18 ـ قال : حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، قال : حدثنا عبده ، عن عبد الملك بن أبي سليمان قال :
  ( قلت لعطا : أكان في أصحاب رسول الله أعلم بكتاب الله من علي ؟ قال : لا والله ) .
  19 ـ قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله بن جعفر العلوي ، قال : حدثني يحيى بن هاشم الغساني (1) ، قال : حدثني محمد بن مروان ، قال : حدثني جويبر بن سعيد (2) ، عن الضحاك بن مزاحم قال : ( سمعت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول : أتاني أبو بكر وعمر فقالا : لو أتيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فذكرت له فاطمة ( عليها السلام ) ، قال : فأتيته ، فلما رآني رسول الله ضحك ، ثم قال : ما جاء بك يا أبا الحسن [ وما ] (3) حاجتك ؟ قال : فذكرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ونصرتي له وجهادي .
  فقال : يا علي صدقت فأنت أفضل مما ذكرت (4) ، فقلت : يارسول الله فاطمة فزوجنيها ، فقال : يا علي انه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها ، ولكن على رسلك (5) حتى أخرج إليك ، فدخل عليها فقامت إليه ، فأخذت رداءه ونزعت نعليه وأتته بالوضوء ، فوضته بيدها وغسلت رجليه ثم قعدت .
  فقال [ لها ] (6) : يا فاطمة ! قالت : لبيك حاجتك يارسول الله ، قال : ان علي بن أبي طالب ممن عرفت قرابته وفضله في إسلامه (7) وإني قد سألت ربي أن يزوجك بخير خلقه وأحبهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئا فما ترين ؟ فسكتت ولم تول وجها ولم ير فيه رسول الله كراهة ، فخرج وهو يقول : الله أكبر ، سكوتها إقرارها ،

------------------------------------
(1) في الأمالي : الغناني .
(2) في الأمالي : جوير بن سعد .
(3) من الامالي .
(4) في الأمالي : مما تذكر .
(5) الرسل ـ بالكسر ـ التأني والرفق .
(6) من الأمالي .
(7) في الأمالي : فضله وإسلامه .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _402_

  وأتاه جبرئيل فقال : يا محمد زوجها علي بن أبي طالب ، فان الله قد رضيها له ورضيه لها ، قال علي ( عليه السلام ) : فزوجني رسول الله ، ثم أتاني فأخذ بيدي فقال : قم باسم الله وقل : على بركة الله ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله توكلت على الله ، ثم جاءني حتى (1) أقعدني عندها .
  ثم قال : اللهم انهما أحب خلقك إلي فاحبهما وبارك في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظا وإني اعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم ) (2) .
  20 ـ عن أبي هريرة انه قال : ( من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا ، وذلك يوم غدير خم لما أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيد علي بن أبي طالب فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال [ له ] (3) عمر : بخ بخ أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) (4) .
  21 ـ عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من أراد أن يحيى حياتي وان يموت مماتي وأن يسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب ويتول ذريته من بعده فانهم خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من امتي القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ) (5) .
  22 ـ قال : حدثنا محمد بن سيرين ، قال : سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة ، يقولون : ( لما فرغ علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) من الجمل عرض له مرض وحضرت الجمعة فتأخر عنها ، وقال لإبنه الحسن ( عليه السلام ) : انطلق يا بني فجمع بالناس ، فأقبل

------------------------------------
(1) في الأمالي : حين .
(2) رواه الشيخ في أماليه 1 : 37 ، عنه البحار 43 : 93 .
(3) من البحار .
(4) رواه السيد في الطرائف : 147 ، عن ابن المغازلي في مناقبه : 19 ، عنه البحار 37 : 108 ،
أقول : مر مثله تحت الرقم : 172 .
(5) رواه الشيخ في أماليه 2 : 191 ، والصدوق في أماليه : 39 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _403_

  الحسن إلى المسجد فلما استقر على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثم قال : أيها الناس ان الله إختارنا بالنبوة واصطفانا على خلقه وأنزل علينا كتابه ووحيه ، وايم الله لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا ينقصه [ الله ] (1) في عاجل دنياه وآجل آخرته ، ولا تكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة ، ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) (2) ، ثم جمع بالناس وبلغ أباه ( عليه السلام ) كلامه ، فلما انصرف إلى أبيه نظر إليه ، فما ملك عبرته أن سالت على خديه ثم استدناه إليه فقبل بين عينيه وقال : بأبي أنت وامي ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (3) ) (4) .
  23 ـ عن قيس بن سعد بن عبادة قال : سمعت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول : ( أنا أول من يجثو بين يدي الله عز وجل يوم القيامة للخصومة ) (5) .
  24 ـ عن حكيم بن حسن (6) عن عقبة الهجري ، عن عمه قال :( سمعت عليا ( عليه السلام ) على المنبر وهو يقول : لأقولن اليوم قولا لم يقله أحد قبلي ولا يقوله [ أحدا ] (7) بعدي إلا كاذبا : أنا عبد الله وأخو رسول الله وتزوجت سيدة نساء الامة ) (8) .
  25 ـ قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن جبلة بن سحيم ، عن أبيه قال : ( لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بلغه أن معاوية قد توقف عن إظهار البيعة له ، وقال : إن أقرني على الشام وأعمالي التي ولانيها عثمان بايعته ، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين ، فقال له : يا أمير المؤمنين ان معاوية من قد علمت (9) وقد ولاه الشام من كان قبلك فوله أنت كيما تتسق الامور ، ثم إعزله إن بدا لك ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما توليته إلى خلعه ؟ قال : لا .

------------------------------------
(1) من الأمالي .
(2) ص : 88 .
(3) آل عمران : 34 .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 81 .
(5) رواه الشيخ في أماليه 1 : 83 .
(6) في الأمالي : جبير .
(7) من الأمالي .
(8) رواه الشيخ في أماليه 1 : 83 .
(9) في الأمالي : عرفت .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _404 _

  قال : فلا يسألني الله عز وجل عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا ( وما كنت متخذ المضلين عضدا ) (1) ، لكني ابعث إليه فأدعوه إلى ما في يدي من الحق فان أجاب فرجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، وان أبى حاكمته الى الله ، فولى المغيرة وهو يقول : [ فحاكمه إذا ، فأنشأ يقول ] (2) :
نصحت عليا في ابن حرب نصيحة      فـرد فـما مـني لـه الدهر iiثانية
ولـم  يـقبل النصح الذي جئته iiبه      وكانت  له تلك النصيحة كافية (3)ii
وقـالوا لـه ما أخلص النصح iiكله      فـقلت لـه ان (4) النصيحة غالية

  فقام قيس بن سعد فقال : يا أمير المؤمنين ان المغيرة أشار عليك بأمر لم يرد الله به ، فقدم فيه رجلا وأخر فيه اخرى ، فان [ كان لك ] (5) الغلبة تقرب إليك بالنصيحة ، وان كانت لمعاوية تقرب إليه بالمشورة ، ثم أنشأ يقول :
كـاد ومـن أرسـى ثـبيرا iiمـكانه      مـغيرة ان يـقوى عـليك iiمـعاوية
كـنـت بـحـمد الله فـينا iiمـوفقا      وتـلك  الـتي أراكـها غـير iiكافية
فـسبحان  مـن عـلا السماء مكانها      والأرض دحاها كما هي هيه ) (6) 

  26 ـ عن أبي إسحاق ، عن الحرث ، عن علي ( عليه السلام ) قال : ( كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأتينا كل غداة فيقول : الصلاة رحمكم الله الصلاة ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (7) ) (8) .
  27 ـ قال : حدثنا أبو نعيم قال : قلت لقطر : ( كم كان بين قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، إلى وفاته ؟ قال : مائة يوم ) .
  28 ـ قال : حدثنا الحسين بن إبراهيم المعروف بأبي علية قال :

------------------------------------
(1) الكهف : 51 .
(2) من الأمالي .
(3) في الأمالي : عافية .
(4) في الأمالي : ذات .
(5) من الأمالي .
(6) رواه الشيخ في أماليه 1 : 85 .
(7) الاحزاب : 33 .
(8) رواه الشيخ في أماليه 1 : 88 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _405_

