فما استشهد به على اثبات المدعى ، فهو تقدير تمامه لا يشهد له ، وهو لم يذكر آية ولا رواية ولا قولاً يعبأ بقائله يدل على ذلك الوقوع .
  ومن الغريب ان يحمل اللفظ على خلاف ظاهره المخالف لا جماعهم واخبارهم مندون شاهد من الكتاب والسنة ، ولا دليل قاطع من العقل .
  فان ادلة وجود العقل مدخولة ، فلا يمكن اثباته بها ، وما لا يكون ثابتا بالدليل العقلي اذا كان مخالفا لاجماعهم واخبارهم ، فهو باطل ولا يميل الى تجويز الباطل عاقل .
  فقوله ان الماء في هذا الحديث عبارة عن الجوهر العقل القدسي ، مجرد دعوى بلا دليل ، لا يشهد له عقل ولا نقل ، لان لفظ الماء لم يوضع في اللغة ولا في الشرع للعقل الاول ، ولا علاقة بينهما مصححة ، ولا قرينة هنا ليكون الاطلاق مجازيا .
  ولم يذهب اليه احد من مفسري المتكلمين في آية ، ولا احد من المحدثين في رواية ، فالتعبير عنه به من دون شياع استعماله فيه ، بل ومع عدم استعماله فيه قطعا ، من قبل التعبير عن آسمان بريسمان من غير قرينة .
  فكيف يصح هذا ويسوغ لعاقل ، ولا سيما لمثل السيد الداماد الحكيم المتكلم المتشرع العارف بمحاورات العرب ومواقع استعمالاتهم ، ان يقول به لا على وجه الاحتمال والامكان ، بل على سبيبل القطع ، كأنه اقام عليه قاطع البرهان .
  وبمثل هذا التأويل القبيح المستكره ضل وأضله من أضل ، ثم غلطه في التأويل ودعواه ما لا اصل له فيه ، وحمله الكلام على ما لا يحتمله ، كله سهل في جنب اعتقاده هذا لو مات عليه ولم يرجع عنه ، نعوذ بالله منه .
  والظاهر ان هذا خطر بباله ، فكتبه ذاهلا عما يلزمه من المفاسد ، او كان ذلك لشدة ميله ومحبته على ما نسجه الفلاسفة وخمنوه ، فكان كما ورد في الخبر : حبك للشيء يعمي ويصم .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 127_

  ونحن نرجو من الله الكريم ان يكون قد هداه قبل مشاهدته الدار الاخرة ، برجوعه عن هذا الاعتقاد السخيف المخالف للاجماع والاخبار المستلزم للكفر ، اعاذنا الله من موبقات الاسلام ، وما يمنعنا عن الوصول الى دار السلام بمحمد وآله الكرام عليهم السلام .
  أقول : وفي كلام المعقب ايضا نظر .
  أما أولاً : فلان معنى خلق شيء من شيء جعل ذلك الشيء ، وهو مدخول من مبدأ تكونه ومنشأ وجوده ، كخلق الانسان من الطين او النطفة ، قال الله تعالى ( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) (1) .
  فالانبياء والاوصياء لكونهم من سنخ الانسان ، مخلوقون : اما من طين ، او من ماء مهين وهي النطفة .
  فكيف يقال : انهم خلقوا من تلك المادة ، وهي بدون الحياة غير قابلة للعلم والدين ، ومعها لان يخلق منها سادة الانبياء والاوصياء المرضيين .
  والظاهر من كلامه ان مراده ان وصف الماء بأنه حامل لدينه وعلمه مجاز ، باعتبار انه سيصير جزءً مادياً لمن هو حامل لدينه وعلمه ، وهذا كما ترى مع انه لا اختصاص له بالماء ، بل سائر العناصر كذلك .
  الا ان يقال : ان الماء لما كان اول حادث من اجرام هذا العالم خص بذلك ، وهذا بعيد من كلامه .
  ثم ان الحديث انما دل على ان حملة هذا العلم والدين ، هم نبينا واوصياؤه لا قاطبة الانبياء والاوصياء ـ عليهم السلام .
  وأما ثانيا ، فلان معنى حمل العمل ، لكونه عرضا من الكيفيات النفسانية القائمة بها هو الاتصاف به ، فكل من اتصف بعلم فهو حامله ، وذلك العلم

--------------------
(1) المؤمنون : 13 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 128_

