الرفع على خبر مبتدأ محذوف : أي هو جنات ، ومثله ( بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ النَّارُ ) ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى ، و ( خَالِدِينَ فِيهَا ) حال إن شئت من الهاء في تحتها ، وإن شئت من الضمير في اتقوا ، والعامل الاستقرار ، وهى حال مقدرة ( وَأَزْوَاجُ ) معطوف على جنات بالرفع ، فأما على القراء‌ة الاخرى فيكون مبتدأ وخبره محذوف تقديره : ولهم أزواج ( وَرِضْوَان ) يقرأ بكسر الراء وضمها وهما لغتان ، وهو مصدر ونظير الكسر الاتيان والقربات ، ونظير الضم الشكران والكفران.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يَقُولُونَ ) يجوز أن يكون في موضع جر صفة للذين اتقوا أو بدل منه ، ويضعف أن يكون صفة للعباد ، لان فيه تخصيصا لعلم الله وهو جائز على ضعفه ، ويكون الوجه فيه إعلامهم بأنه عالم بمقدار مشقتهم في العبادة فهو يجازيهم عليها ، كما قال : والله أعلم بإيمانكم ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير أعنى ، وأن يكون في موضع رفع على إضمارهم.
  قوله تعالى ( الصَّابِرِينَ ) ومابعده يجوز أن يكون مجرورا ، وأن يكون منصوبا صفة للذين إذا جعلته في موضع جر أو نصب ، وإن جعلت الذين رفعا نصبت الصابرين بأعنى.
  فإن قيل : لم دخلت الواو في هذه وكلها لقبيل واحد ؟
  ففيه جوابان : أحدهما أن الصفات إذا تكررت جاز أن يعطف بعضها على بعض بالواو ، وإن كان الموصوف بها واحدا ، ودخول الواو في مثل هذا الضرب تفخيم ، لانه يؤذن لان كل صفة مستقلة بالمدح ، والجواب الثانى أن هذه الصفات متفرقة فيهم ، فبعضهم صابر وبعضهم صادق ، فالموصوف بها متعدد.
  قوله تعالى ( شْهِدُ اللَّهَ ) الجمهور على أنه فعل وفاعل ، ويقرأ ( شْهِدُ اللَّهَ ) جمع شهيدا أو شاهد بفتح الهمزة وزيادة لام مع اسم الله ، وهو حال من يستغفرون ، ويقرأ كذلك إلا أنه مرفوع على تقدير : هم شهداء ، ويقرأ ( شهداء الله ) بالرفع والاضافة ، و (أنه) أي بأنه في موضع نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف في غير موضع (قائما) حال من هو ، والعامل فيه معنى الجملة : أي يفرد قائما ، وقيل هو حال من اسم الله : أي شهد لنفسه بالوحدانية ، وهى حال مؤكدة على الوجهين ، وقرأ ابن مسعود القائم على أنه بدل أو خبر مبتدأ محذوف ( الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) مثل الرحمن الرحيم في قوله ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) وقد ذكر.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 129 _

  قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ ) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف ، ويقرأ بالفتح على أن الجملة مصدر ، وموضعه جر بدلا من أنه لاإله إلا هو : أي شهد الله بوحدانيته بأن الدين ، وقيل هو بدل من القسط ، وقيل هو في موضع نصب بدلا من الموضع ، والبدل على الوجوه كلها بدل الشئ من الشئ وهو هو ، ويجوز بدل الاشتمال ( عِنْدَ اللَّهِ ) ظرف العامل فيه الدين ، وليس بحال منه لانه أن تعمل في الحال (بغيا) مفعول من أجله ، والتقدير : اختلفوا بعد ماجاء‌هم العلم للبغى ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ( وَمَنْ يَكْفُرْ ) ( من ) مبتدأ ، والخبر يكفر ، وقيل الجملة من الشرط والجزاء هى الخبر ، وقيل الخبر هو الجواب ، والتقدير : سريع الحساب له.
  قوله تعالى ( وَمَنْ اتَّبَعَنِي ) ( من ) في موضع رفع عطفا على التاء في أسلمت : أي وأسلم من اتبعنى وجوههم لله ، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف : أي كذلك ، ويجوز إثبات الياء على الاصل وحذفها تشبيها له برؤوس الآى والقوافى ، كقول الاعشى :

فهل يمنعنى ارتيادى البلا      دمـن حذر الموت أن iiيأتين
  وهو كثير في كلامهم (أأسلمتم) هو في معنى الامر : أي أسلموا كقوله ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ) أي انتهوا.
  قوله تعالى ( فَبَشِّرْهُمْ ) هو خبر إن ، ودخلت الفاء فيه حيث كانت صلة الذى فعلا ، وذلك مؤذن باستحقاق البشارة بالعذاب جزاء على الكفر ، ولا تمنع إن من دخول الفاء في الخبر لانها لم تغير معنى الابتداء بل أكدته ، فلو دخلت على الذى كان أو ليت لم يجز دخول الفاء في الخبر.
  ويقرأ ( ويقاتلون النبيين ) ويقتلون هو المشهور ، ومعناهما متقارب.
  قوله تعالى (يدعون) في موضع حال من الذين ( وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) في موضع رفع صفة لفريق ، أو حالا من الضمير في الجار ، وقد ذكرنا ذلك في قوله ( أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ).
  قوله تعالى (ذلك) هو خبر مبتدإ محذوف ، أي ذلك الامر ذلك ، فعلى هذا يكون قوله ( بِأَنَّهُمْ قَالُوا ) في موضع نصب على الحال مما في ذا من معنى الاشارة : أي ذلك الامر مستحقا بقولهم وهذا ضعيف ، والجيد أن يكون ذلك مبتدأ وبأنهم خبره : أي ذلك العذاب مستحق بقولهم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 130 _
  قوله تعالى ( فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ ) كيف في موضع نصب على الحال ، والعامل فيه محذوف تقديره : كيف يصنعون أو كيف يكونون ، وقيل كيف ظرف لهذا المحذوف وإذا ظرف للمحذوف أيضا.
  قوله تعالى ( قُلْ اللَّهُمَّ ) الميم المشددة عوض من ياء ، وقال الفراء : الاصل ياألله أمنا بخير ، وهو مذهب ضعيف ، وموضع بيان ضعفه غير هذا الموضع ( مَالِكَ الْمُلْكِ ) هو نداء ثان : أي يامالك الملك ، ولا يجوز أن يكون صفة عند سيبويه على الموضع ، لان الميم في آخر المنادى تمنع من ذلك عنده ، وأجاز المبرد والزجاج أن يكون صفة ( تُؤْتِي الْمُلْكَ ) هو ومابعده من المعطوفات خبر مبتدإ محذوف : أي أنت ، وقيل هو مستأنف ، وقيل الجملة في موضع الحال من المنادى ، وانتصاب الحال على المنادى مختلف فيه ، والتقدير : من يشاء إتيانه إياه ، ومن يشاء انتزاعه منه ( بِيَدِكَ الْخَيْرُ ) مستأنف ، وقيل حكمه حكم ماقبله من الجمل.
  قوله تعالى ( الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ ) يقرأ بالتخفيف والتشديد ، وقد ذكرناه في قوله ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ ) ( بِغَيْرِ حِسَابٍ ) يجوز أن يكون حالا من المفعول المحذوف : أي ترزق من تشاؤه غير محاسب ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل : أي تشاء غير محاسب له أو غير مضيق له ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أو مفعول محذوف : أي رزقا غير قليل.
  قوله تعالى ( لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ ) هو نهى ، وأجاز الكسائى فيه الرفع على الخبر ، والمعنى لايبتغى ( مِنْ دُونِ ) في موضع نصب صفة لاولياء ( فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ) التقدير فليس في شئ من دين الله ، فمن الله في موضع نصب على الحال لانه صفة للنكرة قدمت عليه ( إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا ) هذا رجوع من الغيبة إلى الخطاب ، وموضع أن تتقوا نصب لانه مفعول من أجله ، وأصل (تقاة) وقية ، فأبدلت الواو تاء لانضمامها ضما لازما مثل نحاة ، وأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها وانتصابها على الحال ، ويقرأ تقية ووزنها فعيلة ، والياء بدل من الواو أيضا ( وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ ) أي عقاب نفسه ، كذا قال الزجاج ، وقال غيره : لاحذف هنا.
  قوله تعالى ( وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ ) هو مستأنف ، وليس من جواب الشرط لانه يعلم مافيها على الاطلاق.
  قوله تعالى ( يَوْمَ تَجِدُ ) يوم هنامفعول به : أي اذكر ، وقيل هو ظرف والعامل فيه ( قدير ) وقيل العامل فيه ( وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) وقيل العامل فيه : ويحذركم

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 131 _
  الله عقابه يوم تجد فالعامل فيه العقاب لا التحذير ، ( وَمَا عَمِلَتْ ) مافيه بمعنى الذى ، والعائد محذوف وموضعه نصب مفعول أول ، و (محضرا) المفعول الثانى هكذا ذكروا ، والاشبه أن يكون محضرا حالا ، وتجد المتعدية إلى مفعول واحد ( وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ ) فيه وجهان : أحدهما هى بمعنى الذى أيضا معطوفة على الاولى ، والتقدير : وماعملت من سوء محضرا أيضا ، و (تود) على هذا في موضع نصب على الحالوالعامل تجد.
  والثانى : أنها شرط وارتفع تود على أنه أراد ألفاه أي فهى تود ، ويجوز أن يرتفع من غير تقدير حذف لان الشرط هنا ماض ، وإذا لم يظهر في الشرط لفظ الجزم جاز في الجزاء الجزم والرفع.
  قوله تعالى ( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) يجوز أن يكون خطابا فتكون التاء محذوفة : أي فإن تتولوا وهو خطاب كالذى قبله ، ويجوز أن يكون للغيبة فيكون لفظه لفظ الماضى.
  قوله تعالى (ذرية) قد ذكرنا وزنها ومافيها من القراء‌ات ، فأما نصبها فعلى البدل من نوح وماعطف عليه من الاسماء ، ولايجوز أن يكون بدلا من آدم لانه ليس بذرية ، ويجوز أن يكون حالا منهم أيضا والعامل فيها اصطفى ( بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ) مبتدأ وخبر في موضع نصب صفة لذرية.
  قوله تعالى ( إِذْ قَالَتْ ) قيل تقديره اذكر ، وقيل هو ظرف لعليم ، وقيل العامل فيه اصطفى المقدرة مع آل عمران (محررا) حال من ما وهى بمعنى الذى لانه لم يصر ممن يعقل بعد ، وقيل هو صفة لموصوف محذوف ، أي غلاما محررا ، وإنما قدروا غلاما لانهم كانوا لايجعلون لبيت المقدس إلا الرجال.
  قوله تعالى ( وَضَعْتُهَا أُنْثَى ) أنثى حال من الهاء أو بدل منها ( بِمَا وَضَعَتْ ) يقرأ بفتح العين وسكون التاء على أنه ليس من كلامها بل معترض وجاز ذلك لما فيه من تعظيم الرب تعالى ، ويقرأ بسكون العين وضم التاء على أنه من كلامها والاولى أقوى ، لان الوجه في مثل هذا أن يقال وأنت أعلم بما وضعت ، ووجه جوازه أنها وضعت الظاهر موضع المضمر تفخيما ، ويقرأ بسكون العين وكسر التاء كأن قائلا قال لها ذلك ( سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ) هذا الفعل مما يتعدى إلى المفعول الثانى تارة بنفسه وتارة بحرف الجر تقول العرب سميتك زيدا وبزيد.
  قوله تعالى ( وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً ) هو هنا مصدر على غير لفظ الفعل المذكور

