فأشار إلى عليّ ( عليه السلام ) فقال : « إلى هذا ، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه ، ثمّ يكون من بعده أحد عشر إماماً مفترضة طاعتهم كطاعته » (1) ، قال : وأخبرني المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قال : أخبرني محمد بن عليّ قال : حدّثني حمزة بن محمد العلوي ، حدّثنا أحمد ابن يحيى الشحّام ، حدّثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، حدّثنا أبوبكر محمد بن أبي غياث الاَعين ، حدّثنا سويد بن سعيد الاَنباريّ ، حدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن شردين الصنعاني ، عن ابن مثنّى ، عن أبيه ، عن عائشة قال : سألتها كم خليفة يكون لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ؟ فقالت : أخبرني رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : أنّه يكون بعده اثنا عشر خليفة ، قال : فقلت لها : من هم ؟ فقالت : أسماؤهم عندي مكتوبة بإملاء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فقلت لها : فاعرضيه ، فأبت (2) ، قال : وأخبرني أبو عبد الله محمد بن وهبان قال : حدّثنا أبو بشر أحمد ابن إبراهيم بن أحمد العمّي قال : أخبرنا محمد بن زكريّا بن دينار الغلابي حدّثنا سليمان بن إسحاق بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس قال :

---------------------------
(1) كشف الغمة 2 : 504 ، وروى قطعة منه الخزاز في كفاية الاثر : 18 و 20 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 300 | 136 .
(2) كشف الغمة 2 : 505 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 6 : 300 | 137 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 93 _

  حدّثني أبي قال : كنت يوماً عند الرشيد فذكر المهديّ وما ذكر من عدله ، فأطنب في ذلك ، فقال الرشيد : إنّي أحسبكم تحسبونه أبي ، (إنّ أبي ) (1) المهدي ، حدثني عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عبّاس ، عن أبيه العبّاس بن عبدالمطلّب : أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال له : « يا عمّ ، يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ، ثمّ تكون أُمور كريهة وشدة عظيمة ، ثمّ يخرج المهديّ من ولدي ، يصلح الله أمره في ليلة ، فيملاَ الاَرض عدلاً كما ملئت جوراً ، ويمكث في الاَرض ما شاء الله ، ثمّ يخرج الدجال » (2) ، هذا بعض ما جاء من الاَخبار من طرق المخالفين ورواياتهم في النصّ على عدد الاَئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) ، وإذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت ذلك ـ كما نقلته الشيعة الاِمامية ـ ولم تنكر ما تضمّنه الخبر فهو أدلّ دليل على أنّ الله تعالى هو الذي سخّرهم لروايته ، إقامة لحجّته ، وإعلاءً لكلمته ، وما هذا الامر كالخارق للعادة ، والخارج عن الاُمور المعتادة ، ولا يقدر عليه إلاّ الله تعالى الذي يذلّل الصعب ، ويقلّب القلب ، ويسهّل العسير ، وهو على كلّ شيء قدير .

---------------------------
(1) ما بين المعقوفين لم يرد في نسختي « ط » و « م » وكذا في نسخة البحار والمصادر والمذكورة ، ولكنا اثبتناه من نسخة « ق » لضرورة السياق .
(2) مناقب ابن شهرآشوب 1 : 292 ، فرائد السمطين 2 : 329 | 579 ، ودون صدره في كشف الغمة 2 : 505 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 300 | 138 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 94 _

الفصل الثاني
  في ذكر بعض الاَخبار التي جاءت من طرق الشيعة الاِمامية في النصّ على إمامة الاثني عشر من آل محمّد ( عليهم السلام ) وهذه الاَخبار على ضربين : أحدهما يتضمّن النصّ على عدد الاثني عشر على الجملة ، والثاني : يتضمّن النصّ على أعيان الاَئمّة الاثني عشر على التفصيل ، فأمّا الضرب الاَول منهما فنحو ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، عن جابر بن عبد الله الاَنصاري قال : دخلت على فاطمة ( عليها السلام ) وبين يديها لوح فيه أسماء الاَوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم عليّ (1) وعنه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :

---------------------------
(1) الكافي 1 : 447 | 9 ، وكذا في : كمال الدين : 269 | 13 و 311 | 3 و 313 | 4 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 46 | 6 و 47 | 7 ، الفقيه 4 : 132 | 459 ، الخصال : 477 | 42 ، ارشاد المفيد 2 : 346 ، الغيبة للطوسي : 139 | 103 ، وفي بعضها « وثلاثة منهم علي » بدل « وأربعة منهم علي » .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 95 _

  « إنّ الله تعالى أرسل محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلى الجنّ والاِنس ، وجعل من بعده اثني عشر وصيّاً ، منهم من سبق ومنهم من بقي ، وكلّ وصيّ جرت به سنّة ، والاَوصياء الذين من بعد محمد على سنّة أوصياء عيسى ، وكانوا اثني عشر ، وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على سنّة المسيح عليه السلام » (1) وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ومحمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المديني ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت حاضراً لمّا هلك أبوبكر واستخلف عمر ، إذ أقبل رجلٌ من عظماء يهود يثرب يزعم يهود المدينة أنّه أعلم [ أهل ] زمانه ، حتّى رفع إلى عمر فقال له : يا عمر ، إنّي جئتك أريد الاِسلام ، فإن أخبرتني عمّا أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنّة وجميع ما أريد أن أسأل عنه ، قال : فقال له عمر : إنّي لست هناك ولكنّي أرشدك إلى من هو أعلم أُمّتنا بالكتاب والسنّة وجميع ما قد تسأل عنه ، وهو ذاك . وأومأ إلى عليّ ( عليه السلام ) ، وساق الحديث إلى أن قال : قال له أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) : « سل عمّا بدا لك (2) ، فقال : أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة ، فقال له عليّ ( عليه السلام ) : « لم لم تقل : عن سبع » ؟ فقال له اليهوديّ : إنّك إن أخبرتني بالثلاث سألتك عن البقيّة وإلاّ كففت .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 447 | 1 ، وكذا في : كمال الدين : 326 | 4 ، الخصال : 478 | 43 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 55 | 2 ، الامامة والتبصرة : 134 | 146 ، ارشاد المفيد 2 : 345 ، والغيبة للطوسي : 141 | 105 ، اثبات الوصية : 228 .
(2) في الكافي زيادة : اخبرك ان شاء الله .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 96 _