  محموله ، ومن المعلوم ان متعلق العلم وهو المعلوم ، لا يكون متصفا بذلك العلم ، فكيف يقال هو حامله ؟
  وأما ثالثاً ، فلانه تعالى قبل خلقه الاشياء انما كان عالماً بها ، بالعلم الاجمالي الحاصل له من علمه بذاته الذي هو عين ذاته من غير حاجة له في ذلك الى امر مغاير لذاته .
  ولا شك ان متعلق هذا العلم وهو ذاته بذاته ، كان موجودا عينياً ، وأما علمه بالاشياء وهي معدومة بغير هذا الطريق ، فلا يتصور له معنى ، لانه فرع ثبوتها وتمايزها ، ولا تمايز بينها ، فكيف كان عالماً بها وهي معدومة ؟ والعلم بها يقتضي التمايز .
  وأما رابعاً ، فلان ظاهر كلامه يفيد ان الماء اول موجود عيني تعلق به علمه تعالى ، ولا كذلك هو .
  أما اولاً ، فلما جاء في السفر الاول من التوراة : ان الله خلق جوهراً ، فنظر اليه نظر الهيبة ، فذابت اجزاؤه فصارت ماءاً ، ثم ارتفع منه بخار كالدخان ، فخلق منه السموات ، وظهر على وجه الماء زبد ، فخلق منه الارض ، ثم ارساها بالجبال ،(1) وعلى هذا فذلك الجوهر اول موجود عيني تعلق به علمه تعالى .
  وأما ثانياً ، فلما ورد في الخبر عن سيد البشر انه قال : اول ما خلق الله نوري ، (2) وفي رواية : روحي ، وفي اخرى : القلم ، فكان ذلك النور او الروح او القلم او موجود عيني تعلق به تعالى ، لا هذا الماء .
  وأما خامساً ، فلان الماء لو كان قد افيض عليه الروح واعطي له العلم والدين ، فاما مع كونه محلا وقابلا لذلك الفيض ، او لا معه .
  فان كان الاول والمبدأ الفياض لا بخل فيه ولا منع من جانبه ، فلم اخذ منه

--------------------
(1) الملل والنحل : 2 / 64 .
(2) عوالي اللآلي : 4 / 99 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 129_

  الروح وسلب عنه العلم والدين .
  وان كان الثاني ، كان ذلك وضعا للشيء في غير محله ، فكان ظلماً ، وهو تعالى غني عن ذلك ، وقد ورد من وضع الحكمة في غير أهلها جهل ، ومن منع اهلها ظلم ، فأعط كل ذي حق حقه .
  وقال الفاضل الصالح المازندراني في شرح قوله ( وحمل دينه وعلمه الماء ) اي : حمل الماء عبادته وطاعته ، او سلطانه ومعرفته وعلمه بحقائق الاشياء ، وخواصها وآثارها وكمياتها ومقاديرها وكلياتها وجزئياتها ، على ما هي عليه في نفس الامر .
  ولا يبعد ان يقال : تحميل ذلك على الماء باعتبار ان فيه جزءً مادياً لمحمد وآله الطاهرين .
  وقال بعض المحققين : المراد بالماء هنا العقل القدسي الذي هو حامل عرش المعرفة ، هذا كلامه (1) .
  وفيه نظر يعرف مما سلف .
  ثم انت خبير بأن لا منافاة بين قوله ( اول ما خلق الله نوري او روحي او القلم ) وبين ما في التوراة ، لان هذا في الجوهر الجسمانية ، وذلك في الجواهر الروحانية .
  وانما المنافاة بينه وبين ضعيفة داود الرقي السابقة ، لان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لما كان اول من تشرف بعناية الله وصار مظهر جلاله وجماله ، والمقرر عندهم ان اول خلق الله اشد مناسبة بذاته تعالى ، اذ لا واسطة بينه وبين خالقه ، كان هو حامل دينه وعلمه بلا واسطة .
  فكيف يقال : ان الله حمل دينه وعلمه الماء قبل ان يخلق النبي وآله ـ عليهم السلام ـ فلما خلقهم واقروا بربوبيته حملهم العلم والدين .