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 132 _
  وهو نائب عن إنبات ، وقيل التقدير فنبتت نباتا ، والنبت والنبات بمعنى ، وقد يعبر بهما عن النابت ، وتقبلها : أي قبلها ، ويقرأ على لفظ الدعاء في تقبلها وأنبتها وكفلها وربها بالنصب : أي ياربها ، و (زكريا) المفعول الثانى ، ويقرأ في المشهور كفلها بفتح الفاء ، وقرئ أيضا بكسرها وهى لغة ، يقال كفل يكفل مثل علم يعلم ، ويقرأ بتشديد الفاء والفاعل الله وزكريا المفعول ، وهمزة زكريا للتأنيث إذ ليست منقلبة ولازائدة للتكثير ولا للالحاق ، وفيه أربع لغات : هذه إحداها ، والثانية القصر ، والثالثة زكرى بياء مشدد من غير ألف ، والرابعة زكر بغير ياء (كلما) قد ذكرنا إعرابه أول البقرة ، و (المحراب) مفعول دخل ، وحق ( دخل ) أي يتعدى بفى أو بإلى لكنه اتسع فيه فأوصل بنفسه إلى المفعول ، و (عندها) يجوز أن يكون ظرفا لوجد وأن يكون حالا من الرزق وهوصفة له في الاصل : أي رزقا كائنا عندها ووجد المتعدى إلى مفعول واحد وهو جواب كلما.
  وأما ( قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ ) فهو مستأنف فلذلك لم يعطفه بالفاء ولذلك ( قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) ولايجوز أن يكون قال بدلا من وجد ، لانه ليس في معناه ، ويجوز أن يكون التقدير فقال فحذف الفاء كما حذفت في جواب الشرط كقوله ( وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ ) وكذلك قول الشاعر : ( من يفعل الحسنات الله يشكرها ) وهذا الموضع يشبه جواب الشرط ، لان كلما تشبه الشرط في اقتضائها الجواب (هذا) مبتدأ وأنى خبره ، والتقدير من أين ولك تبيين ؟ ويجوز أن يرتفع هذا بلك وأنى ظرف للاستقرار.
  قوله تعالى ( هُنَالِكَ ) أكثر مايقع هنا ظرف مكان وهو أصلها ، وقد وقعت هنا زمانا فهى في ذلك كعند فإنك تجعلها زمانا وأصلها المكان كقولك أتيتك عند طلوع الشمس ، وقيل هنا مكان : أي في ذلك المكان دعا زكريا والكاف حرف للخطاب وبها تصير هنا للمكان البعيد عنك ، ودخلت اللام لزيادة البعد وكسرت على أصل التقاء الساكنين هى والالف قبلها ، وقيل كسرت لئلا تلتبس بلام الملك ، وإذا حذفت الكاف فقلت هنا للمكان والحاضر في هنا دعا (قال) مثل قال أنى لك ( مِنْ لَدُنْكَ ) يجوز أن يتعلق بهب لى فيكون من لابتداء غاية الهبة ، ويجوز أن يكون في الاصل صفة ل‍ (ذرية) قدمت فانتصبت على الحال ، و (سميع) بمعنى سامع.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 133 _
  قوله تعالى (فنادته) الجمهور على إثبات تاء التأنيث ، لان الملائكة جماعة ، وكره (1) قوم التاء لانها للتأنيث ، وقد زعمت الجاهلية أن الملائكة إناث فلذلك قرأ من قرأ فناداه بغير تاء والقراء‌ة به جيدة ، لان الملائكة جمع ومااعتلوا به ليس بشئ ، لان الاجماع على إثبات التاء في قوله ( وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ ) ( وَهُوَ قَائِمٌ ) حال من الهاء في نادته (يصلى) حال من الضمير في قائم ، ويجوز أن يكون في موضع رفع صفة لقائم ( أَنَّ اللَّهَ ) يقرأ بفتح الهمزة : أي بأن الله ، وبكسرها : أي قالت إن الله لان النداء قول (يبشرك) الجمهور على التشديد ، ويقرأ بفتح الياء وضم الشين مخففا ، وبضم الياء وكسر الشين مخففا أيضا ، يقال بشرته وبشرته وأبشرته.
  ومنه قوله ( وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ ) (يحيى) اسم أعجمى ، وقيل سمى بالفعل الذى ماضيه حيى (مصدقا) حال منه ( وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً ) كذلك.
  قوله تعالى (غلاما) اسم يكون ولى خبره ، ويجوز أن يكون فاعل يكون على أنها تامة فيكون لى متعلقا بها أو حالا من غلام أي أنى يحدث غلام لى ؟ وأنى بمعنى كيف أو من أين ( بَلَغَنِي الْكِبَرُ ) وفى موضع آخر ( بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ ) والمعنى واحد لان مابلغك فقد بلغته (عاقر) أي ذات عقر فهو على النسب وهو في المعنى مفعول أي معقورة ولذلك لم يلحق تاء التأنيث (كذلك) في موضع نصب : أي يفعل مايشاء فعلا كذلك.
  قوله تعالى ( اجْعَلْ لِي آيَةً ) أي صير لى ، فآية مفعول أول ولى مفعول ثان (آيتك) مبتدأ ، و ( أَلاَّ تُكَلِّمَ ) خبره ، وإن كان قد قرئ تكلم بالرفع فهو جائز على تقدير : إنك لاتكلم كقوله ( أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً ) ( إِلاَّ رَمْزاً ) استثناء من غير الجنس ، لان الاشارة ليست كلاما ، والجمهور على فتح الراء وإسكان الميم وهو مصدر رمز ويقرأ بضمها وهو جمع رمزة بضمتين وأقر ذلك في الجمع ، ويجوز أن يكون مسكن الميم في الاصل ، وإنما أتبع الضم الضم ، ويجوز أن يكون مصدرا غير جمع ، وضم إتباعا كاليسر واليسر (كثيرا) أي ذكرا كثيرا ، و (العشى) مفرد وقيل جمع عشية (والابكار) مصدر ، والتقدير : ووقت الابكار ، يقال أبكر إذا دخل في البكرة.
  قوله تعالى ( وَإِذْ قَالَتْ ) تقديره ، واذكر إذ قالت : وإن شئت كان معطوفا على ( إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ ) والاصل في اصطفى اصتفى ثم أبدلت التاء طاء لتوافق الصاد في الاطباق ، وكرر اصطفى إما توكيدا وإما ليبين من اصطفاها عليهم.

--------------------
(1) القراء‌تان جيدتان صحيحتان فلا عبرة بكراهة قوم لحوق تاء التأنيث في قوله (فنادته) اه‍ مصحح . (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 134 _
  قوله تعالى ( ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ ) يجوز أن يكون التقدير الامر ذلك فعلى هذا من أنباء الغيب حال من ذا ، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ ومن أنباء خبره ، ويجوز أن يكون (نوحيه) خبر ذلك ، ومن أنباء حالا من الهاء في نوحيه ، ويجوز أن يكون متعلقا بنوحيه أي الايحاء مبدوء به من أنباء الغيب ( إِذْ يُلْقُونَ ) ظرف لكان.
  ويجوز أن يكون ظرفا للاستقرار الذى تعلق به لديهم ، والاقلام جمع قلم ، والقلم بمعنى المقلوم ، أي المقطوع كالنقض بمعنى المنقوض والقبض بمعنى المقبوض ( أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) مبتدأ وخبر في موضع نصب : أي يقترعون أيهم ، فالعامل فيه مادل عليه يلقون ، و ( إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) مثل ( إِذْ يُلْقُونَ ) ويختصمون بمعنى اختصموا وكذلك يلقون : أي ألقوا ، ويجوز أن يكون حكى الحال.
  قوله تعالى ( إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ ) إذ بدل من إذا التى قبلها ، ويجوز أن يكون ظرفا ليختصمون ، ويجوز أن يكون التقدير اذكر (منه) في موضع جر صفة للكلمة ، ومن هنا لابتداء الغاية (اسمه) مبتدأ ، و (المسيح) خبره ، و (عيسى) بدل منه أو عطف بيان ، ولا يجوز أن يكون خبرا آخر ، لان تعدد الاخبار يوجب تعدد المبتدإ ، والمبتدأ هنا مفرد وهو قوله اسمه ، ولو كان عيسى خبرا آخر لكان أسماؤه أو أسماؤها على تأنيث الكلمة ، والجملة صفة لكلمة ، و ( ابْنُ مَرْيَمَ ) خبر مبتدأ محذوف ، أي هو ابن ، ولا يجوز أن يكون بدلا مما قبله ولاصفة لان ابن مريم ليس باسم ، ألا ترى أنك لاتقول اسم هذا الرجل ابن عمرو إلا إذا كان قد علق علما عليه ، وإنما ذكر الضمير في اسمه على معنى الكلمة ، لان المراد بيبشرك بمكون أو مخلوق ( وجيها ـ ومن المقربين ، ويكلم ) أحوال مقدرة ، وصاحبها معنى الكلمة ، وهو مكون أو مخلوق ، وجاز أن ينتصب الحال عنه وهو نكرة لانه قد وصف ، ولايجوز أن تكون أحوالا من المسيح ، ولامن عيسى ، ولامن ابن مريم لانها أخبار ، والعامل فيها الابتداء أو المبتدأ أو هما ، وليس شئ من ذلك يعمل في الحال ، ولا يجوز أن تكون أحوالا من الهاء في اسمه للفصل الواقع بينهما ولعدم العامل في الحال.
  قوله تعالى ( فِي الْمَهْدِ ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يكلم : أي يكلمهم صغيرا ، ويجوز أن يكون ظرفا ( وَكَهْلاً ) يجوز أن يكون حالا معطوفة على وجيها ، وأن يكون معطوفا على موضع في المهد إذا جعلته حالا ( وَمِنْ الصَّالِحِينَ ) حال معطوفة على وجيها.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 135 _
  قوله تعالى ( كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ) قد ذكر في قوله ( كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) قصة زكريا ، و ( إِذَا قَضَى أَمْراً ) مشروح في البقرة.
  قوله تعالى ( ونعلمه ) يقرأ بالنون حملا على قوله ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ) ويقرأ بالياء حملا على يبشرك ، وموضعه حال معطوفة على وجيها (ورسولا) فيه وجهان : أحدهما هو صفة مثل صبور وشكور ، فيكون حالا أيضا ، أو مفعولا به على تقدير : ويجعله رسولا ، وفعول هنا بمعنى مفعل : أى مرسلا ، والثانى أن يكون مصدرا كما قال الشاعر : ( أبلغ أبا سلمى رسولا تروعه ) فعلى هذا يجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ، وأن يكون مفعولا معطوفا على الكتاب : أى ونعلمه رسالة ، فإلى على الوجهين تتعلق برسول لانهما يعملان عمل الفعل ، ويجوز أن يكون إلى نعتا لرسول فيتعلق بمحذوف (أنى) في موضع الجملة ثلاثة أوجه : أحدها جر : أى بأنى وذلك مذهب الخليل ، ولو ظهرت الباء لتعلقت برسول أو بمحذوف يكون صفة لرسول : أى ناطقا بأنى أو مخبرا ، والثانى موضعها نصب على الموضع ، وهو مذهب سيبويه ، أو على تقدير : يذكر أنى ، ويجوز أن يكون بدلا من رسول إذا جعلته مصدرا تقديره ونعلمه أنى قد جئتكم ، والثالث موضعها رفع : أى هو أنى قد جئتكم إذا جعلت رسولا مصدرا أيضا (بآية) في موضع الحال : أى محتجا بآية ( مِنْ رَبِّكُمْ ) يجوز أن يكون صفة لآية ، وأن يكون متعلقا بجئت ( أَنِّي أَخْلُقُ ) يقرأ بفتح الهمزة ، وفى موضعه ثلاثة أوجه : أحدها جر بدلا من آية ، والثانى رفع : أى هى أنى ، والثالث أن يكون بدلا من أنى الاولى ، ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف أو على إضمار القول (كهيئة) الكاف في موضع نصب نعتا لمفعول محذوف : أى هيئة كهيئة الطير ، والهيئة مصدر في معنى المهيإ كالحلق بمعنى المخلوق ، وقيل الهيئة اسم لحال الشئ وليست مصدرا ، والمصدر التهيؤ والتهيؤ والتهيئة ، ويقرأ كهية الطير على إلقاء حركة الهمزة على الياء وحذفها ، وقد ذكر في البقرة اشتقاق الطير وأحكامه ، والهاء في (فيه) تعود على معنى الهيئة لانها معنى المهيإ ، ويجوز أن تعود على الكاف لانها اسم بمعنى مثل ، وأن تعود على الطير ، وأن تعود على المفعول المحذوف (فيكون) أى فيصير ، فيجوز أن تكون كان هنا التامة ، لان معناها صار ، وصار بمعنى انتقل ، ويجوز أن تكون الناقصة ، و (طائرا) على الاول حال ، وعلى الثانى خبر ، و ( بِإِذْنِ اللَّهِ ) يتعلق بيكون ( بِمَا تَأْكُلُونَ ) يجوز أن تكون بمعنى الذى ونكرة موصوفة ومصدرية ، وكذلك

