الفهرس العام

معرفة تزويجها بأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما)


خبر الخطبة بجمع من الناس
حديث المهر وكم قدره (مسندها)
خبر محمود الملك
خبر النثار
خبر الوليمة
خبر ليلة الزفاف
خبر الطيب
خبر مصحفها (صلوات الله عليها)
خبر دعائها (صلوات الله عليها)

  22 / 22 ـ وأخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي النقيب ، قال : حدثنا أبو سهل محمود بن عمر بن جعفر بن إسحاق بن محمود العسكري ، قال : حدثنا الأصم (1) بعسقلان ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا الشافعي محمد بن إدريس ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : ورد عبد الرحمن بن عوف الزهري ، وعثمان بن عفان إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال له عبد الرحمن : يا رسول الله ، تزوجني فاطمة ابنتك ؟ وقد بذلت لها من الصداق مائة ناقة سوداء ، زرق الأعين ، محملة كلها قباطي مصر ، وعشرة آلاف دينار ، ولم يكن مع (2) رسول الله أيسر من عبد الرحمن وعثمان.
  قال عثمان : بذلت لها (3) ذلك ، وأنا أقدم من عبد الرحمن إسلاما.
  فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) من مقالتيهما ، ثم تناول كفا من الحصى ، فحصب به عبد الرحمن ، وقال له : إنك تهول علي بمالك ؟.

---------------------------
(1) هو المحدث مسند عصره محمد بن يعقوب بن يوسف ، أبو العباس السناني المعقلي النيسابوري الأصم ، حدث بكتاب الأم للشافعي عن الربيع بن سليمان ، ولد سنة (247) وتوفي سنة (346 هـ) ، انظر سير أعلام النبلاء 15 : 452.
(2) في ( ط ) : يكن من أصحاب.
(3) في ( ط ) : وأنا أبذل.

دلائل الإمامة _ 83 _

  قال : فتحول الحصى درا ، فقومت درة من تلك الدرر ، فإذا هي تفي بكل ما يملكه عبد الرحمن.
  وهبط جبرئيل (عليه السلام) في تلك الساعة ، فقال : يا أحمد ، إن الله (تعالى) يقرئك السلام ، ويقول : قم إلى علي بن أبي طالب ، فإن مثله مثل الكعبة يحج إليها ، ولا تحج إلى أحد.
  إن الله (تعالى) أمرني أن آمر رضوان خازن الجنة (1) أن يزين الأربع جنان ، وأمر شجرة طوبى وسدرة المنتهى أن تحملا (2) الحلي والحلل ، وأمر الحور العين أن يتزين ، وأن يقفن تحت شجرة طوبى وسدرة المنتهى (3) ، وأمر ملكا من الملائكة ، يقال له (راحيل) وليس في الملائكة أفصح منه لسانا ، ولا أعذب منطقا ، ولا أحسن وجها ، أن يحضر إلى ساق العرش.
  فلما حضرت الملائكة والملك أجمعون ، أمرني أن أنصب منبرا من النور ، وأمر راحيل ـ ذلك الملك ـ أن يرقى ، فخطب خطبة بليغة من خطب النكاح ، وزوج عليا من فاطمة بخمس الدنيا لها ولولدها إلى يوم القيامة.
  وكنت أنا وميكائيل شاهدين ، وكان وليها الله (تعالى).
  وأمر شجرة طوبى وسدرة المنتهى أن تنثرا ما فيهما (4) من الحلي والحلل والطيب ، وأمر الحور أن يلقطن ذلك ، وأن يفتخرن به إلى يوم القيامة.
  وقد أمرك الله أن تزوجه بفاطمة في الأرض ، وأن تقول لعثمان بن عفان : أما سمعت قولي في القرآن : * ( بسم الله الرحمن الرحيم * مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان ) * (5) وما سمعت في كتابي : * ( وهو الذي خلق من الماء بشرا

---------------------------
(1) في ( ط ) : الجنان.
(2) في ( م ) : يحملن.
(3) (أن تحملا الحلي ... وسدرة المنتهى) ليس في ( ع ).
(4) في ( ع ، م ) : ينثرن ما فيهن.
(5) الرحمن 55 : 19 ـ 20.

دلائل الإمامة _ 84 _

  فجعله نسبا وصهرا) * (1)؟!
  فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) كلام جبرئيل (عليه السلام) وجه خلف عمار بن ياسر وسلمان والعباس ، فأحضرهم ، ثم قال لعلي (عليه السلام) : إن الله (تعالى) قد أمرني أن أزوجك.
  فقال : يا رسول الله ، إني لا أملك إلا سيفي وفرسي ودرعي.
  فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : اذهب فبع الدرع.
  قال : فخرج علي (عليه السلام) فنادى على درعه ، فبلغت أربعمائة درهم ودينار.
  قال : فاشتراها دحية بن خليفة الكلبي ، وكان حسن الوجه (2) ، لم يكن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحسن منه وجها.
  قال : فلما أخذ علي (عليه السلام) الثمن وتسلم دحية الدرع عطف دحية على (3) علي ، فقال : أسألك يا أبا الحسن أن تقبل مني هذه (4) الدرع هدية ، ولا تخالفني في ذلك.
  قال : فحمل الدرع والدراهم ، وجاء بهما إلى النبي ، ونحن جلوس بين يديه ، فقال له (5) : يا رسول الله ، إني بعت الدرع بأربعمائة درهم ودينار ، وقد اشتراه دحية الكلبي ، وقد أقسم علي أن أقبل الدرع هدية ، وأيش تأمر (6) ، أقبلها منه أم لا ؟
  فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال : ليس هو دحية ، لكنه جبرئيل ، وإن الدراهم من عند الله ليكون شرفا وفخرا لابنتي فاطمة. وزوجه النبي بها ، ودخل بعد ثلاث.
  قال : وخرج علينا علي (عليه السلام) ونحن في المسجد ، إذ هبط الأمين جبرئيل وقد اهبط بأترجة من الجنة ، فقال له : يا رسول الله ، إن الله يأمرك أن تدفع هذه الأترجة إلى علي بن أبي طالب.

---------------------------
(1) الفرقان 25 : 54.
(2) (كان حسن الوجه) ليس في ( ع ، م ).
(3) في ( ع ، م ) : إلى.
(4) في ( ع ، م ) : هذا.
(5) في ( ط ) : تخالفني فأخذها منه وحمل الثمن والدرع جاء بهما إلى النبي فطرحهما بين يديه وقال.
(6) في ( ط ) : هدية فما تأمرني.