  ( سمعت عبد السلام بن صالح قال : قلت لوكيع بن الجراح : ما معنى قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من كنت مولاه ، فعلي مولاه ؟ قال : من كنت نبيه فعلي وليه ) .
  29 ـ قال : حدثنا أبو علي بن أبي ياسر ، قال : حدثنا عيسى بن فاشي قال : ( قدمت من المدائن في بعض الأوقات إلى بغداد فدخلت سكة من السكك التي لم يكن لي عهد بسلوكها فوجدت جمعا كثيرا من أصحاب الحديث مع المحدث ، فنزلت عن دابتي وقعدت في آخر الناس ، فلما تم المجلس وتفرقوا تقدمت إلى المحدث لأسأله عن أشياء وكان أحمد بن حنبل ، فقلت : أنا أعزك الله رجل من السواد ومذهبنا موالاة أهل البيت ( عليهم السلام ) وترد علينا أحاديث يجب أن نعرف صحتها فاسألك عن بعضها فقال : سل .
  فقلت : الحديث يروى في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : أنت قسيم النار ، قال : ـ وكان على يمينه أحمد بن نصر بن مالك - فذهب أحمد بن نصر ينكر الحديث ، فسكته أحمد ، وقال : إنه يسأل ، ثم قال : هذا حديث في إسناده ، ولكن في الحديث الآخر : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ما يغني عنه ، وهو حديث صحيح ، ويجوز أن يكون من والاه في الجنة ومن عاداه في النار ، فمعنى هذا الحديث في هذا الحديث ) .
  30 ـ حدثنا شعبة قال : سمعت سيد الهاشميين زين العابدين علي بن الحسين ( عليه السلام ) بالمدينة يقول : حدثني عمي محمد بن علي ( عليهما السلام ) انه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( سدوا الأبواب كلها إلا باب علي ، وأومأ بيده إلى بابه ) (1) .
  31 ـ أخبرنا عمرو بن أبي المقداد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي الحمراء خادم رسول الله قال : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لما اسري بي إلى السماء رأيت على ساق العرش

------------------------------------
(1) رواه الصدوق في أماليه : 274 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _406_

  الأيمن : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به ) (1) .
  32 ـ عن سلمة بن كهيل ، عن عياض بن عياض ، عن أبيه قال : ( مر علي بن أبي طالب بملأ فيهم سلمان فقال لهم سلمان ( رضي الله عنه ) : قوموا فخذوا بحجزة هذا فوالله لا يخبركم بسر نبيكم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) [ أحد ] (2) غيره ) (3) .
  33 ـ عن علي بن عقبة عن سالم بن أبي حفصة قال : ( لما هلك أبو جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) قلت لأصحابي : انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد فاعزيه به ، فدخلت عليه فعزيته ثم قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب والله من كان يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فلا يسأل عمن بينه وبين رسول الله ، فلا والله ولا نرى مثله أبدا ، قال : فسكت أبو عبد الله ( عليه السلام ) ساعة ثم قال :
  قال الله تعالى : [ ان ] (4) من عبادي من يتصدق بشق [ من ] (5) تمرة فاربيها (6) له كما يربي أحدكم فلوه (7) حتى اجعلها له مثل [ جبل ] (8) احد ، فخرجت إلى أصحابي فقلت : ما رأيت أعجب من هذا كنا نستعظم قول أبي جعفر : قال رسول الله بلا واسطة ، فقال لي أبو عبد الله : قال الله تعالى بلا واسطة ) (9) .

------------------------------------
(1) رواه الصدوق في أماليه : 179 ، والخوارزمي في مناقبه : 229 ، وابن المغازلي في مناقبه : 39 ، والشيخ منتجب الدين في أربعينه : 66 ، للحديث مصادر كثيرة أخرجها في إحقاق الحق 6 : 139 ـ 151 ، فراجع .
(2) من الأمالي .
(3) رواه الشيخ في أماليه 1 : 125 ، أقول : مر مثله تحت الرقم : 225 .
(4) من الأمالي .
(5) من الأمالي .
(6) ربى المال : زاد ونما .
(7) الفلو : الجحش .
(8) من الأمالي .
(9) رواه الشيخ في أماليه 1 : 125 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _407_

الجزء العاشر

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _409_

  1 ـ قال : حدثنا أبو محمد القاسم بن عبد الله بن المغيرة الجوهري ، قال : حدثنا أبو غسان يعني مالك بن اسماعيل النهدي ، أخبرنا المطلب بن زياد ، أخبرنا ليث ، عن الحكم ، عن عائشة بنت سعد ، عن سعدان ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي بن أبي طالب يوم غزوة تبوك : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبي بعدي ) (1) .
  2 ـ قال : حدثنا محمد بن الأسود ، عن محمد بن مروان ، عن محمد بن السايب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) قال : ( أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممن قد آمن بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالوا : يارسول الله ان منازلنا بعيدة لا نجد أحدا يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد ، وان قومنا لما رأونا صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم اظهروا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يواكلونا فشق علينا ، فبينا هم يشكون إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذ نزلت هذه الآية على رسول الله : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (2) ، ويؤذن بالصلاة صلاة الظهر .

------------------------------------
(1) رواه الشيخ في أماليه 2 : 211 ، عنه البحار 37 : 255 ، رواه ابن شاذان في مائة منقبة : 91 ، عنه غاية المرام : 119 ، والكراجكي في كنز الفوائد : 282 أخرجه السيوطي في بغية الوعاة : 452 ، والخطيب في تاريخ بغداد 3 : 288 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 1 : 346 .
(2) المائدة : 55 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _410_

  وخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، فإذا مسكين يسأل ، فدخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : أعطاك أحد شيئا ؟ قال : نعم ، قال : ذاك الرجل القائم ، قال : على أي حال أعطاكه ؟ قال : وهو راكع ، قال : وذلك علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : فكبر رسول الله عند ذلك ثم قرأ ( ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا . . . ) (1) الآية ، فأنشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك :
أبـا  حسن تفديك نفسي iiومهجتي      وكـل بـطئ في الهدى iiومسارع
أيـذهب سعي في مديحك iiضائعا      وما  المدح في جنب الإله iiبضايع
فأنت الذي أعطيت إذ كنت iiراكعا      فـدتك  نفوس القوم يا خير راكع
فـأنزل فـيك الله خـير iiولايـة      فثبتها في محكمات الشرائع ) (2)

  3 ـ عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : ( لولا ان الله خلق أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لفاطمة ما كان لها كفؤ على الأرض ) (3) .
  4 ـ وروي : ( أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) دخل بفاطمة بعد وفاة اختها زوجة عثمان بستة عشر يوما بعد رجوعه من بدر وذلك لأيام خلت من شوال .
  وروى انه دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة ) (4) .
  5 ـ قال : حدثنا علي بن هاشم ، عن أبيه ، عن بكير بن عبد الله الطويل وعمار بن أبي معاوية ، قالا : حدثنا أبو عثمان البجلي مؤذن بني أقصى ، قال بكير : أذن لنا أربعين سنة قال : ( سمعت عليا يقول يوم الجمل : ( وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) (5) ، ثم حلف حين قرأها انه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم ، قال بكير : فسألت عنها أبا جعفر ( عليه السلام )

-------------------------------
(1) المائدة : 56 .
(2) رواه البحراني في البرهان 1 : 482 عنه الطبرسي ، وفي البرهان 1 : 484 عن الخوارزمي ، روى صدره في تفسير فرات : 39 .
(3) رواه الشيخ في أماليه 1 : 42 ، عن البحار 43 : 97 و 141 .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 42 .
(5) التوبة : 12 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _411_

