ( ولتصنع ) أي لتحب ولتصنع ، ويقرأ على لفظ الأمر : أي ليصنعك غيرك بأمرى ويقرأ بكسر اللام وفتح التاء والعين : أي لتفعل ما أمرك بمرأى منى ( إِذْ تَمْشِي ) يجوز أن يتعلق بأحد الفعلين : وأن يكون بدلا من إذ الأولى لأن مشى أخته كان منة عليه ، وأن يكون التقدير : اذكر إذ تمشى ، و ( فتونا ) مصدر مثل القعود ، ويجوز أن يكون جمعا تقديره : بفتون كثيرة : أي بأمور تختبر بها ، و ( عَلَى قَدَرٍ ) حال : أي موافقا لما قدر لك.
  قوله تعالى ( أَنْ يَفْرُطَ ) الجمهور على فتح الياء وضم الراء فيجوز أن يكون

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 122 _
  التقدير : أن يفرط علينا منه قول فأضمر القول لدلالة الحال عليه كما تقول : فرط منى قول ، وأن يكون الفاعل ضمير فرعون كما كان في ( يطغى ).
  قوله تعالى ( فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى ) أي وهارون ، فحذف للعلم به ، ويجوز أن يكون طلب الإخبار من موسى وحده إذ كان هو الأصل ، ولذلك قال ( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي ) و ( خلقه ) مفعول أول ، وكل شئ ثان : أي أعطى مخلوقه كل شئ ، وقيل هو على وجهه ، والمعنى أعطى كل شئ مخلوق خلقه : أي هو الذى ابتدعه ، ويقرأ خلقه على الفعل ، والمفعول الثاني محذوف للعلم به.
  قوله تعالى ( علمها ) مبتدأ ، وفى الخبر عدة أوجه : أحدها ( عِنْدَ رَبِّي ) و ( فِي كِتَابٍ ) على هذا معمول الخبر ، أو خبر ثان ، أو حال من الضمير في عند.
  والثانى أن يكون الخبر في كتاب ، وعند حال العامل فيها الظرف الذى بعدها على قول الأخفش ، وقيل يكون حالا من المضاف إليه في علمها.
  وقيل يكون ظرفا للظرف الثاني ، وقيل هو ظرف للعلم.
  والثالث أن يكون الظرفان خبرا واحدا ، مثل هذا حلو حامض ، ولايجوز أن يكون في كتاب متعلقا بعلمها ، وعند الخبر لأن المصدر لا يعمل فيما بعد خبره ( لا يَضِلُّ ) في موضع جر صفة لكتاب ، وفى التقدير وجهان : أحدهما لا يضل ربى عن حفظه.
  والثانى لا يضل الكتاب ربى : أي عنه فيكون ربى مفعولا ، ويقرأ بضم الياء : أي يضل أحد ربى عن علمه ، ويجوز أن يكون ربى فاعلا : أي لا يجد الكتاب ضالا : أي ضائعا كقوله تعالى ( ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ ) ومفعول ( ينسى ) محذوف : أي ولاينساه ، ويقرأ بضم الياء : أي لا ينسى أحد ربى أو لا ينسى الكتاب.
  قوله تعالى ( مهدا ) هو مصدر وصف به ، ويجوز أن يكون التقدير : ذات مهد ، ويقرأ مهادا مثل فراش ، ويجوز أن يكون جمع مهد ( شتى ) جمع شتيت مثل مريض ومرضى ، وهو صفة لأزواج أو لبنات ( والنهى ) جمع نهية ، وقيل هو مفرد.
  قوله تعالى ( بِسِحْرٍ مِثْلِهِ ) يجوز أن يتعلق بلنأتينك ، وأن يكون حالا من الفاعلين ( فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً ) هو هاهنا مصدر لقوله تعالى ( لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً ) أي في مكان ، ( سوى ) بالكسر صفة شاذة مثله قوم عدى ، ويقرأ بالضم وهو أكثر في الصفات ، ومعناه وسط ، ويجوز أن

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 123 _
  يكون مكانا مفعولا ثانيا لاجعل وموعدا على هذا مكان أيضا ، ولاينتصب بموعد لأنه مصدر قد وصف ، وقد قرئ سوى بغير تنوين على إجراء الوصل مجرى الوقف.
