وفيه وجهان : أحدهما هى هاء السكت أيضا شبهت بهاء الضمير وليس بشئ ، والثانى هى هاء الضمير والمضمر المصدر : أى اقتد الاقتداء ومثله :
هـذا سـراقة لـلقرآن iiيدرسه      والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب
  فالهاء ضمير الدرس لا مفعول ، لان يدرس قد تعدى إلى القرآن ، وقيل من سكن الهاء جعلها هاء الضمير وأجرى الوصل مجرى الوقف ، والهاء في (عليه) ضمير القرآن والتبليغ.
  قوله تعالى ( حَقَّ قَدْرِهِ ) حق منصوب نصب المصدر وهو في الاصل وصف : أى قدره الحق ، ووصف المصدر إذا أضيف إليه ينتصب نصب المصدر ، ويقرأ ( قدره ) بسكون الدال وفتحها ، و (إذ) ظرف لقدروا ، و ( مِنْ شَيْءٍ ) مفعول أنزل ، ومن زائدة (نورا) حال من الهاء في به أو من الكتاب ، وبه يجوز أن تكون مفعولا به ، وأن تكون حالا ، و (تجعلونه) مستأنف لاموضع له ، وقراطيس) أى في قراطيس ، وقيل ذا قراطيس ، وقيل ليس فيه تقدير محذوف ، والمعنى : أنزلوه منزلة القراطيس التى لا شئ فيها في ترك العمل به ، و (تبدونها) وصف للقراطيس (وتخفون) كذلك ، والتقدير : وتخفون كثيرا منها ، ويقرأ في المواضع الثلاثة بالياء على الغيبة حملا على ما قبلها في أول الآية ، وبالتاء على الخطاب وهو مناسب لقوله (وعلمتم) أى وقد علمتم ، والجملة في موضع الحال من ضمير الفاعل في تجعلونه على قراء‌ة التاء ، وعلى قراء‌ة الياء يجوز أن يكون وعلمتم مستأنفا ، وأن يكون رجع من الغيبة إلى الخطاب ، و ( قُلْ اللَّهُ ) جواب ( قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ ) وارتفاعه بفعل محذوف : أى أنزله الله ، ويجوز أن يكون التقدير : هو الله ، أو المنزل الله ، أو الله أنزله ( فِي خَوْضِهِمْ ) يجوز أن يتعلق بذرهم على أنه ظرف له وأن يكون حالا من ضمير المفعول : أى ذرهم خائضين ، وأن يكون متعلقا (يلعبون) ويلعبون في موضع الحال ، وصاحب الحال ضمير المفعول في ذرهم إذا لم يجعل في خوضهم حالا منه ، وإن جعلته حالا منه كان الحال الثانية من ضمير الاستقرار في الحال الاولى ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور في خوضهم ، ويكون العامل المصدر ، والمجرور فاعل في المعنى.
  قوله تعالى (أنزلناه) في موضع رفع صفة لكتاب ، و (مبارك) صفة أخرى ، وقد قدم الوصف بالجملة على الوصف بالمفرد ، ويجوز النصب في غير القرآن على الحال من ضمير المفعول أو على الحال من النكرة الموصوفة ، و ( مُصَدِّقُ الَّذِي ) التنوين

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 253 _

  في تقدير الثبوت لان الاضافة غير محضة (ولتنذر) بالتاء على خطاب النبى صلى الله عليه وسلم ، وبالياء على أن الفاعل الكتاب ، وفى الكلام حذف تقديره : ليؤمنوا ولتنذر أو نحو ذلك ، أو ولتنذر ( أُمَّ الْقُرَى ) أنزلناه (ومن) في موضع نصب عطفا على أم ، والتقدير ولتنذر أهل أم ( وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ) مبتدأ ، و ( يُؤْمِنُونَ بِهِ ) الخبر ، ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب عطفا على أم القرى ، فيكون يؤمنون به حالا ، و (على) متعلقة ب‍ (يحافظون).
  قوله تعالى ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ) ويجوز أن يكون كذبا مفعول افترى ، وأن يكون مصدرا على المعنى : أى افتراء ، وأن يكون مفعولا من أجله ، وأن يكون مصدرا في موضع الحال ( أَوْ قَالَ ) عطف على افترى و (إلى) في موضع رفع على أنه قام مقام الفاعل ، ويجوز أن يكون في موضع نصب ، والتقدير : أوحى الوحى أوالايحاء ( وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ) في موضع الحال من ضمير الفاعل في قال أو الياء في إلى ( وَمَنْ قَالَ ) في موضع جر عطفا على من افترى : أى وممن قال ، و ( مِثْلَ مَا ) يجوز أن يكون مفعول سأنزل ، و ( ما ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف ، وتكون ( ما ) مصدرية و (إذ) ظرف لترى والمفعول محذوف : أى ولو ترى الكفار أو نحو ذلك و (الظالمون) مبتدأ ، والظرف بعده خبر عنه (والملائكة) مبتدأ ومابعده الخبر ، والجملة حال من الضمير في الخبر قبله ، و ( بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ ) في تقدير التنوين : أى باسطون أيديهم (أخرجوا) أى يقولون أخرجوا ، والمحذوف حال من الضمير في باسطوا ، و (اليوم) ظرف لاخرجوا فيتم الوقف عليه ، ويجوز أن يكون ظرفا ل‍ (تجزون) فيتم الوقف على أنفسكم ( غَيْرَ الْحَقِّ ) مفعول تقولون : ويجوز أن يكون وصفا لمصدر محذوف : أى قولا غير الحق (وكنتم) يجوز أن يكون معطوفا على كنتم الاولى : أى وبما كنتم ، وأن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى (فرادى) هو جمع مفرد ، والالف للتأنيث مثل كسالى ، وقرئ في الشاذ بالتنوين على أنه اسم صحيح ، ويقال في الرفع فراد مثل نوام ورجال وهو جمع قليل ، ومنهم من لا يصرفه يجعله معدولا مثل ثلاث ورباع ، وهو حال من ضمير الفاعل ( كَمَا خَلَقْنَاكُمْ ) الكاف في موضع الحال ، وهو بدل من فرادى ، وقيل هى صفة مصدر محذوف : أى مجيئا كمجيئكم يوم خلقناكم ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في فرادى : أى مشبهين ابتداء خلقكم ، و (أول) ظرف لخلقناكم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 254 _
  والمرة في الاصل مصدر مر يمر ، ثم استعمل ظرفا اتساعا ، وهذا يدل على قوة شبه الزمان بالفعل (وتركتم) يجوز أن يكون حالا ، أى وقد تركتم ، وأن يكون مستأنفا ( وَمَا نَرَى ) لفظه لفظ المستقبل ، وهى حكاية حال ، و (معكم) معمول نرى ، وهى من رؤية العين ، ولا يجوز أن يكون حالا من الشفعاء إذ المعنى يصير أن شفعاء‌هم معهم ولا نراهم : وإن جعلتها بمعنى نعلم المتعدية إلى اثنين جاز أن يكون معكم مفعولا ثانيا ، وهو ضعيف في المعنى (بينكم) يقرأ بالنصب وفيه ثلاثة أوجه : أحدها هو ظرف لتقطع والفاعل مضمر : أى تقطع الوصل بينكم ، ودل عليه شركاء ، والثانى هو وصف محذوف : أى لقد تقطع شئ بينكم أو وصل ، والثالث أن هذا المنصوب في موضع رفع وهو معرب ، وجاز ذلك حملا على أكثر أحوال الظرف ، وهو قول الاخفش ، ومثله : منا الصالحون ومنا دون ذلك ، ويقرأ بالرفع على أنه فاعل ، والبين هنا : الوصل وهو من الاضداد.
  قوله تعالى ( فَالِقُ الْحَبِّ ) يجوز أن يكون معرفة لانه ماض ، وأن يكون نكرة على أنه حكاية حال ، وقرئ في الشاذ ( فلق ) و (الاصباح) مصدر أصبح ، ويقرأ بفتح الهمزة على أنه جمع صبح كقفل وأقفال و ( جاعل الليل ) مثل فالق الاصباح في الوجهين و (سكنا) مفعول جاعل إذا لم تعرفه ، وإن عرفته كان منصوبا بفعل محذوف : أى جعله سكنا ، والسكن ماسكنت إليه من أهل ونحوهم ، فجعل الليل بمنزلة الاهل ، وقيل التقدير : مسكونا فيه ، أو ذا سكن ، و (الشمس) منصوب بفعل محذوف أو بجاعل إذا لم تعرفه ، وقرئ في الشاذ بالجر عطفا على الاصباح أو على الليل ، و (حسبانا) فيه وجهان : أحدهما هو جمع حسبانة ، والثانى هو مصدر مثل الحسب والحساب ، وانتصابه كانتصاب سكنا.
  قوله تعالى (فمستقر) يقرأ بفتح القاف ، وفيه وجهان : أحدهما هو مصدر ورفعه باللابتداء : أى فلكم استقرار.
  والثانى أنه اسم مفعول ويراد به المكان : أى فلكم مكان تستقرون فيه إما في البطون ، وإما في القبور ، ويقرأ بكسر القاف فيكون مكانا يستقر لكم ، وقيل تقديره ، فمنكم مستقر ، وأما (مستودع) فبفتح الدال لا غير ، ويجوز أن يكون مكانا يودعون فيه ، وهو إما الصلب أو القبر ، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى الاستيداع.
  قوله تعالى ( فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً ) أى بسببه ، والخضر بمعنى الاخضر ، ويجوز أن تكون الهاء في منه راجعة على النبات وهو الاشبه ، وعلى الاول يكون

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 255 _
  فأخرجنا بدلا من أخرجنا الاولى (نخرج) في موضع نصب لخضرا ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، والهاء في (منه) تعود على الخضر ، و (قنوان) بكسر القاف وضمها وهما لغتان ، وقد قرئ بهما والواحد قنو مثل صنو وصنوان.
  وفى رفعه وجهان : أحدهما هو مبتدأ ، وفى خبره وجهان : أحدهما هو ، ومن النخل ومن طلعها بدل بإعادة الخافض ، والثانى أن الخير من طلعها ، وفي من النخل ضمير تقديره : ونبت من النخل شئ أو ثمر فيكون من طلعها بدلا منه ، والوجه الآخر أن يرتفع قنوان على أنه فاعل من طلعها ، فيكون في من النخل ضمير تفسيره قنوان ، وإن رفعت قنوان بقوله ( وَمِنْ النَّخْلِ ) على قول من أعمل أول الفعلين جاز ، وكان في من طلعها ضمير مرفوع ، وقرئ في الشاذ ( قنوان ) بفتح القاف ، وليس بجمع قنو لان فعلانا لا يكون جمعا ، وإنما هو اسم للجمع كالباقر (وجنات) بالنصب عطفا على قوله ( نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ ) : أى وأخرجنا به جنات ، ومثله ( وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ ) ويقرأ بضم التاء على أنه مبتدأ وخبره محذوف ، والتقدير : من الكرم جنات ، ولا يجوز أن يكون معطوفا على قنوان لان العنب لا يخرج من النخل.
  ومن أعناب صفة لجنات و (مشتبها) حال من الرمان ، أو من الجميع ، و (إذا) ظرف لانظروا ، و (ثمره) يقرأ بفتح الثاء والميم جمع ثمرة مثل تمرة وتمر ، وهو جنس التحقيق لا جمع ، ويقرأ بضم الثاء والميم وهو جمع ثمرة مثل خشبة وخشب ، وقيل هوجمع ثمار مثل كتاب وكتب فهو جمع جمع ، فأما الثمار فواحدها ثمرة مثل خيمة وخيام ، وقيل هو جمع ثمر ، ويقرأ بضم الثاء وسكون الميم وهو مخفف من المضموم (وينعه) يقرأ بفتح الياء وضمها وهما لغتان ، وكلاهما مصدر ينعت الثمرة ، وقيل هو اسم للمصدر والفعل أينعت إيناعا ، ويقرأ في الشاذ ( يانعه ) على أنه أسم فاعل.
  قوله تعالى (وجعلوا) هى بمعنى صبروا ومفعولها الاول (الجن) والثانى شركاء ، ولله يتعلق بشركاء ، ويجوز أن يكون نعتا لشركاء قدم عليه فصار حالا ، ويجوز أن يكون المفعول الاول شركاء ، والجن بدلا منه ، ولله المفعول الثانى (وخلقهم) أى وقد خلقهم ، فتكون الجملة حالا ، وقيل هو مستأنف ، وقرئ في الشاذ و ( خلقهم ) بإسكان اللام وفتح القاف ، والتقدير : وجعلوا لله وخلقهم شركاء (وخرقوا) بالتخفيف والتشديد للتكثير ( بِغَيْرِ عِلْمٍ ) في موضع الحال من الفاعل في خرقوا ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف : أى خرقا بغير علم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 256 _
  قوله تعالى ( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ ) في رفعه ثلاثة أوجه : أحدهما هو فاعل تعالى ، والثانى هو خبر مبتدأ محذوف : أى هو بديع ، والثالث هو مبتدأ وخبره ( أَنَّى يَكُونُ لَهُ ) وما يتصل به ، وأنى بمعنى كيف أو من أين ، وموضعه حال ، وصاحب الحال (ولد) والعامل يكون ، ويجوز أن تكون تامة ، وأن تكون ناقصة ( وَلَمْ تَكُنْ ) يقرأ بالتاء على تأنيث الصاحبة ، ويقرأ بالياء وفيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه للصاحبة ولكن جاز التذكير لما فصل بينهما.
  والثانى أن اسم كان ضمير اسم الله ، والجملة خبر عنه : أى ولم يكون الله له صاحبته.
  والثالث أن اسم كان ضمير الشأن والجملة مفسرة له.
  قوله تعالى (ذلكم) مبتدأ ، وفى الخبر أوجه : أحدها هو (الله) و (ربكم) خبر ثان ، و ( لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ) ثالث ، و ( خَالِقُ كُلِّ ) رابع ، والثانى أن الخبر الله ، وما بعده إبدال منه ، والثالث أن الله بدل من ذلكم ، والخبر مابعده.
  قوله تعالى ( قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ ) لم يلحق الفعل تاء التأنيث للفصل بين المفعول ، ولان تأنيث الفاعل غير حقيقى ، و (من) متعلقة بجاء ، ويجوز أن تكون صفة للبصائر فتتعلق بمحذوف ( فَمَنْ أَبْصَرَ ) من مبتدأ فيجوز أن تكون شرطا ، فيكون الخبر أبصر والجواب من كلاهما ، ويجوز أن تكون بمعنى الذى ، وما بعد الفاء الخبر ، والمبتدأ فيه محذوف تقديره : فإبصاره لنفسه ، وكذلك قوله ( وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ).
  قوله تعالى (وكذلك) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف : أى ( نُصَرِّفُ الآيَاتِ ) تصريفا مثل ماتلوناها عليك ( وَلِيَقُولُوا ) أى وليقولوا درست صرفنا ، واللام لام العاقبة : أى أن أمرهم يصير إلى هذا ، وقيل إنه قصد بالتصريف أن يقولوا درست عقوبة لهم (دارست) يقرأ بالالف وفتح الياء : أى دارست أهل الكتاب ، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف : أى درست الكتب المتقدمة ، ويقرأ كذلك إلا أنه بالتشديد ، والمعنى كالمعنى الاول ، ويقرأ بضم الدال مشددا على ما لم يسم فاعله ، ويقرأ ( دورست ) بالتخفيف والواو على مالم يسم فاعله ، والواو مبدلة من الالف في دارست ، ويقرأ بفتح الدال والراء والسين وسكون التاء : أى انقطعت الآيات وانمحت ، ويقرأ كذلك إلا أنه على مالم يسم فاعله ، ويقرأ درس من غير تاء ، والفاعل النبى صلى الله عليه وسلم ، وقيل الكتاب لقوله (ولنبينه).

