5 ـ وروى ابن أعثم أن الإمام السجاد عليه السلام قال ليزيد لعنه الله : إنك لو تدري ما صنعت وما الذي ارتكبت ، من أبي وأهل بيتي ، وأخي وعمومتي ، إذاً لهربت في الجبال ، وفرشت الرماد ، ودعوت بالويل والثبور ، أن يكون رأس الحسين بن فاطمة ، وعلي رضي الله عنه منصوباً على باب المدينة ، وهو وديعة الله فيكم ... (1)
  6 ـ وقال عليه السلام ، مخاطباً يزيد لعنه الله ، في خطبته الشهيرة بدمشق : محمد هذا جدي أم جدك ؟! ، فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت ، وكفرت ، وإن زعمت أنه جدي فلِمَ قتلت عترته ؟ ... (2)
  7 ـ وقالت له السيدة زينب عليها السلام ، في خطبتها المعروفة : ( وقد نكأت الفرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب ) ... (3)
  ب : رضا يزيد لعنه الله بقتل الإمام الحسين عليه السلام : وحول رضا يزيد لعنه الله بقتل الإمام الحسين عليه السلام نقول : إن من المستحسن أن نشير أولاً إلى موقف علماء أهل السنة من هذا الأمر ، ثم نتكلم حول ما يرتبط برضاه لعنه الله بقتل سيد الشهداء عليه السلام ، فلاحظ ما يلي :

---------------------------
(1) الفتوح لابن أعثم المجلد الثالث ج5 ص132.
(2) الفتوح لابن أعثم المجلد الثالث ج5 ص133 ومقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص242.
(3) الخطبة في بلاغات النساء ص21 ومقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص64 وأعلام النساء ج2 ص504 واللهوف ص79 ـ 80 والحدائق الوردية ج1 ص129 ـ 131.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 72 _

إدانة علماء أهل السنة ليزيد لعنه الله :
  لقد ردَّ هذا الأمر علماء أهل السنة أنفسهم ، فضلاً عن غيرهم ، وكلماتهم كثيرة حول هذا الأمر : فالجاحظ مثلاً قد قال عن لعن يزيد لعنه الله ، بعد أن ذكر قتله [الإمام] الحسين [عليه السلام] وغير ذلك : ( فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون ... ) (1)
  ويقول : ( على أنهم مجمعون على أنه ملعون من قتل مؤمناً متعمداً ، أو متأولاً ، فإذا كان القاتل سلطاناً جائراً ، أو أميراً عاصياً ، لم يستحلوا سبه ، ولا خلعه ، ولا نفيه ولا عيبه الخ ... ) ... (2)
  ويقول : ( على أنه ليس من استحق اسم الكفر بالقتل كمن استحقه برد السنة ، وهدم الكعبة ) ... (3)
  وراجع ما قاله البرهان الحلبي ، وعلي بن محمد الكياهراسي ، والذهبي ، والشيخ محمد عبده ... (4) وابن جرير ، وغيرهم ...
  وقد حكم أحمد بن حنبل بكفر يزيد لعنه الله ... (5)
  وضرب عمر بن عبد العزيز الذي وصف يزيد بـ ( أمير المؤمنين ) عشرين سوطاً ... (6)

---------------------------
(1) آثار الجاحظ ص129 الرسالة الحادية عشرة في بني أمية.
(2) آثار الجاحظ ص30.
(3) آثار الجاحظ ص129 و130.
(4) السيرة الحلبية ج1 ص267 ، وتاريخ ابن خلكان ط إيران ج1 ص355 ترجمة الكياهراسي علي بن محمد ، وعن سير أعلام النبلاء للذهبي وعن الروض الباسم ج2 ص36 وعن تفسير المنار ج1 ص367 وج2 ص183 و185 ، وشذرات الذهب ج1 ص69.
(5) الإتحاف بحب الأشراف ص68 و63 ، وراجع : البداية والنهاية ج8 ص245 ط دار إحياء التراث العربي.
(6) الصواعق المحرقة ج2 ص633 و634 و642 وسير أعلام النبلاء ج4 ص40 وتاريخ الخلفاء ص194 ط دار الفكر سنة 1394 هجري.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 73 _

  وقال السيوطي : ( لعن الله قاتله ، وابن زياد ، ومعه يزيد ) (1)
  وسئل ابن الجوزي عن لعن يزيد لعنه الله ، فقال : قد أجاز أحمد لعنه ، ونحن نقول : لا نحبه لما فعل بابن بنت نبينا ، وحمله آل رسول الله سبايا إلى الشام على أقتاب الجمال ... (2)
  وراجع كلام الآلوسي حول ما فعله يزيد لعنه الله بعترة النبي صلى الله عليه وآله ، فإنه كلام جيد ، وقد نقل عن البرزنجي في الإشاعة ، وأبي يعلى ، وابن الجوزي ، والتفتازاني ، والسيوطي ، جواز لعن يزيد لعنه الله ، فراجع ... (3)
  وقال الذهبي : ( كان ناصبياً غليظاً ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر ، فتح دولته بقتل الحسين ، وختمها بوقعة الحرة ... ) (4)
  ويقول ابن خلدون عن قتل يزيد للإمام الحسين عليه السلام : ( إن قتله من فعلاته المؤكدة لفسقه ، والحسين فيها شهيد ) ... (5)
  فهذا غيض من فيض ، والحر تكفيه الإشارة ...

---------------------------
(1) تاريخ الخلفاء ص207.
(2) مرآة الزمان ج8 ص496 حوادث سنة 597 ، وراجع الصواعق المحرقة ج2 ص634 و635 وراجع منهاج السنة ج4 ص565 ـ 573.
(3) روح المعاني ج26 ص72 و73 وراجع المنتظم لابن الجوزي ج5 ص342 و345 والصواعق المحرقة ج2 ص580 و634 و635.
(4) شذرات الذهب ج1 ص69.
(5) مقدمة ابن خلدون ص181 عند ذكره ولاية العهد.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 74 _