  قوله تعالى ( قَالَ مَوْعِدُكُمْ ) هو مبتدأ.
  و ( يَوْمُ الزِّينَةِ ) بالرفع الخبر فإن جعلت موعدا زمانا كان الثاني هو الأول ، وإن جعلت موعدا مصدرا كان التقدير : وقت موعدكم يوم الزينة ، ويقرأ يوم بالنصب على أن يكون موعدا مصدرا ، والظرف خبر عنه : أي موعدكم واقع يوم الزينة ، وهو مصدر في معنى المفعول ( وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ) معطوف ، والتقدير : ويوم أن يحشر الناس فيكون في موضع جر ، ويجوز أن يكون في موضع رفع : أي موعدكم أن يحشر الناس ، ويقرأ نحشر على تسمية الفاعل : أي فرعون ، والناس نصب.
  قوله تعالى ( فيسحتكم ) يقرأ بفتح الياء وضمها ، والماضي سحت وأسحت لغتان ، وانتصب على جواب النهى.
  قوله تعالى ( إن هذين ) يقرأ بتشديد إن وبالياء في هذين وهى علامة النصب ، ويقرأ ( إن ) بالتشديد وهذان بالألف وفيه أوجه : أحدها أنها بمعنى نعم وما بعدها مبتدأ وخبر.
  والثانى إن فيها ضمير الشأن محذوف وما بعدها مبتدأ وخبر أيضا ، وكلا الوجهين ضعيف من أجل اللام التى في الخبر ، وإنما يجئ مثل ذلك في ضرورة الشعر.
  وقال الزجاج التقدير لهما ساحران ، فحذف المبتدأ ، والثالث أن الألف هنا علامة التثنية في كل حال ، وهى لغة لبنى الحرث ، وقيل لكنانة ، ويقرأ إن بالتخفيف ، وقيل هي مخففة من الثقيلة وهو ضعيف أيضا ، وقيل هي بمعنى ما واللام بمعنى إلا ، وقد تقدم نظائره.
  قوله تعالى ( وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمْ ) أي يذهبا طريقكم فالباء معدية كما أن الهمزة معدية.
  قوله تعالى ( فأجمعوا ) يقرأ بوصل الهمزة وفتح الميم ، وهو من الجمع الذى هو ضد التفريق ، ويدل عليه قوله تعالى ( فَجَمَعَ كَيْدَهُ ) والكيد بمعنى ما يكاد به ، ويقرأ بقطع الهمزة وكسر الميم ، وهو لغة في جمع قاله الأخفش ، وقيل التقدير : على كيدكم ، و ( صفا ) حال : أي مصطفين ، وقيل مفعول به : أي اقصدوا صف أعدائكم.
  قوله تعالى ( إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ) قد ذكر في الأعراف.
  قوله تعالى ( فإذا ) هي للمفاجأة ، و ( حبالهم ) مبتدأ والخبر إذا فعلى هذا ( يخيل ) حال ، وإن شئت كان يخيل الخبر ، ويخيل بالياء على أنه مسند إلى السعي :

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 124 _
  أي يخيل إليهم سعيها ، ويجوز أن يكون مسندا إلى ضمير الحبال ، وذكر لأن التأنيث غير حقيقي أو يكون على تقدير يخيل الملقى ، و ( أَنَّهَا تَسْعَى ) بدل منه بدل الاشتمال ويجوز أن تكون في موضع نصب على الحال : أي تخيل الحبال ذات سعى.
  ومن قرأ بالتاء ففيه ضمير الحبال ، وأنها تسعى بدل منه ، وقيل هو في موضع نصب : أي يخيل إليهم بأنها ذات سعى ، ويقرأ بفتح التاء وكسر الياء ، أي تخيل الحبال إليهم سعيها.