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 136 _
  ماالاخرى ، والاصل في (تدخرون) تذتخرون إلا أن الذال مجهورة والتاء مهموسة فلم يجتمعا ، فأبدلت التاء دالا لانها من مخرجها لتقرب من الذال ثم أبدلت الذال دالا وأدغمت ، ومن العرب من يقلب التاء ذالا ، ويدغم ويقرأ بتخفيف الذال وفتح الخاء وماضيه ذخر.
  قوله تعالى (ومصدقا) حال معطوفة على قوله بآية : أى جئتكم بآية ومصدقا ( لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ ) ولايجوز أن يكون معطوفا على وجيها ، لان ذلك يوجب أن يكون ومصدقا لما بين يديه على لفظ الغيبة ( مِنْ التَّوْرَاةِ ) في موضع نصب على الحال من الضمير المستتر في الظرف وهو بين ، والعامل فيها الاستقرار أن نفس الظرف ، ويجوز أن يكون حالا من ( ما ) فيكون العامل فيها مصدقا ( وَلأُحِلَّ ) هو معطوف على محذوف تقديره : لاخفف عنكم أو نحو ذلك ( وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ ) هذا تكرير للتوكيد ، لانه قد سبق هذا المعنى في الآية التى قبلها.
  قوله تعالى ( مِنْهُمْ الْكُفْرَ ) يجوز أن يتعلق ( من ) بأحس ، وأن يكون حالا من الكفر (أنصارى) هو جمع نصير كشريف وأشراف ، وقال قوم : هو جمع نصر وهو ضعيف ، إلا أن تقدر فيه حذف مضاف : أى من صاحب نصرى ، أو تجعله مصدرا وصف به ، و (إلى) في موضع الحال متعلقة بمحذوف وتقديره : من أنصارى مضافا إلى الله أو إلى أنصار الله ، وقيل هى بمعنى مع وليس بشئ ، فإن إلى لاتصلح أن تكون بمعنى مع ، ولاقياس يعضده (الحواريون) الجمهور على تشديد الياء وهو الاصل ، لانها ياء النسبة ، ويقرأ بتخفيفها لانه فر من تضعيف الياء وجعل ضمة الياء الباقية دليلا على أصل ، كما قرء‌وا ( يَسْتَهْزِئُون ) مع أن ضمة الياء بعد الكسرة مستثقل ، واشتقاق الكلمة من الحور وهو البياض ، وكان الحواريون يقصرون الثياب ، وقيل اشتقاقه من حار يحور إذا رجع فكأنهم الراجعون إلى الله وقيل هو مشتق من نقاء القلب وخلوصه وصدقه.
  قوله تعالى ( فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) في الكلام حذف تقديره : مع الشاهدين لك بالوحدانية.
  قوله تعالى ( وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) وضع الظاهر موضع المضمر تفخيما ، والاصل وهو خير الماكرين.
  قوله تعالى ( مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) كلاهما للمستقبل ولا يتعرفان

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 137 _
  بالاضافة والتقدير ، رافعك إلي ومتوفيك ، لانه رفع إلى السماء ثم يتوفى بعد ذلك ، وقيل الواو للجمع فلا فرق بين التقديم والتأخير ، وقيل متوفيك من بينهم ورافعك إلى السماء فلا تقديم فيه ولا تأخير ( وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ ) قيل هو خطاب لنبينا عليه الصلاة والسلام فيكون الكلام تاما على ماقبله ، وقيل هو لعيسى.
  والمعنى : أن الذين اتبعوه ظاهرون على اليهود وغيرهم من الكفار إلى قبل يوم القيامة بالملك والغلبة ، فأما يوم القيامة فيحكم بينهم فيجازى كلا على عمله.
  قوله تعالى ( فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ) يجوز أن يكون الذين مبتدأ ( فَأُعَذِّبُهُمْ ) خبره ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب بفعل محذوف يفسره فأعذبهم تقديره فأعذب بغير ضمير مفعول لعمله في الظاهر قبله فحذف ، وجعل الفعل المشغول بضمير الفاعل مفسرا له ، وموضع الفعل المحذوف بعد الصلة ، ولا يجوز أن يقدر الفعل قبل الذين لان أما لايليها الفعل ، ومله ( وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ ) ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ) فيمن نصب.
  قوله تعالى ( ذَلِكَ نَتْلُوهُ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها ذلك مبتدأ ونتلوه خبره.
  والثانى المبتدأ محذوف وذلك خبره : أى الامر ذلك ، ونتلوه في موضع الحال : أى الامر المشار إليه متلوا ، و ( مِنْ الآيَاتِ ) حال من الهاء ، والثالث ذلك مبتدأ ، ومن الآيات خبره ، ونتلوه حال ، والعامل فيه معنى الاشارة ، ويجور أن يكون ذلك في موضع نصب بفعل دل عليه نتلوه ، تقديره : نتلو ذلك فيكون من الآيات حالا من الهاء أيضا ، و (الحكيم) هنا بمعنى المحكم.
  قوله تعالى ( خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ) هذه الجملة تفسير للمثل فلا موضع لها ، وقيل موضعها حال من آدم ، وقد معه مقدرة ، والعامل فيها معنى التشبيه ، والهاء لآدم ومن متعلقة بخلق ، ويضعف أن يكون حالا لانه يصير تقديره : خلقه كائنا من تراب ، وليس المعنى عليه ( ثُمَّ قَالَ لَهُ ) ثم هاهنا لترتيب الخبر لالترتيب المخبر عنه لان قوله (كن) لم يتأخر عن خلقه ، وإنما هو في المعنى تفسير لمعنى الخلق ، وقد جاء‌ت ثم غير مقيدة بترتيب المخبر عنه كقوله ( فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ ) وتقول : زيد عالم ثم هو كريم ، ويجوز أن تكون لترتيب المخبر عنه على أن يكون المعنى صوره طينا ، ثم قال له كن لحما ودما.
  قوله تعالى ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ ) الهاء ضمير عيسى ، ومن شرطية ، والماضى بمعنى المستقبل و (ما) بمعنى الذى ، و ( مِنْ الْعِلْمِ ) حال من ضمير الفاعل.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 138 _
  ولا يجوز أن تكون مامصدرية على قول سيبويه والجمهور ، لان ما المصدرية لايعود إليها ضمير ، وفى حاجك ضمير فاعل ، إذ ليس بعده مايصح أن يكون فاعلا ، والعلم لايصح أن يكون فاعلا ، لان من لاتزاد في الواجب ، ويخرج على قول الاخفش أن تكون مصدرية ومن زائدة ، والتقدير : من بعد مجئ العلم إياك والاصل في (تعالوا) تعاليوا ، لان الاصل في الماضى تعالى ، والياء منقلبة عن واو لانه من العلو فأبدلت الواو ياء لوقوعها رابعة ، ثم أبدلت الياء ألفا ، فإذا جاء‌ت واو الجمع حذفت لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها ، و (ندع) جواب لشرط محذوف ، و (نبتهل) و (نجعل) معطوفان عليه ، ونجعل المتعدية إلى مفعولين أى نصير ، والمفعول الثانى ( عَلَى الْكَاذِبِينَ ).
  قوله تعالى ( لَهُوَ الْقَصَصُ ) مبتدأ وخبر في موضع خبر إن ( إِلاَّ اللَّهُ ) خبر من إله تقديره : وماإله إلا الله.
  قوله تعالى ( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) يجوز أن يكون اللفظ ماضيا ، ويجوز أن يكون مستقبلا تقديره : يتولوا ، ذكره النحاس وهو ضعيف ، لان حرف المضارعة لاي حذف.
  قوله تعالى (سواء) الجمهور على الجر وهو صفة لكلمة ، ويقرأ ( سواء ) بالنصب على المصدر ، ويقرأ ( كلمة ) بكسر الكاف وإسكان اللام على التخفيف والنقل مثل فخذ وكبد ( بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ) ظرف لسواء : أى لتستوى الكلمة بيننا ولم تؤنث سواء ، وهو صفة مؤنث ، لانه مصدر وصف به ، فأما قوله ( أَلاَّ نَعْبُدَ ) ففى موضعه وجهان : أحدهما جر بدلا من سواء أو من كلمة ، تقديره : تعالوا إلى ترك عبادة غير الله ، والثانى هو رفع تقديره : هى أن لانعبد إلا الله ، وأن هى المصدرية ، وقيل تم الكلام على سواء ثم استأنف فقال بيننا وبينكم أن لانعبد : أى بيننا وبينكم التوحيد ، فعلى هذا يجوز أن يكون أن لانعبد مبتدأ والظرف خبره ، والجملة صفة لكلمة ، ويجوز أن يرتفع ألا نعبد بالظرف ( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) هو ماض ، ولايجوز أن يكون التقدير : يتولوا لفساد المعنى ، لان قوله ( فَقُولُوا اشْهَدُوا ) خطاب للمؤمنين ، ويتولوا للمشركين ، وعند ذلك لايبقى في الكلام جواب الشرط ، والتقدير : فقولوا لهم.
  قوله تعالى ( لِمَ تُحَاجُّونَ ) الاصل لما ، فحذفت الالف لما ذكرنا في قوله ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ ) واللام متعلقة بتحاجون ( إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ ) من يتعلق بأنزلت ، والتقدير من بعد موته.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 139 _
  قوله تعالى ( هَا أَنْتُمْ ) ها للتنبيه ، وقيل هى بدل من همزة الاستفهام ، ويقرأ بتحقيق الهمزة والمد ، وبتليين الهمزة والمد ، وبالقصر والهمز ، وقد ذكرنا إعراب هذا الكلام في قوله ( ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ ) (فيما) هى بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، و (علم) مبتدأ ولكم خبره ، وبه في موضع نصب على الحال لانه صفة لعلم في الاصل قدمت عليه ، ولايجوز أن تتعلق الباء بعلم إذ فيه تقديم الصلة على الموصول ، فإن علقتها بمحذوف يفسره المصدر جاز ، وهو الذى يسمى تبيينا.
  قوله تعالى ( بِإِبْرَاهِيمَ ) الباء تتعلق بأولى ، وخبر إن ( لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) وأولى أفعل من ولى يلى ، وألفه منقلبة عن ياء لان فاء‌ه واو ، فلا تكون لامه واو ، إذ ليس في الكلام مافاؤه ولامه واوان إلا واو (1) ( وَهَذَا النَّبِيُّ ) معطوف على خبر إن ، ويقرأ النبى بالنصب : أى واتبعوا هذا النبى.
  قوله تعالى ( وَجْهَ النَّهَارِ ) وجه ظرف لآمنوا بدليل قوله ( وَاكْفُرُوا آخِرَهُ ) ويجوز أن يكون ظرفا لانزل.
  قوله تعالى ( إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ ) فيه وجهان : أحدهما أنه استثناء مما قبله ، والتقدير : ولاتقروا إلا لمن تبع ، فعلى هذا اللام غير زائدة ، ويجوز أن تكون زائدة ، ويكون محمولا على المعنى : أى اجحدوا كل أحد إلا من تبع ، والثانى أن النية التأخير ، والتقدير ولاتصدقوا أن يؤتى أحد مثل ماأوتيتم إلا من تبع دينكم ، فاللام على هذا زائدة ، ومن في موضع نصب على الاستثناء من أحد ، فأما قوله ( قُلْ إِنَّ الْهُدَى ) فمعترض بين الكلامين لانه مشدد ، وهذا الوجه بعيد لان فيه تقديم المستثنى على المستثنى منه ، وعلى العامل فيه وتقديم مافى صلة أن عليها.
  فعلى هذا في موضع أن يؤتى ثلاثة أوجه : أحدها جر تقديره : ولاتؤمنوا بأن يؤتى أحد.
  والثانى أن يكون نصبا على تقدير حذف حرف الجر.
  والثالث أن يكون مفعولا من أجله تقديره : ولاتؤمنوا إلا لمن تبع دينكم مخافة أن يؤتى أحد ، وقيل أن يؤتى متصل بقوله ( قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ ) والتقدير : أن يؤتى : أى هو أن لايؤتى ، فهو في موضع رفع ( أَوْ يُحَاجُّوكُمْ ) معطوف على يؤتى ، وجمع الضمير لاحد لانه في مذهب الجمع ، كما قالوا ( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ) ويقرأ : أن يؤتى على الاستئناف ، وموضعه رفع على أنه مبتدأ تقديره : إتيان أحد مثل ماأوتيتم يمكن أو يصدق ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف تقديره : أتصدقون أن يؤتى أو أتشيعون ، ويقرأ شاذا أن يؤتى على تسمية الفاعل وأحد فاعله والمفعول محذوف : أى أن يؤتى أحد أحدا ( يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ )

--------------------
(1) إلا واو التهجى قاله السمين. (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 140 _
  يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف : أى هو يؤتيه ، وأن يكون خبرا ثانيا.
  قوله تعالى ( مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ ) من مبتدأ ، ومن أهل الكتاب خبره ، والشرط وجوابه صفة لمن لانها نكرة ، وكما يقع الشرط خبرا يقع صلة وصفة وحالا ، وقرأ أبوالاشهب العقيلى ( تأمنه ) بكسر حرف المضارعة ، و (بقنطار) الباء بمعنى في أى في حفظ قنطار ، وقيل الباء بمعنى على (يؤده) فيه خمس قراء‌ات : إحداها كسر الهاء وصلتها بياء في اللفظ وقد ذكرنا علة هذا في أول الكتاب.
  والثانية كسر الهاء من غير ياء اكتفى بالكسرة عن الياء لدلالتها عليها ، ولان الاصل أن لايزاد على الهاء شئ كبقية الضمائر.
  والثالثة إسكان الهاء ، وذلك أنه أجرى الوصل مجرى الوقف وهو ضعيف ، وحق هاء الضمير الحركة ، وإنما تسكن هاء السكت.
  والرابعة ضم الهاء وصلتها بواو في اللفظ على تبيين الهاء المضمومة بالواو ، لانها من جنس الضمة كما بينت المكسورة بالياء.
  والخامسة ضم الهاء من غير واو لدلالة الضمة عليها ، ولانه الاصل ، ويجوز تحقيق الهمزة وإبدالها واوا للضمة قبلها ( إِلاَّ مَا دُمْتَ ) ( ما ) في موضع نصب على الظرف : أى إلا مدة دوامك ، ويجوز أن يكون حالا لان مامصدرية ، والمصدر قد يقع حالا ، والتقدير : إلا في حال ملازمتك ، والجمهور على ضم الدال ، وماضيه دام يدوم مثل قال يقول : ويقرأ بكسر الدال وماضيه دمت تدام مثل خفت تخاف وهى لغة ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ) أى ذلك مستحق بأنهم ( فِي الأُمِّيِّينَ ) صفة ل‍ (سبيل) قدمت عليه فصارت حالا ، ويجوز أن يكون ظرفا للاستقرار في علينا.
  وذهب قوم إلى عمل ليس في الحال ، فيجوز على هذا أن يتعلق بها ، وسبيل اسم ليس وعلينا الخبر ، ويجوز أن يرتفع سبيل بعلينا فيكون في ليس ضميرالشأن ( وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ) يجوز أن يتعلق على بيقولون لانه بمعنى يفترون ويجوز أن يكون حالا من الكذب مقدما عليه ، ولايجوز أن يتعلق بالكذب لان الصلة لاتتقدم على الموصول ، ويجوز ذلك على التبيين ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) جملة في موضع الحال.
  قوله تعالى (بلى) في الكلام حذف تقديره : بلى عليهم سبيل ، ثم ابتدأ فقال ( مَنْ أَوْفَى ) وهى شرط ( فَإِنَّ اللَّهَ ) جوابه ، والمعنى : فإن الله يحبهم ، فوضع الظاهر موضع المضمر.
  قوله تعالى ( يلوون ) هو في موضع نصب صفة لفريق وجمع على المعنى ، ولو

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 141 _
  أفرد جاز على اللفظ ، والجمهور على إسكان اللام وإثبات واوين بعدها ، ويقرأ بفتح اللام وتشديد الواو وضم الياء على التكثير ، ويقرأ بضم اللام وواو واحدة ساكنة والاصل يلوون كقراء‌ة الجمهور إلا أنه همز الواو لانضمامها ، ثم ألقى حركتها على اللام ، والالسنة جمع لسان ، وهو على لغة من ذكر اللسان ، وأما من أنثه فإنه يجمعه على ألسن ، و (بالكتاب) في موضع الحال من الالسنة : أى ملتبسة بالكتاب أو ناطقة بالكتاب ، و ( مِنْ الْكِتَابِ ) هو المفعول الثانى لحسب.
  قوله تعالى ( ثُمَّ يَقُولُ ) هو معطوف على يؤتيه ، ويقرأ بالرفع على الاستئناف ( بِمَا كُنْتُمْ ) في موضع الصفة لربانيين ، ويجوز أن تكون الباء بمعنى السبب فتتعلق بكان ومامصدرية : أى يعلمكم الكتاب ، ويجوز أن تكون الباء متعلقة بربانيين (تعلمون) يقرأ بالتخفيف : أى تعرفون ، وبالتشديد : أى تعلمونه غيركم (تدرسون) يقرأ بالتخفيف : أى تدرسون الكتاب فالمفعول محذوف ، ويقرأ بالتشديد وضم التاء : أى تدرسون الناس الكتاب.
  قوله تعالى ( وَلا يَأْمُرَكُمْ ) يقرأ بالرفع : أى ولا يأمركم الله أو النبى فهو مستأنف ويقرأ بالنصب عطفا على يقول فيكون الفاعل ضمير النبى أو البشر ، ويقرأ بإسكان الراء فرارا من توالى الحركات ، وقد ذكر في البقرة (إذ) في موضع جر بإضافة بعد إليها ( وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) في موضع جر بإضافة إذا إليها.
  قوله تعالى ( لَمَا آتَيْتُكُمْ ) يقرأ بكسر اللام ، وفيما يتعلق به وجهان : أحدهما أخذ : أى لهذا المعنى ، وفيه حذف مضاف تقديره : لرعاية ماآتيتكم ، والثانى أن يتعلق بالميثاق لانه مصدر : أى توثقنا عليهم لذلك ، ومابمعنى الذى ، أو نكرة موصوفة ، والعائد محذوف و ( مِنْ كِتَابٍ ) حال من المحذوف أو من الذى ، ويقرأ بالفتح وتخفيف ( ما ) وفيها وجهان : أحدهما أن مابمعنى الذى ، وموضعها رفع بالابتداء ، واللام لام الابتداء دخلت لتوكيد معنى القسم.
  وفى الخبر وجهان : أحدهما من كتاب وحكمة : أى الذى أوتيتموه من الكتاب ، والنكرة هنا كالمعرفة ، والثانى الخبر لتؤمنن به والهاء عائدة على المبتدإ واللام جواب القسم ، لان أخذ الميثاق قسم في المعنى ، فأما قوله ( ثُمَّ جَاءَكُمْ ) فهو معطوف على ماآتيتكم ، والعائد على ( ما ) من هذا المعطوف فيه وجهان : أحدهما تقديره : ثم جاء‌كم به ، واستغنى عن إظهاره بقوله به فيما بعد ، والثانى أن قوله ( لِمَا مَعَكُمْ ) في موضع الضمير تقديره : مصدق له ، لان الذى معهم هو الذى آتاهم ، ويجوز أن يكون العائد ضمير الاستقرار العامل