سيرته لعنه الله تشهد عليه :
  أما فيما يرتبط برضا يزيد لعنه الله بقتله عليه السلام ، وسروره بذلك ، فنقول : قد صرح يزيد ، لعنه الله ، نفسه برضاه وبسروره بهذا الأمر ، فقد قال للنعمان بن بشير : ( الحمد لله الذي قتل الحسين ) ... (1)
  كما أن أفعاله لعنه الله تدل على هذا الرضا والسرور ... فقد قال السيوطي ، وابن جرير : لما قتل الحسين سُرَّ يزيد بمقتله ، وحسنت حال ابن زياد عنده ، وزاده ، ووصله ، وسره ما فعل ، ثم بعد ذلك ندم ، فمقته المسلمون ، وأبغضه الناس ... (2)
  وقال الجاحظ ما ملخصه : ( المنكرات التي اقترفها يزيد ، من قتل الحسين ، وحمله بنات رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم سبايا ، وقرعه ثنايا الحسين بالعود ، وإخافته أهل المدينة ، وهدم الكعبة ، تدل على القسوة والغلظة ، والنصب ، وسوء الرأي ، والحقد ، والبغضاء ، والنفاق ، والخروج عن الإيمان الخ ) ... (3)
  وقال التفتازاني : ( الحق إن رضا يزيد بقتل الحسين ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم مما تواتر معناه ، وإن كان تفاصيله أحاداً ، فنحن لا نتوقف في شأنه ، بل في إيمانه ، لعنة الله عليه ، وعلى أنصاره ، وأعوانه ... ) (4)
  وقال سبط الجوزي : إن الغزالي قال : ( وادعوا : أن قتله كان غلطاً ...

---------------------------
(1) راجع : مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص59.
(2) راجع الكامل في التاريخ ج4 ص87 ط دار صادر وتاريخ الخلفاء ص195 ط دار الفكر وراجع سير أعلام النبلاء ج3 ص317.
(3) آثار الجاحظ ص128 و129.
(4) راجع : شذرات الذهب ج1 ص68 و69 وشرح العقائد النسفية للتفتازاني ص188.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 75 _

  قال : وكيف يكون هذا ، وحال الحسين لا يحتمل الغلط ، لما جرى من قتاله ، ومكاتبة يزيد إلى ابن زياد بسببه ، وحثه على قتله ، ومنعه من الماء ، وقتله عطشاً ، وحمل رأسه وأهله سبايا ، عرايا ، على أقتاب الجمال إليه ، وقرع ثناه بالقضيب الخ ) ... (1)
  وقال ابن الجوزي عن بيعة يزيد لعنه الله : ( ظهرت منه أمور كل منها يوجب فسخ ذلك العقد ، من نهب المدينة ، ورمي الكعبة بالمنجنيق ، وقتل الحسين ، وأهل بيته ، وضربه على ثناياه بالقضيب ، وحمل رأسه على خشبة ) ... (2)
  وقال يزيد لعنه الله للإمام السجاد عليه السلام : ( كيف رأيت صنع الله بأبيك يا علي بن الحسين ... وشاور من كان حاضراً في أمره ، فأشاروا عليه بقتله ... ) (3) فسكت ...
  وقد واجهت السيدة زينب عليها السلام يزيد لعنه الله بالتقريع من أجل ذلك ... (4)
  وقال للإمام السجاد عليه السلام أيضاً : ( ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ... ) (5)
  وقال يزيد لعنه الله للإمام السجاد عليه السلام أيضاً : أراد أبوك وجدك أن يكونا أميرين ، فالحمد لله الذي أذلهما ، وسفك دماءهما ... (6)
  ودعا يزيد لعنه الله برأس الإمام الحسين عليه السلام ، وجعل يضرب ، أو ينكت (والنكت هو : الضرب) ثغر الإمام الحسين عليه السلام بقضيب في يده ... (7) وجعل يقول : قد لقيت بغيك يا حسين ... (8)

---------------------------
(1) تذكرة الخواص ص63 وراجع : الصواعق المحرقة ج2 ص631.
(2) مقتل الحسين للمقرم ص11 عن الفروع ج3 ص548 باب قتل أهل البغي ط المنار سنة 1345.
(3) إثبات الوصية ص143 ، وراجع الفتوح لابن أعثم المجلد الثالث ج5 ص130.
(4) بلاغات النساء لأحمد بن أبي طاهر ص21 ومقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص62 وأخبار الزينبات للعبيدلي ص86 واللهوف ص79 ط سنة 1369 هـ.
(5) راجع الكامل في التاريخ ج4 ص87 وتاريخ الطبري ج4 ص352 و355 وتفسير القمي ج2 ص352 في تفسير الآية في سورة الشورى وتذكرة الخواص ص262 ومقاتل الطالبيين ص120 والإرشاد للمفيد ج2 ص120 وسير أعلام النبلاء ج3 ص320.
(6) الفتوح لابن أعثم المجلد الثالث ج5 ص131.
(7) مقتل الحسين للمقرم ص454 عن : الإتحاف بحب الأشراف ص23 والكامل في التاريخ ج4 ص85 ط دار صادر وتذكرة الخواص ص148 والصواعق المحرقة ج2 ص580 ونقل أيضاً عن الفروع لابن مفلح ج3 ص549 وعن شرح مقامات الحريري للشربشي ج1 ص93 ، وراجع : مجمع الزوائد ج9 ص195 والفصول المهمة لابن الصباغ ص205 والخطط للمقريزي ج2 ص289 والبداية والنهاية ج6 ص260 ط دار إحياء التراث وراجع : مناقب ابن شهرآشوب ج3 ص261 المطبعة الحيدرية ، وسير أعلام النبلاء ج3 ص319 و320 و309.
(8) الكواكب الدرية للمناوي ج1 ص56.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 76 _

جوائز يزيد لعنه الله لابن زياد :
  ولما قتل ابن زياد الإمام الحسين عليه السلام ، أوصله يزيد لعنه الله بألف ألف درهم جائزة ... (1)
  وقال لسلم بن زياد ، أخي عبيد الله بن زياد ، حينما قدم عليه بعد قتل الإمام الحسين عليه السلام : لقد وجبت محبتكم يا بني زياد على آل سفيان ... (2)
  وكتب يزيد لعنه الله بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام ، إلى ابن زياد : أما بعد ، فإنك قد ارتفعت إلى غاية أنت فيها كما قال الأول :
رفعت فجاوزت السحاب iiوفوقه      فما لك إلا مرتقى الشمس iiمقعدا
أفد عليَّ لأجازيك على ما فعلت

---------------------------
(1) الفتوح لابن أعثم المجلد الثالث ج5 ص135.
(2) الفتوح لابن أعثم المجلد الثالث ج5 ص36 وينابيع المودة ج3 ص31 ط دار الأسوة والصراط السوي في مناقب آل النبي ص85.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 77 _

  ولما جاء استقبله يزيد لعنه الله ، وقبل ما بين عينيه ، وأجلسه على سرير ملكه ، وأدخله على نسائه.
  وقال للمغني : غنِّ.
  وللساقي : اسق.
  ثم قال :
اسـقني شـربة أروي iiفؤادي      ثـم صل فاسق مثلها ابن iiزياد
مـوضع السر والأمانة iiعندي      وعلى ثغر مغنمي وجهادي ...
  زاد ابن الجوزي :
قاتل الخارجي أعني حسيناً      ومـبيد الأعـداء iiوالحساد