  [ فقال له : « سل عما بدا لك يا يهوديّ »] (1) ، قال : أخبرني عن أوّل حجر وضع على وجه الاَرض ، وأوّل شجرة غرست على وجه الاَرض ، وأوّل عين نبعت على وجه الاَرض ، فأخبره أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ثمّ قال له اليهوديّ : أخبرني عن هذه الاُمّة كم لها من إمام هدى ؟ وأخبرني عن نبيّكم محمد أين منزله في الجنّة ؟ وأخبرني من معه في الجنّة ؟ فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إنّ لهذه الاُمّة اثني عشر إماماً من ذرّيّة نبيّها وهم منّي ، وأمّا منزل نبيّنا في الجنّة ففي أفضلها وأشرفها جنّة عدن ، وأمّا من معه في منزله فهؤلاء الاثنا عشر من ذرّيّته وأُمّهم وجدّتهم وأُمّ أُمّهم وذراريهم لا يشركهم فيها أحدٌ » ، الخبر بتمامه (2) وعنه ، عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القاسم ، عن حيّان السراج ، عن داود بن سليمان الكناني ، عن أبي الطفيل قال : شهدت جنازة أبي بكر يوم مات ، وشهدت عمر حين بويع وعليّ جالس ناحية ، فأقبل يهوديّ جميل عليه ثياب حسان ـ وهو من ولد هارون ـ حتّى قام على رأس عمر بن الخطّاب فقال : يا أميرالمؤمنين ، أنت أعلم هذه الاُمّة بكتابهم وأمر نبيّهم ؟ فطأطأ عمر رأسه ، فأعاد عليه القول ، فقال له عمر : ولم ذلك ؟ فقال له : إنّي جئت مرتاداً لنفسي ، شاكّاً في ديني ، أُريد الحجّة ، وأطلب البرهان ، فقال له عمر : دونك هذا الشابّ ، وأشار إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال الغلام : ومن هذا ؟ قال عمر : هذا علي بن أبي طالب ، ابن عمّ رسول الله ، وأبو الحسن والحسين ابني رسول الله ، وزوج فاطمة بنت رسول الله ، وأعلم الناس بالكتاب والسنّة .

---------------------------
(1) ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي ، وكذا ما سبقه .
(2) الكافي 1 : 446 | 8 ، وكذا ي : الغيبة للطوسي : 152 | 113 ، ونحوه في : كمال الدين : 300 | 8 ، وعيون أخبار الرضا 52 | 19 ، والخصال : 476 | 40 ، والاحتجاج 1 : 226 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 97 _

  قال : فأقبل الغلام إلى عليّ ( عليه السلام ) فقال له : أنت كذلك ؟ فقال له عليّ : « نعم » ، قال الغلام : أُريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة ، فتبسّم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقال : « يا هاروني ، ما منعك أن تقول : سبعاً » ؟ قال : أُريد أسألك عن ثلاث ، فإن علمتهنّ سألتك عمّا بعدهنّ ، وإن لم تعلمهنّ علمت أنّه ليس فيكم عالم ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « فإنّي أسألك بالاِله الذي تبعده ، لئن أنا أجبتك عن كل ما تسأل لتدعنّ دينك ولتدخلنّ في ديني ؟ » قال : ما جئت إلاّ لذاك ، قال : « فسل » ، قال : فأخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الاَرض أيّ قطرة هي ؟ وأوّل عين فاضت على وجه الاَرض أيّ عين هي ؟ وأوّل شجر اهتزّ على وجه الاَرض أيّ شجر هو ؟ ( فقال ( عليه السلام ) : « يا هاروني ، أمّا أنتم فتقولون : أوّل قطرة قطرت على وجه الاَرض حيث قتل أحد ابني آدم ، وليس كذلك ، ولكنّه حيث طمثت حواء وذلك قبل أن تلد ابنيها ، وأمّا أنتم فتقولون : إنّ أول عين فاضت على وجه الاَرض العين التي ببيت المقدس ، وليس هو كذلك ، ولكنّها عين الحياة التي وقف عليها موسى وفتاه ومعهما النون المالح فسقط فيها فحيي وهذا الماء لا يصيب ميّتا إلاّ حيي .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 98 _

   وأمّا أنتم فتقولون : إنّ أوّل شجر اهتزّ على وجه الاَرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح ( عليه السلام ) ، وليس هو كذلك ، ولكنّها النخلة التي اهبطت من الجنّة وهي العجوة ومنها تفرع كلّ ماترى من أنواع النخل » ، فقال : صدقت والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لاَجد هذا في كتب أبي هارون عليه السلام كتابته بيده وإملاء عمّي موسى ( عليه السلام ) (1) ، ثمّ قال : أخبرني عن الثلاث الاُخر عن أوصياء محمد كم بعده من أئمّة عدل ؟ و (أين) (2) ، منزله في الجنّة ؟ ومن يكون ساكناً معه في منزله ؟ فقال : « يا هاروني إنّ لمحمّد اثني عشر وصيّاً أئمّة عدل ، لا يضرّهم خذلان من خذلهم ، ولا يستوحشون لخلاف من خالفهم ، وإنّهم أرسب في الدين من الجبال الرواسيّ في الاَرض ، ومسكن محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في جنّة عدن التي ذكرها الله ( عزّ وجل ) وغرسها بيده ، ومعه في مسكنه أُولئك الاثني عشر العدول » ، فقال : صدقت والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لاَجد ذلك في كتب أبي هارون كتابته بيده وإملاء عمّي موسى ( عليه السلام ) ، قال : فأخبرني عن الواحدة : كم يعيش وصيّ محمد بعده ؟ وهل يموت أو يقتل ؟ فقال : « يا هاروني ، يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوماً ولا ينقص يوماً ، ثمّ يُضرب ضربة هاهنا » ووضع يده على قرنه ، وأومأ إلى لحيته « فتخضب هذه من هذا » .

---------------------------
(1) ما بين القوسين لم يرد في الكافي ضمن رواية المذكور سندها ، بل رود عوضاً عنه : فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام .
(2) في نسختي « ط » و « ق » : عن ، واثبتنا ما في نسخة « م » وهو الموافق لما في الكافي .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 99 _

  قال : فصاح الهاروني وقطع كُسِتيجه (1) وقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وأنّك وصيّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظّم ولا تستضعف قال : ثمّ مضى به عليّ ( عليه السلام ) إلى منزله فعلّمه معالم الدين (2) ، وقد روي هذا الخبر من طرق أُخر تركناها خوف الاِطالة ، وعن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفوريّ ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي حمزة قال : سمعت عليّ بن الحسين ( عليهما السلام ) يقول : « إنّ الله تعالى خلق محمداً واثني عشر من أهل بيته من نور عظمته ، وأقامهم أشباحاً في ضياء نوره ، يعبدونه ويسبّحونه ويقدّسونه ، وهم الاَئمّة من بعد محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) (3) وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن الخشّاب ، عن الحسن بن سماعة ، عن عليّ بن الحسين بن رباط ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « من آل محمد اثنا عشر إماماً كلّهم محدّث من ولد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وولد عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فرسول الله وعليّ هما الوالدان » (4) .