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 257 _
  قوله تعالى ( مِنْ رَبِّكُ ) يجوز أن تكون متعلقة بأوحى ، وأن تكون حالا من الضمير المفعول المرفوع في أوحى ، وأن تكون حالا من الضمير المفعول المرفوع في أوحى ، وأن تكون حالا من ما ( لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ) يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من ربك : أى من ربك منفردا ، وهى حال مؤكدة.
  قوله تعالى ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ ) المفعول محذوف : أى ولو شاء الله إيمانهم ، و (جعلناك) متعدية إلى مفعولين ، و (حفيظا) الثانى ، وعليهم يتعلق بحفيظا ، ومفعوله محذوف : أى وما صيرناك تحفظ عليهم أعمالهم ، وهذا يؤيد قول سيبويه في إعمال فعيل.
  قوله تعالى ( مِنْ دُونِ اللَّهِ ) حال من ( ما ) أو من العائد عليها ( فيسبوا ) منصوب على جواب النهى ، وقيل هو مجزوم على العطف كقولهم لاتمددها فتثقفها ، و (عدوا) بفتح العين وتخفيف الدال ، وهو مصدر ، وفى انتصابه ثلاثة أوجه : أحدها هو مفعول له.
  والثانى مصدر من غير لفظ الفعل لان السب عدوان في المعنى.
  والثالث هو مصدر في موضع الحال ، وهي حال مؤكدة ، ويقرأ بضم العين والدال وتشديد الواو وهو مصدر على فعول كالجلوس والقعود ، ويقرأ بفتح العين والتشديد وهو واحد في معنى الجمع : أى أعداء ، وهو حال ( بِغَيْرِ عِلْمٍ ) حال أيضا مؤكدة (كذلك) في موضع نصب صفة لمصدر محذوف : أى كما ( زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ) زينا لهؤلاء عملهم.
  قوله تعالى ( جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ) قد ذكر في المائدة ( وَمَا يُشْعِرُكُمْ ) ( ما ) استفهام في موضع رفع بالابتداء ، ويشعركم الخبر ، وهو يتعدى إلى مفعولين (أنها) يقرأ بالكسر على الاستئناف ، والمفعول الثانى محذوف تقديره : ومايشعركم إيمانهم ويقرأ بالفتح.
  وفيه ثلاثة أوجه : أحدها أن ( أن ) بمعنى لعل ، حكاه الخليل عن العرب ، وعلى هذا يكون المفعول الثانى أيضا محذوفا ، والثانى أن ( لا ) زائدة ، فتكون ( أن ) وماعملت فيه في موضع المفعول الثانى ، والثالث أن ( أن ) على بابها ولاغير زائدة ، والمعنى : ومايدريكم عدم إيمانهم ، وهذا جواب لمن حكم عليهم بالكفر أبدا ويئس من إيمانهم ، والتقدير : لايؤمنون بها فحذف المفعول.
  قوله تعالى ( كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا ) ( ما ) مصدرية والكاف نعت لمصدر محذوف أى تقليبا ككفرهم : أى عقوبة مساوية لمعصيتهم ، و ( أَوَّلَ مَرَّةٍ ) ظرف زمان ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 258 _
  وقد ذكر (ونذرهم) يقرأ بالنون وضم الراء وبالياء كذلك ، والمعنى مفهوم ويقرأ بسكون الراء.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه سكن لثقل توالى الحركات ، والثانى أنه مجزوم عطفا على يؤمنوا ، والمعنى : جزاء على كفرهم ، وأنه لم يذرهم في طغيانهم يعمهون بل بين لهم.
  قوله تعالى (قبلا) يقرأ بضم القاف والباء وفيه وجهان : أحدهما هو جمع قبيل مثل قليب وقلب ، والثانى أنه مفرد كقبل الانسان ودبره ، وعلى كلا الوجهين هو حال من كل ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لما فيه من العلوم ، ويقرأ بالضم وسكون الباء على تخفيف الضمة ، ويقرأ بكسر القاف وفتح الباء ، وفيه وجهان أيضا : أحدهما هو ظرف كقولك : لى قبله حق ، والثانى مصدر في موضع الحال : أى عيانا أو معاينة ( إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) في موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، وقيل هو متصل ، والمعنى : ماكانوا ليؤمنوا في كل حال إلا في حال مشيئة الله تعالى.
  قوله تعالى (وكذلك) هو نعت لمصدر محذوف كما ذكرنا في غير موضع ، و (جعلنا) متعدية إلى مفعولين.
  وفى المفعول الاول وجهان : أحدهما هو عدوا والثانى ( لِكُلِّ نَبِيٍّ ) ، و (شياطين) بدل من عدو ، والثانى المفعول الاول شياطين ، وعدوا المفعول الثانى مقدم ، ولكل نبى صفة لعدو قدمت فصارت حالا (يوحى) يجوز أن يكون حالا من شياطين وأن يكون صلة لعدو ، وعدو في موضع أعداء (غرورا) مفعول له ، وقيل مصدر في موضع الحال ، والهاء في (فعلوه) يجوز أن تكون ضمير الايحاء ، وقد دل عليه يوحى ، وأن تكون ضمير الزخرف أو القول أو الغرور ( وَمَا يَفْتَرُونَ ) ( ما ) بمعنى الذى ، أو نكرة موصوفة ، أو مصدرية ، وهى في موضع نصب عطفا على المفعول قبلها ، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع.
  قوله تعالى (ولتصغى) الجمهور على كسر اللام وهو معطوف على غرور : أى ليغروا ولتصغى ، وقيل هى لام القسم كسرت لما لم يؤكد الفعل بالنون ، وقرئ بإسكان اللام وهى مخففة لتوالى الحركات ، وليست لام الامر لانه لم يجزم الفعل ، وكذلك القول في ( وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ) و ( ما ) بمعنى الذى ، والعائد محذوف : أى وليقترفوا الذى هم مقترفوه ، وأثبت النون لما حذف الهاء.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 259 _
  قوله تعالى ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ ) فيه وجهان : أحدهما هو مفعول أبتغى و (حكما) حال منه ، والثانى أن حكما مفعول أبتغى ، وغير حال من حكما مقدم عليه ، وقيل حكما تمييز ، و (مفصلا) حال من الكتاب ، و (بالحق) حال من الضمير المرفوع في منزل.
  قوله تعالى ( صِدْقاً وَعَدْلاً ) منصوبان على التمييز ، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله ، وأن يكون مصدرا في موضع الحال ( لا مُبَدِّلَ ) مستأنف ، ولايجوز أن يكون حالا من ربك لئلا يفصل بين الحال وصاحبها بالاجنبى ، وهو قوله ( صِدْقاً وَعَدْلاً ) إلا أن يجعل صدقا وعدلا حالين من ربك لا من الكلمات.
  قوله تعالى ( أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ ) في ( من ) وجهان : أحدهما هى بمعنى الذى ، أو نكرة موصوفة بمعنى فريق ، فعلى هذا يكون في موضع نصب بفعل دل عليه أعلم لابنفس أعلم ، لان أفعل لايعمل في الاسم الظاهر النصب ، والتقدير : يعلم من يضل ، ولا يجوز أن يكون ( من ) في موضع جر بالاضافة على قراء‌ة من فتح الياء لئلا يصير التقدير : هو أعلم الضالين ، فيلزم أن يكون سبحانه ضالا ، تعالى عن ذلك ، ومن قرأ بضم الياء فمن في موضع نصب أيضا على مابينا : أى يعلم المضلين ، ويجوز أن يكون في موضع جر ، إما على معنى هو أعلم المضلين : أى من يجد الضلال وهو من أظللته أى وجدته ضالا مثل أحمدته وجدته محمودا ، أو بمعنى أن يضل عن الهدى.
  والوجه الثانى أن ( من ) استفهام في موضع مبتدإ ، ويضل الخبر ، وموضع الجملة نصب بيعلم المقدرة ، ومثله ( لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى ).
  قوله تعالى ( وَمَا لَكُمْ ) ( ما ) استفهام في موضع رفع بالابتداء ، ولكم الخبر ، و ( أَلاَّ تَأْكُلُوا ) فيه وجهان : أحدهما حرف الجر مراد معه : أى في أن لا تأكلوا ولما حذف حرف الجر كان في موضع نصب ، أو في موضع جر على اختلافهم في ذلك ، وقد ذكر في غير موضع.
  والثانى أنه في موضع الحال : أى وأى شئ لكم تاركين الاكل ، وهو ضعيف لان ( أن ) تمحض الفعل للاستقبال وتجعله مصدرا فيمتنع الحال ، إلا أن تقدر حذف مضاف تقديره : ومالكم ذوى أن لاتأكلوا ، والمفعول محذوف : أى شيئا مما ذكر اسم الله عليه ( وَقَدْ فَصَّلَ ) الجملة حال ، ويقرأ بالضم على مالم يسم فاعله ، وبالفتح في تسمية الفاعل ، وبتشديد الصاد وتخفيفها ، وكل ذلك ظاهر ( إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ ) ( ما ) في موضع نصب على الاستثناء من الجنس من طريق المعنى ، لانه وبخهم بترك الاكل مما سمى عليه ، وذلك يتضمن

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 260 _
  إباحة الاكل مطلقا ، وقوله ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) أى في حال الاختيار ، وذلك حلال في حال الاضطرار.
  قوله تعالى ( إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) حذف الفاء من جواب الشرط وهو حسن إذا كان الشرط بلفظ الماضى ، وهو هنا كذلك وهو قوله ( وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ ).
  قوله تعالى ( أَوَمَنْ كَانَ ) ( من ) بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء و ( يَمْشِي بِهِ ) في موضع نصب صفة لنور ، و (كمن) خبر الابتداء ، و (مثله) مبتدأ ، و ( فِي الظُّلُمَاتِ ) خبره ، و ( لَيْسَ بِخَارِجٍ ) في موضع الحال من الضمير في الجار ، ولا يجوز أن يكون حالا من الهاء في مثله للفصل بينه وبين الحال بالخبر (كذلك زين ـ وكذلك جعلنا) قد سبق إعرابهما ، وجعلنا بمعنى صيرنا ، و (أكابر) المفعول الاول ، وفى كل قرية الثانى ، و (مجرميها) بدل من أكابر ، ويجوز أن تكون ( في ) ظرفا ، ومجرميها المفعول الاول ، وأكابر مفعول ثان ، ويجوز أن يكون أكابر مضافا إلى مجرميها ، وفى كل المفعول الثانى ، والمعنى على هذا مكنا ونحو ذلك (ليمكروا) اللام لام كى أو لام الصيرورة.
  قوله تعالى ( حَيْثُ يَجْعَلُ ) حيث هنا مفعول به ، والعامل محذوف ، والتقدير : يعلم موضع رسالاته ، وليس ظرفا لانه يصير التقدير يعلم في هذا المكان كذا وكذا ، وليس المعنى عليه ، وقد روى ( حيث ) بفتح الثاء ، وهو بناء عند الاكثرين ، وقيل هى فتحة إعراب ( عِنْدَ اللَّهِ ) ظرف ليصيبأو صفة لصغار.
  قوله تعالى ( فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ ) هو مثل ( مَنْ يَشَأْ اللَّهُ يُضْلِلْهُ ) ، وقد ذكر ( ضيقا ) مفعول ثان ليجعل ، فمن شدد الياء جعله وصفا ، ومن خففها جاز أن يكون وصفا كميت وميت ، وأن يكون مصدرا : أى ذا ضيق (حرجا) بكسر الراء صفة لضيق ، أو مفعول ثالث كما جاز في المبتدإ أن تخبر عنه بعده أخبارا ، ويكون الجميع في موضع خبر واحد : كحلو حامض ، وعلى كل تقدير هو مؤكد للمعنى ، ويقرأ بفتح الراء على أنه مصدر : أى ذا حرج ، وقيل هو جمع حرجة مثل قصبة وقصب ، والهاء فيه للمبالغة (كأنما) في موضع نصب خبر آخر ، أو حال من الضمير في حرج أو ضيق (يصعد) ويصاعد بتشديد الصاد فيهما أى يتصعد ، ويقرأ ( يصعد ) بالتخفيف.
  قوله تعالى (مستقيما) حال من صراط ربك ، والعامل فيها التنبيه أو الاشارة.
  قوله تعالى ( لَهُمْ دَارُ السَّلامِ ) يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون في موضع جر صفة لقوم ، وأن يكون نصبا على الحال من الضمير في يذكرون ، ( عِنْدَ رَبِّهِمْ ) حال من دار السلام ، أو ظرف للاستقرار في لهم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 261 _
  قوله تعالى ( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ) أى واذكر يوم ، أو ونقول يوم نحشرهم ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ ) ، و ( مِنْ الإِنسِ ) حال من ( أَوْلِيَاؤُهُمْ ) وقرئ (آجالنا) على الجمع (الذى) على التذكير والافراد.
  وقال أبوعلي : هو جنس أوقع الذى موقع التى ( خَالِدِينَ فِيهَا ) حال ، وفى العامل فيها وجهان : أحدهما المثوى على أنه مصدر بمعنى الثواء ، والتقدير : النار ذات ثوائكم.
  والثانى العامل فيه معنى الاضافة ومثواكم مكان والمكان لا يعمل ( إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ ) هو استثناء من غير الجنس ، ويجوز أن يكون من الجنس على وجهين : أحدهما أن يكون استثناء من الزمان ، والمعنى يدل عليه لان الخلود يدل على الابد ، فكأنه قال : خالدين فيها في كل زمان إلا ماشاء الله إلا زمن مشيئة الله ، والثانى أن تكون ( من ) بمعنى ( ما ) (1).
  قوله تعالى (يقصون) في موضع رفع صفة لرسل ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في منكم.
  قوله تعالى (ذلك) هو خبر مبتدإ محذوف : أى الامر ذلك ( أَنْ لَمْ ) أن مصدرية أو مخففة من الثقيلة ، واللام محذوفة : أى لان لم ( يَكُنْ رَبُّكَ ) وموضعه نصب أو جر على الخلاف (بظلم) في موضع الحال أو مفعول به يتعلق بمهلك.
  قوله تعالى (ولكل) أى ولكل أحد (مما) في موضع رفع صفة لدرجات.
  قوله تعالى ( كَمَا أَنشَأَكُمْ ) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف : أى استخلافا كما ، و ( مِنْ ذُرِّيَّةِ ) لابتداء الغاية ، وقيل هى بمعنى البدل : أى كما أنشأكم بدلا من ذرية (قوم).
  قوله تعالى ( إِنَّمَا تُوعَدُونَ ) ما بمعنى الذى ، و (لآت) خبر إن ولا يجوز أن تكون ( ما ) ها هنا كافة ، لان قوله لآت يمنع ذلك.
  قوله تعالى ( مَنْ تَكُونُ ) يجوز أن تكون ( من ) بمعنى الذى ، وأن تكون استفهاما مثل قوله : أعلم من يضل.
  قوله تعالى ( مِمَّا ذَرَأَ ) يجوز أن يتعلق بجعل ، وأن يكون حالا من نصيب ، و ( مِنْ الْحَرْثِ ) يجوز أن يكون متعلقا بذرأ ، وأن يكون حالا من ( ما ) أو من العائد المحذوف.