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 78 _

  وأوصله ألف ألف درهم ، ومثلها لعمر بن سعد ، وأطلق له خراج العراق سنة ... (1)
  كما أنه حين وافاه النبأ بمقتل الإمام الحسين عليه السلام ، وكان في بستانه الخضرا ، كبر تكبيرة عظيمة ... (2)
  وحين وصل السبايا إلى الشام ( جمع يزيد من كان بحضرته من أهل الشام ، ثم دخلوا عليه ، فهنوه بالفتح ) ... (3)
  وتقدم أنه حين وضع رأس الإمام الحسين عليه السلام ، جعل ينكت ثناياه بالقضيب وهو يقول :
أبى قومنا أن ينصفونا iiفأنصفت      قواضب  في أيماننا تقطر iiالدما
نفلق هاماً من رجال أعزة علينا      وهـم كـانوا أعق وأظلما ii...

---------------------------
(1) راجع : شرح الأخبار ج3 ص253 ط جماعة المدرسين ، قم ، إيران ، ومرآة الزمان في تواريخ الأعيان ص106 وتذكرة الخواص ص290 وراجع : مروج الذهب ج3 ص67.
(2) تاريخ اليعقوبي ج2 ص222.
(3) البداية والنهاية ج8 ص197 ط سنة 1966م ، وراجع : سير أعلام النبلاء ج3 ص309.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 79 _

  ثم صلب الرأس الشريف على باب القصر ثلاثة أيام ... (1)
  وفي نص آخر : نصبه بدمشق ثلاثة أيام ، ثم وضع في خزائن السلاح ... (2)
  وفي نص آخر : أنه نصبه على باب مسجد دمشق ... (3)
  وفي نص آخر : نصبه في جامع دمشق ، في المكان الذي نصب فيه رأس النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام ... (4)
  ثم حبس السبايا في محبس لا يكنهم من حر ولا برد ... (5)
  ولعله نصبه في أكثر من موضع في الأيام المختلفة ... لو صحت مزاعمهم : وبعد ، فلو صح ما يزعمونه من أن يزيد لعنه الله لم يأمر ابن زياد بقتل الإمام الحسين عليه السلام ، فقد كان من المفترض أن يقتص منه ـ أو ـ على الأقل ـ أن يحاسب ويعاقب ابن زياد ، وعمر بن سعد ، وشمر بن ذي الجوشن ، وغيرهم ـ لعنهم الله ـ ممن شارك في قتل الإمام الحسين عليه السلام ، ريحانة الرسول صلى الله عليه وآله ، وسيد شباب أهل الجنة ...

---------------------------
(1) راجع الخطط للمقريزي ج2 ص289 والإتحاف بحب الأشراف ص23 ومقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص75 وسير أعلام النبلاء ج3 ص319.
(2) البداية والنهاية ج8 ص222 دار إحياء التراث ، وسير أعلام النبلاء ج3 ص319.
(3) الأمالي للصدوق ص147 ط سنة 1389 هـ النجف الأشرف.
(4) صبح الأعشى ج4 ص97 ط المؤسسة المصرية العامة ونقل عن تذهيب التهذيب ج1 ص157.
(5) الأمالي للصدوق ص148.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 80 _

  وكان عليه أيضاً أن يعاقب عمرو بن سعيد الأشدق ، الذي أمر صاحب شرطته على المدينة : عمرو بن الزبير بن العوام ، بهدم دور بني هاشم في المدينة ، ففعل ، وبلغ منهم كل مبلغ ، وهدم دار ابن مطيع ... (1)
  وكان عليه أن يستغني ـ على الأقل ـ عن خدمات ابن زياد ، والأشدق ، وغيرهما ...
  وكان عليه أن لا يرضى من سفيانية أهل دمشق بأن يستقبلوا السبايا بالدفوف ، وبالفرح والسرور ؟! (2)
  وبعد كل ما تقدم : فما معنى محاولة هؤلاء تبرئة يزيد لعنه الله مما اقترفته يداه ، وادعاء أنه لم يأمر بقتل الإمام الحسين عليه السلام ، ولا رضي به ، بل حاول أن يمنع من عودة القتال بين أهل الشام وأهل العراق ؟! ...

---------------------------
(1) راجع : الأغاني ط ساسي ج4 ص156.
(2) أمالي الصدوق ص100.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 81 _

أنصار السفياني :
  وبعد أن اتضح : أن هذا المنشور قد اعتمد في عرضه لما جرى للإمام الحسين عليه السلام ، الرواية السفيانية اليزيدية الشاذة ، التي أجمعت الدلائل والشواهد ، والنصوص التاريخية على خلافها ...
  نقول : ما كنا نظن أننا نعيش إلى اليوم الذي نحتاج فيه إلى إثبات أن يزيد لعنه الله هو الذي قتل الإمام الحسين عليه السلام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...
  وإن أخشى ما نخشاه هو أن يكون هذا النوع من الطروحات التي تسعى لتبرئة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان لعنه الله ، الذي ارتكب أعظم الجرائم وأفظعها في حق الدين
  ـ أن تكون من إرهاصات عودة السفيانية ، وأن يكون هؤلاء المروِّجون لها من الموطئين لظهور السفياني في آخر الزمان ...
  ولعل ما يؤكد هذا المعنى : أن المنشور يسعى للنيل من شخص الإمام الحسين عليه السلام ، سيد شباب أهل الجنة ، والإمام المنصوص على إمامته من قبل الرسول صلى الله عليه وآله نفسه بقوله : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ... وتصويره على أنه كان طالباً للدنيا ، كما أشارت إليه الرواية المكذوبة عن ابن عمر ...
  وذلك توطئة للطعن في أصل الإمامة ، الذي لم يزل يؤرِّق هؤلاء الناس ، ويمثل الشوكة الجارحة في قلوبهم ، والقذ المؤلم في عيونهم ، والشجا المعترض في حلوقهم ...

