تقديره : نافعا أو نحو ذلك ، وفى ( ما ) وجهان : أحدهما هى بمعنى الذى ، والثانى مصدرية ، ولا يجوز أن تكون كافة ولا زائدة ، إذ لو كان كذلك لانتصب خير بنملى ، واحتاجت أن إلى خبر إذا كانت ما زائدة أو قدر الفعل يليها ، وكلاهما ممتنع وقد قرئ شاذا بالنصب على أن يكون لانفسهم خبر إن ، ولهم تبيين أو حال من خير ، وقد قرئ في الشاذ بكسر إن وهو جواب قسم محذوف ، والقسم وجوابه يسدان مسد المفعولين ، وقرأ حمزة ( تحسبن ) بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم الذين كفروا المفعول الاول ، وفي المفعول الثانى وجهان : أحدهما الجملة من أن وما عملت فيه ، والثانى أن المفعول الاول محذوف أقيم المضاف إليه مقامه ، والتقدير : ولا تحسبن إملاء الذين كفروا ، وقوله ( أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ) بدل من المضاف المحذوف ، والجملة سدت مسد المفعولين ، والتقدير : ولا تحسبن أن إملاء الذين كفروا خير لانفسهم ، ويجوز أن تجعل أن وما عملت فيه بدلا من الذين كفروا بدل الاشتمال ، والجملة سدت مسد المفعولين ( إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا ) مستأنف وقيل أنما نملى لهم تكرير للاول ، وليزدادوا هو المفعول الثانى لتحسب على قراء‌ة التاء ، والتقدير : ولا تحسبن يا محمد إملاء الذين كفروا خيرا ليزدادوا إيمانا بل ليزدادوا إثما ، ويروى عن بعض الصحابة أنه قرأه كذلك.
  قوله تعالى ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ ) خبر كان محذوف تقديره ما كان الله مريدا لان يذر ، ولا يجوز أن يكون الخبر ليذر لان الفعل بعد اللام ينتصب بأن فيصير التقدير : ماكان الله ليترك المؤمنين على ماأنتم عليه ، وخبر كان هو اسمها في المعنى ، وليس الترك هو الله تعالى ، وقال الكوفيون اللام زائدة والخبر هو الفعل وهذا ضعيف لان مابعدها قد انتصب ، فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة ، وإن كان النصب بأن فسد لما ذكرنا ، وأصل يذر يوذر ، فحذفت الواو تشبيها لها بيدع لانها في معناها ، وليس لحذف الواو في يذر علة إذا لم تقع بين ياء وكسرة ولا ماهو في تقديره الكسرة ، بخلاف يدع فإن الاصل يودع ، فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وبين ماهو في تقدير الكسرة ، إذ الاصل يودع مثل يوعد ، وإنما فتحت الدال من يدع ، لان لامه حرف حلقى فيفتح له ماقبله ، ومثله يسع ويطأ ويقع ونحو ذلك ، ولم يستعمل من يذر ماضيا اكتفاء بترك (يميز) يقرأ بسكون الياء وماضيه ماز ، وبتشديدها وماضيه ميز ، وهما بمعنى واحد ، وليس التشديد لتعدى الفعل مثل فرح وفرحته ، لان ماز وميز يتعديان إلى مفعول واحد.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 160 _

  قوله تعالى ( وَلا يَحْسَبَنَّ ) يقرأ بالياء على الغيبة ، و ( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ) الفاعل ، وفى المفعول الاول وجهان : أحدهما (هو) وهو ضمير البخل الذى دل عليه يبخلون.
  والثاني هو محذوف تقديره البخل ، وهو على هذا فصل ، ويقرأ ( تحسبن ) بالتاء على الخطاب ، والتقدير : ولا حسبن يا محمد بخل الذين يبخلون ، فحذف المضاف وهو ضعيف لان فيه إضمار البخل قبل ذكر مايدل عليه ، وهو على هذا فصل أو توكيد ، والاصل في (ميراث) موراث فقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها والميراث مصدر كالميعاد.
  قوله تعالى ( لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ) العامل في موضع إن وما عملت فيه ، قالوا وهى المحكية به ، ويجوز أن يكون معمولا لقول المضاف لانه مصدر ، وهذا يخرج على قول الكوفيين في إعمال الاول وهو أصل ضعيف ، ويزداد هنا ضعفا لان الثانى فعل والاول مصدر ، وإعمال الفعل أقوى ( سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا ) يقرأ بالنون ، وما قالوا منصوب به ( وقتلهم ) معطوف عليه ، وما مصدرية أو بمعنى الذى ، ويقرأ بالياء وتسمية الفاعل ، ويقرأ بالياء على مالم يسم فاعله ، وقتلهم بالرفع وهو ظاهر (ونقول) بالنون والياء.
  قوله تعالى (ذلك) مبتدأ (بما) خبره ، والتقدير : مستحق بما قدمت و (ظلام) فعال من الظلم.
  فإن قيل : بناء فعال للتكثير ، ولايلزم من نفى الظلم الكثير نفى الظلم القليل ، فلو قال بظالم لكان أدل على نفى الظلم قليله وكثيره.
  فالجواب عنه من ثلاثة أوجه : أحدها أن فعالا قد جاء لا يراد به الكثرة كقول طرفة :

ولست  بحلال التلاع iiمخافة      ولكن متى يسترفد القوم أرفد
  لا يريد هاهنا أنه قد يحل التلاع قليلا ، لان ذلك يدفعه قوله : متى يسترفد القوم أرفد ، وهذا يدل على نفى البخل في كل حال ، ولان تمام المدح لا يحصل بإرادته الكثرة.
  والثاني أن ظلام هنا للكثرة لانه مقابل للعباد وفى العباد كثرة ، وإذا قوبل بهم الظلم كان كثيرا.
  والثالث أنه إذا نفى الظلم الكثير انتفى الظلم القليل ضرورة ، لان الذى يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم ، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر كان للظلم القليل المنفعة أترك ، وفيه وجه رابع ، وهو أن يكون على النسب : أي لا ينسب إلى الظلم فيكون من بزاز وعطار.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 161 _
  قوله تعالى ( الَّذِينَ قَالُوا ) هو في موضع جر بدلا من قوله ( الَّذِينَ قَالُوا ) ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى ورفعا على إضمارهم ( أَلاَّ نُؤْمِنَ ) يجوز أن يكون في موضع جر على تقدير : بأن لانؤمن ، لان معنى عهد وصى ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير حرف الجر وإفضاء الفعل إليه ، ويجوز أن ينتصب بنفسى عهد ، لانك تقول : عهدت إليه عهدا ، لا على أنه مصدر لانه معناه ألزمته ، ويجوز أن تكتب أن مفصولة وموصولة ، ومنهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد ( حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ ) في حذف مضاف تقديره : بتقريب قربان : أى يشرع لنا ذلك.
  قوله تعالى (والزبر) يقرأ بغير باء اكتفاء بحرف العطف ، وبالباء على إعادة الجار ، والزبر جمع زبور مثل رسول ورسل (والكتاب) جنس.
  قوله تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ ) مبتدأ ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لنا فيه من العموم و ( ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) الخبر وأنث على معنى كل ، لان كل نفس نفوس ، ولو ذكر على لفظ كل جاز ، وإضافة ذائقة غير محضة لانها نكرة يحكى بها الحال ، وقرئ شاذا ( ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) بالتنوين والاعمال ، ويقرأ شاذا أيضا ( ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) على جعل الهاء ضمير كل على اللفظ ، وهو مبتدأ وخبر (وإنما) ( ما ) هاهنا كافة فلذلك نصب (أجوركم) بالفعل ، ولو كانت بمعنى الذى أو مصدرية لرفع أجوركم.
  قوله تعالى ( لَتُبْلَوُنَّ ) الواو فيه ليست لام الكلمة ، بل واو الجمع حركت لالتقاء الساكنين وضمة الواو دليل على المحذوف ، ولم تقلب الواو ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها ، لان ذلك عارض ، ولذلك لا يجوز همزها مع انضمامها ، ولو كانت لازمة لجاز ذلك.
  قوله تعالى ( لتبيننه ، ولا تكتمونه ) يقرآن بالياء على الغيبة ، لان الراجع إليه الضمير اسم ظاهر ، وكل ظاهر يكنى عنه بضمير الغيبة ، ويقرآن بالتاء على الخطاب وتقديره : وقلنا لهم لتبيننه ، ولما كان أخذ الميثاق في معنى القسم جاء باللام والنون في الفعل ولم يأت بها في يكتمون اكتفاء بالتوكيد في الفعل الاول لان تكتمونه توكيد.
  قوله تعالى ( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ ) يقرأ بالياء على الغيبة ، وكذلك ( فلا يحسبنهم ) بالياء وضم الباء ، وفاعل الاول الذين يفرحون ، وأما مفعولاه فمحذوفان اكتفاء بمفعولى يحسبانهم ، لان الفاعل فيهما واحد ، فالفعل الثانى تكرير للاول وحسن لما طال الكلام المتصل بالاول ، والفاء زائدة فليست للعطف ولا للجواب.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 162 _
  وقال بعضهم ( بِمَفَازَةٍ ) هو مفعول حسب الاول ، ومفعوله الثانى محذوف دل عليه مفعول حسب الثانى ، لان التقدير : لا يحسبن الذين يفرحون أنفسهم بمفازة وهم في فلا يحسبنهم هو أنفسهم : أى فلا يحسبن أنفسهم ، وأغنى بمفازة الذى هو مفعول الاول عن ذكره ثانيا لحسب الثانى ، وهذا وجه ضعيف متعسف عنه مندوحة بما ذكرنا في الوجه الاول ، ويقرأ بالتاء فيهما على الخطاب ، وبفتح الباء منهما والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم ، والقول فيه أن الذين يفرحون هو المفعول الاول ، والثانى محذوف لدلالة مفعول حسب الثانى عليه ، وقيل التقدير : لا تحسبن الذين يفرحون بمفازة ، وأغنى المفعول الثانى هنا عن ذكره لحسب الثانى.
  وحسب الثانى مكرر أو بدل لما ذكرنا في القراء‌ة بالياء فيهما ، لان الفاعل فيهما واحد أيضا وهو النبى صلى الله عليه وسلم ، ويقرأ بالياء في الاول ، وبالتاء في الثانى ، ثم في التاء في الفعل الثانى وجهان : أحدهما الفتح على أنه خطاب لواحد ، والضم على أنه لجماعة ، وعلى هذا يكون مفعولا الفعل الاول محذوفين لدلالة مفعولى الثانى عليهما ، والفاء زائدة أيضا ، والفعل الثانى ليس ببدل ولا مكرر ، لان فاعله غير فاعل الاول والمفازة مفعلة من الفوز ، و ( مِنْ الْعَذَابِ ) متعلق بمحذوف لانه صفة للمفازة ، لان المفازة مكان والمكان لا يعمل ، ويجوز أن تكون المفازة مصدرا فتتعلق من به ، ويكون التقدير : فلا تحسبنهم فائزين ، فالمصدر في موضع اسم الفاعل.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ ) في موضع جر نعتا لاولى ، أو في موضع نصب بإضمار أعنى أو رفع على إضمارهم ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف تقديره : يقولون ربنا ( قِيَاماً وَقُعُوداً ) حالان من ضمير الفاعل في يذكرون ( وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ) حال أيضا ، وحرف الجر يتعلق بمحذوف هو الحال في الاصل تقديره : ومضطجعين على جنوبهم (ويتفكرون) معطوف على يذكرون ، ويجوز أن يكون حالا أيضا : أى يذكرون الله متفكرين (باطلا) مفعول من أجله ، والباطل هنا فاعل بمعنى المصدر مثل العاقبة والعافية ، والمعنى ما خلقتهما عبثا ، ويجوز أن يكون حالا تقديره ماخلقت هذا خاليا عن حكمة ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف : أى خلقا باطلا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 163 _
  فإن قيل : كيف قال هذا والسابق ذكر السموات والارض والاشارة إليها بهذه ؟ ففى ذلك ثلاثة أوجه : أحدها أن الاشارة إلى الخلق المذكور في قوله ( خَلَقَ السَّمَوَاتِ ) وعلى هذا يجوز أن يكون الخلق مصدرا ، وأن يكون بمعنى المخلوق ، ويكون من إضافة الشئ إلى ماهو هو في المعنى.
  والثاني أن السموات والارض بمعنى الجمع ، فعادت الاشارة إليه.
  والثالث أن يكون المعنى ماخلقت هذا المذكور أو المخلوق (فقنا) دخلت الفاء لمعنى الجزاء فالتقدير إذا نزهناك أو وحدناك فقنا ( مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ ) في موضع نصب بتدخل ، وأجاز قوم أن يكون منصوبا بفعل دل عليه جواب الشرط ، وهو ( فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ) وأجاز قوم أن يكون من مبتدأ والشرط وجوابه الخبر ، وعلى جميع الاوجه الكلام كله في موضع رفع خبر إن.
  قوله تعالى (ينادي) صفة لمناديا أو حال من الضمير في مناديا.
  فإن قيل : ما الفائدة في ذكر الفعل مع دلالة الاسم الذى هو مناد عليه ؟ قيل : فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو توكيد كما تقول قم قائما ، والثانى أنه وصل به ماحسن التكرير ، وهو قوله (للايمان) والثالث أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون سمع معروفا بالنداء يذكر ماليس بنداء ، فلما قال ينادى ثبت أنهم سمعوا نداء‌ه في تلك الحال ، ومفعول ينادى محذوف : أى ينادى الناس ( أَنْ آمِنُوا ) أن هنا بمعنى أى ، فيكون النداء قوله آمنوا ، ويجوز أن تكون أن المصدرية وصلت بالامر فيكون التقدير : على هذا ينادى للايمان بأن آمنوا ( مَعَ الأَبْرَارِ ) صفة للمفعول المحذوف تقديره : أبرارا مع الابرار ، وأبرارا على هذا حال ، والابرار جمع بر وأصله برر ككتف وأكتاف ، ويجوز الامالة في الابرار تغليبا لكسرة الراء الثانية.
  قوله تعالى ( عَلَى رُسُلِكَ ) أى على ألسنة رسلك ، وعلى متعلقة بوعدتنا ، ويجوز أن يكون بآتنا و ( الْمِيعَادَ ) مصدر بمعنى الوعد.
  قوله تعالى ( عَامِلٍ مِنْكُمْ ) منكم صفة لعامل و ( مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ) بدل من منكم ، وهو بدل الشئ من الشئ وهما لعين واحدة ، ويجوز أن يكون من ذكر أو أنثى صفة أخرى لعامل يقصد بها الايضاح ، ويجوز أن يكون من ذكر حالا من الضمير في منكم تقديره : استقر منكم كائنا من ذكر أو أنثى ، و ( بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا أو صفة ( فَالَّذِينَ هَاجَرُوا ) مبتدأ ، و (لاكفرن) وما اتصل به الخبر وهو جواب قسم محذوف (ثوابا) مصدر ، وفعله دل عليه الكلام المتقدم ، لان تكفير السيئات إثابة فكأنه قال : لاثيبنكم ثوابا ، وقيل هو حال ، وقيل تمييز ، وكلا القولين كوفى ، والثواب بمعنى الاثابة ، وقد يقع بمعنى الشئ المثاب به كقولك : هذا الدرهم ثوابك ، فعلى هذا يجوز أن يكون