--------------------
(1) قوله ( أن تكون بمعنى ما ) كذا بالنسخ التى بأيدينا ، وصوابه : أن يقول ( أن تكون مابمعنى من ) كما لا يخفى ليكون استثناء من الجنس تأمل اه‍ . (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 262 _
  قوله تعالى ( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ ) يقرأ بفتح الزاى ، والياء على تسمية الفاعل ، وهو ( شُرَكَاؤُهُمْ ) والمفعول قتل ، وهو مصدر مضاف إلى المفعول ، ويقرأ بضم الزاى وكسر الياء على مالم يسم فاعله ، وقتل بالرفع على أنه القائم مقام الفاعل ، وأولادهم بالنصب على أنه مفعول القتل ، شركائهم بالجر على الاضافة ، وقد فصل بينهما بالمفعول وهو بعيد ، وإنما يجئ في ضرورة الشعر ، ويقرأ كذلك إلا أنه بجر أولادهم على الاضافة وشركائهم بالجر أيضا على البدل من الاولاد ، لان أولادهم شركاؤهم في دينهم وعيشهم وغيرهما ، ويقرأ كذلك إلا أنه برفع الشركاء.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه مرفوع بفعل محذوف كأنه قال : من زينه ؟ فقال شركاء‌هم : أى زينه شركاؤهم ، والقتل في هذا كله مضاف إلى المفعول ، والثانى أن يرتفع شركاؤهم بالقتل ، لان الشركاء تثير بينهم القتل قبله ، ويمكن أن يكون القتل يقع منهم حقيقة (وليلبسوا) بكسر الباء من لبست الامر بفتح الباء في الماضى إذا شبهته ، ويقرأ في الشاذ بفتح الباء ، قيل إنها لغة ، وقيل جعل الدين لهم كاللباس عليهم.
  قوله تعالى ( لا يَطْعَمُهَا ) في موضع رفع كالذى قبله ، والجمهور على كسرالحاء في ( حجر ) وسكون الجيم ويقرأ بضمهما ، وضم الحاء وسكون الجيم ، ومعناه محرم ، والقراء‌ات لغات فيها ، ويقرأ ( حرج ) بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم وأصله حرج بفتح الحاء وكسر الراء ولكنه خفف ونقل مثل فخذ وفخذ ، وقيل هو من المقلوب مثل عميق ومعيق (بزعمهم) متعلق بقالوا ، ويجوز فتح الزاى وكسرها وضمها وهى لغات (افتراء) منصوب على المصدر ، لان قولهم المحكى بمعنى افتروا ، وقيل هو مفعول من أجله ، فإن نصبته على المصدر كان قوله (عليه) متعلقا بقالوا لا بنفس المصدر ، وإن جعلته مفعولا من أجله علقته بنفس المصدر ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أن يكون صفة لافتراء.
  قوله تعالى ( مَا فِي بُطُونِ ) ( ما ) بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء ، و (خالصة) خبره وأنث على المعنى لان ما في البطون أنعام ، وقيل التأنيث على المبالغة كعلامة ونسابة ، و (لذكورنا) متعلق بخالصة أو بمحذوف على أن يكون صفة لخالصة (ومحرم) جاء على التذكير حملا على لفظ ( ما ) ويقرأ ( خالص ) بغير تاء على الاصل ، ويقرأ ( خالصة ) بالتأنيث والنصب على الحال ، والعامل فيها مافي بطونها من معنى الاستقرار ، والخبر لذكورنا ، ولا يعمل في الحال لانه لا يتصرف ، وأجازه الاخفش ، ويقرأ ( خالصة ) بالرفع والاضافة إلى هاء الضمير وهو مبتدأ ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 263 _
  وللذكور خبره ، والجملة خبر ( ما ) ( تكن ميتة ) يقرأ بالتاء ونصب ميتة : أى إن تكن الانعام ميتة ، ويقرأ بالياء حملا على لفظ ( ما ) ويقرأ بالياء ورفع ميتة على أن كان هى التامة ( فَهُمْ فِيهِ ) ذكر الضمير حملا على ( ما ).
  قوله تعالى ( قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ ) يقرأ بالتخفيف والتشديد على التكثير ، و (سفها) مفعول له أو على المصدر لفعل محذوف دل عليه الكلام ( بِغَيْرِ عِلْمٍ ) في موضع الحال ، و (افتراء) مثل الاول.
  قوله تعالى ( مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ ) مختلفا حال مقدرة ، لان النخل والزرع وقت خروجه لاأكل فيه حتى يكون مختلفا أو متفقا ، وهو مثل قولهم : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا ، ويجوز أن يكون في الكلام حذف مضاف تقديره : ثمر النخل وحب الزرع فعلى هذا تكون الحال مقارنة ، و (متشابها) حال أيضا ، و (حصاده) يقرأ بالفتح والكسر وهما لغتان.
  قوله تعالى ( حَمُولَةً وَفَرْشاً ) هو معطوف على جنات : أى وأنشأ من الانعام حمولة.
  قوله تعالى ( ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ) في نصبه خمسة أوجه : أحدها هو معطوف على جنات : أى وأنشأ ثمانية أزواج ، وحذف الفعل وحرف العطف وهو ضعيف.
  والثانى أن تقديره : كلوا ثمانية أزواج.
  والثالث هو منصوب بكلوا تقديره : كلوا مما رزقكم ثمانية أزواج ، ولا تسرفوا معترض بينهما.
  والرابع هو بدل من حمولة وفرشا.
  والخامس أنه حال تقديره : مختلفة أو متعددة ( مِنْ الضَّأْنِ ) يقرأ بسكون الهمزة وفتحها وهما لغتان ، و (اثنين) بدل من ثمانية ، وقد عطف عليه بقية الثمانية ، و (المعز) بفتح العين وسكونها لغتان قد قرئ بهما (آلذكرين) هو منصوب ب‍ (حرم) وكذلك ( أَمْ الأُنْثَيَيْنِ ) أى أم حرم الانثيين ( أَمَّا اشْتَمَلَتْ ) أى أم حرم ما اشتملت.
  قوله تعالى ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ ) أم منقطعة : أى بل أكنتم ، و (إذ) معمول شهداء.
  قوله تعالى (يطعمه) في موضع جر صفة لطاعم ، ويقرأ ( يطعمه ) بالتشديد وكسر العين ، والاصل يتطعمه ، فأبدلت التاء طاء وأدغمت فيها الاولى ( إِلاَّ أَنْ تَكُونَ ) استثناء من الجنس وموضعه نصب : أى لا أجد محرما إلا الميتة ، ويقرأ يكون بالياء و (ميتة) بالنصب : أى إلا أن يكون المأكول ميتة أو ذلك ، ويقرأ

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 264 _
  بالتاء إلا أن تكون المأكولة ميتة ، ويقرأ برفع الميتة على أن تكون تامة ، إلا أنه ضعيف لان المعطوف منصوب ( أَوْ فِسْقاً ) عطف على لحم الخنزير ، وقيل هو معطوف على موضع إلا أن يكون ، وقد فصل بينهما بقوله ( فَإِنَّهُ رِجْسٌ ).
  قوله تعالى ( كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ) الجمهور على ضم الظاء والفاء ، ويقرأ بإسكان الفاء ، ويقرأ بكسر الظاء والاسكان ( وَمِنْ الْبَقَرِ ) معطوف على كل ، وجعل ( حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا ) تبيينا للمحرم من البقر ، ويجوز أن يكون من البقر ، متعلقا بحرمنا الثانية ( إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ) في موضع نصب استثناء من الشحوم ( أَوْ الْحَوَايَا ) في موضع نصب عطفا على ( ما ) وقيل هو معطوف على الشحوم فتكون محرمة أيضا ، وواحدة الحوايا حوية أو حاوية أو حاويا ، وأوهنا بمعنى الواو لتفصيل مذاهبهم لاختلاف أماكنها ، وقد ذكرناه في قوله ( كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى ) (ذلك) في موضع نصب ب‍ (جزيناهم) وقيل مبتدأ ، والتقدير : جزيناهموه ، وقيل هو خبر المحذوف : أى الامر ذلك.
  قوله تعالى ( فَإِنْ كَذَّبُوكَ ) شرط وجوابه ( فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ ) والتقدير : فقل يصفح عنكم بتأخير العقوبة.
  قوله تعالى ( وَلا آبَاؤُنَا ) عطف على الضمير في أشركنا ، وأغنت زيادة ( لا ) عن تأكيد الضمير ، وقيل ذلك لا يغنى لان المؤكد يجب أن يكون قبل حرف العطف ولابعد حرف العطف ( مِنْ شَيْءٍ ) من زائدة.
  قوله تعالى ( قُلْ هَلُمَّ ) للعرب فيها لغتان : إحداهما تكون بلفظ واحد في الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث ، فعلى هذا هى اسم للفعل ، وبنيت لوقوعها موقع الامر المبنى ، ومعناها أحضروا شهداء‌كم.
  واللغة الثانية تختلف فتقول : هلما وهلموا وهلمى وهلممن ، فعلى هذا هى فعل ، واختلفوا في أصلها فقال البصريون : أصلها ها ألمم : أى أقصد ، فأدغمت الميم في الميم وتحركت اللام فاستغنى عن همزة الوصل فبقى لم ثم حذفت ألف ها التى هى للتنبيه لان اللام في لم في تقدير الساكنة إذ كانت حركتها عارضة ، ولحق حرف التنبيه مثال الامر كما يلحق غيره من المثل.
  فأما فتحة الميم ففيها وجهان : أحدهما أنها حركت بها لالتقاء الساكنين ولم يجز الضم ولا الكسر كما جاز في رد ورد ورد لطول الكلمة بوصل ( ها ) بها ، وأنها لا تستعمل إلا معها ، والثانى أنها فتحت من أجل التركيب كما فتحت خمسة عشر وبابها.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 265 _
  وقال الفراء ، أصلها هل أم ، فألقيت حركة الهمزة على اللام وحذفت ، وهذا بعيد لان لفظه أمر ، وهل إن كانت استفهاما فلا معنى لدخوله على الامر ، وإن كانت بمعنى قد فلا تدخل على الامر ، وإن كانت هل اسما للزجر فتلك مبنية على الفتح ، ثم لامعنى لها هاهنا.
  قوله تعالى ( مَا حَرَّمَ ) في ( ما ) وجهان : أحدهما هى بمعنى الذى والعائد محذوف : أى حرمه ، والثانى هى مصدرية ( أَلاَّ تُشْرِكُوا ) في أن وجهان : أحدهما هى بمعنى أى ، فتكون لا على هذا نهيا ، والثانى هى مصدرية وفي موضعها وجهان : أحدهما هى بدل (1) من الهاء المحذوفة أو من ( ما ) ولا زائدة : أى حرم ربكم أن تشركوا ، والثانى أنها منصوبة على الاغراء ، والعامل فيها عليكم ، والوقف على ما قبل على : أى ألزموا ترك الشرك ، والوجه الثانى أنها مرفوعة.
  والتقدير المتلو : أن لا تشركوا أو المحرم أن تشركوا ، ولا زائدة على هذا التقدير ، و (شيئا) مفعول تشركوا ، وقد ذكرناه في موضع آخر ، ويجوز أن يكون شيئا في موضع المصدر : أى إشراكا و ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) قد ذكر في البقرة ( مِنْ إِمْلاقٍ ) أى من أجل الفقر ( مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) بدلان من الفواحش ، بدل الاشتمال ، ومنها في موضع الحال من ضمير الفاعل ، و (بالحق) في موضع الحال (ذلكم) مبتدأ ، و ( وَصَّاكُمْ بِهِ ) الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير : ألزمكم ذلكم ، ووصاكم تفسير له.
  قوله تعالى ( إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أى إلا بالخصلة ، و (بالقسط) في موضع الحال : أى مقسطين ، ويجوز أن يكون حالا من المفعول : أى أوفوا الكيل تاما ، والكيل هاهنا مصدر في معنى المكيل والميزان كذلك ، ويجوز أن يكون فيه حذف مضاف تقديره : مكيل الكيل وموزون الميزان ( لا نُكَلِّفُ ) مستأنف ( وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) أى ولو كان المقول له أو فيه.
  قوله تعالى ( وَأَنَّ هَذَا ) يقرأ بفتح الهمزة والتشديد ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها تقديره : ولان هذا ، واللام متعلقة بقوله (فاتبعوه) أى ولاجل استقامته اتبعوه ، وقد ذكرنا نحو هذا في قوله ( كَمَا أَرْسَلْنَا ) والثانى أنه معطوف على ماحرم : أى وأتلو عليكم أن هذا صراطي ، والثالث هو معطوف على الهاء في وصاكم به ، وهذا فاسد لوجهين : أحدهما أنه عطف على الضمير من غير إعادة الجار ، والثانى أنه يصير المعنى وصاكم باستقامة الصراط ، وهو فاسد ، ويقرأ بفتح الهمزة وتخفيف النون وهى كالمشددة ، ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف ومستقيما حال ، والعامل فيه هذا

