أى بعد من المعصية بخوف الله ، وأصل الكلمة من حاشيت الشئ ، فحاشا صار في حاشية ، أى ناحية ، ويقرأ بغير ألف بعد الشين حذفت تخفيفا ، واتبع من ذلك المصحف ، وحسن ذلك كثرة استعمالها ، وقرئ شاذا ( حشا لله ) بغير ألف بعد الحاء وهو مخفف منه ، وقال بعضهم : هى حرف جر واللام زائدة ، وهو ضعيف لان موضع مثل هذا ضرورة الشعر ( مَا هَذَا بَشَراً ) يقرأ بفتح الباء : أى إنسانا بل هو ملك ، ويقرأ بكسر الباء من الشراء : أى لم يحصل هذا بثمن ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع المفعول : أى بمشترى ، وعلى هذا قرئ بكسر اللام في ملك.
  قوله تعالى ( رَبِّ السِّجْنُ ) يقرأ بكسر السين وضم النون ، وهو مبتدأ ، و (أحب) خبره ، والمراد المحبس ، والتقدير : سكنى السجن ، ويقرأ بفتح السين على أنه مصدر ، ويقرأ ( رب ) بضم الباء من غير ياء ، ( والسجن ) بكسر السين ، والجر على الاضافة : أى صاحب السجن ، والتقدير لقاؤه أو مقاساته.
  قوله تعالى ( بَداً لَهُمْ ) في فاعل بدا ثلاثة أوجه : أحدها هو محذوف ، و (ليسجننه) قائم مقامه : أى بدا لهم السجن فحذف وأقيمت الجملة مقامه ، وليست الجملة فاعلا ، لان الجمل لا تكون كذلك.
  والثانى أن الفاعل مضمر وهو مصدر بدا : أى بدا لهم بداء فأضمر.
  والثالث أن الفاعل مادل عليه الكلام : أى بدا لهم رأى : أى فأضمر أيضا ، و (حتى) متعلقة بيسجننه ، والله أعلم.
  قوله تعالى ( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ ) الجمهور على كسر السين ، وقرئ بفتحها والتقدير : موضع السجن أو في السجن ، و (قال) مستأنف لانه لم يقل ذلك المنام حال دخوله ، ولا هو حال مقدرة لان الدخول لايؤدى إلى المنام ( فَوْقَ رَأْسِي ) ظرف لاحمل ، ويجوز أن يكون حالا من الخبر ، و (تأكل) صفة له.
  قوله تعالى ( أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ ) أم هنا متصلة (سميتموها) يتعدى إلى مفعولين وقد حذف الثانى : أى سميتموها آلهة.
  وأسماء هنا بمعنى مسميات أو ذوى أسماء ، لان الاسم لايعبد ( أَمَرَ أَلاَّ ) يجوز أن يكون مستأنفا وأن يكون حالا ، وقد معه مرادة ، وهو ضعيف لضعف العامل فيه.
  قوله تعالى (منهما) يجوز أن يكون صفة لناج ، وأن يكون حالا من الذى ، ولايكون متعلقا بناج لانه ليس المعنى عليه.
  قوله تعالى (سمان) صفة لبقرات ، ويجوز في الكلام نصبه نعتا لسبع ، و (يأكلهن) في موضع جر أو نصب على ماذكرنا ، ومثله (خضر) ، (للرؤيا) اللام فيه زائدة تقوية للفعل لما تقدم مفعوله عليه ، ويجوز حذفها في غير القرآن لانه يقال عبرت الرؤيا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 54 _

  قوله تعالى ( أَضْغَاثُ أَحْلامٍ ) أى هذه ( بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ ) أى بتأويل أضغاث الاحلام لابد من ذلك لانهم لم يدعوا لجهل بتعبير الرؤيا.
  قوله تعالى ( نَجَا مِنْهُمَا ) في موضع الحال من ضمير الفاعل ، وليس بمفعول به ويجوز أن يكون حالا من الذى (وادكر) أصله اذتكر ، فأبدلت الذال دالا والتاء دالا وأدغمت الاولى في الثانية ليتقارب الحرفان ، ويقرأ شاذا بذال معجمة مشددة ، ووجهها أنه قلب التاء ذالا وأدغم.
  قوله تعالى ( بَعْدَ أُمَّةٍ ) يقرأ بضم الهمزة وبكسرها : أى نعمة وهى خلاصة من السجن ، ويجوز أن تكون بمعنى حين ، ويقرأ بفتح الهمزة والميم وهاء منونة وهو النسيان ، يقال : أمه يأمه أمها.
  قوله تعالى (دأبا) منصوب على المصدر : أى تدأبون ، ودل الكلام عليه ، ويقرأ بإسكان الهمزة وفتحها ، والفعل منه دأب دأبا ودئب دأبا ، ويقرأ بألف من غير همز على التخفيف.
  قوله تعالى (يعصرون) يقرأ بالياء والتاء والفتح ، والمفعول محذوف : أى يعصرون العنب لكثرة الخصب ، ويقرأ بضم التاء وفتح الصاد : أى تمطرون وهو من قوله ( مِنْ الْمُعْصِرَاتِ ).
  قوله تعالى ( إِذْ رَاوَدتُّنَّ ) العامل في الظرف خطبكن وهو مصدر سمى به الامر العظيم ، ويعمل بالمعنى لان معناه : ماأردتن أو مافعلتن.
  قوله تعالى ( ذَلِكَ لِيَعْلَمَ ) أى الامر ذلك ، واللام متعلقة بمحذوف تقديره : أظهر الله ذلك ليعلم.
  قوله تعالى ( إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي ) في ( ما ) وجهان : أحدهما هى مصدرية وموضعها نصب ، والتقدير : إن النفس لامارة بالسوء إلا وقت رحمة ربى ، ونظيره ( فدية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ) وقد ذكروا انتصابه على الظرف ، وهو كقولك : ما قمت إلا يوم الجمعة.
  والوجه الآخر أن تكون ( ما ) بمعنى من ، والتقدير إن النفس لتأمر بالسوء إلا لمن رحم ربى ، أو إلا نفسا رحمها ربى فإنها لاتأمر بالسوء.
  قوله تعالى ( يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ) حيث ظرف ليتبوأ ، ويجوز أن يكون

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 55 _
  مفعولا به ، ومنها يتعلق بيتبوأ ، ولايجوز أن يكون حالا من حيث لان حيث لاتنم إلا بالمضاف إليه ، وتقديم الحال على المضاف إليه لايجوز ، ويشاء بالياء ، وفاعله ضمير يوسف ، وبالنون ضمير اسم الله على التعظيم ، ويجوز أن يكون فاعله ضمير يوسف لان مشيئته من مشيئة الله ، واللام في ليوسف زائدة : أى مكنا يوسف ، ويجوز أن لاتكون زائدة ويكون المفعول محذوفا : أى مكنا ليوسف الامور ، ويتبوأ حال من يوسف.
  قوله تعالى (لفتيته) يقرأ بالتاء على فعلة ، وهو جمع قلة مثل صبية ، وبالنون مثل غلمان ، وهو من جموع الكثرة ، وعلى هذا يكون واقعا موقع جمع القلة ( إِذَا انقَلَبُواْ ) العامل في إذا يعرفونها.
  قوله تعالى (نكتل) يقرأ بالنون لان إرساله سبب في الكيل للجماعة ، وبالياء على أن الفاعل هو الاخ ، ولما كان هو السبب نسب الفعل إليه ، فكأنه هو الذى يكيل للجماعة.
  قوله تعالى ( إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ ) في موضع نصب على المصدر : أى أمنا كأمنى إياكم على أخيه ( خَيْرٌ حَافِظًا ) يقرأ بالالف وهو تمييز ، ومثل هذا يجوز إضافته ، وقيل هو حال ، ويقرأ ( حفظا ) وهو تمييز لا غير.
  قوله تعالى (ردت) الجمهور على ضم الراء وهو الاصل ، ويقرأ بكسرها ، ووجهه أنه نقل كسرة العين إلى الفاء كما فعل في قيل وبيع ، والمضاعف يشبه المعتل ( مَا نَبْغِي ) ( ما ) استفهام في موضع نصب بنبغى ، ويجوز أن تكون نافية ، ويكون في نبغى وجهان : أحدهما بمعنى نطلب ، فيكون المفعول محذوف : أى مانطلب الظلم.
  والثانى أن يكون لازما بمعنى مايتعدى.
  قوله تعالى ( لَتَأْتُونَنِي بِه ) هو جواب قسم على المعنى ، لان الميثاق بمعنى اليمين ( إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ ) هو استثناء من غير الجنس ، ويجوز أن يكون من الجنس ويكون التقدير لتأتننى به على كل حال إلا في حال الاحاطة بكم.
  قوله تعالى ( وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ) في جواب ( لما ) وجهان : أحدهما هو آوى ، وهو جواب ( لما ) الاولى ، والثانية كقولك : لما جئتك ولما كلمتك أجبتنى ، وحسن ذلك أن دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الابواب. والثانى هو محذوف تقديره : امتثلوا أو قضوا حاجة أبيهم ونحوه ، ويجوز أن يكون

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 56 _
  الجواب معنى ( مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ ) و (حاجة) مفعول من أجله ، وفاعل يغنى التفرق.
  قوله تعالى ( قَالَ إِنِّي أَنَا ) هو مستأنف ، وهكذا كل مااقتضى جوابا وذكر جوابه ثم جاء‌ت بعده ، قال : فهى مستأنفة.