---------------------------
(1) الكُستيج ( باضم ) : خيط غليك يشده يشده الذمي فوق ثيابه دون الزنار : « القاموس المحيط 1 : 205 » .
(2) الكافي 1 : 444 | 5 وكذا في كمال الدين : 229 | 6 ، الغيبة للنعماني : 97 | 29 .
(3) الكافي 1 : 446 | 6 .
(4) الكافي 1 : 448 | 14 ، وكذا في : الغيبة للطوسي : 151 | 112 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 100 _

  وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد ابن أبي عبد الله ؛ ومحمد بن حمزة ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن الحسن ابن العبّاس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) قال : إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لابن عبّاس : « إنّ ليلة القدر في كلّ سنة ، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ، ولذلك الاَمر ولاة بعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فقال ابن عبّاس : من هم ؟ قال : « أنا وأحداً عشر من صلبي أئمّة محدّثون » (1) ، وبهذا الاِسناد قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لاَصحابه : « آمنوا بليلة القدر أنّها تكون من بعدي لعلّي بن أبي طالب وولده وهم أحد عشر من بعده » (2) ، الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني ، عن محمد بن معقل القرميسينيّ ، عن محمد بن عبد الله البصريّ ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن عليّ ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : اثنا عشر من أهل بيتي أعطاهم الله فهمي وعلمي وحكمتي ، وخلقهم من طينتي ، فويل للمتكبّرين عليهم بعدي ، القاطعين فيهم صلتي ، مالهم لا أنالهم الله شفاعتي » (3) .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 447 | 11 ، وكذا في : الخصال : 479 | 47 ، ارشاد المفيد 2 : 346 ، الغيبة للنعماني : 60 | 3 ، الغيبة للطوسي 141 | 106 .
(2) الكافي 1 : 448 | 12 ، وكذا في : الخصال : 480 | 48 ، ونحوه في ارشاد المفيد 2 : 346 .
(3) كمال الدين : 281 | 33 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 101 _

  وعنه ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطّار ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن محمد بن زياد الاَزدي ، عن أبان بن عثمان ، عن ثابت بن دينار ، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه ( عليهم السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : الاَئمّة بعدي اثنا عشر ، أوّلهم أنت يا عليّ ، وآخرهم القائم الذي يفتح الله تعالى على يده مشارق الاَرض ومغاربها » (1) وعنه ، حدّثنا عليّ بن أحمد ، حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، عن موسى بن عمران ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي القاسم ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : « الاَئمّة بعدي اثنا عشر ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم القائم ، هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج الله على أُمّتي بعدي ، المقر بهم مؤمن والمنكر لهم كافر » (2) وعنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال : حدّثنا الحسين ابن محمد بن عامر ، عن المعلّى بن محمد البصري ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن الحكم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : « إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لاثنا عشر ، أوّلهم أخي وآخرهم ولدي » قيل : يا رسول الله ومن أخوك ؟ قال : « عليّ بن أبي طالب » قيل : فمن ولدك ؟ قال :

---------------------------
(1) كمال الدين : 282 | 35 .
(2) كمال الدين : 259 | 4 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 102 _

  « المهدي الذي يملاَها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، والذي بعثني بالحقّ بشيراً لولم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطّول الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهديّ ، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق الاَرض بنور ربّها ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب » (1) ، والاَخبار من هذا الفنّ أكثر ممّا ذكرناه ، فلنقتصر على ما أوردناه ، ففيه كفاية ومقنع فيما نحوناه ، وأما الضرب الثاني ـ وهو ماروي من النصوص على أعيان الاَئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) ـ فمن ذلك : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه رحمه الله قال : حدّثنا أبي ، ومحمد بن موسى بن المتوكّل ، ومحمد بن عليّ ماجيلويه ، وأحمد بن عليّ بن إبراهيم ، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه ، وأحمد بن موسى بن زياد الهمدانيّ قالوا : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن بكر بن صالح ، وحدّثنا أبي ، ومحمد بن الحسن قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميرّي جميعاً ، عن أبي الحسن صالح بن أبي حمّاد ، والحسن بن طريف ، جميعاً ، عن بكر بن صالح ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : « قال أبي ( عليه السلام ) لجابر بن عبد الله الاَنصاريّ : إنّ لي إليك حاجةً ، فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ؟ فقال له جابر : في أيّ الاَوقات شئت ، فخلا به أبي فقال له يا جابر : أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدي أُمّي فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وما أخبرتك به أُمّي أنّ في ذلك اللوح مكتوباً ، قال جابر : أشهد بالله أنّي دخلت على اُمّك فاطمة ( عليها السلام ) في حياة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أُهنئها بولادة الحسين ، فرأيت في يدها لوحاً أخضر ظننت أنّه زمرّد ، ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه نور الشمس ، فقلت لها : بأبي أنت وأُمّي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح ؟ فقالت :

---------------------------
(1) كمال الدين : 280 | 27 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 103 _

  هذا اللوح أهداه الله ( عز ّوجل ) إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابنيّ وأسماء الاَوصياء من ولدي ، فأعطانيه أبي ليسرّني (1) بذلك ، قال جابر : فأعطتنيه أُمّك فاطمة فقرأته واستنسخته ، فقال أبي ( عليه السلام ) : فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ ، قال : نعم ، فمشى معه أبي ( عليه السلام ) حتّى انتهى إلى منزل جابر وأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ ، قال جابر : فأشهد بالله أنّي رأيته هكذا في اللوح مكتوباً : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم لمحمد نوره وسفيره ، وحجابه ودليله ، نزل به الروح الاَمين من عند ربّ العالمين ، عظّم يا محمّد أسمائي ، واشكر نعمائي ، ولا تجحد آلائي ، إنّي أنا الله لا إله إلا أنا ، قاصم الجبّارين ، ومذلّ الظالمين (2) ، وديّان يوم الدين ، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، فمن رجا غير فضلي أوخاف غير عدلي عذّبته عذاباً لا أُعذّبه أحداً من العالمين ، فإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، إنّي لم أبعث نبيّاً فأُكملت أيّامه وانقضت مدّته (3) إلاّ جعلت له وصيّاً ، وإنّي فضّلك على الاَنبياء وفضّلت وصيّك على الاَوصياء ، وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين .

---------------------------
(1) في نسختي « ط » و « ق » : ليبشرني ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو موافق لما في كمال الدين .
(2) في نسخة « م » : ومبير المتكبرين .
(3) في نسختي « ط » و « ق » : عهده ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو الموافق لما في كمال الدين .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 104 _

  فجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه ، وجعلت حسيناً خازن وحيي ، وأكرمته بالشهادة ، وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد ، وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي التّامة معه ، والحجّة البالغة عنده ، بعترته أُثيب وأُثيب وأُعاقب ، أوّلهم سيّد العابدين وزين أوليائي الماضين ، وابنه شبيه جدّه المحمود محمّد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي ، سيهلك المرتابون في جعفر ، الرادّ عليه كالرادّ عليّ ، حقّ القول منّي لاَكرمنّ مثوى جعفر ولاُسرّنّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه ، وانتجبت بعده موسى وانتجبت بعده فتنة عمياء حندس (1) لاَنّ خيط فرضي لا ينقطع ، وحجّتي لاتخفى ، وأنّ أوليائي لا يشقون ، ألا من جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي ، ومن غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ ، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي ، إنّ المكذّب بالثامن مكذّب بكلّ أوليائي ، وعليّ وليّي وناصري ، ومن أضع عليه أعباء النبوّة وامتحنه بالاضطلاع ، يقتله عفريت مستكبر ، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح (2) إلى جنب شرّ خلقي ، حقّ القول منّي لاَقرنّ عينه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده ، فهو وارث علمي ، ومعدن حكمي ، وموضع سرّي ، وحجّتي على خلقي ، جعلت الجنّة مثواه ، وشفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار .

---------------------------
(1) الحِنْدِسُ : الليل الشديد الظلمة : « الصحاح ـ حدس ـ 3 : 916 » .
(2) في كمال الدين زيادة : ذو القرنين .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 105 _

  وأختم بالسعادة لابنه عليّ وليّي وناصري ، والشاهد في خلقي ، وأميني على وحيي ، أخرج منه الداعي إلى سبيلي ، والخازن لعلمي الحسن ، ثمّ أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى ، وبهاء عيسى ، وصبر أيّوب ، سيذلّ أوليائي في زمانه ، ويتاهدون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون ، ويكونون خائفين مرعوبين وجلين ، تصبغ الاَرض بدمائهم ، ويفشو الويل والرنين في نسائهم ، أُولئك أوليائي حقّاً ، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل ، وأرفع الآصار والاَغلال ، ( أولئك عَلَيهِم صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِم وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ) (1) ، قال عبد الرحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك إلاّ هذا الحديث لكفاك ، فصنه إلاّ عن أهله (2) ، قال : وحدثنا أبو محمد الحسن بن حمزة العلويّ قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن درست السرويّ ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد بن عمران الكوفيّ ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، وصفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنّه قال : « يا إسحاق ، ألا اُبشّرك ؟ » ، قلت : بلى جعلني الله فداك يا ابن رسول الله ، فقال : « وجدنا صحيفة بإملاء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وخطّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فيها : « بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم » وذكر الحديث مثله سواء إلاّ إنّه قال في آخره : ثمّ قال الصادق ( عليه السلام ) : « يا إسحاق هذا دين الملائكة والرسل ، فصنه عن غير أهله يصنك الله ويصلح شأنك » ثمّ قال :

---------------------------
(1) البقرة 2 : 157 .
(2) كمال الدين : 308 | 1 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 41 | 2 ، وكذا في : الكافي 1 : 442 | 3 ، الغيبة للطوسي : 143 | 8 ، وباختلاف يسير في الغيبة للنعماني : 62 | 5 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 106 _

  « من دان بهذا أمن عقاب الله ( عزّ وجلّ ) (1) ، قال : وحدّثنا عليّ بن الحسين المؤدّب وأحمد بن هارون الفاميّ قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ابن مالك الفزاريّ الكوفي ، عن مالك السلوليّ ، عن درست بن عبد الحميد ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله بن جبلة ، عن أبي السفاتج ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) ، عن جابر بن عبد الله الاَنصاريّ قال : دخلت على فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وقدّامها لوحٌ يكاد ضوؤه يغشي الاَبصار ، فيه اثنا عشر اسماً : ثلاثة في ظاهره وثلاثة في باطنه وثلاثة اسماء في آخره وثلاثة أسماء في طرفه ، فعددتها فإذا هي اثنا عشر ، فقلت : أسماء من هؤلاء ؟ قالت : « هذه أسماء الاَوصياء ، أوّلهم ابن عمّي وأحد عشر من ولدي آخرهم القائم » ، قال جابر : فرأيت فيها محمّداً ، محمّداً ، محمّداً في ثلاثة مواضع ، وعليّاً ، وعليّاً ، وعليّاً ، وعليّاً ، في أربعة مواضع (2) ، قال : وحدّثنا أبوالعبّاس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ قال : حدّثنا الحسن بن إسماعيل قال : حدّثنا سعيد بن محمد القطّان قال : حدّثنا عبد الله بن موسى الروياني عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن عليّا بن الحسن بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : حدّثني عبد الله بن محمد بن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) : أنّ محمد بن عليّ ( عليهما السلام ) باقر العلم جمع ولده ـ وفيهم عمّهم زيد بن عليّ ـ ثمّ أخرج إليهم كتاباً بخطّ عليّ ( عليه السلام ) وإملاء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مكتوبٌ فيه : « هذا كتاب من الله العزيز الحكيم العليم » حديث اللوح إلى الموضع الذي يقول فيه : « وأُولئك هم المهتدون » ثمّ قال في آخره : قال عبد العظيم :

---------------------------
(1) كمال الدين : 312 | ضمن حديث 3 .
(2) كمال الدين : 311 | 2 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 46 | 5 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 107 _

  العجب كلّ العجب لمحمد ابن جعفر وخروجه وقد سمع أباه يقول هذا ويحكيه ، ثم قال : هذا سرّ الله ودينه ودين ملائكته فصنه إلاّ عن أهله وأوليائه (1) ، قال : وحدّثنا أبي قال حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينه ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت عبد الله بن جعفر الطيّار يقول : كنّا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبد الله بن عبّاس وعمر بن أبي سلمة وأُسامة بن زيد ، فذكر حديثاً جرى بينه وبينه ، وأنّه قال لمعاوية بن أبي سفيان : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : « إنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثمّ أخي عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم ابني الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وستدركه يا عليّ ، ثمّ ابنه محمد بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وستدركه يا حسين ، ثمّ تكمله اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين » ، قال عبد الله : ثمّ استشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عبّاس ، وعمر بن أبي سلمة وأُسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية .

---------------------------
(1) كمال الدين : 312 | ذيل حديث 3 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 108 _

  قال سُليم بن قيس الهلالي : وقد كنت سمعت ذلك من سلمان وأبي ذرّ والمقداد وأُسامة بن زيد أنّهم سمعوا ذلك من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) (1) ، وحدثنا أبي قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبان بن تغلب ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فإذا الحسين بن علي على فخذه ، وهو يقبِّل عينيه ويلثم فاه وهو يقول : « أنت سيّد ابن سيّد ، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم » (2) ، قال : وحدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق ( عليه السلام ) ، عن أبيه محمد بن عليّ ، عن أبيه عليّ ، عن أبيه الحسين ( عليهم السلام ) قال : « سئل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن معنى قول رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :

---------------------------
(1) كمال الدين : 270 | 15 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 47 | 8 ، الخصال : 477 | 41 ، وكذا في : الكافي 1 : 444 | 4 ، والغيبة للنعماني : 95 | 27 ، والغيبة للطوسي : 137 | 101 .
(2) كمال الدين : 262 | 9 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 109 _

  إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، مَن العترة ؟ فقال : أنا والحسن والحسين والاَئمّة التسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهديّهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) حوضه » (1) ، قال : وحدّثنا علي بن عبد الله الورّاق ، وحدّثنا سعد بن عبد الله ، حدّثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسين بن علوان ، عن عمر بن خالد ، عن سعد بن طريف ، عن الاَصبغ بن نباتة ، عن عبد الله بن عبّاس قال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : « أنا وعليّ والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون » (2) ، قال : وحدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان ، حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، حدّثنا الفضل بن الصقر العبديّ ، حدّثنا أبو معاوية ، عن الاَعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن عبد الله ابن عبّاس قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : « أنا سيّد النبيّين ، وعلي بن أبي طالب سيّد الوصيّين ، وأنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم عليّ ابن أبي طالب وآخرهم القائم » (3) ، قال : وحدّثنا غير واحد من أصحابنا ، حدّثنا محمد بن همّام ، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاريّ ، عن الحسين بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحارث ، عن المفضّل بن عمر ، عن يونس بن ظبيان ، عن جابر ابن يزيد الجعفيّ قال : سمعت جابر بن عبد الله الاَنصاري يقول : لمّا أنزل الله تعالى على نبيّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( يا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوُا أَطيعُوا الله وَ أَطيعُوا الرّسولُ وَأُولِي الاَمرِ مِنكُم ) (4) قلت :

---------------------------
(1) كمال الدين : 240 | 64 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 57 | 25 .
(2) كمال الدين : 280 | 28 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 64 | 30 ، وكذا في : كفاية الاثر للخزاز 19 .
(3) كمال الدين : 280 | 29 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 64 | 31 . (4) النساء 3 : 59 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 110 _

  يا رسول الله ، عرفنا الله ورسوله ، فمن أُولي الاَمر الذي قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟ فقال ( عليه السلام ) : « هم خلفائي ـ يا جابر ـ وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثم عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ سميّي وكنيّي ، حجّة الله في أرضه ، وبقيّته في عباده ، ابن الحسن ابن عليّ ، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الاَرض ومغاربها ، وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للاِيمان » ، قال جابر : فقلت له : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟ فقال ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : « إي والذي بعثني بالنبوّة انّهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب ، يا جابر : هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علم الله فاكتمه إلاّ عن أهله » (1) إلى آخر الخبر ، قال : وحدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل قال : حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفيّ حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي حمزة ، عن سعيد ابن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :

---------------------------
(1) كمال الدين : 253 | 3 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 111 _

  « إنّ الله تعالى إطّلع على الاَرض إطّلاعة فاختارني منها فجعلني نبيّا ، ثمّ اطّلع الثانية فاختار منها عليّاً فجعله إماماً ، ثم أمرني أن أتّخذه أخاً ووصياً وخليفة ووزيراً فعليّ منّي وأنا من عليّ وهو زوج ابنتي وأبو سبطيّ الحسن والحسين ، ألا وإنّ الله تبارك وتعالى جعلني وإيّاهم حججاً على عباده ، وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ويحفظون وصيّتي ، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدّي أُمتي ، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله ، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة فيعلن أمر الله ويظهر دين الله ويؤيّد بنصرالله وينصر بملائكة الله ، فيملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » (1) وبهذا الاِسناد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : حدّثني جبرئيل عن رب العزة جلّ جلاله أنّه قال : من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي ، وأنّ محمّداً عبدي ورسولي ، وأنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي ، وأنّ الاَئمّة من ولده حججي ، أدخلته الجنّة برحمتي ، ونجيته من النار بعفوي ، وأبحت له جواري ، وأوجبت له كرامتي ، وأتممت عليه نعمتي ، وجعلته من خاصّتي وخالصتي ، إن ناداني لبيته ، وإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن سكت إبتدأته ، وإن أساء رحمته ، وإن فرّ منّي دعوته ، وإن ( رجع أليّ قَبِلته ، وإن قرع بابي فتحت له ، ومن لم يشهد أن لا إله ألاّ أنا وحدي ، أو) (2) شهد بذلك ولم يشهد أنّ محمداً عبدي ورسولي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ الاَئمّة من ولده حججي ، فقد جحد نعمتي ، وصغّر عظمتي ، وكفر بآياتي وكتبي ، إن قصدني حجبته ، وإن سألني حرمته ، وإن ناداني لم أسمع نداءه وإن دعاني لم أستجب دعاءه ، وإن رجاني خيّبته ، وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلاّم للعبيد » .

---------------------------
(1) كمال الدين : 257 | 2 ، وكذا في : كفاية الاثر للخزاز 10 .
(2) ما بين القوسين لم يرد في نسختي « ط » و « ق » واثبتناه من نسخة « م » .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 112 _

  قال : « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين ، ثمّ الباقر محمد بن عليّ ، وستدركه يا جابر فإذا أدركته فأقرئه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمد ، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر ، ثمّ الرضا عليّ بن موسى ، ثمّ التقي محمد بن عليّ ، ثمّ النقيّ عليّ بن محمد ، ثمّ الزكي الحسن بن عليّ ، ثم ابنه القائم بالحقّ مهدي اُمّتي ، الذي يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ، ومن أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني ، بهم يمسك الله السماء أن تقع على الاَرض إلاّ بإذنه ، وبهم يحفظ الله الاَرض أن تميد بأهلها » ، قال : وحدثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن أبيه ، عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن محمد بن داود ، عن محمد بن الجارود العبدي ، عن الاَصبغ بن نباتة قال : خرج علينا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ذات يوم ويده في يد ابنه الحسن ( عليه السلام ) وهو يقول : « خرج علينا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ذات يوم ويده في يدي هكذا وهو يقول : خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا وهو إمام كلّ مسلم وأمير كلّ مؤمن بعد وفاتي ، ألا وإنّي أقول : إنّ خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا وهو إمام كلّ مسلم ومولى كلّ مؤمن بعد وفاتي ، ألا وإنّه سيُظلم بعدي كما ظُلمت بعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن ابني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه المقتول في أرض كرب وبلاء ، أما إنّه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة ، ومن بعد الحسين تسعة من صلبه ، خلفاء الله في أرضه ، وحججه على عباده ، وأُمناؤه على وحيه ، أئمة المسلمين ، وقادة المؤمنين وسادة المتّقين ، وتاسعهم القائم الذي يملاَ الله به الاَرض نوراً بعد ظلمتها ، وعدلاً بعد جورها ، وعلماً بعد جهلها .