--------------------
(1) قوله ( أحدهما هى بدل الخ ) كذا بالنسخ ، وكان المناسب أن يقول أحدهما أنها منصوبة وفيه وجهان : أحدهما ... الخ لتستقيم بقية الاقسام بعد اه‍ . (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 266 _
  (فتفرق) جواب النهى ، والاصل فتتفرق ، و (بكم) في موضع المفعول : أى فتفرقكم ، ويجوز أن يكون حالا.
  أى فتتفرق وأنتم معها.
  قوله تعالى (تماما) مفعول له أو مصدر : أى اتممناه إتماما ، ويجوز أن يكون في موضع الحال من الكتاب ( عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ ) يقرأ بفتح النون وعلى أنه فعل ماض ، وفى فاعله وجهان : أحدهما ضمير اسم الله والهاء محذوفة : أى على الذى أحسنه الله : أى أحسن إليه وهو موسى ، والثانى هو ضمير موسى لانه أحسن في فعله ويقرأ بضم النون على أنه اسم ، والمبتدأ محذوف ، وهو العائد على الذى ، أى على الذي هو أحسن ، وهو ضعيف.
  وقال قوم : أحسن بفتح النون في موضع جر صفة للذي ، وليس بشئ لان الموصول لابد له من صلة ، وقيل تقديره : على الذين أحسنوا.
  قوله تعالى (وهذا) مبتدأ ، و (كتاب) خبره ، و (أنزلناه) صفة أو خبر ثان.
  و (مبارك) صفة ثانية أو خبر ثالث ، ولو كان قرئ مباركا بالنصب على الحال جاز.
  قوله تعالى ( أَنْ تَقُولُوا ) أي أنزلناه كراهة أن تقولوا ( أَوْ تَقُولُوا ) معطوف عليه ، وإن كنا إن مخففة من الثقيلة ، واللام في لغافلين عوض أو فارقة بين إن وما.
  قوله تعالى ( مِمَّنْ كَذَّبَ ) الجمهور على التشديد ، وقرئ بالتخفيف وهو في معنى المشدد ، فيكون ( بِآيَاتِ اللَّهِ ) مفعولا ، ويجوز أن يكون حالا ، أى كذب ومعه آيات الله (يصدقون) يقرأ بالصاد الخالصة على الاصل ، وبإشمام الصاد زايا وبإخلاصها زايا لتقرب من الدال ، وسوغ ذلك فيها سكونها.
  قوله تعالى ( يَوْمَ يَأْتِي ) الجمهور على النصب ، والعامل في الظرف ( لا يَنفَعُ ) وقرئ بالرفع ، والخبر لا ينفع ، والعائد محذوف : أى لا ينفع ( نَفْساً إِيمَانُهَا ) فيه والجمهور على الياء في ينفع ، وقرئ بالتاء وفيه وجهان : أحدهما أنه أنث المصدر على المعنى ، لان الايمان والعقيدة بمعنى ، فهو مثل قولهم : جاء‌ته كتابى فاحتقرها : أى صحيفتى أو رسالتى ، والثانى أنه حسن التأنيث لاجل الاضافة إلى المؤنث ( لَمْ تَكُنْ ) فيه وجهان : أحدهما هى مستأنفة ، والثانى هى في موضع الحال من الضمير المجرور ، أو على الصفة لنفس وهو ضعيف.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 267 _
  قوله تعالى ( فَرَّقُوا دِينَهُمْ ) يقرأ بالتشديد من غير ألف ، وبالتخفيف وهو في معنى المشدد ، ويجوز أن يكون المعنى : فصلوه عن الدين الحق ، ويقرأ فارقوا أى تركوا ( لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ) أى لست في شئ كائن منه.
  قوله تعالى ( عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) يقرأ بالاضافة : أى فله عشر حسنات أمثالها ، فاكتفى بالصفة ، ويقرأ بالرفع والتنوين على تقدير : فله حسنات عشر أمثالها ، وحذف التاء من عشر لان الامثال في المعنى مؤنثة ، لان مثل الحسنة حسنة ، وقيل أنث لانه أضافة إلى المؤنث.
  قوله تعالى (دينا) في نصبه ثلاثة أوجه : هو بدل من الصراط على الموضع ، لان معنى هدانى وعرفنى واحد ، وقيل منصوب بفعل مضمر : أى عرفنى دينا ، والثالث أنه مفعول هدانى ، وهدى يتعدى إلى مفعولين ، و (قيما) بالتشديد صفة لدين ، ويقرأ بالتخفيف ، وقد ذكر في النساء والمائدة ، و (ملة) بدل من دين ، أو على إضمار أعنى ، و (حنيفا) حال ، أو على إضمار أعنى.
  قوله تعالى (ومحياى) الجمهور على فتح الياء ، وأصلها الفتح لانها حرف مضمر فهى كالكاف في رأيتك والتاء في قمت وقرئ بإسكانها كما تسكن في أنى ونحوه ، وجاز ذلك وإن كان قبلها ساكن لان المدة تفصل بينهما ، وقد قرئ في الشاذ بكسر الياء على أنه اسم مضمر كسر لالتقاء الساكنين (لله) أى ذلك كله لله.
  قوله تعالى ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ ) هومثل قوله ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ ) وقد ذكر.
  قوله تعالى (درجات) قد ذكر في قوله تعالى ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ).

سورة الاعراف
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  (المص) قد ذكرنا في أول البقرة مايصلح أن يكون هاهنا ويجوز أن تكون هذه الحروف في موضع مبتدأ ، و (كتاب) خبره ، وأن تكون خبر مبتدإ محذوف : أى المدعو به المص ، وكتاب خبر مبتدإ محذوف : أى هذا أو هو ، و (أنزل) صفة له ( فَلا يَكُنْ ) النهى في اللفظ للحرج ، وفي المعنى المخاطب : أى لا تحرج به ، و (منه) نعت للحرج ، وهى لابتداء الغاية ، أى لا تحرج من أجله و (لتنذر) يجوز أن يتعلق اللام بأنزل ، وأن يتعلق بقوله ( فَلا يَكُنْ ) أى لا تحرج به لتتمكن من

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 268 _
  الانزال ، فالهاء في منه للكتاب أو للانزال ، والهاء في (به) للكتاب (وذكرى) فيه ثلاثة أوجه : أحدها منصوب ، وفيه وجهان : أحدهما هو حال من الضمير في أنزل وما بينهما معترض ، والثانى أن يكون معطوفا على موضع لتنذر : أى لتنذر وتذكر : أى ولذكرى.
  والثانى أن يكون في موضع رفع ، وفيه وجهان : أحدهما هو معطوف على كتاب ، والثانى خبر ابتداء محذوف : أى وهو ذكرى.
  والوجه الثالث أن يكون في موضع جر عطفا على موضع تنذر ، وأجاز قوم أن يعطف على الهاء به ، وهذا ضعيف لان الجار لم يعد.
  قوله تعالى ( مِنْ رَبِّكُمْ ) بجوز أن يتعلق بأنزل ، ويكون لابتداء الغاية ، وأن يتعلق بمحذوف ، ويكون حالا : أى أنزل إليكم كائنا من ربكم ، و ( مِنْ دُونِهِ ) حال من أولياء ، و ( قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ) مثل ( فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ ) وقد ذكر في البقرة ، وتذكرون بالتخفيف على حذف إحدى التاء‌ين ، وبالتشديد على الادغام.
  قوله تعالى ( وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ ) في كم وجهان : أحدهما هى مبتدأ ، ومن قرية تبيين ، ومن زائدة ، والخبر ( أَهْلَكْنَاهَا ) وجاز تأنيث الضمير العائد على ( كم ) لان كم في المعنى قرى ، وذكر بعضهم أن أهلكناها صفة لقرية ، والخبر ( فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً ) وهو سهو ، لان الفاء تمنع ذلك ، والثانى أن ( كم ) في موضع نصب بفعل محذوف دل عليه أهلكناها ، والتقدير : كثيرا من القرى أهلكنا ، ولا يجوز تقديم الفعل على ( كم ) إن كانت خبرا ، لان لها صدر الكلام إذ أشبهت رب ، والمعنى : وكم من قرية أردنا إهلاكها ، كقوله ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ) أى أردت قراء‌ته ، وقال قوم : هو على القلب : أى وكم من قرية جاء‌ها بأسنا فأهلكناها ، والقلب هنا لا حاجة إليه فيبقى محض ضرورة ، والتقدير : أهلكنا أهلها فجاء أهلها ( بياتا ) البيات اسم للمصدر وهو في موضع الحال ، ويجوز أن يكون مفعولا له ويجوز أن يكون في حكم الظرف ( أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ) الجملة حال ، وأو لتفصيل الجمل : أى جاء بعضهم بأسنا ليلا وبعضهم نهارا ، والواو هنا واو أو ، وليست حرف العطف سكنت تخفيفا ، وقد ذكرنا ذلك في قوله ( أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً ) .
  قوله تعالى (دعواهم) يجوز أن يكون اسم كان ، و ( إِلاَّ أَنْ قَالُوا ) الخبر ، ويجوز العكس.
  قوله تعالى (بعلم) هو في موضع الحال : أى عالمين.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 269 _
  قوله تعالى (والوزن) فيه وجهان : أحدهما هو مبتدأ ، و (يومئذ) خبره.
  والعامل في الظرف محذوف : أى والوزن كائن يومئذ ، و (الحق) صفة للوزن أو خبر مبتدإ محذوف ، والثانى أن يكون الوزن خبر مبتدإ محذوف : أى هذا الوزن ، ويومئذ ظرف ، ولا يجوز على هذا أن يكون الحق صفة لئلا يفصل بين الموصول وصلته (1).
  قوله تعالى ( بِمَا كَانُوا ) ( ما ) مصدرية : أى بظلمهم ، والباء متعلقة بخسروا.
  قوله تعالى (معايش) الصحيح أن الياء لا تهمز هنا لانها أصلية ، وحركت لانها في الاصل محركة ، ووزنها معيشة كمحبسة ، وأجاز قوم أن يكون أصلها الفتح ، وأعلت بالتسكين في الواحد كما أعلت في يعيش ، وهمزها قوم وهو بعيد جدا ، ووجهه أنه شبه الاصلية بالزائدة نحو سفينة وسفائن ( قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ ) مثل الذى تقدم.
  قوله تعالى ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ) أى إياكم ، وقيل الكاف للجنس المخاطب ، وهنا مواضع كثيرة قد تقدمت ( لَمْ يَكُنْ ) في موضع الحال.
  قوله تعالى ( أَنْ لا ) في موضع الحال ، و (إذ) ظرف لتسجد.
  قوله تعالى ( خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ ) الجار في موضع الحال : أى خلقتنى كائنا من نار ، ويجوز أن يكون لابتداء الغاية فيتعلق بخلقتنى ، ولازائدة ، أى وما منعك أن تسجد.
  قوله تعالى (فيها) يجوزأن يكون حالا ، ويجوز أن يكون ظرفا.
  قوله تعالى (فبما) الباء تتعلق ب‍ (لاقعدن) وقيل الباء بمعنى اللام (صراطك) ظرف ، وقيل التقدير : على صراطك.
  قوله تعالى ( وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ) هو جمع شمال ، ولو جمع أشملة وشملاء جاز.
  قوله تعالى ( مَذْءُوماً ) يقرأ بالهمز ، وهو من ذأمته إذا عبته ، ويقرأ ( مذوما ) بالواو من غير همز فيه وجهان : أحدهما أنه ألقى حركة الهمزة على الذال وحذفها ، والثانى أن يكون أصله مذيما لان الفعل منه ذامه يذيمه ذيما ، فأبدلت الياء واوا كما قالوا في مكيل مكول وفى مشيب مشوب ، وهو ومابعده حالان.
  ويجوز أن يكون (مدحورا) حالا من الضمير في مذء‌وما (لمن) في موضع رفع بالابتداء ، وسد القسم المقدر وجوابه مسد الخبر ، وهو قوله (لاملان) ، و (منكم) خطاب

--------------------
(1) قوله ( لئلا يفصل بين الموصول وصلته ) قال السفاقسى : قلت : ولا أدرى أين الصلة والموصول هنا ، لعله بين الصفة والموصوف وصحفه الناسخ ، وهو على هذا غير مستقيم اه‍ . (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 270 _
  لجماعة ، ولم يتقدم إلا خطاب واحد ، ولكن نزلة منزلة الجماعة لانه رئيسهم ، أو لانه رجع من الغيبة إلى الخطاب ، والمعنى واحد.
  قوله تعالى ( هَذِهِ الشَّجَرَةَ ) يقرأ هذى بغير هاء ، والاصل في ( ذا ) أذيى لقولهم في التصغير ( ذيا ) فحذفت الياء الثانية تخفيفا وقلبت الياء الاولى ألفا لئلا تبقى مثل كى ، فإذا خاطبت المؤنث رددت الياء وكسرت الذال لئلا يجتمع عليه التأنيث والتغيير ، وأما الهاء فجعلت عوضا من المحذوف حين رد إلى الاصل ، ووصلت بياء لانها مثل هاء الضمير في اللفظ.
  قوله تعالى ( مِنْ سَوْآتِهِمَا ) الجمهور على تحقيق الهمزة ، ويقرأ بواو مفتوحة وحذف الهمزة ، ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الواو ، ويقرأ بتشديد الواو من غير همز ، وذلك على إبدال الهمزة واوا ، ويقرأ ( سوأتهما ) على التوحيد وهو جنس ( إِلاَّ أَنْ تَكُونَا ) أى إلا مخافة أن تكونا فهو مفعول من أجله (ملكين) بفتح اللام وكسرها ، والمعنى مفهوم.
  قوله تعالى ( لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ ) هو مثل قوله ( وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ ) وقد ذكر في البقرة ( فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ ) الالف بدل من ياء مبدلة من لام ، والاصل دللهما من الدلالة لا من الدلال ، وجاز إبدال اللام لما صار في الكلمة ثلاث لامات ، بغرور يجوز أن تتعلق الباء بهذا الفعل ، ويجوز أن تكون في موضع الحال من الضمير المنصوب : أى وهما مغترين.
  قوله تعالى (وطفقا) في حكم كاد ، ومعناها الاخذ في الفعل ، و (يخصفان) ماضيه خصف ، وهو متعد إلى مفعول واحد ، والتقدير : شيئا ( مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ) وقرئ بضم الياء وكسر الصاد مخففا ، وماضيه أخصف ، وبالهمزة يتعدى إلى اثنين ، والتقدير : يخصفان أنفسهما ، ويقرأ بفتح الياء وتشديد الصاد وكسرها مع فتح الخاء وكسرها مع فتح الياء وكسرها ، وقد ذكر تعليل ذلك في قوله ( يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ) ( عَنْ تِلْكُمَا ) وقد ذكرنا أصل تلك ، والاشارة إلى الشجرة ، وهى واحدة والمخاطب اثنان ، فلذلك ثنى حرف الخطاب.
  قوله تعالى ( وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ) الواو في الاصل تعطف هذه الافعال بعضها على بعض ، ولكن فصل بينهما بالظرف لانه عطف جملة على جملة ، وتخرجون بضم التاء وفتحها ، والمعنى فيها مفهوم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 271 _
  قوله تعالى (وريشا) هو جمع ريشة ، ويقرأ ( رياشا ) وفيه وجهان : أحدهما هو جمع واحده ريش مثل ريح ورياح ، والثانى أنه اسم للجمع مثل اللباس ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ) يقرأ بالنصب عطفا على ريشا.
  فإن قيل : كيف ينزل اللباس والريش ؟ قيل : لما كان الريش واللباس ينبتان بالمطر والمطر ينزل ، جعل ما هو المسبب بمنزلة السبب ، ويقرأ بالرفع على الابتداء ، و (ذلك) مبتدأ ، و (خير) خبره ، والجملة خبر لباس ، ويجوز أن يكون ذلك نعتا للباس : أى المذكور والمشار إليه ، وأن يكون بدلا منه أو عطف بيان ، وخير الخبر ، وقيل لباس التقوى خبر مبتدإ محذوف تقديره : وساتر عوراتكم لباس التقوى ، أو على العكس : أى ولباس التقوى ساتر عوراتكم ، وفي الكلام حذف مضاف : أى ولباس أهل التقوى ، وقيل المعنى : ولباس الاتقاء الذى يتقى به النظر ، فلا حذف إذا.
  قوله تعالى ( لا يَفْتِنَنَّكُمْ ) النهى في اللفظ للشيطان ، والمعنى : لا تتبعوا الشيطان فيفتنكم ( كَمَا أَخْرَجَ ) أى فتنة كفتنة أبويكم بالاخراج ( يَنزِعُ عَنْهُمَا ) الجملة في موضع الحال إن شئت من ضمير الفاعل في أخرج ، وإن شئت من الابوين لان فيه ضميرين لهما ، وينزع حكاية أمر قد وقع ، لان نزع اللباس عنهما كان قبل الاخراج.
  فإن قيل الشيطان لم ينزع عنهما اللباس ، قيل : لكنه تسبب فنسب الاخراج والنزع إليه ( هُوَ وَقَبِيلُهُ ) هو توكيد لضمير الفاعل ليحسن العطف عليه.
  قوله تعالى (وأقيموا) في تقدير الكلام وجهان : أحدهما هو معطوف على موضع القسط على المعنى : أى أمر ربى فقال اقسطوا وأقيموا ، والثانى في الكلام حذف تقديره : فأقبلوا وأقيموا ، و (الدين) منصوب بمخلصين ، ولايجوز هنا فتح اللام في مخلصين لان ذكر المفعول يمنع من أن لايسمى الفاعل (كما) الكاف نعت لمصدر محذوف : أى (تعودون) عودا كبدئكم ( فَرِيقاً هَدَى ) فيه وجهان : أحدهما هو منصوب بهدى (وفريقا) الثانى منصوب بفعل محذوف تقديره : وأضل فريقا ، ومابعده تفسير للمحذوف ، والكلام كله حال من الضمير في تعودون ، وقد مع الفعل مرادة تقديره : تعودون قد هدى فريقا وأضل فريقا ، والوجه الثانى أن فريقا في الموضعين حال وهدى وصف للاول ، و ( حَقَّ عَلَيْهِمْ ) وصف للثانى ، والتقدير : تعودون فريقين ، وقرأ به أبى ، ولم تلحق تاء التأنيث لحق للفصل ، أو لان التأنيث غير حقيقى.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 272 _
  قوله تعالى ( عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) ظرف لخذوا ، وليس بحال للزينة لان أحدها يكون قبل ذلك ، وفى الكلام حذف تقديره : عند قصد كل مسجد.
  قوله تعالى ( قُلْ هِيَ ) هى مبتدأ ، وفى الخبر ستة أوجه : أحدها (خالصة) على قراء‌ة من رفع ، فعلى هذا تكون اللام متعلقة بخالصة : أى هى خالصة لمن آمن في الدنيا ، و ( يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ظرف لخالصة ، ولم يمتنع تعلق الظرفين بها لان اللام للتبيين ، والثانى ظرف محض ، وفى متعلقة بآمنوا ، والثانى أن يكون الخبر للذين ، وخالصة خبر ثان ، وفى متعلقة بآمنوا ، والثالث أن يكون الخبر للذين ، وفى الحياة الدنيا معمول الظرف الذى هو اللام : أى يستقر للذين آمنوا في الحياة الدنيا وخالصة خبر ثان ، والرابع أن يكون الخبر في الحياة الدنيا ، وللذين متعلقة بخالصة ، والخامس أن تكون اللام حالا من الظرف الذى بعدها على قول الاخفش ، والسادس أن تكون خالصة نصبا على الحال على قراء‌ة من نصب ، والعامل فيها للذين ، أو في الحياة الدنيا إذا جعلته خبرا ، أو حالا ، والتقدير : هى للذين آمنوا في الحياة الدنيا في حال خلوصها له يوم القيامة : أى إن الزينة يشاركون فيها في الدنيا وتخلص لهم في الآخرة ، ولايجوز أن تعمل في خالصة زينة الله لانه قد وصفها بقوله التى ، والمصدر إذا وصف لايعمل ، ولاقوله أخرج لاجل الفصل الذى بينهما وهو قوله قل ، وأجاز أبوعلي أن يعمل فيها حرم وهو بعيد لاجل الفصل أيضا ( كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ) قد ذكرنا إعراب نظيره في البقرة والانعام.
  قوله تعالى ( مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) بدلان من الفواحش و ( بِغَيْرِ الْحَقِّ ) متعلق بالبغى ، وقيل هو من الضمير الذى في المصدر إذ التقدير : وإن تبغوا بغير الحق ، وعند هؤلاء يكون في المصدر ضمير.
  قوله تعالى ( جَاءَ أَجَلُهُمْ ) هو مفرد في موضع الجمع ، وقرأ ابن سيرين آجالهم على الاصل لان لكل واحد منهم أجلا.
  قوله تعالى ( يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة لرسل ، وأن يكون حالا من رسل أو من الضمير في الظرف.
  قوله تعالى ( مِنْ الْكِتَابِ ) حال من نصيبهم.
  قوله تعالى ( مِنْ قَبْلِكُمْ ) يجوز أن يكون ظرفا لخلت ، وأن يكون صفة لامم ، و ( مِنْ الْجِنِّ ) حال من الضمير في خلت ، أو صفة أخرى لامم ( فِي النَّارِ ) متعلق بادخلوا ، ويجوز أن يكون صفة لامم أو ظرفا لخلت ( ادَّارَكُوا ) يقرأ بتشديد الدال وألف بعدها ، وأصلها تداركوا فأبدلت التاء دالا وأسكنت ليصح إدغامها.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 273 _
  ثم أجلبت لها همزة الوصل ليصح النطق بالساكن ، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف بعد الدال ، ووزنه على هذا افتعلوا ، فالتاء هنا بعد الدال مثل اقتتلوا ، وقرئ في الشاذ ( تداركوا ) على الاصل : أى أدرك بعضهم بعضا ، وقرئ ( إِذَا ادَّارَكُوا ) بقطع الهمزة عما قبلها وكسرها على نية الوقف على ماقبلها والابتداء بها ، وقرئ ( إذا داركوا ) بألف واحدة ساكنة والدال بعدها مشددة ، وهو جمع بين ساكنين ، وجاز ذلك لما كان الثانى مدغما كما قالوا دابة وشابة ، وجاز في المنفصل كما جاز في المتصل ، وقد قال بعضهم اثنا عشر بإثبات الالف وسكون العين ، وسترى في موضعه إن شاء الله تعالى ، و (جميعا) حال (ضعفا) صفة لعذاب ، وهو بمعنى مضعف أو مضاعف ، و ( مِنْ النَّارِ ) صفة أخرى ، ويجوز أن يكون حالا.
  قوله تعالى ( لِكُلٍّ ضِعْفٌ ) أى لكل عذاب ضعف من النار ، فحذف لدلالة الاول عليه ، ( وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ ) بالتاء على الخطاب ، وبالياء على الغيبة.
  قوله تعالى ( لا تُفَتَّحُ ) يقرأ بالتاء ، ويجوز في التاء الثانية التخفيف والتشديد التكثير ، ويقرأ بالياء لان تأنيث الابواب غير حقيقى ، وللفصل أيضا (الجمل) يقرأ بفتح الجيم وهو الجمل المعروف ، ويقرأ في الشاذ بسكون الميم ، والاحسن أن يكون لغة لان تخفيف المفتوح ضعيف ، ويقرأ بضم الجيم وفتح الميم وتشديدها ، وهو الحبل الغليظ ، وهو جمع مثل صوم وقوم ، ويقرأ بضم الجيم والميم مع التخفيف وهو جمع مثل أسد وأسد ، ويقرأ كذلك إلا أن الميم ساكنة وذلك على تخفيف المضموم ( سَمِّ الْخِيَاطِ ) بفتح السين وضمها لغتان (وكذلك) في موضع نصب (نجزى) على أنه وصف لمصدر محذوف.
  قوله تعالى (غواش) هو جمع غاشية ، وفى التنوين هنا ثلاثة أوجه : أحدها أنه تنوين الصرف ، وذلك أنهم حذفوا الياء من غواشى فنقص بناؤها عن بناء مساجد وصارت مثل سلام ، فلذلك صرفت ، والثانى أنه عوض من الياء المحذوفة ، والثالث أنه عوض من حركة الياء المستحقة ، ولما حذفت الحركة وعوض عنها التنوين حذفت الياء لالتقاء الساكنين.
  وفى هذه المسألة كلام طويل يضيق هذا الكتاب عنه.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) مبتدأ ، وفى الخبر وجهان : أحدهما ( لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) والتقدير : منهم ، فحذف العائد كما حذف في قوله ( وَلَمَنْ صَبَرَ

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 274 _
  وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) والثانى أن الخبر ( أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ) ولا مكلف معترض بينهما.
  قوله تعالى ( مِنْ غِلٍّ ) هو حال من ( ما ) ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ ) الجملة في موضع الحال من الضمير المجرور بالاضافة ، والعامل فيها معنى الاضافة.
  قوله تعالى ( هَدَانَا لِهَذَا ) قد ذكرناه في الفاتحة ( وَمَا كُنَّا ) الواو للحال ، ويجوز أن تكون مستأنفة ، ويقرأ بحذف الواو على الاستئناف ، و (لنهتدى) قد ذكرنا إعراب مثله في قوله تعالى ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( أَنْ هَدَانَا ) هما في تأويل المصدر ، وموضعه رفع بالابتداء لان الاسم الواقع بعد ( لولا ) هذه كذلك وجواب ( لولا ) محذوف دل عليه ما قبله تقديره : لولا أن هدانا الله ماكنا لنهتدى ، وبهذا حسنت القراء‌ة بحذف الواو ( أَنْ تِلْكُمْ ) في أن وجهان : أحدهما هى بمعنى أى ولا موضع لها ، وهى تفسير للنداء.
  والثانى أنها مخففة من الثقيلة واسمها محذوف والجملة بعدها خبرها : أى ونودوا أنه تلكم الجنة ، والهاء ضمير الشأن ، وموضع الكلام كله نصب بنودوا ، وجر على تقديره بأنه ( أُورِثْتُمُوهَا ) يقرأ بالاظهار على الاصل ، وبالادغام لمشاركة التاء في الهمس وقربها منها في المخرج وموضع الجملة نصب على الحال من الجنة ، والعامل فيها ما في تلك من معنى الاشارة ، ولا يجوز أن يكون حالا من تلك لوجهين : أحدهما أنه فصل بينهما بالخبر ، والثانى أن تلك مبتدأ والابتداء لايعمل في الحال ، ويجوز أن تكون الجنة نعتا لتلكم أو بدلا ، وأورثتموها الخبر ، ولايجوز أن تكون الجملة حالا من الكاف والميم ، لان الكاف حرف للخطاب ، وصاحب الحال لا يكون حرفا ، ولان الحال تكون بعد تمام الكلام ، والكلام لا يتم بتلكم.
  قوله تعالى ( أَنْ قَدْ وَجَدْنَا ) أن يجوز أن تكون بمعنى أى ، وأن تكون مخففة (حقا) يجوز أن تكون حالا ، وأن تكون مفعولا ثانيا ، ويكون وجدنا بمعنى علمنا ( مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ ) حذف المفعول من وعد الثانية ، فيجوز أن يكون التقدير : وعدكم ، وحذفه لدلالة الاول عليه ، ويجوز أن يكون التقدير : ماوعد الفريقين ، يعنى نعيمنا وعذابكم ، ويجوز أن يكون التقدير : ماوعدنا ، ويقوى ذلك أن ماعليه أصحاب النار شر ، والمستعمل فيه أوعد ، ووعد يستعمل في الخير أكثر (نعم) حرف يجاب به عن الاستفهام في إثبات المستفهم عنه ، ونونها وعينها مفتوحتان ، ويقرأ بكسر العين وهى لغة ، ويجوز كسرهما جميعا على الاتباع (بينهم) يجوز

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 275 _
  أن يكون ظرفا لاذن ، وأن يكون صفة لمؤذن ( أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ ) يقرأ بفتح الهمزة وتخفيف النون وهى مخففة : أى بأنه لعنة الله ، ويجوز أن تكون بمعنى أى ، لان الاذان قول ، ويقرأ بتشديد النون ونصب اللعنة وهو ظاهر ، وقرئ في الشاذ بكسر الهمزة : أى فقال أن لعنة الله.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يَصُدُّونَ ) يجوز أن يكون جرا ونصبا ورفعا.
  قوله تعالى (ونادوا) الضمير يعود على رجال ( أَنْ سَلامٌ ) أى أنه سلام ، ويجوز أن تكون بمعنى أى ( لَمْ يَدْخُلُوهَا ) أى لم يدخل أصحاب الجنة الجنة بعد ( وَهُمْ يَطْمَعُونَ ) في دخولها : أى نادوهم في هذه الحال ، ولا موضع لقوله : وهم يطمعون على هذا ، وقيل المعنى : إنهم نادوهم بعد أن دخلوا ، ولكنهم دخلوها وهم لا يطمعون فيها ، فتكون الجملة على هذا حالا.
  قوله تعالى (تلقاء) هو في الاصل مصدر ، وليس في المصادر تفعال بكسر التاء إلا تلقاء وتبيان ، وإنما يجئ ذلك في الاسماء نحو التمثال والتمساح والتقصار ، وانتصاب تلقاء هاهنا على الظرف : أى ناحية أصحاب النار.
  قوله تعالى ( مَا أَغْنَى ) ويجوز أن تكون ( ما ) نافية ، وأن تكون استفهاما.
  قوله تعالى ( لا يَنَالُهُمْ ) تقديره : أقسمتم عليه بأن لا ينالهم ، فلا ينالهم هو المحلوف عيه (ادخلوا) تقديره : فالتفتوا إلى أصحاب الجنة فقالوا ادخلوا ، ويقرأ في الشاذ ( وَادْخُلُوا ) على الاستيئناف ، وذلك يقال بعد دخولهم ( لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ ) إذا قرئ ( ادخلوا ) على الامر كانت الجملة حالا : أى ادخلوا آمنين ، وإذا قرئ على الخبر كان رجوعا من الغيبة إلى الخطاب.
  قوله تعالى ( أَنْ أَفِيضُوا ) يجوز أن تكون أن مصدرية وتفسيرية ، و ( مِنْ الْمَاءِ ) تقديره شيئا من الماء ( أَوْ مِمَّا ) قيل أو بمعنى الواو ، واحتج لذلك بقوله (حرمهما) وقيل هى على بابها ، وحرمهما على المعنى فيكون فيه حذف : أى كلا منهما أو كليهما.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ ) يجوز أن يكون جرا ونصبا ، ورفعا و (لهوا) مفعول ثان ، والتفسير ملهوا به وملعوبا به ، ويجوز أن يكون صيروا عادتهم ، لان الدين قد جاء بمعنى العادة.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 276 _
  قوله تعالى ( عَلَى عِلْمٍ ) يجوز أن يكون فصلناه مشتملا على علم ، فيكون حالا من الهاء ، ويجوز أن يكون حالا من الفاعل : أى فصلناه عالمين : أى على علم منا ( هُدًى وَرَحْمَةً ) حالان : أى ذا هدى وذا رحمة ، وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدإ محذوف.
  قوله تعالى ( يَوْمَ يَأْتِي ) هو ظرف ل‍ (يقول) ، ( فَيَشْفَعُوا لَنَا ) هو منصوب على جواب الاستفهام ( أَوْ نُرَدُّ ) المشهور الرفع ، وهو معطوف على موضع من شفعاء تقديره : أو هل نرد (فنعمل) على جواب الاستفهام أيضا ، ويقرأ برفعهما : أى فهل نعمل ، وهو داخل في الاستفهام ، ويقرآن بالنصب على جواب الاستفهام.
  قوله تعالى ( يُغْشِي اللَّيْلَ ) في موضعه وجهان : أحدهما هو حال من الضمير في خلق ، وخبر إن على هذا ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ ) ، والثانى أنه مستأنف ويغشى بالتخفيف وضم الياء ، وهو من أغشى ويتعدى إلى مفعولين : أى يغشى الله الليل النهار ، ويقرأ ( يغشى ) بالتشديد ، والمعنى واحد ، ويقرأ ( يغشى ) بفتح الياء والتخفيف ، والليل فاعله (يطلبه) حال من الليل أو من النهار ، و (حثيثا) حال من الليل لانه الفاعل ، ويجوز أن يكون من النهار فيكون التقدير : يطلب الليل النهار محثوثا ، وأن يكون صفة لمصدر محذوف : أى طلبا حثيثا (والشمس) يقرأ بالنصب ، والتقدير وخلق الشمس ، ومن رفع استأنف.
  قوله تعالى (وخفية) يقرأ بضم الخاء وكسرها وهما لغتان ، والمصدران حالان ، ويجوز أن يكون مفعولا له ، ومثله خوفا وطمعا.
  قوله تعالى (قريب) إنما لم تؤنث لانه أراد المطر ، وقيل إن الرحمة والترحم بمعنى ، وقيل هو على النسب : أى ذات قرب كما يقال امرأة طالق ، وقيل هو فعيل بمعنى مفعول كما قالوا لحية دهين وكف خضيب ، وقيل أرادوا المكان : أى أن مكان رحمة الله قريب ، وقيل فرق بالحذف بين القريب من النسب وبين القريب من غيره.
  قوله تعالى (نشرا) يقرأ بالنون والشين مضمومتين وهو جمع ، وفي واحده وجهان : أحدهما نشور مثل صبور وصبر ، فعلى هذا يجوز أن يكون فعول بمعنى فاعل : أى ينشر الارض ، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول كركوب بمعنى مركوب أى منشورة بعد الطى ، أو منشرة : أى محياة من قولك : أنشر الله الميت فهو منشر ويجوزأن يكون جمع ناشر مثل نازل ونزل ، ويقرأ بضم النون وإسكان الشين على