  قوله تعالى ( صُوَاعَ الْمَلِكِ ) الجمهور على ضم الصاد ، وألف بعد الواو ، ويقرأ بغير ألف ، فمنهم من يضم الصاد ، ومنهم من يفتحها ، ويقرأ ( صاع الملك ) وكل ذلك لغات فيه ، وهو الاناء الذى يشرب به : ويقرأ ( صوغ الملك ) بغين معجمة ، أى مصوغه ( قَالُوا جَزَاؤُهُ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : جزاؤه عندنا كجزائه عندكم ، والهاء تعود على السارق أو على السرق ، وفى الكلام المتقدم دليل عليهما ، فعلى هذا يكون قوله ( مَنْ وَجَدْ ) مبتدأ ، و (فهو) مبتدأ ثان ، و (جزاؤه) خبر المبتدأ الثانى ، والمبتدأ الثانى وخبره خبر الاول ، ومن شرطية والفاء جوابها ، ويجوز أن تكون بمعنى الذى ، ودخلت الفاء في خبرها لمافيها من الابهام ، والتقدير : استعباد من وجد في رحله فهو : أى الاستعباد جزء السارق ، ويجوز أن تكون الهاء في جزائه للسرق.
  والوجه الثانى أن يكون جزاؤه مبتدأ ، ومن وجد خبره ، والتقدير : استعباد من وجد في رحله ، وفهو جزاؤه مبتدأ ، وخبر مؤكد لمعنى الاول.
  والوجه الثالث أن يكون جزاؤه مبتدأ ، ومن وجد مبتدأ ثان ، وفهو مبتدأ ثالث ، وجزاؤه خبر الثالث ، والعائد على المبتدإ الاول الهاء الاخيرة ، وعلى الثانى هو ( كَذَلِكَ نَجْزِي ) الكاف في موضع نصب : أى جزاء مثل ذلك.
  قوله تعالى ( وِعَاءِ أَخِيهِ ) الجمهور على كسر الواو وهو الاصل لانه من وعى يعى ، ويقرأ بالهمزة وهى بدل من الواو وهما لغتان ، يقال : وعاء وإعاء ، ووشاح وإشاح ، ووسادة وإسادة ، وإنما فروا إلى الهمز لثقل الكسرة على الواو ، ويقرأ بضمها وهى لغة.
  فإن قيل : لم لم يقل فاستخرجها منه لتقدم ذكره ؟ قيل : لم يصرح بتفتيش وعاء أخيه حتى يعيد ذكره مضمرا ، فأظهره ليكون ذلك تنبيها على المحذوف ، فتقديره : ثم فتش وعاء أخيه فاستخرجها منه.
  قوله تعالى ( كَذَلِكَ كِدْنَا ) و ( إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ ) و ( دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ) كل ذلك قد ذكر ( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) يقرأ شاذا ( ذى عالم ) وفيه ثلاثة أوجه : أحدها هو مصدر كالباطل.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 57 _
  والثانى ذى زائدة ، وقد جاء مثل ذلك في الشعر كقول الكميت ( إليكم ذوى آل النبى ) والثالث أنه أضاف الاسم إلى المسمى ، وهو محذوف تقديره : ذى مسمى عالم كقول الشاعر : ( إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ) أى مسمى السلام.
  قوله تعالى (فأسرها) الضمير يعود إلى نسبتهم إياه إلى السرق ، وقد دل عليه الكلام ، وقيل في الكلام تقديم وتأخير تقديره : قال في نفسه أنتم شر مكان وأسرها أى هذه الكلمة ، و (مكانا) تمييز : أى شر منه أو منهما.
  قوله تعالى ( فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ) هو منصوب على الظرف ، والعامل فيه خذ ، ويجوز أن يكون محمولا على المعنى : أى اجعل أحدنا مكانه.
  قوله تعالى ( مَعَاذَ اللَّهِ ) هو مصدر والتقدير : من أن نأخذ.
  قوله تعالى ( اسْتَيْئَسُوا ) يقرأ بياء بعدها همزة ، وهو من يئس ، ويقرأ استيأسوا بألف بعد التاء وقبل الياء ، وهو مقلوب ، يقال : يئس وأيس ، والاصل تقديم الياء وعليه تصرف الكلمة ، فأما إياس اسم رجل فليس مصدر هذا الفعل بل مصدر آسيته : أى أعطيته ، إلا أن الهمزة في الآية قلبت ألفا تخفيفا (نجيا) حال من ضمير الفاعل في خلصوا ، وهو واحد في موضع الجمع : أى أنجيه كما قال تعالى ( ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) ( وَمِنْ قَبْلِ ) أى ومن قبل ذلك ( مَا فَرَّطتُمْ ) في ( ما ) وجهان : أحدهما هى زائدة ، ومن متعلقة بالفعل : أى وفرطتم من قبل ، والثانى هى مصدرية ، وفي موضعها ثلاثة أوجه : أحدها رفع بالابتداء ، ومن قبل خبره : أى وتفريطكم في يوسف من قبل وهذا ضعيف ، لان قبل إذا وقعت خبرا أو صلة لاتقطع عن الاضافة لئلا تبقى ناقصة ، والثانى موضعها نصب عطفا على معمول تعلموا ، تقديره : ألم تعرفوا أخذ أبيكم عليكم الميثاق وتفريطكم في يوسف ، والثالث هو معطوف على اسم إن تقديره : وإن تفريطكم من قبل في يوسف ، وقيل هو ضعيف على هذين الوجهين لان فيهما فصلا بين حرف العطف والمعطوف ، وقد بينا في سورة النساء أن هذا ليس بشئ ، فأما خبر إن على الوجه الاخير فيجوز أن يكون في يوسف ، وهو الاولى لئلا يجعل من قبل خبرا ( فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ ) هو مفعول أبرح : أى لن أفارق ، ويجوز أن يكون ظرفا.
  قوله تعالى (سرق) يقرأ بالفتح والتخفيف : أى فيما ظهر لنا ، ويقرأ بضم السين وتشديد الراء وكسرها : أى نسب إلى السرق.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 58 _
  قوله تعالى ( وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ ) أى أهل القرية ، وجاز حذف المضاف لان المعنى لايلتبس ، فأما قوله تعالى ( وَالْعِيرَ الَّتِي ) فيراد بها الابل ، فعلى هذا يكون المضاف محذوفا أيضا : أى أصحاب العير ، وقيل العير القافلة ، وهم الناس الراجعون من السفر ، فعلى هذا ليس فيه حذف.
  قوله تعالى ( يَا أَسَفَى ) الالف مبدلة من ياء المتكلم ، والاصل أسفى ، ففتحت الفاء وصيرت الياء ألف ليكون الصوت بها أتم ، و (على) متعلقة بأسفى.
  قوله تعالى (تفتؤ) أى لاتفتؤ فحذفت لا للعلم بها ، و (تذكر) في موضع نصب خبر تفتؤ.
  قوله تعالى ( مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ) الجمهور على فتح الراء وهو مصدر بمعنى الرحمة إلا أن استعمال الفعل منه قليل ، وإنما يستعمل بالزيادة مثل أراح وروح ، ويقرأ بضم الراء وهى لغة فيه ، وقيل هو اسم للمصدر مثل الشرب والشرب.
  قوله تعالى (مزجاة) ألفها منقلبة عن ياء أو عن واو لقولهم زجا الامر يزجو ( فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ ) أى المكيل.
  قوله تعالى ( قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ) جملة مستأنفة ، وقيل هى حال من يوسف وأخى وفيه بعد لعدم العامل في الحال ، وأنا لا يعمل في الحال ، ولا يصح أن يعمل فيه هذا لانه إشارة إلى واحد ، وعلينا راجع إليهما جميعا ( مَنْ يَتَّقِ ) الجمهور على حذف الياء ، و ( من ) شرط ، والفاء جوابه.
  ويقرأ بالياء وفيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه أشبع كسرة القاف فنشأت الياء.
  والثانى أنه قدر الحركة على الياء وحذفها بالجزم وجعل حرف العلة كالصحيح في ذلك.
  والثالث أنه جعل ( من ) بمعنى الذى ، فالفعل على هذا مرفوع (ويصبر) بالسكون فيه وجهان : أحدهما أنه حذف الضمة لئلا تتوالى الحركات ، أو نوى الوقف عليه وأجرى الوصل مجرى الوقف.
  والثانى هو مجزوم على المعنى لان ( من ) هنا وإن كانت بمعنى الذى ولكنها بمعنى الشرط لما فيها من العموم والابهام ، ومن هنا دخلت الفاء في خبرها ، ونظيره ( فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ ) في قراء‌ة من جزم ، والعائد من الخبر محذوف تقديره : المحسنين منهم ، ويجوز أن يكون وضع الظاهر موضع المضمر : أى لانضيع أجرهم.
  قوله تعالى ( لا تَثْرِيبَ ) في خبر ( لا ) وجهان : أحدهما قوله (عليكم) فعلى هذا ينتصب (اليوم) بالخبر ، وقيل ينتصب اليوم ب‍ (يغفر) والثانى الخبر اليوم ، وعليكم يتعلق بالظرف أو بالعامل في الظرف وهو الاستقرار ، وقيل هى للتبيين

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 59 _
  كاللام في قولهم سقيا لك ، ولايجوز أن تتعلق على بتثريب ولا نصب اليوم به ، لان اسم ( لا ) إذا عمل ينون.