  فقال : صدق الشيخ ، هكذا قال علي ( عليه السلام ) : هكذا كان ) (1) .
  6 ـ عن محمد بن يوسف ، عن منصور بن برزج ، قال : ( قلت لأبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) : ما أكثر منك سيدي ذكر سلمان الفارسي ؟ فقال : لا تقل : سلمان الفارسي ، ولكن قل : سلمان المحمدي ، أتدري ما كثرة ذكري له ؟ قلت : لا ، قال : لثلاث [ خلاله خلال ] (2) : أحدهما ايثاره هوى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على هوى نفسه ، والثانية حبه للفقراء واختياره لهم (3) على أهل الثروة والعدد ، والثالثة : حبه للعلم والعلماء ، ان سلمان كان عبدا صالحا حنيفا مسلما وما كان من المشركين ) (4) .
  قال محمد بن أبي القاسم : فقه الحديث ان سلمان الفارسي أدرك هذه المنزلة العظيمة بولايته لأهل البيت ( عليهم السلام ) وخدمتهم .
  7 ـ قال : حدثنا إبراهيم بن حيان ، عن ام جعفر بنت جعفر امرأة محمد بن الحنفية ، عن أسماء بنت عميس انها حدثتها انها كانت تغزو مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قالت : قلت : يا جدة ما كنت تصنعين ؟ قالت : ( كنت اخرز السقا واداوي الجرحى وأكحل العين ، وان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلى بنا العصر وأنتبه قبل ان سلم ، فأوحى الله إليه واخبر عليا ( عليه السلام ) وقد كان دخل ولم يكن أدرك أولها فلما أبصر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد طال ذلك منه حتى غربت الشمس فقال له : يا علي ما صليت ، قال : لا ، كرهت اطراحك في التراب ، فقال النبي : اللهم ارددها عليه ، فرجعت الشمس بعدما غربت حتى صلى علي ( عليه السلام ) ) (5) .

-------------------------------
(1) رواه الشيخ في أماليه 1 : 131 .
(2) من الأمالي .
(3) في الأمالي : اياهم .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 133 .
(5) حديث رد الشمس من الأحاديث المتواترة والمشهورة ، وقد ورد بأسانيد ومتون مختلفة ، إليك بعضها : رواه في الكافي 4 : 561 عنه ، البحار 41 : 182 و 100 : 216 ، وغاية المرام : 629 . أورده ابن المغازلي في مناقبه : 96 ، والخوارزمي في مناقبه : 217 ، وابن الجوزي في التذكرة : 53 ، والكنجي في كفاية الطالب : 385 . =

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _412 _

8 ـ قال : انشدني القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون بن محمد ( رحمه الله ) سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة :
(  بأبي وامي خمسة iiاحببتهم      فـي الله لا لـعطية iiأعطاها
بـأبي  النبي محمد iiووصيه      الـطيبان  وبـنته iiوأبـناها
بـأبي الذين بحبهم iiوبذكرهم      أرجو النجاة من التي أخشاها
قــوم إذا ولاهـم iiمـتدين      والـى ولـي الطيبين الله ii)

  9 ـ الحسين بن أبي القاسم التميمي ، قال : أخبرنا أبو سعيد السجستاني ، وقال : أنبأني القاضي ابن القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي ببغداد ، قال : أنشدني أبي أبو علي المحسن ، قال : أنشدني أبي أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي لنفسه من قصيدة :
( ومـن قـال في يوم الغدير iiمحمدا      وقد  خاف من غدر العداة iiالنواصب
أمـا  أنـا أولـى بـكم من نفوسكم      فـقالوا : بلى قول المريب iiالموارب
فـقال  لـهم : من كنت مولاه iiمنكم      فـهذا أخـي مـولاه فيكم iiوصاحب
أطـيعوه  طـرا فـهو مني iiكمنزل      لهارون من موسى الكليم المخاطب 
فـقولا لـه إن كـنت من آل iiهاشم      فما  كل نجم في السماء بثاقب ) (1)

  10 ـ أخبرنا ثابت بن عمارة : حدثني ربيعة بن شيبان انه قال للحسن بن علي ( عليه السلام ) :
  ( ما تذكر من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : أدخلني غرفة الصدقة فأخذت منها تمرة فألقيتها في فمي ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : القها ، فانه لا تحل لرسول الله ولا لأحد من أهل بيته ) .
  11 ـ عن أبي سعيد الخدري قال :
  ( كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذات يوم جالسا وعنده نفر من أصحابه ، فيهم علي بن

-------------------------------
= وأخرجه عن المصادر في إحقاق الحق 5 : 522 ـ 536 ، 16 : 315 ـ 331 ، فضائل الخمسة 2 : 119 ـ 122 .
(1) عنه الأميني في الغدير 3 : 379 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _413 _

  أبي طالب ( عليه السلام ) إذ قال : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، فقال رجلان من أصحابه : فنحن نقول : ان لا إله إلا الله ، فقال رسول الله : إنما تقبل شهادة ان لا إله إلا الله من هذا ومن شيعته الذين أخذ ربنا ميثاقهم ، فقال الرجال : فنحن نقول ان لا إله إلا الله ، فوضع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يده على رأس علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ثم قال : علامة ذلك الا تحلا عقدة ولا تجلسا مجلسه ولا تكذبان حديثه ) .
  12 ـ عن إسحاق بن راهويه قال : لما وافى أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) بنيسابور وأراد أن يرحل منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له : يابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك ، وكان قد قعد في العمارية فاطلع رأسه وقال : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول : سمعت رسول الله يقول : سمعت جبرئيل يقول : سمعت الله عز وجل يقول : ( لا إله إلا الله حصني ، فمن دخل حصني أمن من عذابي ، فلما مرت الراحلة نادى : بشروطها وأنا شروطها ) (1) .
  13 ـ عن الفضل بن يسار ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :( عشر من لقى الله بهن دخل الجنة : شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، والإقرار بما جاء من عند الله ، واقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت ، والولاية لأولياء الله ، والبراءة من أعداء الله ، واجتناب كل مسكر ).
  14 ـ قال : حدثنا عيسى بن عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ( عليه السلام ) : قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حق علي على المسلمين كحق الوالد على ولده ) (2) .

-------------------------------
(1) رواه الصدوق في العيون 2 : 134 ، التوحيد : 24 ، الأمالي : 195 ، أخرجه في صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : 79 ، عنه البحار 3 : 13 ، رواه الزمخشري في ربيع الأبرار 2 : 249 ، والمتقي الهندي في كنز العمال 1 : 52 ، والرافعي في التدوين 2 : 214 .
(2) رواه الشيخ في أماليه 1 : 344 و 277 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _414 _

  ( 15 ـ عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب : ( ان عليا ( عليه السلام ) قال في الرحبة : أنشد الله كل أمرئ مسلم سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ يعني يوم غدير خم ـ يقول ما قال إلا قام ، فقام إليه ثلاثة عشر رجلا ستة من جانب وسبعة من جانب ، وقال هارون : اثنا عشر رجلا فشهدوا ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ) (1) .
  16 ـ حدثنا علي بن عابس ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ، عن علي ( عليه السلام ) : ( انه لما فتح خيبر حمل الباب على ظهره فجعله جسرا يعبر الناس عليه وانه خرب بعد ذلك ، فلم يحمله إلا أربعين رجلا ) .
  17 ـ عن أبي حمزة الضبعي ، عن ابن عباس قال :( لما كانت الليلة التي زفت فيها فاطمة بنت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، كان رسول الله قدامها وجبرئيل عن يمينها وميكائيل عن شمالها ، وسبعون ألف ملك من خلفها ، يسبحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر ) (2) .
  18 ـ عن أبي إسحاق ، عن الحرث ، عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :( ان في الجنة درجة تدعى الوسيلة لكل نبي رسول وأنا هو فسلوها لي ، قالوا : من يسكن معك ؟ قال : فاطمة وبعلها والحسن والحسين ) .
  19 ـ بحذف الاسناد ، عن ام شرحبيل ، عن ام عطية :( ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعث عليا ( عليه السلام ) في سرية فرأيته رافعا يده وهو يقول : اللهم لا تمتني حتى تريني عليا (3) ) (4) .