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 82 _

ابن تيمية المتجرئ على حرمات الله :
  وأما كلام ابن تيمية ، الذي ورد في المنشور ... فهو ظاهر في أنه يدافع عن يزيد لعنه الله ، ويتهم الإمام الحسين عليه السلام بأنه لا عقل ، أو لا دين له ، والعياذ بالله ، وذلك حين زعم أنه أقدم على أمر ليس فيه مصلحة دين ، ولا مصلحة دنيا ...
  فهل أصبح ابن تيمية المجسم ، المتحامل على النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام ، أعرف بالتكليف الشرعي من سيد شباب أهل الجنة ؟! ...
  ثم إننا لا ندري كيف يكون الإمام الحسين عليه السلام سيداً لشبابها ؟! ، وليس على وجه الأرض أحد يساميه أو يساويه ، على حد تعبير ابن كثير الحنبلي ... (1) ما دام أنه لا يعرف مصلحة الدين ، ولا مصلحة الدنيا؟! ... ويقدم على أمر ( ما كان سليماً ) ، على حد تعبير ابن تيمية ، وقد أوجب الفساد ، على حد تعبير هذا المتعصب البعيد عن الأدب مع أهل بيت النبوة ؟! ...
  أليس في ذلك تعذير ليزيد لعنه الله ، ولابن زياد ، وللشمر بن ذي الجوشن ، ولعمر بن سعد ، ولحرملة ، و ... و ...؟!
  وانتهاك لحرمة ومقام الإمام الحسين عليه السلام ، وتسفيه لرأيه ، وتصويب أعدائه ، أو على الأقل تهوين لجريمتهم ؟!
  ثم هو اعتراض على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله ، حين أعطيا الأوسمة للإمام الحسين عليه السلام دون يزيد القرود ، والفهود ، والخمور ، والفجور ؟! ...

---------------------------
(1) البداية والنهاية ج8 ص162 ط سنة 1413 ط دار إحياء التراث العربي.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 83 _

النصب وإيحاءاته :
  ويلاحظ : أنه قد ورد التعبير في المنشور ، أن الحر قال عن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام : إنها ( سيدة نساء العرب ) مع أن الرواية تصرح بأنها :
  سيدة نساء هذه الأمة ...
  وسيدة نساء العالمين ...
  وسيدة نساء أهل الجنة ... (1)

الفصل الثاني : اللطم على الإمام الحسين عليه السلام
  قتل الإمام الحسين عليه السلام وقتل الأنبياء :
  ثم ذكر المنشور ـ الذي يبدو أنه مأخوذ مما جاء في البداية والنهاية لابن كثير ـ : أن الأنبياء قتلوا ، وكذلك قتل علي ، وعمر ، وعثمان ، وهؤلاء كلهم أفضل من الحسين ، ولذلك لا يجوز إذا جاء ذكرى الحسين اللطم الخ ...

---------------------------
(1) راجع : أسرار الأسماء لفاطمة الزهراء ص69 حتى ص83 فإنه قد ذكر طائفة كبيرة من النصوص عنه صلى الله عليه وآله عن مصادر كثيرة جداً من السنة والشيعة على حد سواء.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 84 _

  ثم استشهد بحديث : ليس منا من لطم الخدود ، وشق الجيوب ...
  ونقول : إن هذا الكلام كله أيضاً غير دقيق ، ولا صحيح ... ونلخص ما نرمي إليه ضمن النقاط التالية :

فظاعة جريمة يزيد لعنه الله :
  بالنسبة إلى قولهم : ( إن مقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء ) ...
  نقول : إنه غير صحيح ، فإن قتل الإمام الحسين عليه السلام بهذه الصورة التي تم فيها ، قد كان هو الأفظع والأبشع ، والأعظم خطراً ، وذلك لأنه كان يهدف إلى اغتيال جهود جميع الأنبياء كلهم ، وذلك بالقضاء على دين الإسلام ، الذي جاء به خاتم الرسل صلى الله عليه وآله ، الذي هو الدين الأتم والأكمل ، ونبيه هو الأشرف والأفضل من كل ما ومن خلق الله ... والذي هو ثمرة جهود ، وتضحيات جميع الأنبياء والأوصياء والصالحين ، من النبي آدم عليه السلام إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله ...

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 85 _

أوصياء نبينا أفضل :
  وأما بالنسبة لتفضيل الأنبياء على الإمام الحسين عليه السلام ، فإننا نقول : إن أوصياء نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله أفضل ، وأشرف من سائر الأوصياء ، بل هم أفضل من كل من عدا نبينا صلى الله عليه وآله ، كما تدل عليه النصوص الكثيرة التي أثبتت أن آدم ، ونوحاً ، وإبراهيم ، ويونس ، وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام قد توسلوا إلى الله بهم ، وطلبوا الفرج والغوث من الله بواسطتهم ...
  وإذا كان الأمر كذلك ، فلا تصل النوبة إلى الحديث عن كونهم أفضل من عمر بن الخطاب ، ومن عثمان بن عفان ، فكيف إذا كان هؤلاء قد اعتدوا على بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أيضاً بالضرب ، وأسقطوا جنينها ... حتى ماتت واجدة على أبي بكر وعمر ، كما صرح به البخاري وغيره ...
  وكيف إذا كان الصحابة والتابعون قد نقموا على عثمان ، حتى قتل بحضرتهم ، وبمشاركة منهم ...
  فهل يصح بعد هذا المقايسة بين هؤلاء وبين الإمام الحسين عليه السلام ؟ ، فضلاً عن السعي لتفضيلهم عليه ؟!

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 86 _

اللطم على الإمام الحسين عليه السلام مطلوب لله تعالى :
  أما ما ادعاه المنشور ، من أنه لا يجوز إذا جاءت ذكرى [الإمام] الحسين [عليه السلام] اللطم وما شابه ... فهو غير صحيح أيضاً ، بل هو مستحب ، ومطلوب ومحبوب لله تعالى ، خصوصاً ، إذا كان فيه إدانة للباطل ، وتأييد للحق ، وتربية للنفوس على مقت الظلم ورفضه ، والبراءة من الظالمين والمفسدين ، ونحن نكتفي في هذا السياق بالتذكير بما يلي :
  أيهما أعظم :
  هل لطم الصدور والخدود أعظم ؟
  أم البكاء حتى العمى الحقيقي أعظم ؟
  فإن القرآن قد صرح بأن النبي يعقوب عليه السلام قد بكى على ولده النبي يوسف عليه السلام ـ الذي كان حياً ـ حتى ابيضت عيناه من الحزن ، بل هو قد كاد أن يهلك من ذلك ، قال تعالى : {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُواْ تَالله تَفْتؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} (1)
  حديث : لطم الخدود ، لا يدل :
  بالنسبة لحديث : ( ليس منا من لطم الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية ) ... نقول :
  إنه لا بد أن يكون ناظراً إلى من يفعل ذلك استعظاماً ، واعتراضاً على قضاء الله ، لمجرد موت عزيز له ...