  قوله تعالى (بقميصى) يجوز أن يكون مفعولا به : أى احملوا قميصى ، ويجوز أن يكون حالا : أى اذهبوا وقميصى معكم ، و (بصيرا) حال من الموضعين.
  قوله تعالى (سجدا) حال مقدرة ، لان السجود يكون بعد الخرور ( رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ ) الظرف حال من رؤياى ، لان المعنى رؤياى التى كانت من قبل ، والعامل فيها هذا ، ويجوز أن يكون ظرفا للرؤيا : أى تأويل رؤياى في ذلك الوقت ، ويجوز أن يكون العامل في تأويل ، لان التأويل كان من حين وقوعها هكذا ، والآن ظهر له ، و ( قَدْ جَعَلَهَا ) حال مقدرة ، ويجوز أن تكون مقارنة و (حقا) صفة مصدر أى جعلا حقا ، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا ، وجعل بمعنى صير ، ويجوز أن يكون حالا : أى وضعها صحيحة ، ويجوز أن يكون حقا مصدرا من غير لفظ الفعل بل من معناه ، لان جعلها في معنى حققها ، وحقا في معنى تحقيق ( وَقَدْ أَحْسَنَ بِي ) قيل الباء بمعنى إلى ، وقيل هى على بابها ، والمفعول محذوف تقديره : وقد أحسن صنعه بى ، و (إذ) ظرف لاحسن أو لصنعه.
  قوله تعالى ( مِنْ الْمُلْكِ ) و ( مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ) قيل المفعول محذوف : أى عظيما من الملك وحظا من التأويل ، وقيل هى زائدة ، وقيل من لبيان الجنس.
  قوله تعالى ( وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ ) الجمهور على الجر عطفا على السموات والضمير في (عليها) للآية ، وقيل للارض فيكون يمرون حالا منها ، وقيل منها ومن السموات ومعنى يمرون يشاهدون أو يعلمون ، ويقرأ ( والارض ) بالنصب : أى ويسلكون الارض وفسره يمرون ، ويقرأ بالرفع على الابتداء ، و (بغتة) مصدر في موضع الحال ، و ( أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ) مستأنف ، وقيل حال من الياء ، ( عَلَى بَصِيرَةٍ ) حال : أى مستيقنا ( وَمَنْ اتَّبَعَنِي ) معطوف على ضمير الفاعل في أدعو ، ويجوز أن يكون مبتدأ : أى ومن اتبعنى كذلك ، و ( مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ) صفة لرجال أو حال من المجرور.
  قوله تعالى ( قَدْ كُذِبُوا ) يقرأ بضم الكاف وتشديد الذال وكسرها : أى علموا أنهم نسبوا إلى التكذيب ، وقيل الضمير يرجع إلى المرسل إليهم : أى علم الامم أن الرسل كذبوهم ، ويقرأ بتخفيف الذال ، والمراد على هذا الامم لا غير ، ويقرأ بالفتح والتشديد : أى وظن الرسل أن الامم كذبوهم ، ويقرأ بالتخفيف : أى علم الرسل أن الامم كذبوا فيما ادعوا (فننجى) يقرأ بنونين وتخفيف الجيم ، ويقرأ بنون واحدة وتشديد الجيم على

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 60 _
  أنه ماض لم يسم فاعله ، ويقرأ كذلك إلا أنه بسكون بسكون الياء وفيه وجهان : أحدهما أن يكون أبدل النون الثانية جيما وأدغمها وهو مستقبل على هذا ، والثانى أن يكون ماضيا وسكن الياء لثقلها بحركتها وانكسار ماقبلها.
  قوله تعالى ( مَا كَانَ حَدِيثاً ) أى ماكان حديث يوسف ، أو ماكان المتلو عليهم ( وَلَكِنْ تَصْدِيقَ ) قد ذكر في يونس ( وَهُدًى وَرَحْمَةً ) معطوفان عليه ، والله أعلم.

سورة الرعد
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  قوله تعالى (المر) قد ذكر حكمها في أول البقرة (تلك) يجوز أن يكون مبتدأ ، و ( آيَاتُ الْكِتَابِ ) خبره ، وأن يكون خبر ( المر ) وآيات بدل أو عطف بيان ( وَالَّذِي أُنزِلَ ) فيه وجهان.
  أحدهما هو في موضع رفع ، و (الحق) خبره ، ويجوز أن يكون الخبر من ربك ، والحق خبر مبتدإ محذوف أو هو خبر بعد خبر ، وكلاهما خبر واحد ، ولو قرئ الحق بالجر لجاز على أن يكون صفة لربك.
  الوجه الثانى أن يكون ، والذى صفة للكتاب ، وأدخلت الواو في الصفة كما أدخلت في النازلين والطيبين ، والحق بالرفع ، والحق بالرفع على هذا خبر مبتدأ محذوف.
  قوله تعالى ( بِغَيْرِ عَمَدٍ ) الجار والمجرور في موضع نصب على الحال تقديره : خالية عن عمد ، والعمد بالفتح جمع عماد أو عمود مثل أديم وأدم وأفيق وأفق وإهاب وأهب ولا خامس لها.
  ويقرأ بضمتين ، وهو مثل كتاب وكتب ورسول ورسل (ترونها) الضمير المفعول يعود على العمد ، فيكون ترونها في موضع جر صفة لعمد ، ويجوز أن يعود على السموات فيكون حالا منها (يدبر) و (يفصل) يقرآن بالياء والنون ومعناهما ظاهر ، وهما مستأنفان ، ويجوز أن يكون الاول حالا من الضمير في سخر ، والثانى حالا من الضمير في يدبر.
  قوله تعالى ( وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون متعلقا بجعل الثانية ، والتقدير : وجعل فيها زوجين اثنين من كل الثمرات.
  والثانى أن يكون حالا من اثنين وهو صفة له في الاصل.
  والثالث أن يتعلق بجعل الاولى ، ويكون جعل الثانى مستأنفا ( يُغْشِي اللَّيْلَ ) يجوز أن يكون حالا من ضمير اسم الله فيما يصح من الافعال التى قبله ، وهى ( رفع ، وسخر ويدبر ، ويفصل ، ومد ، وجعل )

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 61 _
  قوله تعالى ( وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ ) الجمهر على الرفع بالابتداء ، أو فاعل الظرف وقرأ الحسن ( قطعا متجاورات ) على تقدير : وجعل في الارض (وجنات) كذلك على الاختلاف ، ولم يقرأ أحد منهم وزرعا بالنصب ، ولكن رفعه قوم ، وهو عطف على قطع وكذلك مابعده ، وجره آخرون عطفا على أعناب ، وضعف قوم هذه القراء‌ة ، لان الزرع ليس من الجنات.
  وقال آخرون : قد يكون في الجنة زرع ، ولكن بين النخيل والاعناب ، وقيل التقدير : ونبات زرع فعطفه على المعنى.
  والصنوان جمع صنو مثل قنو وقنوان ، ويجمع في القلة على أصناء ، وفيه لغتان : كسر الصاد وضمها ، وقد قرئ بهما (تسقى) الجمهور على التاء ، والتأنيث للجمع السابق ، ويقرأ بالياء : أى يسقى ذلك (ونفضل) يقرأ بالنون والياء على تسمية الفاعل وبالياء وفتح الضاد ، و (بعضها) بالرفع وهو بين ( فِي الأُكُلِ ) يجوز أن يكون ظرفا لنفضل ، وأن يكون متعلقا بمحذوف على أن يكون حالا من بعضها ، أى نفضل بعضها مأكولا ، أو وفيه الاكل.
  قوله تعالى ( فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ) قولهم مبتدأ ، وعجب خبر مقدم ، وقيل العجب هنا بمعنى المعجب ، فعلى هذا يجوز أن يرتفع قولهم به ( أَئِذَا كُنَّا ) الكلام كله في موضع نصب بقولهم ، والعامل في إذا فعل دل عليه الكلام تقديره : أئذا كنا ترابا نبعث ، ودل عليه قوله تعالى ( لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) ولايجوز أن ينتصب بكنا لان إذا مضافة إليه ، ولا بجديد لان مابعد إن لا يعمل فيما قبلها.
  قوله تعالى ( قَبْلَ الْحَسَنَةِ ) يجوز أن يكون ظرفا ليستعجلونك ، وأن يكون حالا من السيئة مقدرة ، و (المثلات) بفتح الميم وضم الثاء واحدتها كذلك ، ويقرأ بإسكان التاء وفيه وجهان : أحدهما أنها مخففة من الجمع المضموم فرارا من ثقل الضمة مع توالى الحركات والثانى أن الواحد خفف ثم جمع على ذلك ، ويقرأ بضمتين وبضم الاول وإسكان الثانى ، وضم الميم فيه لغة ، فأما ضم الثاء فيجوز أن يكون لغة في الواحد ، وأن يكون اتباعا في الجمع ، وأما إسكانها فعلى الوجهين ( عَلَى ظُلْمِهِمْ ) حال من الناس والعامل المغفرة.
  قوله تعالى ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه جملة مستأنفة : أى ولكل قوم نبى هاد.
  والثانى أن المبتدأ محذوف تقديره : وهو لكل قوم هاد.
  والثالث تقديره : إنما أنت منذر وهاد لكل قوم ، وهذا فصل بين حرف العطف والمعطوف ، وقد ذكروا منه قدرا صالحا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 62 _
  قوله تعالى ( مَا تَحْمِلُ ) في ( ما ) وجهان : أحدهما هى بمعنى الذى ، وموضعها نصب بيعلم.