-------------------------------
(1) مر مثله تحت أرقام : 226 و 234 و 374 .
(2) رواه العلامة في كشف الحق : 254 ، عنه البحار 43 : 115 ، أورده السيد في الإقبال عن تاريخ بغداد ، عنه البحار 43 : 92 .
(3) في إرشاد القلوب : وجه علي .
(4) رواه الديلمي في أرشاد القلوب 1 : 234 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _415 _

  20 ـ بحذف الاسناد قال : ( استأذن عمرو بن العاص على معاوية بن أبي سفيان ، فلما دخل عليه استضحك معاوية ، فقال له عمرو : وما يضحكك يا أمير المؤمنين أدام الله سرورك ؟ قال : ذكرت علي بن أبي طالب وقد غشيك بسيفه فاتقيته ووليت ، فقال : أتشمت بي يا معاوية ، فاعجب من هذا يوم دعاك إلى البراز ، فالتمع لونك وأطت ضلاعك وانتفخ منخرك ، والله لو بارزته لأوجع قذالك وأيتم عيالك وبزك سلطانك ، وأنشأ عمرو [ يقول ] (1) :
مـعاوي  لا تـشمت بـفارس بـهمة (2)ii      لـقـى  فـارسـا لا تـعـتليه الـفوارس
مـعاوي  لـو أبـصرت في الحرب iiمقبلا      أبــا حـسن يـهوي عـليك iiالـوساوس
لأيـقـنت ان الـمـوت حـق وانـه (3)ii      لـنفسك  إن لـم تمعن الركض خالس (4)ii
دعــاك  فـصمت دونـه الاذن إذ iiدعـا      ونـفـسك قـد ضـاقت عـليها iiالأبـالس
أتـشـمت بــي إذ نـالني حـد iiرمـحه      وعضضني (5) ناب من الحرب ناهس (6)
وأي  امـرء لاقـاه لـم يـلق شـلوه ii(7)      بـمـعترك تـسفي عـليه الـروامس (8)ii
أبــى الله إلا انــه لـيـث غـابة (9)ii      أبــو  اشـبـل تـهذي إلـيه iiالـفرايس
فـان  كـنت في شك فارهق عجاجة (10)ii      وإلا فـتـلك الـتـرهات الـبسابس (11)ii

  فقال معاوية : مهلا يا أبا عبد الله ولا كل هذا ، قال : أنت استدعيته ) (12) .
  21 ـ عن بكر بن محمد الأزدي قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) :

-------------------------------
(1) عن الأمالي .
(2) في الأمالي : بهمته .
(3) في الأمالي : وايقنت .
(4) ركض ركضا : عدا ، خلس الشئ : سلبه بمخاتلته وعاجلا .
(5) عض الشئ : لزمه واستمسك به .
(6) نهس اللحم : أخذه بمقدم أسنانه ونتفه .
(7) الشلو : العضو من اعضاء اللحم ، الجسد .
(8) الروامس : كل دابة تخرج بالليل ، الطير التي تطير في الليل .
(9) الغابة : الاجمة من القصب وذات الشجر المتكاثف ، لأنها تغيب ما فيها .
(10) ارهق : حمله على ما لا يطيق ، العجاجة : الأحمق .
(11) البسبس جمع بسابس : القفر ، ترهات البسابس : الأباطيل والكذب .
(12) رواه الشيخ في الأمالي 1 : 135 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _416 _

  ( ان حبنا أهل البيت ليحط الذنوب عن العباد ، كما يحط الريح الشديدة الورق عن الشجر ) (1) .
  22 ـ عن عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه قال : ( كان لعلي ( عليه السلام ) أربعة دراهم فأنفق درهما ليلا ودرهما نهارا ودرهما سرا ودرهما علانية ، فنزلت الآية : ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (2) ) (3) .
  23 ـ أخبرنا ياسين بن محمد بن أعين ، عن أبي حازم مولى ابن عباس ، عن عمر بن الخطاب ، قال : ( كفو عن علي بن أبي طالب فاني سمعت رسول الله يقول : فيه خصالا لئن تكون خصلة منها في جميع آل الخطاب أحب إلي مما طلعت عليه الشمس : إني كنت ذات يوم ماش وأبو بكر وعبد الرحمان بن عوف وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فانتهينا إلى باب ام سلمة ، فإذا نحن بعلي بن أبي طالب متك على كف الباب ، فقلنا له : اردنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : هو في البيت يخرج عليكم الآن .
  قال : فخرج علينا فجلسنا حوله فأتى علي بن أبي طالب ثم ضرب بيده على منكبه ، فقال : إنك مخاصم فتخصم بسبع خصال ليس لأحد بعدهن إلا فضلك : إنك أول المؤمنين إيمانا ، وأعلمهم بأمر الله ، وأوفاهم بعهد الله ، وأرأفهم بالرعية ، وأقسمهم بالسوية وأعظمهم عند الله مزية ) (4) .
  24 ـ قال : حدثنا الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي

-------------------------------
(1) رواه الشيخ مع اختلاف في الأمالي 1 : 166 .
(2) البقرة : 274 .
(3) رواه الطبرسي في المجمع 2 : 388 ، عنه البرهان 1 : 258 ، البحار 64 : 174 ، أورده في كشف الغمة 1 : 310 ، عنه البحار 36 : 61 ، رواه في تفسير فرات : 2 ، العمدة : 183 ، الطرائف : 99 ، مناقب ابن المغازلي : 280 ، مناقب الخوارزمي : 198 ، تأويل الآيات 1 : 98 .
(4) روى ذيله في الخصال 2 : 130 ، عنه البحار 41 : 107 ، أقول : مر ما يشابهه تحت الرقم : 157 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _417 _

  طالب ( عليه السلام ) ، قال : حدثني محمد بن سلام الكوفي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الواسطي ، قال : حدثني محمد بن صالح ومحمد بن الصلت ، قال : حدثنا عمر بن يونس اليماني ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ان عباس قال : ( دخل الحسين بن علي على أخيه الحسن بن علي ( عليهم السلام ) في مرضه الذي توفي فيه ، فقال له : كيف تجدك يا أخي ؟ قال : أجدني [ في ] (1) أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا ، وأعلم إني لا أسبق أجلي ، واني وارد على أبي وجدي ( عليهما السلام ) على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الأحبة ، واستغفر الله من مقالتي وأتوب إليه ، بل على محبة مني للقاء رسول الله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام وامي فاطمة وحمزة وجعفر ، وفي الله عز وجل خلف من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودرك من كل ما فات ، رأيت يا أخي كبدي آنفا في الطشت ، ولقد عرفت من دهاني ومن أين أتيت ، فما أنت صانع به يا أخي ؟ قال الحسين ( عليه السلام ) ، أقتله والله ، قال : فوالله لا أخبرك به أبدا حتى ألقى (2) رسول الله ولكن اكتب يا أخي : هذا ما أوصى به الحسن بن علي بن أبي طالب إلى أخيه الحسين بن علي ، أوصى إليه انه :
  يشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له ، وانه يعبده حق عبادته لا شريك له في الملك ولا ولي له من الذل ، وانه خلق كل شئ فقدره تقديرا ، وانه أولى من عبد وأحق من حمد ، من أطاعه رشد ومن عصاه غوى ومن تاب إليه اهتدى ، فاني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم وتقبل من محسنهم ، وتكون لهم خلفا ووالدا ، وان تدفني مع رسول الله ، فاني أحق به وببيته ممن ادخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده ، قال الله تعالى فيما أنزله على نبيه في كتابه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (3) .

