عـجباً أن مـنيتَ بـالداءِ iiوالـسقمِ      وأنــتَ الاِمــامُ حـسـمُ iiالـداءِ
أنــت آسـي الاَدواءِ فـي iiالـدينِ      والدنيا ومحيي الاَمواتِ والاَحياءِ (1)
  [ أولاده عليه السلام ] وله ( عليه السلام ) من الاَولاد : ابنه محمد الحسن الاِمام بعده ، والحسين ، ومحمد ، وجعفر الملقّب بالكذّاب ، وابنته عالية ، وكان مقامه بسرّ من رأى إلى أن توفّي عليه السلام عشرين سنة وأشهراً (2) .


  في ذكر الاِمام الزكي أبي محمد الحسن بن علي العسكري ( عليهما السلام ) وفيه أربعة فصول :


  في ذكر تاريخ مولده ، مبلغ سنّه ، ووقت وفاته ( عليه السلام ) كان مولده ( عليه السلام ) يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومائتين ، وقبض ( عليه السلام ) بسرّ من رأى لثمان خلون من شهر ربيع الاَول سنة ستّين ومائتين ، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ، واُمّه اُمّ ولد يقال لها : حديث ، وكانت مدّة خلافته ستّ سنين ، ولقبه : الهاديّ ، والسراج ، والعسكري ، وكان هو وأبوه وجدّه يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا ، وكانت في سني إمامته بقيّة ملك المعتزّ أشهراً ، ثمّ ملك المهتدي أحد عشر شهراً وثمانية وعشرين يوماً ، ثمّ ملك أحمد المعتمد على الله بن جعفر المتوكّل عشرين سنة وأحد عشر شهراً ، وبعد مضيّ خمس سنين من ملكه قبض الله وليّه أبا محمد ( عليه السلام ) ودفن في داره بسرّ من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه ( عليهما السلام ) (3) ، وذهب كثير من أصحابنا إلى أنّه ( عليه السلام ) مضى مسموماً .

---------------------------
(1) نقله المجلسي في بحار الاَنوار 50 : 222|9 .
(2) انظر : ارشاد المفيد 2 : 311 ، الهداية للخصيبي : 313 ، تاج المواليد (مجموعة نفيسة) : 132 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 402 ، دلائل الامامة : 217 ، الفصول المهمة : 283 .
(3) انظر : الكافي : 1 : 420 ، ارشاد المفيد 2 : 313 ، روضة الواعظين : 251 ، تاج المواليد (مجموعة نفيسة) : 133 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 421 ، دلائل الامامة : 223 ، كشف الغمة 2 : 404 و 415 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 67 _


  في ذكر النصوص الدالة على إمامته ( عليه السلام ) يدلّ على إمامته ( عليه السلام ) ـ بعد طريقتي الاعتبار والتواتر اللتين ذكرناهما في إمامة من تقدمه من آبائه ( عليهم السلام ) ـ : ما رواه محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن جعفر بن محمد الكوفيّ ، عن بشّار بن أحمد البصري ، عن عليّ بن عمر النوفلي قال : كنت مع أبي الحسن ( عليه السلام ) في صحن داره فمرّ بنا محمد ابنه ، فقلت : جعلت فداك ، هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال : « لا ، صاحبكم ، بعدي ابني الحسن » (1) ، وبهذا الاِسناد ، عن بشّار بن أحمد ، عن عبد الله بن محمد الاصفهانيّ قال : قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : « صاحبكم بعدي الذي يصلي علي » ، قال : ولم نكن نعرف أبا محمد ( عليه السلام ) قبل ذلك ، فلّما مات أبو الحسن ( عليه السلام ) خرج أبو محمد ( عليه السلام ) فصلّى عليه (2) وبهذا الاِسناد ، عن بشّار بن أحمد ، عن موسى بن جعفر بن وهب ، عن عليّ بن جعفر قال : كنت حاضراً أبا الحسن ( عليه السلام ) لما توفي ابنه [ محمد] (3) فقال للحسن : « يا بنيّ أحدث لله شكراً فقد اُحدث فيك أمراً » (4) .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 262 | 2 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 314 ، غيبة الطوسي : 198 | 163 ، اثبات الوصية للمسعودي : 208 .
(2) الكافي 1 : 262 | 3 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 315 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 422 .
(3) اثبتناه من الكافي .
(4) الكافي 1 : 262 | 4 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 315 ، كشف الغمة 2 : 405 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 68 _

  محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الاَنباريّ قال : كنت حاضراً عند مضيّ أبي جعفر محمد بن عليّ ، فجاء أبو الحسن ( عليه السلام ) فوضع له كرسيّ فجلس عليه وحوله أهل بيته ، وأبو محمد قائم في ناحية ، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمد ( عليه السلام ) فقال : « يا بنيّ أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً » (1) ، وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن أحمد القلانسيّ ، عن عليّ ابن الحسين بن عمرو ، عن عليّ بن مهزيار قال : قلت لاَبي الحسن ( عليه السلام ) : إن كان كونٌ ـ وأعوذ بالله ـ فإلى من ؟ قال : « عهدي إلى الاَكبر من ولدي » يعني الحسن عليه السلام (2) وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن أبي محمد الاسترابادي ، عن عليّ ابن عمرو العطّار قال : دخلت على أبي الحسن وأبو جعفر ابنه ـ أعني محمداً ـ في الاَحياء ، وأنا أظنّه هو القائم من بعده ، فقلت له : جعلت فداك ، من أخصّ من ولدك ؟ فقال : « لا تخصّوا أحداً حتّى يخرج إليكم أمري » ، قال : فكتب إليه بعد فيمن يكون هذا الاَمر؟ قال : فكتب إلي : « في الاَكبر من ولدي » ، قال : وكان أبو محمد أكبر من جعفر (3) .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 262 | 5 ، وكذا في : بصائر الدرجات 492 | 13 ، ارشاد المفيد 2 : 316 ، وباختلاف يسير في : مناقب ابن شهرآشوب 4 : 423 .
(2) الكافي 1 : 262 | 6 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 316 ، كشف الغمة 2 : 405 .
(3) الكافي 1 : 262 | 7 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 316 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 244 | 17 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 69 _