  قوله تعالى ( تلقف ) يقرأ بالجزم على الجواب ، والفاعل ضمير ما ، وأنث لأنه أراد العصا ، ويجوز أن يكون ضمير موسى عليه السلام ونسب ذلك إليه لأنه يكون بتسببه ، ويقرأ بضم الفاء على أنه حال من العصا أو من موسى ، وهى حال مقدرة ، وتشديد القاف وتخفيفها قراءتان بمعنى ، وأما تشديد التاء فعلى تقدير : تتلقف ، وقد ذكر مثله في مواضع ( إِنَّمَا صَنَعُوا ) من قرأ ( كيد ) بالرفع ففى ( ما ) وجهان أحدهما هي بمعنى الذى ، والعائد محذوف.
  والثانى مصدرية ، ويقرأ بالنصب على أن تكون ماكافة ، وإضافة كيد إلى ساحر إضافة المصدر إلى الفاعل ، وقرئ كيد سحر
  وهو إضافة الجنس إلى النوع.
  قوله تعالى ( فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) في هنا على بابها ، لأن الجذع مكان للمصلوب ومحتو عليه : وقيل هي بمعنى على.
  قوله تعالى ( وَالَّذِي فَطَرَنَا ) في موضع جر : أي وعلى الذى ، وقيل هو قسم ( مَا أَنْتَ قَاضٍ ) في ( ما ) وجهان : أحدهما هي بمعنى الذى : أي افعل الذى أنت عازم عليه.
  والثانى هي زمانية : أي اقض أمرك مدة ما أنت قاض ( هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) هو منصوب بتقضى ، و ( ما ) كافة : أي تقضى أمور الحياة الدنيا ، ويجوز أن يكون ظرفا ، والمفعول محذوف ، فإن كان قد قرئ بالرفع فهو خبر إن.
  قوله تعالى ( وَمَا أَكْرَهْتَنَا ) في ( ما ) وجهان : أحدهما هي بمعنى الذى معطوفة على الخطايا ، وقيل في موضع رفع على الابتداء ، والخبر محذوف : أي وما أكرهتنا عليه مسقط أو محطوط ، و ( مِنْ السِّحْرِ ) حال من ( ما ) أو من الهاء.
  والثانى هي نافية ، وفى الكلام تقديم تقديره.
  ليغفر لنا خطايانا من السحر ولم تكرهنا عليه.
  قوله تعالى ( إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ ) الضمير هو الشأن والقصة.
  قوله تعالى ( جَنَّاتُ عَدْنٍ ) هي بدل من الدرجات ، ولايجوز أن يكون التقدير

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 125 _
  هي جنات لأن ( خَالِدِينَ فِيهَا ) حال ، وعلى هذا التقدير لا يكون في الكلام ما يعمل في الحال ، وعلى الأول يكون العامل في الحال الاستقرار أو معنى الإشارة.
  قوله تعالى ( فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً ) التقدير : موضع طريق ، فهو مفعول به على الظاهر ، ونظيره قوله تعالى ( أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ) وهو مثل ضربت زيدا وقيل ضرب هنا بمعنى جعل ، وشرع مثل قولهم ضربت له بسهم ، و ( يبسا ) بفتح الباء مصدر : أي ذات يبس ، أو أنه وصفها بالمصدر مبالغة ، وأما اليبس بسكون الباء فصفة بمعنى اليابس ( لا تَخَافِ ) في الرفع ثلاثة أوجه : أحدها هو مستأنف.
  والثانى هو حال من الضمير في اضرب.
  والثالث هو صفة للطريق ، والعائد محذوف أي ولا تخاف فيه ، ويقرأ بالجزم على النهى أو على جواب الأمر وأما ( لا تَخْشَى ) فعلى القراءة الأولى هو مرفوع مثل المعطوف عليه ، ويجوز أن يكون التقدير : وأنت لا تخشى ، وعلى قراءة الجزم هو حال : أي وأنت لا تخشى ، ويجوز أن يكون التقدير فاضرب لهم غير خاش ، وقيل الألف في تقدير الجزم شبهت بالحروف الصحاح ، وقيل نشأت لإشباع الفتحة ليتوافق رءوس الآى.