---------------------------
(1) الآيتان 84 و 85 من سورة يوسف.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 87 _

  1 ـ وقد قال الكرماني : ( إلا أن يفسر دعوى الجاهلية بما يوجب الكفر ، نحو تحليل الحرام ، أو عدم التسليم لقضاء الله ، فحينئذ يكون النفي حقيقة ) ... (1)
  وقال المناوي : ( وهو يدل على عدم الرضى ، وسببه ما تضمنه من عدم الرضا بالقضاء ) ... (2)
  فهذا الحديث ليس ناظر إلى ما هو من قبيل اللطم في عاشوراء الذي هو لأجل إعزاز الدين ، وإظهار الحب لأهل بيت النبوة عليهم السلام ، وإحياء شعائر الله تعالى ...
  2 ـ وقد روى الخوارزمي : أن دعبلاً أنشد الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام قصيدته التائية ، ومنها قوله :
أفـاطم  لو خلت الحسين iiمجدلاً      وقـد  مات عطشاناً بشط iiفرات
إذن  لـلطمت الـخد فاطم iiعنده      وأجريت دمع العين في الوجنات

---------------------------
(1) شرح الكرماني على البخاري ج7 ص88 وعمدة القاري ج8 ص87.
(2) فيض القدير شرح الجامع الصغير ج5 ص493.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 88 _

  فلم يعترض عليه الإمام عليه السلام ، ولو بأن يقول له : إن أمنا فاطمة عليها السلام لا تفعل ذلك ، لأنه حرام ... بل هو عليه السلام قد بكى وأعطى الشاعر جائزة ، وأقره على ما قال ... (1)
  والإمام الرضا عليه السلام لا يمكن أن يخفى عليه مثل هذا الحكم الشرعي ، في أمر هو محل ابتلاء الناس ... ولا بد أن يكون الناس قد بدأوا بممارسته منذ الأيام الأولى لوقوع الفاجعة ... ويشير إلى ذلك ما ورد في النص التالي :
  3 ـ لما مروا بالسبايا على الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه صاحت النساء ، ولطمن وجوههن ، وصاحت زينب عليها السلام : يا محمداه ... (2)
  ولم يعترض عليهن الإمام السجاد عليه السلام ، ولم نسمع أن أحداً من الأمة قد خطَّأهن في ذلك ...
  4 ـ وحين ارتجز الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء :
يـا دهـر أف لـك مـن iiخليل      كم لك في الإشراق والأصيل ...

---------------------------
(1) مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص131 والبحار ج49 ص237 و239 ـ 252 والغدير للعلامة الأميني ، وغير ذلك.
(2) مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص39 ، والبداية والنهاية ج8 ص210 ط دار إحياء التراث العربي.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 89 _

  سمعته السيدة زينب عليها السلام ، فشقت ثوبها ، ولطمت وجهها ، وخرجت حاسرة تنادي : وا ثكلاه ، وا حزناه ، الخ ... (1)
  5 ـ ومما يدل على عدم حرمة اللطم في موت الأنبياء ، والأوصياء ، وأبناء الأنبياء ، خصوصاً الذين ليس على الأرض أحد يساميهم ، أو يساويهم ، ما رواه أحمد وغيره ، وهو : عبد الله ، عن أبيه ، عن يعقوب ، عن أبيه ، عن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عباد ، قال : سمعت عائشة تقول : مات رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بين سحري ونحري ، وفي دولتي ، لم أظلم فيه أحداً ، فمن سفهي ، وحداثة سني ، أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قبض وهو في حجري ، ثم وضعت رأسه على وسادة ، وقمت ألتدم مع النساء ، وأضرب وجهي ... (2)
  قال محمد سليم أسد عن هذا الحديث بهذا الإسناد : وهذا إسناد صحيح ... (3)
  ورواه أبو يعلى ، عن جعفر بن مهران ، عن عبد الأعلى ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد ، عن أبيه.
  وقال محمد سليم أسد : إسناده حسن ، من أجل جعفر ... (4)
  وروي أيضاً عن سعيد بن المسيب مثل ذلك ... (5)
  ونحن إنما نستدل على هؤلاء بما عندهم ، وفي كتبهم على قاعدة : ( ألزمواهم بما ألزموا به أنفسهم ).

---------------------------
(1) مقاتل الطالبيين ص113 وراجع : تاريخ الأمم والملوك ج4 ص319 ط الاستقامة وتاريخ اليعقوبي ج2 ص244 ط صادر والإرشاد للمفيد ج2 ص94 والكامل لابن الأثير ج4 ص59.
(2) مسند أحمد ج6 ص274.
(3) مسند أبي يعلى ج8 ص63 هامش.
(4) المصدر السابق متناً وهامشاً.
(5) مسند أحمد ج2 ص516 ونصب الراية للزيعلي ج3 ص15 ط دار الحديث ـ القاهرة ، عن الموطأ وعن الدارقطني والكتب الستة.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 90 _

  6 ـ إن مجرد أن يضرب الإنسان نفسه لمصيبة تحل به ، ليس حراماً ، فقد روى أحمد ، عن روح ، عن محمد بن أبي حفصة ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن عبد الرحمان ، عن أبي هريرة : أن أعرابياً جاء يلطم وجهه ، وينتف شعره ، ويقول : ما أراني إلا قد هلكت.
  فقال له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : وما أهلكك ؟!.
  قال : أصبت أهلي في رمضان !
  قال صلى الله عليه [وآله] وسلم : تستطيع أن تعتق رقبة ... الخ ... (1)
  حيث يلاحظ : أن النبي لم يعترض عليه ، ولم ينهه عما يفعله بنفسه ...
  7 ـ كما أن ابن عباس يروي لنا قضية طلاق النبي لنسائه ، وفي حديثه : قال عمر : فدخلت على حفصة ، وهي قائمة تلتدم ، ونساء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قائمات يلتدمن.
  فقلت لها : أطلقك رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ... الخ ... (2)

---------------------------
(1) مسند أحمد ج2 ص516.
(2) كنز العمال ج2 ص534 عن ابن مردويه.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 91 _

  ابن أبي أوفى ، فهم خطأ ! :
  وأما ما رواه أحمد ، عن علي ، عن عاصم ، عن الهجري : أن عبد الله بن أبي أوفى كان في جنازة ابنته ، فسمع امرأة تلتدم.
  وقال مرة : ترثي.
  فقال : مه ، ألم أنهكن عن هذا ؟
  إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كان ينهى عن المراثي ، لتفض إحداكن من عبرتها ما شاءت ... (1)
  أما هذه الرواية فإن سياق الكلام يشير إلى أن الحديث إنما هو عن المراثي ، الذي كان شائعاً في تلك الأيام ، حيث إن النساء كن ينحن بالباطل ، ويذكرن في نوحهن أموراً لا حقيقة لها ... وينسبنها للميت ، وقد ورد النهي الأكيد عن ذلك ...
  وهذا هو الأنسب بقول ابن أبي أوفى : إن رسول الله صلى الله عليه وآله ، كان ينهى عن المراثي ، وتكون كلمة ( تلتدم ) خطأ ، وهي من تصرفات الرواة ...
  وحتى لو كانت رواية تلتدم هي الأصح ، فإن النهي عن المراثي لا يستلزم النهي عن اللدم واللطم ...
  ولعل ابن أبي أوفى قد فهم ذلك خطأ ...