--------------------
(1) شرح الكافي للعلامة المازندراني : 4 / 149 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _130 _

  وبالجملة روحه اول ما تعلقت به القدرة الازلية ، لما سبق ان الله تعالى لما خلقه كان الله ولم يكن معه شيء آخر ، كان هو مجمع صفاته الذاتية ، من العلم والحياة والقدرة والارادة وغيرها ، فكان هو اول موجود عيني تعلق به علمه تعالى لا غير .
  وهم لما غفلوا عن هذا اخذوا في تأويل هذا الخبر بمثل هذه التكلفات .
  ولو جاز مثل هذه الاحتمالات ، لجاز ان يقال : ان المراد بالماء في هذا الخبر ما نقل عن تاليس المطلى : ان المبدأ الاول ابدع العنصر الذي فيه صور الموجودات والمعدومات كلها ، فانبعث من كل صورة موجود في العالم على المثال الذي في العنصر الأول ، فحمل الصور ومنبع الموجودات هو ذات العنصر ، وما من موجود في العالم العقلي والعالم الحسي الا وفي ذات العنصر صورة ومثال منه فيكون قوله ( ان الله حمل علمه الماء ) اشارة الى هذا .
  هذا وظني ان الاولى : اما رد علمه الى قائله ، كما قال به هذا القائل قدس سره ، وليته كان يكتفي بهذا القدر . او طرحه لضعفه ومنافاته الخبر المشهور المنصور .
  ويحتمل قوياً ان يكون من موضوعات عبد الرحمن بن كثير ، فانه ضعيف كان يضع الحديث كما صرحوا به ، ومثله في الضعف والكذب سهل بن زياد الادمي الرازي ، فلا اعتماد على ما روياه ، وخاصة اذا خالف المشهور وناقض المنصور .
  فان قلت : قد ورد ان اول ما خلق الله العقل(1) .
  قلت : اول ما خلقه هو نفس النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وهي من حيث انها تدرك الاشياء كما هي عقل ، ومن حيث انها يهتدى بها نور ، ومن حيث انها باعث حياة الخلق بالمعرفة والعبادة روح ، ومن حيث انها مظهر الحقائق

--------------------
(1) عوالي اللآلي : 4 / 99 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _131 _

  والدقائق قلم .
  وأما قول بعض الحكماء : ان النفوس حادثة بحدوث الابدان ، فغير مسلم ، كيف وكثير من الروايات ناطقة بخلافه .
  منها : صحيحة بكير بن اعين عن الباقر ـ عليه السلام ـ المذكورة في الكافي : خلق الله ارواح شيعتنا قبل ابدانهم بألفي عام (1) .
  وفي رواية اخرى : ان الله خلق الارواح قبل الاجساد بألفي عام (2) .
  واليه ذهب قوم ، منهم الصدوق رحمه الله حيث قال : انها الخلق الاول ، لقول النبي ـ صلى الله عليه وآله : اول ما ابدع الله سبحانه هي النفوس المقدسة المطهرة ، فأنطقها بتوحيده ، ثم خلق بعد ذلك سائر خلقه (3) .
  وعنه ـ صلى الله عليه وآله : اول ما خلق الله عز وجل ارواحنا ، فأنطقنا بتوحيده وتمجيده ، ثم خلق الملائكة ، فلما شاهدوا ارواحنا نورا واحدا استعظموا امورنا ، فسبحنا لتعلم الملائكة انا خلق مخلوقون وانه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا الحديث .
  وفي رواية اخرى : يا محمد اني خلقتك وعلياً نوراً ـ يعني روحاً بلا بدن ـ قبل ان اخلق سمواتي وارضي وعرشي وبحري ، فلم تزل تهللني وتمجدني (4) .
  وفي مسند احمد بن حنبل عن زاذان عن سلمان ، قال : سمعت حبيبي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول : كنت انا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى قبل ان يخلق آدم بأربعة عشر الف عام (5) .

--------------------
(1) اصول الكافي : 1 / 438 ح 9 .
(2) اصول الكافي : 1 / 438 ح 1 .
(3) رواه في رسالته في الاعتقادات : 75 .
(4) اصول الكافي : 1 / 440 ح 3 .
(5) المناقب لابن المغازلي : 89 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 132_