  وعنه ، عن محمد بن يحيى وغيره ، عن سعد بن عبد الله ، عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسين الاَفطس : أنّهم حضروا يوم توفّي محمد بن عليّ بن محمد دار أبي الحسن ( عليه السلام ) ليعزّوه وقد بسط له في صحن داره والناس جلوس حوله ، قالوا : فقدّرنا أن يكون حوله يومئذ من آل أبي طالب وسائر بني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلاً سوى مواليه وسائر الناس ، إذ نظر إلى الحسن بن عليّ ابنه وقد جاء مشقوق الجيب حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسن ( عليه السلام ) ساعة ثمّ قال له : « يا بنيّ أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً » فبكى الفتى واسترجع وقال : « الحمد لله رب العالمين » ، وقدرنا ان له في ذلك الوقت عشرين سنة ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد اشار اليه بالإمامة وأقامه مقامه (1) وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال : كتب إليّ أبو الحسن ( عليه السلام ) : « أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر وقلقت لذلك ، فلا تقلق ، فإنّ الله لا يضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يتبيّن لهم ما يتّقون ، وصاحبك بعدي أبو محمد ابني ، وعنده ما تحتاجون إليه » (2) ، الحديث بطوله وبهذا الاِسناد ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن أبي بكر الفهفكي قال : كتب إليّ أبو الحسن ( عليه السلام ) :

---------------------------
(1) الكافي 1 : 262 | 8 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 317 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 423 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 245 | 18 .
(2) الكافي 1 : 263 | 12 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 319 ، الغيبة للطوسي : 121 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 70 _

  « أبو محمد ابني أصحّ آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجّة ، وهو الاَكبر من ولدي ، وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرى الاِمامة وأحكامها فما كنت سائلي عنه فسله عنه ، فعنده ما تحتاج إليه ومعه آلة الاِمامة » (1) وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهديّ ، عن يحيى ابن يسار القنبري قال : أوصى أبو الحسن ( عليه السلام ) إلى ابنه الحسن قبل مضيّه بأربعة أشهر ، وأشار إليه بالاَمر من بعده ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي (2) وفي كتاب أبي عبد الله بن عيّاش : حدّثني أحمد بن محمد بن يحيى قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثني محمد بن أحمد بن محمد العلوّي العريضي قال : حدّثني أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ قال : سمعت أبا الحسن ( عليه السلام ) صاحب العسكر يقول : « الخلف من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف » ، قلت : ولَم جعلت فداك ؟ قال : « لاَنّكم لا ترون شخصه ، ولا يحّل لكم تسميته ، ولا ذكره باسمه » ، قلت : كيف نذكره ؟ قال : « قولوا : الحجّة من آل محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم » (3) .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 263 | 11 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 319 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 245 | 19 .
(2) الكافي 1 : 261 | 1 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 314 ، الغيبة للطوسي : 200 | 166 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 246 | 21 .
(3) الكافي 1 : 264 | 13 ، كمال الدين 2 : 648 |4 ، ارشاد المفيد : 320 ، الغيبة للطوسي 202 | 169 ، كفاية الاثر : 288 ، اثبات الوصية للمسعودي : 224 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 71 _


  في ذكر طرف من آياته ومعجزاته ( عليه السلام ) محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن إسحاق بن محمد النخعيّ قال : حدّثني إسماعيل بن محمد بن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، قال : قعدت لاَبي محمد على ظهر الطريق ، فلمّا مرّ بي شكوت إليه الحاجة ، وحلفت أن ليس عندي درهم فمافوقه ولا غداء ولا عشاء ، فقال : «تحلف بالله كاذباً وقد دفنت مائتي دينار! وليس قولي هذا دفعاً لك عن العطيّة ، أعطه يا غلام ما معك » فعطاني غلامه مائة دينار ، ثمّ أقبل عليّ فقال لي : « إنّك تُحرم الدنانير التي دفنتها أحوج ما تكون إليها » وصدق ( عليه السلام ) ، وذلك أنّي أنفقت ما وصلني به ، واضطررت ضرورة شديدة إلى شيء أنفقه ، وانغلقت عليّ أبواب الرزق ، فنبشت عن الدنانير التي كنت دفنتها فلم أجدها ، فنظرت فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب ، فما قدرت منها على شيء (1) وبهذا الاِسناد ، عن إسحاق بن محمد النخعي ، عن عليّ بن زيد بن عليّ بن الحسين ( عليهما السلام ) قال : كان لي فرس ، وكنت به معجباً ، أكثر ذكره في المحافل ، فدخلت على أبي محمد يوماً فقال لي : « ما فعل فرسك ؟ » .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 426 | 14 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 332 ، الخرائج والجرائح 1 : 427 | 6 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 432 ، ثاقب المناقب : 578 | 527 ، كشف الغمة 2 : 413 ، اثبات الوصية للمسعودي : 214 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 72 _

  فقلت : هو عندي ، هو ذا هو على بابك ، الآن نزلت عنه ، فقال لي : « استبدل به قبل المساء إن قدرت ، ولا تؤخّر ذلك » ودخل علينا داخل فانقطع الكلام ، فقمت متفكّراً ، ومضيت إلى منزلي فأخبرت أخي فقال : ما أدري ما أقول في هذا وشححت عليه ، ونفست على الناس ببيعه ، وأمسينا ، فلمّا صلّينا العتمة جاءني السائس فقال : يا مولاي نفق فرسك الساعة ، فاغتممت لذلك وعلمت أنّه عنى هذا بذلك القول ، ثمّ دخلت على أبي محمد ( عليه السلام ) بعد أيّام وأنا أقول في نفسي : ليته أخلف عليّ دابّة ، فلمّا جلست قال قبل أن اُحدّث : « نعم ، نخلف عليك ، يا غلام أعطه برذوني الكميت » ثمّ قال : « هذا خير من فرسك وأطأ وأطول عمراً » (1) ، ومما شاهده أبو هاشم ـ رحمه الله ـ من دلائله ( عليه السلام ) : ما ذكره أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عيّاش قال : حدّثني أبو عليّ أحمد بن محمد ابن يحيى العطّار ، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن مصقلة القمّيّان قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال : حدّثنا داود بن القاسم الجعفريّ ، أبو هاشم ، قال : كنت عند أبي محمد ( عليه السلام ) فاستؤذن لرجل من أهل اليمن ، فدخل عليه رجلٌ جميلٌ طويلٌ جسيمٌ ، فسلّم عليه بالولاية فردّ عليه بالقبول ، وأمره بالجلوس فجلس إلى جنبي ، فقلت في نفسي : ليت شعري من هذا ، فقال أبو محمد : « هذا من ولد الاَعرابيّة صاحبة الحصاة التي طبع آبائي فيها » ثمّ قال : « هاتها » .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 427 | 15 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 332 ، الخرائج والجرائح 1 : 434 | 12 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 430 ، ثاقب المناقب : 572 | 516 ، كشف الغمة 2 : 413 ، وذكره المسعودي في اثبات الوصية : 215 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 267 | 26 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 73 _

  فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس ، فأخذها وأخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع ، وكأنّي أقرأ الخاتم الساعة « الحسن بن عليّ » فقلت لليمانيّ : رأيته قطّ قبل هذا ؟ فقال : لا والله ، وإنّي منذ دهر لحريص على رؤيته ، حتّى كان الساعة أتاني شابُّ لست أراه فقال : قم فادخل ، ثمّ نهض وهو يقول : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، ذرّيّة بعضها من بعض ، أشهد أنّ حقّك لواجب كوجوب حقّ أمير المؤمنين والاَئمّة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ، وإليك انتهت الحكمة والاِمامة ، وإنّك وليّ الله الذي لا عذر لاَحد في الجهل به ، فسألت عن اسمه ، فقال : اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أُمّ غانم ، وهي الاَعرابيّة اليمانيّة صاحبة الحصاة التي ختم فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (1) ، وقال أبو هاشم الجعفريّ رحمه الله في ذلك :
بدربِ  الحصا مولى لنا يختمُ الحصى      لـه الله أصـفى بـالدليل iiوأخـلصا
وأعـطـاهُ آيــاتِ الاِمـامةِ iiكـلّها      كـموسى وفـق البحرِ واليدِ iiوالعصا
ومـاقـمّص  الله الـنـبيّينَ‌‌‌‌‌ iiحـجّةً      ومـعـجزةً إلاّ الـوصـيّين قـمّصا
فـمن  كـانَ مـرتاباً بـذاكَ iiفقصرهُ      من الاَمر أن تتلو الدليل وتفحصا (2)

---------------------------
(1) الكافي 1 : 281 | 4 ، غيبة الطوسي : 203 | 171 ، الخرائج والجرائح 1 : 428| 7 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 441 ، ثاقب المناقب : 561 | 500 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 302 | 78 .
(2) ثاقب المناقب : 561 | ذيل حديث 500 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 302 | 78 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 74 _

  قال أبو عبد الله بن عيّاش : هذه أُمّ غانم صاحبة الحصاة غير تلك صاحبة الحصاة ، وهي أُمّ الندى حبابة بنت جعفر الوالبيّة الاَسديّة ، وهي غير صاحبة الحصاة الاُولى التي طبع فيها رسول الله ( صلّى لله عليه وآله وسلّم ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) فإنّها اُمّ سليم ، وكانت وارثة الكتب (1) ، فهنّ ثلاثة ولكلّ واحدة منهنّ خبر قد رويته ، ولم أطل الكتاب بذكره ، قال : وحدّثني أحمد بن محمد بن يحيى قال : حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر قال : حدّثنا أبو هاشم قال : شكوت إلى أبي محمد ( عليه السلام ) ضيق الحبس وثقل القيد ، فكتب إليّ : « تصلّي الظهر اليوم في منزلك » ، فأخرجت في وقت الظهر فصلّيت في منزلي كما قال ( عليه السلام ) ، قال : وكنت مضيّقاً فأردت أن أطلب منه دنانير في كتابي فاستحييت ، فلمّا صرت إلى منزلي وجّه إليّ بمائة دينار وكتب إليّ : « إذا كانت لك حاجة فلا تستح ولا تحتشم ، واطلبها فإنّك ترى ما تحبّ » (2) ، قال : وكان أبو هاشم حُبس مع أبي محمد ( عليه السلام ) ، كان المعتزّ حبسهما مع عدّة من الطالبيّين في سنة ثمان وخمسين ومائتين (3) ، حدثنا أحمد بن زياد الهمدانيّ ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم قال : حدّثني أبو هاشم داود بن القاسم قال : كنت في الحبس المعروف بحبس صالح بن وصيف الاَحمر ، أنا ، والحسن بن محمد العقيقي ، ومحمد بن إبراهيم العمري ، وفلان وفلان ، إذ دخل علينا أبو محمد الحسن ( عليه السلام ) وأخوه جعفر ، فحففنا به ، وكان المتولّي لحبسه صالح بن وصيف ، وكان معنا في الحبس رجل جمحي يقول : أنّه علويّ .

---------------------------
(1) نقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 302 | ذيل حديث 78 .
(2) الكافي 1 : 426 | 10 ، ارشاد المفيد 2 : 330 ، اثبات الوصية : 211 و 213 ، الخرائج والجرائح 1 : 435 | 13 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 432 و 439 ، وثاقب المناقب : 566 | 505 و 576 | 525 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 1 : 435 | 13 .
(3) نقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 311 | 10 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 75 _

  قال : فالتفت أبو محمد ( عليه السلام ) فقال : « لولا أنّ فيكم من ليس منكم لاَعلمتكم متى يفرّج عنكم » ، وأومأ إلى الجمحي أن يخرج فخرج ، فقال أبو محمد ( عليه السلام ) : « هذا الرجل ليس منكم فاحذروه ، فإنّ في ثيابه قصّة قد كتبها إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه » ، فقام بعضهم ففتّش ثيابه فوجد فيها القصّة يذكرنا فيها بكلّ عظيمة ، وكان أبو الحسن ( عليه السلام ) يصوم فإذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه إليه في جونة مختومة ، وكنت أصوم معه ، فلمّا كان ذات يوم ضعفت فأفطرت في بيت آخر على كعكة وما شعربي والله أحد ، ثمّ جئت فجلست معه ، فقال لغلامه : « أطعم أبا هاشم شيئاً فإنّه مفطر » فتبسّمت ، فقال : « ما يضحكك يا أبا هاشم ؟ إذا أردت القوّة فكل اللحم فإنّ الكعك لا قوّة فيه » ، فقلت : صدق الله ورسوله وأنتم ، فأكلت فقال لي : « أفطر ثلاثاً ، فإنّ المنّة لا ترجع إذا انهكها الصوم في أقلّ من ثلاث » ، فلمّا كان في اليوم الذي أراد الله سبحانه أن يفرّج عنه جاءه الغلام فقال : يا سيّدي أحمل فطورك ؟ فقال : « إحمل ، وما أحسبنا نأكل منه » ، فحمل الطعام الظهر ، واُطلق عنه عند العصر وهو صائم ، فقال : « كلوا هنّاكم الله » (1) .

---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 682 | 1 ، 683 | 2 ، وباختصار في : مناقب ابن شهرآشوب 4 :

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 76 _

  قال : وحدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر قال : حدّثنا أبو هاشم قال : كنت عند أبي محمد ( عليه السلام ) فقال : « إذا خرج القائمُ أمر بهدم المنائر والمقاصير التي في المساجد » ، فقلت في نفسي : لاَي معنى هذا ؟ فأقبل عليّ وقال : « معنى هذا أنّها محدثة مبتدعة لم يبنها نبيّ ولا حجّة » (1) ، وبهذا الاِسناد ، عن أبي هاشم قال : سأل الفهفكي أبا محمد : ما بال المرأة المسكينة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرّجل سهمين ؟ فقال : « إنّ المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا عليها مَعْقُلة (2) ، إنّما ذلك على الرجال » ، فقلت في نفسي : قد كان قيل لي إن ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن هذه المسألة فأجابه بمثل هذا الجواب ، فأقبل أبو محمد عليَّ فقال : « نعم هذه مسألة بن أبي العوجاء ، والجواب منّا واحد ، إذا كان معنى المسألة واحداً جرى لاخرنا ما جرى لاَوّلنا ، وأوّلنا وآخرنا في العلم والاَمر سواء ، ولرسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما فضلهما » (3) .