---------------------------
(1) مسند أحمد ج4 ص383.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 92 _

  أو أنه أراد أن يساير الجو الضاغط ، والسياسة المتبعة منذ منع عمر بن الخطاب ، وأبو بكر ، السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من البكاء على ما أصابها ، بمجرد وفاة أبيها صلى الله عليه وآله ، حيث صارت السياسة تقضي بالمنع من البكاء على الميت مدة من الزمن ... كما هو مذكور في كتابنا ( الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ) ، وذلك حين الحديث عن شهداء غزوة أحد ، وبكاء النبي صلى الله عليه وآله على عمه حمزة عليه السلام ... فراجع ...
  ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام هو الحجة :
  وأخيراً نقول : إنه حتى لو لم يكن أهل السنة قد ذكروا ذلك وسواه في مصادرهم ، فإن ما روي عن أهل البيت عليهم السلام ، من طرق شيعتهم الأبرار كاف في إثبات جواز ، بل رجحان ما يقومون به في مناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام ، من لطم وبكاء ... (1) وهو الحجة لهم ...
  وإنما هم يذكرون ما روي من طرق سائر الفرق ، انطلاقاً من قاعدة : ( ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ) ...
  ويدل على صحة مسلك الشيعة الإمامية في ذلك ، حديث الثقلين الذي اعتبر أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله ، والقرآن ، الحجة على أهل الدنيا إلى يوم القيامة ، وأوجب على الأمة التمسك بهما إلى يوم القيامة ... (2)
  ويدل على ذلك أيضاً ، حديث : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق وهوى ... (3)

---------------------------
(1) راجع مراسم عاشوراء لجعفر مرتضى العاملي.
(2) راجع حديث الثقلين للشيخ قوام الدين الوشنوي للاطلاع على بعض مصادر هذا الحديث الشريف.
(3) راجع : المعجم الصغير للطبراني ج1 ص139 وج2 ص22 والمعجم الأوسط ج4 ص10 والمعجم الكبير ج3 ص246 وكنز العمال ج12 ص298 ط مؤسسة الرسالة ، وتفسير ابن كثير ج4 ص123 وينابيع المودة ج1 ص94 وج2 ص327 و443.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 93 _

  ولأجل ذلك ، ولأجل أن أصول المناظرة تفرض ذلك ، نقول : إنه ليس من حق الآخرين أن يستدلوا على الشيعة بما ليس في كتب الشيعة ... بل اللازم هو أن يبحثوا معهم أولاً موضوع الإمامة ، ودلالات حديث الثقلين وغيره ، فإذا ظهر الحق فيها ، فإن على الجميع أن يلتزم به ، وبما يقتضيه ...
  وأما الاحتجاج بروايات سفيانية ، على من لا يؤمن بنهج آل أبي سفيان ، فهو ظلم قبيح ، وجبرية ظاهرة الفظاظة والغلظة ، أعاذنا الله منها ومن شرورها ...
  لماذا المأتم للحسين دون علي عليهما السلام : بقي أن نشير إلى السؤال الذي ورد في المنشور ، من أنه لماذا لا يفعل الشيعة في مناسبة قتل الإمام علي عليه السلام ، أو يحيى بن زكريا كفعلهم في عاشوراء ؟! ...
  ولماذا لا يفعل السنة مثل ذلك في مناسبة قتل عمر بن الخطاب ، أو عثمان ؟! ...
  ونقول :
  أولاً : إن الشيعة يحيون مناسبة ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام ، ويلطمون صدورهم فيها أيضاً ...

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 94 _

  ثانياً : إن هناك فرقاً بين ما جرى للإمام علي عليه السلام ، وبين ما جرى للإمام الحسين عليه السلام في كربلاء ، فإن الإمام علياً عليه السلام قتله شخص ، أنكرت عليه ذلك الأمة بأسرها ، وأعلنت بالبراءة منه ومن فعله ... ولم تلتزم بتبرئته ، ولم ترتض نهجه ، ولا خطأت الإمام علياً عليه السلام ، ولا شككت فيه ...
  ولكن الذي قتل الإمام الحسين عليه السلام ، هو من يضع نفسه في موقع الرسول صلى الله عليه وآله ، ويسعى أتباع السفياني والسفيانية باسم العلم والدين ، ليس فقط لتبرئته من دم الإمام الحسين عليه السلام ، بل هم قد تعدوا ذلك إلى محاولات التلويح والتصريح بإدانة الإمام الحسين عليه السلام نفسه ، واعتباره هو الباغي والطالب للدنيا ، والذي لا يعرف المصالح من المفاسد ... و ... و ... كما تقدم ... وليتمكنوا بذلك من إسقاط الإمامة بإسقاط الإمام ، رغم الاعتراف بأنه ليس على وجه الأرض أحد يساويه ، أو يساميه ...
  ثالثاً : إن النبي صلى الله عليه وآله ، قد أقام للإمام الحسين عليه السلام المآتم ، وعقد له مجالس البكاء ، ولم يفعل ذلك بالنسبة للإمام علي عليه السلام ، ولا بالنسبة للنبي يحيى بن زكريا عليهما السلام ... فراجع : كتاب ( سيرتنا وسنتنا ) للعلامة الإميني للاطلاع على جانب من النصوص والمصادر ...
  لماذا لا يقام المأتم لعمر بن الخطاب ، وعثمان :
  وأما لماذا لا يقيم أهل السنة مأتماً لعمر وعثمان ، فإننا نقول في جوابه :
  أولاً : أما عمر بن الخطاب ، فإن قاتله رجل يزعم البعض أنه مجوسي ـ وإن كنا نحن نشك في صحة هذا الإدعاء ـ لأنه رأى نفسه في موقع المظلوم.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 95 _


  والمطالَب بإقامة العزاء لعمر إنما هم أهل السنة ، فلعل سبب إحجامهم عن هذا هو : حتى لا تنكشف أمور لا يحبون كشفها !! ...
  ثانياً : أما عثمان ، فإنه قد قتل برضى من الصحابة ، وبمشاركة منهم ، فإقامة الذكرى له سوف تكشف أيضاً ، أموراً يحرص محبوه على التستر عليها ، وعلى أن ينساها الناس ...
  ثالثاً : لعل أهل السنة لا يقيمون العزاء لعثمان لأنهم ملتزمون بحرمة إقامة مثل هذه الشعائر ، لأنهم فهموا بعض الأحاديث خطأ ، كما أوضحناه ، أو لأنهم ملتزمون بسياسات خلفائهم ... حسبما أشرنا إليه ...