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 277 _
  تخفيف المضموم ، ويقرأ ( نشرا ) بفتح النون وإسكان الشين ، وهو مصدر نشر بعد الطى ، أو من قولك : أنشر الله الميت فنشر : أى عاش ، ونصبه على الحال : أى ناشرة أو ذات نشر ، كما تقول جاء ركضا : أى راكضا ، ويقرأ ( بشرا ) بالباء وضمتين وهو جمع بشير مثل قليب وقلب ، ويقرأ كذلك إلا أنه بسكون الشين على التخفيف ، ومثله في المعنى ( أرسل الرياح مبشرات ) ويقرأ ( بشرى ) مثل حبلى أى ذات بشارة ، ويقرأ ( بشرا ) بفتح الباء وسكون الشين وهو مصدر بشرته إذا بشرته (سحابا) جمع سحابة ، وكذلك وصفها بالجمع (لبلد) أى لاحياء بلد ( بِهِ الْمَاءَ ) الهاء ضمير الباء أو ضمير السحاب أو ضمير الريح ، وكذلك الهاء في (به) الثانية.
  قوله تعالى ( يَخْرُجُ نَبَاتُهُ ) يقرأ بفتح الياء وضم الراء ورفع النبات ، ويقرأ كذلك إلا أنه يضم الياء على مالم يسم فاعله ، ويقرأ بضم الياء وكسر الراء ونصب النبات : أى فيخرج الله أو الماء ( بِإِذْنِ رَبِّهِ ) متعلق بيخرج ( إِلاَّ نَكِداً ) بفتح النون وكسر الكاف وهو حال ، ويقرأ بفتحهما على أنه مصدر : أى ذا نكد ، ويقرأ بفتح النون وسكون الكاف ، وهو مصدر أيضا وهو لغة ، ويقرأ ( يخرج ) بضم الياء وكسر الراء ، ونكدا مفعوله.
  قوله تعالى ( مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) من زائدة ، وإله مبتدأ ، ولكم الخبر ، وقيل الخبر محذوف : أى مالكم من إله في الوجود ، ولكم تخصيص ، وتبيين.
  وغيره بالرفع فيه وجهان : أحدهما هو صفة ( لاله ) على الموضع ، والثانى هو بدل من الموضع مثل : لا إله إلا الله ، ويقرأ بالنصب على الاستثناء ، وبالجر صفة على اللفظ ( عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) وصف اليوم بالعظم ، والمراد عظم ما فيه.
  قوله تعالى ( مِنْ قَوْمِهِ ) حال من الملا ، و (نراك) من رؤية العين ، فيكون ( فِي ضَلالٍ ) حالا ، ويجوز أن تكون من رؤية القلب فيكون مفعولا ثانيا.
  قوله تعالى (أبلغكم) يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون صفة لرسول على المعنى ، لان الرسول هو الضمير في ( لكنى ) ولو كان يبلغكم لجاز لانه يعود على لفظ رسول ، ويجوز أن يكون حالا ، والعامل فيه الجار من قوله من رب ( وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ ) بمعنى أعرف ، فيتعدى إلى مفعول واحد ، وهو ( ما ) وهى بمعنى الذى أو نكرة موصوفة.
  ومن الله فيه وجهان : أحدهما هو متعلق بأعلم : أى ابتداء علمى من عند الله ، والثانى أن يكون حالا من ( ما ) أو من العائد المحذوف.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 278 _
  قوله تعالى ( مِنْ رَبِّكُمْ ) يجوز أن يكون صفة لذكر ، وأن تتعلق بجاء‌كم ( عَلَى رَجُلٍ ) يجوز أن يكون حالا من : أى نازلا على رجل ، وأن يكون متعلقا بجاء‌كم على المعنى لانه في معنى نزل إليكم ، وفى الكلام حذف مضاف : أى على قلب رجل أو لسان رجل.
  قوله تعالى ( فِي الْفُلْكِ ) هو حال من ( من ) أو من الضمير المرفوع في معه ، والاصل في (عمين) عميين فسكنت الاولى وحذفت.
  قوله تعالى (هودا) بدل من أخاهم ، وأخاهم منصوب بفعل محذوف : أى وأرسلنا إلى عاد ، وكذلك أوائل القصص التى بعدها.
  قوله تعالى ( نَاصِحٌ أَمِينٌ ) هو فعيل بمعنى مفعول.
  قوله تعالى ( فِي الْخَلْقِ ) يجوز أن يكون حالا من (بسطة) وأن يكون متعلقا بزادكم ، والآلاء جمع ، وفى واحدها ثلاث لغات : إلى بكسر الهمزة وألف واحد بعد اللام ، وبفتح الهمزة كذلك ، وبكسر الهمزة وسكون اللام وياء بعدها.
  قوله تعالى (وحده) هو مصدر محذوف الزوائد ، وفى موضعه وجهان : أحدهما هو مصدر في موضع الحال من الله : أى لنعبد الله مفردا وموحدا ، وقال بعضهم : هو حال من الفاعلين : أى موحدين له ، والثانى أنه ظرف : أى لنعبد الله على حياله قاله يونس ، وأصل هذا المصدر الايجاد من قولك أوحدته ، فحذفت الهمزة والالف وهما الزائدان.
  قوله تعالى ( مِنْ رَبِّكُمْ ) يجوز أن يكون حالا من (رجس) وأن يتعلق بوقع ( فِي أَسْمَاءٍ ) أى ذوى أسماء أو مسميات.
  قوله تعالى (آية) حال من الناقة ، والعامل فيها معنى ما في هذه من التنبيه والاشارة ، ويجوز أن يعمل في آية لكم ، ويجوز أن يكون لكم حالا من آية ، ويجوز أن يكون ناقة الله بدلا من هذه أو عطف بيان ولكم الخبر ، وجاز أن يكون آية حالا لانها بمعنى علامة ودليلا (تأكل) جواب الامر (فيأخذكم) جواب النهى ، وقرئ بالرفع وموضعه حال.
  قوله تعالى ( مِنْ سُهُولِهَا ) يجوز أن يكون حالا من (قصورا) ومفعولا ثانيا لتتخذون ، وأن تتعلق بتتخذون لا على أن تتخذون يتعدى إلى مفعولين بل إلى واحد ، و ( من ) لابتداء غاية الاتخاذ ( وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ ) فيه وجهان : أحدهما أنه بمعنى تتخذون فيكون (بيوتا) مفعولا ثانيا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 279 _
  والثانى أن يكون التقدير من الجبال على ماجاء في الآية الاخرى ، فيكون بيوتا المفعول ، ومن الجبال على ماذكرنا في قوله من سهولها.
  قوله تعالى ( لِمَنْ آمَنَ ) هو بدل من قوله ( لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ) بإعادة الجار كقولك : مررت بزيد بأخيك.
  قوله تعالى (فأصبحوا) يجوز أن تكون التامة ، ويكون (جاثمين) حالا ، وأن تكون الناقصة ، وجاثمين الخبر ، وفي دارهم متعلق بجاثمين.
  قوله تعالى (ولوطا) أى وأرسلنا لوطا ، أو واذكر لوطا ، و (إذ) على التقدير الاول ظرف ، وعلى الثانى يكون ظرفا لمحذوف تقديره : واذكر رسالة لوط إذ ( مَا سَبَقَكُمْ بِهَا ) في موضع الحال من الفاحشة أو من الفاعل في أتأتون تقديره مبتدئين (أئنكم) يقرأ بهمزتين على الاستفهام ، ويجوز تخفيف الثانية وتليينها ، وهو جعلها بين الياء والالف ، ويقرأ بهمزة واحدة على الخبر (شهوة) مفعول من أجله ، أو مصدر في موضع الحال ( مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ) صفة لرجال : أى منفردين عن النساء ( بَلْ أَنْتُمْ ) بل هنا للخروج من قصة إلى قصة ، وقيل هو إضراب عن محذوف تقديره : ماعدلتم بل أنتم مسرفون.
  قوله تعالى ( وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ ) يقرأ بالنصب والرفع ، وقد ذكر في آل عمران وفي الانعام.
  قوله تعالى (مطرا) هو مفعول أمطرنا ، والمطر هنا الحجارة كما جاء في الآية الاخرى ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً ).
  قوله تعالى ( وَلا تَبْخَسُوا ) هو متعد إلى مفعولين وهما (الناس) و (أشياء‌هم) وتقول : بخست زيدا حقه : أى نقصته إياه.
  قوله تعالى (توعدون) حال من الضمير في تقعدوا ( مَنْ آمَنَ ) مفعول تصدون لا مفعول توعدون ، إذ لو كان مفعول الاول لكان تصدونهم (وتبغونها) حالا ، وقد ذكرناها في قوله تعالى ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) في آل عمران.
  قوله تعالى ( أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ) أى ولو كرهنا تعيدوننا ( ولو ) هنا بمعنى إن لانه المستقبل ، ويجوز أن تكون على أصلها ، ويكون المعنى إن كنا كارهين في هذه الحال.


إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 280 _
  قوله تعالى ( قَدْ افْتَرَيْنَا ) هو بمعنى المستقبل لانه لم يقع ، وإنما سد مسد جواب ( إِنْ عُدْنَا ) وساغ دخول قد هاهنا لانهم قد نزلوا الافتراء عند العود منزلة الواقع فقرنوه بقد ، وكأن المعنى قد افترينا الآن إن هممنا بالعود ( إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ ) المصدر في موضع نصب على الاستثناء ، والتقدير : إلا وقت أن يشاء الله ، وقيل هو استثناء منقطع ، وقيل إلا في حال مشيئة الله ، و (علما) قد ذكر في الانعام.
  قوله تعالى ( إِذاً لَخَاسِرُونَ ) إذا هنا متوسطة بين اسم إن وخبرها ، وهى حرف معناه الجواب ، ويعمل في الفعل بشروط مخصوصة وليس ( ذا ) موضعها.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً ) لك فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو مبتدأ ، وفى الخبر وجهان : أحدهما ( كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ) ومابعده جملة أخرى ، أو بدل من الضمير في يغنوا ، أو نصب بإضمار أعنى ، والثانى أن الخبر ( الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا ) و ( كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا ) على هذا حال من الضمير في كذبوا ، والوجه الثانى أن يكون صفة لقوله ( الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ) والثالث أن يكون بدلا منه ، وعلى الوجهين يكون كأن لم حالا.
  قوله تعالى ( حَتَّى عَفَوا ) أى إلى أن عفوا : أى كثروا (فأخذناهم) هو معطوف على عفوا.
  قوله تعالى ( أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى ) يقرأ بفتح الواو على أنها واو العطف دخلت عليه همزة الاستفهام ، ويقرأ بسكونها وهى لاحد الشيئين ، والمعنى : أفأمنوا إتيان العذاب ضحى ، أو أمنوا بأن يأتيهم ليلا ؟ وبياتا الحال من بأسنا ، أى مستخفيا باغتيالهم ليلا.
  قوله تعالى ( فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ ) الفاء هنا للتنبيه على تعقيب العذاب أمن مكر الله.
  قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ ) يقرأ بالياء ، وفاعله ( أَنْ لَوْ نَشَاءُ ) وأن مخففة من الثقيلة : أى أو لم يبين لهم علمهم بمشيئتنا ، ويقرأ بالنون وأن لو نشاء مفعوله وقيل فاعل يهدى ضمير اسم الله تعالى ( فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ) الفاء لتعقيب عدم السمع بعد الطبع على القلب من غير فصل.
  قوله تعالى ( نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا ) هو مثل قوله ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ ) وقد ذكر في آل عمران ، ومثل قوله تعالى ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا ) وقد ذكر في البقرة.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 281 _
  قوله تعالى ( لأَكْثَرِهِمْ ) هو حال من (عهد) ومن زائدة : أى ماوجدنا عهدا لاكثرهم ( وَإِنْ وَجَدْنَا ) مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف : أى وإنا وجدنا واللام في (لفاسقين) لازمة لها لتفصل بين أن المخففة وبين إن بمعنى ( ما ) وقال الكوفيون : من الثقيلة ( إن ) بمعنى ( ما ) وقد ذكر في البقرة عند قوله ( وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً ).
  قوله تعالى ( كَيْفَ كَانَ ) كيف في موضع نصب خبر كان ، (عاقبة) اسمها ، والجملة في موضع نصب بفا نظر.
  قوله تعالى (حقيق) وخبره ( أَنْ لا أَقُولَ ) على قراء‌ة من شدد الياء ، في على ، وعلى متعلق بحقيق ، والجيد أن يكون ( أَنْ لا ) فاعل حقيق لانه ناب عن بحق على ، ويقرأ على ألا ، والمعنى واجب بأن لا أقول ، وحقيق هاهنا على الصحيح صفة لرسول ، أو خبر ثان ، كما تقول : أنا حقيق بكذا : أى أحق ، وقيل المعنى على قراء‌ة من شدد الياء أن يكون حقيق صفة لرسول ، وما بعده مبتدأ وخبر : أى على قول الحق.
  قوله تعالى ( فَإِذَا هِيَ ) ( إذا ) للمفاجأة ، وهى مكان ، وما بعدها مبتدأ.
  و (ثعبان) خبره ، وقيل هى ظرف زمان ، وقد أشبعنا القول فيها فيما تقدم.
  قوله تعالى ( فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ) هو مثل قوله ( مَاذَا يُنفِقُونَ ) وقد ذكر في البقرة ، وفي المعنى وجهان : أحدهما أنه من تمام الحكاية عن قول الملا ، والثانى أنه مستأنف من قول فرعون ، تقديره : فقال ماذا تأمرون ، ويدل على مابعده ، وهو قوله ( قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ ) وأرجئه يقرأ بالهمزة وضم الهاء من غير إشباع وهو الجيد ، وبالاشباع وهو ضعيف لان الهاء خفية ، فكأن الواو التى بعدها تتلو الهمزة ، وهو قريب من الجمع بين ساكنين ، ومن هنا ضعف قولهم عليه مال بالاشباع ، ويقرأ بكسر الهاء مع الهمز وهو ضعيف ، لان الهمز حرف صحيح ساكن ، فليس قبل الهاء ما يقتضى الكسر ، ووجهه أنه أتبع الهاء كسرة الجيم ، والحاجز غير حصين ، ويقرأ من غير همز من أرجيت بالياء ، ثم منهم من يكسر الهاء ويشبعها ، ومنهم من لا يشبعها ، ومنهم من يسكنها ، وقد بينا ذلك في ( يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ) .
  قوله تعالى ( بِكُلِّ سَاحِرٍ ) يقرأ بألف بعد السين وألف بعد الحاء مع التشديد وهو الكثير.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 282 _
  قوله تعالى ( أَئِنَّ لَنَا ) يقرأ بهمزتين على الاستفهام والتحقيق والتليين على ماتقدم وبهمزة واحدة على الخبر.
  قوله تعالى ( إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ) في موضع أن والفعل وجهان : أحدهما رفع : أى أمرنا إما الالقاء ، والثانى نصب : أى إما أن تفعل الالقاء.
  قوله تعالى ( وَاسْتَرْهَبُوهُمْ ) أى طلبوا إرهابهم ، وقيل هو بمعنى أرهبوهم مثل قر واستقر.
  قوله تعالى ( أَنْ أَلْقِ ) يجوز أن تكون أن المصدرية ، وأن تكون بمعنى : أى ( فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ ) يقرأ بفتح اللام وتشديد القاف مع تخفيف التاء مثل تكلم ، ويقرأ ( أتلقف ) بتشديد التاء أيضا ، والاصل تتلقف فأدغمت الاولى في الثانية ووصلت بما قبلها فأغنى عن همزة الوصل ، ويقرأ بسكون اللام وفتح القاف ، وماضيه لقف مثل علم.
  قوله تعالى ( قَالُوا آمَنَّا ) يجوز أن يكون حالا : أى فانقلبوا صاغرين قد قالوا ، ويجوز أن يكون مستأنفا ( رَبِّ مُوسَى ) بدل مما قبله.
  قوله تعالى ( قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ ) يقرأ بهمزتين على الاستفهام ، ومنهم من يحقق الثانية ، ومنهم من يخففها ، والفصل بينهما بألف بعيد لانه يصير في التقدير كأربع ألفات ، ويقرأ بهمزة واحدة على لفظ الخبر ، فيجوز أن يكون خبرا في المعنى وأن يكون حذف همزة الاستفهام ، وقرئ ( فرعون وآمنتم ) بجعل الهمزة الاولى واوا لانضمام ما قبلها.
  قوله تعالى ( وَمَا تَنقِمُ ) يقرأ بكسر القاف وفتحها ، وقد ذكر في المائدة.
  قوله تعالى (ويذرك) الجمهور على فتح الراء عطفا على ليفسدوا ، وسكنها بعضهم على التخفيف ، وضمها بعضهم : أى وهو يذرك ، ويقرأ (وآلهتك) مثل العبادة والزيادة ، وهى العبادة.
  قوله تعالى (يورثها) يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من الله.
  قوله تعالى (بالسنين) الاصل في سنة سنهة ، فلامها هاء لقولهم : عاملته مسانهة وقيل لامها واو لقولهم سنوات ، وأكثر العرب تجعلها كالزيدون ، ومنهم من يجعل النون حرف الاعراب ، وكسرت سنيها إيذانا بأنها جمعت على غير القياس ( من لثمرات ) متعلق بنقص ، والمعنى وبتنقص الثمرات.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 283 _
  قوله تعالى (يطيروا) أى يتطيروا ، وقرئ شاذا ( تطيروا ) على لفظ الماضى (طائرهم) على لفظ الواحد ، ويقرأ طيرهم ، وقد ذكر مثله في آل عمران.
  قوله تعالى (مهما) فيها ثلاثة أقوال : أحدها أن ( مه ) بمعنى اكفف ، و ( ما ) اسم للشرط كقوله ( مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ) والثانى أن أصل ( مه ) ما الشرطية زيدت عليها ما كما زيدت في قوله ( إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ ) ثم أبدلت الالف الاولى هاء لئلا تتوالى كلمتان بلفظ واحد ، والثالث أنها بأسرها كلمة واحدة غير مركبة ، وموضع الاسم على الاقوال كلها نصب ب‍ (تأتنا) والهاء في ( به ) تعود على ذلك الاسم.
  قوله تعالى (الطوفان) قيل هو مصدر ، وقيل هو جمع طوفانة ، وهو الماء المغرق الكثير (والجراد) جمع جرادة الذكر والانثى ، سواء (والقمل) يقرأ بالتشديد والتخفيف مع فتح القاف وسكون الميم ، قيل هما لغتان ، وقيل هما القمل المعروف في الثياب ونحوها ، والمشدد يكون في الطعام (آيات) حال من الاشياء المذكورة.
  قوله تعالى ( بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ) يجوز أن تتعلق الباء بادع : أى بالشئ الذى علمك الله الدعاء به ، ويجوز أن تكون الباء للقسم ( إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ) هم مبتدأ وينكثون الخبر ، وإذا للمفاجأة وقد تقدم ذكرها.
  قوله تعالى (وأورثنا) يتعدى إلى مفعولين ، فالاول (القوم) ، و ( الَّذِينَ كَانُوا ) نعت ، وفى المفعول الثانى ثلاثة أوجه : أحدها ( مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ) والمراد أرض الشام أو مصر ، و ( الَّتِي بَارَكْنَا ) على هذا فيه وجهان : أحدهما هو صفة المشارق والمغارب.
  والثانى صفة الارض ، وفيه ضعف لان فيه العطف على الموصوف قبل الصفة.
  والقول الثانى أن المفعول الثانى لاورثنا التى باركنا : أى الارض التى باركنا ، فعلى هذا في المشارق والمغارب وجهان : أحدهما هو ظرف ليستضعفون ، والثانى أن تقديره : يستضعفون في مشارق الارض ومغاربها ، فلما حذف الحرف وصل الفعل بنفسه فنصب.
  والقول الثالث أن التى باركنا صفة على ما تقدم ، والمفعول الثانى محذوف تقديره : الارض أو الملك ( مَا كَانَ يَصْنَعُ ) ( ما ) بمعنى الذى.
  وفى اسم كان وجهان : أحدهما هو ضمير ( ما ) وخبرها يصنع فرعون ، والعائد محذوف ، أى يصنعه ، والثانى أن اسم كان فرعون.
  وفى يصنع ضمير فاعل ، وهذا ضعيف لان يصنع يصلح أن يعمل في فرعون فلا يقدر تأخيره كما لا يقدر تأخير الفعل في قولك : قام زيد ، وقيل ( ما ) مصدرية وكان زائدة ، وقيل ليست زائدة ، ولكن كان الناقصة لا تفصل بين ( ما ) وبين صلتها.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 284 _
  وقد ذكرنا ذلك في قوله ( بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) وعلى هذا القول تحتاج كان إلى اسم ، ويضعف أن يكون اسمها ضمير الشأن لان الجملة التى بعدها صلة ( ما ) فلا تصلح للتفسير فلا يصلح بها الايضاح ، وتمام الاسم لان المفسر يجب أن يكون مستقبلا فتدعو الحاجة إلى أن نجعل فرعون اسم كان وفي يصنع ضمير يعود عليه ، و (يعرشون) بضم الراء وكسرها لغتان ، وكذلك يعكفون ، وقد قرئ بهما فيهما.
  قوله تعالى ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ) الباء هنا معدية كالهمزة والتشديد ، أى أجزنا ببنى إسرائيل البحر وجوزنا.
  قوله تعالى ( كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ) في ( ما ) ثلاثة أوجه : أحدها هى مصدرية ، والجملة بعدها صلة لها ، وحسن ذلك أن الظرف مقدر بالفعل.
  والثانى أن ( ما ) بمعنى الذى ، والعائد محذوف ، وآلهة بدل منه تقديره : كالذى هو لهم ، والكاف وما عملت فيه صفة لاله : أى إلها مماثلا للذى لهم ، والوجه الثالث أن تكون ( ما ) كافة للكاف ، إذ من حكم الكاف أن تدخل على المفرد ، فلما أريد دخولها على الجملة كفت بما.
  قوله تعالى ( مَا هُمْ فِيهِ ) يجوز أن تكون ( ما ) مرفوعة بمتبر ، لانه قوى بوقوعه خبرا ، وأن تكون ( ما ) مبتدأ ومتبر خبر مقدم.
  قوله تعالى ( أَغَيْرَ اللَّهِ ) فيه وجهان : أحدهما هو مفعول أبغيكم ، والتقدير : أبغى لكم فحذف اللام ، و (إلها) تمييز.
  والثانى أن إلها مفعول أبغيكم غير الله صفة له قدمت عليه فصارت حالا ( وَهُوَ فَضَّلَكُمْ ) يجوز أن يكون حالا ، وأن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى ( ثَلاثِينَ لَيْلَةً ) هو مفعول ثان لواعدنا ، وفيه حذف مضاف تقديره : إتيان ثلاثين أو تمام ثلاثين ، و ( أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) حال تقديرها : فتم ميقات ربه كاملا ، وقيل هو مفعول تم ، لان معناه بلغ ، فهو كقولهم : بلغت أرضك جريبين ، و (هارون) بدل أو عطف بيان ، ولو قرئ بالرفع لكان نداء أو خبر مبتدإ محذوف.
  قوله تعالى ( جَعَلَهُ دَكّاً ) أى صيره ، فهو متعد إلى اثنين ، فمن قرأ ( دكا ) جعله مصدرا بمعنى المدكوك : وقيل تقديره : ذا دك ، ومن قرأ بالمد جعله مثل أرض دكاء أو ناقة دكاء ، وهى التى لا سنام لها ، و (صعقا) حال مقارنة.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 285 _
  قوله تعالى (سأريكم) قرئ في الشاذ بواو بعد الهمزة ، وهى ناشئة عن الاشباع وفيها بعد.
  قوله تعالى ( سَبِيلَ الرُّشْدِ ) يقرأ بضم الراء وسكون الشين وبفتحهما : وسبيل الرشاد بالالف والمعنى واحد.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا ) مبتدأ وخبره (حبطت) ويجوز أن يكون الخبر ( هَلْ يُجْزَوْنَ ) وحبطت حال من ضمير الفاعل في كذبوا ، وقد مرادة.
  قوله تعالى ( مِنْ حُلِيِّهِمْ ) يقرأ بفتح الحاء وسكون اللام وتخفيف الياء وهو واحد ، ويقرأ بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء وهو جمع أصله حلوى ، فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء الاخرى ثم كسرت اللام إتباعا لها ويقرأ بكسر الحاء واللام والتشديد على أن يكون أتبع الكسر الكسر (عجلا) مفعول اتخذه و (جسدا) نعت أو بدل أن بيان من حليهم ، ويجوز أن يكون صفة لعجل قدم فصار حالا ، وأن يكون متعلقا باتخذ ، والمفعول الثانى محذوف أى إلها.
  قوله تعالى ( سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ) الجار والمجرور قائم مقام الفاعل ، والتقدير : سقط الندم في أيديهم.
  قوله تعالى (غضبان) حال من موسى ، و (أسفا) حال آخر بدل من التى قبلها ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير الذى في غضبان.
  قوله تعالى ( يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ) يجوز أن يكون حالا من موسى ، وأن يكون حالا من الرأس ، ويضعف أن يكون حالا من أخيه ( قَالَ ابْنَ أُمَّ ) يقرأ بكسر الميم ، والكسرة تدل على الياء المحذوفة ، وبفتحها.
  وفيه وجهان : أحدهما أن الالف محذوفة ، وأصل الالف الياء ، وفتحت الميم قبلها فانقلبت ألفا وبقيت الفتحة تدل عليها ، كما قالوا : يا بنت عما ، والوجه الثانى أن يكون جعل ابن والام بمنزلة خمسة عشر ، وبناهما على الفتح ( فَلا تُشْمِتْ ) الجمهور على ضم التاء وكسر الميم ، و (الاعداء) مفعوله ، وقرئ بفتح التاء والميم ، والاعداء فاعله ، والنهى في اللفظ للاعداء وفي المعنى لغيرهم وهو موسى ، كما تقول : لا أرينك هاهنا ، وقرئ بفتح التاء والميم ونصب الاعداء والتقدير : لا تشمت أنت بى فتشمت بى الاعداء ، فحذف الفعل.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ) مبتدأ والخبر ( إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) والعائد محذوف : أى غفور لهم أو رحيم بهم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 286 _
  قوله تعالى ( وَفِي نُسْخَتِهَا ) الجملة حال من الالواح ( لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) في اللام ثلاثة أوجه : أحدها هى بمعنى من أجل ربهم ، فمفعول يرهبون على هذا محذوف : أى يرهبون عقابه.
  والثانى هى متعلقة بفعل محذوف تقديره : والذين هم (1) يخشعون لربهم.
  والثالث هى زائدة ، وحسن ذلك لما تأخر الفعل.
  قوله تعالى ( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ ) اختار يتعدى إلى مفعولين : أحدهما بحرف الجر وقد حذف هاهنا ، والتقدير : من قومه ، ولا يجوز أن يكون (سبعين) بدلا عند الاكثرين ، لان المبدل منه في نية الطرح ، والاختيار لابد له من مختار ومختار منه ، والبدل يسقط المختار منه ، وأرى أن البدل جائز على ضعف ، ويكون التقدير سبعين رجلا منهم (أتهلكنا) قيل هو استفهام : أى أتعمنا بالاهلاك ، وقيل معناه النفى : أى ما نهلك من لم يذنب ، و (منا) حال من السفهاء ( تُضِلُّ بِهَا ) يجوز أن يكون مستأنفا ، ويجوز أن يكون حالا من الكاف في فتنتك إذ ليس هنا ماتصلح أن يعمل في الحال.
  قوله تعالى (هدنا) المشهور ضم الهاء ، وهو من هاد يهود إذا تاب ، وقرئ بكسرها ، وهو من هاد يهيد إذا تحرك أو حرك : أى حركنا إليك نفوسنا ( مَنْ أَشَاءُ ) المشهور في القراء‌ة الشين ، وقرئ بالسين والفتح ، وهو فعل ماض : أى أعاقب المسئ.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ) في الذين ثلاثة أوجه : أحدها هو جر على أنه صفة للذين يتقون أو بدل منه.
  والثانى نصب على إضمار أعنى.
  والثالث رفع : أى هم الذين يتبعون ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر ( يأمرهم ، وأولئك هم المفلحون ) (الامى) المشهور ضم الهمزة ، وهو منسوب إلى الام ، وقد ذكر في البقرة ، وقرئ بفتحها.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه من تغيير النسبة كما قالوا أموى ، والثانى هو منسوب إلى الام وهو القصد : أى الذى هو على القصد والسداد (يجدونه) أى يجدون اسمه و (مكتوبا) حال و (عندهم) ظرف لمكتوب أو ليجدون (يأمرهم) يجوز أن يكون خبرا للذين ، وقد ذكر ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، أو أن يكون حالا من النبى أو من الضمير في مكتوب (إصرهم) الجمهور على الافراد وهو جنس ، ويقرأ