---------------------------
(1) الغيبة للطوسي : 206 | 175 ، اثبات الوصية للمسعودي : 215 ، الخرائج والجرائح 1 : 453 | 39 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 437 ، كشف الغمة 2 : 418 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 250 | 3 .
(2) المعقلة : الدية ، « النهاية 2 : 279 » .
(3) الكافي 7 : 85 | 2 ، التهذيب 9 : 274 | 992 ، الخرائج والجرائح 2 : 685 | 5 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 437 ، كشف الغمة 2 : 420 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 255 | 11 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 77 _

  وبهذا الاِسناد ، عن أبي هاشم قال : كتب إليه ـ يعني أبا محمد ( عليه السلام ) ـ بعض مواليه يسأله أن يعلمه دعاءً ، فكتب إليه : « ادع بهذا الدعاء : يا أسمع السامعين ، ويا أبصر المبصرين ، ويا أنظر الناظرين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، صلّ على محمدٍ وآل محمد ، وأوسع لي في رزقي ، ومدّلي في عمري ، وامنن عليّ برحمتك ، واجعلني ممّن تنتصر به لدينك ، ولا تستبدل به غيري » ، قال أبو هاشم فقلت في نفسي : اللهم اجعلني في حزبك وفي زمرتك ، فأقبل عليّ أبو محمد ( عليه السلام ) فقال : « أنت في حزبه وفي زمرته إن كنت بالله مؤمناً ولرسوله مصدّقاً ، وبأوليائه عارفاً ، ولهم تابعاً ، فابشر ثمّ أبشر » (1) وبهذا الاِسناد ، عن أبي هاشم قال : سمعت أبا محمد عليه السلام يقول : « من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل ليتني لا اُؤاخذ إلاّ بهذا » ، فقلت في نفسي : إنّ هذا لهو الدقيق ، وقد ينبغي للرجل أن يتفقّد من نفسه كلّ شيء ، فأقبل عليّ أبو محمد فقال : « صدقت يا أبا هاشم ، ألزم ما حدّثتك به نفسك ، فإنّ الاِشراك في الناس أخفى من دبيب الذرّ على الصفا في اللّيلة الظلماء ومن دبيب الدرّ على المسح الاَسود » (2) وبهذا الاِسناد قال : سمعت أبا محمد ( عليه السلام ) يقول :

---------------------------
(1) مناقب ابن شهرآشوب 4 : 439 ، كشف الغمة 2 : 421 .
(2) الغيبة للطوسي : 206 | 175 ، إثبات الوصية للمسعودي : 212 ، الخرائج والجرائح 2 : 688 | 11 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 439 ، كشف الغمة 2 : 420 ، ثاقب المناقب : 567 | 509 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 250 | 4 . .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 78 _

  « إنّ في الجنّة باباً يقال له المعروف لا يدخله إلاّ أهل المعروف » فحمدت الله تعالى في نفسي وفرحت ممّا أتكلّفه من حوائج الناس ، فنظر إليّ أبو محمد ( عليه السلام ) وقال : « نعم قد علمت ما أنت عليه ، وإنّ أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ، جعلك الله منهم يا أبا هاشم ورحمك » (1) وبهذا الاِسناد ، عن أبي هاشم قال : دخلت على أبي محمد وأنا اُريد أن أسأله ما أصوغ به خاتماً أتبرّك به ، فجلست واُنسيت ما جئت له ، فلمّا ودّعته ونهضت رمى إليّ بخاتم فقال : « أردت فضةً فأعطيناك خاتماً وربحت الفصّ والكرى ، هنّاك الله يا أبا هاشم » ، فتعجّبت من ذلك فقلت : يا سيّدي ، إنّك وليّ الله وإمامي الذي أدين الله بفضله وطاعته ، فقال : « غفرالله لك يا أبا هاشم » (2) وهذا قليل من كثير ما شاهده أبو هاشم من آياته ( عليه السلام ) ودلالاته ، وقد ذكر ذلك أبو هاشم فيما روي لنا عنه بالاِسناد الذي ذكرناه ، قال : ما دخلت على أبي الحسن وأبي محمد ( عليهما السلام ) يوماً قطُّ إلاّ رأيت منهما دلالة وبرهاناً (3) ، محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد بن الحسن بن شمّون ، عن أحمد بن محمد قال : كتبت إلى أبي محمد ( عليهما السلام ) حين أخذ المهتدي في قتل الموالي وقلت : يا سيّدي ، الحمد لله الذي شغله عنك ، فقد بلغني أنّه يتهدّدك ويقول : والله لاَجلينّهم عن جديد الاَرض .

---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 689 | 12 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 432 ، كشف الغمة 2 : 420 ، ثاقب المناقب : 564 | 501 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 258 | 16 .
(2) الكافي 1 : 429 | 21 ، كشف الغمة 2 : 421 ، ثاقب المناقب : 565 | 503 ، ودون ذيله في : خرائج الجرائح 2 : 684 | 4 ، ومناقب ابن شهرآشوب 4 : 437 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 254 | 8 .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 684 | صدر رواية 4 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 254 | صدر رواية 8 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 79 _

  فوقّع أبو محمد ( عليه السلام ) بخطّه : « ذاك أقصر لعمره ، عدّ من يومك هذا خمسة أيّام ويُقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمرّ به » ، فكان كما قال عليه السلام (1) وبإسناده ، عن أحمد بن محمد الاَقرع قال : حدّثنا أبو حمزة نصير الخادم قال : سمعت أبا محمد ( عليه السلام ) غير مّرة يكلّم غلمانه بلغاتهم وفيهم ترك وروم وصقالبة ، فتعجّبت من ذلك وقلت : هذا ولد بالمدينة ولم يظهر لاَحد حتّى مضى أبو الحسن ولا رآه أحدٌ فكيف هذا ؟ ـ اُحدّث نفسي بهذا ـ فاقبل عليّ وقال : « الله تبارك وتعالى بيّن حجّته من سائر خلقه ، وأعطاه معرفة كلّ شيء ، فهو يعرف اللغات والاَنساب والحوادث ، ولولا ذلك لم يكن بين الحجّة والمحجوج فرقٌ » (2) وبإسناده ، عن الحسن بن ظريف قال : اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب بهما إلى أبي محمد ( عليهما السلام ) ، فكتبت أسأله عن القائم إذا قام بم يقضي ؟ وأين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس ؟ وأردت أن أكتب أسأله عن شيء لحمّى الربع فأغفلت ذكر الحمّى ، فجاء الجواب :