الفصل الثالث : عاشوراء ... عيد أم مأتم
  عاشوراء ... عيد الشامتين بأهل البيت عليهم السلام : وإذا أردنا أن نسلّم بما يقال ، من أنّ عمل السلف حجة ، وإن لم يكن المعصوم داخلا فيهم.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 96 _


  وإذا فرضنا صحة قولهم : إن عصر الصحابة والتابعين هو العصر الذي تنعقد فيه الإجماعات ، وتصير حجة ، وتشريعاً متّبعاً ...
  وإذا كان الإجماع معصوماً ونبوّة بعد نبوّة ، حسبما يدّعون ... (1)
  وإذا كان يحلّ لمسلم أن يدّعي وجود نبوّة بعد نبوّة خاتم النبيّين ، خلافاً لنص القرآن الكريم : {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ... (2)
  وإذا كان يجوز عند هؤلاء اطّراح القرآن ، وكل ما قاله النبي الأعظم صلى الله عليه وآله لمجرد أنه انعقد الإجماع بعد عصر النبي على خلافهما ، مع التصريح بأن الأمة معصومة ... (3)
  إذا جاز كل ذلك ... جاز أن يقال لهؤلاء : لقد سُبَّ أمير المؤمنين عليه السّلام على ألوف المنابر في جميع أقطار العالم الإسلامي ، من قبل وعّاظ السلاطين ، طيلة عشرات السنين ، وشارك في ذلك العديد بل العشرات من الصحابة ...
  فهل يجوِّز هؤلاء العودة إلى سبه ، وهل يعتبرون ذلك شريعة مرضية لله ولرسوله ؟!
  كما أن بني أميّة وكلّ أتباعهم ، ومن كان تحت سيطرتهم ، وكذلك بنو أيّوب ، ولمدة عشرات السنين ، قد اتخذوا يوم عاشوراء عيداً ، وأوّل من فعل ذلك الحجاج ، برضا وبمرأى ومسمع من الخليفة عبد الملك بن مروان ، وبمرأى ومسمع من بقايا الصحابة ، وجميع التابعين .

---------------------------
(1) راجع : المنتظم لابن الجوزي ج9 ص210 والإلمام ج6 ص123 والأحكام في أصول الأحكام ج1 ص204 و205.
(2) الآية 40 من سورة الأحزاب.
(3) راجع : تهذيب الأسماء ج1 ص42 وراجع : الإلمام ج6 ص123 والباعث الحثيث ص35 وشرح النووي على صحيح مسلم بهامش إرشاد الساري ج1 ص28 ونهاية السول ج3 ص325 وسلم الوصول ج3 ص326 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص24 وإرشاد الفحول ص82 و80 والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج4 ص188 و189.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 97 _

  ولم نجد اعتراضاً من أحدٍ منهم ، ولا من أيّ من علماء الأمة ، وصلحائها ـ باستثناء أهل البيت عليهم السلام الذين كانوا يعملون بمبدأ التقية آنئذٍ ـ لا في تلك الفترة في عهد الأمويين ، ولا في زمان بني أيوب وبعده.
  ثم إنهم يؤكدون لزوم السرور في هذا اليوم بما يروونه من حوادث عظيمة ، اتفق وقوعها فيه ، من قبيل : توبة الله فيه على آدم ، واستواء السفينة على الجودي ، وإنجاء النبي إبراهيم عليه السلام من النار وفداء الذبيح بالكبش ، ونحو ذلك ... (1)
  ويا ليتهم اكتفوا بذلك ، بل لقد تعدّو ذلك إلى الإفتاء بحرمة لعن يزيد لعنه الله ، وعدم جواز تكفيره ، وقالوا : إنّه من جملة المؤمنين (2)
  بل لقد قال ابن الصلاح : ( وأما سب يزيد ولعنه ، فليس ذلك من شأن المؤمنين ، وإن صح أنه قتله أو أمر بقتله ) ... (3) زاعمين أنه يجوز لعن قتلة الأنبياء ، ومن علم موته على الكفر ...
  وتقدمت بعض محاولاتهم في الدفاع عنه ...
  كما أن الجمهور قد خالفوا في جواز لعنه بالتعيين (4)
  وقال عبد الغني سرور المقدسي : ( إنما يمنع من التعرض للوقوع فيه ، خوفاً من التسلق إلى أبيه ، وشكَّاً لباب الفتنة (5)
  بل قال : الشبراوي الشافعي ، عن الغزالي ، وابن العربي : ( فإنّ كلاهما قد بالغ في تحريم سبّه ولعنه ، لكن كلاهما مردود ) ... (6)

---------------------------
(1) راجع على سبيل المثال : عجائب المخلوقات ، بهامش حياة الحيوان ج 1 ص 114 والصواعق المحرقة ج2 ص535.
(2) الصواعق المحرقة ج2 ص639 ، وإحياء علوم الدين ج 3 ص 125 ، وقيد الشريد ص61 عن جمال الدين الأردبيلي ، وراجع ص63 و70 و80 ، وراجع العواصم من القواصم ص232 و233 ، وهوامشه لترى دفاعهم المستميت عن يزيد لعنه الله تعالى ، وراجع البداية والنهاية ج8 ، وذكر في كتاب : يزيد بن معاوية الخليفة المفترى عليه طائفة من هؤلاء ، فراجع ص124 وغير ذلك ...
(3) الصواعق المحرقة ج2 ص639 وقيد الشريد ص59.
(4) الإتحاف بحب الأشراف ص 62 والصواعق المحرقة ج2 ص638.
(5) قيد الشريد ص70.
(6) الإتحاف بحب الأشراف ص 68.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 98 _

تحريم رواية المقتل :
  ثم زادوا في الطنبور نغمة ، فقالوا : ( يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين ، وحكاياته ) ...
  قال ذلك الغزالي وغيره (1)
  وليس ذلك ببعيد على من لا يرى بأساً بالسكوت حتى عن لعن إبليس ، كما عن ابن أبي شريف ، بل قال الرملي : ( ينبغي لنا أن لا نلعنه ) (2)
  وقال الغزالي : ( بل ولو لم يعلن إبليس طول عمره ، مع جواز اللعن عليه ، لا يقال له يوم القيامة : لم لا تلعن إبليس ) .
  وقال : ( وأما الترحم عليه (أي على يزيد) فجائز ، بل مستحب ، وهو داخل في قولنا : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، فإنه كان مؤمناً ) (3)

تحريم التحزن والتفجع في عاشوراء :
  أما تحريم التحزّن والتجمع في يوم عاشوراء ...(4) فلعله أهون تلكم الشرور ، بعد أن كانوا وما زالوا يهاجمون مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السلام ، ويقتلون من يقدرون عليه من المشاركين فيها ، بل ويحرقون المساجد ، ويفعلون الأفاعيل في سبيل ذلك ... (5)
  وتلك هي تطبيقات ذلك في الباكستان ، وفي غيرها من البلاد ، ماثلة للعيان ، يراها ويسمع الناس بها في كل عام ...