  والاخبار في ذلك اكثر من ان تحصى ، وبعضها يدل على ان ارواحهم كانت متعلقة بأبدان مثالية ، ولا استبعاد فيه ، اذ كما يجوز تعلق الارواح بعد خراب الابدان بأبدان مثالية ، جاز تعلقها بها قبل تعلقها بهذه الابدان ، كما دل عليه كثير من الاخبار .
  وليس هذا من التناسخ الممنوع في شيء ، كما قررنا في تعليقاتنا على الاربعين للشيخ بهاء الدين رحمه الله .
  والقول بأن تلك النفوس في تلك المدة المتطاولة ان كانت كاسبة فأين مكسوباتها ، وان لم تكن بل كانت مهملة معطلة لزم التعطيل ، مع انه لا وجه لتعطلها مع بقائها وبقاء ما تعلقت هي بها من الابدان المثالية .
  فيلزم ان يكون لكل انسان منهم علوم وكمالات ، او نقصان وجهالات ، ولا اقل من ان يتذكر شيئا من احوال ذلك البدن ، لان محل العلم والتذكر انما هو جوهر النفس الباقي .
  الا يرى ان اهل الاخرة يتذكرون كثيرا من احوال الدنيا ، حتى يقول اهل الجنة لاهل النار ( ان قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ) (1) .
  مجاب بأن توغلهم في هذا البدن ، شغلهم عن ذلك ومنعهم ، ولذلك كان غير المتوغلين منهم كأئمتنا صلوات الله عليهم متذكرين بأحوال ذلك البدن .
  حيث اخبروا بأنهم كانوا يعبدون الله بالتسبيح والتهليل ، وبأن الملائكة لما استعظموا شأنهم سبحوا ، ليعلموا انهم مخلوقون مربوبون ، وان الله منزه عن صفاتهم ، الى غير ذلك من احوال ذلك البدن ، كما هو مذكور في محله .
  فان قلت : يؤيد قول الحكماء قوله تعالى : ( ثم انشأناه خلقاً آخر) (2) اراد به الروح ، ولفظة ( ثم ) تفيد التراخي ، فدلت على ان خلقها بعد تكون البدن .

--------------------
(1) الاعراف : 44 .
(2) المؤمنون : 14 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _133 _

  قلت : دلالة الآية عليه ظنية ، لجواز ان يراد بقوله ( ثم انشأناه ) جعل النفس متعلقة بالبدن ، فيلزم منه عدم تقدم تعلقها لا عدم تقدم ذاتها ، والرواية وان كانت ظنية المتن ، الا انها قطعية الدلالة ، وفي القول بها جمع بين الدليلين ، وهو اولى من الغاء احدهما رأساً .
  والاظهر ان يقال : ان المراد بالعرش في الآية العالم الجسماني ، كما هو احد معانيه المستفادة من الاخبار ، يعني : كان بناء العالم الجسماني على الماء .
  وذلك ان اول ما ابدعه الله تعالى من الاجسام هو الماء ، لانه قابل لكل صورة ، ثم حصلت الارض منه بالتكثيف والهواء والنار بالتلطيف ، اذ الماء اذا لطف صار هواءً ، وتكونت النار من صفوة الماء ، والسماء تكونت من دخان النار ، كذا نقل عن تاليس الملطى في رواية اخرى عنه .
  ويقال : انه اخذه من التوراة ، لكنه ينافيه ما سبق نقله عن السفر الاول من التوراة ، فتذكر .
  قال صاحب الملل والنحل : نقل عنه ان المبدع الاول هو الماء ، ومنه ابدع الجواهر كلها من السماء والارض وما بينهما ، فذكر ان من خموده تكونت الارض ، ومن انحلاله تكون الهواء ، ومن صفوة الهواء تكونت النار ، ومن الدخان والابخرة تكونت السماء ، ومن الاشعال الحاصل من النار الاثير تكونت الكواكب ، فدارت حول المركز دوران المسبب على السبب بالشوق الحاصل اليه .
  ثم قال : ان تاليس الملطى انما تلقى مذهبه من المشكاة النبوية (1) .
  يعني نقل عن التوراة . وقريب منه ما ورد في طريق اهل البيت ـ عليهم السلام .
  وفي روضة الكافي عن ابي جعفر ـ عليه السلام ـ في حديث طويل ، ولكنه تعالى كان اذ لا شيء غيره ، وخلق الشيء الذي جميع الاشياء منه ، وهو

--------------------
(1) الملل والنحل : 2 / 63 ـ 64 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 134_