  والثانى هى استفهامية فتكون منصوبة بتحمل ، والجملة في موضع نصب ومثله ( وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ) يجوز أن يكون عنده في موضع جر صفة لشئ ، أو في موضع رفع صفة لكل ، والعامل فيها على الوجهين محذوف ، وخبر كل بمقدار ، ويجوز أن يكون صفة لمقدار ، وأن يكون ظرفا لما يتعلق به الجار.
  قوله تعالى ( عَالِمُ الْغَيْبِ ) خبر مبتدأ محذوف : أى هو ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، و (الكبير) خبره.
  والجيد الوقف على (المتعال) بغير ياء لانه رأس آية ، ولولا ذلك لكان الجيد إثباتها.
  قوله تعالى ( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ ) من مبتدأ ، وسواء خبر ، فأما منكم فيجوز أن يكون حالا من الضمير في سواء لانه في موضع مستو ، ومثله ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ ) ويضعف أن يكون منكم حالا من الضمير في أسر ، وجهر ، لوجهين : أحدهما تقديم ما في الصلة على الموصول ، أو الصفة على الموصوف والثانى تقديم الخبر على منكم ، وحقه أن يقع بعده.
  قوله تعالى ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ ) واحدتها معقبة ، والهاء فيها للمبالغة مثل نسابة : أى ملك معقب ، وقيل معقبة صفة للجمع ، ثم جمع على ذلك ( مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ) يجوز أن يكون صفة لمعقبات ، وأن يكون ظرفا ، وأن يكون حالا من الضمير الذى فيه فعلى هذا يتم الكلام عنده ، ويجوز أن يتعلق ب‍ (يحفظونه) أى معقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، ويجوز أن يكون يحفظونه صفة لمعقبات ، وأن يكون حالا مما يتعلق به الظرف ( مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) أى من الجن والانس ، فتكون ( من ) على بابها ، قيل ( من ) بمعنى الباء : أى بأمر الله ، وقيل بمعنى عن ( وَإِذَا أَرَادَ ) العامل في ( إذا ) مادل عليه الجواب : أى لم يرد أو وقع (من وال) يقرأ بالامالة من أجل الكسرة ولامانع هنا ، و ( السَّحَابَ الثِّقَالَ ) قد ذكر في الاعراف.
  قوله تعالى ( خَوْفاً وَطَمَعاً ) مفعول من أجله.
  قوله تعالى ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ) قيل هو ملك ، فعلى هذا قد سمى بالمصدر ، وقيل الرعد صوته ، والتقدير على هذا : ذو الرعد أو الراعد ، وبحمده قد ذكر في البقرة في قصة آدم صلى الله عليه وسلم ، و (المحال) فعال من المحل وهو القوة ، يقال محل به إذا غلبه ، وفيه لغة أخرى فتح الميم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 63 _
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ) فيه قولان : أحدهما هو كناية عن الاصنام ، أى والاصنام الذين يدعون المشركين إلى عبادتهم ( لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ ) وجمعهم جمع من يعقل على اعتقادهم فيها.
  والثانى أنهم المشركون ، والتقدير : والمشركون الذين يدعون الاصنام من دون الله لا يستجيبون لهم : أى لايجيبونهم : أى أن الاصنام لا تجيبهم بشئ ( إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ ) التقدير إلا استجابة كاستجابة باسط كفيه ، والمصدر في هذا التقدير مضاف إلى المفعول كقوله تعالى ( لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ ) وفاعل هذا المصدر مضمر وهو ضمير الماء : أى لا يجيبونهم إلا كما يجيب الماء باسط كفيه إليه ، والاجابة هنا كناية عن الانقياد ، وأما قوله تعالى ( لِيَبْلُغَ فَاهُ ) فاللام متعلقة بباسط والفاعل ضمير الماء : أى ليبلغ الماء فاه ( وَمَا هُوَ ) أى الماء ، ولايجوز أن يكون ضمير الباسط على أن يكون فاعل بالغ مضمرا ، لان اسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له لزم إبراز الفاعل ، فكان يجب على هذا أن يقول : وماهو ببالغه الماء ، فإن جعلت الهاء في بالغه ضمير الماء جاز أن يكون هو ضمير الباسط ، والكاف في كباسط إن جعلتها حرفا كان منها ضمير يعود على الموصوف المحذوف ، وإن جعلتها اسما لم يكن فيها ضمير.
  قوله تعالى ( طَوْعاً وَكَرْهاً ) مفعول له أو في موضع الحال (وظلالهم) معطوف على من ، و (بالغدو) ظرف ليسجد.
  قوله تعالى ( هَلْ يَسْتَوِي ) يقرأ بالياء والتاء ، وقد سبقت نظائره.
  قوله تعالى (أودية) هو جمع واد ، وجمع فاعل على أفعلة شاذ ، ولم نسمعه في غير هذا الحرف ، ووجهه أن فاعلا قد جاء بمعنى فعيل ، وكما جاء فعيل وأفعلة كجريب وأجربة كذلك فاعل (بقدرها) صفة لاودية ( وَمِمَّا يُوقِدُونَ ) بالياء والتاء ، و ( عَلَيْهِ فِي النَّارِ ) متعلق بيوقدون ، و (ابتغاء) مفعول له ( أَوْ مَتَاعٍ ) معطوف على حلية ، و (زبد) مبتدأ ، و (مثله) صفة له والخبر مما يوقدون ، والمعنى ومن جواهر الارض كالنحاس مافيه زبد وهو خبثه مثله : أى مثل الزبد الذى يكون على الماء ، و (جفاء) حال وهمزته منقلبة عن واو ، وقيل هى أصل ( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا ) مستأنف وهو خبر (الحسنى).
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يُوفُونَ ) يجوز أن يكون نصبا على إضمار أعنى.
  قوله تعالى ( جَنَّاتُ عَدْنٍ ) هو بدل من عقبى ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، و (يدخلونها) الخبر ( وَمَنْ صَلَحَ ) في موضع رفع عطفا على ضمير الفاعل ، وساغ ذلك وإن لم يؤكد لان ضمير المفعول صار فاصلا كالتوكيد ، ويجوز أن يكون نصبا بمعنى مع.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 64 _
  قوله تعالى (سلام) أى يقولون سلام ( بِمَا صَبَرْتُمْ ) لايجوز أن تتعلق الباء بسلام لما فيه من الفصل بالخبر ، وإنما يتعلق بعليكم أو بما يتعلق به.
  قوله تعالى ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ ) التقدير في جنب الآخرة ، ولايجوز أن يكون ظرفا لا للحياة ولا للدنيا لانهما لايقعان في الآخرة ، وإنما هو حال ، والتقدير : وماالحياة القريبة كائنة في جنب الآخرة.
  قوله تعالى ( بِذِكْرِ اللَّهِ ) يجوز أن يكون مفعولا به : أى الطمأنينة تحصل لهم بذكر الله ، ويجوز أن يكون حالا من القلوب : أى تطمئن وفيها ذكر الله.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) مبتدأ ، و ( طُوبَى لَهُمْ ) مبتدأ ثان وخبر في موضع الخبر الاول ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف : أى هم الذين آمنوا فيكون طوبى لهم حالا مقدرة ، والعامل فيها آمنوا وعملوا ، ويجوز أن يكون الذين بدلا من أناب ، أو بإضمار أعنى ، ويجوز أن يكون طوبى في موضع نصب على تقدير جعل وواوها مبدلة من ياء لانها من الطيب أبدلت واوا للضمة قبلها ( وَحُسْنُ مَآبٍ ) الجمهور على ضم النون والاضافة ، وهو معطوف على طوبى إذا جعلتها مبتدأ ، وقرئ بفتح النون والاضافة ، وهو عطف على طوبى في وجه نصبها ، ويقرأ شاذا بفتح النون ورفع مآب ، وحسن على هذا فعل نقلت ضمة سينه إلى الحاء وهذا جائز في فعل إذا كان للمدح أو الذم.
  قوله تعالى (كذلك) التقدير : الامر كما أخبرناك.
  قوله تعالى ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً ) جواب لو محذوف : أى لكان هذا القرآن.
  وقال الفراء : جوابه مقدم عليه : أى وهم يكفرون بالرحمن ، ولو أن قرآنا على المبالغة ( أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ) الوجه في حذف التاء من هذا الفعل مع إثباتها في الفعلين قبله أن الموتى يشتمل على المذكر الحقيقى والتغليب له فكان حذف التاء أحسن ، والجبال والارض ليسا كذلك ( أَنْ لَوْ يَشَاءُ ) في موضع نصب بييأس ، لان معناه أفلم يتبين ويعلم ( أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً ) فاعل تحل ضمير القارعة ، وقيل هو للخطاب : أى أو تحل أنت يامحمد قريبا منهم بالعقوبة ، فيكون موضع الجملة نصبا عطفا على تصيب.
  قوله تعالى ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ ) هو معطوف على كسبت : أى ويجعلهم شركاء ، ويحتمل أن يكون مستأنفا (وصدوا) يقرأ بفتح لصاد : أى وصدوا غيرهم وبضمها

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 65 _
  أى وصدهم الشيطان أو شركاؤهم وبكسرها ، وأصلها صددوا بضم الاول فنقلت كسرة الدال إلى الصاد.
  قوله تعالى ( مَثَلُ الْجَنَّةِ ) مبتدأ والخبر محذوف : أى وفيما يتلى عليكم مثل الجنة فعلى هذا (تجرى) حال من العائد المحذوف في وعد : أى وعدها مقدرا جريان أنهارها.