---------------------------
(1) الصواعق المحرقة ج2 ص640 واغاليط المؤرخين ص131 وقيد الشريد ص61.
(2) الإتحاف بحب الأشراف ص 67 68 ، وإحياء العلوم ج3 ص125 و126.
(3) إحياء العلوم ج3 ص126 فما بعدها ، وقيد الشريد ص57.
(4) إقتضاء الصراط المستقيم ص 299 300 ونظم درر السمطين ص228.
(5) راجع كتاب : صراع الحرية في عصر الشيخ المفيد ، والمنتظم ، وشذرات الذهب ، والكامل لابن الأثير ، والبداية والنهاية ، وهم يتحدثون عن الفتن في بغداد بين أهل السنّة والرافضة في مطلع كل عام ، بمناسبة عاشوراء.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 99 _

  المزيد من الشواهد !! :
  ومن أجل التأكيد على حقيقة اعتبارهم عاشوراء عيداً ، التي ألمحنا إليها فيما سبق ، نزيد في توضيح ذلك من خلال إيراد النصوص التالية :
  قال زكريا القزويني : ( زعم بنو أمية أنهم اتخذوه عيداً ، فتزيّنوا فيه ، وأقاموا الضيافات.
  والشيعة اتخذوه يوم عزاء ، ينوحون فيه ، ويجتنبون الزينة.
  وأهل السنّة يزعمون : ( أن الاكتحال في هذا اليوم مانع من الرمد في تلك السنة ) (1)
  ( ومن اغتسل فيه لم يمرض ذلك العام ، ومن وسّع على عياله وسّع الله عليه سائر سنته ) (2)
  وقال عن شهر صفر : ( اليوم الأول منه عيد بني أمية ، أدخلت فيه رأس الحسين رضي الله عنه بدمشق ) (3)
  وقال البيروني ، بعد ذكر ما جرى على الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء : ( فأمّا بنو أمية ، فقد لبسوا فيه ما تجدّد ، وتزيّنوا ، واكتحلوا ، وعيّدوا ، وأقاموا الولائم والضيافات ، وأطعموا الحلاوات والطيّبات ، وجرى الرسم في العامّة على ذلك أيّام ملكهم ، وبقي فيهم بعد زواله عنهم.
  وأمّا الشيعة ، فإنّهم ينوحون ويبكون ، أسفا لقتل سيد الشهداء فيه ) (4)

---------------------------
(1) عجائب المخلوقات ، بهامش حياة الحيوان ج 1 ص 115 ونظم درر السمطين ص 230 والصواعق المحرقة ج2 ص534 والحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج1 ص138.
(2) نظم درر السمطين ص 230 والصواعق المحرقة ج2 ص535 و536 وراجع : المعجم الكبير ج10 ص94 والكامل لابن عدي ج5 ص211 والعلل المتناهية ج2 ص62 و63 والضعفاء للعقيلي ج4 ص65 ومعجم الزوائد ج3 ص89 وغير ذلك كثير ...
(3) نظم درر السمطين ص230.
(4) الكنى والألقاب ج 1 ص 431 ، وراجع : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج 1 ص 137 والآثار الباقية ، للبيروني ط أوربا ص 329.

عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني _ 100 _

  ويقول المقريزي : ( ... فلمّا زالت الدولة اتخذ الملوك من بني أيّوب يوم عاشوراء يوم سرور ، يوسّعون فيه على عيالهم ، وينبسطون في المطاعم ، ويتّخذون الأواني الجديدة ، ويكتحلون ، ويدخلون الحمام ، جرياً على عادة أهل الشام ، التي سنها الحجّاج في أيّام عبد الملك بن مروان ، ليرغموا به آناف شيعة علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، الذين يتخذون يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين بن علي ، لأنه قتل فيه ... ).
  وقال : ( وقد أدركنا بقايا مما عمله بنو أيّوب ، من اتخاذ عاشوراء يوم سرور وتبسط ) (1)
  أمّا ابن حجر الهيثمى والزرندي ، فقد أشارا إلى هذا الأمر في معرض نهيهما عن الندب ، والنياحة ، والحزن يوم عاشوراء ، الذي هو من بدع الرافضة بزعمهما ، ثم أشار إلى ما يقابل ذلك ، فنهيا عن العمل ببدع الناصبة ، ( المتعصبين على أهل البيت ) ، أو الجهّال ، المقابلين الفاسد بالفاسد ، والبدعة بالبدعة ، والشر بالشر ، من إظهار غاية الفرح ، واتخاذه عيداً ، وإظهار الزينة فيه ، كالخضاب ، والاكتحال ، ولبس جديد الثياب ، وتوسيع النفقات ، وطبخ الأطعمة والحبوب الخارجة عن العادات ، واعتقادهم : أن ذلك من السنة والمعتاد ... ) (2)
  هذا ... وقد ورد في زيارة عاشوراء المروية عن الإمام الباقر عليه السلام قوله : ( اللهم ، إن هذا يوم تبرّكت به بنو أمية ، وابن آكلة الأكباد ) (3)
  وحتى ابن تيمية ، وهو المتعصب المتحامل على أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ، لم يستطع أن يظهر الرضا بهذا الأمر ، فهو يقول : ( ... وإظهار الفرح والسرور يوم عاشوراء ، وتوسيع النفقات فيه هو من البدع المحدثة ، المقابلة للرافضة ) (4)

---------------------------
(1) الخطط والآثار ج 1 ص 490 ، والحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج 1 ص 138 عنه.
(2) الصواعق المحرقة ج2 ص534 ونظم درر السمطين ص 228 /229 /230.
(3) مصابيح الجنان ص 291.
(4) إقتضاء الصراط المستقيم ص 301.