دلائل الإمامة _ 85 _

  قال : فدفعها النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي ، فلما حصلت في كفه انقسمت قسمين : على قسم منها مكتوب : ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين ).
  وعلى القسم الآخر مكتوب : ( هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب ) (1).
  23 / 23 ـ وقال الشريف : حدثنا موسى بن عبد الله الجشمي (بإسناده) (2) عن وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، أنه قال : هممت بتزويج فاطمة حينا ، ولم أجسر على أن أذكره (3) لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكان ذلك يختلج في صدري ليلا ونهارا ، حتى دخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا علي ، فقلت : لبيك يا رسول الله.
  فقال : هل لك في التزويج ؟
  فقلت : الله ورسوله أعلم. فظننت أنه يريد أن يزوجني ببعض نساء قريش ، وقلبي خائف من فوت فاطمة ، ففارقته على هذا ، فوالله ما شعرت حتى أتاني رسول رسول الله ، فقال : أجب يا علي ، وأسرع.
  قال : فأسرعت المضي إليه ، فلما دخلت نظرت إليه ، فلما رأيته ما رأيته أشد فرحا من ذلك اليوم ، وهو (4) في حجرة أم سلمة فلما أبصرني تهلل وتبسم ، حتى نظرت إلى بياض أسنانه لها بريق ، قال : يا علي هلم فإن الله قد كفاني ما همني فيك من أمر تزويجك.

---------------------------
(1) نوادر المعجزات : 84 / 7.
(2) من البحار ، وهو الصواب لعدم إمكان رواية الجشمي عن أصحاب الصادق (عليه السلام) دون واسطة بحسب الطبقة.
(3) في ( ط ) : أجسر أن أذكر ذلك.
(4) في ( ط ) : كان.

دلائل الإمامة _ 86 _

   فقلت : وكيف ذلك يا رسول الله ؟
  قال : أتاني جبرئيل ، ومعه من قرنفل الجنة وسنبلها قطعتان ، فناولنيها ، فأخذتهما وشممتهما ، فسطع منها رائحة المسك ، ثم أخذها مني ، فقلت : يا جبرئيل ، ما شأنهما (1) ؟
  فقال : إن الله أمر سكان الجنة أن يزينوا الجنان كلها بمفارشها ونضودها وأنهارها وأشجارها ، وأمر ريح الجنة التي يقال لها (المثيرة) فهبت في الجنة بأنواع العطر والطيب ، وأمر الحور العين بقراءة سورتي (2) طه ويس ، فرفعن (3) أصواتهن بهما.
  ثم نادى مناد : ألا إن اليوم يوم وليمة فاطمة بنت محمد ، وعلي بن أبي طالب رضى مني بهما.
  ثم بعث الله (تعالى) سحابة بيضاء ، فمطرت على أهل الجنة من لؤلؤها وزبرجدها وياقوتها ، وأمر خدام الجنة أن يلقطوها ، وأمر ملكا من الملائكة يقال له (4) : (راحيل) فخطب خطبة (5) لم يسمع أهل السماء بمثلها.
  ثم نادى (تعالى) : يا ملائكتي ، وسكان جنتي ، باركوا على نكاح فاطمة بنت محمد وعلي بن أبي طالب ، فإني زوجت أحب النساء إلي من أحب الرجال إلي ، بعد محمد.
  ثم قال (صلى الله عليه وآله) : يا علي ، أبشر ، أبشر ، فإني قد زوجتك بابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن من فوق عرشه ، وقد رضيت لها ولك ما رضي الله لكما ، فدونك أهلك ، وكفى ـ يا علي ـ برضاي رضى فيك.
  فقال : يا رسول الله ، أو بلغ من شأني أن أذكر في أهل الجنة ؟! وزوجني الله في ملائكته ؟!
  فقال (صلى الله عليه وآله) : يا علي ، إن الله إذا أحب عبدا أكرمه بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : سبيلها.
(2) في ( ع ، م ) : حور عينها يقرأوا فيها سورة.
(3) في ( ع ، م ) : فرفعوا.
(4) في ( ط ) : خدام الجنان أن يلتقطوها وأمر.
(5) في ( ع ، م ) : فخطب راحيل بخطبة.

دلائل الإمامة _ 87 _

  فقال علي (عليه السلام) : يا رب ، أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي ، فقال النبي : آمين آمين.
  وقال علي (عليه السلام) : لما أتيت رسول الله خاطبا ابنته فاطمة ، قال : وما عندك تنقدني ؟
  قلت له : ليس عندي إلا بعيري وفرسي ودرعي.
  قال : أما فرسك فلا بد لك منه ، تقاتل عليه ، وأما بعيرك فحامل أهلك ، وأما درعك فقد زوجك الله بها.
  قال علي : فخرجت من عنده والدرع على عاتقي الأيسر ، فذهبت (1) إلى سوق الليل فبعتها بأربعمائة درهم سود هجرية ، ثم أتيت بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فصببتها بين يديه ، فوالله ما سألني عن عددها ، وكان رسول الله سري (2) الكف ، فدعا بلالا وملأ قبضته ، فقال : يا بلال ، ابتع بها طيبا لابنتي فاطمة.
  ثم دعا أم سلمة وقال لها : يا أم سلمة ، ابتاعي لابنتي فراشا من حلس (3) مصر ، واحشيه ليفا ، واتخذي لها مدرعة وعباءة قطوانية (4) ، ولا تتخذي أكثر من ذلك فيكونا من المسرفين.
  وصبرت أياما ما أذكر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا من أمر ابنته ، حتى دخلت على أم سلمة ، فقالت لي : يا علي ، لم لا تقول لرسول الله يدخلك على أهلك ؟
  قال : قلت : أستحي منه أن أذكر له شيئا من هذا.
  فقالت أم سلمة : ادخل عليه ، فإنه سيعلم ما في نفسك.
  قال علي : فدخلت عليه ، ثم خرجت ، ثم دخلت ثم خرجت ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أحسبك أنك تشتهي الدخول على أهلك ؟
  قال : قلت : نعم ، فداك أبي وأمي يا رسول الله.

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : فدعيت.
(2) السرو : السخاء ( لسان العرب ـ سرا ـ 14 : 378 ).
(3) الحلس : بساط البيت ( لسان العرب ـ حلس ـ 6 : 54 ).
(4) القطوانية : عباءة بيضاء قصيرة الخمل ( النهاية 4 : 85 ).

دلائل الإمامة _ 88 _

  فقال (صلى الله عليه وآله) : غدا إن شاء الله (تعالى) (1).

خبر الخطبة بجمع من الناس

  24 / 24 ـ حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثني أبي ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي العريب الضبي ، قال : حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي ، قال : حدثنا شعيب بن واقد ، عن الليث ، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) ، عن أبيه ، عن جده ، عن جابر ، قال : لما أراد رسول الله أن يزوج فاطمة عليا (عليه السلام) قال له : اخرج يا أبا الحسن إلى المسجد فإني خارج في أثرك ، ومزوجك بحضرة الناس ، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك.
  قال علي : فخرجت من عند رسول الله وأنا ممتلئ (2) فرحا وسرورا ، فاستقبلني أبو بكر وعمر ، فقالا : ما وراءك يا أبا الحسن ؟ فقلت : يزوجني رسول الله فاطمة ، وأخبرني أن الله قد زوجنيها ، وهذا رسول الله خارج في أثري ، ليذكر بحضرة الناس.
  ففرحا وسرا ، ودخلا معي المسجد.
  قال علي (عليه السلام) : فوالله ما توسطناه حتى لحق بنا رسول الله ، وإن وجهه ليتهلل فرحا وسرورا.
  فقال (صلى الله عليه وآله) : أين بلال ؟ فأجاب : لبيك وسعديك يا رسول الله.
  ثم قال : أين المقداد ؟ فأجاب : لبيك يا رسول الله.
  ثم قال : أين سلمان ؟ فأجاب : لبيك يا رسول الله.
  ثم قال : أين أبو ذر ؟ فأجاب : لبيك يا رسول الله ، فلما مثلوا بين يديه قال : انطلقوا بأجمعكم ، فقوموا في جنبات المدينة ، واجمعوا المهاجرين والأنصار والمسلمين.
  فانطلقوا لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأقبل رسول الله فجلس على أعلى

---------------------------
(1) تفسير فرات : 413 ، البحار 104 : 87 / 53 ، قطعة منه في أمالي الصدوق : 448 / 1 ، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 222 / 1 ، وروضة الواعظين : 144.
(2) في ( ع ، م ) : وأنا لا أعقل.

