ومعه أهل الشام ، إذ أقبل علي بن الحسين بن أبي طالب ( عليهم السلام ) من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا (1) فطاف بالبيت ، فلما بلغ إلى الحجر تنحى الناس حتى يستلمه ، فقال رجل من أهل الشام : من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة ؟ فقال هشام : لا أعرفه ـ مخافة ان يرغب فيه أهل الشام ـ وكان الفرزدق حاضرا فقال : لكني أعرفه ، فقال الشامي من هو يا أبا فراس ؟ فقال :
هــذا الـذي تـعرف الـبطحاء وطـأته      والـبـيت  يـعـرفه والـحـل والـحرم
هــذا ابــن خـيـر عـباد الله iiكـلهم      هــذا  الـتـقي الـنقي الـطاهر iiالـعلم
إذا رأتـــه قـريـش قــال iiقـائـلها      إلــى مـكـارم هــذا يـنتهي iiالـكرم
يـنمى إلـى ذروة الـعز الـتي iiقـصرت      عــن نـيلها عـرب الإسـلام iiوالـعجم
يـكـاد  يـمـسكه عـرفان راحـته (2)ii      ركــن الـحـطيم إذا مـا جـاء iiيـستلم
يـغضي (3) حـياء ويـغضى من iiمهابته      ولا يــكـلـم إلا حــيـن iiيـبـتـسم
مــن جــده دان فـضل الأنـبياء iiلـه      وفـضـل  امـتـه دانــت لـه iiالامـم
يـنشق  نـور الـهدى عـن نـور iiغرته      كالشمس ينجاب (4) عن إشراقها الظلم (5)
مـشـتقة مــن رســول الله iiنـبـعته      طـابت عـناصره والخيم (6) والشيم (7)ii

  فقال : فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة وبلغ ذلك علي بن الحسين فبعث إلى الفرزدق بأثني عشر ألف درهم وقال : اعذرنا يا أبا فراس فلو كان عندنا أكثر من ذلك لوصلناك به ، فردها الفرزدق وقال : يابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله وما كنت لارزأ عليه شيئا ، فقال : شكر الله لك ذلك إلا إنا أهل البيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه ، فقبلها وجعل يهجو هشاما

------------------------------------
(1) أرج أرجا : فاحت منه رائحة طيبة .
(2) عرفان راحته مفعول لأجله .
(3) الاغضاء : إدناء الجفون ، وأغضى على الشيء : سكت .
(4) ينجاب ، انجابت السحاب : انكشفت .
(5) في الأصل : القتم ، وما أثبتناه من البحار ، والقتم : الغبار .
(6) الخيم ـ بالكسر ـ السجية والطبيعة .
(7) الشيم ـ بالكسر ـ وهي الطبيعة .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _377_

  وهو في الحبس وكان مما هجاه :
أتـحبسني  بين المدينة iiوالتي      إليها قلوب الناس يهوى منيبها
يقلب  رأسا لم يكن رأس iiسيد      وعـين له حولاء بان iiعيوبها

  فبعث فأخرجه .
  وبعد البيت الذي أوله : هذا ابن فاطمة ... برواية ، وهو :
فـليس  قـولك مـن هـذا iiبـضائره      العرب تعرف من أنكرت والعجم ) (1)

  495 ـ قال : حدثني عثمان بن عيسى ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال الحسن بن علي ( عليهما السلام ) لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا أبة ما جزاء من زارك ؟ فقال : من زارني أو زار أباك أو زارك أو زار أخاك ، كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة حتى اخلصه من ذنوبه ) (2) .
  16 ـ عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ( صوم يوم غدير خم كفارة ستين سنة ) (3) .
  17 ـ ابن عباس ( رضي الله عنه ) قال : ( لما نزل قول الله : ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي : يا علي أنا المنذر وأنت الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون ـ تمام الخبر (4) ) .
  18 ـ قال : حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قال : حدثني عمر بن مرو قال : ( كنت بالشام وعمر بن عبد العزيز يعطي الناس ، قال : فتعرفت إليه ، فقال : فمن أنت ؟ فقلت : من قريش ، قال : من أي قريش ؟ قلت : من بني هاشم ، قال : من

------------------------------------
(1) ديوان الفرزدق 2 : 848 .
(2) رواه الصدوق في العلل : 46 وابن قولويه في الكامل : 11 ، عنه البحار 100 : 140 .

(3) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 68 ، عنه البحار 97 : 112 .
(4) رواه ابن شهرآشوب في مناقبه 1 : 566 ، عن الثعلبي ، والأربلي في كشف الغمة : 92 ، والعياشي في تفسيره ، عنه البحار 35 : 403 ، وفي مفاتيح الغيب 5 : 190 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _378_

  أي بني هاشم ؟ فسكت ، فقال : من أي بني هاشم ؟ فقلت : مولى علي بن أبي طالب ، فقال عمر : حدثني عدة أنهم سمعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ثم قال : يا مزاحم كم تعطي أمثاله قال : مائة درهم أو مائتين درهم قال : إعطه خمسين دينارا لولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) .
  19 ـ حدثنا شريك بن عبد الله ، عن أبي إسحاق ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول :
  ( علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر ) (1) .
  20 ـ قال : حدثني أحمد بن محمد بن عثمان بن سعيد الأحول ، قال : هذا كتاب جدي عثمان بن سعيد ، فقرأت فيه : حدثني زياد بن رستم أبو معاذ الخراز ، قال : عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي ( عليه السلام ) :
  ( ان فاطمة بنت محمد نبي الله صلى الله عليها وعلى ذريتها مرضت في عهد رسول الله ، فأتاها نبي الله عايدا لها في نفر من أصحابه فاستأذن فقالت : يا أبة لا تقدر على الدخول ان علي عباءة إذا غطيت بها رأسي انكشف رجلاي وإذا غطيت بها رجلاي انكشف رأسي ، فلف رسول الله ثوبه والقاه إليها فتسترت به ، ثم دخل فقال : كيف نجدك يا بنية ؟ قالت : ما هدني يارسول الله وجعه وما بي من الوجع أشد علي من الوجع .
  قال : لا تقولي ذلك يا بنية ، فان الله تعالى لم يرض الدنيا لأحد من أنبيائه ولا من أوليائه ، أما ترضين انه زوجتك أقدم امتي سلما وأعلمهم علما وأعظمهم حلما ان الله اطلع على خلقه واختار منهم أباك فبعثه رحمة للعالمين ثم أشرف الثانية فاصطفى زوجك على العالمين وأوصى إلي فزوجتك ثم أشرف الثالثة فاصطفاك على نساء العالمين ، ثم أشرف الرابعة فاصطفى بنيك على شباب العالمين ، فاهتز العرش وسأل الله ان يزينه بهما فهما يوم القيامة جنبتي العرش كقرطي الذهب ،