---------------------------
(1) كمال الدين : 258 | 3 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 113 _

  والذي بعث أخي محمداً بالنبوّة ، واختصّني بالاِمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الاَمين جبرئيل ، ولقد سئل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأنا عنده ، عن الاَئمّة بعده فقال ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) للسائل : والسماء ذات البروج إنّ عددهم بعدد البروج ، وربّ الليالي والاَيّام والشهور إنّ عدّتهم كعدد الشهور ، قال السائل : فمن هم يا رسول الله ؟ فوضع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يده على رأسي فقال : أوّلهم هذا وآخرهم المهديّ ، من والاهم فقد والاني ، ومن عاداهم فقد عاداني ، ومن أحبّهم فقد أحبّني ، ومن أبغضهم فقد أبغضني ، ومن أنكرهم فقد أنكرني ، ومن عرفهم فقد عرفني ، بهم يحفظ الله دينه ، وبهم يعمّر بلاده ، وبهم يرزق عباده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم يخرج بركات الاَرض ، هؤلاء أوصيائي وخلفائي وأئمّة المسلمين وموالي المؤمنين » (1) ، قال : وحدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليبيّ بمدينة السلام قال : حدّثنا محمد بن الفضل النحوي قال : حدّثنا محمد بن عليّ بن عبد الصمد الكوفيّ ، قال : حدّثنا عليّ بن عاصم ، عن محمد بن عليّ بن موسى ، عن أبيه عليّ بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ( عليهم السلام ) قال : « دخلت على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعنده أُبي بن كعب فقال لي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : مرحباً بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والاَرض ، قال له أُبيّ : وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والاَرض أحدٌ غيرك ؟

---------------------------
(1) كمال الدين : 259 | 5 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 114 _

  فقال : والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ، إنّ الحسين بن عليّ في السماء أكبر منه في الاَرض ، وإنّه لمكتوب على يمين عرش الله : مصباح هاد ، وسفينة نجاة ، وإمام غير وهن ، وعزّ وفخر ، وعلم وذخر ، وإنّ الله ( عزّ وجلّ ) ركّب في صلبه نطفة طيّبة مباركة زكيّة خُلقت من قبل أن يكون مخلوق في الاَرحام ، أو يجري ماء في الاَصلاب ، أو يكون ليلٌ أو نهارٌ ، ولقد لُقِّن دعوات ما يدعو بهنّ مخلوقٌ إلاّ حشره الله ( عزّ وجلّ ) معه ، وكان شفيعه في آخرته ، وفرّج الله عنه كربه ، وقضى بها دينه ، ويسّر أمره ، وأوضح سبيله ، وقّواه على عدوّه ، ولم يهتك ستره ، فقال له أُبي : وما هذه الدعوات يا رسول الله ؟ قال : تقول إذا فرغت من صلواتك وأنت قاعدٌ : اللهم إنّي أسألك بكلماتك ومعاقد عزّك ، وسكّان سماواتك وأنبيائك ورسلك (أن تستجيب لي ، فقد) (1) رهق ني من أمري عسر ، فأسألك أن تصلّي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي من عسري يسراً . فإنّ الله ( عزّ وجلّ ) يسهّل أمرك ، ويشرح صدرك ، ويلقّنك شهادة أن لا إله إلاّ الله عند خروج نفسك ، قال له أُبي : يا رسول الله ، فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين ؟ قال : مثلُ هذه النطفة كمثل القمر ، وهي نطفة تبيين وبيان ، يكون من اتّبعه رشيداً ، ومن ضلّ عنه غويّاً .

---------------------------
(1) في نسختي « ق » و « ط » : قد ، وما أثبتناه من نسخة « م » .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 115 _

  قال : فما اسمه وما دعاؤه ؟ قال : اسمه عليّ ، ودعاؤه : يا دائم يا ديموم ، يا حيّ يا قيّوم ، يا كاشف الغمّ ، ويا فارج اللهمّ ، ويا باعث الرسل ، ويا صادق الوعد ، من دعا بهذا الدعاء حشره الله مع عليّ بن الحسين ، وكان قائده إلى الجنّة ، قال له أبي : يا رسول الله ، فهل له من خلف ووصيّ ؟ قال : نعم ، له مواريث السماوات والاَرض ، قال : وما معنى مواريث السماوات والاَرض ؟ قال : القضاء بالحقّ ، والحكم بالديانة ، وتأويل الاَحكام ، وبيان ما يكون ، قال : فما إسمه ؟ قال : اسمه محمد ، وإنّ الملائكة لتستأنس به في السماوات ، ويقول في دعائه : اللهم إن كان لي عندك رضوان وودّ فاغفرلي ولمن تبعني من إخواني وشيعتي ، وطيّب ما في صلبي ، فركّب الله ( عز ّوجلّ ) في صلبه نطفة مباركة زكيّة ، وأخبرني [ جبرئيل ] (1) ( عليه السلام ) أن الله تعالى طيّب هذه النطفة وسمّاها عنده جعفراً ، وجعله هادياً مهديّاً ، وراضياً مرضيّاً ، يدعو ربّه فيقول في دعائه : يا دان غير متوانٍ ، يا أرحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاءً ، ولهم عندك رضىً ، واغفر ذنوبهم ، ويسرّ أمورهم ، واقض ديونهم ، واستر عوراتهم ، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم ، يا من لا يخاف الضيم ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، اجعل لي من كلّ غمّ فرجاً ، من دعا بهذا الدعاء حشره الله أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنّة .

---------------------------
(1) ما بين المعقوفين أثبتناه من الكمال .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 116 _

  يا أُبيّ ، إنّ الله تبارك وتعالى ركّب على هذه النطفة نطفة زكيّة ، مباركة طيّبة ، أنزل عليها الرحمة ، وسمّاها عنده موسى ، فقال له أُبيّ : يا رسول الله ، كأنّهم يتواصفون ويتناسلون ، ويتوارثون ويصف بعضهم بعضاً ، قال : وصفهم لي جبرئيل عن ربّ العالمين ( جلّ جلاله ) ، قال : فهل من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه ؟ قال : نعم يقول في دعائه : يا خالق الخلق ، ويا باسط الرزق ، يا فالق الحبّ ، يا بارئ النسم ، ومحيي الموتى ومميت الاَحياء ، ودائم الثبات ، ومخرج النبات ، افعل بي ما أنت أهله ، من دعا بهذا الدعاء قضى الله حوائجه ، وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر ، وإنّ الله ( عزّ وجلّ ) ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة ، زكيّة مرضيّة ، وسمّاها عنده عليّاً وكان لله في خلقه رضيّاً ، في علمه وحكمه ، وجعله حجّة لشيعته يحتجون به يوم القيامة ، وله دعاء يدعو به : اللّهم أعطني الهدى وثبّتني عليه واحشرني عليه ، آمناً أمن من لا خوف عليه ولاحزن ولا جزع ، إنّك أهل التقوى وأهل المغفرة ، وإنّ الله ( عزّ وجل ) ركّب في صلبه نطفة مباركة طيّبة ، زكيّة مرضيّة ، وسمّاها محمد بن عليّ ، فهو شفيع شيعته ، ووارث علم جدّه ، له علامة بيّنة ، وحجّة ظاهرة ، إذا ولد يقول : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، ويقول في دعائه : يا من لا شبيه له ولا مثال ، أنت الله لا إله إلاّ أنت ، ولا خالق إلاّ أنت ، تفني المخلوقين وتبقى أنت ، حلمت عمّن عصاك وفي المغفرة رضاك ، من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن عليّ شفيع يوم القيامة .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 117 _

  وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية ، بارّة مباركة ، طيّبة طاهرة ، سمّاها عنده عليّ بن محمد ، فألبسها السكينة والوقار ، وأودعها العلوم وكلّ سرّمكتوم ، من لقيه وفي صدره شي أنبأه به وحذره من عدوّه ، ويقول في دعائه : يا نور يا برهان ، يا مبين يا منير ، يا ربّ اكفني شرّ الشرور ، وآفات الدهور ، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور ، من دعا بهذا الدعاء كان عليّ بن محمّد شفيعه وقائده إلى الجنّة ، وإنّ الله تعالى ركب في صلبه نطفة وسمّاها عنده الحسن ، فجعله نوراً في بلاده ، وخليفة في أرضه ، وعزّاً لامّته ، وهادياً لشيعته ، وشفيعاً لهم عند ربّهم ، ونقمة على من خالفه ، وحجّة لمن والاه ، وبرهاناً لمن اتّخذه إماماً ، يقول في دعائه : يا عزيز العزّ في عزّه ، يا عزيزاً أعزّني بعزّك ، وأيّدني بنصرك ، وأبعد عنّي همزات الشيطان ، وادفع عنّي بدفعك ، وامنع عنّي بصنعك ، واجعلني من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد ، يا فرد يا صمد ، من دعا بهذا الدّعاء حشره الله ( عزّ وجل ) معه ،ونجاه من النار ولو وجبت عليه ، وإن الله تبارك وتعالى ركّب في صلبه نطفة زكيّة طيّبة ، طاهرة مطهّرة ، يرضى بها كلّ مؤمن (1) ممّنَ قد أخذ الله ميثاقه في الولاية ، ويكفر بها كلّ جاحد ، فهوإمام تقيّ نقيّ ، سارّ مرضيّ هاد مهديّ ، يحكم بالعدل ويأمر به ، يصدّق الله ويصدّقه اللهّ في قوله ، يخرج من تهامة حتّى يظهر الدلائل والعلامات ، وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضة إلاّ خيول مطهّمة ورجال مسوّمة ، يجمع الله له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنائعهم وحلاهم وكناهم ، كرّارون مجدّون في طاعته .

---------------------------
(1) في نسخة « م » زيادة : امتحن الله قلبه للإيمان .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 118 _

  فقال له أبيّ : وما دلائله وعلاماته يا رسول الله ؟ قال : له عَلَم إذا حان وقت خروجه انتشرذلك العلم من نفسه ، وأنطقه الله فناداه العلم : أُخرج يا وليّ الله فاقتل أعداء اللهّ ، وهما رايتان وعلامتان ، وله سيف مغمد ، فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه اللهّ ( عزّ وجل ) فناداه السيف : أُخرج يا وليّ الله (1) فلا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله ، فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ، ويقيم حدود الله ، ويحكم بحكم الله ، يخرج وجبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وشعيب بن صالح على مقدّمته ، وسوف تذكرون ما أقول لكم وأُفوّض أمري إلى الله ولو بعد حين ، يا أبيّ طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به ، ينجيهم الله من الهلكة ، وبالإقرار به وبرسول الله وبجميع الأئمّة تفتح لهم الجنّة ، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي تسطع ريحه فلا يتغيّر أبداً ، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبداً ، قال أُبي : يا رسول الله كيف [ جاءك ] (2) بيان هؤلاء الأئمّة عن الله ( عزّ وجل ) ؟ قال : إنّ اللهّ ( عزّ وجلّ ) أنزل عليّ اثنتي عشرة صحيفة ، باثني عشر خاتماً ، اسم كلّ إمام على خاتمه وصفته في صحيفته » (3) ، قال : وحدّثنا محمد بن عليّ ماجيلويه قال : حدثنا عمّي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن محمد بن عليّ القرشيّ ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن محمد بن عليّ الباقر ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ( عليهم السلام ) قال :

---------------------------
(1) في نسخة « م » زيادة : وأمرني بأمرك يا حجة الله .
(2) في نسخنا : جاء ، وأثبتنا ما هوموافق لما في بعض نسخ كمال الدين .
(3) كمال الدين : 264 | 11 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 59 | 29 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 119 _

  « دخلت أنا وأخي على جدّي رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلّم ) فأجلسني على فخذه وأجلس أخي الحسن على فخذه الاُخرى ، ثمّ قبّلنا وقال : بأبي أنتما من إمامين صالحين ، اختاركما الله منّي ومن أبيكما وأُمّكما ، واختار من صلبك يا حسين تسعة أئمّة تاسعهم قائمهم ، وكلّكم في الفضل والمنزلة عنداللهّ سواء » (1) ، قال : وحدّثنا أبي ، ومحمد بن الحسن قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميريّ ، ومحمد بن يحيى العطّار ، وأحمد بن إدريس جميعاً قالوا : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدّثنا أبو هاشم داود ابن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر محمد بن عليّ الثاني ( عليه السلام ) ، قال : « أقبل أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ذات يوم ومعه الحسن بن عليّ وسلمان الفارسيّ ، وأميرالمؤمنين ( عليه السلام ) متكئ على يد سلمان ، فدخل المسجد الحرام فجلس ، إذ أقبل رجلٌ حسن الهيئة واللباس ، فسلم على أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) فردّ ( عليه السلام ) ، فجلس ثمّ قال : يا أميرالمؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهنّ علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم ، وإن تكن الاًخرى علمت أنّك وهم شرع سواء ، فقال له أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) : سلني عمّا بدا لك ، فقال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه ؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال ؟ فالتفت أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) إلى الحسن فقال : يا أبا محمد أجبه .