  وقال الفراء : الخبر ( تجرى ) وهذا عند البصريين خطأ لان المثل لاتجرى من تحته الانهار ، وإنما هو من صفة المضاف إليه ، وشبهته أن المثل هنا بمعنى الصفة ، فهو كقولك : صفة زيد أنه طويل ، ويجوز أن يكون ( تجرى ) مستأنفا ( أُكُلُهَا دَائِمٌ ) هومثل تجرى في الوجهين.
  قوله تعالى (ننقصها) حال من ضمير الفاعل أو من الارض.
  قوله تعالى ( وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ ) يقرأ على الافراد وهو جنس ، وعلى الجمع على الاصل.
  قوله تعالى ( وَمَنْ عِنْدَهُ ) يقرأ بفتح الميم وهو بمعنى الذى ، وفى موضعه وجهان : أحدهما رفع على موضع اسم الله : أى كفى الله وكفى من عنده ، والثانى في موضع جر عطفا على لفظ اسم الله تعالى ، فعلى هذا ( عِلْمُ الْكِتَابِ ) مرفوع بالظرف لانه اعتمد بكونه صلة ، ويجوز أن يكون خبرا ، والمبتدأ علم الكتاب ، ويقرأ ( وَمَنْ عِنْدَهُ ) بكسر الميم على أنه حرف ، وعلم الكتاب على هذا مبتدأ أو فاعل الظرف ، ويقرأ علم الكتاب على أنه فعل لم يسم فاعله ، وهو العامل في ( من ).

سورة إبراهيم عليه السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  قوله تعالى (كتاب) خبر مبتدإ محذوف : أى هذا كتاب ، و (أنزلناه) صفة للكتاب وليس بحال ، لان كتابا نكرة ( بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) في موضع نصب إن شئت على أنه مفعول به : أى بسبب الاذن ، وإن شئت في موضع الحال من الناس : أى مأذونا لهم أو من ضمير الفاعل : أى مأذونا لك ( إِلَى صِرَاطٍ ) هذا بدل من قوله إلى النور بإعادة حرف الجر.
  قوله تعالى ( اللَّهِ الَّذِي ) يقرأ بالجر على البدل ، وبالرفع على ثلاثة أوجه : أحدها على الابتداء ، ومابعده الخبر.
  والثانى على الخبر والمبتدأ محذوف : أى هو الله ، والذى صفة.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 66 _
  والثالث هو مبتدأ ، والذى صفته ، والخبر محذوف تقديره : الله الذى له مافى السموات ومافى الارض العزيز الحميد ، وحذف لتقدم ذكره (وويل) مبتدأ ، و (للكافرين) خبره ( مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ) في موضع صفة لويل بعد الخبر وهو جائز ، ولايجوز أن يتعلق بويل من أجل الفصل بينهما بالخبر.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ) في موضع جر صفة للكافرين ، أو في موضع نصب بإضمار أعنى ، أو في موضع رفع بإضمارهم ( وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً ) قد ذكر في آل عمران.
  قوله تعالى ( إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ) في موضع نصب على الحال : أى إلا متكلما بلغتهم ، وقرئ في الشاذ ( بلسن قومه ) بكسر اللام وإسكان السين وهى بمعنى اللسان (فيضل) بالرفع ، ولم ينتصب على العطف على ليبين لان العطف يجعل معنى المعطوف كمعنى المعطوف عليه ، والرسل أرسلوا للبيان لا للضلال.
  وقال الزجاج : لو قرئ بالنصب على أن تكون اللام لام العاقبة جاز.
  قوله تعالى ( أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ ) أن بمعنى أى فلا موضع له ، ويجوزأن تكون مصدرية فيكون التقدير : بأن أخرج ، وقد ذكر في غير موضع.
  قوله تعالى ( نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ ) قد ذكر في قوله ( إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً ) في آل عمران (ويذبحون) حال أخرى معطوفة على يسومون.
  قوله تعالى ( وَإِذْ تَأَذَّنَ ) معطوف على إذ أنجاكم.
  قوله تعالى ( قَوْمِ نُوحٍ ) بدل من الذين ( وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ) معطوف عليه ، فعلى هذا يكون قوله تعالى ( لا يَعْلَمُهُمْ ) حالا من الضمير في ( مِنْ بَعْدِهِمْ ) ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، وكذلك ( جاء‌تهم ) ويجوز أن يكون والذين من بعدهم مبتدأ ، ولايعلمهم خبره ، أو حال من الاستقرار ، وجاء‌تهم الخبر ( فِي أَفْوَاهِهِمْ ) في على بابها ظرف لردوا ، وهو على المجاز لانهم إذا سكتوهم فكأنهم وضعوا أيديهم في أفواههم فمنعوهم بها من النطق : وقيل هى بمعنى إلى : وقيل بمعنى الباء.
  قوله تعالى ( أَفِي اللَّهِ شَكٌّ ) فاعل الظرف لانه اعتمد على الهمزة ( فَاطِرِ السَّمَوَاتِ ) صفة أو بدل ( لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ) المفعول محذوف ، ومن صفة له : أى شيئا من ذنوبكم ، وعند الاخفش ( من ) زائدة.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 67 _
  وقال بعضهم : من للبدل : أى ليغفر لكم بدلا من عقوبة ذنوبكم كقوله : ( أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ ) (تريدون) صفة أخرى لبشر.
  قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ ) اسم كان ، ولنا الخبر ، و ( إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) في موضع الحال ، وقد ذكر في أول السورة ، ويجوز أن يكون الخبر بإذن الله ، ولنا تبيين.
  قوله تعالى ( أَلاَّ نَتَوَكَّلَ ) أى في أن لانتوكل ، ويجوز أن يكون حالا : أى غير متوكلين ، وقد ذكر في غير موضع.
  قوله تعالى (واستفتحوا) ويقرأ على لفظ الامر شاذا.
  قوله تعالى (يتجرعه) يجوز أن يكون صفة لماء ، وأن يكون حالا من الضمير في يسقى ، وأن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى ( مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) مبتدأ ، والخبر محذوف : أى فيما يتلى عليكم مثل الذين ، و ( أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ) جملة مستأنفة مفسرة للمثل ، وقيل الجملة خبر مثل على المعنى ، وقيل مثل مبتدأ أو أعمالهم خبره : أى مثلهم مثل أعمالهم ، وكرماد على هذا خبر مبتدإ محذوف ، أى هى كرماد ، وقيل أعمالهم بدل من مثل وكرماد الخبر ، ولو كان في غير القرآن لجاز إبدال أعمالهم من الذين ، وهو بدل الاشتمال ( فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ) أى عاصف الريح ، أو عاصف ريحه ، ثم حذف الريح وجعلت الصفة لليوم مجازا : وقيل التقدير : في يوم ذى عصوف ، فهو على النسب كقولهم : نابل ورامح ، وقرئ ( يَوْمٍ عَاصِفٍ ) بالاضافة أى يوم ريح عاصف ( لا يَقْدِرُونَ ) مستأنف.
  قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ ) يقرأ شاذا بسكون الراء في الوصل على أنه أجراه مجرى الوقف ( خَلَقَ السَّمَوَاتِ ) يقرأ على لفظ الماضى ، وخالق على فاعل وهو للماضى فيتعرف بالاضافة.
  قوله تعالى (تبعا) إن شئت جعلته جمع تابع مثل : خادم وخدم ، وغايب وغيب ، وإن شئت جعلته مصدر تبع ، فيكون المصدر في موضع اسم الفاعل ، أو يكون التقدير : ذوى تبع ( مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ) في موضع نصب على الحال لانه في الاصل صفة لشئ تقديره : من شئ من عذاب الله ، ومن زائدة : أى شيئا كائنا من عذاب الله ، ويكون الفعل محمولا على المعنى تقديره : هل تمنعون عنا شيئا ، ويجوز أن يكون

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 68 _
  شئ واقعا موقع المصدر : أى عناء فيكون من عذاب الله متعلقا بمغنون ( سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا ) قد ذكر في أول البقرة.
  قوله تعالى ( إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ ) استثناء منقطع ، لان دعاء‌ه لم يكن سلطانا : أى حجة (بمصرخى) الجمهور على فتح الياء وهو جمع مصرخ ، فالياء الاولى ياء الجمع ، والثانية ضمير المتكلم ، وفتحت لئلا يجتمع الكسرة والياآن بعد كسرتين ، ويقرأ بكسرها ، وهو ضعيف لما ذكرنا من الثقل ، وفيها وجهان : أحدهما أنه كسر على الاصل.
  والثانى أنه أراد مصرخى وهى لغية ، يقول أربابها فتى ورميتيه ، فتتبع الكسرة الياء إشباعا ، إلا أنه في الآية حذف الياء الاخيرة اكتفاء بالكسرة قبلها ( بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ ) في ( ما ) وجهان ، أحدهما هى بمعنى الذى ، فتقديره على هذا : بالذى أشركتمونى به ، أى بالصنم الذى أطعتمونى كما أطعتموه ، فحذف العائد والثانى هى مصدرية : أى بإشراككم إياى مع الله عز وجل ، و ( مِنْ قَبْلُ ) يتعلق بأشركتمونى : أى كفرت الآن بما أشركتمونى من قبل ، وقيل هى متعلقة بكفرت : أى كفرت من قبل إشراككم فلا أنفعكم شيئا.