------------------------------------
(1) رواه الصدوق في أماليه : 72 ، عيون الأخبار 2 : 59 ، عنهما البحار 38 : 4 ، رواه الطوسي في أماليه : 213 ، والأربلي في كشف الغمة 1 : 156 ، عنه البحار 38 : 12 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _379 _

  قالت : رضيت عن الله ورسوله واستبشرت ، فوضع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يديها بين كتفيها ثم قال : اللهم رافع الوصية وكافل الضائعة اذهب عن فاطمة بنت نبيك ، فكانت فاطمة تقول : ما وجدت سمعة سغب بعد دعوة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) (1) .
  21 ـ قال : حدثنا عمر بن قيس (2) عن ميسرة بن حبيب ، عن المنهال بن عمرو ، قال : أخبرني رجل من تميم قال :
  ( كنا مع علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بذي قار ونحن نرى إنا سنختطف في يومنا ( هذا ) (3) فسمعته يقول : والله لنظهرن على هذه (4) الفرقة ولنقتلن هذين الرجلين ـ يعني طلحة والزبير ـ ولنستبيحن عسكرهما .
  قال التميمي : فأتيت [ إلى ] (5) عبد الله بن العباس ، فقلت : أما ترى إلى ابن عمك وما يقول ؟ فقال : لا تعجل حتى ننظر ما يكون ، فلما كان من أمر البصرة ما كان أتيته ، فقلت : لا أرى ابن عمك إلا صادقا في مقاله ، فقال : ويحك إنا كنا نتحدث أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان النبي عهد إليه ثمانين عهدا لم يعهد شيئا منها إلى أحد غيره ، فلعل هذا مما عهد إليه ) (6) .
  22 ـ قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن ابن علي الزعفراني ، قال : حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا إبراهيم بن عمر ، قال : حدثني أبي ، عن أخيه ، عن بكر بن عيسى قال :
  ( لما اصطف الناس للحرب بالبصرة خرج طلحة والزبير في صف ( من ) (7) أصحابهما ، فنادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الزبير بن العوام فقال له : يا أبا عبد الله ادن مني لأفضي إليك بسر عندي ، فدنا منه حتى اختلف أعناق

------------------------------------
(1) أورده الراوندي مع اختلاف واختصار في الخرائج : 1 : 52 ، عنه البحار 81 : 12 ، وفي الخصائص الكبرى 3 : 74 ، عن ابن أبي شيبة في مسنده ، وفي البحار 43 : 62 ، 43 : 77 عن مصباح الأنوار .
(2) في الأمالي : عمر بن أبي قيس .
(3) ليس في الأمالي .
(4) في الأصل : هذين ، وما أثبتناه من الأمالي .
(5) من الأمالي .
(6) رواه الشيخ في أماليه : 1 : 112 .
(7) ليس في الأمالي .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _380_

  فرسيهما ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أنشدتك الله ان ذكرتك شيئا فذكرته أما تعترف به ؟ فقال : نعم ، فقال : أما تذكر يوما كنت مقبلا علي بالمدينة تحدثني ، إذ خرج علينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فرآك [ معي ] (1) وأنت تبسم إلي ، فقال لك : يا زبير أتحب عليا ؟ فقلت : وكيف لا احبه وبيني وبينه من النسب والمودة في الله ما ليس لغيره ، فقال : إنك ستقاتله وأنت ظالم له (2) ، فقلت : أعوذ بالله من ذلك ؟ فنكس الزبير رأسه ثم قال : إني انسيت هذا المقام .
  فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : دع هذا فلست بايعتني طوعا (3) ؟ قال : بلى ، قال : فوجدت مني حدثا يوجب مفارقتي ، فسكت ، ثم قال : لا جرم والله ما قاتلتك ، ورجع متوجها نحو البصرة .
  فقال [ له ] (4) طلحة : مالك يا زبير تنصرف عنا سحرك ابن أبي طالب ، فقال : لا ولكن ذكرني ما كان انسانية الدهر واحتج علي ببيعتي له ، فقال طلحة : لا ولكن جبنت وانتفخ سحرك ، فقال الزبير : لم أجبن لكن أذكرت فذكرت ، فقال له عبد الله : يا أبة جئت بهذين العسكرين العظيمين حتى إذا اصطفا للحرب ، قلت : اتركهما وانصرف ، فما تقول قريش غدا بالمدينة ، الله الله يا أبة لا تشمت بنا الأعداء ولا تشمتن (5) نفسك بالهزيمة قبل القتال ، قال : يا بني ما أصنع ، وقد حلفت له بالله ألا اقاتله ؟ قال [ له ] (6) : فكفر عن يمينك ولا تفسد أمرنا ، فقال الزبير : عبدي مكحول حر لوجه الله كفارة ليميني (7) ، ثم عاد معهم للقتال . فقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي ( عليه السلام ) :
أيـعتق مـكحولا ويعصي iiنبيه      لقد تاه عن قصد الهدى ثم iiعوق
أينوي بهذا الصدق والبر والتقى      سـيعلم يـوما من يبر iiويصدق

------------------------------------
(1) من الأمالي .
(2) في الأمالي : له ظالم .
(3) في الأمالي : طائعا .
(4) من الأمالي .
(5) في الأمالي : لا تشمر .
(6) من الأمالي .
(7) في الأمالي : يميني .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _381_

لـشتان  مـا بـين الضلالة iiوالهدى      وشـتان مـن يـعصي النبي ويعتق
ومـن هـو فـي ذات الإلـه مشمر      يـكبر بـرا ربه ويصدق أفي iiالحق
أن  يـعـصى الـنـبي iiسـفـاهة      ويـعتق  عـن عـصيانه iiويـطلق
كـدافـق مــاء لـلسراب iiيـؤمه      ألا في ضلال ما يصب ويدفق ) (1)

  23 ـ عن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :( حرم الله عز وجل النساء على علي (2) ما دامت فاطمة حية ، قلت : وكيف ؟ قال : لأنها كانت طاهرة لا تحيض ) (3) .
  قال محمد بن أبي القاسم : هذا من جملة خبر الآحاد وقد قال الله تعالى : ( فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ) (4) ولا يجوز تحريم ذلك في حق أحد إلا بسنة قاطعة أو آية محكمة .
  24 ـ هشام بن الحكم قال : ( سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام فأقبلت أقول : يقولون كذا فيقول : يقال لهم كذا ، فقلت : هذا الحلال والحرام والقرآن أعلم إنك صاحبه وأعلم الناس به وهذا الكلام فقال : ويحك يا هشام يحتج الله على خلقه بحجة لا يكون قائما بكل ما يحتاج إليه ) .
  25 ـ عن الحسن قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا يزال طائفة من امتي يقاتلون على الحق ظاهرين ( إلى يوم القيامة ) حتى ينزل عيسى بن مريم فيقولون (5) : تقدم فصل بنا ، فيقول : يتقدم أمامكم ، فان الله تعالى جعل بعضكم لبعض ائمة لكرامة هذه الامة ) (6) .
  26 ـ عن المنهال عن عمرو ، عن عبد الله بن الحرث بن نوفل : انه سمع عليا يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :

------------------------------------
(1) رواه الشيخ في أماليه 1 : 137 .
(2) في الأمالي : على علي النساء .
(3) رواه الشيخ في أماليه 1 : 42 .
(4) النساء : 4 .
(5) في البحار : فيقول أميرهم تعال فصل بنا .
(6) رواه في البحار 5 : 88 عن البخاري ومسلم في صحيحهما .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _382_

  ( ألا ترضى يا علي إذا جمع الله الناس في صعيد واحد حفاة عراة مشاة قد قطع أعناقهم العطش ، فكان أول من يدعى إبراهيم الخليل فيكسى ثوبين أبيضين ثم يقام عن يمين العرش ثم يفجر إلى شعب من الجنة الى الحوض حوضي أعرض ، ما بين صنعاء وبصري ، فيه عدد نجوم السماء قدحان فأشرب وأتوضا ثم اكسى ثوبين أبيضين ثم اقام عن يسار العرش فتدعى وتشرب وتتوضأ ثم تكسى ثوبين ، فتقام عن يميني ثم لا ادعى لخير إلا دعيت له ) (1) .
  27 ـ قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب : ( أحبوا الأشراف وتوددوا إليهم واتقوا أعراضكم من السفلة ، وأعلموا انه لا يتم لأحد شرف إلا بولاية علي بن أبي طالب وحبه ) (2).
  28 ـ قال : حدثني الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه ، قال : حدثني أبي ، قال : [ حدثني ] (3) محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، قال : حدثني من سمع حنان بن سدير يقول : سمعت أبي سدير الصيرفي ، يقول : ( رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيما يرى النائم وبين يديه طبق مغطى بمنديل ، فدنوت منه وسلمت عليه ، فرد السلام ثم كشف (4) المنديل عن الطبق ، فإذا فيه رطب ، فجعل يأكل منه ، فدنوت منه ، فقلت : يارسول الله ناولني رطبة ، فناولني واحدة ، فأكلتها [ ثم ] (5) قلت : يارسول الله ناولني اخرى ، فناولنيها فأكلتها وجعلت كلما أكلت واحدة سألته اخرى ، حتى أعطاني ثمان رطبات ، فأكلتها ، ثم طلبت منه اخرى ، فقال لي : حسبك .
   قال : فانتبهت من منامي ، فلما كان من غد دخلت على الصادق ( عليه السلام ) وبين يديه طبق مغطى بمنديل ، كأنه الذي رأيته في المنام بين يدي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فسلمت

------------------------------------
(1) رواه الشيخ في أماليه 1 : 65 .
(2) مر ما يشابهه تحت الرقم : 463 .
(3) من الأمالي .
(4) في الأمالي : فكشف .
(5) من الأمالي .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _383_

  عليه فرد علي السلام ، ثم كشف عن الطبق ، فإذا فيه رطب فجعل يأكل منه ، فعجبت لذلك وقلت : جعلت فداك ناولني رطبة ، فناولني ، فأكلتها ، ثم طلبت اخرى ، فناولني ، فأكلتها ، وطلبت اخرى ، حتى أكلت ثمان رطبات ، ثم طلبت منه اخرى ، فقال [ لي ] (1) : لو زادك جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لزدناك (2) ، فأخبرته الخبر ، فتبسم تبسم (3) عارف بما كان ) (4) .
  29 ـ عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :( ينزل بامتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع الناس ببلاد أشد منه حتى تضيق عليهم الرحبة ، وحتى تملأ الأرض جورا وظلما ، ثم ان الله يبعث رجلا يملأ الله عز وجل به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدخر الأرض من بذرها (5) شيئا إلا أخرجته والسماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عز وجل عليهم مدرارا ، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسعا يتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من الخير ) (6) .
  30 ـ قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، عن أبي داود ، عن عبد الله بن شريك العامري ، عن حبة العرني ان عليا ( عليه السلام ) قال : ( لو ان رجلا قام بين الركن والمقام وصام الدهر كله ، ولم يكن على ولايتنا ، ما أغنى ذلك عنه شيئا ) .
  31 ـ قال : حدثنا عبد الله بن يحيى العسكري ، قال : حدثني أحمد بن زيد ابن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أكثم [ أبو عبد الله ، قال : حدثني

------------------------------------
(1) من الأمالي .
(2) في الأمالي : لزدتك .
(3) في الأمالي : متبسم .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 112 .
(5) في الطرائف : نباتها .
(6) رواه السيد في الطرائف : 177 ، باسناده عن أبي محمد بن مسعود الفراء في كتاب المصابيح ، عنه البحار 51 : 104 ، أورده القندوزي في ينابيع المودة : 431 ، وابن حجر في الصواعق : 97 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _384_

  أبي يحيى بن أكثم ] (1) القاضي ، قال : ( أقدم المأمون دعبل بن علي الخزاعي ( رحمه الله ) وآمنه على نفسه ، فلما مثل بين يديه ـ وكنت جالسا بين يدي المأمون ـ فقال [ له ] (2) أنشدني قصيدتك الكبيرة ، فجحدها دعبل وأنكر معرفتها ، فقال له : لك الأمان عليها كما أمنتك على نفسك ، فأنشده :
تـأسفت جـارتي لما رأت زوري (3)ii      وعـدت الـحلم ذنـبا غـير مغتفر (4)
تـرجو  الصبا بعدما شابت ذوائبها (5)ii      وقـد  جـرت طلقا في حلية الكبر (6)ii
أجـارتي  ان شيب الرأس يعلمني (7)ii      ذكـر الـمعاد وأرضاني عن القدر (8)ii
لــو كـنت أركـن لـلدنيا iiوزيـنتها      إذا بـكيت عـلى الـماضين مـن iiنفر
أخـنى الزمان على أهلي فصدعهم (9)ii      تصدع الشعب لاقى صدمة الحجر (10)
بعض  أقام وبعض قد أصات بهم (11)ii      داعـي  الـمنية والـباقي عـلى iiالأثر
أمــا  الـمقيم فـأخشى أن iiيـفارقني      ولـست  أوبـة مـن ولـى iiبـمنتظر
أصـبحت أخـبر عن أهلي وعن ولدي      كـحـالم  قـص رؤيـا بـعد iiمـدكر
لـولا تـشاغل عـيني بـالاولى سلفوا      مـن  أهل بيت رسول الله لم أقر (12)
    وفـي  مـواليك للأحزان مشغلة (13)ii      مـن  أن تـبيت لـمفقود عـلى iiأثـر (14)
كـم  مـن ذراع لـهم بـالطف بـائنة      وعـارض  بـصعيد الـترب iiمـنعفر

-------------------------------
(1) من الأمالي .
(2) من الأمالي .
(3) زوري : ازواري بعدي عن النساء .
(4) الحلم : الأناة والعقل .
(5) ترجو الصبي : أي ترجو مني أن اتصابى لها .
(6) في الأمالي : الحلبة ، وهو بالتسكين : خيل تجمع للسباق من كل أوب لا تخرج من اصطبل واحد .
(7) في الأصل : ثقلني ، وما أثبتناه من الأمالي .
(8) في الأمالي : أرضائي .
(9) أخنى عليه الدهر : أتى عليه وأهلكه .
(10) الشعب : الصدع في الشيء وأصلاحه .
(11) في الأصل : به ، وما أثبتناه من الأمالي ، أقول : أصات بهم : صوت بهم ودعاهم .
(12) لم اقر : من وقر يقر بمعنى جلس .
(13) خ في الأمالي : للتحزين .
(14) خ في الأمالي : لمشغول .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _385_

أمسى الحسين ومسراهم (1) لمقتله (2)      وهـم يـقولون : هـذا سـيد iiالـبشر
يا  امة السوء ما جازيت أحمد عن (3)ii      حـسن الـبلاء عـلى التنزيل والسور
خـلفتموه  عـلى الأبـناء حين iiمضى      خـلافة  الـذئب في انقاذ ذي بقر (4)ii

  قال يحيى : فأنفذني المأمون في حاجة ، فقمت وعدت إليه وقد إنتهى إلى قوله :
لــم يـبق حـي مـن الأحـياء iiنـعلمه      مــن ذي يـمـان ولا بـكر ولا مـضر
إلا وهـــم شـركـاء فــي دمـائـهم      كـما تـشارك أيـسار عـلى جـزر (5)ii
قـتـلى وأسـرى وتـحريقا ومـنهبة (6)      فـعل الـغزاة بـأرض الروم والخزر (7)ii
أرى  امــيـة مـعـذورين إن iiقـتـلوا      ولا أرى لـبني الـعباس مـن عـذر (8)ii
قــوم  قـتـلتم عـلى الإسـلام iiأولـهم      حـتى إذا اسـتمكنوا جـازوا عـلى iiالكفر
أبـنـاء حــرب ومــروان iiواسـرتهم      بـنـو  مـعـيط ولاة الـحـقد iiوالـوغر
أربـع  بـطوس عـلى قـبر الـزكي بها      إن كنت تربع (9) من دين على وطر (10)
هـيهات كـل إمـرئ رهـن بـما كسبت      لــه يــداه فـخذ مـا شـئت أو iiفـذر
  قال : فضرب المأمون عمامته على الأرض وقال : صدقت والله يا دعبل ) (11) .
  32 ـ قال : حدثني الحسين بن أحمد البيهقي ، قال : أخبرني محمد بن يحيى الصولي ، قال : حدثني هارون بن عبد الله المهلبي ، قال : حدثني دعبل بن علي قال :
  ( جاءني خبر موت الرضا ( عليه السلام ) وأنا بقم ، فقلت قصيدتي الرائية :
أرى امـية معذورين إن iiقتلوا      ولا أرى لبني العباس من عذر
أولاد  حرب ومروان واسرتهم      بني  معيط ولاة الحقد iiوالوغر

-------------------------------
(1) مسراهم بمقتله : أي ساروا ورجعوا بالليل مخبرين بقتله .
(2) خ في الأمالي : بمقتله .
(3) في الأمالي : في .
(4) ذو بقر : اسم واد بين اخيلة حمى الربذة .
(5) الأيسار : القوم المجتمعون على الميسر .
(6) في الأمالي : تخويفا .
(7) في الأمالي : الجرز .
(8) في الأمالي : الفتاح .
(9) إن كنت تربع : أي تقف وتقيم .
(10) وطر : الحاجة .
(11) رواه الشيخ في أماليه 1 : 98 عنه البحار 49 : 322 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _386 _

قــوم قـتلتم عـلى الإسـلام iiأولـهم      حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر (1)
أربـع بـطوس عـلى القبر الزكي iiبه      إن  كـنت تـربع مـن دين على وطر
قـبران  فـي طـوس خير الناس كلهم      وقـبـر شـرهم ، هـذا مـن iiالـعبر
مـا يـنفع الرجس من قرب الزكي وما      عـلى  الزكي بقرب الرجس من iiضرر
هـيهات  كـل امـرئ رهن بم iiكسبت      لـه يـداه فـخذ ما شئت أو فذر ) (2)ii

-------------------------------
(1) استمسكوا ( خ ل ) .
(2) رواه الصدوق في أماليه : 660 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 251 ، عنهما البحار 49 : 318 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _387 _

الجزء التاسع

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _389 _

  1 ـ قال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال : حدثني محمد بن إسحاق السقاني قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن ميسرة بن حبيب ، عن المنهال بن عمرو ، عن عائشة بنت طلحة ، عن عائشة انها قالت : ( ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا من فاطمة برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها وقام إليها ، فأخذ بيدها وقبل يديها وأجلسها في مجلسه ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا دخل عليها رحبت به وقامت إليه وأخذت بيده فقبلتها ، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه فرحب بها وقبلها وأسر إليها ، فبكت ثم أسر إليها فضحكت ، فقلت في نفسي : كنت أحسب لهذه المرأة فضلا [ على النساء ] (1) فإذا هي [ امرأة ] (2) منهن ، بينا هي تبكي إذ هي تضحك ، فسألتها فقالت : إني إذا لبذرة (3) ، ولما توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سألتها فقالت : أسر إلي وأخبرني انه ميت ، فبكيت ، ثم أسر إلي واخبرني اني أول أهله الحق به ، فضحكت ) (4) .
  قال الحاكم أبو عبد الله : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط صاحبي الصحيحين فان رواية كلهم ثقات وتفسير قولها : إني لبذرة ، مفسرة في الصحيحين إني ان أخبرت بسر رسول الله لبذرة ، وهذا الحديث يصرح بأن فاطمة ( عليها السلام ) كانت

-------------------------------
(1 و 2) من البحار وأمالي الشيخ .
(3) البذر : الذي يفشي السر ويظهر ما يسمعه .
(4) البحار 37 : 71.

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _390 _

  أعلم وأفقه من عائشة إذ لم تخبرنا بالسر في حياة من أسر إليها ثم أخبرت بعد وفاته ، وهذا فقه هذا الحديث قد خفى على عائشة فقد بين الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق معنى الحديث ، وأشار الأخبار الثابتة الصحيحة الدالة على أن فاطمة سيدة نساء أهل الدنيا كما هي سيدة نساء أهل الجنة بما فيه الغنية والكفاية لمن تدبر ، هذا كله كلام الحاكم أبي عبد الله الحافظ .
  قال محمد بن أبي القاسم : الخبر كما يدل على قلة علم عائشة يدل أيضا على قلة أمانتها وديانتها لإفشائها سر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وليس يجوز لمن له أدنى علم أن يخلط ذكر فاطمة ( عليها السلام ) بذكر غيرها ، وكيف يجوز ان يقاس من شهد الله بطهارتها بقوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (1) على من قال الله في حقها : ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) (2) ، لكن العمى في القلب والعصبية وبغض أهل بيت رسول الله يحمل بعض الناس على ما لا يليق بالعقل ، ونعوذ بالله مما كره الله .
  2 ـ قال : حدثنا أبو سعاد (3) الخراز ، قال : حدثني يونس بن عبد الوراث ، عن أبيه قال : ( بينا ابن عباس يخطب عندنا على منبر البصرة إذ أقبل على الناس بوجهه ، ثم قال : أيتها الامة المتحيرة في دينها ، أم والله لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله ، وجعلتم الوراثة حيث جعلها الله ، ما عال سهم من فرائض الله ، ولا عال ولي الله ، ولا اختلف إثنان في حكم الله ، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) (4) .
   3 ـ عن محمد بن محمد قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبيد بن حمدون الرواسي ،

-------------------------------
(1) الأحزاب : 33 .
(2) التحريم : 4 .
(3) في الأمالي : أبو معاد .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 62 و 98 ، والمفيد في أماليه : 47 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _391 _

  قال : حدثنا الحسن بن ظريف قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) يقول : ( لا تجد عليا قضى (1) بقضاء إلا وجدت له أصلا في السنة ، قال : وكان علي ( عليه السلام ) يقول : لو اختصم إلي رجلان فقضيت بينهما ثم مكثا أحوالا كثيرة ، ثم اتياني في ذلك الأمر لقضيت بينهما قضاء واحدا لأن القضاء لا يزول ولا يحول ) (2) .
  4 ـ حدثني السيد الزاهد والدي ( رضي الله عنه ) والقاضي أبو أحمد بن إبراهيم بن مطرف بن الحسن المطر في ، ان الشيخ سعيد بن عبد الرحمان بن محمد بن عبد الله بن إدريس الاسترابادي كتب إليهما ، قال : حدثني أبو أحمد محمد بن إبراهيم بن اترويه الاسترابادي بها مرارا من لفظه ، قال : حدثنا عبد الرحيم البغدادي قال : حدثنا الثقة ، عن طاووس بن كيسان اليماني قال :
  ( خرجت إلى بيت الله الحرام ومعنا الحجاج بن يوسف الثقفي ، فبينا نحن ماضين إذ نحن بأعرابي بدوي جوهري وهو يلبي ويقول في تلبيته : لبيك اللهم لبيك ، قد لبيت لك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك كلامك ، اللهم لك من مخلوق كذلك ثم في النار سلك والليل إذا ما انحلك والجاريات في الفلك على مجار من سلك ، قد اتبعنا رسلك وقد سلكنا وحججنا منك ولك .
  فسمع الحجاج فقال : تلبية ملحد ورب الكعبة ، علي بالأعرابي ، فاوتي به فقال : يا أعرابي من أين وإلى أين ؟ قال : من الفج العميق إلى بيت العتيق ، قال : وأين يكون الفج العميق ؟ قال : بالعراق ، قال : وأي موضع من العراق ؟ قال : من واسط ، قال : فهل لك من بواسط من أمير ؟ قال : نعم إنسان ذليل يقال له : الحجاج ، قال : مقيم أم راحل ؟ قال : بل راحل حاجا ، فقال : هل استعمل عليكم عاملا ؟ قال : نعم انسان أذل منه يقال له : محمد بن يوسف ، قال : وكيف خلفته ؟ قال : خلفته جسيما

-------------------------------
(1) في الأمالي : يقضي .
(2) رواه الشيخ في أماليه 1 : 62 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _392 _

  وسيما ، قال : ليس عن هذا سألتك ، قال : فعما سألتني يا هذا ؟ قال : عن سيرته في الناس ، قال : خلفته ظلوما غشوما (1) يأخذ بغير حق ويعطي في غير الحق .
  قال : ويلك أنا الحجاج وذاك أخي محمد بن يوسف أما عرفت عزي ؟ فقال الأعرابي : أو ما عرفت عزي إنا برب العالمين ؟ قال الحجاج : يا أعرابي حسبك زنديقا ، قال : ما أنا زنديق ولكني موحد ، قال : ولمن أنت موحد ؟ قال : لله الذي خلق السماوات والأرض ، قال : فتعرف الله ؟ قال : نعم ، على الخبير سقطت .
  قال : فبما عرفت الله ؟ قال : ليس بذي نسب فيرى ولا بجسم فيتجزأ ، ولا بذي غاية فيتناهى ، ولا يحدث فيبصر ، ولا بمستتر فينكشف ، ولا دهور بغيره خلاف أزمنتها ، لكن جل ذلك الكبير المتعال الذي خلق فأتقن ، وصور فأحسن ، وعلا فتمكن ، واتقن على الامور بعزته ، لا يوصف هو بالحركة لأنها زوال ، ولا بسكون لأنه من صفة المتشابهين بالأمثال ، لا يخفى عليه كرور ذوي الأحوال ، عالم الغيب والشهادة ، الكبير المتعال .
  فقال الحجاج : يا أعرابي لقد أحسنت في التوحيد ، فما قولك في هذا الرجل المبعوث محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقال : نبي الرحمة ، بعثه الله على حين فترة من الرسل وضلالة من الامم ، والامم يومئذ في الجاهلية الجهلاء ، لا يدينون لله بدين ولا يقرؤن له كتابا ، أصحاب حجر ومدر وضيق وضنك ، عبدوا من دون الله أصنام واتخذوا الأوثان حتى بعث الله عز وجل نبيا مرسلا جمع امورهم .
  فقال الحجاج : يا أعرابي لقد أحسنت في هذا أيضا ، فما قولك في علي بن أبي طالب ؟ قال : فسكت الأعرابي ، قال في نفسه : إن أنا صدقته قتلني وإن كذبته فبم ألقى محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثم قال : الدنيا فانية والآخرة باقية خذها إليك من السلمي علي بن أبي طالب الداعي إلى الله ، وصهر المرسل الأواه ، وسفينة النجاح ، وبحر بين الساح (2) ، وغيث بين الرواح ، قاتل المشركين ، وقامع المعتدين ، وأمير المؤمنين ، وابن عم نبي الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أجمعين ، وزوج فاطمة الزهراء ، وأب الحسن

-------------------------------
(1) غشم : ظلم .
(2) ساح الماء : جرى على وجه الأرض .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _393_

  والحسين ، ريحانتي نبي الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وثمرة فؤاده ، هامات هامات ، وسادات سادات ، ولدتهما البتول ، وسماهما الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكناهما الجليل ، وناغاهما (1) جبرئيل ، وحنكهما ميكائيل ، فهل لهؤلاء من عديل .
  قال طاووس : لقد تبين أثر الغضب على وجه الحجاج ، فقال الحجاج : يا أعرابي فما تقول في ؟ قال : أنت بنفسك أعلم ، قال : قل في أميرك شيئا ، قال : إذا أسؤك ولا أسرك ، قال : بث فيما علمت ، قال : وما علمتك إلا ظالما غشوما ، قتلت أولياء الله بغير الحق ، فقال : لأقتلنك أشد القتل ، قال : إلى الله تصير الامور ، فقال الحجاج : يا غلام علي بالنطع (2) والسيف ، فلما أن بسط النطع وجر السيف ما لبث الأعرابي أن عطس ثلاث عطسات متتابعات ، فقال الحجاج : ما عطس ثلاث عطسات متتابعات إلا زنيم (3) ، قال : فما لبث الحجاج أن عطس سبع عطسات متتابعات ، فقال الأعرابي : أيها الأمير :
لا تـنطقن بـما يـعيبك ناطق      فـتقول  جـهلا ليتني لم أنطق
إن الـسلامة في السكوت iiوإنما      يـبدي  مـعايبها كثير iiالمنطق
وإذا خـشيت ملامة في iiمجلس      فأعمد لسانك في اللهات وأطرق
واحـفظ لسانك لا تقول iiفتبتلي      ان  الـبلاء مـوكل iiبـالمنطق

  فقال الحجاج : اضرب عنقه على حب علي بن أبي طالب والحسن والحسين ، فلما رفع السيف حرك الأعرابي شفته فجف يد السياف في مقبض سيفه ، فقال الحجاج : يا أعرابي لقد تكلمت بعظيم ، فقال : لعمري انه لعظيم ، قال : فادع إلهك حتى يطلق يد السياف ، قال : وتنجيني من القتل .
  قال : فرفع الأعرابي ثنتي يديه فقال : ياإلهي عند كربتي ويا صاحبي عند شدتي ووليي عند نعمتي أسألك ياإلهي وإله آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق

-------------------------------
(1) ناغى الصبي : كلمه بما يعجبه ويسره .
(2) النطع : بساط من الجلد يفرش تحت المحكوم عليه بالعذاب أو بقطع الرأس .
(3) الزنيم : ولد زنا .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _394 _

  ويعقوب والأسباط ، وبحق كهيعص وطه ويس والقرآن الحكيم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تطلق يد السياف ، قال : فأطلق يده ، قال الحجاج : يا غلام علي بالبدرة ، قال : فأتى بكيس فيه دراهم كثيرة ، فقال الحجاج : خذها إليك يا أعرابي وانفقها على نفسك ، فقال الأعرابي ليس لي بمالك حاجة وقام ومر ) .
  5 ـ قال : حدثنا إسماعيل بن توبة ومصعب بن سلام ، عن أبي إسحاق ، عن ربيعة السعدي قال : ( أتيت حذيفة بن اليمان ( رحمه الله ) فقلت له : يا حذيفة حدثني بما سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورأيته لأعمل ، قال : فقال لي : عليك بالقرآن ، فقلت : قد قرأت القرآن وإنما جئتك لتحدثني ، اللهم إني اشهدك على حذيفة إني اتيته ليحدثني بما لم أره ولم أسمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد منعنيه وكتمنيه ، فقال حذيفة : يا هذا قد بلغت في الشدة ، ثم قال : خذها إليك قصيرة من طويلة وجماعة لكل أمرك : ان آية الجنة في هذه الامة لنبيه انه ليأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، فقلت له : بين لي آية الجنة اتبعها وبين لي آية النار فأتقيها ، فقال : والذي نفسي بيده ان آية الجنة والهداة إلى يوم القيامة فآية الحق إلى يوم القيامة لآية محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وان آية النار وآية الكفر والدعاة إلى يوم القيامة لغيرهم ) .
  6 ـ قال : حدثنا سليمان بن سلمة (1) الكندي ، عن محمد بن سعيد بن غزوان ، عن عيسى بن أبي منصور ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليهم السلام ) قال : ( نفس المهموم لظلمنا تسبيح ، وهمه لنا عبادة ، وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله ، [ ثم ] (2) قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب ) (3) .
  7 ـ عن معاوية بن هشام ، عن الصباح بن يحيى المزني ، عن الحرث بن حصيرة ، قال : حدثني جماعة من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) انه قال يوما :

-------------------------------
(1) في الأمالي : مسلم .
(2) من الأمالي .
(3) رواه الشيخ في أماليه 1 : 115 ، أقول : مر مثله تحت الرقم : 188 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _395 _

  ( إدعوا لي غنيا وباهلة وحيا آخر ـ قد سماهم ـ فليأخذوا عطياتهم ، فوالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة مالهم في الإسلام نصيب ، واني (1) شاهد في منزلي عند الحوض وعند المقام المحمود ، انهم أعدائي (2) في الدنيا والآخرة ، لآخذن غنيا أخذة تفرط (3) بآهله ، ولئن ثبتت قدماي لأردن قبائل إلى قبائل وقبائل إلى قبائل ولأبهرجن (4) ستين قبيلة ما لها في الاسلام نصيب ) (5) .
  8 ـ عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( لا تذهب الدنيا ولا تنقضي الأيام حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) (6) .
  9 ـ قال : حدثني سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( ينزل ابن مريم منزلا حكما مقسطا يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ) .
  10 ـ قال : حدثنا أبو عبد الرحمان عبد الله بن محمد بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا يونس بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي مريم السلولي ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسن بن علي ( عليه السلام ) قال : علمني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كلمات أقولهن في قنوت الوتر : ( اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني (7) فيمن توليت ، وبارك لي (8) فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فانك تقضي ولا يقضى عليك ، انه

-------------------------------
(1) في الأمالي : أنا .
(2) في الأمالي : اعداء لي .
(3) في الأمالي : تضرط .
(4) البهرج : الباطل ، بهرج بهم الدليل : عدل بهم عن الجادة إلى غيرها .
(5) رواه الشيخ في أماليه 1 : 115 .
(6) يأتي مثله تحت الرقم : 590 .
(7) تولني : احبني أو تول أمري وأكفنيها .
(8) بارك لي : من البركة بمعنى الثبات والزيادة .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _396 _

  لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت ) (1) .
  11 ـ قال : حدثنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده الحسين بن علي قال : ( كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا عطس قال له علي ( عليه السلام ) : رفع الله ذكرك ، وإذا عطس علي ( عليه السلام ) قال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أعلى الله كعبك (2) ) .
  12 ـ قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن عبد الغفار ، عن القاسم بن محمد الرازي ، عن علي بن محمد الهرمزداري (3) ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ( عليه السلام ) قال :
  ( لما مرضت فاطمة بنت النبي (4) ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصت إلى علي ( عليه السلام ) ان يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا يؤذن أحدا بمرضها ، ففعل ذلك ، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس على استسرار (5) بذلك كما وصت به ، فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين ان يتولى أمرها ويدفنها ليلا ويعفي قبرها ، فتولى ذلك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ودفنها وعفى (6) موضع قبرها ، فلما نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن فأرسل دموعه على خديه وحول وجهه إلى قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال :
  السلام عليك يارسول الله مني ، والسلام عليك من ابنتك (7) وحبيبتك وقرة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك ، المختار الله لها سرعة اللحاق بك ،

-------------------------------
(1) رواه في البحار 85 : 209 عن التذكرة 1 : 128 ، عنه أيضا المستدرك 4 : 400 ، رواه في كشف الغمة 1 : 535 ، غوالي اللئالي 1 : 105 ، عنه البحار 87 : 205 ، المستدرك 4 : 416 .
(2) رواه الخوارزمي في مناقبه : 233 .
(3) في الأمالي : الراوي ، وفي الكافي : الهرمزاني .
(4) في الأمالي : بنت محمد رسول الله .
(5) في الأمالي : استمرار .
(6) العفو : المحو والأنمحاء .
(7) في الأمالي : السلام عليك يارسول الله عني وعن ابنتك وحبيبتك .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _397 _

  قل يارسول الله عن صفيتك صبري وضعف عن سيدة النساء تجلدي (1) ، إلا إن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل لي لفراقك موضع تعزي ، ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك (2) على صدري وغمضتك بيدي وتوليت أمرك بنفسي ، نعم وفي كتاب الله أنعم القبول ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، قد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة واختلست (3) الزهراء ، فما أقبح الخضراء والغبراء .
  يارسول الله ، أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد (4) ، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار (5) الله لي دارك التي فيها [ أنت ] (6) مقيم ، كمد (7) مقيح (8) وهم مهيج ، سرعان ما فرق بيننا والى الله أشكوا ، وستنبئك ابنتك بتظاهر امتك علي وعلى هضمها (9) حقها ، فاستخبرها الحال ، فكم من غليل (10) معتلج (11) بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين .
  سلام عليك يارسول الله سلام مودع لا سأم ولا قال ، فان أنصرف فلا عن ملالة ، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين ، والصبر أيمن وأجمل ، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما ، والتلبث عنده معكوفا (12) ، ولأعولت أعوال (13) الثكلى على جليل الرزية ، فبعين الله تدفن ابنتك سرا ، ويهتضم حقها قهرا ، وتمنع [ ارثها ] (14) جهرا ، ولم يطل العهد ولن يخلق منك الذكر ، فالى الله يارسول الله المشتكى وفيك أجمل العزاء ، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته ) (15) .