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 164 _
  حالا من الجنات : أى مثابا بها أو حالا من ضمير المفعول في لادخلنهم أى مثابين ، ويجوز أن يكون مفعولا به لان معنى أدخلنهم أعطينهم ، فيكون على هذا بدلا من جنات ، ويجوز أن يكون مستأنفا : أى يعطيهم ثوابا.
  قوله تعالى ( مَتَاعٌ قَلِيلٌ ) أى تقلبهم متاع فالمبتدأ محذوف.
  قوله تعالى ( لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا ) الجمهور على تخفيف النون ، وقرئ بتشديدها والاعراب ظاهر ( خَالِدِينَ فِيهَا ) حال من الضمير في لهم ، والعامل معنى الاستقرار ، وارتفاع جنات بالابتداء وبالجار (نزلا) مصدر ، وانتصابه بالمعنى لان معنى لهم جنات : أى ننزلهم ، وعند الكوفيين هو حال أو تمييز ، ويجوز أن يكون جمع نازل كما قال الاعشى ( أو ينزلون فإنا معشر نزل ) وقد ذكر ذلك أبوعلي في التذكرة ، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الضمير في خالدين ، ويجوز إذا جعلته مصدرا أن يكون بمعنى المفعول ، فيكون حالا من الضمير المجرور في فيها أى منزولة ( مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) إن جعلت نزلا مصدرا كان من عند الله صفة له ، وإن جعلته جمعا ففيه وجهان : أحدهما هو حال من المفعول المحذوف لان التقدير : نزلا إياها.
  والثانى أن يكون خبر مبتدأ محذوف أى ذلك من عند الله : أى بفضله ( وَمَا عِنْدَ اللَّهِ ) مابمعنى الذى ، وهو مبتدأ ، وفى الخبر وجهان : أحدهما هو (خير) و (للابرار) نعت لخير ، والثانى أن يكون الخبر للابرار ، والنية به التقديم : أى والذى عند الله مستقر للابرار ، وخير على هذا خبر ثان.
  وقال بعضهم للابرار حال من الضمير في الظرف ، وخبر خير المبتدإ ، وهذا بعيد لان فيه الفصل بين المبتدإ والخبر بحال لغيره ، والفصل بين الحال وصاحب الحال بخير المبتدإ وذلك لايجوز في الاختيار.
  قوله تعالى ( لَمَنْ يُؤْمِنُ ) من في موضع نصب اسم إن ، ومن نكرة موصوفة أو موصولة ، و (خاشعين) حال من الضمير في يؤمن ، وجاء جمعا على معنى من ، ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم في إليهم ، فيكون العامل أنزل ، و (لله) متعلق بخاشعين ، وقيل هو متعلق بقوله ( لا يَشْتَرُونَ ) وهو في نية التأخير : أى لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا لاجل الله (أولئك) مبتدأ ، و ( لَهُمْ أَجْرُهُمْ ) فيه أوجه : أحدها أن قوله لهم خبر أجر ، وبالجملة خبر الاول ، و ( عِنْدَ رَبِّهِمْ ) ظرف للاجر لان التقدير : لهم أن يؤجروا عند ربهم ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في لهم وهو ضمير الاجر ، والآخر أن يكون الاجر مرتفعا بالظرف ارتفاع الفاعل بفعله ، فعلى هذا يجوز أن يكون عند ظرفا للاجر وحالا منه.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 165 _
  والوجه الثالث أن يكون أجرهم مبتدأ ، وعند ربهم خبره ، ويكون لهم يتعلق بما دل عليه الكلام من الاستقرار والثبوت لانه في حكم الظرف.

سورة النساء
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  قد مضى القول في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) في أوائل البقرة ( مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) في موضع نصب بخلقكم ومن لابتداء الغاية ، وكذلك ( مِنْهَا زَوْجَهَا ) و ( مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً ) نعت لرجال ، ولم يؤنثه لانه حمله على المعنى لان رجالا بمعنى عدد أو جنس أو جمع كما ذكر الفعل المسند إلى جماعة المؤنث كقوله : وقال نسوة ، وقيل كثيرا نعت لمصدر محذوف : أى بثا كثيرا ( تَتَسَاءَلُونَ ) يقرأ بتشديد السين ، والاصل تتساء‌لون فأبدلت التاء الثانية سينا فرارا من تكرير المثل ، والتاء تشبه السين في الهمس ، ويقرأ بالتخفيف على حذف التاء الثانية لان الباقية تدل عليها ودخل حرف الجر في المفعول لان المعنى تتحالفون به (والارحام) يقرأ بالنصب ، وفيه وجهان : أحدهما معطوف على اسم الله : أى واتقوا الارحام أن تقطعوها ، والثانى هو محمول على موضع الجار والمجرور كما تقول مررت بزيد وعمرا ، والتقدير الذى تعظمونه والارحام ، لان الحلف به تعظيم له ، ويقرأ بالجر قيل هو معطوف على المجرور ، وهذا لا يجوز عند البصريين ، وإنما جاء في الشعر على قبحه ، وأجازه الكوفيون على ضعف ، وقيل الجر على القسم ، وهو ضعيف أيضا لان الاخبار وردت بالنهى عن الحلف بالآباء ، ولان التقدير في القسم : وبرب الارحام ، هذا قد أغنى عنه ما قبله ، وقد قرئ شاذا بالرفع وهو مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : والارحام محترمة أو واجب حرمتها.
  قوله تعالى (بالطيب) هو المفعول الثانى لتتبدلوا ( إِلَى أَمْوَالِكُمْ ) إلى متعلقة بمحذوف وهو في موضع الحال : أى مضافة إلى أموالكم ، وقيل هو مفعول به على المعنى ، لان معنى لا تأكلوا أموالهم : لاتضيعوها (إنه) الهاء ضمير المصدر الذى دل عليه تأكلوا : أى أن الاكل والاخذ ، والجمهور على ضم الحاء من (حوبا) وهو اسم للمصدر ، وقيل مصدر ، ويقرأ بفتحها وهو مصدر حاب يحوب : إذا أثم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 166 _
  قوله تعالى ( وَإِنْ خِفْتُمْ ) في جواب هذا الشرط وجهان : أحدهما هو قوله ( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ ) وإنما جعل جوابا لانهم كانوا يتحرجون من الولاية في أموال اليتامى ، ولا يتحرجون من الاستكثار من النساء ، مع أن الجور يقع بينهن إذا كثرن ، فكأنه قال : إذا تحرجتم من هذا فتحرجوا من ذاك.
  والوجه الثانى أن جواب الشرط قوله ( فواحدة ) لان المعنى إن خفتم أن لا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا منهن واحدة ، ثم أعاد هذا المعنى في قوله ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا ) لما طال الفصل بين الاول وجوابه ، ذكر هذا الوجه أبوعلي ( أَلاَّ تُقْسِطُوا ) الجمهور على ضم التاء وهو من أقسط إذا عدل ، وقرئ شاذا بفتحها وهو من قسط إذا جار ، وتكون لا زائدة ( مَا طَابَ ) ( ما ) هنا بمعنى من ، ولها نظائر في القرآن ستمر بك إن شاء الله تعالى ، وقيل ( ما ) تكون لصفات من يعقل ، وهى هنا كذلك ، لان ماطاب يدل على الطيب منهن ، وقيل هى نكرة موصوفة تقديره : فانكحوا جنسا طيبا لكم ، أو عددا يطيب لكم ، وقيل هى مصدرية والمصدر المقدر بها وبالفعل مقدر باسم الفاعل : أى انكحوا الطيب ( مِنْ النِّسَاءِ ) حال من ضمير الفاعل في طاب ( مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ) نكرات لا تنصرف للعدل والوصف ، وهى بدل من ما ، وقيل هى حال من النساء ، ويقرأ شاذا ( وربع ) بغير ألف ، ووجهها أنه حذف الالف كما حذفت في خيم والاصل خيام ، وكما حذفت في قولهم أم والله ، والواو في ( وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ) ليست للعطف الموجب للجمع في زمن واحد ، لانه لو كان كذلك لكان عبثا ، إذ من أدرك الكلام يفصل التسعة هذا التفصيل ، ولان المعنى غير صحيح أيضا لان مثنى ليس عبارة عن ثنتين فقط ، بل عن ثنتين ثنتين وثلاث عن ثلاث ثلاث وهذا المعنى يدل على أن المراد التخيير لا الجمع (فواحدة) أن فانكحوا واحدة ، ويقرأ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف : أى فالمنكوحة واحدة ويجوز أن يكون التقدير : فواحدة تكفى ( أَوْ مَا مَلَكَتْ ) أو للتخيير على بابها ، ويجوز أن تكون للاباحة ، و ( ما ) هنا بمنزلة ما في قوله : ماطاب ( أَلاَّ تَعُولُوا ) أى إلى أن لا تعولوا ، وقد ذكرنا مثله في آية الدين.
  قوله تعالى (نحلة) لان معنى آتوهن أنحلوهن ، وقيل هو مصدر في موضع الحال ، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الفاعلين : أى ناحلين ، وأن يكون من الصدقات ، وأن يكون من النساء : أى منحولات (نفسا) تمييز ، والعامل فيه طبن ، والمفرد هنا في موضع الجمع لان المعنى مفهوم ، وحسن ذلك أن