  قوله تعالى (وأدخل) يقرأ على لفظ الماضى ، وهو معطوف على برزوا ، أو على فقال الضعفاء ، ويقرأ شاذا بضم اللام على أنه مضارع ، والفاعل الله ( بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) يجوز أن يكون من تمام أدخل ، ويكون من تمام خالدين (تحيتهم) يجوز أن يكون المصدر مضافا إلى الفاعل أى يحيى بعضهم بعضا بهذه الكلمة ، وأن يكون مضافا إلى المفعول ، أى يحييهم الله أو الملائكة.
  قوله تعالى (كلمة) بدل من مثل (كشجرة) نعت لها ، ويقرأ شاذا ( كلمة ) بالرفع ، وكشجرة خبره ، و ( تُؤْتِي أُكُلَهَا ) نعت للشجرة ، ويجوز أن يكون حالا من معنى الجملة الثانية : أى ترتفع مؤتية أكلها.
  قوله تعالى ( مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ) الجملة صفة لشجرة ، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في اجتثت.
  قوله تعالى ( فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يتعلق بيثبت ، ويجوز أن يتعلق بالثابت.
  قوله تعالى (كفرا) مفعول ثان لبدل ، و (جهنم) بدل من دار البوار ، ويجوز أن ينتصب بفعل محذوف : أى يصلون جهنم أو يدخلون جهنم ، و (يصلونها) تفسير له فعلى هذا ليس ليصلونها موضع ، وعلى الاول يجوز أن يكون موضعه حالا من جهنم أو من الدار أو من قومهم.
  قوله تعالى ( يُقِيمُوا الصَّلاةَ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو جواب قل ، وفى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 69 _
  الكلام حذف تقديره : قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا : أى إن تقل لهم يقيموا قاله الاخفش ، ورده قوم قالوا : لان قول الرسول لهم لايوجب أن يقيموا ، وهذا عندى لايبطل قوله ، لانه لم يرد بالعباد الكفار بل المؤمنين ، وإذا قال الرسول لهم أقيموا الصلاة أقاموها ، ويدل على ذلك قوله ( لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا ) والقول الثانى حكى عن المبرد ، وهو أن التقدير قل لهم أقيموا يقيموا فيقيموا المصرح جواب أقيموا المحذوف ، حكاه جماعة ولم يتعرضوا بإفساده ، وهو فاسد لوجهين : أحدهما أن جواب الشرط يخالف الشرط ، إما في الفعل أو في الفاعل أو فيهما ، فأما إذا كان مثله في الفعل والفاعل فهو خطأ كقولك : قم تقم ، والتقدير على ماذكر في هذا الوجه : إن يقيموا يقيموا ، والوجه الثانى أن الامر المقدر للمواجهة ، ويقيموا على لفظ الغيبة وهو خطأ إذا كان الفاعل واحدا.
  والقول الثالث أنه مجزوم بلام محذوفة ، تقديره : ليقيموا ، فهو أمر مستأنف ، وجاز حذف اللام لدلالة قل على الامر (وينفقوا) مثل يقيموا ( سِرّاً وَعَلانِيَةً ) مصدران في موضع الحال.
  قوله تعالى (دائبين) حال من الشمس والقمر.
  قوله تعالى ( مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ) يقرأ بإضافة ( كل ) إلى ( ما ) فمن على قول الاخفش زائدة ، وعلى قول سيبويه المفعول محذوف تقديره : من كل ماسألتموه ماسألتموه ، و ( ما ) يجوز أن تكون بمعنى الذى ، ونكرة موصوفة ومصدرية ، ويكون المصدر بمعنى المفعول ، ويقرأ بتنوين ( كل ) فما سألتموه على هذا مفعول آتاكم.
  قوله تعالى (آمنا) مفعول ثان ، والبلد وصف المفعول الاول (واجنبنى) يقال جنبته وأجنبته وجنبته وقد قرئ بقطع الهمزة وكسر النون ( أَنْ نَعْبُدَ ) أى عن أن نعبد ، وقد ذكر الخلاف في موضعه من الاعراب مرارا.
  قوله تعالى ( وَمَنْ عَصَانِي ) شرط في موضع رفع وجواب الشرط ( فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) والعائد محذوف : أى له ، وقد ذكر مثله في يوسف.
  قوله تعالى ( مِنْ ذُرِّيَّتِي ) المفعول محذوف : أى ذرية من ذريتى ، ويخرج على قول الاخفش أن تكون من زائدة ( عِنْدَ بَيْتِكَ ) يجوز أن يكون صفة لواد ، وأن يكون بدلا منه (ليقيموا) اللام متعلقة بأسكنت و (تهوى) مفعول ثان لاجعل ، ويقرأ بكسر الواو ، وماضيه هوى ومصدره الهوى ، ويقرأ بفتح الواو وبالالف بعدها وماضيه هوى يهوى هوى ، والمعنيان متقاربان إلا أن هوى يتعدى بنفسه وهوى يتعدى بإلى إلا أن القراء‌ة الثانية عديت بإلى حملا على تميل.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 70 _
  قوله تعالى ( عَلَى الْكِبَرِ ) حال من الياء في ( وَهَبَ لِي ).
  قوله تعالى ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) هو معطوف على المفعول في اجعلنى ، والتقدير : ومن ذريتى مقيم الصلاة.
  قوله تعالى ( إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ ) يقرأ بالنون على التعظيم ، وبالياء لتقدم اسم الله تعالى (ليوم) أى لاجل جزاء يوم ، وقيل هى بمعنى إلى.
  قوله تعالى (مهطعين) هو حال من الابصار ، وإنما جاز ذلك لان التقدير تشخص فيه أصحاب الابصار لانه يقال : شخص زيد بصره ، أو تكون الابصار دلت على أربابها ، فجعلت الحال من المدلول عليه ، ويجوز أن يكون مفعولا لفعل محذوف تقديره : تراهم مهطعين ( مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ) الاضافة غير محضة لانه مستقبل أو حال ( لا يَرْتَدُّ ) حال من الضمير في مقنعى ، أو بدل من مقنعى ، و (طرفهم) مصدر في الاصل بمعنى الفاعل لانه يقال : ماطرفت عينه ، ولم يبق عين تطرف ، وقد جاء مجموعا ( وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ) جملة في موضع الحال أيضا ، فيجوز أن يكون العامل في الحال يرتد أو ماقبله من العوامل الصالحة للعمل فيها.
  فإن قيل : كيف أفرد هواء وهو خبر لجمع ؟ قيل لما كان معنى هواء هاهنا قارعة منحرفة أفرد ، كما يجوز إفراد قارعة لان تاء التأنيث فيها تدل على تأنيث الجمع الذى في أفئدتهم ، ومثله أحوال صعبة ، وأفعال فاسدة ونحو ذلك ( يَوْمَ يَأْتِيهِمْ ) هو مفعول ثان لانذر ، والتقدير : وأنذرهم عذاب يوم ، ولايجوز أن يكون ظرفا لان الانذار لايكون في ذلك اليوم.
  قوله تعالى ( وَتَبَيَّنَ لَكُمْ ) فاعله مضمر دل عليه الكلام : أى تبين لكم حالهم و (كيف) في موضع نصب ب‍ (فعلنا) ولايجوز أن يكون فاعل تبين لامرين : أحدهما أن الاستفهام لايعمل فيه ماقبله.
  والثانى أن كيف لاتكون إلا خبرا أو ظرفا أو حالا على اختلافهم في ذلك.
  قوله تعالى ( وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ ) أى علم مكرهم أو جزاء مكرهم ، فحذف المضاف ( لِتَزُولَ مِنْهُ ) يقرأ بكسر اللام الاولى وفتح الثانية ، وهى لام كى ، فعلى هذا في ( إن ) وجهان : أحدهما هى بمعنى ما : أى ماكان مكرهم لازالة الجبال وهو تمثيل أمر النبى صلى الله عليه وسلم.
  والثانى أنها مخففة من الثقيلة ، والمعنى : أنهم مكروا ليزيلوا ماهو كالجبال في الثبوت ، ومثل هذا المكر باطل ، ويقرأ بفتح اللام

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 71 _
  الاولى وضم الثانية ، وإن على هذا مخففة من الثقيلة واللام للتوكيد ، وقرئ شاذا بفتح اللامين ، وذلك على لغة من فتح لام كى ، وكان هنا يحتمل أن تكون التامة ويحتمل أن تكون الناقصة.
  قوله تعالى ( مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ) الرسل مفعول أول ، والوعد مفعول ثان وإضافة مخلف إلى الوعد اتساع ، والاصل مخلف رسله وعده ، ولكن ساغ ذلك لما كان كل واحد منهما مفعولا ، وهو قريب من قولهم : ( ياسارق الليلة أهل الدار ) قوله تعالى ( يَوْمَ تُبَدَّلُ ) يوم هنا ظرف لانتقام أو مفعول فعل محذوف : أى اذكر يوم ، ولايجوز أن يكون ظرفا لمخلف ولا لوعده ، لان ماقبل إن لايعمل فيما بعدها ، ولكن يجوز أن يلخص من معنى الكلام مايعمل في الظرف : أى لا يخلف وعده يوم تبدل (والسموات) تقديره غير السموات ، فحذف لدلالة ماقبله عليه (وبرزوا) يجوز أن يكون مستأنفا : أى ويبرزون ، ويجوز أن يكون حالا من الارض ، وقد معه مرادة.