---------------------------
(1) كمال الدين : 269 | 12 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 120 _

  فقال ( عليه السلام ) : أمّا ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه ، فإنّ روحه متعلّقة بالريح ، والريح متعلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة ، فإن أذن الله ( عز ّوحلّ بردّ تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح فاسكنت في بدن صاحبها ، وإن لم ياذن الله عزّوجلّ بردّ تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم تردّ على صاحبها إلى وقت ما يبعث ، وأما ما ذكرت من [ أمر ] الذكر والنسيان ، فإنّ قلبَ الرجل في حُقّ وعلى الحقِّ طبق ، فإن صلّى عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامّة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحقّ ، فأضاء القلب ، وذكر الرجل ما كان نسي ، وإن هو لم يصلّ على محمد وآل محمد أو نقص (1) من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحقّ ، فاظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكره ، وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله ، فإنّ الرجل إذا أتى أهله فجامعها ، بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب ، فأسكنت بذلك تلك النطفة في جوف الرحم ، خرج الولد يشبه أباه وأُمّه ، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب ، اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال إضطرابها على بعض العروق ، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه ، وإن وقعت على عرق من عروق لأخوال أشبه الولد أخواله ، فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، ولم أزل أشهد بذلك ، وأشهد أنك وصيّ رسول الله والقائم بحجّته - وأشار إلى أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) - ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أنّك وصيه والقائم بحجّته - وأشار إلى الحسن ( عليه السلام ) - وأشهد أنّ الحسين بن علي وصي أبيك والقائم بحجته بعدك ، وأشهد على عليّ بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين من بعده ، وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بامر عليّ بن الحسين ، وأشهد على جعفر بن محمد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ ، وأشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد ، وأشهد على عليّ بن موسى أنّه القائم بامر موسى بن جعفر ، وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بامر علي بن موسى ، وأشهد على عليّ بن محمد أنّه القائم بأمرمحمّد بن عليّ ، وأشهد على الحسن بن عليّ أنّه القائم بأمرعليّ بن محمّد ، وأشهد على رجل من ولد الحسن بن عليّ ، لايكنّى ولا يسمّى حتّى يظهر من يملأ الأرض عدلأ كما ملئت جوراً ، أنّه القائم بامر الحسن بن عليّ ، والسلام عليكم أيّها المؤمنين ورحمة الله وبركاته .

---------------------------
(1) في نسختي « ط » و « ق » : انتقص .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 121 _

  ثمّ قام ومضى فقال أميرالمؤمنين : يا أبا محمّد ، أتبعه فانظر أين يقصد ؟ فخرج الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) على إثره ، قال : فما كان إلاّ أن وضع رجله خارج المسجد فما رأيت أين أُخذ من أرض الله ، فرجعت إلى أميرالمؤمنين فاعلمته فقال : يا أبا محمّد أتعرفه ؟ فقلت : الله ورسوله وأميرالمؤمنين أعلم ، فقال : هو الخضر ( عليه السلام ) (1) ، قال : وحدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبد السلام بن صالح الهرويّ قال : أخبرنا وكيع ، عن الربيع بن سعد ، عن عبد الرحمن بن سليط ، قال : قال الحسين ابن عليّ بن أبي طالب ( عليهما السلام ) : « منّا اثنا عشر مهديّا ، أوّلهم أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي وهو القائم بالحقّ ، يُحيي الله به الأرض بعد موتها ، ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون ، له غيبة يرتدّ فيها قوم ، ويثبت على الدين فيها اخرون فيؤذون ، ويقال لهم : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ، أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) (2) قال ؟ وحدّثنا عليّ بن عبد الله الورّاق قال : حدِّثنا محمد بن هارون الصوفيّ ، عن عبد الله بن موسى ، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ قال : حدّثني صفوان بن يحيى ، عن إبراهيم بن أبي زياد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي خالد الكابليّ قال : دخلت على سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين ( عليه السلام ) فقلت له : يا ابن رسول اللهّ ، أخبرني بالذين فرض الله طاعتهم ومودّتهم ، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال لي : « يا كنكر (2) ، إنّ أولي الأمر الذين جعلهم الله أئمّة للناس ، وأوجب عليخم طاعتهم : أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب .

---------------------------
(1) كمال الدين : 313| 1 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 65 | 35 ، علل الشرائع : 96 | 6 ، وكذا في : تفسير القمي : 2 | 44 ، اثبات الوصية : 136 ، غيبة النعماني : 58 | 2 ، الاحتجاج : 266 ، دلائل الامامة : 69 .
(2) كمال الدين : 317 | 3 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 68 | 36 ، وكذا في : مقتضب الأثر : 23 .
(2) كنكر : لقب لأبي خالد الكابلي يعرف به .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 122 _

   ثمّ الحسن ثمّ الحسين ابنا علي بن أبي طالب ، ثم انتهى الأمر إلينا » ثمّ سكت ، فقلت له : يا سيدي ، روي لنا عن أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) : أن الأرض لا تخلو من حجة لله على عباده ، فمن الحجّة والإمام بعدك ؟ فقال : « ابني محمّد ، واسمه في التوراة باقر ، يبقر العلم بقراً ، هو الحجّة والإمام بعدي ، ومن بعد محمد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء ا لصا دق » ، فقلت : يا سيّدي ، فكيف صار اسمه الصادق وكلّكم الصادقون ؟ فقال : « حدّثني أبي ، عن أبيه ( عليهما السلام ) : أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسمّوه الصادق ، فإنّ الخامس من ولده الذي اسمه جعفريدّعي الإمامة اجتراء على اللهّ وكذباً عليه ، فهو عند الله جعفر الكذّاب المفتري على الله ، والمدعي بما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه ، والحاسد على أخيه ، ذلك الذي يروم كشف سرّ الله عند غيبة وليّ الله » ، ثمّ بكى علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بكاءً شديدأ ، ثمّ قال : « كأنّي بجعفر الكذّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، والمغيّب في حفظ الله ، والتوكيل بحرم (1) أبيه جهلاً منه بولادته ، وحرصاً على قتله إن ظفر به ، طمعاً في ميراث أبيه حتى يأخذه بغيرحقه » ، قال أبو خالد : فقلت له : يا ابن رسول الله ، وإنَ ذلك لكائنٌ ؟ فقال : « إي وربي ، إنّ ذلك لمكتوب عندنم في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) .

---------------------------
(1) في نسختي « ط » و « ق » : بحرمة ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو : الموافق لما في كمال الدين .