-------------------------------
(1) من الأمالي .
(2) في الأمالي : تلقى .
(3) الأحزاب : 53 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _418_

  فوالله ما أذن [ لهم ] (1) في الدخول عليه في حياته ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته ، ونحن مأذونون (2) في التصرف فيما ورثناه من بعده ، فان أبت عليك المرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله عز وجل منا (3) والرحم الماسة من رسول الله أن لا تريق (4) في محجمة [ من ] (5) دم حتى تلقى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنختصم إليه ونخبره (6) بما كان من الناس إلينا بعده ، ثم قبض ( عليه السلام ) .
  قال ابن عباس : فدعاني الحسين ( عليه السلام ) وعبد الله بن جعفر وعلي بن عبد الله بن العباس ، فقال : أغسلوا ابن عمكم ، فغسلناه وحنطناه وألبسناه وأكفناه (7) ، ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد وان الحسين أمر أن يفتح البيت ، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان ، وقالوا [ أ ] (8) يدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد [ القتيل ] ظلما بالبقيع بشر مكان ، ويدفن الحسن مع رسول الله [ والله ] (9) ، لا يكون ذلك أبدا حتى تكسر السوف بيننا وتنقصف الرماح وينفذ النبل .
  فقال الحسين ( عليه السلام ) : [ أم ] (10) والله الذي حرم مكة للحسن بن علي بن فاطمة أحق برسول الله وببيته ممن ادخل بيته بغير إذنه ، وهو والله أحق به من حمال الخطايا مسير أبي ذر ، الفاعل بعمار ما فعل ، بعبد الله ما صنع ، الحامي الحمى المؤوي طريد (11) طريد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لكنكم صرتم بعده الامراء وتابعكم (12) على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء ، قال : فحملناه فأتينا به قبر امه فاطمة ( عليها السلام ) فدفناه إلى جنبها .
  قال ابن عباس : فكنت أول من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل

-------------------------------
(1) من الأمالي .
(2) في الأمالي : مأذون لنا .
(3) في الأمالي : منك .
(4) في الامالي : تهرق .
(5) من الأمالي .
(6) في الامالي : تلقى ، تختصم ، تخبره .
(7) في الأمالي : البسناه الفاقه .
(8 و 9 و 10) من الأمالي .
(11) في الأمالي : الطريد .
(12) في الأمالي : بايعكم .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _419 _

  الحسين على من قد أقبل ، فرأيت شخصا فعلمت الشر فيه ، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال ، فلما رأتني قالت لي : يابن (1) عباس لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد اخرى ، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب ، فقلت : واسوأتاه يوم على بغل ويوم على جمل تريدين أن تطفئي [ فيه ] (2) نور الله وتقاتلي أولياء الله وتحولي بين رسول الله وبين حبيبه أن يدفن معه ، ارجعي فقد كفى الله عز وجل المؤونة ودفن الحسن ( عليه السلام ) إلى جانب (3) امه ، فلم يزدد من الله تعالى إلا قربا وما ازددتم والله منه إلا بعدا ، يا سوأتاه انصرفي فقد رأيت ما سرك ، قال : فقطبت (4) في وجهي ونادت بأعلى صوتها ، أو ما نسيتم الجمل ؟ يابن عباس إنكم لذووا أحقاد ، فقلت : أم والله ما نسيته أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض ؟ فانصرفت وهي تقول :

فألقت  عصاها واستقرت بها iiالنوى      كما قر عينا بالإياب المسافر ) (5).

  25 ـ قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمان ، عن أبي حازم ، انه سمع سهل بن سعد وهو يسأل عن جرح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( والله إني لأعرف من كان يغسل رسول الله ومن كان يسكب الماء ثم قال : كانت بنت رسول الله تغسله ، وعلي يسكب الماء بالمجن ، قال : فلما رأت فاطمة ان الماء لا يزيل الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم وكسرت رباعية رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يومئذ وجرح وجهه وكسرت البيضة (6) على رأسه ) .
  26 ـ عن ابن عباس قال : ( لما ماتت زينب بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقف ـ يعني رسول الله ـ على شفير

-------------------------------
(1) في الأمالي : قالت : إلي إلي يابن .
(2) من الأمالي .
(3) في الأمالي : جنب .
(4) قطب الرجل : زوى بين عينيه وكلح .
(5) رواه الشيخ في أماليه 1 : 2 و 160 .
(6) البيضة : الخوذة من الحديد .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _420 _

  القبر وفاطمة تبكي ، فجعل يأخذ ثوبه فيمسح عينيها فبكين النساء ، فضربهن عمر بسوطه فقال : فقال : يا عمر دعهن فان العين دامعة والنفس مصابة ابكين وإياكن وبقيعة الشيطان ، فانه ما يكن من القلب والعين فمن الله وما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان ) .
  قال محمد بن أبي القاسم الطبري : البشارة فيه مسح دموع فاطمة من كرامتها على الله وعليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجواز البكاء أيضا والتوجع بشارة إذا لم يتكلم باللسان القبيح ولم يضرب باليد ، وشيء آخر فيه للشيعة تمسك به وحجة قوية وهو المعروف الذي أنكره عمر وانكار رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدخل بذلك في جملة من قال الله تعالى فيهم : ( يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ) (1) الآية ، فافهم .
  27 ـ حدثنا ذو النون المصري عن مالك بن أنس ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إذا كان يوم القيامة نصب الصراط على شفير جهنم فلا يجاوز إلا من كان معه براءة بولاية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) (2) .
  28 ـ قال : حدثنا عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي ، عن أبيه ، عن جده يعلى بن مرة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ( يا علي أنت خير الناس بعدي ، وأنت أول الناس تصدرا ، من أطاعك فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاك فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أحبك فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق أو كافر ) .

-------------------------------
(1) التوبة : 67 .
(2) رواه في تأويل الآيات 1 : 494 ، مصباح الأنوار : 106 ، أمالي 1 : 296 ، عنه البحار 8 : 67 أقول : مر ما يشابهه تحت ارقام : 217 ، 259 ، 398 ، 407 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _421 _

  29 ـ قال : حدثنا محمد بن داود الرفلي ، عن هوذة ، عن سليمان التيمي ، عن أبي مخلد ، عن ابن مسعود قال : ( نظر إلي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو واضع كفه في كف علي ( عليه السلام ) متبسما في وجهه فقلت : يارسول الله ما منزلة علي منك ؟ قال : كمنزلتي عند الله عز وجل ) (1) .
  30 ـ قال : حدثنا يحيى بن قيس الكندي ، عن أبي جارود ، عن حبيب بن بشارة ، عن زاذان ، عن جرير قال : ( لما قفل (2) النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من مكة وبلغ واديا يقال له : وادي خم به غدير ، قام في المهاجرة خطيبا فأخذ بيد علي ( عليه السلام ) فقال : من كنت مولاه فهذا له مولى قد بلغت ، قال زاذان : قلت لجرير : من حضر ذلك الموضع ؟ فقال : جماعة من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سمعوا كما سمعت ، ثم عد أصحاب رسول الله ، فلم يبق منهم إلا من نسي ذكره ، وذكر أبو بكر وعمر ) .

-------------------------------
(1) رواه الشيخ مع اختلاف في أماليه 1 : 203 .
(2) قفل : رجع عن السفر خاصة .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _422 _

الجزء الحادي عشر

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _425 _

  1 ـ قال : حدثني محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثني أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن بكر بن محمد الأزدي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ( تجلسون وتتحدثون ؟ قال : قلت جعلت فداك نعم ، قال : ان تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا [ فرحم الله من أحيى أمرنا ] (1) ، انه من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج منه مثل جناح الذباب ، غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر ) (2) .
  2 ـ اعتمادا على بعضهم ، قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب الزراد ، عن أبي محمد الأنصاري ، عن معاوية بن وهب قال : ( كنت جالسا عند جعفر بن محمد ( عليه السلام ) إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال له أبو عبد الله : وعليك السلام ورحمة الله يا شيخ ادن مني ، فدنا منه وقبل يده وبكى ، فقال له أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ما يبكيك يا شيخ ؟

-------------------------------
(1) من قرب الاسناد .
(2) رواه الحميري في قرب الاسناد : 26 ، عنه البحار 44 : 282 ، أورده القمي في تفسيره 616 ، عنه البحار 44 : 278 ، أخرجه مع اختلاف ابن قولويه في الكامل : 103 ، والبرقي في محاسنه : 64 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _426 _