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 142 _
  في مع ، ويجوز أن تكون الهاء في (به) تعود على الرسول ، والعائد على المبتدإ محذوف وسوغ ذلك طول الكلام ، وأن تصديق الرسول تصديق للذى أوتيه.
  والقول الثانى أن ( ما ) شرط واللام قبله لتلقى القسم كالتى في قوله ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ ) وليست لازمة بدليل قوله ( وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ ) فعلى هذا تكون ( ما ) في موضع نصب بآتيت ، والمفعول الثانى ضمير المخاطب ، ومن كتاب مثل من آية في قوله ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ ) وباقى الكلام على هذا الوجه ظاهر.
  ويقرأ ( لما ) بفتح اللام وتشديد الميم ، وفيها وجهان : أحدهما أنها الزمانية : أى أخذنا ميثاقهم لما آتيناهم شيئا من كتاب وحكمة ، ورجع من الغيبة إلى الخطاب على المألوف من طريقتهم.
  والثانى أنه أراد لمن ماثم أبدل من النون ميما لمشابهتها إياها فتوالت ثلاث ميمات فحذف الثانية لضعفها بكونها بدلا وحصول التكرير بها ، ذكر هذا المعنى ابن جنى في المحتسب ، ويقرأ آتيتكم على لفظ واحد ، وهو موافق لقوله ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ ) ولقوله ( إصرى ) ويقرأ آتيناكم على لفظ الجمع للتعظيم ( أَأَقْرَرْتُمْ ) فيه حذف أى بذلك و (إصرى) بالكسر والضم لغتان قرئ بهما.
  قوله تعالى ( فَمَنْ تَوَلَّى ) من مبتدأ يجوز أن تكون بمعنى الذى ، وأن تكون شرطا (فأولئك) مبتدأ ثان ، و ( هُمْ الْفَاسِقُونَ ) مبتدأ وخبره ، ويجوز أن يكون هم فصلا.
  قوله تعالى (أفغير) منصوب ب‍ (يبغون) ويقرأ بالياء على الغيبة كالذى قبله وبالتاء على الخطاب ، والتقدير : قل لهم ( طَوْعاً وَكَرْهاً ) مصدران في موضع الحال ، ويجوز أن يكونا مصدرين على غير الصدر ، لان أسلم بمعنى انقاد وأطاع (ترجعون) بالتاء على الخطاب ، وبالياء على الغيبة.
  قوله تعالى ( قُلْ آمَنَّا ) تقديره : قل يامحمد آمنا : أى أنا ومن معى ، أو أنا والانبياء ، وقيل التقدير : قل لهم قولوا آمنا.
  قوله تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ ) الجمهور على إظهار الغينين ، وروى عن أبى عمرو الادغام وهو ضعيف ، لان كسرة الغين الاولى تدل على الياء المحذوفة ، و (دينا) تمييز ، ويجوز أن يكون مفعول يبتغ ، و (غير) صفة قدمت عليه فصارت حالا ( وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) هو في الاعراب مثل قوله ( وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ ) وقد ذكر.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 143 _
  قوله تعالى ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ ) حال أو ظرف ، والعامل فيها يهدى ، وقد تقدم نظيره (وشهدوا) فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو حال من الضمير في كفروا وقد معه مقدرة ، ولايجوز أن يكون العامل يهدى ، لان يهدى من ( شهد أن الرسول حق ) والثانى أن يكون معطوفا على كفروا : أى كيف يهديهم بعد اجتماع الامرين.
  والثالث أن يكون التقدير : وأن شهدوا : أى بعد أن آمنوا ، وأن شهدوا فيكون في موضع جر.
  قوله تعالى (أولئك) مبتدأ ، و (جزاؤهم) مبتدأ ثان و ( أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ ) أن واسمها وخبرها خبر جزاء : أى جزاؤهم اللعنة ، ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا من أولئك بدل الاشتمال.
  قوله تعالى ( خَالِدِينَ فِيهَا ) حال من الهاء والميم في عليهم ، والعامل فيها الجار أو مايتعلق به ، وفيها يعنى اللعنة.
  قوله تعالى (ذهبا) تمييزه والهاء في به تعود على المل‌ء أو على ذهب.
  قوله تعالى ( مِمَّا تُحِبُّونَ ) ( ما ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، ولا يجوز أن تكون مصدرية ، لان المحبة لاتتفق ، فإن جعلت المصدر بمعنى المفعول فهو جائز على رأى أبي علي ( وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ ) قد ذكر نظيره في البقرة ، والهاء في (به) تعود على ما أو على شئ.
  قوله تعالى (حلا) أى حلالا ، والمعنى كان كله حلا ( إِلاَّ مَا حَرَّمَ ) في موضع نصب لانه استثناء من اسم كان ، والعامل فيه كان ، ويجوز أن يعمل فيه حلا ويكون فيه ضمير يكون الاستثناء منه ، لانه حلا وحلالا في موضع اسم الفاعل بمعنى الجائز والمباح ( مِنْ قَبْلِ ) متعلق بحرم.
  قوله تعالى ( مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ) يجوز أن يتعلق بافترى وأن يتعلق بالكذب.
  قوله تعالى ( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ) الجمهور على إظهار اللام وهو الاصل ، ويقرأ بالادغام لان الصاد فيها انبساط ، وفى اللام انبساط بحيث يتلاقى طرفاهما فصارا متقاربين ، والتقدير : قل لهم صدق الله ، (حنيفا) يجوز أن يكون حالا من إبراهيم ومن الملة ، وذكر لان الملة والدين واحد.
  قوله تعالى ( وُضِعَ لِلنَّاسِ ) الجملة في موضع جر صفة لبيت ، والخبر ( لَلَّذِي بِبَكَّةَ ) ، و ( مُبَارَكاً وَهُدًى ) حالان من الضمير في موضع ، وإن شئت في الجار والعامل فيهما الاستقرار.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 144 _
  قوله تعالى ( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ ) يجوز أن تكون الجملة مستأنفة مضمرة لمعنى البركة والهدى ، ويجوز أن يكون موضعها حالا أخرى ، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في قوله للعالمين ، والعامل فيه هدى ، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في مباركا وهو العامل فيها ، ويجوز أن تكون صفة لهدى كما أن للعالمين كذلك ، و ( مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ) مبتدأ والخبر محذوف : أى منها مقام إبراهيم ( وَمَنْ دَخَلَهُ ) معطوف عليه : أى ومنها أمن من دخله ، وقيل هو خبر تقديره : هى مقام ، وقيل بدل ، وعلى هذين الوجهين قد عبر عن الآيات بالمقام وبأمن الداخل ، وقيل ( وَمَنْ دَخَلَهُ ) مستأنف ، ومن شرطية ، و ( حِجُّ الْبَيْتِ ) مصدر يقرأ بالفتح والكسر وهما لغتان ، وقيل الكسر اسم للمصدر ، وهو مبتدأ وخبره ( عَلَى النَّاسِ ) ولله يتعلق بالاستقرار في على تقديره : استقر لله على الناس ، ويجوز أن يكون الخبر لله وعلى الناس متعلق به إما حالا وإما مفعولا ، ولا يجوز أن يكون لله حالا لان العامل في الحال على هذا يكون معنى ، والحال لايتقدم على العامل المعنوى ، ويجوز أن يرتفع الحج بالجار الاول أو الثانى والحج مصدر أضيف إلى المفعول ( مَنْ اسْتَطَاعَ ) بدل من الناس بدل بعض من كل ، وقيل هو في موضع رفع تقديره : هم من استطاع والواجب عليه من استطاع ، والجملة بدل أيضا ، وقيل هو مرفوع بالحج تقديره : ولله على الناس أن يحج البيت من استطاع ، فعلى هذا في الكلام حذف تقديره : من استطاع منهم ليكون في الجملة ضمير يرجع على الاول ، وقيل من مبتدأ شرط ، والجواب محذوف تقديره : من استطاع فليحج ، ودل على ذلك قوله ( وَمَنْ كَفَرَ ) وجوابها.
  قوله تعالى ( لِمَ تَصُدُّونَ ) اللام متعلقة بالفعل ، و (من) مفعوله ، و (تبغونها) يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من الضمير في تصدون أو من السبيل ، لان فيها ضميرين راجعين إليهما ، فلذلك صح أن تجعل حالا من كل واحد منهما ، و (عوجا) حال.
  قوله تعالى ( بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) يجوز أن يكون ظرفا ليردوكم ، وأن يكون ظرفا ل‍ (كافرين) وهو في المعنى مثل قوله ( كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ).