  قوله تعالى ( سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ ) الجملة حال من المجرمين أو من الضمير في مقرنين ، والجمهور على جعل القطران كلمة واحدة ، ويقرأ ( قطرآن ) كلمتين ، والقطر النحاس ، والآنى المتناهى الحرارة (وتغشى) حال أيضا.
  قوله تعالى (ليجزى) أى فعلنا ذلك للجزاء ، ويجوز أن يتعلق ببرزوا.
  قوله تعالى ( وَلِيُنذَرُوا بِهِ ) المعنى القرآن بلاغ للناس والانذار ، فتتعلق اللام بالبلاغ أو بمحذوف إذا جعلت للناس صفة ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف تقديره : ولينذروا به أنزل أو تلى ، والله أعلم.

سورة الحجر
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  قوله تعالى ( الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ) قد ذكر في أول الرعد.
  قوله تعالى (ربما) يقرأ بالتشديد والتخفيف وهما لغتان ، وفى ( رب ) ثمان لغات : منها المذكورتان ، والثالثة والرابعة كذلك ، إلا أن الراء مفتوحة ، والاربع الاخر مع تاء التأنيث ( ربت ) ففيها التشديد والتخفيف وضم الراء وفتحها.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 72 _
  وفى ( ما ) وجهان : أحدهما هى كافة لرب حتى يقع الفعل بعدها ، وهى حرف جر.
  والثانى هى نكرة موصوفة : أى رب شئ يوده الذين ، ورب حرف جر لايعمل فيه إلا مابعده ، والعامل هنا محذوف تقديره : رب كافر يود الاسلام يوم القيامة أنذرت أو نحو ذلك ، وأصل رب أن يقع للتقليل ، وهى هنا للتكثير والتحقيق ، وقد جاء‌ت على هذا المعنى في الشعر كثيرا ، وأكثر مايأتى بعدها الفعل الماضى ، ولكن المستقبل هنا لكونه صدقا قطعا بمنزلة الماضى.
  قوله تعالى ( إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ ) الجملة نعت لقرية ، كقولك : مالقيت رجلا إلا عالما ، وقد ذكرنا حال الواو في مثل هذا في البقرة في قوله تعالى ( وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ).
  قوله تعالى ( لَوْ مَا تَأْتِينَا ) هى بمعنى لولا وهلا وألا ، وكلها للتحضيض.
  قوله تعالى ( مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ ) فيها قراء‌ات كثيرة كلها ظاهرة ( إِلاَّ بِالْحَقِّ ) في موضع الحال فيتعلق بمحذوف ، ويجوز أن يتعلق بننزل وتكون بمعنى الاستعانة.
  قوله تعالى ( نَحْنُ نَزَّلْنَا ) نحن هنا ليست فصلا ، لانها لم تقع بين اسمين بل هو إما مبتدأ أو تأكيد لاسم إن.
  قوله تعالى ( إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) الجملة حال من ضمير المفعول في يأتيهم ، وهى حال مقدرة ، ويجوز أن تكون صفة لرسول على اللفظ أو الموضع.
  قوله تعالى (كذلك) أى الامر كذلك ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أى سلوكا مثل استهزائهم ، والهاء في (نسلكه) تعود على الاستهزاء ، والهاء في (به) للرسول أو للقرآن ، وقيل للاستهزاء أيضا ، والمعنى : لايؤمنون بسبب الاستهزاء فحذف المضاف ، ويجوز أن يكون حالا : أى لايؤمنون مستهزئين.
  قوله تعالى (فظلوا) الضمير للملائكة ، وقيل للمشركين ، فأما الضمير في (قالوا) فللمشركين ألبتة (سكرت) يقرأ بالتشديد والضم وهو منقول بالتضعيف يقال : سكر بصره وسكرته ، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان : أحدهما أنه متعد مخففا ومثقلا ، والثانى أنه مثل سعد ، وقد ذكر في هود ، ويقرأ بفتح السين وكسر الكاف أى سدت وغطيت كما يغطى السكر على العقل ، وقيل هو مطاوع أسكرت الشئ فسكر : أى انسد.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 73 _
  قوله تعالى ( إِلاَّ مَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ) في موضعه ثلاثة أوجه : نصب على الاستثناء المنقطع ، والثانى جر على البدل : أى إلا ممن استرق ، والثالث رفع على الابتداء ، و (فأتبعه) الخبر ، وجاز دخول الفاء فيه من أجل أن من بمعنى الذى أو شرط.
  قوله تعالى ( وَالأَرْضَ ) منصوب بفعل محذوف : أى ومددنا الارض ، وهو أحسن من الرفع لانه معطوف على البروج ، وقد عمل فيها الفعل ( وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) أى وأنبتنا فيها ضروبا ، وعند الاخفش من زائدة.
  قوله تعالى ( وَمَنْ لَسْتُمْ ) في موضعها وجهان : أحدهما مانصب لجعلنا ، والمراد بمن العبيد والاماء والبهائم فإنها مخلوقة لمنافعنا.
  وقال الزجاج : هو منصوب بفعل محذوف تقديره : وأعشنا من لستم له ، لان المعنى : أعشناكم وأعشنا من لستم.
  والثانى موضعه جر : أى لكم ولمن لستم ، وهذا يجوز عند الكوفيين.
  قوله تعالى ( إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ) الجملة ، موضع رفع على الخبر ( مِنْ شَيْءٍ ) مبتدأ ، ولايجوز أن يكون صفة إذ لاخبر هنا ، وخزائنه مرفوع بالظرف لانه قوى بكونه خبرا ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، والظرف خبره (بقدر) في موضع الحال.
  قوله تعالى (الرياح) الجمهور على الجمع ، وهو ملائم لما بعده لفظا ومعنى ، ويقرأ على لفظ الواحد وهو جنس.
  وفى اللواقح ثلاثة أوجه : أحدها أصلها ملاقح ، لانه يقال : ألقح الريح السحاب ، كما يقال : ألقح الفحل الانثى : أى أحبلها ، وحذفت الميم لظهور المعنى ، ومثله الطوائح والاصل المطاوح ، لانه من أطاح الشئ.
  والوجه الثانى أنه على النسب : أى ذوات لقاح كما يقال طالق وطامس.
  والثالث أنه على حقيقته ، يقال : لقحت الريح إذا حملت الماء ، وألقحت الريح السحاب إذا حملتها الماء ، كما تقول ألقح الفحل الانثى فلقحت ، وانتصابه على الحال المقدر ( فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ) يقال سقاه وأسقاه لغتان ، ومنهم من يفرق ، فيقول : سقاه لشقته إذا أعطاه مايشربه في الحال أو صبه في حلقه ، وأسقاه إذا جعل له مايشربه زمانا ، ويقال أسقاه إذا دعا له بالسقيا.
  قوله تعالى ( وَإِنَّا لَنَحْنُ ) نحن هنا لاتكون فصلا لوجهين : أحدهما أن بعدها فعلا.
  والثانى أن اللام معها.
  قوله تعالى ( مِنْ حَمَإٍ ) في موضع جر صفة لصلصال ، ويجوز أن يكون بدلا من صلصال بإعادة الجار.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 74 _
  قوله تعالى (والجان) منصوب بفعل محذوف لتشاكل المعطوف عليه ، ولو قرئ بالرفع جاز.
  قوله تعالى ( فَقَعُوا لَهُ ) يجوز أن تتعلق اللام بقعوا ، وب‍ (ساجدين) و (أجمعون) توكيد ثان عند الجمهور ، وزعم بعضهم أنها أفادت مالم تفده كلهم ، وهو أنها دلت على أن الجميع سجدوا في حال واحدة ، وهذا بعيد لانك تقول : جاء القوم كلهم أجمعون وإن سبق بعضهم بعضا ، ولانه لو كان كما زعم لكان حالا لاتوكيدا ( إِلاَّ إِبْلِيسَ ) قد ذكر في البقرة.
  قوله تعالى ( إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) يجوز أن يكون معمول اللعنة ، وأن يكون حالا منها ، والعامل الاستقرار في عليك.
  قوله تعالى ( بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) قد ذكر في الاعراف.
  قوله تعالى ( إِلاَّ عِبَادَكَ ) استثناء من الجنس ، وهل المستثنى أكثر من النصف أو أقل ؟ فيه اختلاف ، والصحيح أنه أقل.
  قوله تعالى ( عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) قيل على بمعنى إلى ، فيتعلق بمستقيم أو يكون وصفا لصراط ، وقيل هو محمول على المعنى ، والمعنى استقامته على ، ويقرأ ( على ) أى على القدر ، والمراد بالصراط الدين.
  قوله تعالى ( إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ ) قيل هو استثناء من غير الجنس ، لان المراد بعبادى الموحدون ، ومتبع الشيطان غير موحد ، وقيل هو من الجنس لان عبادى جميع المكلفين ، وقيل إلا من اتبعك استثناء ليس من الجنس ، لان جميع العباد ليس للشيطان عليهم سلطان أى حجة ، ومن اتبعه لايضلهم بالحجة بل بالتزيين.
  قوله تعالى (أجمعين) هو توكيد للضمير المجرور ، وقيل هو حال من الضمير المجرور ، والعامل فيه معنى الاضافة ، فأما الموعد إذا جعلته نفس المكان فلا يعمل ، وإن قدرت هنا حذف مضاف صح أن يعمل الموعد ، والتقدير : وإن جهنم مكان موعدهم.