دلائل الإمامة _ 89 _

  درجة من منبره ، فلما حشد المسجد بأهله قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : الحمد لله الذي رفع السماء فبناها ، وبسط الأرض فدحاها ، وأثبتها بالجبال فأرساها وأخرج منها ماءها ومرعاها ، الذي تعاظم عن صفات الواصفين ، وتجلل عن تحبير لغات الناطقين ، وجعل الجنة ثواب المتقين ، والنار عقاب الظالمين ، وجعلني رحمة للمؤمنين ، ونقمة على الكافرين (1).
  عباد الله ، إنكم في دار أمل ، بين حياة وأجل ، وصحة وعلل ، دار زوال ، وتقلب أحوال (2) ، جعلت سببا للارتحال ، فرحم الله امرءا قصر من أمله ، وجد في عمله ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوته ، فقدمه (3) ليوم فاقته.
  يوم تحشر فيه الأموات ، وتخشع فيه (4) الأصوات ، وتنكر الأولاد والأمهات ، * ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ) * (5).
  * ( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين ) * (6).
  * ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء وتود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ) * (7).
  * ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) * (8).
  ليوم تبطل فيه الأنساب ، وتقطع الأسباب ، ويشتد فيه على المجرمين الحساب ، ويدفعون إلى العذاب ، فمن زحزح على النار وادخل الجنة فقد فاز ، وما الحياة الدنيا

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : وجعلني نقمة للكافرين ورحمة ورأفة على المؤمنين.
(2) في ( ط ) : متقلبة الحال.
(3) في ( ع ، م ) : قدم.
(4) في ( ع ، م ) : له.
(5) الحج 22 : 2.
(6) النور 24 : 25.
(7) آل عمران 3 : 30.
(8) الزلزلة 99 : 7 ـ 8.

دلائل الإمامة _ 90 _

  إلا متاع الغرور.
  أيها الناس ، إنما الأنبياء حجج الله في أرضه ، الناطقون بكتابه ، العاملون بوحيه ، وإن الله عز وجل أمرني أن أزوج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمي وأولى الناس بي : علي بن أبي طالب ، والله عز شأنه قد زوجه بها (1) في السماء ، بشهادة (2) الملائكة ، وأمرني أن أزوجه في الأرض (3) ، وأشهدكم على ذلك.
  ثم جلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم قال : قم ، يا علي ، فاخطب لنفسك.
  قال : يا رسول الله ، أخطب وأنت حاضر ؟!
  قال : اخطب ، فهكذا أمرني جبرئيل أن آمرك أن تخطب لنفسك ، ولولا أن الخطيب في الجنان داود لكنت أنت يا علي.
  ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله) : أيها الناس ، اسمعوا قول نبيكم ، إن الله بعث أربعة آلاف نبي ، لكل نبي وصي ، وأنا خير الأنبياء ، ووصيي خير الأوصياء.
  ثم أمسك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وابتدأ علي (عليه السلام) فقال : الحمد لله الذي ألهم بفواتح علمه الناطقين ، وأنار بثواقب عظمته قلوب المتقين ، وأوضح بدلائل أحكامه طرق السالكين ، وأبهج (4) بابن عمي المصطفى العالمين ، حتى (5) علت دعوته دعوة (6) الملحدين ، واستظهرت كلمته على بواطل (7) المبطلين ، وجعله خاتم النبيين ، وسيد المرسلين ، فبلغ رسالة ربه ، وصدع بأمره ، وبلغ عن الله آياته.
  والحمد لله الذي خلق العباد بقدرته ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) ، ورحم وكرم وشرف وعظم.

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : علي بن أبي طالب وأن قد زوجه.
(2) في ( ط ) : وأشهد.
(3) (في الأرض) ليس في ( ع ، م ).
(4) في ( ع ، م ) : طرق الفاصلين ، وأنهج.
(5) في ( ع ، م ) : و.
(6) في ( ع ، م ) : دواعي ، ظ دعاوى.
(7) في ( ط ) : بواطن.

دلائل الإمامة _ 91 _

  والحمد لله على نعمائه وأياديه ، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة إخلاص (1) ترضيه ، وصلى الله على محمد صلاة تزلفه (2) وتحظيه.
  وبعد : فإن (3) النكاح مما أمر الله (تعالى) به ، وأذن فيه ، ومجلسنا هذا مما قضاه ورضيه ، وهذا محمد بن عبد الله رسول الله (4) زوجني ابنته فاطمة ، على صداق أربعمائة درهم ودينار ، وقد رضيت بذلك ، فاسألوه وأشهدوا.
  فقال المسلمون : زوجته يا رسول الله ؟ قال : نعم.
  قال المسلمون : بارك الله لهما وعليهما ، وجمع شملهما (5) .

حديث المهر وكم قدره

  25 / 25 ـ حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى بن أحمد بن إبراهيم ابن سعد (6) التلعكبري ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي ، قال : حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، قال : حدثني الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ضجت الملائكة إلى الله (تعالى) ، فقالوا : إلهنا وسيدنا ، أعلمنا ما مهر فاطمة (7) ، لنعلم ونتبين أنها أكرم الخلق عليك.

---------------------------
(1) في ( ع ) : اقيله و ، و ( م ) : ظ تبلغه و ، كما في نوادر المعجزات.
(2) في ( ع ، م ) : تريحه ، وفي نوادر المعجزات : تزكيه.
(3) (بعد فإن) ليس في ( ع ، م ).
(4) (رسول الله) ليس في ( ع ، م ).
(5) نوادر المعجزات : 87 / 8.
(6) نسبه في رجال النجاشي : 439 ... بن أحمد بن سعيد بن سعيد.
(7) في ( ع ، م ) : ما مهرها.

دلائل الإمامة _ 92 _

  فأوحى الله (تعالى) إليهم : يا ملائكتي ، وسكان سماواتي ، أشهدكم أن مهر فاطمة بنت محمد نصف الدنيا (1) .
  26 / 26 ـ وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو العباس غياث الديلمي ، عن الحسن بن محمد بن يحيى الفارسي ، عن زيد الهروي (2) ، عن الحسن بن مسكان ، عن نجبة ، عن جابر الجعفي ، قال : قال سيدي الباقر محمد بن علي (عليه السلام) في قول الله (تعالى) : * ( وإذ استسقى موسى لقومه ـ إلى قوله ـ مفسدين ) * (3) : إن قوم موسى شكوا إلى ربهم الحر والعطش ، فاستسقى موسى الماء ، وشكا إلى ربه (تعالى) مثل ذلك.
  وقد شكا المؤمنون إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقالوا : يا رسول الله ، عرفنا من الأئمة بعدك ؟ فما مضى من نبي إلا وله أوصياء وأئمة بعده ، وقد علمنا أن عليا وصيك ، فمن الأئمة من بعده ؟
  فأوحى الله إليه : إني قد زوجت عليا بفاطمة في سمائي تحت ظل عرشي ، وجعلت جبرئيل خطيبها ، وميكائيل وليها ، وإسرافيل القابل عن علي ، وأمرت شجرة طوبى فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب ، والدر ، والياقوت ، والزبرجد الأحمر ، والأخضر ، والأصفر ، والمناشير المخطوطة بالنور ، فيها أمان للملائكة مذخور إلى يوم القيامة ، وجعلت نحلتها من علي خمس الدنيا ، وثلثي الجنة ، وجعلت نحلتها في الأرض أربعة أنهار : الفرات ، والنيل ، ونهر دجلة ، ونهر بلخ ، فزوجها أنت ـ يا محمد ـ بخمسمائة درهم ، تكون سنة لأمتك ، فإنك إذا زوجت عليا من فاطمة جرى منهما (4) أحد عشر إماما من صلب علي ، سيد كل أمة إمامهم في زمنه ، ويعلمون كما علم قوم موسى مشربهم.

---------------------------
(1) نوادر المعجزات : 90 / 9 ، مدينة المعاجز : 146.
(2) في ( ع ) : الهراري ، و ( م ) : الهراوي.
(3) البقرة 2 : 60.
(4) في ( ع ) : منها.

دلائل الإمامة _ 93 _

  وكان تزويج أمير المؤمنين (عليه السلام) بفاطمة (عليها السلام) في السماء إلى تزويجها في الأرض أربعين يوما (1) .

خبر محمود الملك (2)

  27 ـ 27 ـ أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى القمي ، قال : حدثني جعفر بن مسرور ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى (3) بن محمد ، عن أحمد بن محمد البزنطي ، عن علي بن جعفر ، قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول : بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها ، فقال له رسول الله : حبيبي جبرئيل ، لم أرك في مثل هذه الصورة ؟
  فقال الملك : لست بجبرئيل ، أنا محمود ، بعثني الله أن أزوج النور من النور.
  قال : من ممن ؟
  قال : فاطمة من علي.
  قال : فلما ولى الملك إذا بين كتفيه مكتوب : محمد رسول الله ، وعلي وصيه ، فقال له (4) رسول الله : منذ كم كتب هذا بين كتفيك ؟
  فقال : من قبل أن يخلق الله (عز وجل) آدم بمائتين وعشرين ألف عام (5) .

---------------------------
(1) نوادر المعجزات : 90 / 10 ، مدينة المعاجز : 146.
(2) في ( ط ) زيادة : الهابط على النبي.
(3) في ( ع ) : علي ، وفي ( م ) : يعلى ، وكلاهما تصحيف وما في المتن هو الصواب من ( ط ) وبقية المصادر ومعجم رجال الحديث 18 : 250 ، وللمعلى كتب رواها عنه النجاشي والطوسي بإسنادهما إلى الحسين بن محمد بن عامر عنه ، رجال النجاشي : 418 ، الفهرست : 165.
(4) (له) ليس في ( ع ، م ).
(5) الكافي 1 : 383 / 8 ، الخصال : 640 / 17 ، معاني الأخبار : 103 / 1 ، أمالي الصدوق : 474 / 19 ، نوادر المعجزات : 92 / 11 ، وفي المصادر الأربعة المتقدمة : باثنين وعشرين ألف عام.

دلائل الإمامة _ 94 _

خبر النثار

  28 / 28 ـ أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى (1) ، قال : حدثنا أبو القاسم التستري ، قال : حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح ، عن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عن علي (عليهم السلام) (2) قال : لما زوجني النبي (صلى الله عليه وآله) (3) بفاطمة قال لي : أبشر ، فإن الله قد كفاني ما أهمني من أمر تزويجك.
  قلت : وما ذاك ؟
  قال : أتاني جبرئيل بسنبلة من سنابل الجنة ، وقرنفلة من قرنفلها ، فأخذتهما وشممتهما ، وقلت : يا جبرئيل ، ما شأنهما (4) ؟
  فقال : إن الله أمر ملائكة الجنة وسكانها أن يزينوا الجنة بأشجارها ، وأنهارها ، وقصورها ، ودورها ، وبيوتها ، ومنازلها ، وغرفها ، وأمر الحور العين أن يقرأن حمعسق ، ويس ، ثم نادى مناد : اشهدوا أجمعين ، الله يقول : إني قد زوجت فاطمة بنت محمد من علي بن أبي طالب.
  ثم بعث الله سحابة فأمطرت عليهم الدر ، والياقوت ، واللؤلؤ ، والجوهر ، ونثرت السنبل والقرنفل ، فهذا مما نثرت على الملائكة (5).

---------------------------
(1) أبو أحمد الجلودي الأزدي ، شيخ البصرة وأخباريها ، عد النجاشي من كتبه كتاب : تزويج فاطمة (عليها السلام) ، رجال النجاشي : 240.
(2) في ( ط ) : علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام) عن آبائه ، عن علي.
(3) في ( ع ) : لما زوج النبي (صلى الله عليه وآله) عليا.
(4) في ( ع ، م ) : سببهما.
(5) أمالي الصدوق : 448 / 1 ، نوادر المعجزات : 93 / 12 ، مدينة المعاجز : 147.

دلائل الإمامة _ 95 _

خبر الوليمة

  29 / 29 ـ حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن زكريا بن شيبان ، قال : حدثنا (1) محمد بن سنان ، عن جعفر بن قرط ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) ، قال : لما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) بعلي (عليه السلام) قال حين عقد العقد : من حضر نكاح علي فليحضر طعامه.
  قال : فضحك المنافقون ، وقالوا : إن الذين حضروا العقد حشر من الناس ، وإن محمدا سيضع طعاما لا يكفي عشرة أناس ، فسيفتضح محمد اليوم (2).
  وبلغ ذلك إليه ، فدعا بعميه حمزة والعباس ، وأقامهما على باب داره وقال لهما : أدخلا الناس عشرة عشرة. وأقبل على علي وعقيل فأزرهما ببردين يمانيين ، وقال : انقلا على أهل التوحيد الماء ، واعلم ـ يا علي (3) ـ أن خدمتك للمسلمين أفضل من كرامتك لهم (4).
  قال : وجعل الناس يردون عشرة عشرة ، فيأكلون ويصدرون حتى أكل الناس من طعامه (5) ثلاثة أيام ، والنبي (صلى الله عليه وآله) يجمع بين الصلاتين (6) : الظهر والعصر ، (7) والمغرب والعشاء الآخرة.

---------------------------
(1) في ( ع ) : حدثني.
(2) في ( ع ، م ) : قالوا إن محمدا قد صنع طعاما يكفي عشرة أناس ، وحشر الناس ، اليوم يفتضح محمد.
(3) في ( ط ) : أخي.
(4) في ( ط ) : كرامتكم.
(5) في ( ع ، م ) : أكل من طعام أملاك علي من الناس.
(6) في ( ط ) : زيادة : في.
(7) في ( ط ) زيادة : في.

دلائل الإمامة _ 96 _

  وجعل الناس يصدرون ، فعندها قال النبي : أين عمي العباس ؟ فأجابه : لبيك يا رسول الله.
  قال النبي : يا عم ، مالي أرى الناس يصدرون ولا يردون ؟!
  قال : يا ابن أخي ، ما (1) في المدينة مؤمن إلا وقد أكل من طعامك ، حتى أن جماعة من المشركين دخلوا في عداد المؤمنين ، فأحببنا أن لا نمنعهم ليروا ما أعطاك الله (تعالى) من المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة.
  قال النبي : يا عم ، أتعرف عدد القوم ؟
  قال : لا علم لي (2) ، ولكن إن أردت أن تعرف عدد القوم فعليك بعمك حمزة.
  فنادى النبي : أين عمي حمزة ؟ فأقبل يسعى ، وهو يجر سيفه على الصفا (3) ـ وكان لا يفارقه سيفه شفقة على دين الله ـ فلما دخل على النبي رآه ضاحكا ، فقال له النبي : مالي أرى الناس يصدرون ولا يردون ؟
  قال : لكرامتك على ربك ، أطعم الناس من طعامك حتى ما تخلف عنه موحد ولا ملحد.
  قال : كم طعم منهم ؟ هل تعرف عددهم ؟
  قال : والله ، ما شذ علي رجل واحد ، أكل من طعامك في أيامك تلك بعدة ثلاثة آلاف وعشرة أناس من المسلمين ، وثلاثمائة رجل من المنافقين ، فضحك النبي (صلى الله عليه وآله) حتى بدت نواجذه.
  ثم دعا بصحاف ، وجعل يغرف فيها ويبعث به مع عبد الله بن الزبير و عبد الله ابن عقبة (4) إلى بيوت الأرامل والضعفاء والمساكين من المسلمين والمسلمات ، والمعاهدين والمعاهدات ، حتى لم يبق يومئذ بالمدينة دار ولا منزل إلا أدخل إليه من طعام النبي (صلى الله عليه وآله).

---------------------------
(1) في ( ط ) : لم يبق.
(2) في ( ط ) : فقال : لا أعلم.
(3) الصفا : الصخرة والحجر الأملس ( النهاية 3 : 41 ).
(4) كذا في النسخ ، ولم يتبين لنا من هو ، ولعل (عقبة) تصحيف (عتبة) ، انظر أسد الغابة 3 : 202.

دلائل الإمامة _ 97 _


  ولا هفة (1).
  فقال لها : ادني مني ، فدنت منه ، فقال لها : أدخلي يدك بين ظهري وثوبي.
  فإذا هي بحجر بين كتفي النبي (صلى الله عليه وآله) مربوط بعمامته إلى صدره ، فصاحت فاطمة (عليها السلام) صيحة شديدة ، وقال : ما أوقدت في بيوت (2) آل محمد نار منذ شهر.
  ثم قال (صلى الله عليه وآله) : أتدرين ما منزلة علي ؟ كفاني أمري وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وضرب بين يدي بالسيف وهو ابن ست عشرة سنة ، وقتل الأبطال وهو ابن تسع عشرة سنة ، وفرج همومي وهو ابن عشرين سنة ، ورفع باب خيبر وهو ابن عشرين سنة (3) وكان لا (4) يرفعه خمسون رجلا.
  فأشرق لون فاطمة ، ولم تقر قدماها مكانها حتى أتت عليا ، فإذا البيت قد أنار لنور (5) وجهها ، فقال لها علي (عليه السلام) : يا ابنة محمد ، لقد خرجت من عندي ووجهك على غير هذه الحال!
  فقالت : إن النبي حدثني بفضلك ، فما تمالكت حتى جئتك.
  فقال لها : كيف لو حدثك (6) بكل فضلي ؟! (7)
  9 / 9 ـ وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن معقل العجلي القرميسيني ، قال : حدثني محمد بن الحسن بن بنت إلياس ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا (8) ، قال : حدثني موسى بن جعفر ، عن أبيه

---------------------------
(1) السفة : ما ينسج من الخوص كالزبيل ، والهفة : السحاب الذي لا ماء فيه ، أي لا مشروب في بيتك ولا مأكول ، النهاية 5 : 267.
(2) (بيوت) ليس في ( م ، ع ).
(3) في ( ط ) : نيف وعشرين.
(4) (لا) ليس في ( م ).
(5) في ( ط ) : بنور.
(6) في ( م ، ع ) : ولو حدثتك.
(7) أمالي الصدوق : 326 / 13 وأمالي الطوسي 2 : 54 قطعة منه.
(8) (قال حدثني محمد بن الحسن ... الرضا) ليس في ( ط ، م ) ، انظر رجال النجاشي : 39 ، معجم رجال الحديث 5 : 34.

دلائل الإمامة _ 98 _


  أن لا طاقة لنا بها ، قال : تباعدوا عنها ، فتباعدنا فطرح ذيل بردته (1) على عاتقه ، وجعل كفه تحت الصحفة وشالها إلى منكبه ، وجعل يجري (2) بها كما ينحدر سحاب في (3) صبب (4) فوضع الصحفة بين أيدي المنافقين ، وكشف الغطاء عنها ، والصحفة على حالها لم ينقص منها ، ولا خردلة واحدة ، ببركة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلما نظر المنافقون إلى ذلك قال بعضهم لبعض ، وأقبل الأصاغر على الأكابر وقالوا : لا جزيتم عنا خيرا ، أنتم صددتمونا عن الهدى بعد إذ جاءنا ، تصدونا عن دين محمد ، ولا بيان أوثق مما رأينا ، ولا شرح (5) أوضح مما سمعنا ؟!
  وأنكر الأكابر على الأصاغر ، فقالوا لهم : لا تعجبوا من هذا ، فإن هذا قليل من سحر محمد.
  فلما سمع النبي مقالتهم حزن حزنا شديدا ، ثم أقبل عليهم فقال : كلوا ، لا أشبع الله بطونكم ، فكان الرجل منهم يلتقم اللقمة من الصحفة ويهوي بها إلى فيه ، فيلوكها لوكا شديدا ، يمينا وشمالا ، حتى إذا هم ببلعها خرجت اللقمة من فيه ، كأنها حجر.
  فلما طال ذلك عليهم ضجوا بالبكاء والنحيب ، وقالوا : يا محمد ، قال النبي : يا محمد ! قالوا : يا أبا القاسم ، قال النبي : يا أبا القاسم! قالوا : يا رسول الله ، قال النبي : لبيكم.
  وكان (صلى الله عليه وآله) إذا نودي باسمه يا أحمد يا محمد ، أجاب بهما ، وإذا نودي بكنيته ، أجاب بها ، وإذا نودي بالرسالة والنبوة (6) أجاب بالتلبية.
  فقال النبي : ما الذي تريدون ؟ قالوا : يا محمد ، التوبة التوبة ، ما نعود ـ يا محمد

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : فتباعد الناس وطرح النبي ذيله.
(2) في ( ع ، م ) : يخمر.
(3) في ( ع ، م ) : كما يقلع صحاف ينحدر من.
(4) الصبب : الموضع المنحدر ( النهاية 3 : 3 ).
(5) في ( ط ) : شرع.
(6) في ( ع ، م ) : نودي بالنبوة.