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 167 _
  نفسا هنا في معنى الجنس ، فصار كدرهما في قولك : عندى عشرون درهما (فكلوه) الهاء تعود على شئ ، والهاء منه تعود على المال لان الصدقات مال (هنيئا) مصدر جاء على فعيل ، وهو نعت لمصدر محذوف : أى أكلا هنيئا ، وقيل هو مصدر في موضع الحال من الهاء ، والتقدير : مهنأ أو طيبا و (مريئا) مثله والمرئ فعيل بمعنى مفعل ، لانك تقول : أمرأنى الشئ إذا لم تستعمله مع هنانى فإن قلت هنانى ومرانى لم تأت بالهمزة في مرانى لتكون تابعة لهنانى.
  قوله تعالى ( أَمْوَالَكُمْ الَّتِي ) الجمهور على إفراد التى لان الواحد من الاموال مذكر ، فلو قال اللواتى لكان جمعا كما أن الاموال جمع ، والصفة إذا جمعت من أجل أن الموصوف جمع كان واحدها كواحد الموصوف في التذكير والتأنيث ، وقرئ في الشاذ اللواتى جمعا اعتبارا بلفظ الاموال ( جَعَلَ اللَّهُ ) أى صيرها فهو متعد إلى مفعولين والاول محذوف وهو العائد ، ويجوز أن يكون بمعنى خلق فيكون قياما حالا (قياما) يقرأ بالياء والالف وهو مصدر قام والياء بدل من الواو ، وأبدلت منها لما أعلت في الفعل وكانت قبلها كسرة ، والتقدير : التى جعل الله لكم سبب قيام أبدانكم : أى بقائها ويقرأ قيما بغير ألف وفيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه مصدر مثل الحول والعوض ، وكان القياس أن تثبت الواو لتحصنها بتوسطها كما صحت في الحول والعوض ، ولكن أبدلوها ياء حملا على قيام على اعتلالها في الفعل.
  والثانى أنها جمع قيمة كديمة وديم ، والمعنى : أن الاموال كالقيم للنفوس إذ كان بقاؤها بها.
  وقال أبوعلى : هذا لايصح لانه قد قرئ في قوله ( دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ ) وفى قوله ( الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً ) ولا يصح معنى القيمة فيهما.
  والوجه الثالث أن يكون الاصل قياما ، فحذفت الالف كما حذفت في خيم.
  ويقرأ ( قواما ) بكسر القاف وبواو وألف ، وفيه وجهان : أحدهما هو مصدر قاومت قواما مثل لاوذت لواذا ، فصحت في المصدر لما صحت في الفعل ، والثانى أنها اسم لما يقوم به الامر وليس بمصدر ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف ، وهو مصدر صحت عينه وجاء‌ت على الاصل كالعوض ويقرأ بفتح القاف وواو وألف.
  وفيه وجهان : أحدهما هو اسم للمصدر مثل السلام والكلام والدوام ، والثانى هو لغة في القوم الذى هو بمعنى القامة ، يقال : جارية حسنة القوام والقوام ، والتقدير التى جعلها الله سبب بقاء قاماتكم ( وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا ) فيه وجهان : أحدهما أن ( في ) على أصلها ، والمعنى اجعلوا لهم فيها رزقا ، والثانى أنها بمعنى من.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 168 _
  قوله تعالى ( حَتَّى إِذَا بَلَغُوا ) حتى هاهنا غير عاملة ، وإنما دخلت على الكلام لمعنى الغاية كما تدخل على المبتدإ ، وجواب إذا ( فَإِنْ آنَسْتُمْ ) وجواب إن (فادفعوا) فالعامل في ( إذا ) مايتلخص من معنى جوابها ، فالتقدير : إذا بلغوا راشدين فادفعوا ( إِسْرَافاً وَبِدَاراً ) مصدران مفعول لهما ، وقيل هما مصدران في موضع الحال : أى مسرفين ومبادرين ، والبدار مصدر بادرت وهو من باب المفاعلة التى تكون بين اثنين ، لان اليتيم مار إلى الكبر والولى مار إلى أخذ ماله ، فكأنهما يستبقان ، ويجوز أن يكون من واحد ( أَنْ يَكْبَرُوا ) مفعول بدارا : أى بدارا كبرهم ( وَكَفَى بِاللَّهِ ) في فاعل كفى وجهان : أحدهما هو اسم الله ، والباء زائدة دخلت لتدل على معنى الامر ، إذ التقدير : اكتف بالله ، والثانى أن الفاعل مضمر ، والتقدير : كفى الاكتفاء بالله ، فبالله على هذا في موضع نصب مفعول به ، و (شهيدا) حال ، وقيل تمييز ، وكفى يتعدى إلى مفعولين وقد حذفا هنا : والتقدير : كفاك الله شرهم ، ونحو ذلك ، والدليل على ذلك قوله ( فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ ).
  قوله تعالى ( قَلَّ مِنْهُ ) يجوز أن يكون بدلا ( مِمَّا تَرَكَ ) ويجوز أن يكون حالا من الضمير المحذوف في ترك : أى مما تركه قليلا أو كثيرا أو مستقرا مما قل (نصيبا) قيل هو واقع موقع المصدر ، والعامل فيه معنى ما تقدم ، إذ التقدير : عطاء أو استحقاقا ، وقيل هو حال مؤكدة ، والعامل فيها معنى الاستقرار في قوله ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ ) ولهذا حسنت الحال عنها ، وقيل هو حال من الفاعل في قل أو كثر ، وقيل هو مفعول لفعل محذوف تقديره : أوجب لهم نصيبا ، وقيل هو منصوب على إضمار أعنى.
  قوله تعالى ( فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ) الضمير يرجع إلى المقسوم ، لان ذكر القسمة يدل عليه.
  قوله تعالى ( مِنْ خَلْفِهِمْ ) يجوز أن يكون ظرفا لتركوا ، وأن يكون حالا ( ذُرِّيَّةً ضِعَافاً ) يقرأ بالتفخيم على الاصل ، وبالامالة لاجل الكسرة ، وجاز ذلك مع حرف الاستعلاء لانه مكسور مقدم ففيه انحدار (خافوا) يقرأ بالتفخيم على الاصل ، وبالامالة لان الخاء تنكسر في بعض الاحوال وهو خفت ، وهو جواب لو ومعناها إن.
  قوله تعالى (ظلما) مفعول له ، أو مصدر في موضع الحال ( فِي بُطُونِهِمْ نَاراً ) قد ذكر في البقرة فيه شئ ، والذى يخص هذا الموضع أن في بطونهم حال من نارا :

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 169 _
  أى نارا كائنة في بطونهم وليس بظرف ليأكلون ، ذكره في التذكرة (وسيصلون) يقرأ بفتح الياء ، وماضيه صلى النار يصلاها ، ومنه قوله ( لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى ) ويقرأ بضمها على مالم يسم فاعله ، ويقرأ بتشديد اللام على التكثير.
  قوله تعالى ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) الجملة في موضع نصب بيوصى : لان المعنى : يقرض لكم أو يشرع في أولادكم ، والتقدير : في أمر أولادكم ( فَإِنْ كُنَّ ) الضمير للمتروكات : أى فإن كانت المتروكات ، ودل ذكر الاولاد عليه ( فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ) صفة النساء : أى أكثر من اثنتين ( وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً ) بالنصب : أى كانت الوارثة واحدة ، وبالرفع على أن كان تامة ، و (النصف) بالضم والكسر ، لغتان وقد قرئ بهما (فلامه) بضم الهمزة ، وهو الاصل ، وبكسرها إتباعا لكسرة اللام قبلها وكسر الميم بعدها ( وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً ) الجمع هنا للاثنين ، لان الاثنين يحجبان عند الجمهور ، وعند ابن عباس هو على بابه والاثنان لا يحجبان والسدس والثلث والربع والثمن بضم أوساطها وهى اللغة الجيدة ، وإسكانها لغة وقد قرئ بها ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ ) يجوز أن يكون حالا من السدس ، تقديره : مستحقا من بعد وصية ، والعامل الظرف ، ويجوز أن يكون ظرفا : أى يستقر لهم ذلك بعد إخراج الوصية ، ولابد من تقدير حذف المضاف لان الوصية هنا المال الموصى به ، وقيل تكون الوصية مصدرا مثل الفريضة ( أَوْ دَيْنٍ ) أو لاحد الشيئين ولاتدل على الترتيب ، إذ لافرق بين قولك : جاء‌نى زيد أو عمرو ، وبين قولك جاء عمرو أو زيد ، لان أو لاحد الشيئين ، والواحد لا ترتيب فيه ، وبهذا يفسر قول من قال التقدير : من بعد دين أو وصية ، وإنما يقع الترتيب فيما إذا اجتمعا فيقدم الدين على الوصية ( آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ) مبتدأ ( لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً ) الجملة خبر المبتدإ ، وأيهم مبتدأ ، وأقرب خبره ، والجملة في موضع نصب بتدرون ، وهى معلقة عن العمل لفظا لانها من أفعال القلوب ، ونفعا تمييز ، و (فريضة) مصدر لفعل محذوف : أى فرض ذلك فريضة.
  قوله تعالى ( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ ) في كان وجهان : أحدهما هى تامة ورجل فاعلها و (يورث) صفة له ، و (كلالة) حال من الضمير في يورث ، والكلالة على هذا اسم للميت الذى لم يترك ولدا ولا والدا ، ولو قرئ كلالة بالرفع على أنه صفة أو بدل من الضمير في يورث لجاز ، غير أنى لم أعرف أحدا قرئ به ، فلا يقرآن إلا بما نقل.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 170 _
  والوجه الثانى أن كان هى الناقصة ، ورجل اسمها ، ويورث خبرها ، وكلالة حال أيضا ، وقيل الكلالة اسم للمال الموروث ، فعلى هذا ينتصب كلالة على المفعول الثانى ليورث ، كما تقول : ورث زيد مالا ، وقيل الكلالة اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد ، فعلى هذا لا وجه لهذا الكلام على القراء‌ة المشهورة لانه لا ناصب له ، ألا ترى أنك لو قلت زيد يورث إخوة لم يستقم ، وإنما يصح على قراء‌ة من قرأ بكسر الراء مخففة ومثقلة ، وقد قرئ بهما ، وقيل يصح هذا المذهب على تقدير حذف مضاف تقديره : وإن كان رجل يورث ذا كلالة ، فذا حال أو خبر كان ، ومن كسر الراء جعل كلالة مفعولا به إما الورثة وإما المال ، وعلى كلا الامرين أحد المفعولين محذوف ، والتقدير يورث أهله مالا ( وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ) إن قيل قد تقدم ذكر الرجل والمرأة فلم أفرد الضمير وذكره ؟ قيل أما إفراده فلان ( أو ) لاحد الشيئين ، وقد قال أو امرأة فأفرد الضمير لذلك ، وأما تذكيره ففيه ثلاثة أوجه : أحدها يرجع إلى الرجل لانه مذكر مبدوء به ، والثانى أنه يرجع إلى أحدهما ولفظ أحد مذكر.
  والثالث أنه راجع إلى الميت أو الموروث لتقدم ما يدل عليه ( فَإِنْ كَانُوا ) الواو ضمير الاخوة من الام المدلول عليهم بقوله أخ أو أخت ، و (ذلك) كناية عن الواحد ( يُوصَى بِهَا ) يقرأ بكسر الصاد : أى يوصى بها المحتضر ، وبفتحها على مالم يسم فاعله ، وهو في معنى القراء‌ة الاولى ، ويقرأ بالتشديد على التكثير ( غَيْرَ مُضَارٍّ ) حال من ضمير الفاعل في يوصى ، والجمهور على تنوين مضار ، والتقدير غير مضار بورثته ، و (وصية) مصدر لفعل محذوف : أى وصى الله بذلك ودل على المحذوف قوله غير مضار.
  وقرأ الحسن غير مضار وصية بالاضافة ، وفيه وجهان : أحدهما تقديره : غير مضار أهل وصية أو ذى وصية فحذف المضاف ، والثانى تقديره : غير مضار وقت وصية فحذف ، وهو من إضافة الصفة إلى الزمان ويقرب من ذلك قولهم هو فارس حرب : أى فارس في الحرب ، ويقال : هو فارس زمانه : أى في زمانه كذلك التقدير للقراء‌ة غير مضار في وقت الوصية.
  قوله تعالى (يدخله) في الآيتين بالياء والنون ومعناهما واحد ( نَاراً خَالِداً فِيهَا ) نارا مفعول ثان ليدخل ، وخالدا حال من المفعول الاول ، ويجوز أن يكون صفة لنار ، لانه لو كان كذلك لبرز ضمير الفاعل لجريانه على غير من هوله ، ويخرج على قول الكوفيين جواز جعله صفة لانهم لا يشترطون إبراز الضمير في هذا النحو.
  قوله تعالى ( وَاللاَّتِي ) هو جمع التى على غير قياس ، وقيل هى صيغة موضوعة للجمع وموضوعها رفع بالابتداء ، والخبر ( فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ ) وجاز ذلك وإن