  قوله تعالى ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) يجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون مستأنفا ، ولايجوز أن يكون حالا من جهنم لان ( أن ) لاتعمل في الحال (منهم) في موضع حال من الضمير الكائن في الظرف ، وهو قوله تعالى ( لِكُلِّ بَابٍ ) ويجوز أن يكون حالا من (جزء) هو صفة له ثانية قدمت عليه ، ولا يجوز أن يكون حالا

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 75 _
  من الضمير في (مقسوم) لان الصفة لاتعمل في الموصوف ولافيما قبله ، ولايكون صفة لباب لان الباب ليس من الناس.
  قوله تعالى ( وَعُيُونٍ (*) ادْخُلُوهَا ) يقرأ على لفظ الامر ، ويجوز كسر التنوين وضمه ، وقطع الهمزة على هذا لايجوز ، ويقرأ بضم الهمزة وكسر الخاء على أنه ماض ، فعلى هذا لايجوز كسر التنوين لانه لم يلتق ساكنان ، بل يجوز ضمه على إلقاء ضمة الهمزة عليه ، ويجوز قطع الهمزة (بسلام) حال : أى سالمين أو مسلما عليهم ، و (آمنين) حال أخرى بدل من الاولى.
  قوله تعالى (إخوانا) هو حال من الضمير في الظرف في قوله تعالى ( جنات ) ويجوز أن يكون حالا من الفاعل في ادخلوها مقدرة أو من الضمير في آمنين ، وقيل هو حال من الضمير المجرور بالاضافة ، والعامل فيها معنى الالصاق والملازمة (متقابلين) يجوز أن يكون صفة لاخوان ، فتتعلق ( على ) بها ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الجار فيتعلق الجار بمحذوف وهو صفة لاخوان ، ويجوز أن يتعلق بنفس إخوان لان معناه متصافين ، فعلى هذا ينتصب متقابلين على الحال من الضمير في إخوان.
  قوله تعالى ( لا يَمَسُّهُمْ ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في متقابلين ، وأن يكون مستأنفا ، و (منها) يتعلق بمخرجين.
  قوله تعالى ( أَنَا الْغَفُورُ ) يجوز أن يكون توكيدا للمنصوب ومبتدأ وفصلا ، فأما قوله ( هُوَ الْعَذَابُ ) فجوز فيها الفصل والابتداء ، ولايجوز التوكيد لان العذاب مظهر والمظهر لايؤكد بالمضمر.
  قوله تعالى ( إِذْ دَخَلُوا ) في ( إذ ) وجهان أحدهما هو مفعول : أى اذكر إذ دخلوا ، والثانى أن يكون ظرفا.
  وفى العامل وجهان : أحدهما نفس ضيف فإنه مصدر ، وفى توجيه ذلك وجهان : أحدهما أن يكون عاملا بنفسه وإن كان وصفا ، لان كونه وصفا لايسلبه أحكام المصادر ، ألا ترى أنه لايجمع ولايثنى ولايؤنث كما لو لم يوصف به ؟ ويقوى ذلك أن الوصف الذى قام المصدر مقامه يجوز أن يعمل والوجه الثانى أن يكون في الكلام حذف مضاف تقديره : نبئهم عن ذوى ضيف إبراهيم : أى أصحاب ضيافته ، والمصدر على هذا مضاف إلى المفعول ، والوجه الثانى من وجهى الظرف أن يكون العامل محذوفا تقديره : عن خبر ضيف ( فَقَالُوا سَلاماً ) قد ذكر في هود.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 76 _
  قوله ( عَلَى أَنْ مَسَّنِي ) هو في موضع الحال : أى بشرتمونى كبيرا ( فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ) يقرأ بفتح النون وهو الوجه ، والنون علامة الرفع ، ويقرأ بكسرها وبالاضافة محذوفة.
  وفى النون وجهان : أحدهما هى نون الوقاية ، ونون الرفع محذوفة لثقل المثلين ، وكانت الاولى أحق بالحذف إذ لو بقيت لكسرت ، ونون الاعراب لاتكسر لئلا تصير تابعة ، وقد جاء ذلك في الشعر.
  والثانى أن نون الوقاية محذوفة ، والباقية نون الرفع لان الفعل مرفوع ، فأبقيت علامته ، والقراء‌ة بالتشديد أوجه.
  قوله تعالى ( وَمَنْ يَقْنَطُ ) من مبتدأ ، ويقنط خبره ، واللفظ استفهام ومعناه النفى ، فلذلك جاء‌ت بعده إلا ، وفى يقنط لغتان : كسر النون وماضيه بفتحها ، وفتحها وماضيه بكسرها ، وقد قرئ بهما ، والكسر أجود لقوله ( مِنْ الْقَانِطِينَ ) ويجوز قانط وقنط.
  قوله تعالى ( إِلاَّ آلَ لُوطٍ ) هو استثناء من غير الجنس ، لانهم لم يكونوا مجرمين ( إِلاَّ امْرَأَتَهُ ) فيه وجهان : أحدهما هو مستثنى من آل لوط والاستثناء إذا جاء بعد الاستثناء كان الاستثناء الثانى مضافا إلى المبتدأ ، كقولك له عندى عشرة إلا أربعة إلا درهما ، فإن الدرهم يستثنى من الاربعة فهو مضاف إلى العشرة ، فكأنك قلت : أحد عشر إلا أربعة أو عشرة إلا ثلاثة.
  والوجه الثانى أن يكون مستثنى من ضمير المفعول في منجوهم (قدرنا) يقرأ بالتخفيف والتشديد وهما لغتان (إنها) كسرت إن هاهنا من أجل اللام في خبرها ، ولولا اللام لفتحت.
  قوله تعالى ( ذَلِكَ الأَمْرَ ) في الامر وجهان : أحدهما هو بدل ، والثانى عطف بيان ( أَنَّ دَابِرَ ) هو بدل من ذلك ، أو من الامر إذا جعلته بيانا ، وقيل تقديره : بأن فحذف حرف الجر (مقطوع) خبر أن دابر ، و (مصبحين) حال من هؤلاء ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مقطوع ، وتأويله أن دابر هنا في معنى مدبرى هؤلاء ، فأفرده وأفرد مقطوعا لانه خبره ، وجاء مصبحين على المعنى.
  قوله تعالى ( عَنْ الْعَالَمِينَ ) أى عن ضيافة العالمين.
  قوله تعالى ( هَؤُلاءِ بَنَاتِي ) يجوز أن يكون مبتدأ ، وبناتى خبره ، وفى الكلام حذف : أى فتزوجوهن ، ويجوز أن يكون بناتى بدلا أو بيانا والخبر محذوف : أى أطهر لكم ، كما جاء في الآية الاخرى ، ويجوز أن يكون هؤلاء في موضع نصب بفعل محذوف : أى قال تزوجوا هؤلاء.
  قوله تعالى ( إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ ) الجمهور على كسر إن من أجل اللام.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 77 _
  وقرئ بفتحها على تقدير زيادة اللام ، ومثله قراء‌ة سعيد بن جبير رضى الله عنه ( إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ) بالفتح ، و (يعمهون) حال من الضمير في الجار أو من الضمير المجرور في سكرتهم ، والعامل السكرة أو معنى الاضافة.
  قوله تعالى ( كَمَا أَنْزَلْنَا ) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف تقديره : آتيناك سبعا من المثانى إيتاء كما أنزلنا أو إنزالا كما أنزلنا لان آتيناك بمعنى أنزلنا عليك ، وقيل التقدير : متعناهم تمتيعا كما أنزلنا ، والمعنى : نعمنا بعضهم كما عذبنا بعضهم ، وقيل التقدير : إنزالا مثل ماأنزلنا ، فيكون وصفا لمصدر ، وقيل هو وصف لمفعول تقديره : إنى أنذركم عذابا مثل العذاب المنزل على المقتسمين ، والمراد بالمقتسمين قوم صالح الذين اقتسموا على تبييته وتبييت أهله ، وقيل هم الذين قسموا القرآن إلى شعر وإلى سحر وكهانة ، وقيل تقديره : لنسألنهم أجمعين مثل ماأنزلنا ، وواحد (عضين) عضة ، ولامها محذوفة والاصل عضوة ، وقيل المحذوف هاء ، وهو من عضه يعضه وهو من العضيهة وهى الافك أو الداهية.
  قوله تعالى ( بِمَا تُؤْمَرُ ) مامصدرية فلا محذوف إذا ، ويجوز أن تكون بمعنى الذى ، والعائد محذوف : أى بما تؤمر به ، والاصل بما تؤمر بالصدع به ثم حذف للعلم به.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يَجْعَلُونَ ) صفة للمستهزئين ، أو منصوب بإضمار فعل ، أو مرفوع على تقديرهم.

سورة النحل
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  قوله تعالى (أتى) هو ماض على بابه ، وهو بمعنى قرب ، وقيل يراد به المستقبل ، ولما كان خبر الله صدقا قطعا جاز أن يعبر بالماضى عن المستقبل ، والهاء في (تستعجلوه) تعود على الامر ، وقيل على الله.
  قوله تعالى ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ ) فيه قراء‌ات ، ووجوهها ظاهرة ، و (بالروح) في موضع نصب على الحال من الملائكة : أى ومعها الروح وهو الوحى و ( مِنْ أَمْرِهِ ) حال من الروح ( أَنْ أَنذِرُوا ) أن بمعنى أى ، لان الوحى يدل على القول فيفسر بأن فلا موضع لها ، ويجوز أن تكون مصدرية في موضع جر بدلا من الروح ، أو بتقدير حرف الجر على قول الخليل ، أو في موضع نصب على قول سيبويه ( أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا )