كتابه ) (1) ؟ فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ان الله عز وجل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه ، فقال له المأمون : أين ذلك من كتاب الله عز وجل ؟
  فقال له الرضا ( عليه السلام ) : في قوله عز وجل : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ) (2) ، وقال عز وجل في موضع آخر : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) (3) ، ثم رد المخاطبة في إثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (4) ، يعني الذين عرفهم (5) بالكتاب والحكمة وحسدوا عليهما ، فقوله عز وجل : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) ، يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين ، فالملك هاهنا هو الطاعة لهم .
  قالت العلماء : فاخبرنا هل فسر الله عز وجل الاصطفاء في كتابه ؟ فقال الرضا : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا :
  فأول ذلك قوله عز وجل : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (6) ورهطك المخلصين ، هكذا في قراءة ابي بن كعب ، وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله بذلك الآل ، فذكره لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهذه واحدة .
  والآية الثانية في الاصطفاء قوله عزوجل : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلا معاند ضال لأنه فضل بعد طهارة ينتظر فيها ، فهذه الثانية .

------------------------------------
(1) ليس في العيون .
(2) آل عمران : 33 .
(3) النساء : 54 .
(4) النساء : 59 .
(5) في العيون : قرنهم .
(6) الشعراء : 214 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _352_

  وأما الثالثة : فحين ميز الله الطاهرين من خلقه ، فأمر نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عز وجل : ( قل ) (1) يا محمد : ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (2) ، فأبرز (3) النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليا والحسن والحسين وفاطمة وقرن أنفسهم بنفسه ، فهل تدرون ما معنى قوله تعالى : ( وأنفسنا وانفسكم ) ؟
  قالت العلماء : عنى به نفسه ، فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : غلطتم إنما عنى بها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ومما يدل على ذلك قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين قال : لتنتهين بنو وليعة (4) أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي يعني علي بن أبي طالب ، وعنى بالأبناء الحسن والحسين ، وعنى بالنساء فاطمة ( عليها السلام ) ، فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد وفضل لا يلحقهم فيه بشر وشرف لا يسبقهم إليه خلق ، ان (5) جعل نفس علي كنفسه ، فهذه الثالثة .
  وأما الرابعة :(6) فاخراج الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس ، فقال : يارسول الله تركت عليا فأخرجتنا ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما أنا تركته وأخرجتكم ، ولكن الله تركه وأخرجكم ، وفي هذا تبيان قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، قالت العلماء : فأين هذا من القرآن ؟ قال أبو الحسن : أوجدكم في ذلك قرآنا أقرأه عليكم ؟ قالوا : هات ، قال : قول الله عز وجل : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) (7) ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى ، وفيها أيضا منزلة علي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( حين قال : أنت مني منزلة هارون ) (8) ، ومع هذا

------------------------------------
(1) ليس في العيون .
(2) آل عمران : 61 .
(3) في العيون : برز .
(4) وليعة ـ كسفينة ـ حي من كندة .
(5) في العيون : إذ .
(6) ليس في العيون .
(7) يونس : 87 .
(8) من العيون .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _353_

  دليل ظاهر في قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين قال : إلا ان هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد وآله .
  قالت العلماء : يا أبا الحسن هذا الشرح وهذا البيان لا يوجد عندكم [ معاشر ] (1) أهل بيت رسول الله ، قال أبو الحسن : ومن ينكر لنا ذلك ورسول الله يقول : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ، ففيما أوضحناه وشرحناه من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره [ إلا ] (2) معاند ولله عز وجل الحمد على ذلك ، فهذه الرابعة .
  وأما الخامسة : قول الله عز وجل : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) (3) خصوصية خصهم الله تعالى العزيز الجبار بها واصطفاهم على الامة ، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله ، قال : إدعوا لي فاطمة ، فدعيت له ، فقال : يا فاطمة ، قالت : لبيك يارسول الله ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هذه فدك (4) هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وهي لي خاصة دون المسلمين وقد جعلتها لك كما (5) أمرني الله فخذيها لك ولولدك ، فهذه الخامسة .
  والآية السادسة : قول الله عز وجل : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (6) ، وهذه خصوصية للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى يوم القيامة وخصوصية للآل دون غيرهم ، وذلك ان الله حكى في ذكر نوح ( عليه السلام ) في كتابه : ( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ) (7) ، وحكى عز وجل عن هود ( عليه السلام ) انه قال : ( [ قُلْ ] لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ )(8) .

------------------------------------
(1) من العيون .
(2) من العيون .
(3) الاسراء : 26 .
(4) فدك : قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان .
(5) في العيون : لما .
(6) الشورى : 20 .
(7) هود : 29 .
(8) هود : 51 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _354 _

  وقال عز وجل لنبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قل يا محمد ( لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ، ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم انهم لا يرتدون عن الدين ولا يرجعون إلى ضلال أبدا ، واخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض [ أهل بيته ] (1) عدوا له ، فلا يسلم [ له ] قلب الرجل ، فاحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على المؤمنين شئ ، ففرض عليهم مودة ذوي القربى ، فمن أخذ بها وأحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله ان يبغضه ، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله ان يبغضه ، لأنه ترك فريضة من فرائض الله ، فأي فضلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه ، فأنزل الله هذه الآية على نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ، فقام رسول الله في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا أيها الناس ان الله قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه ؟ فلم يجبه أحد ، فقال : [ يا ] (2) أيها الناس انه ليس بذهب ولا فضة (3) ولا مأكول ولا مشروب ، فقالوا : هات إذا ، فتلا عليهم هذه الآية ، فقالوا : أما هذا فنعم ، فما وفى بها أكثرهم ، وما بعث الله عز وجل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا إلا أن الله يوفه أجر الأنبياء (4) ومحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فرض الله عز وجل [ طاعته ] (5) مودة قرابته على امته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليؤدوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أحب (6) الله عز وجل لهم ، فأن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل .
  فلما أوجب الله ذلك ثقل [ ذلك ] (7) لثقل وجوب الطاعة ، فتمسك بها قوم [ قد ] (8) أخذ الله ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق ( والحسد ) (9)

------------------------------------
(1) من العيون .
(2) من العيون .
(3) في العيون : من فضة ولا ذهب .
(4) في العيون : لأن الله عز وجل يوفيه أجر الأنبياء .
(5) من العيون .
(6) في العيون : أوجب .
(7) من العيون .
(8) من العيون .
(9) ليس في العيون .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _355_

وألحدوا في ذلك ، فصرفوه عن حده الذي حده الله ، فقالوا : القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته ، فعلى أي الحالتين كان ، فقد علمنا ان المودة للقرابة [ هي ] (1) ، فأقربهم من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أولاهم بالمودة وكلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها ، وما انصفوا نبي الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حيطته ورأفته ، وما من الله به على امته مما تعجزه الألسن عن وصف الشكر عليه أن لا يؤذوه (2) في ذريته وأهل بيته ، وأن يجعلوهم منهم كمنزلة (3) العين من الرأس حفظا لرسول الله [ فيهم ] (4) وحبا لبنيه (5) ، فكيف والقرآن ينطق به ويدعو إليه والأخبار ثابتة ، بأنهم أهل المودة والذين فرض الله مودتهم ووعد الجزاء عليها ، فما وفى أحد بها ، فهذه المودة لا يأتي بها أحد مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة ، لقول الله عز وجل في هذه الآية : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير=ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) مفسرا ومبينا . ثم قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : حدثني أبي ، عن جدي ، [ عن أبائه ] (6) عن الحسين بن علي ( عليهم السلام ) قال : اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالوا : ان لك يارسول الله مؤونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود (7) ، وهذه أموالنا مع دمائكم ، فاحكم فيها بارا مأجورا ، اعط ما شئت وامسك ما شئت من غير حرج ، قال : فأنزل الله عز وجل عليه الروح الأمين فقال : يا محمد ! ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) يعني أن يودوا قرابتي من بعدي ، فخرجوا ، فقال المنافقون : ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلا شيء أقره (8) في مجلسه وكان ذلك من قولهم عظيما ، فأنزل الله عز وجل

------------------------------------
(1) من العيون .
(2) في العيون : يؤدوه .
(3) في العيون : بمنزلة .
(4) من العيون .
(5) في العيون : حبا لهم .
(6) من العيون .
(7) وفد إليه : قدم وورد .
(8) في العيون : افتراه .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _356_

  جبرئيل ( عليه السلام ) بهذه الآية (1) : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (2) .
  فبعث إليهم (3) النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : هل من حدث ؟ فقالوا : إي والله يارسول الله ، لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه ، فتلا عليهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الآية ، فبكوا واشتد بكاؤهم ، فأنزل الله عز وجل ( والذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون ) (4) ، فهذه السادسة .
  وأما الآية السابعة : فقول الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (5) ، وقد علم المعاندون منهم انه لما نزلت هذه الآية قيل : يارسول الله ! قد عرفنا التسليم عليك وكيف الصلاة [ عليك ] (6) ؟ قال : تقولون : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، فهل بينكم معاشر المسلمين (7) في هذا خلاف ؟ فقالوا : لا ، قال المأمون : هذا مما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الامة ، فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن ؟
  قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : نعم ، أخبروني عن قول الله عز وجل : ( يس والقرآن الحكيم * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * على صراط مستقيم ) (8) ، فمن عنى بقوله يس ؟ قالت العلماء : يس محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يشك فيه أحد ، قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : فان الله أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنهه ووصفه (9) إلا من عقله ، وذلك أن الله عز وجل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء ( عليهم السلام ) ، فقال تبارك وتعالى : ( سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) (10) ، وقال : ( سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) (11) ،

------------------------------------
(1) في العيون : فانزل الله هذه الآية .
(2) الأحقاف : 8 .
(3) في العيون : عليهم .
(4) الشورى : 25 .
(5) الأحزاب : 56 .
(6) من العيون .
(7) في تأويل الآيات : معاشر الناس .
(8) يس : 1 ـ 3 .
(9) في التأويل : كنه وصفه .
(10) الصافات : 79 .
(11) الصافات : 109 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _357_

  وقال : ( سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) (1) . ولم يقل : سلام [ على آل نوح ولا آل إبراهيم ولا ] (2) على آل موسى وهارون وقال : [ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ] (3) يعني آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال المأمون : قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه ، فهذه السابعة .
  وأما الثامنة : فقول الله عز وجل : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) (4) ، فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسوله (5) ، فهذا فضل أيضا بين الآل والامة ، لأن الله تعالى جعلهم في خير (6) وجعل الناس في خير دون ذلك ، ورضي لهم بما رضي لنفسه واصطفاهم فيه ، فبدأ بنفسه ثم [ ثنى ] (7) برسوله ثم بذي القربى فكل ما كان من الفيء والغنيمة وغير ذلك مما رضيه جل وعز لنفسه فرضيه (8) لهم ، فقال وقوله الحق : ( واعلموا إنما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى ) ، فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق : الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (9) .
  وأما قوله : ( واليتامى والمساكين ) فان اليتيم إذا انقطع يتمه سهمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها نصيب ، وكذلك المسكين إذا انقطع مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه ، وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قائم فيهم للغني والفقير منهم ، لأنه لا أحد أغنى من الله عز وجل ولا من رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فجعل لنفسه سهما منها ولرسوله سهما ، فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم وكذلك الفيء ما رضيه منه ولنبيه رضيه لذي القربى ، كما أجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم ، وقرن سهمه (10) بسهم الله وسهم رسوله وكذلك في الطاعة

------------------------------------
(1) الصافات : 120 .
(2) من العيون .
(3) الصافات : 130 .
(4) الأنفال : 41 .
(5) من العيون : بسهمه وبسهم رسول الله .
(6) في العيون في الموضعين : خير .
(7) من العيون .
(8) من العيون : فرضى .
(9) اقتباس من الكريمة ، فصلت : 42 .
(10) في العيون : بسهمهم .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _358_

  قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (1) ، فبدأ ( قبلا ) (2) بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته .
  وكذلك آية الولاية ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا [ الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ] (3)) ، فجعل ولايتهم (4) مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته ، [ كذلك ولايتهم مع ولاية الرسول مقرونة بطاعته ] (5) ، كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ ، فتبارك الله وتعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت ، فلما جاءت قصة الصدقة نزه رسوله ونزه أهل بيته فقال : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ ) (6) .
  فهل تجد في شيء من ذلك انه جعل عز وجل سهما لنفسه (7) أو لذي القربى ، لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله [ و ] (8) نزه أهل بيته ، لا بل حرم عليهم ، لأن الصدقة محرمة على محمد وآله ، وهي أوساخ [ أيدي ] (9) الناس لا تحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ ، فلما طهرهم الله واصطفاهم رضي لهم ما رضى لنفسه وكره لهم ما كره لنفسه عزوجل فهذه الثامنة .
  وأما التاسعة : فنحن أهل الذكر ، الذين قال الله تعالى في محكم كتابه : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) (10) ، فنحن أهل الذكر ، فسألونا إن كنتم لا تعلمون ، فقالت العلماء : إنما عنى بذلك اليهود والنصارى .
  فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : سبحان الله وهل يجوز ذلك ؟ إذا يدعونا إلى دينهم ويقولون : انه أفضل من دين الإسلام ، فقال المأمون : فهل عندك في ذلك شرح

------------------------------------
(1) النساء : 59 .
(2) ليس في العيون .
(3) من العيون .
(4) في العيون : طاعتهم .
(5) من العيون .
(6) التوبة : 60 .
(7) من العيون : انه سمى لنفسه أو لرسوله .
(8) من العيون .
(9) من العيون .
(10) النحل : 43 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _359_

  بخلاف ما قالوا (1) يا أبا الحسن ؟ فقال ( عليه السلام ) : نعم ، ( الذكر ) رسول الله ونحن أهله ، وذلك بين في كتاب الله عزوجل حيث يقول في سورة الطلاق : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ ) (2) فالذكر رسول الله ونحن أهله فهذه التاسعة .
  وأما العاشرة : فقول الله عز وجل في آية التحريم : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ) (3) الآية إلى آخرها ، فاخبروني هل تصلح ابنتي وابنة ابني وما تناسل من صلبي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يتزوجها لو كان حيا ؟ قالوا : لا ، قال : فأخبروني هل كانت إبنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا ؟ قالوا : نعم ، قال : ففي (4) هذا بيان لأ [ ني أ ] (5) نا من آله ولستم من آله ، ولو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي لأ [ ني أ ] (6) نا من آله وأنتم من امته ، فهذا فرق بين الآل والامة لأن الآل منه ، والامة إذا لم تكن من الآل ليست منه ، فهذه العاشرة .
  وأما الحادية عشرة : فقول الله عز وجل في سورة المؤمن [ حكاية ] (7) عن قول رجل مؤمن من آل فرعون : ( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ـ إلى تمام الآية ) (8) إلى تمام الآية وكان ابن خال فرعون فنسبه إلى فرعون بنسبه ولم يضمه إليه بدينه ، وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بولادتنا منه وعممنا الناس بالدين فهذا الفرق (9) بين الآل والامة ، فهذه الحادية عشرة .
  وأما الثانية عشرة : فقول الله عز وجل : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) (10) ، فخصنا الله بهذه الخصوصية إذ أمرنا [ مع الامة ] (11) باقامة الصلاة ،

-------------------------------
(1) في العيون : قالوه .
(2) الطلاق : 10 .
(3) النساء : 23 .
(4 ـ 6) من العيون .
(8) طه : 28 .
(9) في العيون : فرق .
(10) طه : 132 .
(11) من العيون .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _360_

  ثم خصنا (1) من دون الامة ، فكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يجيء إلى باب علي وفاطمة بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر ، كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات ، فيقول : الصلاة رحمكم الله وما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء مثل (2) هذه الكرامة التي أكرمنا بها وخصنا من دون جميع أهل بيتهم ، فقال المأمون والعلماء : جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن [ هذه ] (3) الامة خيرا ، فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبهه علينا إلا عندكم ) (4) .
  قال محمد بن أبي القاسم مصنف هذا الكتاب : من تأمل في هذا الخبر وعرفه بأن له الحق من وجوب معرفة أهل البيت وفرض طاعتهم ومودتهم وفضلهم على سائر الناس ، وتبين له أيضا مصداق قولي في صدر هذا الكتاب ، من ان من يدعي التشيع يجب ان يعرفه حق معرفته لتستقيم دعواه في محبة أهل البيت وليشد وده لهم ويثبت تفضيله على ما سواهم ، كما قال الامام : ان المودة إنما تكون في قدر معرفة الفضل .
  44 ـ حدثنا أبي عن حميد ، عن أنس عن أبي ذر قال : ( سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بإذني وإلا صمتا وهو يقول : خلقت أنا وعلي من نور واحد ، نسبح الله على يمنة العرش من قبل أن يخلق أبونا آدم بألفي عام ، فلما خلق أبونا آدم صرنا في صلبه ، ثم نقلنا من كرام الأصلاب إلى مطهرات الأرحام حتى صرنا في صلب جدي عبد المطلب ، ثم شقنا نصفين وصيرني في صلب عبد الله وصير عليا في صلب أبي طالب ، واختارني للنبوة والرحمة والبركة وأختار عليا للشجاعة والعلم والفصاحة واشتق لنا أسمين من أسمائه عز وجل [ فذو العرش ] (5)

-------------------------------
(1) في العيون : فخصصنا ، خصصنا .
(2) في العيون : بمثل .
(3) من العيون .
(4) رواه الصدوق في العيون : 240 ـ 228 ، الأمالي : 121 ، عنه البحار 16 : 87 ، 25 : 229 ، 23 : 167 ، 94 : 51 ، تأويل الآيات 2 : 501 .
(5) من روضة الواعظين .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _361 _

  محمود وأنا محمد ، والله الأعلى (1) وهذا علي ) (2) .
  45 ـ قال : حدثنا إبراهيم بن بن أبي إسحاق ، عن عبد الجبار بن العباس الشبامي ، عن عمار الدهني ، عن أبي فاخته قال :
  ( أقبل علي ( عليه السلام ) وعمر جالس في مجلسه ، فلما رآه عمر تضعضع وتواضع وأوسع له في المجلس ، فلما قام علي ( عليه السلام ) قال له بعض القوم : يا أمير المؤمنين إنا لنراك تصنع بعلي صنيعا ما تصنعه بأصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال عمر : وما رأيتني أصنع به ؟ قال : رأيناك كما تضعضعت وتواضعت وأوسعت له حتى يجلس ، قال : وما يمنعني فوالله انه لمولاي ومولى كل مؤمن ) (3) .
  46 ـ قال : أخبرنا يوسف بن كليب ، عن هارون بن الحسن ، عن أبي سلام مولى قيس قال : خرجت مع مولاي قيس إلى المدائن قال : سمت سعد بن حذيفة يقول : سمعت أبي حذيفة يقول : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ( ما من عبد ولا أمة يموت وفي قلبه مثقال حبة من خردل من حب علي ( عليه السلام ) إلا أدخله الله عز وجل الجنة ) (4) .
  47 ـ حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا الوليد بن بكير أبو حباب عن سلام الخزاعي عن أبي اسحاق السبيعي ، عن الحرث ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ما من دعاء إلا بينه وبين السماء حجاب حتى يصلي على النبي وعلى آل محمد ، فإذا فعل ذلك خرق ذلك الحجاب ودخل الدعاء ، فإذا لم يفعل رجع الدعاء ) .
  48 ـ قال : حدثنا علي بن هاشم بن البريد ، عن إبراهيم بن حيان ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :

-------------------------------
(1) في الأصل : العلى ، ما أثبتناه من الروضة .
(2) رواه الشيخ في أماليه 1 : 186 ، والفتال في روضة الواعظين : 128 .
(3) رواه في البحار 37 : 198 ، أقول : مر تحت الرقم : 461 مثله .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 339 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _362 _

  ( أمر عليا أن يقضي بين رجلين فقضى بينهما ، فقال الذي قضى عليه : هذا الذي يقضي بيننا ، فكأنه ازدرأ عليه ، فأخذ عمر بتلابيبه وقال : ويلك وما تدري من هذا ؟ هذا علي بن أبي طالب هذا مولاي ومولى كل مؤمن ، فمن لم يكن مولاه فليس بمؤمن ) .
  49 ـ عن جابر : ( ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دعا عليا ( عليه السلام ) وهو محاصر الطائف ، فكان القوم استشرفوا لذلك وقالوا : لقد طال نجواك له منذ اليوم فقال : ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه ) (1) .
  50 ـ عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمة ، وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي ) (2) .
  51 ـ أخبرنا يحيى بن العلا الرازي ، عن عمه سعيد بن خالد ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن بريم قال : ( خطبنا الحسن بن علي ( عليهما السلام ) صبيحة قتل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال : لقد فارقكم الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولم يدركه الآخرون بعلم ، ولقد صعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا كان رسول الله يبعثه في البعث ، فيكتنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فلا ينثني حتى يفتح الله عز وجل عليه ، ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه ، أراد ان يبتاع بها خادما لأهله ) (3) .
  52 ـ قال : حدثنا المطلب بن زياد ، قال : حدثنا السدي ، عن عبد خير ، عن

-------------------------------
(1) رواه بهذا اللفظ وغيره : الترمذي في صحيحه 5 : 639 ، ابن المغازلي : 24 ، والشافعي في المناقب : 164 ، والخزاعي في أربعينه ح 26 ، الحسكاني في شواهد التنزيل 2 : 230 ، والخوارزمي في المناقب : 82 ، والخطيب في تاريخ بغداد 7 : 402 ، وابن الجوزي في تذكرة الخواص : 42 .
(2) رواه الصدوق في الأمالي : 298 ، علل الشرايع 1 : 139 ، والشيخ في الأمالي 1 : 285 ، أقول : مر مثله تحت أرقام : 96 و 240 .
(3) ذكر مثله في البحار 43 : 361 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _363 _

  أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في قول الله عز وجل : ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) (1) قال : ( المنذر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والهادي رجل من بني هاشم ، يعني نفسه ) (2) .
  53 ـ حدثنا عبيدالله المسعودي وهو عبيدالله بن الزبير عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن ابن عباس قال : ( كنت على الباب يوم الشورى فسمعت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول : أنشدكم الله أيها النفر جميعا أفيكم من قال له رسول الله : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه غيري ؟ قالوا : اللهم لا ) .
  54 ـ قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ابن عيسى ، قال : حدثنا أبي ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن عمار بن يزيد ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) قال : ( لما نزل رسول الله بطن قديد قال لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : يا علي اني سألت الله عز وجل ان يوالي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يوحي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يجعلك وصيي ففعل ، فقال رجل من القوم : والله لصاع من تمرشن بال خير مما سأل محمد ربه ، هلا سأله ملكا يعضده على عدوه أو كنزا يستعين به على حاجته ، فأنزل الله تعالى : ( فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا انزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل ) ) (3) .
  55 ـ قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ( رحمه الله ) ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ( قلت : جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين ؟ قال : نعم يا حسن أعظمها

-------------------------------
(1) الرعد : 7 .
(2) رواه ابن شهر آشوب في مناقبه 1 : 567 عن الثعلبي ، عنه البحار 35 : 399 .
(3) رواه الشيخ في أماليه 1 : 106 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _364 _

  وأشرفها ، قال : قلت [ له ] (1) وأي يوم هو ؟ قال : يوم نصب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) علما للناس ، قال : [ قلت ] (2) جعلت فداك وأي يوم هو ؟ قال : إن الأيام تدور وهو يوم ثمانية عشر من ذي الحجة .
  قال : قلت : جعلت فداك وما ينبغي [ لنا ] (3) ان نصنع فيه ؟ قال : تصومه يا حسن وتكثر الصلاة فيه على محمد وأهل بيته وتتبرأ إلى الله ممن ظلمهن [ وجحدهم ] (4) حقهم ، فان الأنبياء ( عليهم السلام ) كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي [ كان ] (5) يقام فيه الوصي ان يتخذ عيدا ، قال : قلت : فما لمن صامه منا ؟ قال : صيام ستين شهرا لكم ولا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب ، فانه هو اليوم الذي انزلت فيه النبوة على محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وثوابه مثل ستين شهرا [ لكم ] (6) ) (7) .
  56 ـ قال : حدثنا أخي أبو الحسن عن شيخه نفطويه ، عن أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه ، عن أبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي اللغوي ، عن محمد بن يزيد المبرد قال : سمعت يونس يحدث عن ابن الأعرابي قال : قال الشعبي : ( بينا أنا في بعض أندية (8) العرب أيام بني امية إذا قائل يقول لصاحبه : لا وحق من خصه النبي بوصيته من بين صحبته ، قال : فناديته فأقبل نحوي فقلت له : يا أخا العرب سمعت منك كلمة غريبة في زماننا هذا فصحت بها جهلا منك بعواقبها ، أما تخاف سيوف بني امية ؟ فقال لي : يا شيخ سيف الله تعالى أمضى من سيوفهم حدا ويد الله تعالى أعلا من أيديهم يدا ، فقلت له : من تفضل بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : أفضل والله فرع دوحته (9) والمخترع من طينته وسيف نبوته وحامل رايته وزوج ابنته ومن خصه بوصيته وجعله مولى لامته ، صادم عنه

-------------------------------
(1 ـ 6) من ثواب الأعمال .
(7) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 67 ، عنه البحار 97 : 111 .
(8) النادي : جمعه اندية ، مجلس القوم ماداموا مجتمعين فيها .
(9) الدوحة : جمعها دوح ، الشجرة العظيمة المتسعة .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _365 _

  الوعول (1) وناطح (2) دونه الفحول ، حتى علت كلمته وظهرت دعوته ، ذلك علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقلت : أفضل منه من سمي صديقا .
  فقال : كذبت ورب الكعبة فما صدقه ، بل هرب عنه في القتال ودل على سوء ضميره وقد غشيه الكرب واستكلب لديه الحرب أسلمه لأسنة الحتوف (3) وحدة السيوف ، انهزم والله الصديق عن صدقه ان الفار عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شيطان مارد ، ليس كما قلت بل والله الفاضل من نام على فراشه ووقاه بنفسه ، مفرج كربه وقاضي دينه ووارث علمه وخليفته على أمته ، مبايع البيعتين صاحب بدر وحنين ، أسد الله ووليه لا البلفاحة الهلباحة أين ابن أبي قحافة .
  قال الشعبي : فأمسكت عنه لئلا يسمع كلامه ويكتب بخبره وقلت له : حفظت القرآن ؟ فقال : إي والله وعلمت منه ما أخرق الظلمة إلى النور ، فقلت له : ما تقول في المسح على الخفين ؟ فقال : يا سبحان الله هل يجوز في حكم الله وعدله أن يفرض على جوارح البدن وهي أحياء فرضا معلوما فيشرك معها ميتة فجعل الميت شريكا للحي في فرض معلوم وقد رفع عن الأموات أعمال الأحياء ؟ مثلك يقول هذا ! قال الشعبي : فأرد كلاما ما سمعت قط مثله ، فقلت له : اخبرني من أنت ومن أين أنت ؟ فقال لي : إليك عني ما كنت لاخبر الحتف على نفسي ، وغاب عني فلم أره ( رضي الله عنه ) .
  57 ـ قال : حدثنا الحسن بن علي البصري ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن أبي صالح قال :
  ( لما حضرت عبد الله بن العباس الوفاة قال : اللهم إني أتقرب اليك بولاية علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) ) .

-------------------------------
(1) الوعول : تيوس الجبل ، والمراد بهم الأ
شراف والرؤوس ، ضرب المثل بها لأنها تأوي رؤوس الجبال .
(2) نطحه : أصابه بقرنه .
(3) الحتف : جمعه الحتوف ، الموت .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _366 _

الجزء الثامن

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _369_

  1 ـ بحذف الاسناد قال : حدثنا يعقوب بن يوسف الضبي ، قال : حدثنا عبيدالله (1) بن موسى ، قال : حدثنا جعفر الأحمر ، [ عن الشيباني ] (2) ، عن جميع بن عمير قال : قالت عمتي لعائشة وأنا أسمع : ( لله أنت مسيرك (3) إلى علي ما كان ؟ قالت : دعينا منك انه ما كان من الرجال أحب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من علي ، ولا من النساء أحب إليه من فاطمة ) (4) .
  2 ـ قال : حدثنا محمد بن عمر ، عن الأحلج ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ابن بريم : ( ان عليا ( عليه السلام ) لما توفي قام الحسن فصعد المنبر فقال : أيها الناس انه قد قبض فيكم الليلة رجل ما سبقه الأولون والآخرون بعلم وعرج بروحه في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يبعثه المبعث فيقاتل ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فما ينثني حتى يفتح الله عليه ) (5) .
  3 ـ قال : حدثنا إسماعيل بن أبان الأزدي الوراق ، عن سلام بن أبي عمرة ،

-------------------------------
(1) في الأصل : عبد الله .
(2) من الأمالي .
(3) في الأصل : أرأيت ، وما أثبتناه من البحار ، أقول : لله أنت ، كلمة تقال عند الاشفاق .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 211 ، البحار 43 : 23 .
(5) مر مثله تحت الرقم : 473 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _370 _

  عن معروف ، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة قال : ( خطب الحسن بن علي بعد وفاة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر أمير المؤمنين عليا ، فقال : خاتم الأوصياء (1) ووصي خاتم الأنبياء وأمير الصديقين والشهداء [ والصالحين ] (2) ، ثم قال : يا أيها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون ( بعلم ) (3) ولا يدركه الآخرون ، لقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعطيه الراية فيقاتل جبرئيل عن يمينه ومكائيل عن يساره ، فما يرجع حتى يفتح الله عليه ، والله لقد قبضه الله عز وجل في الليلة التي قبض فيها وصي موسى ( عليه السلام ) ، وعرج بروحه في الليلة التي فيها رفع عيسى ( عليه السلام ) ، وفي الليلة التي أنزل فيها الفرقان ، والله ما ترك ذهبا ولا فضة إلا شيئا على صبي له ، وما ترك في بيت المال إلاسبعمائة ( وخمسين ) (4) درهما فضلت عن عطائه أراد أن يشتري بها خادما لام كلثوم .
  ثم قال : من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثم تلا هذه الآية قول يوسف ( عليه السلام ) : ( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ ) (5) . ثم أخذ في كتاب الله عز وجل فقال : أنا ابن البشير ، وأنا ابن النذير ، وأنا ابن الداعي إلى الله باذنه ، وأنا ابن السراج المنير ، وأنا ابن ( الطهر ) (6) الذي ارسل رحمة للعالمين ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله تعالى ولايتهم ومودتهم ، فقال فيما أنزل على محمد : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ) (7) ، واقتراف الحسنة مودتنا ) (8) .