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 145 _
  قوله تعالى ( وَلا تَفَرَّقُوا ) الاصل تتفرقوا ، فحذف التاء الثانية وقد ذكر وجهه في البقرة ويقرأ بتشديد التاء : والوجه فيه أنه سكن التاء الاولى حين نزلها متصلة بالالف ثم أدغم ( نِعْمَةَ اللَّهِ ) هو مصدر مضاف إلى الفاعل ، و (عليكم) يجوز أن يتعلق به كما تقول أنعمت عليك ، ويجوز أن يكون حالا من النعمة فيتعلق بمحذوف ( إِذْ كُنْتُمْ ) يجوز أن يكون ظرفا للنعمة ، وأن يكون ظرفا للاستقرار في عليكم إذا جعلته حالا ( فَأَصْبَحْتُمْ ) يجوز أن تكون الناقصة فعلى هذا يجوز أن يكون الخبر (بنعمته) فيكون المعنى فأصبحتم في نعمته ، أو متلبسين بنعمته : أو مشمولين ، و (إخوانا) على هذا حال يعمل فيها أصبح أو مايتعلق به الجار ، ويجوز أن يكون إخوانا خبر أصبح ، ويكون الجار حالا يعمل فيه أصبح ، أو حالا من إخوان لانه صفة له قدمت عليه ، وأن يكون متعلقا بأصبح لان الناقصة تعمل في الجار ، ويجوز أن يتعلق بإخوانا لان التقدير : تآخيتم بنعمته ، ويجوز أن تكون أصبح تامة ، ويكون الكلام في بنعمته إخوانا قريبا من الكلام في الناقصة ، والاخوان جمع أخ من الصداقة لا من النسب.
  والشفا يكتب بالالف وهى من الواو تثنية شفوان ، و ( مِنْ النَّارِ ) صفة لحفرة ، ومن للتبعبض ، والضمير في (منها) للنار أو للحفرة ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ ) يجوز أن تكون كان هنا التامة فتكون (أمة) فاعلا ، و (يدعون) صفته ، ومنكم متعلقة بتكن أو بمحذوف على أن تكون صفة لامة قدم عليها فصار حالا ، ويجوز أن تكون الناقصة ، وأمة اسمها ، ويدعون لخبر ، ومنكم إما حال من أمة أو متعلق بكان الناقصة ، ويجوز أن يكون يدعون صفة ، ومنكم الخبر.
  قوله تعالى ( جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ ) إنما حذف التاء لان تأنيث البينة غير حقيقى : ولانها بمعنى الدليل.
  قوله تعالى ( يَوْمَ تَبْيَضُّ ) هو ظرف لعظيم أو للاستقرار في لهم ، وفى تبيض أربع لغات فتح التاء وكسرها من غير ألف ، وتبياض بالالف مع فتح التاء وكسرها وكذلك تسود ( أَكَفَرْتُمْ ) تقديره : فقال لهم أكفرتم ، والمحذوف هو الخبر.
  قوله تعالى ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ ) قد ذكر في البقرة.
  قوله تعالى ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ) قيل كنتم في علمى ، وقيل هو بمعنى صرتم ، وقيل كان زائدة ، والتقدير : أنتم خير ، وهذا خطأ لان كان لاتزاد في أول الجملة ولا تعمل في خير (تأمرون) خبر ثان ، أو تفسير لخبر أو مستأنف ( لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ) أى لكان الايمان ، لفظ الفعل على إرادة المصدر ( مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ ) هو مستأنف.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 146 _
  قوله تعالى ( إِلاَّ أَذًى ) أذى مصدر من معنى يضروكم ، لان الاذى والضرر متقاربان في المعنى ، فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا ، وقيل هو منقطع لان المعنى : لن يضروكم بالهزيمة ، لكن يؤذونكم بتصديكم لقتالهم ( يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ) الادبار مفعول ثان ، والمعنى : يجعلون ظهورهم تليكم ( ثُمَّ لا تُنصَرُونَ ) مستأنف ، ولايجوز الجزم عند بعضهم عطفا على جواب الشرط ، لان جواب الشرط يقع عقيب المشروط ، وثم للتراخى ، فلذلك لم تصلح في جواب الشرط ، والمعطوف على الجواب كالجواب ، وهذا خطأ لان الجزم في مثله قد جاء في قوله ( ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) وإنما استؤنف هنا ليدل على أن الله لاينصرهم قاتلوا أو لم يقاتلوا.
  قوله تعالى ( إِلاَّ بِحَبْلٍ ) في موضع نصب على الحال تقديره : ضربت عليهم الذلة في كل حال إلا في حال عقد العهد لهم ، فالباء متعلقة بمحذوف تقديره إلا متمسكين بحبل.
  قوله تعالى ( لَيْسُوا ) الواو اسم ليس ، وهى راجعة على المذكورين قبلها و (سواء) خبرها : أى ليسوا مستوين ، ثم استأنف فقال ( مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ) فأمة مبتدأ وقائمة نعت له ، والجار قبله خبره ، ويجوز أن تكون أمة فاعل الجار ، وقد وضع الظاهر هنا موضع المضمر والاصل منهم أمة ، وقيل أمة رفع بسواء ، وهذا ضعيف في المعنى والاعراب ، لانه منقطع مما قبله ، ولايصح أن تكون الجملة خبر ليس ، وقيل أمة اسم ليس ، والواو فيها حرف يدل على الجمع كما قالوا : أكلونى البراغيث ، وسواء الخبر ، وهذا ضعيف إذ ليس الغرض بيان تفاوت الامة القائمة التالية لآيات الله ، بل الغرض أن من أهل الكتاب مؤمنا وكافرا (يتلون) صفة أخرى لامة ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في قائمة أو من الامة لانها قد وصفت ، والعامل على هذا الاستقرار ، و ( آنَاءَ اللَّيْلِ ) ظرف ليتلون لا لقائمة ، لان قائمة قد وصفت فلا تعمل فيما بعد الصفة ، وواحد الآناء إنى مثل معى ، ومنهم من يفتح الهمزة فيصير على وزن عصا ، ومنهم من يقول إنى بالياء وكسر الهمزة ، ( وَهُمْ يَسْجُدُونَ ) حال من الضمير في يتلون أو في قائمة ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، وكذلك ( يؤمنون ، ويأمرون ، وينهون ) إن شئت جعلتها أحوالا ، وإن شئت استأنفتها.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 147 _
  قوله تعالى ، و ( مَا يَفْعَلُوا ) يقرأ بالتاء على الخطاب ، وبالياء حملا على الذى قبله.
  قوله تعالى ( كَمَثَلِ رِيحٍ ) فيه حذف مضاف تقديره : كمثل مهلك ريح : أى ما ينفقون هالك كالذى تهلكه ( فِيهَا صِرٌّ ) مبتدأ وخبر في موضع صفة الريح ، ويجوز أن ترفع صرا بالظرف لانه قد اعتمد على ماقبله ، و (أصابت) في موضع جر أيضا صفة لريح ، ولايجوز أن تكون صفة لصر لان الصر مذكر والضمير في أصابت مؤنث ، وقيل ليس في الكلام حذف مضاف بل تشبيه ما أنفقوا بمعنى الكلام ، وذلك أن قوله ( كَمَثَلِ رِيحٍ ) إلى قوله ( فَأَهْلَكَتْهُ ) متصل بعضه ببعض ، فامتزجت المعانى فيه وفهم المعنى (ظلموا) صفة لقوم.
  قوله تعالى ( مِنْ دُونِكُمْ ) صفة لبطانة ، قيل من زائدة لان المعنى بطانة دونكم في العمل والايمان ( لا يَأْلُونَكُمْ ) في موضع نعت لبطانة أو حال مما تعلقت به من ، ويألوا يتعدى إلى مفعول واحد ، و ( خَبَالاً ) على التمييز ، ويجوز أن يكون انتصب لحذف صرف لجزء تقديره : لايألونكم في تخبيلكم ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال (ودوا) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يألونكم ، وقد معه مرادة ، ومامصدرية ، أى عنتكم ( قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ ) حال أيضا ، ويجوز أن يكون مستأنفا ( مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) مفعول بدت ، ومن لابتداء الغاية ، ويجوز أن يكون حالا : أى ظهرت خارجة من أفواههم.
  قوله تعالى ( هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ ) قد ذكر إعرابه في قوله ( ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ ) ( بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ) الكتاب هنا جنس : أى بالكتب كلها ، وقيل هو واحد ( عَضُّوا عَلَيْكُمْ ) عليكم مفعول عضوا ، ويجوز أن يكون حالا أى حنقين عليكم ( مِنْ الغَيْظِ ) متعلق بعضوا أيضا ، ومن لابتداء الغاية : أى من أجل الغيظ ، ويجوز أن يكون حالا : أى مغتاظين (بغيظكم) يجوز أن يكون مفعولا به كما تقول : مات بالسم : أى بسببه ، ويجوز أن يكون حالا : أى موتوا مغتاظين.
  قوله تعالى ( لا يَضُرُّكُمْ ) يقرأ بكسر الضاد وإسكان الراء على أنه جواب الشرط وهو من ضار يضير ضيرا بمعنى ضر ويقال فيه ضاره يضوره بالواو ، ويقرأ بضم الضاد وتشديد الراء وضمها ، وهو من ضر يضر ، وفى رفعه ثلاثة أوجه : أحدها أنه فيه نية التقديم : أى لا يضركم كيدهم شيئا إن تتقوا ، وهو قول سيبويه.
  والثانى أنه حذف الفاء ، وهو قول المبرد ، وعلى هذين القولين الضمة إعراب.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 148 _
  والثالث أنها ليست إعرابا بل لما اضطر إلى التحريك حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد ، وقيل حركها بحركتها الاعرابية المستحقة لها في الاصل ، ويقرأ بفتح الراء على أنه مجزوم حرك بالفتح لالتقاء الساكنين إذ كان أخف من الضم والكسر (شيئا) مصدر : أى ضررا.
  قوله تعالى ( وَإِذْ غَدَوْتَ ) أى واذكر ( مِنْ أَهْلِكَ ) من لابتداء الغاية ، والتقدير : من بين أهلك ، وموضعه نصب تقديره : فارقت أهلك ، و (تبوئ) حال وهو يتعدى إلى مفعول بنفسه ، وإلى آخر تارة بنفسه وتارة بحرف الجر ، فمن الاول هذه الآية ، فالاول ( الْمُؤْمِنِينَ ) والثانى ( مقاعد ) ومن الثانى ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) وقيل اللام فيه زائدة (للقتال) يتعلق بتبوئ ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أن يكون صفة لمقاعد ، ولا يجوز أن يتعلق بمقاعد لان المقعد هنا المكان ، وذلك لا يعمل.
  قوله تعالى ( إِذْ هَمَّتْ ) إذ ظرف لعليم ، ويجوز أن يكون ظرفا لتبوئ وأن يكون لغدوت ( أَنْ تَفْشَلا ) تقديره : بأن تفشلا ، فموضعه نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف (وعلى) يتعلق بيتوكل دخلت الفاء لمعنى الشرط ، والمعنى : إن فشلوا فتوكلوا أنتم ، وإن صعب الامر فتوكلوا.
  قوله تعالى (ببدر) ظرف ، والباء بمعنى في ، ويجوز أن يكون حالا ، و (أذلة) جمع ذليل ، وإنما مجئ هذا البناء فرارا من تكرير اللام الذى يكون في ذللا.
  قوله تعالى ( إِذْ تَقُولُ ) يجوز أن يكون التقدير : اذكر ، ويجوز أن يكون بدلا من ( إِذْ هَمَّتْ ) ويجوز أن يكون ظرفا لنصركم ( أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ ) همزة الاستفهام إذا دخلت على النفى نقلته إلى الاثبات ، ويبقى زمان الفعل على ما كان عليه ، و ( أَنْ يُمِدَّكُمْ ) فاعل يكفيكم ( بِثَلاثَةِ آلافٍ ) الجمهور على كسر الفاء ، وقد أسكنت في الشواذ على أنه أجرى الوصل مجرى الوقف وهذه التاء إذا وقف عليها كانت بدلا من الهاء التى يوقف عليها ، ومنهم من يقول إن تاء التأنيث هى الموقوف عليها وهى لغة ، وقرئ شاذا بهاء ساكنة ، وهو إجراء الوصل مجرى الوقف أيضا ، وكلاهما ضعيف ، لان المضاف والمضاف إليه كالشئ الواحد (مسومين) بكسر الواو : أى مسومين خيلهم أو أنفسهم ، وبفتحها على ما لم يسم فاعله.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 149 _
  قوله تعالى ( إِلاَّ بُشْرَى ) مفعول ثان لجعل ، ويجوز أن يكون مفعولا له ، ويكون جعل المتعدية إلى واحد ، والهاء في جعله تعود على إمداد أو على التسويم أو على النصر أو على التنزيل ( وَلِتَطْمَئِنَّ ) معطوف على بشرى إذا جعلتها مفعولا له تقديره : ليبشركم ولتطمئن ، ويجوز أن يتعلق بفعل محذوف تقديره : ولتطمئن قلوبكم بشركم.
  قوله تعالى ( لِيَقْطَعَ طَرَفاً ) اللام متعلقة بمحذوف تقديره : ليقطع طرفا أمدكم بالملائكة أو نصركم ( أَوْ يَكْبِتَهُمْ ) قيل أو بمعنى الواو ، وقيل هى للتفصيل أى كان القطع لبعضهم والكبت لبعضهم ، والتاء في يكبتهم أصل ، وقيل هى بدل من الدال ، وهو من كبدته أصبت كبده ( فَتَنْقَلِبُوا ) معطوف على يقطع أو يكبتهم.
  قوله تعالى ( لَيْسَ لَكَ ) اسم ليس (شئ) ولك الخبر ومن الامر حال من شئ لانها صفة مقدمة (أو يتوب ، أو يعذبهم) معطوفان على يقطع ، وقيل أو بمعنى إلا أن.
  قوله تعالى (أضعافا) مصدر في موضع الحال من الربا تقديره مضاعفا.
  قوله تعالى (وسارعوا) يقرأ بالواو وحذفها ، فمن أثبتها عطفه على ماقبله من الاوامر ، ومن لم يثبتها استأنف ، ويجوز إمالة الالف هنا لكسرة الراء ( عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ ) الجملة في موضع جر ، وفى الكلام حذف تقديره عرضها مثل عرض السموات (أعدت) يجوز أن يكون في موضع جر صفة للجنة ، وأن يكون حالا منها لانها قد وصفت ، وأن يكون مستأنفا ولايجوز أن يكون حالا من المضاف إليه لثلاثة أشياء : أحدها أنه لا عامل ، وماجاء من ذلك متأول على ضعفه.
  والثانى أن العرض هنا لايراد به المصدر الحقيقى ، بل يراد به المسافة.
  والثالث أن ذلك يلزم منه الفصل بين الحال وبين صاحب الحال بالخبر.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ ) يجوز أن يكون صفة للمتقين ، وأن يكون نصبا على إضمار أعنى ، وأن يكون رفعا على إضمارهم ، وأما (الكاظمين) فعلى الجر والنصب.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا ) يجوز أن يكون معطوفا على الذين ينفقون في أوجهه الثلاثة ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، ويكون أولئك مبتدأ ثانيا ، وجزاؤهم ثالثا ، ومغفرة خبر الثالث ، والجميع خبر الذين ، و (ذكروا) جواب إذا (ومن) مبتدأ ، و (يغفر) خبره ( إِلاَّ اللَّهُ ) فاعل يغفر ، أو بدل من المضمر فيه وهو

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 150 _
  الوجه ، لانك إذا جعلت الله فاعلا احتجت إلى تقدير ضمير : أى ومن يغفر الذنوب له غير الله ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) في موضع الحال من الضمير في يصروا ، أو من الضمير في استغفروا ، ومفعول يعلمون محذوف : أى يعلمون المؤاخذة بها أو عفوا الله عنها.
  قوله تعالى ( وَنِعْمَ أَجْرُ ) المخصوص بالمدح محذوف : أى ونعم الاجر الجنة.
  قوله تعالى ( مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ ) يجوز أن يتعلق بخلت ، وأن يكون حالا من سنن ، ودخلت الفاء في (سيروا) لان المعنى على الشرط : أى إن شككتم فسيروا (كيف) خبر (كان) و (عاقبة) اسمها.
  قوله تعالى ( وَلا تَهِنُوا ) الماضى وهن وحذفت الواو في المضارع لوقوعها بين ياء وكسرة و (الاعلون) واحدها أعلى ، وحذفت منه الالف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها.
  قوله تعالى (قرح) يقرأ بفتح القاف وسكون الراء ، وهو مصدر قرحته إذا جرحته ، ويقرأ بضم القاف وسكون الراء ، وهو بمعنى الجرح أيضا.
  وقال الفراء : بالضم ألم الجراح ، ويقرأ بضمها على الاتباع كاليسر واليسر ، والطنب والطنب ، ويقرأ بفتحها ، وهو مصدر قرح يقرح إذا صار له قرحة ، وهو بمعنى دمى (وتلك) مبتدأ ، و (الايام) خبره ، و (نداولها) جملة في موضع الحال ، والعامل فيها معنى الاشارة ، ويجوز أن تكون الايام بدلا أو عطف بيان ، ونداولها الخبر ، ويقرأ يداولها بالياء ، والمعنى مفهوم ، و ( بَيْنَ النَّاسِ ) ظرف ، ويجوز أن يكون حالا من الهاء (وليعلم) اللام متعلقة بمحذوف تقديره : وليعلم الله دوالها ، وقيل التقدير : ليتعظوا وليعلم الله ، وقيل الواو زائدة ، و (منكم) يجوز أن يتعلق بيتخذ ، ويجوز أن يكون حالا من (شهداء) ، (وليمحص) معطوف على وليعلم.
  قوله تعالى ( أَمْ حَسِبْتُمْ ) أم هنا منقطعة : أى بل أحسبتم ، و ( أَنْ تَدْخُلُوا ) أن والفعل يسد مسد المفعولين.
  وقال الاخفش المفعول الثانى محذوف ( وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) يقرأ بكسر الميم عطفا على الاولى ، وبضمها على تقدير : وهو يعلم ، والاكثر في القراء‌ة الفتح وفيه وجهان : أحدهما أنه مجزوم أيضا لكن الميم لما حركت لالتقاء الساكنين حركت بالفتح إتباعا للفتحة قبلها ، والوجه الثانى أنه منصوب على إضمار أن ، والواو هاهنا بمعنى الجمع كالتى في قولهم : لاتأكل السمك وتشرب اللبن