  فقال له : يابن رسول الله أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة ، أقول هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم ، ولا أراه فيكم فتلوموني ان أبكي ، قال : فبكى أبو عبد الله ( عليه السلام ) ثم قال : يا شيخ ان اخرت منيتك كنت معنا وإن عجلت كنت [ يوم القيامة ] (1) مع ثقل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال الشيخ : ما ابالي ما فاتني بعد هذا يابن رسول الله .
  فقال [ له ] (2) أبو عبد الله يا شيخ ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله المنزل وعترتي أهل بيتي ، تجيء وأنت معنا يوم القيامة ، ثم قال : يا شيخ ما أحسبك من أهل الكوفة ؟ قال : لا . قال : فمن أين [ أنت ] (3) ؟ قال : من سوادها جعلت فداك ، قال : أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين ( عليه السلام ) ؟ قال : إني لقريب منه ، قال : كيف اتيانك له ؟ قال : اني لأتيه وأكثر .
  قال ( عليه السلام ) : يا شيخ دم يطلب الله تعالى به وما اصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين ، ولقد قتل ( عليه السلام ) في سبعة عشر من أهل بيته نصحوا لله وصبروا في جنب الله ، فجزاهم الله أحسن جزاء الصابرين ، انه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله ومعه الحسين ( عليه السلام ) ويده على رأسه يقطر دما فيقول : يا رب سل امتي فيم قتلوا ولدي ) (4) .
  3 ـ قال : حدثنا محمد بن سليمان ، قال : حدثنا عمي (5) قال : ( لما خفنا أيام الحجاج (6) خرج نفر منا من الكوفة مشردين (7) وخرجت معهم ، فصرنا إلى كربلاء وليس بها موضع نسكنه ، فبينا كوخا على شاطئ الفرات وقلنا : نأوي إليه ، فبينا نحن فيه إذ جاءنا رجل غريب ، فقال : أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فإني عابر سبيل ، فأجبناه وقلنا : غريب منقطع به ، فلما غربت الشمس وأظلم الليل أشعلنا ـ وكنا نشعل بالنفط ـ ، ثم جلسنا نتذاكر أمر الحسين ومصيبته

-------------------------------
(1 و 2 و 3) من الأمالي .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 163 .
(5) في الاصل : عمر .
(6) في الأمالي : الحج .
(7) في الأمالي : مستترين ، أقول : شرده : طرده ونفره .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _427 _

  وقتله ومن تولاه ، فقلنا : ما بقي أحد من قتلة الحسين إلا رماه الله ببلية في بدنه ، فقال ذلك الرجل : فأنا كنت فيمن قتله والله ما أصابني سوء وانكم يا قوم تكذبون .
  قال : فأمسكنا عنه ، وقل ضوء النفط ، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة باصبعه فأخذت النار كفه ، فخرج ونادى حتى ألقى نفسه في الفرات يتغوص به ، فوالله لقد رأيناه يدخل نفسه (1) في الماء والنار على وجه الماء ، فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه ، فيغوصه إلى الماء ثم يخرجه فتعود إليه ، فلم يزل دأبه ذلك حتى هلك ) (2) .
  4 ـ أخبرنا أبو الفضل محمد بن محمد بن الحسين العلوي ، قال : أنشدني أبو الخير الفارسي فيما أجاز لي وكتب لي بخطه ، قال : أنشدني كامل بن أحمد ، قال : أنشدني ابن بكران ، قال : أنشدني ابن حلاج ، قال : أنشدني أبو العباس المصري ، قال : أنشدني منصور الفقيه لنفسه :
( إن كـان حبي iiخمسة      زكـت  بـهم فرائضي
وبـغض  مـن iiعاداهم      رفضا فاني رافضي ) 

  5 ـ عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، عن حذيفة قال : قالت لي امي : متى عهدك بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقلت : مالي به عهد ، قال : فنالت (3) مني ، قال : قلت : دعيني فاني سيأتي النبي فيستغفر لي ذلك ، قال : ( فأتيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فصليت معه المغرب ، قال : فصلى ما بين المغرب والعشاء .
  ثم انصرف فتبعته فبينا هو يمشي إذ عرض له عارض ، ثم مضى فتبعته ، فالتفت فقال : من هذا ؟ فقلت : حذيفة ، فقال : ما جاء بك ؟ فأخبرته بالذي قالت امي وقلت لها ، فقال : غفر الله لك يا حذيفة ولامك ، ما رأيت العارض الذي عرض لي ؟ قلت : بلى بأبي أنت وامي ، قال : جاءني ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قبل ليلتي هذه فاستأذن ربه عز وجل أن يسلم علي ، فبشرني ان الحسن والحسين

-------------------------------
(1) في الأمالي : رأسه .
(2) رواه الشيخ في أماليه 1 : 164 .
(3) نال من فلان : وقع فيه .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _428 _

  سيدا شباب أهل الجنة وان فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ) (1) .
  6 ـ قال : حدثنا معاذ بن عمار ، قال : حدثني أبي ، عن جدي قال : ( سمعت أمير المؤمنين عليا ( عليه السلام ) يقول على المنبر : ما أصبت منذ وليت على هذا إلا قوصرة (2) أهداها إلي الدهقان ـ بضم الدال ـ ثم نزل إلى بيت المال ، فقال : خذوا خذوا وقسمه ، ثم تمثل بقول الشاعر :
أفلح من كانت له قوصرة      يأكل  منها كل يوم مرة )

  7 ـ حدثنا العباس بن بكار والفضل بن عبد الوهاب والحكم بن أسلم وبشر بن مهران قالوا : حدثنا شريك بن سلمة بن كهيل ، عن الصنايجي ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يا علي إنما أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي ، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلموا لك [ هذا ] (3) الأمر فاقبله منهم ، وإن لم يأتوك فلا تأتهم ( حتى يأتوا الله ) (4) ) (5) .
  8 ـ عن عبد الله بن عباس قال : ( كنا جلوسا عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في سلمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في فطنته ، وإلى داود في زهده ، فلينظر إلى هذا ، فإذا علي بن أبي طالب قد أقبل كأنما ينحدر من صبب (6) ) (7) .
  9 ـ قال : حدثنا أبو عوانة ، عن الحسين بن علي ، عن عبد الرزاق ، عن أبيه ، عن مينا مولى عبد الرحمان بن عوف ، عن عبد الله بن مسعود قال : ( قلت للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يارسول الله من يغسلك إذا مت ؟ قال : يغسل كل نبي

-------------------------------
(1) أورده ابن شهرآشوب في مناقبه 3 : 394 عن حلية الأولياء ، عنه البحار 43 : 292 .
(2) القوصرة : وعاء من قصر يجعل فيه التمر ونحوه .
(3) من البحار .
(4) ليس في البحار .
(5) رواه في البحار 40 : 78 عن ابن شيرويه الديلمي .
(6) الصبب : ما انحدر من الأرض أو الطريق .
(7) رواه في البحار 39 : 36 عن إكمال الدين : 16 ، رواه المفيد في أماليه : 14 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _429 _

  وصيه ، قلت : فمن وصيك يارسول الله ؟ قال : علي بن أبي طالب ، قلت : كم يعيش بعدك يارسول الله ؟ قال : ثلاثين سنة ، فان يوشع بن نون وصي موسى عاش من بعده ثلاثين سنة وخرجت عليه صفوراء بنت شعيب زوجة موسى فقالت : أنا أحق بالأمر منك ، فقاتلها فقتل مقاتلها واسرها فأحسن أسرها ، وان ابنة أبي بكر ستخرج على علي ( عليه السلام ) في كذا وكذا الفا من امتي فيقاتلها ، فيقتل مقاتلها ويأسرها فيحسن أسرها وفيها انزل الله عز وجل : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) (1) ، يعني صفراء ابنة شعيب ) (2) .
  10 ـ قال : حدثنا حمدان بن سليمان ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن حيان السراج ، قال : سمعت السيد إسماعيل بن محمد الحميري يقول : ( كنت أقول بالغلو واعتقد غيبة محمد بن علي بن الحنفية ( رضي الله عنه ) ، قد ضللت في ذلك زمانا ، فمن الله جل وعز علي بالصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) وأنقذني به من النار وهداني إلى سواء الصراط ، فسألته بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله علي وعلى جميع أهل زمانه ، وانه الامام الذي فرض الله جل وعز طاعته وأوجب الاقتداء به .
  فقلت له : يابن رسول الله قد روى لنا أخبار عن آبائك ( عليهم السلام ) في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع ؟ فقال ( عليه السلام ) : ان الغيبة حق ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وآخرهم القائم بالحق ، بقية الله في أرضه وصاحب الزمان ، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .
  قال السيد : فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) تبت إلى الله عز وجل على يديه ، وقلت قصيدتي التي أولها :