دلائل الإمامة _ 99 _


  ـ في نفاقنا أبدا ، فقام النبي (1) على قدميه ، ورفع يديه إلى السماء ، ونادى : اللهم إن كانوا صادقين فتب عليهم ، وإلا فأرني فيهم آية لا تكون مسخا ولا قردا ، لأنه رحيم بأمته.
  قال : فما أشبه ذلك اليوم إلا بيوم القيامة ، كما قال الله (عز وجل) : * ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) * (2) فأما من آمن بالنبي فصار وجهه كالشمس عند ضيائها (3) ، وكالقمر في نوره.
  وأما من كفر من المنافقين ، وانقلب إلى النفاق والشقاق ، فصار وجهه كالليل في ظلامه.
  وآمن بالنبي مائة رجل ، وانقلب إلى الشقاق والنفاق اثنان وسبعون رجلا ، فاستبشر النبي بإيمان من آمن ، وقال : لقد هدى الله هؤلاء ببركة علي وفاطمة.
  وخرج المؤمنون متعجبون من بركة الصحفة ومن أكل منها من الناس.
  فأنشد ابن رواحة شعرا :

نـبيكم  خـير الـنبيين iiكلهم      كمثل سليمان يكلمه النمل (4)
  فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : أسمعت خيرا يا بن رواحة ، إن سليمان نبي ، وأنا خير منه ولا فخر ، كلمته النملة ، وسبحت في يدي صغار الحصى ، فنبيكم خير النبيين كلهم ولا فخر ، فكلهم إخواني.
  فقال رجل من المنافقين : يا محمد ، وعلمت أن الحصى سبح في كفك ، قال : إي ، والذي بعثني بالحق نبيا.
  فسمعه رجل من اليهود ، فقال : والذي كلم موسى بن عمران على الطور ، ما سبح في كفك الحصى.

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) زيادة : قائما.
(2) آل عمران 3 : 106.
(3) في ( ط ) : كالشمس في إشراقها.
(4) (نبيكم خير ... النمل) ليس في ( ع ، م ).

دلائل الإمامة _ 100 _


  فقال النبي : بلى ، والذي كلمني في (1) الرفيع الأعلى ، من وراء سبعين حجابا ، غلظ كل حجاب مائة عام.
  ثم قبض النبي على كف من الحصى ، فوضعه في راحته ، فسمعنا له دويا كدوي الأذن إذا سدت بالأصبع.
  فلما سمع اليهودي ذلك ، قال : يا محمد ، لا أثر بعد عين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأنك ـ يا محمد ـ رسوله. وآمن من المنافقين أربعون رجلا ، وبقي اثنان وثلاثون رجلا (2).

خبر ليلة الزفاف

  30 / 30 ـ حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثني أحمد بن (3) محمد بن أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي ، قال : حدثنا موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن جده محمد الباقر (عليهم السلام) ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : لما زوج رسول الله فاطمة من علي أتاه أناس من قريش فقالوا إنك زوجت عليا بمهر قليل ! فقال : ما أنا زوجت عليا ، ولكن الله زوجه ليلة أسري بي إلى السماء ، فصرت عند سدرة المنتهى ، أوحى الله إلى السدرة : أن انثري ما عليك ، فنثرت الدر والجوهر والمرجان ، فابتدر الحور العين فالتقطن ، فهن يتهادينه ويتفاخرن به ، ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمد.
  فلما كانت ليلة الزفاف ، أتى النبي ببغلته الشهباء ، وثنى عليها قطيفة ، وقال لفاطمة : اركبي ، وأمر سلمان أن يقودها ، والنبي يسوقها ، فبينا هم في بعض الطريق إذ

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : على.
(2) إثبات الهداة 2 : 175 / 646 صدره ، مدينة المعاجز : 147.
(3) (أحمد بن) ليس في الأمالي.

دلائل الإمامة _ 101 _

  سمع النبي وجبة (1) ، فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفا من الملائكة ، وميكائيل في سبعين ألفا ، فقال النبي : ما أهبطكم إلى الأرض ؟! قالوا : جئنا نزف (2) فاطمة إلى زوجها علي ابن أبي طالب ، فكبر جبرئيل وميكائيل ، وكبرت الملائكة ، وكبر رسول الله ، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة.
  قال علي (عليه السلام) : ثم دخل إلى منزله ، فدخلت إليه ، ودنوت منه ، فوضع كف فاطمة الطيبة في كفي وقال : ادخلا المنزل ، ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما.
  قال علي : فدخلت أنا وهي المنزل ، فما كان إلا أن دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وبيده مصباح ، فوضعه في ناحية المنزل ، ثم قال : يا علي ، خذ في ذلك القعب ماء من تلك الشكوة (3).
  قال : ففعلت ، ثم أتيته به ، فتفل فيه (صلى الله عليه وآله) تفلات ، ثم ناولني القعب ، فقال : اشرب ، فشربت ، ثم رددته إلى رسول الله ، فناوله فاطمة ، ثم قال : اشربي حبيبتي فجرعت منه ثلاث جرعات ، ثم ردته إلى أبيها ، فأخذ ما بقي من الماء ، فنضحه على صدري وصدرها ، ثم قال : * ( إنما يريد الله ليذهب ) * (4) إلى آخر الآية.
  ثم رفع يديه وقال : يا رب ، إنك لم تبعث نبيا إلا وقد جعلت له عترة ، اللهم فاجعل عترتي الهادية من علي وفاطمة ، ثم خرج.
  قال علي : فبت بليلة لم يبت أحد من العرب بمثلها ، فلما أن كان في آخر السحر أحسست بحس رسول الله (صلى الله عليه وآله) معنا ، فذهبت لأنهض ، فقال لي : مكانك يا علي ، أتيتك في فراشك رحمك الله ، فأدخل (صلى الله عليه وآله) رجليه معنا في الدثار ، ثم أخذ مدرعة كانت تحت رأس فاطمة ، ثم استيقظت فاطمة فبكى ، وبكت ، وبكيت لبكائهما ، فقال لي : ما يبكيك يا علي ؟
  قال : قلت : فداك أبي وأمي ، لقد بكيت وبكت فاطمة ، فبكيت لبكائكما.

---------------------------
(1) الوجبة : صوت السقوط ( النهاية 5 : 154 ).
(2) في ( ط ) : لزفاف.
(3) الشكوة : وعاء كالدلو ، أو القربة الصغيرة ، والقعب : القدح الضخم.
(4) الأحزاب 33 : 33.