---------------------------
(1) الكافي 1 : 427 | 16 .
(2) الكافي 1 : 426 | 11 ، وكذا في ارشاد المفيد 2 : 331 ، ومناقب ابن شهرآشوب 4 : 428 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 268 | 28 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 80 _

  « سألت عن القائم وإذا قام قضى في الناس بعلمه كقضاء داود لا يسأل عن بيّنة ، وكنت أردت أن تسأل عن حمّى الربع فأُنسيت ، فاكتب في ورقة وعلّقها على المحموم ( يا نارُ كُوني بَرداً وسَلاماً على إبراهيم) (1)» ، فكتبت ذلك وعلّقته على محموم لنا فأفاق وبرئ (2) ، وأمثال هذه الاَخبار كثرة لا نطوّل الكتاب بذكرها .


  في ذكر طرف من مناقبه وخصائصه ونبذ من أخباره ( عليه السلام ) محمد بن يعقوب ، عن رجاله قالوا : كان أحمد بن عبيد الله بن خاقان على الضياع والخراج بقمّ ، وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت ، فجرى في مجلسه ذكر العلويّة يوماً فقال : ما رأيت ولا عرفت من العلويّة مثل الحسن بن عليّ بن محمد بن الرضا في هديه وسكونه ، وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته وبني هاشم كافّة ، وتقديمهم إيّاه على ذوي السنّ منهم والخطر ، وكذلك كانت حاله عند القوّاد والوزراء وعامّة الناس ، وأذكر أنّي كنت يوماً قائماً على رأس أبي إذ دخل حجّابه فقالوا : أبو محمد ابن الرضا بالباب ، فقال بصوت عال : إئذنوا له ، فتعجّبت من جسارتهم أن يُكنّوا رجلاً بحضرة أبي ولم يكن يكّنى عنده إلاّ خليفة أو وليّ عهد أو من أمر السلطان ، فدخل رجل أسمر ، حسن القامة ، جميل الوجه ، حديث السنّ ، له جلالة وهيئة حسنة ، فلمّا نظر إليه قام يمشي إليه خطاً ـ ولا أعلمه فعل هذا بإحد من بني هاشم والقوّاد ـ فلمّا دنا منه عانقه وقبّل وجهه وصدّره ، وأخذ بيده وأجلسه على مصلاّه الذي كان عليه ، وجلس إلى جنبه مقبلاً عليه بوجهه ، وجعل يكلّمه ويفديه بنفسه ، وأنا متعجّب ممّا أرى منه ، إذ دخل الحاجب فقال : الموفقّ (3) قد جاء .

---------------------------
(1) الانبياْ 21 : 69 .
(2) الكافي 1 : 426 | 13 ، وكذا في ارشاد المفيد 2 : 331 ، ومناقب ابن شهرآشوب 4 : 431 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 264 | 24 .
(3) أبو احمد بن المتوكل العباسي ، تولى ثلاثة من اخوته الدولة العباسية ، وهم : المعتز ، والمهدي ، والمعتضد .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 81 _

  وكان الموفّق إذا دخل على أبي يقدمه حجّابه وخاصّة قوّاده ، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج ، فلم يزل أبي مقبلاً على أبي محمد حتّى نظر إلى غلمان الخاصّة فقال حينئذ : إذا شئت جعلت فداك ، ثمّ قال لحجّابه : خذوا به خلف السماطين لايره هذا ـ يعني الموفّق ـ فقام وقام أبي وعانقه ومضى ، فلم أزل يومي ذلك متفكّراً في أمره وأمر أبي ، وما رأيته منه حتّى كان الليل ، فلمّا صلّى العتمة وجلس جلست بين يديه وليس عنده أحدٌ ، فقال ، يا أحمد ألك حاجة ؟ قلت : نعم يا أبه ، من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاِجلال والتبجيل وفديته بنفسك وأبويك ؟ فقال : يا بنيّ ذلك إمام الرافضة الحسن بن عليّ المعروف بابن الرضا ، ثمّ سكت ساعة وأنا ساكت ، ثمّ قال : يا بنيّ ، لو زالت الاِمامة عن خلفاء بني العبّاس ما استحقّها أحدٌ من بني هاشم غيره لفضله وعفافه ، وهديه وصيانته ، وزهده وعبادته ، وجميل أخلاقه وصلاحه ، ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً ، فازددت قلقاً وتفكّراً وغيظاً على أبي ، ولم تكن لي همّة بعد ذلك إلاّ السؤال عن خبره ، فما سألت أحداً من بني هاشم والقوّاد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلاّ وجدته عنده في غاية الاِجلال والاِعظام والمحلّ الرفيع والتقديم له على جميع أهل بيته ، فعظم قدره عندي ، إذ لم أجد له وليّاً ولا عدوّاً إلاّ وهو يحسن القول فيه والثناء عليه ، فقال له بعض الحاضرين : فما خبر أخيه جعفر ؟ فقال : ومن جعفر فيسأل عن خبره ، أو يقرن الحسن بجعفر! [ إنَّ جعفراً ] معلن الفسق ، فاجر شرّيب للخمور ، أقلّ من رأيته من الرجال وأهتكهم لنفسه ، ولقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن ابن عليّ ما تعجّبت منه وما ظننت أنّه يكون وذلك أنّه لمّا اعتلّ بُعث إلى أبي : أنّ ابن الرضا قد اعتلّ ، فركب من ساعته فبادر إلى دار الخلافة ثمّ رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلّهم من ثقاته وخاصّته فيهم نحرير ، وأمرهم بلزوم دار الحسن ، وتعرّف خبره وحاله ، وبعث إلى نفر من المتطبّبين وأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده صباحاً ومساءً .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 82 _