-------------------------------
(1) في البحار : خاتم الوصيين .
(2) من البحار .
(3) ليس في البحار .
(4) ليس في البحار .
(5) يوسف : 38 .
(6) ليس في البحار .
(7) الشورى : 22 .
(8) رواه في البحار 43 : 361 ، وأيضا في 43 : 362 عن المفيد في إرشاده وابن أبي الحديد في شرحه .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _371 _

  4 ـ عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد قال : ( قيل : لأبي عبد الله ( عليه السلام ) للمؤمنين من الاعياد عيد غير العيدين والجمعة ؟ قال : فقال : نعم ، لهم ما هو أعظم من هذا ، يوم اقيم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فعقد له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الولاية في أعناق الرجال [ والنساء ] (1) بغدير خم ، فقلت : وأي يوم ذلك ؟ قال : الأيام تختلف ، ثم قال : [ يوم ] (2) ثمانية عشر من ذي الحجة ، قال : ثم قال : والعمل فيه يعدل العمل في ثمانين شهرا وينبغي أن تكثر فيه ذكر الله تعالى والصلاة على النبي ويوسع الرجل فيه على عياله ) (3) .
  5 ـ عن الشعبي عن مسروق قال : ( قالت لي عائشة : يا مسروق هل عندك علم من المخرج ؟ قال : قلت : نعم قتله علي بن أبي طالب يا امه ، أخبرني أنس سمعت من رسول الله يقول فيه ، قالت : سمعت رسول الله يقول : هم شر الخلق يقتلهم خير الخلق والخليقة وأقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة ) .
  6 ـ عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أمرني الله عز وجل بحب أربعة وأخبرني انه يحبهم ، انك يا علي منهم ، انك يا علي منهم ، وسلمان وأبو ذر والمقداد ) (4) .
  7 ـ عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) : ( ( يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ) (5) ، وهي ولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) (6) .
  8 ـ قال : حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن خلف بن حماد الأسدي ، عن أبي الحسن العبدي ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي عن عبد الله بن عباس قال :

-------------------------------
(1) من البحار وثواب الأعمال .
(2) من البحار وثواب الأعمال .
(3) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 68 ، عنه البحار 97 : 112 .
(4) رواه الصدوق في عيون الأخبار 2 : 32 ، عنه البحار 22 : 322 .
(5) إبراهيم : 28 .
(6) رواه في البرهان : 2 : 315 ، عن النطنزي مع اختلاف .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _372 _

  ( أقبل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ذات يوم إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) باكيا وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقال له رسول الله : مه يا علي ، فقال علي ( عليه السلام ) : يارسول الله ماتت امي فاطمة بنت أسد .
  قال : فبكى النبي ثم قال : رحم الله امك يا علي ، أما انها [ ان كانت لك اما فقد ] (1) كانت لي اما ، خذ عمامتي هذه وخذ ثوبي هذين وكفنها (2) فيهما ، ومر النساء فليحسن غسلها ولا تخرجها حتى أجئ فالي أمرها ، قال : وأقبل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد ساعة واخرجت فاطمة ام علي ( عليه السلام ) فصلى عليها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ، ثم كبر عليها أربعين تكبيرة ثم دخل (3) القبر فتمدد فيه ، فلم يسمع له أنين ولا حركة ، ثم قال : يا علي ادخل ، يا حسن ادخل ، فدخلا القبر فلما فرغ مما إحتاج إليه قال [ له ] (4) : يا علي اخرج ، يا حسن اخرج ، فخرجا .
  ثم زحف (5) النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى صار عند رأسها ثم قال : يا فاطمة أنا محمد سيد ولد آدم ولا فخر ، فان أتاك منكر ونكير فسألاك من ربك ؟ فقولي : الله ربي ومحمد نبيي والاسلام ديني والقرآن كتابي وابني [ امامي و ] (6) وليي ، ثم قال : اللهم ثبت فاطمة بالقول الثابت ، ثم خرج [ من قبرها ] (7) وحثا عليها حثيات (8) ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي ، فقام إليه عمار بن ياسر فقال : فداك أبي وامي يارسول الله لقد صليت عليها صلاة لم تصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ؟
  قال : يا أبا اليقظان وهل (9) ذلك هي مني ، لقد كان لها من أبي طالب ولد كثير

-------------------------------
(1) من البحار .
(2) في البحار : فكفنها .
(3) في البحار : دخل إلى .
(4) رواه في البحار .
(5) الزحف : الدبيب على الركبتين قليلا قليلا .
(6 و 7) من البحار .
(8) حثا التراب : صبه ، الحثى : ما غرف باليد من التراب وغيره .
(9) في البحار : أهل .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _373 _

  ولقد كان خيرهم كثيرا و [ كان ] (1) خيرنا قليلا ، فكانت تشبعني وتجيعهم وتكسوني وتعريهم وتدهنني وتشعثهم (2) ، قال : فلم كبرت عليها أربعين تكبيرة يارسول الله ؟ قال : نعم يا عمار ، التفت إلى (3) يميني ونظرت إلى أربعين صفا الملائكة ، فكبرت لكل صف تكبيرة ، قال : فتمددت (4) في القبر ولم يسمع لك أنين ولا حركة ؟ قال : ان الناس يحشرون يوم القيامة عراة ، فلم أزل أطلب إلى ربي عز وجل ان يبعثها ستيرة والذي نفس محمد بيده ما خرجت من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور عند رأسها [ ومصباحين من نور عند يديها ] (5) ومصباحين من نور عند رجليها ، وملكيها الموكلين بقبرها يستغفران لها الى أن تقوم الساعة ) (6) .
  9 ـ قال : حدثنا عبد الله بن المسلم الملائي [ عن أبيه ] (7) عن إبراهيم بن علقمة ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما حضره الموت : أدعوا لي حبيبي ، فقلت : أدعوا له ابن أبي طالب ، فوالله ما يريد غيره ، فلما جاءه فرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه ، فلم يزل محتضنه (8) حتى قبض ويده عليه ) (9) .
  10 ـ قال : حدثنا ناصح ، عن زكريا ، عن أنس قال : ( اتكأ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على علي فقال : يا علي أما ترضى أن تكون أخي وأكون أخاك ، وتكون وليي ووصيي ووارثي ، تدخل رابع أربعة الجنة ، أنا وأنت والحسن والحسين وذريتنا خلف ظهورنا ، ومن تبعنا من امتنا عن أيمانهم وشمائلهم ، قال : بلى يارسول الله ) .