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 171 _
  كان أمرا ، لانه صار في حكم الشرط حيث وصلت التى بالفعل ، وإذا كان كذلك لم يحسن النصب ، لان تقدير الفعل قبل أداة الشرط لايجوز ، وتقديره بعد الصلة يحتاج إلى إضمار فعل غير قوله ( فَاسْتَشْهِدُوا ) لان استشهدوا لايصح أن يعمل النصب في اللاتى ، وذلك لا يحتاج إليه مع صحة الابتداء ، وأجاز قوم النصب بفعل محذوف تقديره : اقصدوا اللاتى أو تعمدوا ، وقيل الخبر محذوف : تقديره وفيما يتلى عليكم حكم اللاتى ففيما يتلى هو الخبر ، وحكم هو المبتدأ ، فحذفا لدلالة قوله ( فَاسْتَشْهِدُوا ) لانه الحكم المتلو عليهم ( أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ ) أو عاطفة ، والتقدير : أو إلى أن يجعل الله ، وقيل هى بمعنى إلا أن ، وكلاهما مستقيم (لهن) يجوز أن يتعلق بيجعل ، وأن يكون حالا من (سبيلا).
  قوله تعالى ( وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا ) الكلام في اللذان كالكلام في اللاتى ، إلا أن من أجاز النصب يصح أن يقدر فعلا من جنس المذكور تقديره : آذوا اللذين ، ولا يجوز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها هاهنا ولو عرا من ضمير المفعول ، لان الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط ، وتلك تقطع مابعدها عما قبلها ، ويقرأ اللذان بتخفيف النون على أصل التثنية ، وبتشديدها على أن إحدى النونين عوض من اللام المحذوفة ، لان الاصل اللذيان مثل العميان والشجيان ، فحذفت الياء لان الاسم مبهم ، والمبهمات لاتثنى التثنية الصناعية ، والحذف مؤذن بأن التثنية هنا مخالفة للقياس ، وقيل حذفت لطول الكلام بالصلة ، فأما هذان وهاتين ، وفذانك فنذكرها في مواضعها.
  قوله تعالى ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ ) مبتدأ ، وفى الخبر وجهان : أحدهما هو ( عَلَى اللَّهِ ) أى ثابتة على الله ، فعلى هذا يكون ( لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ ) حالا من الضمير في الظرف ، وهو قوله ( عَلَى اللَّهِ ) والعامل فيها الظرف أو الاستقرار : أى كائنة للذين ، ولايجوز أن يكون العامل في الحال التوبة لانه قد فصل بينهما بالجار.
  والوجه الثانى أن يكون الخبر ( لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ) ، وأما ( عَلَى اللَّهِ ) فيكون حالا من شئ محذوف تقديره : إنما التوبة إذ كانت على الله أو إذا كانت على الله ، فإذ أو إذا ظرفان العامل فيهما الذين يعملون السوء ، لان الظرف يعمل فيه المعنى وإن تقدم عليه ، وكان التامة وصاحب الحال ضمير الفاعل في كان ، ولايجوز أن يكون على الله حالا يعمل فيها الذين لانه عامل معنوى ، والحال لا يتقدم على المعنوى ، ونظيره هذه المسألة قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 172 _
  قوله تعالى ( وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ ) في موضعه وجهان : أحدهما هو جر عطفا على الذين يعملون السيئات : أى ولا الذين يموتون ، والوجه الثانى أن يكون مبتدأ ، وخبره ( أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ ) واللام لام الابتداء وليست لا النافية.
  قوله تعالى ( أَنْ تَرِثُوا ) في موضع رفع فاعل يحل ، و (النساء) فيه وجهان : أحدهما هو المفعول الاول ، والنساء على هذا هن الموروثات ، وكانت الجاهلية ترث نساء آبائها وتقول : نحن أحق بنكاحهن.
  والثانى أنه المفعول الثانى : والتقدير : أن يرثوا من النساء المال ، و (كرها) مصدر في موضع الحال من المفعول ، وفيه الضم والفتح ، وقد ذكر في البقرة ( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ ) فيه وجهان : أحدهما هو منصوب عطفا على ترثوا : أي ولا أن تعضلوهن ، والثاني هو جزم بالنهى فهو مستأنف (لتذهبوا) اللام متعلقة بتعضلوا ، وفى الكلام حذف تقديره : ولا تعضلوهن من النكاح أو من الطلاق على اختلافهم في المخاطب به هل هم الاولياء أو الازواج ( مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ) العائد على ما محذوف تقديره : ما آتيتموهن إياه ، وهو المفعول الثاني ( إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ ) فيه وجهان : أحدهما هو في موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
  والثانى هو في موضع الحال تقديره : إلا في حال إتيانهن الفاحشة ، وقيل هو استثناء متصل تقديره : ولا تعضلوهن في حال إلا في حال إتيان الفاحشة (مبينة) يقرأ بفتح الياء على مالم يسم فاعله : أي أظهرها صاحبها ، وبكسر الياء والتشديد.
  وفيه وجهان : أحدهما أنها هى الفاعلة أى تبين حال مرتكبها ، والثانى أنه من اللازم ، يقال : بان الشئ وأبان وتبين واستبان وبين بمعنى واحد ، ويقرأ بكسر الباء وسكون الياء ، وهو على الوجهين في المشددة المكسورة ( بالمعروف ) مفعول أو حال ( أَنْ تَكْرَهُوا ) فاعل عسى ، ولا خبر لها هاهنا ، لان المصدر إذا تقدم صارت عسى بمعنى أقرب ، فاستغنت عن تقدير المفعول المسمى خبرا.
  قوله تعالى ( وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ ) ظرف للاستبدال ، وفى قوله ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً ) إشكالان : أحدهما أنه جمع الضمير والمتقدم زوجان ، والثانى أن التى يريد أن يستبدل بها هى التى تكون قد أعطاها مالا فينهاه عن أخذه ، فأما التى يريد أن يستحدثها فلم يكن أعطاها شيئا حتى ينهى عن أخذه ، ويتأيد ذلك بقوله ( وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ) والجواب عن الاول أن المراد بالزوج الجمع ، لان الخطاب لجماعة الرجال وكل منهم قد يريد الاستبدال ، ويجوزأن يكون جمعا ، لان التى يريد أن يستحدثها ، يفضى حالها إلى أن

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 173 _
  تكون زوجا ، وأن يريد أن يستبدل بها كما استبدل بالاولى ، فجمع على هذا المعنى.
  وأما الاشكال الثانى ففيه جوابان : أحدهما أنه وضع الظاهر موضع المضمر ، والاصل آتيتموهن ، والثانى أن المستبدل بها مبهمة فقال ( إحداهن ) إذ لم تتعين حتى يرجع الضمير إليها ، وقد ذكرنا نحوا من هذا في قوله ( فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ) (بهتانا) فعلان من البهت ، وهو مصدر في موضع الحال ، ويجوز أن يكون مفعولا له.
  قوله تعالى ( وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ ؟ ) كيف في موضع نصب على الحال ، والتقدير : أتأخذونه جائرين ؟ وهذا يتبين لك بجواب كيف ، ألا ترى أنك إذا قلت كيف أخذت مال زيد ؟ كان الجواب حالا تقديره : أخذته ظالما أو عادلا ونحو ذلك ، وأبدا يكون موضع كيف مثل موضع جوابها ( وَقَدْ أَفْضَى ) في موضع الحال أيضا (وأخذن) أى وقد أخذن لانها حال معطوفة والفعل ماض فتقدر معه قد ليصبح حالا ، وأغنى عن ذكرها تقدم ذكرها (منكم) متعلق بأخذن ، ويجوز أن يكون حالا من ميثاق.
  قوله تعالى ( مَا نَكَحَ ) مثل قوله ( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ ) وكذلك ( إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) وهو يتكرر في القرآن ( مِنْ النِّسَاءِ ) في موضع الحال من ( ما ) أو من العائد إليها ( إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ).
  في ( ما ) وجهان : أحدهما هى بمعنى من وقد ذكر ، والثانى هى مصدرية والاستثناء منقطع ، لان النهى للمستقبل ، وماسلف ماض فلا يكون من جنسه وهو في موضع نصب ، ومعنى المنقطع أنه لا يكون داخلا في الاول بل يكون في حكم المستأنف وتقدر إلا فيه بلكن ، والتقدير هنا : ولا تتزوجوا من تزوجه آباؤكم ، ولا تطئوا من وطئه اباؤكم لكن ما سلف من ذلك فمعفو عنه ، كما تقول : ما مررت برجل إلا بامرأة : أي لكن مررت بامرأة ، والغرض منه بيان معنى زائد ، ألا ترى أن قولك ما مررت برجل صريح في نفى المرور برجل ما غير متعرض بإثبات المرور بامرأة أو نفيه ، فإذا قلت إلا بامرأة كان إثباتا لمعنى مسكوت عنه غير معلوم بالكلام الاول نفيه ولا إثباته (إنه) الهاء ضمير النكاح (ومقتا) تمام الكلام ثم يستأنف ( وَسَاءَ سَبِيلاً ) أى وساء هذا السبيل من نكاح من نكحهن الآباء ، وسبيلا تمييزه ، ويجوز أن يكون قوله ( وَسَاءَ سَبِيلاً ) معطوفا على خبر كان ، ويكون التقدير : مقولا فيه ساء سبيلا.
  قوله تعالى (أمهاتكم) الهاء زائدة ، وإنما جاء ذلك فيمن يعقل ، فأما ما لا يعقل فيقال : أمهات البهائم ، وقد جاء في كل واحد منهما ما جاء في الآخر قليلا ، فيقال :

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 174 _
  أمات الرجال ، وأمهات البهائم (وبناتكم) لام الكلمة محذوفة ، ووزنه فعاتكم ، والمحذوف واو أو ياء ، وقد ذكرناه ، فأما بنت فالتاء فيها بدل من اللام المحذوفة وليست تاء التأنيث لان تاء التأنيث لا يسكن ما قبلها ، وتقلب هاء في الوقف ، فبنات ليس بجمع بنت بل بنه ، وكسرت الباء تنبيها على المحذوف هذا عند الفراء.
  وقال غيره : أصلها الفتح ، وعلى ذلك جاء جمعها ومذكرها وهو بنون.
  وهو مذهب البصريين ، وأما أخت فالتاء فيها بدل من الواو لانها من الاخوة ، فأما جمعها فأخوات.
  فإن قيل : لم رد المحذوف في أخوات ولم يرد في بنات ؟ قيل : حمل كل واحد من الجمعين على مذكره فمذكر بنات لم يرد فيه المحذوف بل جاء ناقصا في الجمع فقالوا بنون ، وقالوا في جمع أخ إخوة وإخوان فرد المحذوف.
  والعمة تأنيث العم والخالة تأنيث الخال ، وألفه منقلبة عن واو لقولك في الجمع أخوال ( مِنْ الرَّضَاعَةِ ) في موضع الحال من أخواتكم : أى وحرمت عليكم أخواتكم كائنات من الرضاعة ( اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) نعت لنسائكم التى تليها ، وليست صفة لنسائكم التى في قوله ( وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) لوجهين : أحدهما أن نساء‌كم الاولى مجرورة بالاضافة ، ونساء‌كم الثانية مجرورة بمن فالجران مختلفان ، وما هذا سبيله لا تجرى عليه الصفة كما إذا اختلف العمل ، والثانى أن أم المرأة تحرم بنفس العقد عند الجمهور ، وبنتها لا تحرم إلا بالدخول ، فالمعنى مختلف ، ومن نسائكم في موضع الحال من ربائبكم ، وإن شئت من الضمير في الجار الذى هو صلة تقديره : اللاتى استقررن في حجوركم كائنات من نسائكم ( وَأَنْ تَجْمَعُوا ) في موضع رفع عطفا على أمهاتكم ، و ( إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ) استثناء منقطع في موضع نصب.
  قوله تعالى (والمحصنات) هو معطوف على أمهاتكم ، و ( مِنْ النِّسَاءِ ) حال منه ، والجمهور على فتح الصاد هنا لان المراد بهن ذوات الازواج ، وذات الزوج محصنة بالفتح لان زوجها أحصنها : أى أعفها ، فأما المحصنات في غير هذا الموضع فيقرأ بالفتح والكسر وكلاهما مشهور ، فالكسر على أن النساء أحصن فروجهن أو أزواجهن ، والفتح على أنهن أحصن بالازواج أو بالاسلام ، واشتقاق الكلمة من التحصين وهو المنع ( إِلاَّ مَا مَلَكَتْ ) استثناء متصل في موضع نصب ، والمعنى : حرمت عليكم ذوات الازواج إلا السبايا فإنهن حلال وإن كن ذوات أزواج ( كِتَابَ اللَّهِ ) هو منصوب على المصدر بكتب محذوفة دل عليه قوله حرمت : لان

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 175 _
  التحريم كتب ، وقيل انتصابه بفعل محذوف تقديره : الزموا كتاب الله ، و (عليكم) إغراء.
  وقال الكوفيون هو إغراء والمفعول مقدم ، وهذا عندنا غير جائز لان عليكم وبابه عامل ضعيف ، فليس له في التقديم تصرف ، وقرئ ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ ) أي كتب الله ذلك عليكم ، وعليكم على القول الاول متعلق بالفعل الناصب للمصدر لا بالمصدر لان المصدر هنا فضلة ، وقيل هو متعلق بنفس المصدر لانه ناب عن الفعل حيث لم يذكر معه ، فهو كقولك مرورا بزيد أى أمر ، ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ) يقرأ بالفتح على تسمية الفاعل ، وهو معطوف على الفعل الناصب لكتاب وبالضم عطفا على حرمت ( مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ) في ما وجهان : أحدهما هى بمعنى من ، فعلى هذا يكون قوله ( أَنْ تَبْتَغُوا ) في موضع جر أو نصب على تقدير : بأن تبتغوا أو لان تبتغوا : أى أبيح لكم غير ماذكرنا من النساء بالمهور.
  والثانى أن ما بمعنى الذى ، والذى كناية عن الفعل : أى وأحل لكم تحصيل ما وراء ذلك الفعل المحرم ، وأن تبتغوا بدل منه ويجوز أن يكون أن تبتغوا في هذا الوجه مثله في الوجه الاول ، و (محصنين) حال من الفاعل في تبتغوا ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ ) في ( ما ) وجهان : أحدهما هى بمعنى من والهاء في (به) تعود على لفظها ، والثانى هى بمعنى الذى ، والخبر (فآتوهن) والعائد منه محذوف ، أى لاجله فعلى الوجه الاول يجوز أن تكون شرطا ، وجوابها فآتوهن والخبر فعل الشرط وجوابه أو جوابه فقط على ماذكرناه في غير موضع ، ويجوز على الوجه الاول أن تكون بمنى الذى ، ولا تكون شرطا بل في موضع رفع بالابتداء ، واستمتعتم صلة لها ، والخبر فآتوهن ، ولا يجوز أن تكون مصدرية لفساد المعنى ، ولان الهاء في به تعود على ما ، والمصدرية لا يعود عليها ضمير (منهن) حال من الهاء في به (فريضة) مصدر لفعل محذوف ، أو في موضع الحال على ماذكرنا في آية الوصية.
  قوله تعالى ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ) شرط وجوابه ( مَا مَلَكَتْ ) و (منكم) حال من الضمير في يستطع (طولا) مفعول يستطع ، وقيل هو مفعول له وفيه حذف مضاف : أى لعدم الطول ، وأما ( أَنْ يَنكِحْ ) ففيه وجهان : أحدهما هو بدل من طول وهو بدل الشئ من الشئ وهما لشئ واحد لان الطول هو القدرة أو الفضل ، والنكاح قوة وفضل.
  والثانى أن لا يكون بدلا بل هو معمول طول ، وفيه على هذا وجهان : أحدهما هو منصوب بطول ، لان التقدير : ومن لم يستطع أن ينال

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 176 _
  نكاح المحصنات ، وهو من قولك طلته : أى نلته ، ومنه قول الفرزدق :
إن الفرزدق صخرة iiعادية      طالت فليس ينالها الاوعالا
  أى طالت الاوعالا.
  والثانى أن يكون على تقدير حذف حرف الجر : أى إلى أن ينكح ، والتقدير : ومن لم يستطع وصلة إلى نكاح المحصنات ، وقيل المحذوف اللام ، فعلى هذا يكون في موضع صفة طول ، والطول المهر : أى مهرا كائنا لان ينكح ، وقيل هو مع تقدير اللام مفعول الطول : أى طولا لاجل نكاحهن ( فَمِنْ مَا ) في من وجهان :
  أحدهما هى زائدة ، والتقدير : فلينكح ما ملكت.
  والثانى ليست زائدة ، والفعل المقدر محذوف تقديره : فلينكح امرأة مما ملكت ، ومن على هذا صفة للمحذوف ، وقيل مفعول الفعل المحذوف (فتياتكم) ومن الثانية زائدة ، و (والمؤمنات) على هذه الاوجه صفة الفتيات ، وقيل مفعول الفعل المحذوف المؤمنات ، والتقدير : من فتياتكم الفتيات المؤمنات ، وموضع من فتياتكم إذا لم تكن من زائدة حال من الهاء المحذوفة في ملكت ، وقيل في الكلام تقديم وتأخير تقديره : فلينكح بعضكم من بعض الفتيات ، فعلى هذا يكون قوله ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ ) معترضا بين الفعل والفاعل ، و (بعضكم) فاعل الفعل المحذوف ، والجيد أن يكون بعضكم مبتدأ ، و ( مِنْ بَعْضٍ ) خبره أى بعضكم من جنس بعض في النسب والدين ، فلا يترفع الحر عن الامة عند الحاجة ، وقيل ( فمما ملكت ) خبر مبتدأ محذوف : أى فالمنكوحة مما ملكت (محصنات) حال من المفعول في ( وآتوهن ) ( وَلا مُتَّخِذَاتِ ) معطوف على محصنات والاضافة غير محضة.
  والاخدان جمع خدن مثل عدل وأعدال ( فَإِذَا أُحْصِنَّ ) يقرأ بضم الهمزة : أى بالازواج وبفتحها أى فروجهن ( فَإِنْ أَتَيْنَ ) الفاء جواب إذا (فعليهن) جواب إن ( مِنْ الْعَذَابِ ) في موضع الحال من الضمير في الجار ، والعامل فيها العامل في صاحبها ، ولا يجوز أن تكون حالا من ما لانها مجرورة بالاضافة فلا يكون لها عامل (ذلك) مبتدأ ( لِمَنْ خَشِيَ ) الخبر : أى جائز للخائف من الزنا ( وَأَنْ تَصْبِرُوا ) مبتدأ ، و ( خَيْرٌ لَكُمْ ) خبره.
  قوله تعالى ( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ) مفعول يريد محذوف تقديره : يريد الله ذلك : أى تحريم ما حرم وتحليل ما حلل ليبين ، واللام في ليبين متعلقة بيريد ، وقيل اللام زائدة والتقدير : يريد الله أن يبين فالنصب بأن.
  قوله تعالى ( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ ) معطوف على قوله ( وَاللَّهُ

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 177 _
  يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) إلا أنه صدر الجملة الاولى بالاسم ( الثانية ) بالفعل ، ولا يجوز أن يقرأ بالنصب ، لان المعنى يصير : والله يريد أن يتوب عليكم ، ويريد أن يريد الذين يتبعون الشهوات ، وليس المعنى على ذلك.
  قوله تعالى ( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ) ضعيفا حال ، وقيل تمييز لانه يجوز أن يقدر بمن وليس بشئ ، وقيل التقدير : وخلق الانسان من شئ ضعيف : أى من طين أو من نطفة وعلقة ومضغة ، كما قال ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ) فلما حذف الجار والموصوف انتصبت الصفة بالفعل نفسه.
  قوله تعالى ( إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً ) الاستثناء منقطع ليس من جنس الاول ، وقيل هو متصل والتقدير : لا تأكلوها بسبب إلا أن تكون تجارة وهذا ضعيف ، لانه قال بالباطل والتجارة ليست من جنس الباطل ، وفى الكلام حذف مضاف : أى إلا في حال كونها تجارة ، أو في وقت كونها تجارة ، وتجارة بالرفع على أن كان تامة ، وبالنصب على أنها الناقصة ، التقدير إلا أن تكون المعاملة أو التجارة تجارة ، وقيل تقديره : إلا أن تكون الاموال تجارة ( عَنْ تَرَاضٍ ) في موضع صفة تجارة (ومنكم) صفة تراض.
  قوله تعالى ( وَمَنْ يَفْعَلْ ) من في موضع رفع بالابتداء ، والخبر ( فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ) وعدوانا وظلما مصدران في موضع الحال ، أو مفعول من أجله ، والجمهور على ضم النون من نصليه ، ويقرأ بفتحها وهما لغتان يقال أصليته النار وصليته.
  قوله تعالى (مدخلا) يقرأ بفتح الميم وهو مصدر دخل ، والتقدير : وندخله فيدخل مدخلا : أى دخولا ، ومفعل إذا وقع مصدرا كان مصدر فعل ، فأما أفعل فمصدره مفعل بضم الميم كما ضمت الهمزة ، وقيل مدخل هنا المفتوح الميم مكان فيكون مفعولا به مثل أدخلته بيتا.
  قوله تعالى ( مَا فَضَّلَ اللَّهُ ) ( ما ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، والعائد الهاء في (به) والمفعول (بعضكم - واسئلوا الله) يقرأ سلوا بغير همز واسئلوا بالهمز وقد ذكر في قوله ( سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ومفعول اسئلوا محذوف : أى شيئا ( مِنْ فَضْلِهِ ) قوله تعالى ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا ) المضاف إليه محذوف وفيه وجهان : أحدهما تقديره : ولكل أحد جعلنا موالى يرثونه ، والثانى ولكل مال ، والمفعول الاول لجعل (موالى) والثانى لكل ، والتقدير : وجعلنا وراثا لكل ميت أو لكل مال ( مِمَّا تَرَكَ ) فيه