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 151 _
  والتقدير : أظننتم أن تدخلوا الجنة قبل أن يعلم الله المجاهدين وأن يعلم الصابرين ، ويقرب عليك هذا المعنى أنك لو قدرت الواو بمع صح المعنى والاعراب.
  قوله تعالى ( مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ ) الجمهور على الجر بمن وإضافته إلى الجملة ، وقرئ بضم اللام والتقدير : ولقد كنتم تمنون الموت أن تلقوه من قبل ، فأن تلقوه بدل من الموت بدل الاشتمال والمراد لقاء أسباب الموت لانه قال ( فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) وإذا رأى الموت لم تبق بعده حياة ، ويقرأ ( تلاقوه ) وهو من المفاعلة التى تكون بين اثنين لان مالقيك فقد لقيته ، ويجوز أن تكون من واحد مثل سافرت.
  قوله تعالى ( قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) في موضع رفع صفة لرسول ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في رسول ، وقرأ ابن عباس ( رسل ) نكرة ، وهو قريب من معنى المعرفة ، ومن متعلقة بخلت ، ويجوز أن يكون حالا من الرسل ( أَفَإِيْن مَاتَ ) الهمزة عند سيبويه في موضعها ، والفاء تدل على تعلق الشرط بما قبله.
  وقال يونس : الهمزة في مثل هذا حقها أن تدخل على جواب الشرط تقديره : أتنقلبون على أعقابكم إن مات ، لان الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط.
  ومذهب سيبويه الحق لوجهين : احدهما أنك لو قد مت الجواب لم يكن للفاء وجه ، إذ لايصح أن تقول أتزورنى فإن زرتك ، ومنه قوله ( أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ ) والثانى أن الهمزة لها صدر الكلام ، وإن لها صدر الكلام وقد وقعا في موضعها ، والمعنى يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط ، والجواب لانهما كالشئ الواحد ( عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) حال : أى راجعين.
  قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ ) أى تموت اسم كان ، و ( إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) الخبر واللام للتبيين متعلقة بكان ، وقيل هى متعلقة بمحذوف تقديره : الموت لنفس ، وأن تموت تبيين للمحذوف ، ولا يجوز أن تتعلق اللام بتموت لما فيه من تقديم الصلة على الموصول ، قال الزجاج التقدير : وما كان نفس لتموت ، ثم قدمت اللام (كتابا) مصدر : أى كتب ذلك كتابا ( وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا ) بالاظهار على الاصل وبالادغام لتقاربهما ( نُؤْتِهِ مِنْهَا ) مثل ( يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ) (وسنجزى) بالنون والياء ، والمعنى مفهوم.
  قوله تعالى (وكأين) الاصل فيه أى التى هى بعض من كل أدخلت عليها كاف التشبيه وصارا في معنى كم التى للتكثير ، كما جعلت الكاف مع ذا في قولهم كذا لمعنى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 152 _
  لم يكن لكل واحد منهما ، وكما أن معنى لولا بعد التركيب لم يكن لهما قبله ، وفيها خمسة أوجه كلها قد قرئ به ، فالمشهور ( كَأَيِّنْ ) بهمزة بعدها ياء مشددة وهو الاصل.
  والثانى ( كَائِنَ ) بألف بعدها همزة مكسورة من غير ياء ، وفيه وجهان : أحدهما هو فاعل من كان يكون حكى عن المبرد ، وهو بعيد الصحة ، لانه لو كان ذلك لكان معربا ولم يكن فيه معنى التكثير.
  والثانى أن أصله كأين ، قدمت الياء المشددة على الهمزة فصار كيئن ، فوزنه الآن كعلف ، لانك قدمت العين واللام ، ثم حذفت الياء الثانية لثقلها بالحركة والتضعيف كما قالوا في أيها أيهما ثم أبدلت الياء الساكنة ألفا كما أبدلت في آية وطائى ، وقيل حذفت الياء الساكنة وقدمت المتحركة فانقلبت ألفا ، وقيل لم يحذف منه شئ ولكن قدمت المتحركة وبقيت الاخرى ساكنة وحذفت بالتنوين مثل قاض.
  والوجه الثالث ( كأن ) على وزن كعن ، وفيه وجهان : أحدهما أنه حذف إحدى الياء‌ين على ما تقدم ، ثم حذفت الاخرى لاجل التنوين ، والثانى أنه حذف الياء‌ين دفعة واحدة ، واحتمل ذلك لما امتزج الحرفان.
  والوجه الرابع ( كأي ) بياء خفيفة بعد الهمزة ، ووجهه أنه حذف الياء الثانية وسكن الهمزة لاختلاط الكلمتين وجعلهما كالكلمة الواحدة كما سكنوا الهاء في لهو وفهو ، وحرك الياء لسكون ماقبلها.
  والخامس ( كيئن ) بياء ساكنة قبل الهمزة ، وهو الاصل في كائن ، وقد ذكر ، فأما التنوين فأبقى في الكلمة على مايجب لها في الاصل ، فمنهم من يحذفه في الوقف لانه تنوين ، ومنهم من يثبته فيه لان الحكم تغير بامتزاج الكلمتين ، وأما أى فقال ابن جنى هى مصدر أوى يأوى : إذا انضم واجتمع ، وأصله أوى فاجتمعت الواو والياء وسبقت الاولى بالسكون فقلبت وأدغمت مثل جئ وشئ ، وأما موضع كأين فرفع بالابتداء ، ولا تكاد تستعمل إلا وبعدها من.
  وفى الخبر ثلاثة أوجه : أحدها (قتل) وفى قتل الضمير للنبى ، وهو عائد على كأين لان كأين في معنى نبى ، والجيد أن يعود الضمير على لفظ كأين كما تقول : مائة نبى قتل ، والضمير للمائة إذ هى المبتدأ.
  فإن قلت : لو كان كذلك لانثت فقلت قتلت ، قيل هذا محمول على المعنى لان التقدير كثير من الرجال قتل ، فعلى هذا يكون ( مَعَهُ رِبِّيُّونَ ) في موضع الحال من الضمير في قتل.
  والثانى أن يكون قتل في موضع جر صفة لنبى ، ومعه ربيون الخبر كقولك : كم من رجل صالح معه مال.
  والوجه الثالث أن يكون الخبر محذوفا : أى في الدنيا أو صائر ونحو تلك ، فعلى هذا يجوز أن يكون قتل صفة لنبى ، ومعه ربيون حال على

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 153 _
  ماتقدم ، ويجوز أن يكون قتل مسندا لربيين فلا ضمير فيه على هذا ، والجملة صفة نبى ، ويجوز أن يكون خبرا فيصير في الخبر أربعة أوجه ، ويجوز أن يكون صفة لنبى والخبر محذوف على ماذكرنا ، ويقرأ ( قاتل ) فعلى هذا يجوز أن يكون الفاعل مضمرا ومابعده حال ، وأن يكون الفاعل ربيون ، ويقرأ ( قتل ) بالتشديد ، فعلى هذا لا ضمير في الفعل لاجل التكثير ، والواحد لا تكثير فيه كذا ذكر ابن جنى ، ولا يمتنع فيه أن يكون فيه ضمير الاول لانه في معنى الجماعة ، وربيون بكسر الراء منسوب إلى الربة وهى الجماعة ، ويجوز ضم الراء في الربة أيضا ، وعليه قرئ ربيون بالضم ، وقيل من كسر أتبع ، والفتح هو الاصل وهو منسوب إلى الرب ، وقد قرئ به ( فَمَا وَهَنُوا ) الجمهور على فتح الهاء ، وقرئ بكسرها وهى لغة ، والفتح أشهر ، وقرئ بإسكانها على تخفيف المكسور و ( استكانوا ) استفعلوا من الكون وهو الذل ، وحكى عن الفراء أن أصلها استكنوا أشبعت الفتحة فنشأت الالف وهذا خطأ لان الكلمة في جميع تصاريفها ثبتت عينها تقول : استكان يستكين استكانة فهو مستكين ومستكان له ، والاشباع لا يكون على هذا الحد.
  قوله تعالى ( وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ ) الجمهور على فتح اللام على أن اسم كان مابعد (إلا) وهو أقوى من أن يجعل خبرا.
  والاول اسم لوجهين : أحدها أن ( أَنْ قَالُوا ) يشبه المضمر في أنه لايضمر فهو أعرف ، والثانى أن مابعد إلا مثبت ، والمعنى : كان قولهم ربنا اغفر لنا دأبهم في الدعاء ، ويقرأ برفع الاول على أنه اسم كان ، ومابعد إلا الخبر ( فِي أَمْرِنَا ) يتعلق بالمصدر وهو إسرافنا ، ويجوز أن يكون حالا منه : أى إسرافا واقعا في أمرنا.
  قوله تعالى ( بَلْ اللَّهُ مَوْلاكُمْ ) مبتدأ وخبر ، وأجاز الفراء النصب وهى قراء‌ة والتقدير : بل أطيعوا الله.
  قوله تعالى ( الرعب ) يقرأ بسكون العين وضمها وهما لغتان ( بِمَا أَشْرَكُوا ) الباء تتعلق بنلقى ، ولا يمنع ذلك لتعلق ( في ) به أيضا ، لان في ظرف والباء بمعنى السبب فهما مختلفان ، ومامصدرية ، والثانية نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذى وليست مصدرية ( وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ) أى النار ، فالمخصوص بالذم محذوف ، والمثوى مفعل من ثويت ولامه ياء.
  قوله تعالى ( صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ ) صدق يتعدى إلى مفعولين في مثل هذا النحو ، وقد يتعدى إلى الثانى بحرف الجر فيقال : صدقت زيدا في الحديث (إذ)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 154 _
  ظرف لصدق ، ويجوز أن يكون ظرفا للوعد (حتى) يتعلق بفعل محذوف تقديره : دام ذلك إلى وقت فشلكم.
  والصحيح أنها لاتتعلق في مثل هذا بشئ ، وأنها ليست حرف جر بل هى حرف تدخل على الجملة بمعنى الغاية كما تدخل الفاء والواو على الجمل ، وجواب (إذا) محذوف تقديره : بأن أمركم ونحو ذلك ودل على المحذوف.
  قوله تعالى ( مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ ) معطوف على الفعل المحذوف.
  قوله تعالى (تصعدون) تقديره : اذكروا إذ ، ويجوز أن يكون ظرفا لعصيتم أو تنازعتم أو فشلتم ( وَلا تَلْوُونَ ) الجمهور على فتح التاء ، وقد ذكرناه في قوله ( يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ ) ويقرأ بضم التاء وماضيه ألوى وهى لغة ، ويقرأ ( عَلَى أَحَدٍ ) بضمتين وهو الجبل.
  قوله تعالى ( وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ ) جملة في موضع الحال (بغم) التقدير بعد غم ، فعلى هذا يكون في موضع نصب صفة لغم ، وقيل المعنى : بسبب الغم ، فيكون مفعولا به ، وقيل التقدير : بدل غم ، فيكون صفة لغم أيضا ( لِكَيْلا تَحْزَنُوا ) قيل ( لا ) زائدة ، لان المعنى أنه غمهم ليحزنهم عقوبة لهم على تركهم مواقفهم ، وقيل ليست زائدة ، والمعنى على نفى الحزن عنهم بالتوبة ، وكى هاهنا هى العاملة بنفسها لاجل اللام قبلها.
  قوله تعالى (أمنة) المشهور في القراء‌ة فتح الميم وهو اسم للامن ويقرأ بسكونها وهو مصدر مثل الامر ، و (نعاسا) بدل ، ويجوز أن يكون عطف بيان ، ويجوز أن يكون نعاسا هو المفعول وأمنه حال منه ، والاصل أنزل عليكم نعاسا ذا أمنة ، لان النعاس ليس هو الامن بل هوالذى حصل الامن به ، ويجوز أن يكون أمنة مفعولا (يغشى) يقرأ بالياء على أنه النعاس ، وبالتاء للامنة ، وهو في موضع نصب صفة لما قبله ، و (طائفة) مبتدأ ، و ( قَدْ أَهَمَّتْهُمْ ) خبره (يظنون) حال من الضمير في أهمتهم ، ويجوز أن يكون أهمتهم صفة ، ويظنون الخبر ، والجملة حال ، والعامل يغشى : وتسمى هذه الواو واو الحال ، وقيل الواو بمعنى إذ وليس بشئ ، و ( غَيْرَ الْحَقِّ ) المفعول الاول : أى أمرا غير الحق ، وبالله الثانى ، و ( ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ) مصدر تقديره : ظنا مثل ظن الجاهلية ( مَنْ شِئْ ) من زائدة ، وموضعه رفع بالابتداء ، وفى الخبر وجهان : أحدهما لنا ، فمن الامر على هذا حال ، إذ الاصل هل شئ من الامر.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 155 _
  والثانى أن يكون من الامر هو الخبر ولنا تبيين وتتم الفائدة كقوله ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) ( كله لله ) يقرأ بالنصب على التوكيد أو البدل ولله الخبر ، وبالرفع على الابتداء ولله الخبر ، والجملة خبر إن (يقولون) حال من الضمير في يخفون ، و (شئ) اسم كان والخبر لنا أو من الامر مثل ( هَلْ لَنَا ) ( لَبَرَزَ الَّذِينَ ) بالفتح والتخفيف ، ويقرأ بالتشديد على مالم يسم فاعله : أى أخرجوا بأمر الله.
  قوله تعالى ( إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ ) يجوز أن تكون إذا هنا تحكى بها حالهم ، فلا يراد بها المستقبل لا محالة ، فعلى هذا يجوز أن يعمل فيها قالوا وهو للماضى ، ويجوز أن يكون كفروا وقالوا ماضيين ، ويراد بها المستقبل المحكى به الحال ، فعلى هذا يكون التقدير : يكفرون ويقولون لاخوانهم ( أَوْ كَانُوا غُزًّى ) الجمهور على تشديد الزاى وهو جمع غاز ، والقياس غزاة كقاض وقضاة ، لكنه جاء على فعل حملا على الصحيح نحو شاهد وشهد وصائم وصوم ، ويقرأ بتخفيف الزاى وفيه وجهان : أحدهما أن أصله غزاة ، فحذفت الهاء تخفيفا لان التاء دليل الجمع ، وقد حصل ذلك من نفس الصفة.
  والثانى أنه أراد قراء‌ة الجماعة ، فحذف إحدى الزايين كراهية التضعيف ( لِيَجْعَلَ اللَّهُ ) اللام تتعلق بمحذوف : أى ندمهم أو أوقع في قلوبهم ذلك ليجعله حسرة ، وجعل هنا بمعنى صير ، وقيل اللام هنا لام العاقبة : أى صار أمرهم إلى ذلك كقوله ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً ).
  قوله تعالى ( أَوْ مُتُّمْ ) الجمهور على ضم الميم وهو الاصل ، لان الفعل منه يموت ، ويقرأ بالكسر وهو لغة ، يقال مات يمات مثل خاف يخاف ، فكما تقول خفت تقول مت (لمغفرة) مبتدأ ، و ( مِنْ اللَّهِ ) صفته (ورحمة) معطوف عليه ، والتقدير : ورحمة لهم ، و (خير) الخبر ، ومابمعنى الذى ، أو نكرة موصوفة والعائد محذوف ، ويجوزأن تكون مصدرية ويكون المفعول محذوفا : أى من جمعهم المال.
  قوله تعالى ( لإٍلَى اللَّهِ ) اللام جواب قسم محذوف ، ولدخولها على حرف الجر جاز أن يأتى (يحشرون) غير مؤكد بالنون ، والاصل لتحشرون إلى الله.
  قوله تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ ) ما زائدة ، وقال الاخفش وغيره : يجوز أن تكون نكرة بمعنى شئ ، ورحمة بدل منه ، والباء تتعلق بلنت ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) الامر هنا جنس ، وهو عام يراد به الخاص ، لانه لم يؤمر بمشاورتهم في الفرائض ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 156 _
  ولذلك قرأ ابن عباس ( فِي بَعْضِ الأَمْرِ ) ( فَإِذَا عَزَمْتَ ) الجمهور على فتح الزاى : أى إذا تخيرت أمرا بالمشاورة وعزمت على فعله ( فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) ويقرأ بضم التاء : أى إذا أمرتك بفعل شئ فتوكل على فوضع الظاهر موضع المضمر.
  قوله تعالى ( فَمَنْ ذَا الَّذِي ) هو مثل ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ ) وقد ذكر ( مِنْ بَعْدِهِ ) أى من بعد خذلانه فحذف المضاف ، ويجوز أن تكون الهاء ضمير الخذلان : أى بعد الخذلان.
  قوله تعالى ( أَنْ يَغُلَّ ) يقرأ بفتح الياء وضم الغين على نسبة الفعل إلى النبى : أى ذلك غير جائز عليه ، ويدل على ذلك قوله ( يَأْتِ بِمَا غَلَّ ) ومفعول يغل محذوف : أى يغل الغنيمة أو المال ، ويقرأ بضم الياء وفتح الغين على مالم يسم فاعله ، وفى المعنى ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون ماضيه أغللته : أى نسبته إلى الغلول ، كما تقول : أكذبته إذا نسبته إلى الكذب : أى لا يقال عنه إنه يغل : أى يخون.
  الثانى هو من أغللته إذا وجدته غالا كقولك : أحمدت الرجل إذا أصبته محمودا.
  والثالث معناه أن يغله غيره : أى ماكان لنبى أن يخان ( وَمَنْ يَغْلُلْ ) مستأنفة ، ويجوز أن تكون حالا ويكون التقدير : في حال علم الغال بعقوبة الغلول ، هو تعالى ( أَفَمَنْ اتَّبَعَ ) من بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء ، و (كمن) الخبر ، ولا يكون شرطا لان كمن لا يصلح أن يكون جوابا ، و (بسخط) حال.
  قوله تعالى ( هُمْ دَرَجَاتٌ ) مبتدأ وخبر ، والتقدير : ذو درجات فحذف المضاف ، و ( عِنْدَ اللَّهِ ) ظرف لمعنى درجات كأنه قال هم متفاضلون عند الله ، ويجوز أن يكون صفة لدرجات.
  قوله تعالى ( مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) في موضع نصب صفة لرسول ، ويجوز أن يتعلق ببعث ، ومافى هذه الآية قد ذكر مثله في قوله ( وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ ).
  قوله تعالى ( وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ ) في موضع رفع صفة لمصيبة.
  قوله تعالى ( وَمَا أَصَابَكُمْ ) ما بمعنى الذى وهو مبتدأ ، والخبر ( فَبِإِذْنِ اللَّهِ ) أى واقع بإذن الله (وليعلم) اللام متعلقة بمحذوف : أى وليعلم الله أصابكم هذا ، ويجوز أن يكون معطوفا على معنى فبإذن الله تقديره : فبإذن الله ولان يعلم الله ( تَعَالَوْا قَاتِلُوا ) إنما لم يأت بحرف العطف لانه أراد أن يجعل كل واحدة من الجملتين مقصودة بنفسها ، ويجوز أن يقال : إن المقصود هو الامر بالقتال ، وتعالوا ذكر