  الماء الذي خلق الاشياء منه ، فجعل نسب كل شيء الى الماء ، ولم يجعل للماء نسباً يضاف اليه ، وخلق الريح من الماء (1) .
  وحمل بعض (2) المتفلسفة العرش في الآية على العالم الجسماني ، والماء على المادة التي لها قبول خير وشر ، كالماء القابل للتشكلات المختلفة .
  ثم قال : ولك ان تعمم المادة التي عبر عنها بلسان الشرع بالماء بما يشمل مادة الارواح ، فان التحقيق الاتم يقتضي ان لا تخلو الارواح من مادة ، وهي منشأ امكانها الذاتي القابل للوجود الخاص ، ومبدأ استعدادها الفطري ، لامتثال امر ( كن ) في علم الله سبحانه .
  فان كل ممكن جسما كان او روحا ، فهو زوج تركيبي ، له عدم من نفسه ، ووجود من ربه ، تميز عدمه بذلك الوجود ، وتخصص به ، احدهما بمنزلة المادة والاخر بمنزلة الصورة .
  وباعتبار تقدم القابل على المقبول ورد اول ما خلق الله الماء ، ولكون القابل ليس من عداد المخلوق بل هو شرط له ورد اول ما خلق الله العقل .
  أقول : قد عرفت ان اولية الاول بالاضافة الى الجواهر الجسمانية ، والثاني بالنسبة الى الجواهر الروحانية ، وهو الاول بالحقيقة ، والمراد به نفس النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لانها من حيث تدرك الاشياء كما هي عقل ، وليس المراد به ما يقوله الفلاسفة ، لانه يباين قواعد الملة .
  والمذكور في بعض الروايات ان الله خلق الماء ثم خلق منه الارض ، ثم مكث ما شاء ، ثم خلق من دخان ساطع من الماء السماء .
 والتوفيق بين قوله ( هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى

--------------------
(1) روضة الكافي : 8 / 94 .
(2) المراد به صاحب الوافي في بعض رسائله ( منه ) .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _135 _

   الى السماء فسواهن سبع سموات ) (1) وقوله ( ءأنتم اشد خلقاً ام السماء بناها * رفع سمكها فسواها * واغطش ليلها واخرج ضحاها * والارض بعد ذلك دحاها) (2) .
  يقتضي ان يكون الله خلق الارض اولاً جرماً صغيراً ، ثم خلق السماء طبقة واحدة ، ثم دحا الارض وخلق ما فيها ، ثم جعل السماء سبع طبقات ، واصول الفلاسفة تباين ذلك كله على وجه لا يمكن الجمع بينهما بوجه .
  فحمل الماء على المادة القديمة ، والقول بأن بناء العالم الجسماني كان على الماء ، اي : المادة قاصدا بذلك تطبيق النقل على العقل ، عديم الفائدة .
  هذا وظاهر تفاسير العامة تفيد انهم حملوا العرش على الجسم المحيط بجميع الاجسام ، وهو ايضا احد معانيه المستفادة من الاخبار (3) ، والماء على الجسم المعروف .
  قال البيضاوي بعد قوله تعالى : ( وكان عرشه على الماء ) لم يكن حائلاً بينهما ، لا انه كان موضوعا على متن الماء ، واستدل به على امكان الخلأ ، وان الماء اول حادث بعد العرش من اجرام هذا العالم ، ثم قال وقيل : كان الماء على متن الريح (4) .
  اقول : وعلى هذا القول لا يلزم امكان الخلأ ، ولكنه يخالفه ما سبق من
--------------------
(1) البقرة : 29 .
(2) النازعات : 27 ـ 30 .
(3) يظهر من الاخبار ان العرش يطلق على الجسم المحيط بجميع الاجسام وعينه ، مع ما فيه من الاجسام ، وهو العالم الجسماني ، ونحن قد اشرنا اليه آنفاً وسابقاً ، وقد يراد به جميع ما سوى الله في الارواح والاجسام ، وقد يطلق على علم الله المتعلق بما سواه ، وبناء ضعيفة داود عليه . وقد يراد به علم الله الذي اطلع عليه انبياءه وحججه ـ عليهم السلام ـ ( منه ) .
(4) انوار التنزيل : 1 / 554 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _136 _

  حديث الروضة .
  ويوافقه ما في تفسير علي بن ابراهيم بسند صحيح في حديث الابرش انه قال لابي عبد الله ـ عليه السلام : اخبرني عن قول الله ( او لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقاً ففتقناهما ) (1) فما كان رتقهما ؟ وبما كان فتقهما ؟
  فقال ابو عبد الله ـ عليه السلام : يا أبرش هو كما وصف نفسه ، وكان عرشه على الماء ، والماء على الهواء ، والهواء لا يحد ، ولم يكن يؤمئذ خلق غيرهما ، والماء يؤمئذ عذب فرات ، فلما اراد الله ان يخلق الارض امر الرياح فضربت الماء حتى صار موجاً ، ثم ازبد فصار زبداً واحداً ، فجمعهم في موضع البيت ، ثم جعله جبلاً من زبد ، ثم دحا الارض من تحته .
  فقال الله تبارك وتعالى ( ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً ) (2) ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء .
  فلما اراد ان يخلق السماء امر الرياح فضربت البحور حتى ازبدت ، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار ، فخلق منه السماء ، وجعل فيها البروج والنجوم ، ومنازل الشمس والقمر واجراها في الفلك .
  وكانت السماء خضراء على لون الماء الاخضر ، وكانت الارض غبراء على لون الماء العذب ، وكانا مرتوقتين ليس لهما ابواب ، ولم تكن للارض ابواب وهي النبت ، ولم تمطر السماء عليها ، فنبت ففتق السماء بالمطر ، وفتق الارض بالنبات ، وذلك قوله ( أو لم ير الذين كفروا ) الآية .
  فقال الابرش : والله ما حدثني بمثل هذا الحديث احد قط ، اعد عليّ ، فأعاده عليه ، وكان الابرش ملحداً فقال : وانا اشهد انك ابن نبي ثلاث مرات (3) .

--------------------
(1) الانبياء : 30 .
(2) آل عمران : 96 .
(3) تفسير القمي : 2 / 69 ـ 70 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _137 _

  ولا يذهب عليك ان قوله ـ عليه السلام ـ ( ولم يكن يومئذ خلق غيرهما ) اي : خلق من هذا العالم الجسماني ، يدل على ان العرش بمعنى الجسم المحيط لم يكن يومئذ مخلوقاً ، والا لكان الهواء محدوداً .
  وقوله ( والهواء لا يحد ) ينفيه ، فالمراد بكونه على الماء ما اشرنا اليه سابقاً ، والله اعلم بالصواب ، والصلاة على رسوله وآله الاطياب .
  * (الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيض الارحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار ). [ الآية : 8 ]
  حاصل معنى الآية الشريفة والله يعلم : ( الله يعلم ما تحمل كل انثى ) من ذكر وانثى ، وتام الخلق وناقصه ، وواحداً واثنين او اكثر .
   ( وما تغيض الارحام ) اي : وما تنقص من تسعة اشهر في الحمل ( وما تزداد ) عليها ، فنقصان الارحام وضعها لاقل من تسعة اشهر ، وزيادتها وضعها لاكثر منها .
  او المراد من النقصان السقط ، ومن الزيادة تمام الخلق ، واقل مدة الحمل ستة اشهر ، فقد يولد الولد لهذه المدة ويعيش .
   ( وكل شيء ) في علمه بقدر معين لا يجاوزه ولا ينتقص عنه .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _139 _

( سورة الرعد )
  * (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب ). [ الآية : 28 ]
  وذلك لان الذاكر في ذكره اذا توجه الى المذكور ، وهو الله تعالى ، غفل عن غيره ، فيذهل عن اسباب القلق والاضطرار ، ما يدهش الافئدة والالباب ، فعند ذلك يطمئن قلبه ويسكن .
  واعلم ان للذكر درجات :
  الاولى : ان يكون باللسان مع غفلة القلب .
  الثانية : ان يكون بالقلب مع عدم استقراره فيه وعدم توجهه اليه إلا بتكلف واجتهاد .
  الثالثة : أن يكون بالقلب مع إستقرار فيه ، بحيث لا يتوجه القلب الى غيره الا بالتكلف .
  الرابعة : ان يكون بالقلب مع استقراره فيه واستيلائه عليه ، بحيث لا يشغل عنه اصلاً .
  وانما يطمئن القلب بذكر الله اذا وقع على احد الوجوه الثلاثة الاخيرة على اختلاف مراتبها ، وأما الاول ، فلا ، وان كان لا يخلو من فائدة ، فانه يمنع من التكلم بالباطل ، ويجعل اللسان معتادا بالخير .
  فاللائق بحال الذاكر ان يحضر قلبه وان لم يحضره ، فاللائق به ان لا يتركه ، فان اللسان آلة الذكر كالقلب ، ولا يترك احدهما بترك الاخر ، فان لكل عضو عبادة ، وما لا يدرك كله لا يترك كله .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _140 _