  فلمّا كان بعد يومين أو ثلاثة أُخبر أنّه ضعف ، فأمر المتطّببين بلزوم داره ، وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار عشرة ممّن يوثق بهم ، وبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً ، فلم يزالوا هناك حتّى توفّي ( عليه السلام ) ، فلمّا ذاع خبر وفاته صارت سرّ من رأى ضجّة واحدة ، وعطّلت الاَسواق ، وركب بنوهاشم والقوّاد وسائر الناس إلى جنازته ، فكانت سرّ من رأى يومئذ شبيهاً بالقيامة ، فلمّا فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكّل فأمره بالصلاة عليه ، فلمّا وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلويّة والعبّاسيّة ، وعلى القوّاد والكتّاب والقضاة والمعدّلين فقال : هذا الحسن بن عليّ بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه ، على فراشه ، وحضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ، ومن المتطببين فلان وفلان ، ومن القضاة فلان وفلان ، ثمّ غطّى وجهه وصلّى عليه وأمر بحمله ، فلمّا دفن جاء جعفر بن عليّ إلى أبي فقال له : اجعل لي مرتبة أخي وأنا اُوصل إليك في كلّ سنة عشرين ألف دينار ، فزبره أبي وأسمعه ما كره وقال له : يا أحمق ، إنّ السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أنّ أباك وأخاك أئمّة ليردّهم عن ذلك فلم يتهيّأ له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة بك إلى سلطان يرتّبك مراتبهم ولا غير سلطان ، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا ، ثمّ أمر أبي أن يحجب عنه ، ولم يأذن له في الدخول عليه حتّى مات أبي ، وخرجنا وهو على تلك الحال ، والسلطان يطلب أثراً لولد الحسن بن عليّ إلى اليوم ولا يجد إلى ذلك سبيلاً ، وشيعته مقيمون على أنّه مات وخلّف ولداً يقوم مقامه في الاِمامة (1) ، محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن محمّد بن إسماعيل العلوّي قال : حُبس أبو محمد عند عليّ بن أوتامش (2) وكان شديد العداوة لآل محمد ( عليهم السلام ) ، غليظاً على آل أبي طالب ، وقيل له : إفعل به وافعل ، قال : فلما أقام إلاّ يوماً حتّى وضع خدّيه له ، وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً له وإعظاماً ، وخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وأحسنهم فيه قولاً (3) ، وبهذا الاَسناد أيضاً قال : دخل العبّاسيّون على صالح بن وصيف عندما حبس أبو محمد ( عليه السلام ) فقالوا له : ضيّق عليه ، فقال لهم صالح : ما أصنع به وقد وكّلت به رجلين شرّ من قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام على أمر عظيم ، ثمّ أمر بإحضار الموكّلين فقال لهما : ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل ؟ فقالا : ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كلّه ، لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة ، وإذا نظرنا إليه أرعدت فرائصنا وداخلنا مالا نملكه من أنفسنا .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 421 | 1 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 321 ، وباختلاف يسير في كمال الدين : 40 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 329 | 2 .
(2) في الكافي : نارمش .
(3) الكافي 1 : 425 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 329 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 307 | 4 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 83 _

  فلمّا سمع ذلك العبّاسيّون انصرفوا خائبين (1) ، وبهذا الاِسناد ، عن جماعة من أصحابنا قالوا : سلّم أبو محمد إلى نحرير (2) وكان يضيّق عليه ويؤذيه ، فقالت له امرأته : اتّق الله فإنّك لا تدري من في منزلك ، وذكرت له صلاحه وعبادته ، فقال : والله لأرمينه بين السباع ، ثم استأذن في ذلك فأُذن له ، فرمى به إليها ، ولم يشكّوا في أكلها له ، فنظروا إلى الموضع فوجدوه ( عليه السلام ) قائماً يصلّي وهي حوله ، فأمر بإخراجه إلى داره (3) .
   وكان مرضه ( عليه السلام ) الذي توفّي فيه في أوّل شهر ربيع الاَول سنة ستّين ومائتين ، وتوفّي ( عليه السلام ) يوم الجمعة لثمان خلون من هذا الشهر ، وخلّف ولده الحجّة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان قد أخفى مولده لشدّة طلب سلطان الوقت له واجتهاده في البحث عن أمره ، فلم يره إلاّ الخواصّ من شيعته على ما نذره بعد .

---------------------------
(1) الكافي 1 : 429 | 23 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 334 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 308 | 6 .
(2) نحرير : من خواص خدم بني العباس ، وحفظة أسرارهم .
(3) الكافي 1 : 340 | 26 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 334 ، ثاقب المناقب : 580 | 530 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 50 : 309 | 7 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 84 _

  وتولّى أخوه جعفر أخذ تركته ، وسعى إلى السلطان في حبس جواري أبي محمّد ( عليه السلام ) ، وشنّع على الشيعة في انتظارهم ولده وقطعهم بوجوده واعتقادهم لاِمامته ، وجرى بسبب ذلك على مخلفة أبي محمد ( عليه السلام ) وشيعته كلّ بلاء ومحنة ، من حبس واعتقال وشدّة ، واجتهد جعفر في القيام مقامه فلم يقبله أحدٌ من الطائفة ، بل تبرّؤوا منه ولقّبوه الكذّاب (1) وله أخبار كثيرة في هذا المعنى ، مشهورة عند أصحابنا ، رأيت الاِضراب عن ذكرها تحرّياً للاِختصار وبالله التوفيق ، ( الركن الرابع من الكتاب ) في ذكر إمامة الاثني عشر ، والاِمام الثاني عشر المطلب الاَهمّ ، والغرض الاَتمّ من هذا الركن : الكلام في تصحيح إمامة صاحب الزمان ، ابن الحسن ، القائم الحجّة ، مهديّ الاُمّة ، وكاشف الغمّة ، على الجملة والتفصيل ، بثابت البرهان ، وواضح الدليل ، ثمّ إنَّ ذلك يدور على قسمين : أحدهما : ذكر البراهين والبيّنات من جهة النصوص الدالّة على إمامة الاّثني عشر الذين هو خاتمهم وقائمهم ـ عليهم أجمعين أفضل الصلاة والسلام ـ وقد رواها الخاصّة والعامّة ، وأطبق على نقلها الفرقتان المتباينتان ، والطائفتان المختلفتان عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وما يؤيّد ذلك من الاَدلّة التي تجملهم وتعمّهم وتشملهم ، والآخر : ذكر الدلالات الواضحة في إمامته ( عليه السلام ) خاصّة على التعيين والتفصيل ، والاِفراد له بالدليل بعد اشتراكه ( عليه السلام ) في دلالة الاعتبار ، مع ذكر طرف من الاَخبار في ذكر مولده وغيبته ، وعلامات وقت قيامه ، ومدّة دولته ، وبيان سيرته ( ذكر القسم الاَول ) من الركن الرابع وهو الكلام في الدلالة على إمامة الاثني عشر من آل محمد ( عليهم السلام ) ويشتمل على ثلاثة فصول :

---------------------------
(1) انظر : ارشاد المفيد 2 : 336 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 85 _

