الجاهلية ويظهر من الديار بكري أيضاً : أنه جازم بذلك.
  ومعنى ذلك : أن ما يذكرونه من زواج بنتي رسول الله بابني أبي لهب لا يصح ، إذا لوحظ ما يذكرونه من سبب طلاقهما إياهما.

7 ـ هجرة الفواطم (!!)
  ومما يزيد الأمر وضوحاً : أن أم كلثوم التي يدعى أنها بنت النبي(ص) وطلقها ابن أبي لهب في مكة ، ثم تزوجها عثمان في المدينة بعد الهجرة بعدة سنوات ، لم نجد لها ذكراً حين الهجرة إلى المدينة ، بل المؤرخون يقتصرون على القول : بأن علياً عليه

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 77 _

  السلام قد حمل معه الفواطم ، وأم أيمن ، وجماعة من ضعفاء المؤمنين .
  وليس ثمة أية إشارة إلى أم كلثوم إطلاقاً ، فهل هاجرت قبل ذلك ، أو بعده؟ ومع من ؟! ولماذا ؟!
  أم أنها قد جعلت في جملة الضعفاء ؟! فلماذا إذن أفردت عن أختها فاطمة ، وعن أم أيمن ، وجعلت في جملة ضعفاء المؤمنين ؟!
  لا ندري.
  ولعل الفطن الذكي يدري !!

8 ـ زينب أيضاً لم تكن بنتاً لرسول الله (ص) :
  وبعد ما تقدم فإننا بالنسبة إلى زينب زوجة أبي العاص بن الربيع نقول :

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 78 _

  ألف ـ إن القول في بنوّة زينب الحقيقية لرسول الله (ص) هو نفس القول الذي تقدم في رقية ، وأم كلثوم ، فإن أكثر ما أوردناه هناك يرد هنا.
  ب ـ إن البعض يقول : إن خديجة قد ولدت للنباش بن زرارة ثلاثة أولاد ، هم : هند ، والحرث ، وزينب .
  وهذا يؤيد ما يذهب إليه البعض ، من أن زينب كانت ربيبة لرسول الله (ص).
  ونحن وإن كنا قد ناقشنا بصورة قوية في أن تكون خديجة قد تزوجت أحداً قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
  لكن هذا النص يسجل اعترافاً بأن زينب كانت بنتاً لأبي هلالة لا للنبي.

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 79 _

  يبقى الكلام في أنها هل هي بنت أخت خديجة ، أو بنت زوج أختها وهو بحث آخر ، لا أثر له فيما نحن بصدده هنا.
  ج ـ عن عمرو بن دينار : إن حسن بن محمد بن علي أخبره : أن أبا العاص بن الربيع ، بن عبد العزى ، بن عبد شمس ، بن عبد مناف ، وكان زوجاً لبنت خديجة ، فجيء به للنبي(ص) في قُدٍّ ، فحلته زينب بنت النبي (ص) الخ فكأن هذا النص يريد أن يشير إلى أن المتحدث يرى : أنها كانت بنتاً لخديجة على الحقيقة.
  وأما نسبتها إلى النبي (ص) في ذيل كلامه فلعله قد أراد به البنوة بالتربية ، وتكون نسبتها إلى خديجة وحدها أولاً قرينة على ذلك.

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 80 _

  الاشتباه في الإعراب :
  قد ذكر الشيخ محمد حسن آل يس : أن بعض المصادر تقول : إن زينب قد ولدت للنبي (ص) وكان عمره ثلاثين سنة وتزوجها أبو العاص قبل البعثة ، وولدت له علياً ـ مات صغيراً ـ وأمامة ، وأسلمت حين أسلمت أمها في أول البعثة.
  قال : وذلك غير معقول : إذ لا يمكن لبنت في العاشرة أن تتزوج ويولد لها بنت ، وتكبر تلك البنت حتى تسلم مع أمها في أول البعثة ، هذا ، وحيث لا تزال أمها في العاشرة من عمرها .

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 81 _

  ونقول :
  إن استنتاج هذا الباحث مرتكز على أن تكون عبارة : وأسلمت حين أسلمت أمها ، يُقصد بها أمامة ، وأمها زينب.
  ولكن ذلك غير ظاهر ، بل الصحيح هو أن الضمير يرجع إلى زينب وأمها خديجة ، لأن الحديث هو عن زينب ، وقد جاء ذكر أولادها ، أعني علياً وأمامة عرضاً.