( سورة ابراهيم )
  * (وآتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الانسان لظلوم كفار ). [ الآية : 34 ]
  عدم امكان احصاء نعم الله ، وذلك لان كل حادث مسبوق بأسباب غير متناهية ، ولكل دخل في وجوده ، فهو نعمة عليه .
  وذلك لما تقرر عندهم ان العلة التامة للحادث لا بد وان تشتمل على امور غير متناهية متعاقبة ، والا يلزم التخلف عن العلة التامة ، فهذه كلها نعم عليه سابقة على الوجود غير متناهية .
  ومن البين ان الحادث زمان وجوده متناه ، ولا يمكن احصاء الغير المتناهي في زمان متناه ، ضرورة ان احصاء الغير المتناهي يستدعي زماناً غير متناه .
  واليه اشار سيدنا أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فيما نقل عنه ان المراد بتلك النعمة نعمة الوجود ، وكذلك ان اريد بها النعم اللاحقة المسبوقة بالوجود لا يمكن احصاؤها ، لان في كل نفس نعميتن يلزمهما نعم اخرى ، ظاهرة وباطنة ، داخلة وخارجة .
  بل الظاهر ان كل ما له دخل في نظام العالم ، فهو نعمة على ذلك الشخص ، اذ لولاه لاختل نظامه ، وباختلاله اختل ذلك الشخص ، كما لا يخفى .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 143_

( سورة النحل )
  * (فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) [ الآية : 98 ]
  ظاهر هذه الآية الشريفة يفيد وجوب الاستعاذة ، او استحبابها عند قراءة القرآن مطلقاً ، حتى انه لو قطعها في الاثناء بكلمة غير القرآن ، ثم اراد قراءته ، فعليه ان يستعيذ ثم يقرأ ، فيلزم وجوبها او استحبابها في كل ركعة يقرأ فيها .
  ولكن الظاهر انه لم يذهب اليه احد من علمائنا ، فكأنهم حملوها على الاستحباب ، وانما اخرجوا منه غير الركعة الاولى من سائر الركعات ، للاجماع والاخبار ، فانها ايضا ظاهرة في الاستحباب في الركعة الاولى فقط .
  وقال البيضاوي : والجمهور على انه للاستحباب ، وفيه دليل على ان المصلي يستعيذ في كل ركعة ، لان الحكم المرتب على شرط يتكرر بتكرره قياساً (1) .
  وهذا جيد ، لو كان مراده بالقياس هو القاعدة ، كما يقال : وقد يحذف كذا قياساً ، وحذف حرف الجر من ( ان ) قياس .
  وأما اذا كان مراده به هو القياس الفقهي المحتاج الى الاصل والعلة ، فلا ، لعدم ظهورهما هنا وبطلانه ، فالتكرر والعموم ليس للقياس ، بل للعموم العرفي المفهوم من مثل هذه العبارة عرفاً ، كما في قوله تعالى : ( واذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا ) (2) الآية.

--------------------
(1) انوار التنزيل : 1 / .
(2) المائدة : 6 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 145_

( سورة الكهف )
  * (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً ). [ الآية : 109 ]
  قد تطلق الكلمة مجازاً على معاني الالفاظ ، والموجودات العينية ، والعلم بالالفاظ ، كما ورد في حق عيسى ـ عليه السلام ـ ( وكلمته القاها الى مريم ) (1) وقال الله تعالى ( اليه يصعد الكلم الطيب ) (2) .
  وكما قيل : بسائط الموجودات حروف ، ومركباتها كلمات .
  والمراد بالكلمات هنا متعلقات علمه تعالى ، وهي كعلمه تعالى غير متناهية ، وماء البحر لكونه جسماً متناهياً ، لما ثبت من تناهي الابعاد ، فلو ضم مثله اليه لكان مجموعهما متناهياً .
  لان الحاصل من حكم المتناهي الى المتناهي متناه ، ومعلوم ان المتناهي ينفد قبل نفاد غير المتناهي ، بل لا نفاد له ولا نسبة بينهما ، فالمفهوم هنا غير معتبر ، فتأمل .

--------------------
(1) النساء : 171 .
(2) فاطر : 10 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _147 _

( سورة مريم )
  * (وان منكم الا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ) [ الآية : 71 ]
  ان قلت : ظاهر كثير من الاخبار المستفيضة ان المؤمن الموالي لا يدخل النار الكبرى ، وهذه الاخبار ينافي بظاهرها قوله تعالى ( وان منكم الا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ) فانه صريح في انه لا يبقى بر ولا فاجر الا يدخلها .
  قلت : الورود غير الدخول ، كما تدل عليه صحيحة الحسين بن ابي العلاء عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ في هذه الأية ، حيث قال ـ عليه السلام ـ أما تسمع الرجل يقول : وردنا ماء بني فلان ، فهو الورود ولم يدخله (1) .
  ويشيده قوله تعالى : ( ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ) (2) فانه ـ عليه السلام ـ ورد الماء ولم يدخله .
  وعن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ سئل عن المعنى ، فقال : ان الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد ويجمع عليها الخلائق ، ثم ينادي المنادي ان خذي اصحابك وذري اصحابي ، فوَ الذي نفسي بيده لهي اعرف بأصحابها من الوالدة بولدها (3) .
  قيل : والفائدة في ذلك ما روي في بعض الاخبار ، ان الله تعالى لا يدخل احدا الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب ، ليعلم تمام فضل الله