  في ذكر بعض الاَخبار التي جاءت في النص على عدد الاثني عشر من الاَئمة من طريق العامّة ، على طريق الاِجمال إعلم : أنّ الخبر إذا رواه المعترف بصحّته ، الدائن بصدقه ، ووافقه في ذلك المنكر لمضمونه ، الدافع لما اشتمل عليه ، فقد أسفر فيه الحقّ عن وجه الدلالة ، لاتّفاق المتضادّين في المقالة ، إذ لو كان باطلاً لما توفّرت دواعي المنكر له في نقله وهو حجّة عليه ، بل كانت منه الدواعي متوفّرة في دفعه على مجرى العرف والعادة ، لا سيّما وقد سلم من نقل معارضة تسقط الحجّة به ، أو دعوى تكافئه في الظاهر فتمنع من العمل عليه والاعتقاد به ، وإذا كانت الاَخبار الواردة في أعداد الاَئمّة ( عليهم السلام ) بهذه الصفة فقد وجب القطع بصحّتها ، فممّا جاء من الاَخبار التي نقلها أصحاب الحديث غير الاِماميّة في ذلك وصحّحوها : ما رواه الاِمام أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقنديّ ـ محدّث خراسان ـ قال : أخبرنا أبو العبّاس المستغفريّ قال : حدّثنا أبو الحسين (1)نصر بن أحمد بن إسماعيل الكسائي (2) ، أخبرنا أبو حاتم جبريل ابن مجاع الكسائي ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال : وأخبرنا أبو القاسم الكاتب ، أخبرنا أبو حامد الصائغ ، أخبرنا أبو العبّاس الثقفي ، حدثنا قتيبة .

---------------------------
(1) في نسخة « م » : الحسن .
(2) في نسخة ق : الكاشاني .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 86 _

   وأخبرنا أبو سلمة القاضي ، أخبرنا أبو القاسم النسوي ، حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة قالا : حدّثنا حاتم بن إسماعيل ، عن المهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص قال : كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع : أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فكتب إليّ : إني سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يوم جمعة عشيّة رجم الاَسلمي يقول : « لا يزل الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، ثمّ يخرج كذّابون بين يدي الساعة » ، وسمعته يقول : « أنا الفرط على الحوض » ، رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شبية وقتيبة بن سعيد (1) ، قال : وأخبرنا أبو القاسم الكاتب ، أخبرنا أبو حامد الصائغ ، أخبرنا أبو العبّاس الثقفيّ ، حدّثنا محمد بن رافع ، حدّثنا ابن أبي فُديك ، أخبرنا ابن أبي ذئب ، عن مهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد : أنّه أرسل إلى ابن سمرة العدوي فقال : حدَّثنا حديثاً سمعته من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فكتب : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : « لا يزال الدين قائماً حتّى يكون اثنا عشر خليفة من قريش ، ثمّ يخرج كذّابون بين يدي الساعة ، وأنا الفرط على الحوض » ، رواه مسلم عن محمد بن رافع (2) ، وأخبرنا عبد العزيز بن أحمد الكتاب ، حدّثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الحارثي ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدّثنا قتيبة ، حدّثنا أبو عوانة ، عن سمّاك ، عن جابر بن سمرة ، عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

---------------------------
(1) صحيح مسلم 3 : 1453 | 1822 ، ورواه في مسنده 5 : 89 .
(2) صحيح مسلم 3 : 1454 ، ورواه في المعجم الكبير 2 : 199 | 1808 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 87 _

  قال : « يكون بعدي اثنا عشر أميراً » ، وتكلّم بكلمة فلم أفهم ما قال ، فسألت القوم فزعموا أنّه قال : « كلّهم من قريش » ، رواه مسلم عن قتيبة (1) ، قال : وأخبرنا أبو سلمة القاضي ، حدّثنا أبو القاسم النسوي ، أخبرنا أبو العبّاس النسوي ، حدّثنا أبو الحصين عبد الله بن أحمد بن عبد الله اليربوعي ، حدّثنا عنبر ، حدّثنا حصين ، عن جابر بن سمرة قال : دخلت مع أبي على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقال لي : « إنّ هذا الاَمر لن ينقضي ـ أو لن يمضي ـ حتّى يكون فيكم اثنا عشر خليفة » ثمّ قال : شيئاً لم أسمعه ، فسألهم ، فقالوا : « كلّهم من قريش » (2) ، قال : وأخبرنا أبو سلمة القاضي ، أخبرنا أبو القاسم النسوي ، أخبرنا أبو العبّاس النسوي ، حدّثنا أبو عمارة ، حدّثنا الفضل بن موسى ، عن وهب ، عن أبي خالد الوالبيّ قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : « لا يضرّ هذا الدين من ناواه حتّى يقوم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش (3) ، قال : وأخبرنا أبو سلمة القاضي ، حدّثنا أبوالقاسم النسوي ، حدّثنا أبو العبّاس النسوي ، حدّثنا جعفر بن حميد العبسي ، حدّثنا يونس بن أبي يعفور ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :

---------------------------
(1) صحيح مسلم 3 : 1453 ، ورواه أحمد في مسنده 5 : 94 و 99 و 108 ، والترمذي في سننه 4 : 501 | 2223 ، والطبراني في المعجم الكبير 2 : 223 | 1923 و 226 | 1936 .
(2) صحيح مسلم 3 : 1452 | 1821 ، المعجم الكبير للطبراني 2 : 255 | 2068 .
(3) المعجم الكبير للطبراني 2 : 208 | 1852 ، ونحوه في مسند أحمد 5 : 88 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 88 _

  « لا يزال أمر اُمّتي صالحاً حتّى يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش » (1) وممّا ذكره الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمّد بن الن عمان (2) في كتابه : قال : ومن ذلك ما رواه محمّد بن عثمان الدهني حدّثنا عبد الله بن جعفر الرقّي ، قال : حدّثنا عيسى بن يونس ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : كنّا عند عبد الله بن مسعود فقال له رجل : أحدّثكم نبيّكم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كم يكون بعده من الخلفاء ؟ فقال له عبد الله : نعم ، وما سألني عنها أحدٌ قبلك وإنّك لاَحدث القوم سنّاً ، سمعته ( عليه السلام ) يقول : « يكون بعدي من الخلفاء عدّة نقباء موسى اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش » (3) ، وروى عثمان بن أبي شيبة ، وأبو سعيد الاَشج ، وأبو كريب ، ومحمود ابن غيلان ، وعليّ بن محمد ، وإبراهيم بن سعيد جميعاً ، عن أبي أُسامة ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق مثل الاَوّل بعينه (4) ، ورواه أبو أُسامة ، عن أشعث ، عن عامر الشعبي ، عن عمّه قيس بن عبد الله ، عن عبد الله بن مسعود ، ذكر نحوه (5) .