-------------------------------
(1) الأحزاب : 32 .
(2) رواه في البرهان 3 : 308 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _430 _

تـجعفرت  بـاسم الله والله iiأكبر      وأيـقنت  ان الله يـعفو iiويـغفر
ودنـت بـدين غير ما كنت iiدينا      بـه  ونـهاني واحد الناس جعفر
فـقلت  : فهبني قد تهودت iiبرهة      وإلا  فـديني ديـن مـن يتنصر
فاني  إلى الرحمان من ذاك iiتائب      وإنـي  قـد أسـلمت والله iiأكبر
فـلست  بـغال ما حييت وراجع      إلـى ما عليه كنت أخفي iiوأظهر
ولا  قـائلا حـي برضوى محمد      وإن عـاب جهال مقالي iiوأكثروا
ولـكنه  مـمن مـضى iiلـسبيله      على أفضل الحالات يقفوا iiويخبر
مع الطيبين الطاهرين الاولى iiلهم      من المصطفى فرع زكي وعنصر

  إلى آخر القصيدة ، وقلت بعد ذلك :
أيـا راكـبا نـحو الـمدينة iiجـسرة      عذافرة (1) يطوى بها كل سبسب (2)ii
إذا مـا هـداك الله عـاينت iiجـعفرا      فـقل لأمـين الله (3) وابـن iiالمهذب
[ ألا يــا أمـين الله وابـن iiأمـينه      أتـوب إلـى الرحمن ثم تأوبي ] (4)ii
إلـيك رددت الأمـر غـير iiمـخالف      وفئت إلى الرحمان من كل مذهب (5)
سـوى  مـا تـراه يـابن بنت محمد      فـان  بـه عـقدي وزلـفي تـقربي
ومـا كـان قولي في ابن خولة iiمطنبا      مـعـاندة مـنـي لـنسل iiالـمطيب
ولـكن  رويـنا عـن وصـي iiمحمد      ومـا  كـان فـيما قـال iiبـالمتكذب
بـأن  ولـي الأمـر يـفقد لا iiيـرى      سـنين  كـمثل الخائف المترقب (6)ii
فـتـقسم أمــوال الـفـقيه iiكـأنما      تـغـيبه بـين الـصفيح iiالـمنصب

-------------------------------
(1) العذافرة : العظمة الشديدة في الابل .
(2) السبسب : المفازة أو الأرض المستوية البعيدة .
(3) في البحار : لولي الله .
(4) من البحار .
(5) في البحار : إليك من الأمر الذي كنت مبطنا=أحارب فيه جاهدا كل معرب .
(6) في البحار : ولي الله ، كفعل .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _431 _

فـيمكث  حـينا ثـم يشرق iiشخصه      مضيئا بنور العدل إشراق كوكب (1)
يـسير بـنصر الله مـن بـيت ربه      عـلى  قدر ما يأتي (2) وأمر مسبب
يـسـير إلــى أعـدائـه iiبـلوائه      فـيقتل  فـيهم قـتل حران iiمغضب
فـلما رأوا ان ابـن خـولة iiغـائب      صـرفـنا  إلـيه قـولنا لا iiنـكذب
وقـلنا هـو الـمهدي والـقائم iiالذي      يـعيش بجدوى عدله كل مجدب (3)ii
فـإذ  قـلت : لا فالقول قولك iiوالذي      أمـرت فـحتم غـير مـا iiمتعصب
فـاشـهد  ربـي ان قـولك iiحـجة      عـلى  الناس طرا من مطيع iiومذنب
وان  ولــي الأمــر أول iiقـائـم      سـيظهر اخـرى الـدهر بعد ترقب
لـه  غـيبة لابـد مـن أن iiيـغيبها      فـصـلى عـليه الله مـن iiمـتغيب
فـيمكث  حـينا ثـم يـظهر iiبـعده      فـيملأ عـدلا كـل شـرق iiومغرب
بــذاك  أديـن الله سـرا iiوجـهرة      ولـست وإن عوتبت فيه بمعتب (4)ii

  وكان حيان السراج الراوي لهذا الحديث من الكيسانية ) .
  11 ـ قال : حدثنا محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن محمد بن شهاب الزهري قال : ( لما قدم جعفر بن أبي طالب ( عليه السلام ) من بلاد الحبشة بعثه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى مؤتة واستعمل على الجيش ، معه زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ، فمضى الناس معهم حتى كانوا بتخوم البلقاء فلقيهم جموع هرقل من الروم والعرب ، فانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها : مؤتة ، فالتقى الناس عندها واقتتلوا قتالا شديدا ، وكان اللواء يومئذ مع زيد بن حارثة فقاتل [ به ] (5) حتى شاط في رماح القوم ،

-------------------------------
(1) في البحار :
فيمكث حينا ثم ينبع نبعة=كنبعة جدي من الافق كوكب
(2) في البحار : علس سؤدد منه .
(3) في البحار : يعيش به من عدله .
(4) رواه في البحار 47 : 318 ، مجالس المؤمنين 2 : 506 .
(5) من الأمالي .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _432 _

  ثم أخذه جعفر فقاتل به قتالا شديدا ، ثم اقتحم عن فرس [ له ] (1) شقراء ، فعقرها وقاتل حتى قتل [ قال ] (2) وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر فرسه في الاسلام ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة ، فقاتل حتى قتل ، فأعطى المسلمون اللواء بعدهم إلى خالد بن الوليد ، فناوش القوم وراوغهم ثم انحاز بالمسلمين منهزما ، ونجا بهم من الروم ، وأنفذ رجلا من المسلمين ، يقال له : عبد الرحمان بن سمرة إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالخبر .
  فقال عبد الرحمان : فصرت إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فلما وصلت [ إلى ] (3) المسجد قال لي رسول الله : على رسلك يا عبد الرحمان ، ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أخذ اللواء زيد ، فقاتل به فقتل رحم الله زيدا ، ثم أخذ اللواء جعفرا فقاتل وقتل فرحم الله جعفرا ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل وقتل فرحم الله عبد الله .
  قال : فبكى أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهم حوله ، فقال لهم النبي : فما يبكيكم ؟ فقالوا : وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل [ منا ] (4) ، فقال لهم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تبكوا فانما مثل امتي كمثل حديقة قام صاحبها فأصلح رواكبها وبنى مساكنها وحلق سعفها ، فأطعمت عاما فوجا ثم عاما فوجا فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا وأطولها شمراخا ، أم والذي بعثني بالحق نبيا ليجدن عيسى بن مريم في امتي خلقا من حواريه ، قال : وقال كعب بن مالك يرثي جعفر بن أبي طالب و [ عن ] (5) المستشهدين معه ، فقال :
نـام (6) الـعيون ودمـع عـينك iiيهمل      سحا (7) كما وكف الطباب (8) المخضل
وكــأن مـا بـين الـجوانح iiوالـحشا      مـمـا تـأويـني شـهـاب iiمـدخـل
وجــدا عـلى الـنفر الـذين تـتابعوا      يـوما  بـمؤتة أسـندوا لـم ينقلوا (9)ii

-------------------------------
(1 ـ 4) من الأمالي .
(5) من الأمالي .
(6) في الأمالي : هدت .
(7) سح الماء : صبه صبا متتابعا غزيرا .
(8) في الأمالي : الضباب ، أقول : الطبابة : القطعة المستطيلة من الثوب أو السجاب أو الجلد أو الأرض .
(9) في الأمالي : لم يغفلوا .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _433 _

فـتـغير الـقـمر الـمنير لـفقده (1)      والـشمس قـد كـسفت وكـادت iiتأفل
قــوم  عــلا بـنيانه مـن iiهـاشم      فـرعا  أشـم وسـؤددا مـا ينقل (2)ii
قــوم بـهـم عـصم الإلـه iiعـباده      وعـلـيهم نــزل الـكتاب iiالـمنزل
وبـهـديهم  رضــي الإلـه iiلـخلقه      وبـجـهدهم نـصر الـنبي iiالـمرسل
بـيض الـوجوه تـرى بـطون iiأكفهم      تندى إذ أغبر الزمان الممحل (3) ) (4)