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 178 _
  وجهان : هو صفة مال المحذوف : أى من مال تركه (الوالدان) والثانى هو يتعلق بفعل محذوف دل عليه الموالى تقديره : يرثون ماترك ، وقيل ( ما ) بمعنى من : أى لكل أحد ممن ترك الولدان ( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ ) في موضعها ثلاثة أوجه : أحدها هو معطوف على موالى : أى وجعلنا الذين عاقدت وارثا ، وكان ذلك ونسخ ، فيكون قوله ( فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ) توكيدا.
  والثانى موضعه نصب بفعل محذوف فسره المذكور : أى وآتوا الذين عاقدت.
  والثالث هو رفع بالابتداء وفآتوهم الخبر ، ويقرأ عاقدت بالالف والمفعول محذوف : أى عاقدتهم ، ويقرأ بغير ألف والمفعول محذوف أيضا هو ، والعائد تقديره : عقدت حلفهم أيمانكم ، وقيل التقدير : عقدت حلفهم ذو أيمانكم ، فحذف المضاف لان العاقد لليمين الحالفون لا الايمان نفسها.
  قوله تعالى ( قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) على متعلقة بقوامون ، و (بما) متعلقة به أيضا ، ولما كان الحرفان بمعنيين جاز تعلقهما بشئ واحد ، فعلى على هذا لها معنى غير معنى الباء ، ويجوز أن تكون الباء في موضع الحال فتتعلق بمحذوف تقديره : مستحقين بتفضيل الله إياهم ، وصاحب الحال الضمير في قوامون ومامصدرية ، فأما ( ما ) في قوله ( وَبِمَا أَنفَقُوا ) فيجوز أن تكون مصدرية ، فتتعلق من بأنفقوا ، ولا حذف في الكلام ، ويجوز أن تكون بمعنى الذى والعائد محذوف : أى وبالذى أنفقوه ، فعلى هذا يكون ( مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) حالا (فالصالحات) مبتدأ ( قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ ) خبران عنه ، وقرئ ( فالصوالح قوانت حوافظ ) وهو جمع تكثير دال على الكثرة ، وجمع التصحيح لا يدل على الكثرة بوضعه ، وقد استعمل فيها كقوله تعالى ( وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ) ( بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) في ( ما ) ثلاثة أوجه بمعنى الذى ونكرة موصوفة ، والعائد محذوف على الوجهين ومصدرية ، وقرئ ( بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) بنصب اسم الله وما على هذه القراء‌ة بمعنى الذى أو نكرة ، والمضاف محذوف والتقدير : بما حفظ أمر الله أو دين الله.
  وقال قوم : هى مصدرية ، والتقدير : حفظهن الله ، وهذا خطأ لانه إذا كان كذلك خلا الفعل عن ضمير الفاعل ، لان الفاعل هنا جمع المؤنث وذلك يظهر ضميره ، فكان يجب أن يكون بما حفظهن الله ، وقد صوب هذا القول وجعل الفاعل فيه للجنس ، وهو مفرد مذكر فلا يظهر له ضمير ( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ ) مثل قوله ( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ ) ومثل ( وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا ) وقد ذكرا ( وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ) في ( في ) وجهان : أحدهما هى ظرف للهجران : أى اهجروهن في مواضع الاضطجاع : أى اتركوا مضاجعهن دون ترك مكالمتهن :

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 179 _
  والثانى هى بمعنى السبب : أى واهجروهن بسبب المضاجع كما تقول في هذه الجناية عقوبة ( فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ ) في تبغوا وجهان : أحدهما هو من البغى الذى هو الظلم ، فعلى هذا هو غير متعد ، و (سبيلا) على هذا منصوب على تقدير حذف حرف الجر : أى بسبيل ما والثانى هو من قولك : بغيت الامر أى طلبته ، فعلى هذا يكون متعديا ، وسبيلا مفعوله ، وعليهن من نعت السبيل فيكون حالا لتقدمه عليه.
  قوله تعالى ( شِقَاقَ بَيْنِهِمَا ) الشقاق الخلاف ، فلذلك حسن إضافته إلى بين ، وبين هنا الوصل الكائن بين الزوجين ( حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ ) يجوز أن يتعلق من بابعثوا فيكون الابتداء غاية البعث ، ويجوز أن يكون صفة للحكم فيتعلق بمحذوف ( إِنْ يُرِيدَا ) ضمير الاثنين يعود على الحكمين ، وقيل على الزوجين ، فعلى الاول والثانى يكون قوله ( يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ) للزوجين.
  قوله تعالى ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) في نصب إحسانا أوجه قد ذكرناها في البقرة عند قوله ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) و (الجنب) يقرأ بضمتين ، وهو وصف مثل ناقة أجد ويد سجح (1) ، ويقرأ بفتح الجيم وسكون النون ، وهو وصف أيضا ، وهو المجانب ، وهو مثل قولك : رجل عدل ( وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ) يجوز أن تكون الباء بمعنى في ، وأن تكون على بابها ، وعلى كلا الوجهين هو حال من الصاحب ، والعامل فيها المحذوف.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ) فيه وجهان أحدهما هو منصوب بدل من ( من ) في قوله ( مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ) وجمع على معنى من ، ويجوز أن يكون محمولا على قوله مختالا فخورا ، وهو خبر كان ، وجمع على المعنى أيضا أو على إضمار أذم ، والثانى أن يكون مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : مبغضون ، ودل عليه ماتقدم من قوله لا يحب ، ويجوز أن يكون الخبر معذبون لقوله ( وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ) ويجوز أن يكون التقدير ، هم الذين ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، والذين ينفقون معطوف عليه ، والخبر : إن الله لايظلم : أى يظلمهم ، والبخل والبخل لغتان وقد قرئ بهما ، وفيه لغتان أخريان البخل بضم الخاء والباء والبخل بفتح الباء وسكون الخاء ، و ( مِنْ فَضْلِهِ ) حال من ( ما ) أو من العائد المحذوف.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ ) رئاء مفعول من أجله والمصدر مضاف إلى المفعول ، فعلى هذا يكون قوله ( وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) معطوفا

--------------------
(1) قوله أجد ، في القاموس وناقة أجد بضمتين قوية ، وقوله وسجح : بضمتين أيضا أى لينة سهلة اه‍. (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 180 _
  على ينفقون داخلا في الصلة ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، ويجوز أن يكون رئاء الناس مصدرا في موضع الحال : أى ينفقون مرائين ( فَسَاءَ قَرِيناً ) أى فساء هو والضمير عائد على من أو على الشيطان ، وقرينا تمييز ، وساء هنا منقولة إلى باب نعم وبئس ، ففاعلها والمخصوص بعدها بالذم مثل فاعل بئس ومخصوصها ، والتقدير : فساء الشيطان والقرين ، فأما قوله ( وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ ) ففى موضعه ثلاثة أوجه : أحدها هو جر عطفا على الكافرين في قوله ( وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ ) والثانى نصب على ماانتصب عليه الذين يبخلون ، والثالث رفع على ماارتفع عليه الذين يبخلون ، وقد ذكرا ، فأما رئاى الناس فقد ذكرنا أنه مفعول له أو حال من فاعل ينفقون ، ويجوز أن يكون حالا من الذين ينفقون : أى الموصول ، فعلى هذا يكون قوله ( وَلا يُؤْمِنُونَ ) مستأنفا لئلا يفرق بين بعض الصلة وبعض بحال الموصول.
  قوله تعالى ( وَمَاذَا عَلَيْهِمْ ) فيه وجهان : أحدهما ( ما ) مبتدأ و ( ذا ) بمعنى الذى ، وعليهم صلتها ، والذى وصلتها خبر ما ، وأجاز قوم أن تكون الذى وصلتها مبتدأ ، وماخبرا مقدما ، وقدم الخبر لانه أستفهام ، والثانى أن ما وذا اسم واحد مبتدأ ، وعليهم الخبر ، وقد ذكرنا هذا في البقرة بأبسط من هذا ، و (لو) فيها وجهان : أحدهما هى على بابها ، والكلام محمول على المعنى : أى لو آمنوا لم يضرهم والثانى أنها بمعنى أن الناصبة للفعل كما ذكرنا في قوله ( لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ) وغيره ، ويجوز أن تكون بمعنى إن الشرطية كما جاء في قوله ( وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) أي وأى شئ عليهم إن آمنوا ، وتقديره : على الوجه الآخر : أى شئ عليهم في الايمان.
  قوله تعالى ( مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) فيه وجهان : أحدهما هو مفعول ليظلم ، والتقدير : لا يظلمهم ، أو لا يظلم أحدا ، ويظلم بمعنى ينتقص : أى ينقص وهو متعد إلى مفعولين والثانى هو صفة مصدر محذوف تقديره : ظلما قدر مثقال ذرة ، فحذف المصدر وصفته وأقام المضاف إليه مقامهما ( وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً ) حذفت نون تكن لكثرة استعمال هذه الكلمة ، وشبه النون لغنتها وسكونها بالواو ، فإن تحركت لم تحذف نحو ( ومن يكن الشيطان ولم يكن الذين ) وحسنة بالرفع على أن كان التامة ، وبالنصب على أنها الناقصة ، و ( مِنْ لَدُنْهُ ) متعلق بيؤت أو حال من الاجر.
  قوله تعالى ( فَكَيْفَ إِذَا ) الناصب لها محذوف : أى كيف تصنعون أو تكونون وإذاظرف لذلك المحذوف ( مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ) متعلق بجئنا أو حال من شهيد على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه ( وَجِئْنَا بِكَ ) معطوف على جئنا الاولى ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 181 _
  ويجوز أن يكون حالا وتكون قد مرادة ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، ويكون الماضى بمعنى المستقبل ، و (شهيدا) حال وعلى يتعلق به ، ويجوز أن يكون حالا منه.
  قوله تعالى (يومئذ) فيه وجهان : أحدهما هو ظرف ل‍ (يود) فيعمل فيه.
  والثانى يعمل فيه شهيدا ، فعلى هذا يكون يود صفة ليوم ، والعائد محذوف : أى فيه وقد ذكر ذلك في قوله ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي ) والاصل في ( إذا ) إذ ، وهى ظرف زمان ماض ، فقد استعملت هنا للمستقبل وهو كثير في القرآن ، فزادوا عليها التنوين عوضا من الجملة المحذوفة تقديره : يوم إذ تأتى بالشهداء ، وحركت الذال بالكسر لسكونها وسكون التنوين بعدها ( وَعَصَوْا الرَّسُولَ ) في موضع الحال ، وقد مرادة وهى معترضة بين يود وبين مفعولها ، وهو ( لَوْ تُسَوَّى ) ولو بمعنى أن المصدرية وتسوى على مالم يسم فاعله.
  ويقرأ تسوى بالفتح والتشديد : أى تتسوى فقلبت الثانية سينا وأدغم.
  ويقرأ بالتخفيف أيضا على حذف الثانية ( وَلا يَكْتُمُونَ ) فيه وجهان : أحدهما هو حال ، والتقدير : يودون أن يعذبوا في الدنيا دون الآخرة ، أو يكونوا كالارض ( وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ ) في ذلك اليوم (حديثا).
  قوله تعالى ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ ) قيل المراد مواضع الصلاة ، فحذف المضاف وقيل لاحذف فيه ( وَأَنْتُمْ سُكَارَى ) حال من ضمير الفاعل في تقربوا ، وسكارى جمع سكران ، ويجوز ضم السين وفتحها ، وقد قرئ بهما ، وقرئ أيضا ( سكرى ) بضم السين من غير ألف ، وبفتحها كذلك ، وهى صفة مفردة في موضع الجمع ، فسكرى مثل حبلى وسكرى مثل عطشى ( حَتَّى تَعْلَمُوا ) أى إلى أن ، وهى متعلقة بتقربوا ، و (ما) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، والعائد محذوف ، ويجوز أن تكون مصدرية ولاحذف ( وَلا جُنُباً ) حال ، والتقدير.
  لا تصلوا جنبا ، أو لا تقربوا مواضع الصلاة جنبا ، والجنب يفرد مع التثنية والجمع في اللغة الفصحى يذهب به مذهب الوصف بالمصادر ، ومن العرب من يثنيه ويجمعه فيقول جنبان وأجناب ، واشتقاقه من المجانية وهى المباعدة ( إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ ) هو حال أيضا والتقدير : لا تقربوها في حال الجنابة إلى في حال السفر أو عبور المسجد على اختلاف الناس في المراد بذلك ( حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) متعلق بالعامل في جنب (منكم) صفة لاحد ، و ( مِنْ الْغَائِطِ ) مفعول جاء ، والجمهور يقرء‌ون الغائط على فاعل ، والفعل منه غاط المكان يغوط إذا اطمأن ، وقرأ ابن مسعود بياء ساكنة من غير ألف وفيه وجهان : أحدهما هو مصدر يغوط ، وكان القياس غوطا فقلب الواو ياء وأسكنت