-------------------------------
(1) التجلد : القوة .
(2) فاضت نفسه : خرجت روحه .
(3) التخالس : التسالب .
(4) السهود : قلة النوم .
(5) أو يختار : أي إلى أن يختار .
(6) من الأمالي .
(7) الكمد : الحزن الشديد .
(8) في الأمالي : كمد منيخ .
(9) الهضم : الظلم .
(10) الغليل : حرارة الجوف .
(11) اعتلجت الأمواج : التطمت .
(12) عكفه : حبسه .
(13) الأعوال : رفع الصوت بالبكاء .
(14) من الأمالي .
(15) رواه الشيخ في أماليه 1 : 108 ، عنه البحار 43 : 211 ، أورد ذيله الكليني في الكافي =

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _398 _

  13 ـ قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن هشام بن حسان ، قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي ( عليه السلام ) يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر ، فقال : نحن حزب الله الغالبون وعشيرة (1) رسول الله الأقربون ، وأهل بيته الطيبون الطاهرون ، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في امته ، والثاني كتاب الله ، فيه تفصيل كل شيء ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والمعول علينا في تفسيره لا نظن [ تأويله بل نتيقن ] (2) حقائقه ، فأطيعونا فان طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عز وجل ورسوله مقرونة .
  قال الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) (3) ، ( ولو ردوه إلى الرسول واولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) (4) ، واحذركم الإصغاء لهتاف الشيطان فانه لكم عدو مبين ، وتكونوا كأوليائه الذين قال لهم : ( لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون ) (5) ، فتلقون إلى الرماح وزرا وإلى السيوف جزرا وللعمد حطما وللسهام غرضا ، ( ثم لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ) (6) .
  14 ـ عن عطا ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يا بني عبد المطلب اني سألت الله لكم أن يعلم جاهلكم وأن يثبت قائمكم ، وان يهدي ضالكم وان يجعلكم نجدا [ جوداء رحماء ] (7) ولو أن رجلا صلى وصف قدميه بين الركن والمقام ولقي الله ببغضكم أهل البيت دخل النار (8) ) .

-------------------------------
=
1 : 458 ، عنه البحار 43 : 193 ، النهج : الخطبة 202 ، دلائل الإمامة : 47 ، الإرشاد للمفيد : 165 ، كشف الغمة 2 : 147 ، تذكرة الخواص : 318 .
(1) في الأمالي : عترة .
(2) من الأمالي .
(3) النساء : 59 .
(4) النساء : 83 .
(5) الانفال : 48 .
(6) الانعام : 158 .
(7) من الأمالي .
(8) رواه الشيخ في أماليه 1 : 117 و 21 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _399 _

  15 ـ عن محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن سليمان (1) المقري الكندي ، عن عبد الصمد بن علي النوفلي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الأصبغ بن نباتة العبدي قال :
  ( لما ضرب ابن ملجم عليه اللعنة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) عدونا عليه نفر من أصحابنا : أنا والحرث وسويد بن غفلة وجماعة معنا ، فقعد [ نا ] (2) على الباب فسمعت (3) البكاء فبكينا ، فخرج إلينا الحسن بن علي ( عليهما السلام ) فقال : يقول لكم أمير المؤمنين : انصرفوا إلى منازلكم ، فانصرف القوم غيري ، واشتد البكاء من منزله ، فبكيت ، وخرج الحسن وقال : ألم أقل لكم أنصرفوا ؟ فقلت : لا والله يابن رسول الله ما تتابعني نفسي ولا تحملني رجلي ان أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
  قال : وبكيت فدخل ولم يلبث ان خرج فقال لي : ادخل ، فدخلت على أمير المؤمنين ، فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء ، قد نزف دمه واصفر وجهه ، فما أدري وجهه أصفر أم العمامة ، فأكببت عليه فقبلته وبكيت فقال لي : لا تبك يا أصبغ فانها والله الجنة ، فقلت له : جعلت فداك إني أعلم [ والله ] (4) إنك تصير إلى الجنة وأنا (5) أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاني أراني لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا .
  فقال : نعم يا أصبغ ، دعاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوما فقال لي : يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي ثم تصعد منبري ، ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله [ تعالى ] (6) وتثني عليه وتصلي علي صلاة كثيرة وتقول : أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم ،

-------------------------------
(1) في الامالي : سلمان .
(2) من الأمالي .
(3) في الأمالي : فسمعنا .
(4) من الأمالي .
(5) في الأمالي : انه .
(6) من الأمالي .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _400 _

  وهو يقول [ لكم ] : ان لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه ، أو ظلم أجيرا أجره .
  فأتيت مسجده (1) وصعدت منبره فلما رأتني قريش وكانوا في المسجد أقبلوا نحوي فحمدت الله وأثنيت عليه وصليت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة كثيرة ثم قلت : أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم وهو يقول لكم ألا لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه أو إدعى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره .
  قال : فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب فانه قال : قد أبلغت يا أبا الحسن ولكنك جئت بكلام غير مفسر ، فقلت : إبلغ ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فرجعت إلى النبي فأخبرته الخبر فقال : إرجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري فاحمد الله واثني عليه وصل علي ثم قل : [ يا ] (2) أيها الناس ما كنا لنجيئكم بشئ إلا وعندنا تأويله وتفسيره ، ألا واني [ أنا ] (3) أبوكم ، ألا واني [ انا ] (4) مولاكم ، ألا وأني [ أنا ] (5) أجيركم ) (6) .
  16 ـ قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد ، عن زيد بن اسامة الشحام ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) انه قال : ( انكم لن تنالوا ولايتنا إلا بالورع والإجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الجوار وحسن الخلق والوفاء بالعهد وصلة الرحم ، وأعينونا بطول السجود ، ولو ان قاتل علي ( عليه السلام ) ائتمني على امانة لأديتها إليه ) .
  17 ـ عن جابر عن أبي عبد الله في قوله جل جلاله ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) (7) ، قال : " ولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) (8) .

-------------------------------
(1) من الأمالي .
(2 ـ 5) من الأمالي .
(6) رواه الشيخ في أماليه 1 : 123 .
(7) يونس : 2 .
(8) رواه الكليني في الكافي 1 : 422 ، عنه البحار 24 : 40 و 36 : 58 ، وأخرجه في تأويل الآيات 1 : 213 .