--------------------
(1) ( قوله تقديره والذين هم ) كذا بالنسخ التى بأيدينا ، والمناسب أن يقول للذين هم ليوافق نظم لتلاوة كما لا يخفى اه‍. (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 287 _
  آصارهم على الجمع لاختلاف أنواع الثقل الذى كان عليهم ، ولذلك جمع الاغلال ، (وعزروه) بالتشديد والتخفيف وقد ذكر في المائدة.
  قوله تعالى ( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ ) موضع نصب بإضمار أعنى ، أى في موضع رفع على إضمار هو ، ويبعد أن يكون صفة لله أو بدلا منه لما فيه من الفصل بينهما بإليكم وحاله وهو متعلق برسول.
  قوله تعالى ( وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ ) فيه وجهان : أحدهما أن قطعنا بمعنى صيرنا فيكون اثنتى عشرة مفعولا ثانيا ، والثانى أن يكون حالا : أى فرقناهم فرقا ، و (عشرة) بسكون الشين وكسرها وفتحها لغات قد قرئ بها ، و (أسباطا) بدل من اثنتى عشرة لا تمييز لانه جمع ، و (أمما) نعت لاسباط ، أو بدل بعد بدل ، وأنث اثنتى عشرة ، لان التقدير : اثنتى عشرة أمة ( أَنْ اضْرِب ) يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى أى.
  قوله تعالى (حطة) هو مثل الذى في البقرة ، و ( نَغْفِرْ لَكُمْ ) قد ذكر في البقرة مايدل على ما هاهنا.
  قوله تعالى ( عَنْ الْقَرْيَةِ ) أى عن خبر القرية ، وهذا المحذوف هو الناصب للظرف الذى هو قوله ( إِذْ يَعْدُونَ ) وقيل هو ظرف لحاضرة ، وجوز ذلك أنها كانت موجودة في ذلك الوقت ثم خربت ، ويعدون ، خفيف ، ويقرأ بالتشديد والفتح والاصل يعتدون ، وقد ذكر نظيره في يخطف ( إِذْ تَأْتِيهِمْ ) ظرف ليصعدون و (حيتانهم) جمع حوت أبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، (شرعا) حال من الحيتان ( وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ ) ظرف لقوله ( لا تَأْتِيهِمْ ).
  قوله تعالى (معذرة) يقرأ بالرفع : أى موعظتنا معذرة ، وبالنصب على المفعول له : أى وعظنا للمعذرة ، وقيل هو مصدر : أى نعتذر معذرة.
  قوله تعالى ( بِعَذَابٍ بَئِيسٍ ) يقرأ بفتح الباء وكسر الهمزة وياء ساكنة بعدها.
  وفيه وجهان : أحدهما هو نعت للعذاب مثل شديد ، والثانى هو مصدر مثل النذير ، والتقدير : بعذاب ذى بأس : أى ذى شدة ، ويقرأ كذلك إلا أنه بتخفيف الهمزة وتقريبها من الياء ، ويقرأ بفتح الباء وهمزة مكسورة لا ياء بعدها.
  وفيه وجهان : أحدهما هو صفة مثل قلق وحنق ، والثانى هو منقول من بئس الموضوعة للذم إلى الوصف ، ويقرأ كذلك إلا أنه بكسر الباء إتباعا ، ويقرأ بكسر الباء وسكون الهمزة ، وأصلها

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 288 _
  فتح الباء وكسر الهمزة ، فتكسر الباء إتباعا ، وسكن الهمزة تخفيفا ، ويقرأ كذلك إلا أن مكان الهمزة ياء ساكنة ، وذلك تخفيف كما تقول في ذئب ذيب ، ويقرأ بفتح الباء وكسر الياء وأصلها همزة مكسورة أبدلت ياء ، ويقرأ بياء‌ين على فيعال ، ويقرأ ( بيس ) بفتح الباء والياء من غير همز وأصله باء ساكنة وهمزة مفتوحة ، إلا أن حركة الهمزة ألقيت على الياء ولم تقلب الياء ألفا لان حركتها عارضة ، ويقرأ ( بيأس ) مثل ضيغم ، ويقرأ بفتح الباء وكسر الياء وتشديدها مثل سيد وميت وهو ضعيف ، إذ ليس في الكلام مثله من الهمز ، ويقرأ ( بأيس ) بفتح الباء وسكون الهمزة وفتح الياء ، وهو بعيد إذ ليس في الكلام فعيل ، ويقرأ كذلك إلا أنه بكسر الباء مثل عثير وحديم.
  قوله تعالى (تأذن) هو بمعنى أذن : أى أعلم ( إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) يتعلق بتأذن أو بيبعث وهو الاوجه ، ولا يتعلق ب‍ (يسومهم) لان الصلة أو الصفة لا تعمل فيما قبلها.
  قوله تعالى ( وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً ) مفعول ثان أو حال ( مِنْهُمْ الصَّالِحُونَ ) صفة لامم أو بدل منه ، و ( دُونَ ذَلِكَ ) ظرف أو خبر على ماذكرنا في قوله ( لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ).
  قوله تعالى ( وَرِثُوا الْكِتَابَ ) نعت لخلف (يأخذون) حال من الضمير في ورثوا (ودرسوا) معطوف على ورثوا ، وقوله ( أَلَمْ يُؤْخَذْ ) معترض بينهما ، ويقرأ ادارسوا وهو مثل اداركوا فيها وقد ذكر.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ ) مبتدأ ، والخبر ( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ) والتقدير منهم ، وإن شئت قلت إنه وضع الظاهر موضع المضمر : أى لا نضيع أجرهم ، وإن شئت قلت لما كان الصالحون جنسا والمبتدأ واحدا منه استغنيت عن ضمير ، ويمسكون بالتشديد والماضى منه مسك ، ويقرأ بالتخفيف من أمسك ، ومعنى القراء‌تين تمسك بالكتاب : أى عمل به ، والكتاب جنس.
  قوله تعالى ( وَإِذْ نَتَقْنَا ) أى اذكر إذ ، و (فوقهم) ظرف لنتقنا أو حال من الجبل غير مؤكدة ، لان رفع الجبل فوقهم تخصيص له ببعض جهات العلو (كأنه) الجملة حال من الجبل أيضا (وظنوا) مستأنف ، ويجوز أن يكون معطوفا على نتقنا فيكون موضعه جرا ، ويجوز أن يكون حالا ، وقد معه مرادة ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ ) قد ذكر في البقرة.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 289 _
  قوله تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ ) أى واذكر ( مِنْ ظُهُورِهِمْ ) بدل من بنى آدم : أى من ظهور بنى آدم ، وأعاد حرف الجر مع البدل وهو بدل الاشتمال ( أَنْ تَقُولُوا ) بالياء والتاء وهو مفعول له : أى مخافة أن تقولوا ، وكذلك ( أَوْ تَقُولُوا ).
  قوله تعالى ( إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ) الكلام كله حال من الكلب تقديره يشبه الكلب لاهثا في كل حال.
  قوله تعالى (ساء) هو بمعنى بئس ، وفاعله مضمر : أى ساء المثل ، و (مثلا) مفسر (القوم) أى مثل القوم ، لابد من هذا التقدير لان المخصوص بالذم من جنس فاعل بئس ، والفاعل المثل ، والقوم ليس من جنس المثل ، فلزم أن يكون التقدير مثل القوم فحذفه وأقام القوم مقامه.
  قوله تعالى (لجهنم) يجوز أن يتعلق بذرأنا ، وأن يتعلق بمحذوف على أن يكون حالا من (كثيرا) أى كثيرا لجهنم ، و ( مِنْ الْجِنِّ ) نعت لكثير ( لَهُمْ قُلُوبٌ ) نعت لكثير أيضا.
  قوله تعالى ( الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) الحسنى صفة مفردة لموصوف مجموع ، وأنث لتأنيث الجمع (يلحدون) يقرأ بضم الياء وكسر الحاء ، وماضيه ألحد ، وبفتح الياء والحاء وماضيه لحد ، وهما لغتان.
  قوله تعالى ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا ) نكرة موصوفة أو بمعنى الذى.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا ) مبتدأ ، و ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ ) الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف فسره المذكور : أى سنستدرج الذين.
  قوله تعالى (وأملى) خبر مبتدإ محذوف : أى وأنا أملى ، ويجوز أن يكون معطوفا على نستدرج وأن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى ( مَا بِصَاحِبِهِمْ ) في ( ما ) وجهان : أحدهما نافية ، وفي الكلام حذف تقديره : أو لم يتفكروا في قولهم به جنة ، والثانى أنها استفهام : أى أو لم يتفكروا أى شئ بصاحبهم من الجنون مع انتظام أقواله وأفعاله ، وقيل هى بمعنى الذى ، وعلى هذا يكون الكلام خرج عن زعمهم.
  قوله تعالى ( وَأَنْ عَسَى ) يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة ، وأن تكون مصدرية وعلى كلا الوجهين هى في موضع جر عطفا على ملكوت ، و ( أَنْ يَكُونَ ) فاعل عسى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 290 _
  وأما اسم يكون فمضمر فيها وهو ضمير الشان ، و ( قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ) في موضع نصب خبر كان ، والهاء في (بعده) ضمير القرآن.
  قوله تعالى ( فَلا هَادِيَ ) في موضع جزم على جواب الشرط (ويذرهم) بالرفع على الاستئناف ، وبالجزم عطفا على موضع ( فَلا هَادِيَ ) وقيل سكنت لتوالى الحركات.
  قوله تعالى (أيان) اسم مبنى لتضمنه حرف الاستفهام بمعنى متى ، وهو خبر ل‍ (مرساها) والجملة في موضع جر بدلا من الساعة تقديره : يسألونك عن زمان حلول الساعة ، ومرساها مفعل من أرسى ، وهو مصدر مثل المدخل والمخرج بمعنى الادخال والاخراج : أى متى أرساها ( إِنَّمَا عِلْمُهَا ) المصدر مضاف إلى المفعول وهو مبتدأ ، و (عند) الخبر ( ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ ) أى ثقلت على أهل السموات والارض : أى تثقل عند وجودها ، وقيل التقدير : ثقل علمها على أهل السموات ( حَفِيٌّ عَنْهَا ) فيه وجهان ، أحدهما تقديره : يسألونك عنها كأنك حفى أى معنى بطلبها فقدم وأخر ، والثانى أن عن بمعنى الباء : أى حفى بها ، وكأنك حال من المفعول ، وحفى بمعنى محفو ، ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى فاعل.
  قوله تعالى (لنفسى) يتعلق بأملك ، أو حال من نفع ( إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ ) استثناء من الجنس (لقوم) يتعلق ببشير عند البصريين ، وبنذير عند الكوفيين.
  قوله تعالى ( فَمَرَّتْ بِهِ ) يقرأ بتشديد الراء من المرور ، ومارت بالالف وتخفيف الراء من المور ، وهو الذهاب والمجئ.
  قوله تعالى ( جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء ) يقرأ بالمد على الجمع ، وشركا بكسر الشين وسكون الراء والتنوين ، وفيه وجهان : أحدهما تقديره : جعلا لغيره شركا أى نصيبا.
  والثانى جعلا له ذا شرك ، فحذف في الموضعين المضاف.
  قوله تعالى ( أَدَعَوْتُمُوهُمْ ) قد ذكر في قوله ( سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ ) ، و ( أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ ) جملة اسمية في موضع الفعلية ، والتقدير : أدعوتموهم أم صمتم.
  قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ ) الجمهور على تشديد النون ، و (عباد) خبر إن ، و (أمثالكم) نعت له والعائد محذوف : أى تدعو بهم ، ويقرأ عبادا ، وهو حال من العائد المحذوف ، وأمثالكم الخبر ، ويقرأ إن بالتخفيف وهى بمعنى ( ما )

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 291 _
  وعبادا خبرها ، وأمثالكم يقرأ يالنصب نعتا لعبادا ، وقد قرئ أيضا ( أَمْثَالُكُمْ ) بالرفع على أن يكون عبادا حالا من العائد المحذوف ، وأمثالكم الخبر ، وإن بمعنى ( ما ) لا تعمل عند سيبويه وتعمل عند المبرد.
  قوله تعالى ( قُلْ ادْعُوا ) يقرأ بضم اللام وكسرها ، وقد ذكرنا ذلك في قوله ( فَمَنْ اضْطُرَّ ).
  قوله تعالى ( إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ ) الجمهور على تشديد الياء الاولى وفتح الثانية وهو الاصل ، ويقرأ بحذف الثانية في اللفظ لسكونها وسكون ما بعدها ، ويقرأ بفتح الياء الاولى ولا ياء بعدها ، وحذف الثانية من اللفظ تخفيفا.
  قوله تعالى (طيف) يقرأ بتخفيف الياء ، وفيه وجهان : أحدهما أصله طيف مثل ميت فخفف ، والثانى أنه مصدر طاف يطيف إذا أحاط بالشئ ، وقيل هو مصدر يطوف قلبت الواو ياء وإن كانت ساكنة كما قلبت في أيد وهو بعيد ، ويقرأ طائف على فاعل.
  قوله تعالى ( يَمُدُّونَهُمْ ) بفتح الياء وضم الميم من مد يمد مثل قوله ( وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ ) ويقرأ بضم الياء وكسر الميم من أمده إمدادا ( فِي الغَيِّ ) يجوز أن يتعلق بالفعل المذكور ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير المفعول أو من ضمير الفاعل.
  قوله تعالى ( فَاسْتَمِعُوا لَهُ ) يجوز أن تكون اللام بمعنى لله ، أى لاجله ، ويجوز أن تكون زائدة : أى فاستمعوه ، ويجوز أن تكون بمعنى إلى.
  قوله تعالى ( تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ) مصدران في موضع الحال ، وقيل هو مصدر لفعل من غير المذكور بل من معناه ( وَدُونَ الْجَهْرِ ) معطوف على تضرع ، والتقدير : مقتصدين (بالغدو) متعلق بادعوا (والآصال) جمع الجمع ، لان الواحد أصيل ، وفعيل لا يجمع على أفعال بل على فعل ثم فعل على أفعال ، والاصل أصيل وأصل ثم آصال ، ويقرأ شاذا ، والايصال بكسر الهمزة وياء بعدها ، وهو مصدر أصلنا إذا دخلنا في الاصيل.
  تم الجزء الاول ، ويليه الجزء الثانى وأوله : سورة الانفال وبتمامه يتم الكتاب.