العلوم الإسلامية بعض المسائل التي ربما نخالفه الرأي فيها ، إذا كان قد أرسلها إرسال المسلمات ، اعتماداً منه على ذيوعها وشهرتها ، أو
ثقة منه واعتماداً على من لم يكن أهلاً للثقة ، ولا محلاً للاعتماد.
ولكن ذلك لا يقلل من قيمة نتاجه العلمي ، ولا ينقص من مقامه السامي ، ولا يؤثر على حقيقة كونه من الراسخين في ما تصدى له من
علوم.
على أننا لا نملك الدليل القاطع على أنه قد أخطأ الصواب ، حتى في الموارد التي هي من الأخطاء الشائعة ، إذا كان من الممكن أن يكون قد
ساق الكلام فيها على سبيل التسليم الفرضي ، والمجاراة في البحث ، لا من منطلق القناعة ، والقبول بمضمونها واقعاً.
وهذا النوع من التعامل مع القضايا المطروحة شائع ومعروف.
ونجده لدى معظم العلماء في طروحاتهم ومحاوراتهم.
رأي المفيد في زوجتي عثمان :
ومهما يكن من أمر ، فإننا نريد هنا أن نطرح مسألة نختلف مع الشيخ المفيد رحمه اله فيها ، ونبين ما نعتمد عليه فيما نذهب إليه في ذلك ،
فنقول :
إنه رحمه الله تعالى قد تحدث في بعض الموارد في أجوبة المسائل السروية عن تزويج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ابنتيه لعثمان بن
عفان ، بحيث يظهر من كلامه : أنه يرى : أنهما كانتا بنتين للنبي (ص) على الحقيقة.
بنات النبي (ص) أم ربائبه
_ 21 _
وقال رحمه الله ما يلي :
(... قد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام ، أحدهما : عتبة بن أبي لهب ،
والآخر : أبو العاص بن الربيع.
فلما بعض النبي (ص) فرَّق بينهما ، فمات عتبة على الكفر ، وأسلم أبو العاص بعد إبانة الإسلام ، فردها عليه بالنكاح الأول
).
إلى أن قال :
(وهاتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان ، بعد هلاك عتبة ، وموت أبي العاص ) .
وأصرح من ذلك قوله رحمه الله في أجوبة
بنات النبي (ص) أم ربائبه
_ 22 _
المسائل الحاجبية.
قال رحمه الله : ( وسأل فقال : الناس مختلفون في رقية وزينب ، هل كانتا ابنتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أم ربيبتيه
؟
فإن كانتا ابنتيه ، فكيف زوجهما من أبي العاص بن الربيع ، وعتبة بن أبي لهب ، وقد كان عندنا منذ أكمل الله عقله على الإيمان ، وولد مبعوثاً ، ولم يزل نبياً صلى الله
عليه.
وما باله رد الناس عن فاطمة(ع) ، ولم يزوجها إلا بأمر الله عز وجل ، وزوج ابنتيه بكافرين على غير الإيمان؟!
والجواب :
إن زينب ورقية كانتا ابنتي رسول الله(ص) والمخالف لذلك شاذ بخلافه.
بنات النبي (ص) أم ربائبه
_ 23 _
فأما تزويجه لهما بكافرين ، فإن ذلك كان قبل تحريم مناكحة الكفار ، وكان له أن يزوجهما [بمن] يراه ، وقد كان لأبي العاص رغبة
نسب برسول الله(ص) ، وكان لهما محل عظيم إذ ذاك ، ولم يمنع شرع من العقد لهما ، فيمتنع رسول الله(ص) من أجله.
فصل :
وأما فاطمة ، فإن السبب الذي من اجله ردّ رسول الله(ص) خاطبيها حتى الوحي بتزوجيها أمير المؤمنين (ع) ، فلأنها كانت سيدة
نساء العالمين الخ ) .
بنات النبي (ص) أم ربائبه
_ 25 _