  قوله تعالى ( بجنوده ) هو في موضع الحال : والمفعول الثاني محذوف : أي فأتبعهم فرعون عقابه ومعه جنوده ، وقيل أتبع بمعنى اتبع ، فتكون الباء معدية.
  قوله تعالى ( جَانِبَ الطُّورِ ) هو مفعول به : أي إتيان جانب الطور ولايكون ظرفا لأنه مخصوص ( فيحل ) هو جواب النهى ، وقيل هو معطوف فيكون نهيا أيضا كقولهم : لاتمددها فتشقها ( وَمَنْ يَحْلِلْ ) بضم اللام : أي ينزل كقوله تعالى ( أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ ) وبالكسر بمعنى يجب كقوله ( وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ).
  قوله تعالى ( وَمَا أَعْجَلَكَ ) ( ما ) استفهام مبتدأ وأعجلك الخبر.
  قوله تعالى ( هم ) مبتدأ ، و ( أولاء ) بمعنى الذى ( عَلَى أَثَرِي ) صلته ، وقد ذكر ذلك مستقصى في قوله ( ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ ).
  قوله تعالى ( وَعْداً حَسَناً ) يجوز أن يكون مصدرا مؤكدا أو أن يكون مفعولا به بمعنى الموعود.
  قوله تعالى ( بملكنا ) يقرأ بكسر الميم وفتحها وضمها ، وفيه وجهان : أحدهما أنها لغات ، والجميع مصدر بمعنى القدرة.
  والثانى أن الضم مصدر ملك بين الملك والفتح بمعنى المملوك : أي بإصلاح ما يملك والكسر مصدر مالك ، وقد يكون بمعنى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني ) _ 126 _
  المملوك أيضا ، وإذا جعل مصدرا كان مضافا إلى الفاعل ، والمفعول محذوف : أي بملكنا أمرنا أو الصواب أو الخطأ ( حملنا ) بالتخفيف ، ويقرأ بالتشديد على ما لم يسم فاعله : أي حملنا قومنا ( فكذلك ) صفة لمصدر محذوف : أي إلقاء مثل ذلك ، وفاعل ( نسى ) موسى عليه السلام ، وهو حكاية عن قومه ، وقيل الفاعل ضمير السامري.
  قوله تعالى ( أَلاَّ يَرْجِعُ ) أن مخففة من الثقيلة ، ولا كالعوض من اسمها المحذوف وقد قرئ يرجع بالنصب على أن تكون أن الناصبة وهو ضعيف لأن يرجع من أفعال اليقين ، وقد ذكرنا ذلك في قوله ( وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ ).
  قوله تعالى ( أَلاَّ تَتَّبِعَنِ ) لازائدة مثل قوله ( مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ ) وقد ذكر ، و ( قَالَ يَبْنَؤُمَّ ) قد ذكر في الأعراف ( لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ) المعنى لاتأخذنى بلحيتي ، فلذلك دخلت الباء ، وفتح اللام لغة ، وقد قرئ بهما.
  قوله تعالى ( بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا ) يتعدى بحرف جر ، فإن جئت بالهمز تعدى بنفسه كفرح وأفرحته ، ويبصروا بالياء على الغيبة يعنى قوم موسى ، وبالتاء على الخطاب ، والمخاطب موسى وحده ، ولكن جمع الضمير لأن قومه تبع له ، وقرئ بصرت بكسر الصاد ، وتبصروا بفتحها ، وهى لغة ( قبضت ) بالضاد بمل ء الكف وبالصاد بأطراف الأصابع وقد قرئ به ، و ( قبضة ) مصدر بالضاد والصاد ، ويجوز أن تكون بمعنى المقبوض فتكون مفعولا به ، ويقرأ قبضة بضم القاف وهى بمعنى المقبوض.