  12 ـ قال : حدثنا أبو سعيد الخدري قال : ( لما كان يوم احد شج (5) النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في وجهه وكسرت رباعيته ، فقام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رافعا يديه يقول : ان الله اشتد غضبه على اليهود أن قالوا : عزير ابن الله ، واشتد غضبه على النصارى ان قالوا : المسيح ابن الله ، وان الله اشتد غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي ) (6) .
  13 ـ قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا بشر بن بكر ، عن محمد بن إسحاق ، عن مشيخته قال :
  ( لما رجع علي بن أبي طالب من احد ناول فاطمة سيفه ، وقال :
أفـاطم هـاك الـسيف غير ذميم      فـلست بـرعديد (7) ولا iiبـلئيم
لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد      ومـرضـاة رب لـلعباد iiرحـيم

  قال : وسمع في يوم احد وقد هاجت ريح عاصف كلام هاتف يهتف وهو يقول :
لا سـيـف إلا ذو iiالـفـقار      ولا فــتـى إلا iiعــلـي
وإذا  نـدبـتـم iiهـالـكـا      فابكوا الوفي أخا الوفي ) (8)

-------------------------------
(1) في الأمالي : لفقدهم .
(2) في الأمالي :
قوم على بنيانهم من هاشم      فرع اشم وسؤدد ما iiينقلوا

(3) امحل المكان : أجدب .
(4) رواه الشيخ في أماليه 1 : 141 .
(5) شج الرأس : جرحه وكسره .
(6 و 8) رواه الشيخ في أماليه 1 : 142 .
(7) الرعديد : الجبان الكثير الارتعاد .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _434 _

  14 ـ قال : حدثنا محمد بن عثمان ، عن أبي عبد الله الأسلمي ، عن موسى بن عبد الله الأسدي قال : ( لما انهزم أهل البصرة أمر علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أن تنزل عائشة قصر ( ابن ) (1) أبي خلف ، فلما نزلت جاءها عمار بن ياسر ( رضي الله عنه ) فقال لها : يا ام (2) كيف رأيت ضرب بنيك دون دينهم بالسيف ؟ فقالت : استبصرت يا عمار من أجل (3) انك غلبت ، قال : أنا أشد استبصارا من ذلك ، أم والله لو ضربتمونا حتى تبلغونا سعفات (4) هجر لعلمنا إنا على الحق وانكم على الباطل ، فقالت له عائشة : هكذا نحيل (5) إليك اتق الله يا عمار ، فان سنك قد كبر ودق عظمك وفنى أجلك وأذهبت دينك لابن أبي طالب .
  فقال عمار : إني والله اخترت لنفسي في أصحاب رسول الله فرأيت عليا أقرأهم بكتاب (6) الله عز وجل وأعلمهم بتأويله وأشدهم تعظيما لحرمته وأعرفهم بالسنة [ مع ] (7) قرابته من رسول الله وعظم عنائه وبلائه في الاسلام ، فسكتت ) (8) .
  15 ـ عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
  ( لن تذهب ـ أو لن تنقضي ـ الأيام حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) (9) .

-------------------------------
(1) ليس في الأمالي .
(2) في الأمالي : امة .
(3) في الأمالي : اجلي .
(4) السعفة : جريد النخل .
(5) في الأمالي : يخيل .
(6) في الأمالي : لكتاب الله .
(7) من الأمالي .
(8) رواه الشيخ في أماليه 1 : 143 .
(9) رواه الگنجي الشافعي في أخبار صاحب الزمان : 481 ، وللحديث بهذا اللفظ أو غيره مصادر كثيرة في كتب أهل السنة ذلك بعضها : مشكاة المصابيح : 1123 ، حلية الأولياء 5 : 75 ، صحيح الترمذي 2 : 36 ، مسند أحمد بن حنبل 1 : 376 ، تاريخ الخطيب البغدادي 4 : 388 ، كنز العمال 7 : 188 ، ينابيع المودة : 520 ، سنن أبي داود 2 : 207 .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _435 _

المستدرك
  نقل السيد ابن طاووس ( قدس سره ) في كتاب المضمار في أعمال شهر رمضان ، خطبة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في آخر شعبان ، عن كتاب بشارة المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وحيث لم يوجد هذه الخطبة في النسخ الموجودة من هذا الكتاب ، ذكرناها هنا ، قال السيد :
  ومن ذلك ما رواه محمد بن أبي القاسم الطبري في كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ( عليهما السلام ) باسناده إلى الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه السيد الشيهد الحسين بن علي ، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خطبنا ذات يوم فقال :
  ( أيها الناس انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ، شهر هو عند الله أفضل الشهور ، وأيامه أفضل الأيام ، ولياليه أفضل الليالي ، وساعاته أفضل الساعات ، وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله ، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله ،أنفاسكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعاؤكم فيه مستجاب .
  فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ، ان يوفقكم الله لصيامه وتلاوة كتابه ، فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم ، اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ،

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _436 _

  ووقروا كباركم ، وارحموا صغاركم ، وصلوا أرحامكم ، واحفظوا ألسنتكم ، وغضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم ، وعما لا يحل الاستماع إليه اسماعكم ، وتحننوا على ايتام الناس يتحنن على ايتامكم ، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم .
  وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم ، فانها أفضل الساعات ، ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة إلى عباده ، ويجيبهم إذا ناجوه ، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه .
  أيها الناس ان انفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم ، وظهوركم ثقيلة من أو زاركم فخففوها بطول سجودكم ، واعلموا ان الله عز وجل ذكره أقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين ، وان لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين ، أيها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه .
  فقيل : يارسول الله وليس كلنا نقدر على ذلك ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اتقوا النار ولو بشق تمرة ، اتقوا النار ولو بشربة من ماء أيها الناس ! من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام ، ومن خفف منكم في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ، ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه ، ومن أكرم فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه ، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه ، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه ، ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار ، ومن ادى فيه فرضا كان له ثواب من ادى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور ، ومن أكثر فيه من الصلاة علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين ، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور .
  أيها الناس ! ان أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم ان لا يغلقها عليكم ، وأبواب النيران مغلقة ، فاسألوا ربكم أن لا يفتحها عليكم ، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم ألا يسلطها عليكم .

بشارة المصطفى ( ص ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) _437 _

  قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : فقمت وقلت : يارسول الله ! ما أفضل الأعمال في هذا الشهر ؟ فقال : يا أبا الحسن ! أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل ، ثم بكى ، فقلت : يارسول الله ! ما يبكيك ؟ فقال : يا علي ! لما يستحل منك في هذا الشهر ، كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين ، شقيق عاقر ناقة ثمود ، فيضربك ضربة على قرنك تخضب منها (1) لحيتك .
  قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقلت : يارسول الله ! وذلك في سلامة من ديني ؟ فقال ( عليه السلام ) : في سلامة من دينك .
  ثم قال : يا علي ! من قتلك فقد قتلني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن سبك فقد سبني ، لأنك مني كنفسي ، روحك من روحي ، وطينتك من طينتي ، ان الله عز وجل خلقني واياك ، واصطفاني واياك ، واختارني للنبوة واختارك للإمامة ، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي ، يا علي أنت وصيي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على امتي في حياتي وبعد موتي ، أمرك أمري ونهيك نهي ، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنك حجة الله على خلقه وأمينه على سره وخليفته في عباده ) (2) .

-------------------------------
(1) بها ( خ ل ) .
(2) اقبال الاعمال 1 : 1 ، ورواه الصدوق في أماليه : 84 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 77 ، عيون الأخبار 1 : 295 ، عنهم الوسائل 10 : 313 ، وأخرجه مختصرا في الكافي 4 : 67 ، التهذيب 3 : 57 و 152 ، الفقيه 2 : 58 .