دلائل الإمامة _ 102 _


  قال نعم : أتاني جبرئيل فبشرني بفرخين يكونان لك ، ثم عزيت بأحدهما ، وعرفت أنه يقتل غريبا عطشانا. فبكت فاطمة حتى علا بكاؤها ، ثم قالت : يا أبه ، لم يقتلوه وأنت جده ، وأبوه علي ، وأنا أمه ؟
  قال : يا بنية ، لطلبهم (1) الملك ، أما إنه سيظهر عليهم سيف لا يغمد إلا على يد المهدي من ولدك.
  يا علي ، من أحبك وأحب ذريتك فقد أحبني ، ومن أحبني أحبه الله ، ومن أبغضك وأبغض ذريتك فقد أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه الله ، وأدخله النار (2).
  31 / 31 ـ وحدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن علي بن مهدي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جده جعفر ، عن أبيه الباقر (عليهم السلام) ، قال : حدثني جابر ابن عبد الله الأنصاري ، قال : لما كانت الليلة التي أهدى فيها رسول الله فاطمة إلى علي (عليهم السلام) ، دعا بعلي فأجلسه عن يمينه ، ودعا بها (عليها السلام) فأجلسها عن شماله ، ثم جمع رأسيهما ، ثم قام ، وقاما وهو بينهما ، يريد منزل علي (عليه السلام) ، فكبر جبرئيل في الملائكة ، فسمع النبي التكبير ، فكبر وكبر المسلمون ، وهو أول تكبير كان في زفاف ، فصارت سنة (3) .
  32 / 32 ـ وحدثنا أبو الحسن أحمد بن الفرج بن منصور ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي ، قال : حدثنا أبو الحسن الأسدي ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة ، قال : حدثني (4) أبي ، عن علي بن عبد الله ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) ، قال : لما زفت فاطمة إلى علي (عليه السلام) ، نزل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، ونزل

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : طلب.
(2) نوادر المعجزات : 94 / 14 ، مدينة المعاجز : 148 وقطعة منه في زمن لا يحضره الفقيه 3 : 253 / 1 ، وأمالي الطوسي 1 : 263.
(3) مدينة المعاجز : 148.
(4) في ( ع ) : حدثنا.

دلائل الإمامة _ 103 _


  منهم سبعون ألف ملك.
  قال : فقدمت بغلة رسول الله (دلدل) وعليها شملة ، قال فأمسك جبرئيل باللجام ، وأمسك إسرافيل بالركاب ، وأمسك ميكائيل بالثفر (1) ، ورسول الله يسوي عليها ثيابها ، فكبر جبرئيل ، وكبر إسرافيل ، وكبر ميكائيل ، وكبرت الملائكة ، وجرت به السنة بالتكبير في الزفاف إلى يوم القيامة (2) .

خبر الطيب

  33 / 33 ـ حدثني (3) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري القاضي ، قال : أخبرنا القاضي أبو الحسين علي بن عمر بن الحسن بن علي بن مالك السياري (4) ، قال : أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة الكندي ، قال : حدثني أبي ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) ، عن محمد بن عمار بن ياسر ، قال : سمعت أبي عمار بن ياسر يقول : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي يوم زوجه فاطمة : يا علي ، ارفع رأسك إلى السماء فانظر ما ترى.
  قال : أرى جوار مزينات ، معهن هدايا.
  قال : فأولئك خدمك وخدم فاطمة في الجنة ، انطلق إلى منزلك ، ولا تحدث شيئا حتى آتيك ، فما كان إلا أن مضى (5) رسول الله إلى منزله ، وأمرني أن أهدي لها طيبا.
  قال عمار : فلما كان من الغد جئت إلى منزل فاطمة ومعي الطيب ، فقالت : يا

---------------------------
(1) الثفر : السير الذي في مؤخر السرج ( لسان العرب ـ ثفر ـ 4 : 105 ).
(2) كشف الغمة 1 : 368 ، مدينة المعاجز : 148.
(3) في ( ع ) : حدثنا.
(4) في ( ع ، م ) : السباي.
(5) كذا في نوادر المعجزات ، وفي ( ط ) : فما كان إلا كلا ولا حتى مضى ؟ وفي ( م ) : فما كان إلا كلا شئ حتى مضى ؟ وفي ( ع ) : سقط قوله (إلى منزلك ... رسول الله).

دلائل الإمامة _ 104 _


  أبا اليقظان ، ما هذا الطيب ؟
  قلت : طيب أمرني به أبوك أن أهديه لك.
  فقالت : والله ، لقد أتاني من السماء طيب مع جوار من الحور العين ، وإن فيهن جارية حسناء كأنها القمر ليلة البدر ، فقلت : من بعث بهذا الطيب ؟ فقالت : دفعه إلي (1) رضوان خازن الجنة ، وأمر هؤلاء الجواري أن ينحدرن معي ، ومع كل واحدة منهن ثمرة من ثمار الجنة في اليد اليمنى ، وفي اليد اليسرى نخبة (2) من رياحين الجنة.
  فنظرت إلى الجواري وإلى حسنهن ، فقلت : لمن أنتن ؟ فقلن : نحن لك ، ولأهل بيتك ، ولشيعتك من المؤمنين ، فقلت : أفيكن من أزواج ابن عمي أحد ؟ قلن : أنت زوجته في الدنيا والآخرة ، ونحن خدمك وخدم ذريتك.
  وحملت بالحسن ، فلما رزقته حملت بعد أربعين يوما بالحسين ، ورزقت زينب وأم كلثوم ، وحملت بمحسن ، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها ، وإخراج ابن عمها أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وما لحقها من الرجل (3) أسقطت به ولدا تماما ، وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها (صلوات الله عليها) (4) .

خبر مصحفها (صلوات الله عليها)

  34 / 34 ـ حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان ، قال : حدثني علي بن سليمان وجعفر ابن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن الحسين (5) بن أبي العلاء وعلي بن أبي حمزة ، عن

---------------------------
(1) في ( ط ) : فقالت : بعثه.
(2) في ( ط ) : طاقة.
(3) في ( ع ، م ) : الوجل.
(4) نوادر المعجزات : 96 / 15.
(5) في ( ط ، ع ، م ) : الحسن ، مكبرا ، وهو تصحيف ، وهو الحسين بن خالد أبي العلاء الخفاف ، كان ثقة وجيها ، وله كتاب يعد في الأصول ، انظر رجال النجاشي 52 ، فهرست الطوسي : 54 / 194 ، معجم رجال الحديث 5 : 182.

دلائل الإمامة _ 105 _

  أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) عن مصحف فاطمة (صلوات الله عليها) ، فقال : انزل عليها بعد موت أبيها.
  فقلت : ففيه شئ من القرآن ؟
  قال : ما فيه شئ من القرآن.
  قال : قلت : فصفه لي.
  قال : له دفتان من زبرجدتين على طول الورق وعرضه حمراوين.
  قلت له : جعلت فداك صف لي ورقه.
  قال : ورقه من در أبيض قيل له : (كن) فكان.
  قلت : جعلت فداك ، فما فيه ؟
  قال : فيه خبر ما كان ، وخبر ما يكون إلى يوم القيامة ، وفيه خبر سماء سماء ، وعدد ما في سماء سماء (1) من الملائكة ، وغير ذلك ، وعدد كل من خلق الله مرسلا وغير مرسل ، وأسماؤهم ، وأسماء الذين أرسلوا (2) إليهم ، وأسماء من كذب ومن أجاب منهم ، وفيه أسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين ، من الأولين والآخرين ، وأسماء البلدان ، وصفه (3) كل بلد في شرق الأرض وغربها ، وعدد ما فيها من المؤمنين ، وعدد ما فيها من الكافرين ، وصفة كل من كذب ، وصفة القرون الأولى وقصصهم ، ومن ولي من الطواغيت ومدة ملكهم (4) وعددهم ، وفيه أسماء الأئمة وصفتهم ، وما يملك واحدا واحدا ، وفيه صفة كراتهم ، وفيه صفة جميع من تردد في الأدوار من الأولين والآخرين.
  قال : قلت : جعلت فداك وكم الأدوار ؟
  قال : خمسون ألف عام ، وهي سبعة أدوار ، وفيه أسماء جميع من خلق الله من

---------------------------
(1) في ( ط ) : في السماوات.
(2) في ( ط ) : أسماء من أرسل.
(3) في ( ع ، م ) : الآخرين وفيه صفة.
(4) في ( ع ، م ) : الطواغيت وما يملكون.