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 182 _
  وانفتح ماقبلها لخفتها ، والثانى أنه أراد الغيط فخففت مثل سيد وميت ، ( أَوْ لامَسْتُمْ ) يقرأ بغير ألف وبألف ، وهما بمعنى ، وقيل لامستم مادون الجماع ، أو لمستم الجماع ( فَلَمْ تَجِدُوا ) الفاء عطفت ما بعدها على جاء ، وجواب الشرط ( فتيمموا ) وجاء معطوف على كنتم : أى وإن جاء أحد (صعيدا) مفعول تيمموا أى اقصدوا صعيدا ، وقيل هو على تقدير حذف الباء : أى بصعيد (بوجوهكم) الباء زائدة أى امسحوا وجوهكم ، وفى الكلام حذف أى فامسحوا وجوهكم به أو منه ، وقد ظهر ذلك في آية المائدة.
  قوله تعالى ( مِنْ الْكِتَابِ ) صفة لنصيب (يشترون) حال من الفاعل في أوتوا (ويريدون) مثله وإن شئت جعلتهما حالين من الموصول ، وهو قوله ( مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا ) وهى حال مقدرة ، ويقال ضللت (السبيل) وعن السبيل ، وهو مفعول به وليس بظرف ، وهو كقولك أخطأ الطريق (وليا) و (نصيرا) منصوبان على التمييز ، وقيل على الحال.
  قوله تعالى ( مِنْ الَّذِينَ هَادُوا ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه خبر مبتدإ محذوف ، وفى ذلك تقديران : أحدهما تقديره ، هم من الذين ف‍ (يحرفون) على هذا حال من الفاعل في هادوا ، والثانى تقديره : من الذين هادوا قوم ، فقوم هو المبتدأ وماقبله الخبر ، ويحرفون نعت لقوم ، وقيل التقدير : من الذين هادوا من يحرفون ، كما قال : ( وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ ) : أى من له ، ومن هذه عندنا نكرة موصوفة مثل قوم ، وليست بمعنى الذى لان الموصول لايحذف دون صلته.
  والوجه الثانى أن من الذين متعلق بنصير ، فهو في موضع نصب به كما قال ( فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ ) أى يمنعنا.
  والثالث أنه حال من الفاعل في يريدون ، ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير في أوتوا لان شيئا واحدا لايكون له أكثر من حال واحدة ، إلا أن يعطف بعض الاحوال على بعض ، ولايكون حالا من الذين لهذا المعنى ، وقيل هو حال من أعدائكم : أى والله أعلم بأعدائكم كائنين من الذين ، والفصل المعترض بينهما مسدد فلم يمنع من الحال ، وفى كل موضع جعلت فيه من الذين هادوا حالا ، فيحرفون فيه حال من الفاعل في هادوا و (الكلم) جمع كلمة ، ويقرأ ( الكلام ) والمعنى متقارب و ( عَنْ مَوَاضِعِهِ ) متعلق بيحرفون ، وذكر الضمير المضاف إليه حملا على معنى الكلم لانها جنس (ويقولون) عطف على يحرفون ، و ( غَيْرَ مُسْمَعٍ ) حال والمفعول الثانى محذوف ، أى لا أسمعت مكروها هذا ظاهر قولهم ، فأما ماأرادوا

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 183 _
  فهو لا أسمعت خيرا ، وقيل أرادوا غير مسموع منك (وراعنا) قد ذكر في البقرة و ( لَيّا ، وَطَعْنا ) مفعول له ، وقيل مصدر في موضع الحال ، والاصل في لى لوى فقلبت الواو ياء وأدغمت ، و ( فِي الدِّينِ ) متعلق بطعن ( خَيْراً لَهُمْ ) يجوز أن يكون بمعنى أفعل كما قال (وأقوم) ومن محذوفة ، أى من غيره ، ويجوز أن يكون بمعنى فاضل وجيد فلا يفتقر إلى من ( إِلاَّ قَلِيلاً ) صفة مصدر محذوف : أى إيمانا قليلا.
  قوله تعالى ( مِنْ قَبْلِ ) متعلق بآمنوا و ( عَلَى أَدْبَارِهَا ) حال من ضمير الوجوه وهى مقدرة.
  قوله تعالى ( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ) هو مستأنف غير معطوف على يغفر الاولى لانه لو عطف عليه لصار منفيا.
  قوله تعالى ( بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) تقديره : أخطئوا بل الله يزكى ( وَلا يُظْلَمُونَ ) ضمير الجمع يرجع إلى معنى من ، ويجوز أن يكون مستأنفا أى من زكى نفسه ومن زكاه الله ، و (فتيلا) مثل مثقال ذرة في الاعراب وقد ذكر.
  قوله تعالى ( كَيْفَ يَفْتَرُونَ ) كيف منصوب بيفترون وموضع الكلام نصب بانظروا ، و ( عَلَى اللَّهِ ) متعلق بيفترون ، ويجوز أن يكون حالا من (الكذب) ولا يجوز أن يتعلق بالكذب ، لان معمول المصدر لا يتقدم عليه فإن جعل على التبيين جاز.
  قوله تعالى ( هَؤُلاءِ أَهْدَى ) مبتدأ وخبر في موضع نصب بيقولون ، وللذين كفروا تخصيص وتبيين متعلق بيقولون أيضا ، ويؤمنون بالجبت ويقولون مثل يشترون الضلالة ويريدون وقد ذكر.
  قوله تعالى ( أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ ) أم منقطعة أى بل ألهم وكذلك أم يحسدون (فإذن) حرف ينصب الفعل إذا اعتمد عليه وله مواضع يلغى فيها وهو مشبه في عوامل الافعال بظننت في عوامل الاسماء ، والنون أصل فيه وليس بتنوين ، فلهذا يكتب بالنون وأجاز الفراء أن يكتب بالالف ، ولم يعمل هنا من أجل حرف العطف وهى الفاء ، ويجوز في غير القرآن أن يعمل مع الفاء وليس المبطل لعمله لا لان لايتخطاها العامل.
  قوله تعالى ( مَنْ آمَنَ بِهِ ) الهاء تعود على الكتاب ، وقيل على إبراهيم ، وقيل على محمد صلى الله عليه وسلم ، و (سعيرا) بمعنى مستعر ( نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ )

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 184 _
  يقرأ بالادغام لانهما من حروف وسط الفم ، والاظهار هو الاصل ( بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً ) أي بجلود ، وقيل يتعدى إلى الثانى بنفسه.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) يجوز أن يكون في موضع نصب عطفا على الذين كفروا ، وأن يكون رفعا على الموضع أو على الاستئناف والخبر ( سَنُدْخِلُهُمْ ، خَالِدِينَ فِيهَا ) حال من المفعول في ندخلهم أو من جنات لان فيهما ضمير الكل واحد منهما ، ويجوز أن يكون صفة لجنات على رأى الكوفيين و ( لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ ) حال أو صفة.
  قوله تعالى ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) العامل في إذا وجهان : أحدهما فعل محذوف تقديره : يأمركم أن تحكموا إذا حكمتم ، وجعل أن تحكموا المذكورة مفسرة للمحذوف فلا موضع لان تحكموا لانه مفسر للمحذوف ، والمحذوف مفعول يأمركم ولايجوز أن يعمل في إذا أن تحكموا لان معمول المصدر لايتقدم عليه.
  والوجه الثانى أن تنصب إذا بيأمركم وأن تحكموا به أيضا ، والتقدير : أن يكون حرف العطف مع أن تحكموا لكن فصل بينهما بالظرف كقول الاعشى : يوم يراها كشبه أردية الغضب ويوما أديمها ثفلا وبالعدل يجوز أن يكون مفعولابه ، ويجوز أن يكون حالا ( نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ) الجملة خبر إن ، وفى ( ما ) ثلاثة أوجه : أحدها أنها بمعنى الشئ معرفة تامة ، ويعظكم صفة موصوف محذوف هو المخصوص بالمدح تقديره نعم الشئ شئ يعظكم به ، ويجوز أن يكون يعظكم صفة لمنصوب محذوف : أى نعم الشئ الشئ شيئا يعظكم به كقولك : نعم الرجل رجلا صالحا زيد ، وهذا جائز عند بعض النحويين ، والمخصوص بالمدح هنا محذوف.
  والثانى أن ( ما ) بمعنى الذى ، ومابعدها صلتها وموضعها رفع فاعل نعم والمخصوص محذوف : أى نعم الذى يعظكم به بتأدية الامانة والحكم بالعدل ، والثالث أن تكون ( ما ) نكرة موصوفة ، والفاعل مضمر ، والمخصوص محذوف كقوله تعالى ( بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ).
  قوله تعالى ( وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) حال من أولى ، و (تأويلا) تمييز.
  قوله تعالى (يريدون) حال من الذين يزعمون أو من الضمير في يزعمون ، ويزعمون من أخوات ظننت في اقتضائها مفعولين ، وإن وما عملت في تسد مسدهما ( وَقَدْ أُمِرُوا ) في موضع الحال من الفاعل في يريدون ، والطاغوت يؤنث ويذكر ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 185 _
  وقد ذكر ضميره هنا ، وقد تكلمنا عليه في البقرة ( أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً ) أي فيضلوا ضلالا ، ويجوز أن يكون ضلالا بمعنى إضلالا ، فوضع أحد المصدرين موضع الآخر.
  قوله تعالى (تعالوا) الاصل تعاليوا ، وقد ذكرنا ذلك في آل عمران ، ويقرأ شاذا بضم اللام ، ووجهه أنه حذف الالف من تعالى اعتباطا ثم ضم اللام من أجل واو الضمير (يصدون) في موضع الحال و (صدودا) اسم للمصدر والمصدر صد ، وقيل هو مصدر.
  قوله تعالى ( فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ) أى كيف يصنعون ؟ (ويحلفون) حال.
  قوله تعالى ( فِي أَنفُسِهِمْ ) يتعلق بقل لهم ، وقيل يتعلق ب‍ (بليغا) أى يبلغ في نفوسهم وهو ضعيف ، لان الصفة لاتعمل فيما قبلها.
  قوله تعالى ( إِلاَّ لِيُطَاعَ ) ليطاع في موضع نصب مفعول له ، واللام تتعلق بأرسلنا ، و ( بِإِذْنِ اللَّهِ ) حال من الضمير في يطاع ، وقيل هو مفعول به : أى بسبب أمر الله و (ظلموا) ظرف والعامل فيه خبر إن ، وهو (جاء‌وك) ، ( وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ ) ولم يقل فاستغفرت لهم ، لانه رجع من الخطاب إلى الغيبة لما في الاسم الظاهر من الدلالة على أنه الرسول و (وجدوا) يتعدى إلى مفعولين ، وقيل هى المتعدية إلى واحد ، و (توابا) حال ، و (رحيما) بدل أو حال من الضمير في تواب.
  قوله تعالى ( فَلا وَرَبِّكَ ) فيه وجهان : أحدهما أن ( لا ) الاولى زائدة.
  والتقدير : فوربك ( لا يُؤْمِنُونَ ) وقيل الثانية : زائدة ، والقسم معترض بين النفى والمنفى.
  والوجه الآخر أن لا نفى لشئ محذوف تقديره : فلا يفعلون ، ثم قال : وربك لا يؤمنون ، و (بينهم) ظرف لشجر أو حال من ( ما ) أو من فاعل شجر ، و ( ثُمَّ لا يَجِدُوا ) معطوف على يحكموك ، و ( فِي أَنفُسِهِمْ ) يتعلق بيجدوا تعلق الظرف بالفعل ، و (حرجا) مفعول يجدوا ، ويجوز أن يكون في أنفسهم حالا من حرج ، وكلاهما على أن يجدوا المتعدية إلى مفعول واحد ، ويجوز أن تكون المتعدية إلى اثنين ، وفى أنفسهم أحدهما ، و ( مِمَّا قَضَيْتَ ) صفة لحرج فيتعلق بمحذوف ، ويجوز أن يتعلق بحرج ، لانك تقول : حرجت من هذا الامر ، و ( ما ) يجوز أن تكون بمعنى الذى ونكرة موصوفة ومصدرية.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 186 _
  قوله تعالى ( أَنْ اقْتُلُوا ) فيه وجهان : أحدهما هى أن المصدرية والامر صلتها ، وموضعهما نصب بكتبنا.
  والثانى أن أن بمعنى أى المفسرة للقول ، وكتبنا قريب من معنى أمرنا أو قلنا ( أَوْ اخْرُجُوا ) يقرأ بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين ، وبالضم إتباعا لضمة الراء ، ولان الواو من جنس الضمة ( مَا فَعَلُوهُ ) الهاء ضمير أحد مصدرى الفعلين وهو القتل أو الخروج ، ويجوز أن يكون ضمير المكتوب ودل عليه كتبنا ( إِلاَّ قَلِيلٌ ) يقرأ بالرفع بدلا من الضمير المرفوع وعليه المعنى ، لان المعنى فعله قليل منهم ، وبالنصب على أصل باب الاستثناء والاولى أقوى ، و (منهم) صفة قليل ، و (تثبيتا) تمييز (وإذن) جواب ملغاة ، و ( مِنْ لَدُنَّا ) يتعلق بآتيناهم ، ويجوز أن يكون يكون حالا من أجرا) ، و (صراطا) مفعول ثان.
  قوله تعالى ( مِنْ النَّبِيِّينَ ) حال من الذين أو من المجرور في عليهم (وحسن) الجمهور على ضم السين ، وقرئ بإسكانها مع فتح الحاء على التخفيف كما قالوا في عضد عضد ، و (أولئك) فاعله ، و (رفيقا) تمييز ، وقيل هو حال وهو واحد في موضع الجمع : أى رفقاء.
  قوله تعالى (ذلك) مبتدأ ، وفى الخبر وجهان : أحدهما (الفضل) وف‍ ( مِنْ اللَّهِ ) حال والعامل فيها معنى ذلك ، والثانى أن الفضل صفة ومن الله الخبر.
  قوله تعالى (ثبات) جمع ثبة وهى للجماعة ، وأصلها ثبوت تصغيرها ثبية ، فأما ثبة الحوض وهى وسطه فأصلها ثوبة من ثاب يثوب إذا رجع وتصغيرها ثويبة ، وثبات حال وكذلك (جميعا) قوله تعالى (لمن) اسم إن ، وهى بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، و (ليبطئن) صلة أو صفة ، ومنكم خبر إن ، و ( إِذْ لَمْ ) ظرف لا نعم.
  قوله تعالى (ليقولن) بفتح اللام على لفظ من ، وقرئ بضمها حملا على معنى من وهو الجمع ( كَأَنْ لَمْ ) هى مخففة من الثقيلة واسمها محذوف : أى كأنه لم يكن بالياء لان المودة والود بمعنى ، ولانه قد فصل بينهما ، ويقرأ بالتاء على لفظ المودة ، وهو كلام معترض بين يقول وبين المحكى بها ، وهو قوله ( يَا لَيْتَنِي ) والتقدير : يقول ياليتنى ، وقيل ليس بمعترض بل هو محكى أيضا بيقول ، أى يقول : كأن لم تكن وياليتنى ، وقيل كأن لم ومايتصل بها حال من ضمير الفاعل في ليقولن ، ياليتنى المنادى محذوف تقديره : يا قوم ليتنى ، وأبوعلي يقول في نحو هذا ، ليس في الكلام منادى محذوف بل يدخل ( يا ) على المحذوف والحروف للتنبيه (فأفوز) بالنصب على جواب التمنى ، وبالرفع على تقدير : فأنا أفوز.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 187 _
  قوله تعالى ( أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ ) أدغمت الباء في الفاء لانهما من الشفتين ، وقد أظهرها بعضهم.
  قوله تعالى ( وَمَا لَكُمْ ) ما استفهام مبتدأ ، ولكم خبره ، و ( لا تُقَاتِلُونَ ) في موضع الحال ، والعامل فيها الاستقرار كما تقول : مالك قائما ، و ( الْمُسْتَضْعَفِينَ ) عطف على اسم الله : أى وفى سبيل المستضعفين.
  وقال المبرد : هو معطوف على السبيل وليس بشئ ( الَّذِينَ يَقُولُونَ ) في موضع جر صفة لمن عقل من المذكورين ، ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى ( الظَّالِمِ أَهْلُهَا ) الالف واللام بمعنى التى ، ولم يؤنث اسم الفاعل وإن كان نعتا للقرية في اللفظ ، لانه قد عمل في الاسم الظاهر المذكر وهو أهل ، وكل اسم فاعل إذا جرى على غير من هو له فتذكيره وتأنيثه على حسب الاسم الظاهر الذى عمل فيه.
  قوله تعالى ( إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) إذا هنا للمفاجأة ، والتى للمفاجأة ظرف مكان ، وظرف المكان في مثل هذا يجوز أن يكون خبرا للاسم الذى بعده وهو فريق هاهنا ، ومنهم صفة فريق ، و (يخشون) حال ، والعامل في الظرف على هذا الاستقرار ، ويجوز أن تكون إذا غير خبر ، فيكون فريق مبتدأ ، ومنهم صفته ، ويخشون الخبر وهو العامل في إذا ، وقيل إذا هنا الزمانية ، وليس بشئ لان إذا الزمانية يعمل فيها إما ماقبلها أو مابعدها ، وإذا عمل فيها ماقبلها كانت ( من ) صلته ، وهذا فاسد هاهنا لانه يصير التقدير : فلما كتب عليهم القتال في وقت الخشية فريق منهم ، وهذا يفتقر إلى جواب لما ولا جواب لها ، وإذا عمل فيها مابعدها كان العامل فيها جوابا لها ، وإذا هنا ليس لها جواب بل هى جواب لما ( كَخَشْيَةِ اللَّهِ ) أي خشية كخشية الله ، والمصدر مضاف إلى المفعول ( أَوْ أَشَدَّ ) معطوف على الخشية وهو مجرور ، ويجوز أن يكون منصوبا عطفا على موضع الكاف ، والقول في قوله أشد خشية كالقول في قوله ( أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) وقد ذكر.
  قوله تعالى (أينما) هى شرط هاهنا ، ومازائدة ويكثر دخولها على أين الشرطية لتقوى معناها في الشرط ، ويجوز حذفها ، و (يدرككم) الجواب ، وقد قرئ ( يدرككم ) بالرفع وهو شاذ ، ووجهه أنه حذف الفاء ( وَلَوْ كُنتُمْ ) بمعنى وإن كنتم وقد ذكر مرارا ( قُلْ كُلٌّ ) مبتدأ ، والمضاف إليه محذوف : أى كل ذلك ، و ( مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) الخبر ( لا يَكَادُونَ ) حال ، ومن القراء من يقف على اللام من قوله ما لهؤلاء ، وليس موضع وقف ، واللام في التحقيق متصلة بهؤلاء وهى خبر المبتدإ.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 188 _
  قوله تعالى ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ ) ( ما ) شرطية ( وأصابك ) بمعنى يصيبك ، والجواب ( فَمِنْ اللَّهِ ) ولا يحسن أن تكون بمعنى الذى ، لان ذلك يقتضى أن يكون المصيب لهم ماضيا مخصصا ، والمعنى على العموم والشرط أشبه ، والتقدير : فهو من الله ، والمراد بالآية الخصب والجدب ، ولذلك لم يقل أصبت (رسولا) حال مؤكدة : أى ذا رسالة ، ويجوز أن يكون مصدرا : أى إرسالا ، وللناس يتعلق بأرسلنا ، ويجوز أن يكون حالا من رسول.
  قوله تعالى (حفيظا) حال من الكاف. وعليهم يتعلق بحفيظ ، ويجوز أن يكون حالا منه فيتعلق بمحذوف.
  قوله تعالى (طاعة) خبر مبتدإ محذوف : أى أمرنا طاعة ، ويجوز أن يكون مبتدأ : أى عندنا أو منا طاعة (بيت) الاصل أن تفتح التاء لانه فعل ماض ، ولم تلحقه تاء التأنيث لان الطائفة بمعنى النفر ، وقد قرئ بإدغام التاء في الطاء على أنه سكن التاء لتمكن إدغامها إذ كانت من مخرج الطاء ، والطاء أقوى منها لاستعلائها وإطباقها وجهرها ، و (تقول) يجوز أن يكون خطابا للنبى صلى الله عليه وسلم ، وأن يكون للطائفة ( مَا يُبَيِّتُونَ ) يجوز أن تكون ( ما ) بمعنى الذى وموصوفة ومصدرية.
  قوله تعالى ( أَذَاعُوا بِهِ ) الالف في أذاعوا بدل من ياء ، يقال : ذاع الامر يذيع ، والباء زائدة : أى أذاعوه ، وقيل حمل على معنى تحدثوا به ( يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) حال من الذين أو من الضمير في يستنبطونه ( إِلاَّ قَلِيلاً ) مستثنى من فاعل اتبعتم ، والمعنى : لولا أن من الله عليكم لضللتم باتباع الشيطان إلا قليلا منكم ، وهو من مات في الفترة أو من كان غير مكلف ، وقيل هو مستثنى من قوله أذاعوا به : أى أظهروا ذلك الامر أو الخوف إلا قليلا منهم ، وقيل هو مستثنى من قوله ( لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) أي لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه التناقض إلا القليل منهم ، وهو من لايمعن النظر.
  قوله تعالى (فقاتل) الفاء عاطفة لهذا الفعل على قوله ( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) وقيل على ( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ ) وقيل على قوله ( فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ) ( لا تُكَلَّفُ ) في موضع نصب على الحال ( إِلاَّ نَفْسَكَ ) المفعول الثانى (بأسا) و (تنكيلا) تمييز.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 189 _
  قوله تعالى ( مُقِيتاً ) الياء بدل من الواو وهو مفعل من القوت.
  قوله تعالى (بتحية) أصلها تحيية وهى تفعلة من حييت ، فنقلت حركة الياء إلى الحاء ثم أدغمت ؟؟ ، و (حيوا) أصلها حييوا ثم حذفت الياء على ماذكر في مواضع (بأحسن) أى بتحية أحسن ( أَوْ رُدُّوهَا ) أى ردوا مثلها فحذف المضاف.
  قوله تعالى ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ) قد ذكر في آية الكرسى ( لَيَجْمَعَنَّكُمْ ) جواب قسم محذوف ، فيجوز أن يكون مستأنفا لاموضع له ، ويجوز أن يكون خبرا آخر للمبتدإ ( إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) قيل التقدير : في يوم القيامة ، وقيل هى على بابها : أى ليجمعنكم في القبور أو من القبور ، فعلى هذا يجوز أن يكون مفعولا به ، ويجوز أن يكون حالا : أى يجمعنكم مفضين إلى حساب يوم القيامة ( لا رَيْبَ فِيهِ ) يجوز أن يكون حالا من يوم القيامة ، والهاء تعود على اليوم ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف : أى جمعا لاريب فيه والهاء تعود على الجمع ، و (حديثا) تمييز.
  قوله تعالى ( فَمَا لَكُمْ ) مبتدأ وخبر ، و (فئتين) حال والعامل فيها الظرف الذى هو لكم ، أو العامل في الظرف.
  وفى المنافقين يحتمل وجهين : أحدهما أن يكون متعلقا بمعنى فئتين ، والمعنى : ومالكم تفترقون في أمور المنافقين فحذف المضاف ، والثانى أن يكون حالا من فئتين : أى فئتين مفترقتين في المنافقين ، فلما قدمه نصبه على الحال.
  قوله تعالى ( كَمَا كَفَرُوا ) الكاف نعت لمصدر محذوف وما مصدرية (فتكونون) عطف على تكفرون ، و (سواء) بمعنى مستوين ، وهو مصدر في موضع اسم الفاعل.
  قوله تعالى ( إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ ) في موضع نصب استثناء من ضمير المفعول في فاقتلوهم ( بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ) يجوز أن ترفع ميثاق بالظرف لانه قد وقع صفة ، وأن ترفعه بالابتداء والجملة في موضع جر (حصرت) فيه وجهان : أحدهما لاموضع لهذه الجملة ، وهى دعاء عليهم بضيق صدورهم عن القتال ، والثاني لها موضع وفيه وجهان : أحدهما هو جر صفة لقوم ومابينهما صفة أيضا ، وجاء‌وكم معترض ، وقد قرأ بعض الصحابة ( بينكم وبينهم ميثاق حصرت صدورهم ) بحذف