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 83 _

الفصل السادس
دليل آخر

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 85 _

9 ـ زينب ورقية ربيبتان للنبي (ص)
  1 ـ قال أبو القاسم الكوفي ما ملخصه :
  إنه قد كانت لخديجة أخت أسمها (هالة) ، تزوجها رجل مخزومي ، فولدت له بنتاً اسمها هالة ، ثم خلف عليها أي على هالة الأولى ـ رجل تميمي ـ يقال له : أبو هند ، فأولدها ولداً اسمه هند.
  وكانت لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 86 _

  بنتين اسمهما (زينب ورقية) فماتت ، ومات التميمي ، فلحق ولده هند بقومه ، وبقيت هالة أخت خديجة ، والطفلتان اللتان من التميمي ، وزوجته الأخرى ، فضمتهم خديجة إليها.
  وبعد ان تزوجت بالرسول صلى الله عليه وآله ماتت هالة ، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول صلى الله عليه وآله.
  وكان العرب يزعمون : أن الربيبة بنت ، فلأجل ذلك نسبتا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، مع أنهما بنتان لأبي هند زوج أخت خديجة الخ .
  2 ـ وقال ابن شهر آشوب ، وهو يتحدث عن أن النبي (ص) قد تزوج خديجة وهي عذراء.

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 87 _

  (يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع : أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة) .
  وقال أيضاً : (وفي الأنوار والكشف ، واللمع ، وكتاب البلاذري : أن زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش) .
  ولم نفهم المقصود من كلمته الأخيرة : (من جحش) فهل هي تصحيف كلمة هند ، أو هالة ، أو نحو ذلك ؟ ام أن العبارة كانت هكذا : (ربيبة ابن جحش ) ؟!
  فصحفت كلمة (ابن) فصارت : (من ) ؟!
  كل ذلك محتمل ولابد لترجيح أي من الاحتمالات من شاهد ودليل.

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 88 _

خديجة لم تتزوج أحداً قبل النبي (ص) :
  ولابد لنا من أجل تأييد ما رواه أبو القاسم الكوفي من أن نشير إلى أن البحث العلمي الموضوعي لا يؤيد دعوى البعض : أن خديجة قد تزوجت برجلين قبل النبي (ص).
  ولعل هذه الدعوى قد صنعتها يد السياسة ، أو أنها قد جاءت لتكريس فضيلة لعائشة أم المؤمنين ، مفادها : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتزوج بكراً غيرها.
  إذ أن المتتبع للتاريخ والحديث يلمس حرصاً ظاهراً من أم المؤمنين ، ومن محبيها ، وخصوصاً الزبيريين منهم ، على تسطير الفضائل لها ، ولو بالإغارة على فضائل غيرها ، ونسبتها إليها ، كما كان الحال في قضية الإفك ، كما أثبتناه في كتاب لنا مطبوع منذ سنوات.

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 89 _

  الشواهد والأدلة
  وما نستند إليه في شكنا بما يدَّعيه هؤلاء بالنسبة لزواج خديجة بأحدٍ قبل النبي(ص) ، بالإضافة إلى ما تقدم نقله عن الاستغاثة ، هو ما يلي :
  أولاً : اضطراب المعلومات التي يقدمها مدّعو تزوجها عليها السلام برجلين قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
  فقد جاءت هذه المعلومات متناقضة ومتضاربة إلى حد كبير.
  فهل اسم أبي هلالة هو (النباش بن زرارة) ، أو (زرارة بن النباش)!
  أو اسمه (هند) ، أو (مالك ) ؟!

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 90 _

  وهل هو صحابي ؟ أو غير صحابي ؟!
  وهل تزوجته قبل عتيق ؟ أو بعده ؟!
  وبالنسبة إلى (هند) الذي ولدته خديجة ، هل هو ابن هذا الزوج ؟ أو ابن ذاك ؟! فإذا كان ابن عتيق ، فهو أنثى ، وإن كان ابن ذاك الآخر فهو ذكر.
  وهذا الولد الذكر هل مات بالطاعون ؟ ، أم أنه قتل مع علي أمير المؤمنين عليه السلام في حرب الجمل بالبصرة ؟