دلائل الإمامة _ 106 _


  الأولين والآخرين وآجالهم ، وصفة أهل الجنة ، وعدد من يدخلها ، وعدد من (1) يدخل النار ، وأسماء هؤلاء وأسماء هؤلاء ، وفيه علم القرآن كما أنزل ، وعلم التوراة كما أنزلت ، وعلم الإنجيل ، والزبور (2) ، وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد.
  قال أبو جعفر (عليه السلام) : فلما أراد الله (عز وجل) أن ينزله عليها ، أمر جبرئيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوا المصحف فينزلوا به عليها ، وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل ، هبطوا به عليها وهي قائمة تصلي ، فما زالوا قياما حتى قعدت ، فلما فرغت من صلاتها سلموا عليها ، وقالوا لها : السلام يقرئك السلام .
  ووضعوا المصحف في حجرها ، فقالت لهم : الله السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام ، وعليكم يا رسل الله السلام.
  ثم عرجوا إلى السماء ، فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرأه ، حتى أتت على آخره.
  ولقد كانت (صلوات الله عليها) طاعتها مفروضة على جميع من خلق الله من الجن ، والإنس ، والطير ، والبهائم (3) ، والأنبياء ، والملائكة.
  فقلت : جعلت فداك فلما مضت إلى من صار ذلك المصحف ؟
  فقال : دفعته إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فلما مضى صار إلى الحسن ، ثم إلى الحسين ، ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر.
  فقلت : إن هذا العلم كثير !
  فقال : يا أبا محمد ، إن هذا الذي وصفته لك لفي ورقتين من أوله ، وما وصفت لك بعد ما في الورقة الثالثة (4) ، ولا تكلمت بحرف منه (5).

---------------------------
(1) (عدد من) ليس في ( ع ، م ).
(2) في ( ط ) : الإنجيل كما أنزل وعلم الزبور.
(3) في ( ط ) : الوحش.
(4) في ( ط ، م ) : الثانية.
(5) عوالم فاطمة (عليها السلام) : 189 / 1.

دلائل الإمامة _ 107 _


خبر دعائها (1) (صلوات الله عليها)

  35 / 35 ـ روى علي بن الحسن الشافعي ، قال : حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي ، قال : حدثنا محمد بن الأشعث ، عن محمد بن عوف (2) الطائي ، عن داود بن أبي هند (3) ، عن ابن أبان ، عن سلمان (رضي الله عنه) قال : كنت خارجا من منزلي ذات يوم بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إذ لقيني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فقال : مرحبا يا سلمان ، صر إلى منزل فاطمة بنت رسول الله ، فإنها إليك مشتاقة ، وإنها قد أتحفت بتحفة من الجنة ، تريد أن تتحفك منها.
  قال سلمان : فمضيت إليها فطرقت الباب ، فاستأذنت فأذنت لي بالدخول فدخلت ، فإذا هي جالسة في صحن الحجرة ، عليها قطعة عباءة ، قالت : اجلس.
  فجلست ، فقالت : كنت بالأمس جالسة في صحن الحجرة ، شديدة الغم على النبي ، أبكيه وأندبه ، وكنت رددت باب الحجرة بيدي ، إذ انفتح الباب ، ودخل علي ثلاث جوار ، لم أر كحسنهن ، ولا كنضارة وجوههن ، فقمت إليهن منكرة لشأنهن ، وقلت : من أين أنتن ، من مكة أو من المدينة ؟ فقلن : لا من أهل مكة ، ولا من أهل المدينة ، نحن من دار السلام ، بعثنا (4) إليك رب العالمين ، يقرئك السلام (5) ويعزيك بأبيك محمد.
  قالت فاطمة : فجلست أمامهن ، وقلت للتي أظن (6) أنها أكبرهن : ما اسمك ؟
  قالت : ذرة.

---------------------------
(1) في ( ط ، م ) : وفاتها.
(2) صحف في ( ط ، ع ، م ) : إلى : عون ، وهو الحافظ الثقة محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي ، مات سنة اثنتين وسبعين ومائتين ، انظر سير أعلام النبلاء 12 : 613.
(3) واسمه دينار بن عذافر ، ويقال : طهمان القشيري البصري ، روى عن الباقر (عليه السلام) والتابعين ، وثقه ابن حنبل وابن معين والعجلي وأبو حاتم وغيرهم ، انظر رجال الطوسي : 120 / 7 ، تهذيب الكمال 8 : 461.
(4) في ( ع ، م ) : بعث بنا.
(5) في ( ع ، م ) : يسلم عليك.
(6) في ( ط ) : ظننت.

دلائل الإمامة _ 108 _

  قلت : ولم سميت ذرة ؟
  قالت : لأن الله (عز وجل) خلقني لأبي ذر الغفاري.
  وقلت : للأخرى : ما اسمك ؟
  قالت : مقدادة.
  فقلت : ولم سميت مقدادة ؟
  قالت : لأن الله (عز وجل) خلقني للمقداد.
  وقلت للثالثة : ما اسمك ؟
  قالت : سلمى.
  قلت : ولم سميت سلمى ؟
  قالت : لأن الله (عز وجل) خلقني لسلمان.
  وقد أهدين إلي هدية من الجنة ، وقد خبأت لك منها. فأخرجت إلي طبقا من رطب أبيض أبرد من الثلج ، وأذكى رائحة من المسك ، فدفعت إلي خمس رطبات ، وقالت لي : كل ـ يا سلمان ـ هذا عند إفطارك.
  فخرجت وأقبلت أريد المنزل ، فوالله ما مررت بملأ من الناس إلا قالوا : تحمل المسك يا سلمان! حتى أتيت المنزل ، فلما كان وقت الافطار أفطرت عليهن ، فلم أجد لهن نوى ولا عجما ، حتى إذا أصبحت بكرت إلى منزل فاطمة ، فأخبرتها ، فتبسمت ضاحكة ، وقالت يا سلمان : من أين يكون لها نوى ؟ وإنما هو (عز وجل) خلقه لي تحت عرشه بدعوات كان علمنيها النبي. فقلت : حبيبتي ، علميني تلك الدعوات ، فقالت : إن أحببت أن تلقى الله وهو عنك غير غضبان ، فواظب على هذا الدعاء ، وهو : ( بسم الله النور ، بسم الله الذي يقول للشئ كن فيكون ، بسم الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، بسم الله الذي هو بالمعروف مذكور ، بسم الله الذي أنزل النور على الطور ، بقدر مقدور ، في كتاب مسطور ، على نبي محبور ) (1).