  قوله تعالى ( لا مِسَاسَ ) يقرأ بكسر الميم وفتح السين وهو مصدر ماسه : أي لاأمسك ولاتمسنى ، ويقرأ بفتح الميم وكسر السين وهو اسم للفعل : أي لا تمسني وقيل هو اسم للخبر : أي لا يكون بيننا مماسة ( لَنْ تُخْلَفَهُ ) بضم التاء وكسر اللام أي لا تجده مخلفا مثل أحمدته وأحببته ، وقيل المعنى سيصل إليك ، فكأنه يفى به ، ويقرأ بضم التاء وفتح اللام على ما لم يسم فاعله ، ويقرأ بالنون وكسر اللام : أي لن تخلفه فحذف المفعول الأول.
  قوله تعالى ( ظلت ) يقرأ بفتح الظاء وكسرها وهما لغتان ، والأصل ظللت بكسر اللام الأولى فحذفت ونقلت كسرتها إلى الظاء ومن فتح لم ينقل ، ( لنحرقنه ) بالتشديد من تحريق النار ، وقيل هو من حرق ناب البعير إذا وقع بعضه على بعض ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 127 _
  والمعنى لنبردنه وشدد للتكثير ، ويقرأ بضم الراء والتخفيف وهى لغة في حرف ناب البعير ( لننسفنه ) بكسر السين وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما.
  قوله تعالى ( وسع ) يقرأ بكسر السين والتخفيف ، و ( علما ) تمييز ، أي وسع علمه كل شئ ، ويقرأ بالتشديد والفتح وهو يتعدى إلى مفعولين ، والمعنى أعطى كل شئ علما ، وفيه وجه آخر وهو أن يكون بمعنى عظم خلق كل شئ عظيم كالأرض والسماء ، وهو بمعنى بسط ، فيكون علما تمييز ( كذلك ) صفة لمصدر محذوف : أي قصصا كذلك : أي نقص نبأ من أنباء.
  قوله تعالى ( خالدين ) حال من الضمير في يحمل وحمل الضمير الأول على لفظ من فوحد ، وخالدين على المعنى فجمع ، و ( حملا ) تمييز لاسم ساء وساء مثل بئس والتقدير : وساء الحمل حملا ولا ينبغى أن يكون التقدير : وساء الوزر ، لأن المميز ينبغى أن يكون من لفظ اسم بئس.
  قوله تعالى ( ينفخ ) بالياء على ما لم يسم فاعله ، وبالنون والياء على تسمية الفاعل ، و ( زرقا ) حال ، و ( يتخافتون ) حال أخرى بدل من الأولى ، أو حال من الضمير في زرقا.
  قوله تعالى ( فيذرها ) الضمير للأرض ، ولم يجز لها ذكر ، ولكن الجبال تدل عليها.
  و ( قاعا ) حال ، و ( لا تَرَى ) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا أيضا أو صفة للحال ( لا عِوَجَ لَهُ ) يجوز أن يكون حالا من الداعي ، وأن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى ( إِلاَّ مَنْ أَذِنَ ) ( من ) في موضع نصب بتنفع ، وقيل في موضع رفع : أي إلا شفاعة من أذن فهو بدل.
  قوله تعالى ( وَقَدْ خَابَ ) يجوز أن يكون حالا ، وأن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى ( فَلا يَخَافُ ) هو جواب الشرط ، فمن رفع استأنف ، ومن جزم فعل النهى.
  قوله تعالى ( وكذلك ) الكاف نعت لمصدر محذوف : أي إنزالا مثل ذلك ( وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ ) أي وعيدا من الوعيد وهو جنس ، وعلى قول الأخفش ( من ) زائدة.
  قوله تعالى ( يقضى ) على ما لم يسم فاعله ، و ( وحيه ) مرفوع به ، وبالنون وفتح الياء ووحيه نصب.