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 91 _

  وثانياً : قال أبو القاسم الكوفي :
  (إن الإجماع من الخاص والعام ، من أهل الآنال (الآثار ظ) ، ونقله الأخبار عن أنه لم يبق من أشراف قريش ، ومن ساداتهم ، وذوي النجدة منهم إلا من خطب خديجة ، ورام تزويجها ، فامتنعت على جميعهم من ذلك.
  فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غضب عليها نساء قريش ، وهجرنها ، وقلن لها :
  خطبك أشراف قريش ، وأمراؤهم ، فلم تتزوجي أحداً منهم ؟ وتزوجت محمداً يتيم أبي طالب ، فقيراً ، لا مال له ؟!
  فكيف يجوز في نظر أهل الفهم : أن تكون خديجة يتزوجها أعرابي من تميم ، وتمتنع من

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 92 _

  سادات قريش وأشرافها على ما وصفناه؟!
  ألا يعلم ذوو التمييز والنظر : أنه من أبين المحال ، وأفظع المقال وثالثاً : كيف لم يعيّرها زعماء قريش ، الذين خطبوها فردّتهم ، بزوجها من أعرابي ، بوال على عقبيه ، لا قيمة له ولا شأن ؟! ألم تكن هذه فرصة سانحة لهم للانتقام لأنفسهم ، من امرأة لم تكترث بهم ، ولا بزعامتهم ، ورفضت عروضهم عليها ، وتقربهم منها ، وتزلّفهم إليها ؟!
  ورابعاً : قال ابن شهرآشوب : (روى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوج بها ، وكانت

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 93 _

  عذراء.
  يؤكد ذلك : ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع : أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة) وقد ذكرنا نحن فيما سبق شواهد أخرى كثيرة على ذلك أيضاً.
  تـحـذيـر :
  ربما يحاول البعض أن يدعي : أن الحارث ابن أبي هالة ، الذي يقال : إنه أول شهيد في الإسلام كان ابناً لخديجة من أبي هالة ، وذلك يدل على تزوجها رحمها الله برجل غير النبي صلى الله عليه وآله.
  ونقول :
  1 ـ لم يثبت لدينا أن الحارث هذا قد كان ابناً

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 94 _

  لخديجة لأن الظاهر ، أن نسبته لخديجة ليس لها ما يثبتها سوى دعواهم أن خديجة قد تزوجت بأبي هالة ، وهذا هو أول الكلام ، وهو موضع الإشكال.
  2 ـ دعواهم : أن الحارث هذا هو أول شهيد في الإسلام - والمدعي لذلك هو الشرقي ابن القطامي - يعارضها :
  ألف ـ قول ابن عباس : (فقتل أبو عمار ، وأم عمار وهما أول قتيلين قتلا من المسلمين) ).
  ب ـ ما روي بسند صحيح ، من أن أول شهيد في الإسلام هو سمية رحمها الله ، وكذا روي عن مجاهد أيضاً) .
  ودعوى : أن سمية كانت هي أول من استشهد من

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 95 _

  النساء ، والحارث كان أول من استشهد من الرجال.
  ليس لها ما يبررها مادام أن كلمة (شهيد) ، تطلق على الرجل والمرأة على حد سواء ، مثل قتيل وجريح ، ولأجل ذلك نجد أبا هلال العسكري قد جعل القول : بأن سمية أول شهيد ، في مقابل قول الشرقي ابن القطامي في الحارث بن أبي هلالة ، فراجع .

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 97 _

الفصل السابع
أحد عشر كوكباً

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 99 _

10 ـ نفي النبي (ص) مصاهرة غير علي (ع)
  وثمة دليل آخر على أن أحداً غير علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام لم يكن صهراً لرسول الله(ص) ، لا عثمان بن عفان ، ولا أبو العاص بن الربيع ، ولا غيرهما.
  وهو ما روي عن أبي الحمراء ، قال :
  (قال النبي (ص) : يا علي ، أوتيت ثلاثاً لم يؤتهن أحد ولا أنا :

بنات النبي (ص) أم ربائبه _ 100 _

  أوتيت صهراً مثلي ، ولم أوت أنا مثلي.
  وأوتيت صدّيقة مثل ابنتي ، ولم أوت مثلها [زوجة].
  وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما ، ولكنكم مني ، وأنا منكم).
  فلو كان عثمان أو أبو العاص قد تزوجا بنات رسول الله (ص) لم يصح منه (ص) ذلك القول ، لاسيما وأن هذا الكلام قد صدر منه (ص) بعد ولادة الحسنين عليهما السلام.