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 157 _
  مالو سكت عنه لكان في الكلام دليل عليه ، وقيل الامر الثانى حال ( هُمْ لِلْكُفْرِ ) اللام في قوله للكفر و (للايمان) متعلقة بأقرب ، وجاز أن يعمل أقرب فيهما لانهما يشبهان الظرف ، وكما عمل أطيب في قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا في الظرفين المقدرين لان أفعل يدل على معنيين على أصل الفعل وزيادته فيعمل في كل واحد منهما بمعنى غير الآخر ، فتقديره : تزيد قربهم إلى الكفر على قربهم على الايمان ، واللام هنا على بابها ، وقيل هى بمعنى إلى (يقولون) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أقرب : أى قربوا إلى الكفر قائلين.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ قَالُوا ) يجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار أعنى ، أو صفة للذين نافقوا أو بدلا منه ، وفى موضع جر بدلا من المجرور في أفواههم أو قلوبهم ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر ( قُلْ فَادْرَءُوا ) والتقدير : قل لهم (وقعدوا) ويجوز أن يكون معطوفا على الصلة معترضا بين قالوا ومعمولها وهو ( لَوْ أَطَاعُونَا ) وأن يكون حالا ، وقد مرادة.
  قوله تعالى ( بَلْ أَحْيَاءٌ ) أى بل هم أحياء ، ويقرأ بالنصب عطفا على أمواتا كما تقول : ظننت زيدا قائما بل قاعدا ، وقيل أضمر الفعل تقديره : بل أحسبوهم أحياء ، وحذف ذلك لتقدم مايدل عليه ، و ( عِنْدَ رَبِّهِمْ ) صفة لاحياء ، ويجوز أن يكون ظرفا لاحياء لان المعنى يحيون عند الله ، ويجوز أن يكون ظرفا ل‍ (يرزقون) ويرزقون صفة لاحياء ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أحياء : أى يحيون مرزوقين ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الظرف إذا جعلته صفة.
  قوله تعالى (فرحين) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يرزقون ، ويجوز أن يكون صفة لاحياء إذا نصب ، ويجوز أن ينتصب على المدح ، ويجوز أن يكون من الضمير في أحياء أو من الضمير في الظرف ( مِنْ فَضْلِهِ ) حال من العائد المحذوف في الظرف تقديره : بما آتاهموه كائنا من فضله ( وَيَسْتَبْشِرُونَ ) معطوف على فرحين ، لان اسم الفاعل هنا يشبه الفعل المضارع ، ويجوز أن يكون التقدير : وهم يستبشرون فتكون الجملة حالا من الضمير في فرحين ، أو من ضمير المفعول في آتاهم ( مِنْ خَلْفِهِمْ ) متعلق بيلحقوا ، ويجوز أن يكون حالا تقديره : متخلفين عنهم ( أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) أى بأن لاخوف عليهم ، فأن مصدرية ، وموضع الجملة بدل من الذين بدل الاشتمال : أى ويستبشرون بسلامة الذين لم يلحقوا بهم ، ويجوز أن يكون التقدير : لانهم لاخوف عليهم فيكون مفعولا من أجله.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 158 _
  قوله تعالى (يستبشرون) هو مستأنف مكرر التوكيد ( وَأَنَّ اللَّهَ ) بالفتح عطفا على بنعمة من الله : أى وبأن الله ، وبالكسر على الاستئناف.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا ) في موضع جر صفة للمؤمنين أو نصب على إضمار أعنى ، أو رفع على إضمارهم ، أو مبتدأ وخبره ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا ) ومنهم حال من الضمير في أحسنوا ، و ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ ) بدل من الذين استجابوا أوصفة.
  قوله تعالى ( فَزَادَهُمْ إِيمَاناً ) الفاعل مضمر تقديره : زادهم القول ( حَسْبُنَا اللَّهُ ) مبتدأ وخبر ، وحسب مصدر في موضع اسم الفاعل تقديره : فحسبنا الله : أى كافينا ، يقال : أحسبنى الشئ أى كفانى.
  قوله تعالى ( بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ ) في موضع الحال ، ويجوز أن يكون مفعولا به ( لَمْ يَمْسَسْهُمْ ) حال أيضا من الضمير في انقلبوا ، ويجوز أن يكون العامل فيها بنعمة ، وصاحب الحال الضمير في الحال تقديره : فانقلبوا منعمين بريئين من سوء (واتبعوا) معطوف على انقلبوا ، ويجوز أن يكون حالا : أى وقد اتبعوا.
  قوله تعالى (ذلكم) مبتدأ ، والشيطان) خبره ، و (يخوف) يجوز أن يكون حالا من الشيطان ، والعامل الاشارة ، ويجوز أن يكون الشيطان بدلا أو عطف بيان ، ويخوف الخبر ، والتقدير : يخوفكم بأوليائه ، وقرئ في الشذوذ ( يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ) وقيل لا حذف فيه ، والمعنى يخوف من يتبعه ، فأما من توكل على الله فلا يخافه ( فَلا تَخَافُوهُمْ ) إنما جمع الضمير لان الشيطان جنس ، ويجوز أن يكون الضمير للاولياء.
  قوله تعالى ( لا يَحْزُنْكَ ) الجمهور على فتح الياء وضم الزاى والماضى حزنه ، ويقرأ بضم الياء وكسر الزاى والماضى أحزن وهى لغة قليلة ، وقيل حزن حدث له الحزن ، وحزنته أحدثت له الحزن ، وأحزنته عرضته للحزن (يسارعون) يقرأ بالامالة والتفخيم ، ويقرأ يسرعون بغير ألف من أسرع (شيئا) في موضع المصدر أى ضررا.
  قوله تعالى ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) يقرأ بالياء ، وفاعله الذين كفروا ، وأما المفعولان فالقائم مقامهما قوله ( أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ ) فإن وما عملت فيه تسد مسد المفعولين عند سيبويه ، وعند الاخفش المفعول الثانى محذوف