-------------------------------
(1) من البحار .
(2) الاشعث : المغبر الرأس .
(3) في البحار : عن .
(4) في البحار : فتمددك .
(5) من البحار .
(6) رواه الصدوق في أماليه : 189 ، والفتال في روضة الواعظين : 123 ، عنه البحار 35 : 70 .
(7) من أمالي الشيخ .
(8) احتضن الصبي ، جعله في حضنه ، وهو ـ بالكسر ـ ما دون الإبط إلى الكشح .
(9) رواه الشيخ في أماليه 1 : 211 ، عنه البحار 22 : 455 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _374 _

  11 ـ قال : حدثنا الحسن بن الحسين ، قال : حدثنا أبو عيلان سعد بن طالب الشيباني عن أبي إسحاق ، عن أبي الطفيل قال :
  ( كنت في البيت يوم الشورى فسمعت عليا ( عليه السلام ) يقول : أنشدكم الله جميعا أفيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وآله غيري ؟ قالوا : اللهم : لا ، قال : أنشدكم الله جميعا هل أحد وحد الله قبلي ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : فأنشدكم الله جميعا هل فيكم أحد أخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ؟ قالوا : اللهم لا .
  قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين ابني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سيدي شباب أهل الجنة ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد ناجاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقدم بين يدي نجواه صدقة غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، غيري ؟ قالوا : اللهم لا .
  قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنت مني بمنزلة هارون من موسى غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : أنشدكم الله هل فيكم أحد أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بطير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فدخلت عليه فلم يأكل معه أحد غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، فقال : اللهم اشهد ) (1) .
   12 ـ عن الشعبي عن ابن عباس : في قوله تعالى ( وقفوهم إنهم مسؤولون ) (2) قال : ( عن ولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) (3) .
  13 ـ عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله عز وجل : ( يا أيها الرسول بلغ

-------------------------------
(1) رواه الشيخ في أماليه 1 : 342 ، والصدوق في أماليه : 521 .
(2) الصافات : 24 .
(3) رواه في تأويل الآيات 2 : 493 ، عنه البحار 24 : 270 ، البرهان 4 : 17 ، تفسير فرات : 130 ، أخرجه من شواهد التنزيل 2 : 108 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _375 _

  ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ان الله لا يهدي القوم الكافرين ) (1) ، نزلت في علي ( عليه السلام ) أمر الله النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان يبلغ فيه فأخذ النبي بيد علي فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) (2) .
  14 ـ حدثنا المبارك بن فضالة ، عن علي بن زيد ، قال :
  ( حدثني رجل من الأنصار ان رجلا من الأنصار ولد له غلام على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فدعا له ووضع إبهامه بين عينيه فنبت وغرة شعره كأنها أذناب الخيل غرة من أحسن في الأرض فشب الغلام ونشأ على خير ما ينشأ عليه واحد في الفقه والقرآن حتى إذا خرج أهل النهروان مر بهم فسقطت الشعرة بين عينيه .
  قال علي بن زيد : أنا والله ممن رآها حين طلعت وحين سقطت وحين عادت . قال أبوه : شر ورب الكعبة ، سقط أثر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من وجهك لا والله ما سقط إلا من شئ أحدثته ، قال : ثم أخذه فقيده ، فلما أقبل أهل النهروان عرف ضلالتهم واستبان له أمرهم تاب إلى الله عز وجل ، فجعل يبكي ويدعو الله أن يتوب عليه ، فقال لأبيه : جزاك الله من أب خيرا فبك الذي حبسني الله فأطلقني رحمك الله ، قال : كذبت ورب الكعبة لا أطلقك أبدا حتى تموت فيها أو يرجع أثر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في وجهك . قال : فجعل يدعو ويبكي اللهم اللهم حتى إطلع الله عز وجل الشعر ، فأطلقه أبوه فلم يزل في عبادة حتى مات ) .
  15 ـ قال : حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلاني الجوهري ، قال : حدثنا عبيدالله بن محمد ، يعني ابن عائشة ، قال : حدثني أبي وغيره عشية الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة أربع وخمسين قالوا : ( حج هشام بن عبد الملك في زمن عبد الملك فطاف بالبيت فحيد (3) أن يصل إلى الحجر فيستلمه فلم يقدر عليه ، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس

-------------------------------
(1) المائدة : 67 .
(2) رواه في البرهان 1 : 490 .
(3) حيد عن الطريق : مال عنه وعدل .