--------------------
(1) تفسير القمي : 2 / 52 .
(2) القصص : 23 .
(3) مجمع البيان : 3 / 526 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 148_

  عليه ، وكمال لطفه واحسانه اليه ، فيزداد بذلك فرحاً وسروراً بالجنة ونعميها .
  ولا يدخل احداً النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من انواع النعيم والثواب ، ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها .
  وورد في بعض (1) الاخبار ان هذه الآية منسوخة بقوله عز وجل ( ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون ) (2) وعلى هذا فلا اشكال .

--------------------
(1) تفسير القمي : 2 / 52 .
(2) الانبياء : 101 .

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _149 _

( سورة طه )
  * (الرحمن على العرش استوى * له ما في السموات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى ) [ الايتان : 5 ـ 6 ]
   ( الرحمن ) مبتدأ ، و ( على العرش ) متعلق بقوله ( استوى ) وهو خبر مبتدأ ، والجملة خبر مبتدأ محذوف ، اي : هو الرحمن استولى عليه وملكه ولا شريك له .
  والعرش جميع ما سوى الله ، او سرير الملك ، جعلوه كناية عن الملك ، يقال : فلان على العرش ، يراد انه ملك واستولى ، وان لم يقعد على السرير البتة .
  وعن وهب : ان الارضين السبع على عاتق الملك ، والملك قدماه على الصخرة ، وهي ياقوتة من الجنة ، والصخرة على قرني ثور من الفردوس ، والثور على ظهر حوت من الكوثر ، والحوت على البحر ، والبحر على جهنم ، وجهنم على متن الريح ، ومتن الريح على حجاب من ظلمة ، والحجاب على الثرى ، والى الثرى ينتهي علم الخلائق من اهل السموات واهل الارض ، فذلك قوله تعالى ( له ما في السموات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى ) .
  وقيل : ما تحت الثرى هو التراب الرطب مقدار خمسمائة عام تحت الارض ، ولولا ذلك لاحرقت النار الدنيا وما فيها ، وهي الصخرة التي تحت الارض السابعة ، وهي صخرة خضراء فيها كتب الكفار اسمها سجين .
  وقيل : ان الارض على الماء ، والماء على الحوت ، وهو على الصخرة ، وهي

الدُّرَرُ المُلتَقَطَةُ في تفسير الآيات القرآنية _ 150_

  على قرني الثور ، وهو على الثرى ، ولا يعلم ما تحته الا الله تعالى (1).
  * ( وان تجهر بالقول فانه يعلم السر واخفى )[ الآية : 7 ]
  اي : وان تجهر بذكر الله ودعائه ، فاعلم انه غني عن جهرك ، فانه يعلم السر واخفى . والسر ما لا يرفع به صوته ، واخفى ما يحدث به نفسه ولا يلفظ به .
  وقيل : السر ما حدث به غيره خافضا به صوته ، واخفى ما خطر بباله ، او كلم به نفسه .
  وقيل : السر ما تفكرت فيه ، واخفى ما لم يخطر ببالك وعلم الله ان نفسك تحدث به بعد زمان .
  * (فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى )[ الآية : 12 ]
  روى الصدوق عليه الرحمة في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده عن سعد بن عبد الله القمي انه سأل القائم ـ عليه السلام ـ عن مسائل ، من جملتها انه قال قلت : فأخبرني يا بن رسول الله عن أمر الله تبارك وتعالى لنبيه موسى ـ عليه السلام ـ ( فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى ) فان فقهاء الفريقين يزعمون انها كانت من اهاب الميتة .
  فقال ـ عليه السلام : من قال ذلك فقد افترى على موسى ـ عليه السلام ـ واستجهله في نبوته ، لان الامر فيها ما خلا من خطيئتين : اما ان تكون صلاة موسى ـ عليه السلام ـ فيها جائزة او غير جائزة .
  فان كانت صلاته جائزة ، جاز له لبسهما في تلك البقعة ، اذ لم تكن مقدسة

--------------------
(1) راجع نور الثقلين : 3 / 368 ـ 372 .