---------------------------
(1) أخبار اصفهان 2 : 176 ، المعجم الكبير للطبراني 22 : 120 | 308 ، مجمع الزوائد 5 : 190 ، فتح الباري 13 : 180 .
(2) كذا في جميع النسخ ، ولعله اشتباه وقع فيه النساخ ، إذ أن هذه الروايات وردت بعينها في كتاب الغيبة للشيخ محمد بن إبراهيم النعماني وليس في كتاب الشيخ المفيد كما هو مثبت أعلاه فتأمل .
(3) الغيبة للنعماني : 116 | 3 ، ورواه الطوسي في الغيبة 133 | 97 ، الخصال : 468 | 10 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 298 | 132 .
(4) الغيبة للنعماني : 116 | 2 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 229 | 132 .
(5) الغيبة للنعماني : 117 | 3 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 229 | 132 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 89 _

  ورواه حمّاد بن زيد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله ، وزاد فيه : قال : كنّا جلوساً عند عبدالله يقرئنا القرآن فقال له رجل : يا أبا عبدالرحمن ، هل سألتم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كم يملك أمر هذه الاُمّة من خليفة بعده ؟ فقال له عبد الله : ما سألني عنها أحدٌ منذ قدمت العراق ، نعم سألنا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقال : « اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل »(1) ، وروى عبد الله بن أبي أُميّة مولى [ بني ] مجاشع ، عن يزيد الرقّاشي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : « لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش ، فإذا مضوا ساخت (2) الاَرض بأهلها » (3) وساق الحديث ، ورواه أبوبكر بن أبي خيثمة ، عن عليّ بن جعد ، عن زهير بن معاوية ، عن زياد بن خيثمة ، عن الاَسود بن سعيد الهمدانيّ قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : « يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش » ، فقالوا له : ثمّ يكون ماذا ؟ قال : « ثمّ يكون الهرج » (4) .

---------------------------
(1) الغيبة للنعماني : 118 | 5 ، ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 : 290 ، والجوهري في مقتضب الاثر : 3 وأحمد في مسنده 1 : 398 و 406 ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده 8 : 444 | 5031 و 9 : 222 | 5322 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 190 .
(2) في نسختي « ق » و « ط » : ماجت .
(3) الغيبة للنعماني : 119 | 6 ، رواه الجوهري في مقتضب الاثر : 4 .
(4) الغيبة للنعماني : 102 | 31 ، رواه الطوسي في الغيبة 127 | 90 ، وابن شهرآشوب في المناقب 1 : 290 ، واحمد في مسنده 5 : 92 ، والطبراني في المعجم الكبير 2 : 253 | 2059 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 90 _

  ورواه سمّاك بن حرب ، وزياد بن علاقة ، وحصين بن عبد الرحمن ، عن جابر بن سمرة عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مثله » (1) ، ورواه سليمان بن أحمر قال : حدّثنا ابن عون ، عن الشعبي ، عن جابر ابن سمرة ؛ عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال : « لا يزال أهل هذا الدين ينصرون على من ناواهم إلى اثني عشر خليفة » فجعل الناس يقومون ويقعدون ، وتكلّم بكلمة لم أفهمها فقلت لاَبي ـ أو لاَخي ـ : أيّ شيء قال ؟ قال : قال : « كلّهم من قريش » (2) ، ورواه فطر بن خليفة ، عن أبي خالد الوالبيّ ، عن جابر بن سمرة ، عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مثله (3) ، ورواه سهل بن حمّاد ، عن يونس بن أبي يعفور قال : حدّثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : كنت عند رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعمّي جالسٌ بين يديه ، فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : « لا يزال أمر أُمّتي صالحاً حتّى يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش » (4) ، إسم أبي جحيفة وهب بن عبد الله .

---------------------------
(1) الغيبة للنعماني 103 | 32 ، و123 | 14 ، ورواه الطوسي في الغيبة : 128 | 91 ، وابن شهرآشوب في المناقب 1 : 290 ، والطبراني في المعجم الكبير 2 : 254 | 2063 .
(2) الغيبة للنعماني 103 | 33 ، ورواه الطوسي في الغيبة 129 | 93 ، وابن بطريق في العمدة : 418 | 865 ، والطبراني باختلاف يسير في المعجم الكبير 2 : 195 ـ 196 | 1791 و 1795 .
(3) الغيبة للنعماني : 106 | 36 و 107 | 38 ، ورواه الطوسي في الغيبة : 132 | 96 .
(4) الغيبة للنعماني : 125 | 21 ، ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 : 291 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 190 .

أعلام الورى بأعلام الهدى _ 91 _

  وروى الليث بن سعد ، عن خالد بن زيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن ربيعة بن سيف قال : كنّا عند شقيق (1) الاَصبحي فقال : سمعت عبد الله ابن عمر يقول : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : « يكون خلفي اثنا عشر خليفة » (2) ، ورواه حمّاد بن سلمة عن أبي الطفيل قال : قال لي عبد الله بن عمر : يا أبا الطفيل أعدد اثني عشر خليفة بعد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ثمّ يكون النقف (3) والنقاف (4) ، وممّا ذكره الشيخ أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي رحمه الله في كتابه في الردّ على الزيديّة قال : أخبرني أبي قال : أخبرني الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن خلف بن حمّاد الاَسدي ، عن الاَعمش ، عن عباية بن ربعيّ ، عن ابن عبّاس قال : سألت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) حين حضرته وفاته فقلت : يا رسول الله إذا كان ما نعوذ بالله منه فإلى من ؟

---------------------------
(1) كذا في نسختنا وهو تصحيف صوابه : شفى بن ماتع الاصبحي ، من التابعين ، أرسل عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة ، وثّقه النسائي وابن حبان والعجلي وابن يونس وغيرهم ، قيل : توفي عام (105هـ) ، اُنظر تهذيب التهذيب 4 : 315 ، الثقات لابن حبان 4 : 371 ، طبقات ابن سعد 7 ، 513 ، واُسد الغابة 2 : 374 | 2443 ، وتهذيب الكمال 12 : 543 | 2764 .
(2) الغيبة للنعماني : 104 | 34 ، ورواه الطوسي في الغيبة : 130 | 94 ، وابن شهرآشوب في المناقب 1 : 291 .
(3) قال ابن الاثير في النهاية (5 : 109) : وفي حديث عبد الله بن عمر : « اعدد اثني عشر ، ثم يكون النقف والنقاف » أي القتل والقتال ، والنقف : هشم الرأس ، أي تهييج الفتن الحروب وبعدهم .
(4) الغيبة للنعماني : 105 | 35 و 127 | 24 ، ورواه الطوسي في الغيبة : 131 | 95 ، ابن شهرآشوب في المناقب 1 : 291 .