أقول : قوله ( عليه السلام ) : ما من أحد من الاولين والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ظاهره ان هذه الشفاعة العامة غير التي ذكرها بقوله : ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار ، وقد مر نظير هذا المعني في رواية العياشي عن عبيد بن زرارة عن الصادق ( عليه السلام ) ، وفي هذا المعنى روايات أخر روتها العامة والخاصة ، ويدل عليه قوله تعالى :
( وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) الزخرف ـ 86 ، حيث يفيد أن الملاك في الشفاعة هو الشهادة ، فالشهداء هم الشفعاء المالكون للشفاعة ، وسيأتي أن شاء الله في قوله تعالى
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) البقرة ـ 143 ، أن الانبياء شهداء وأن محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شهيد عليهم ، فهو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شهيد الشهداء فهو شفيع الشفعاء ولو لا شهادة الشهداء لما قام للقيامة أساس.
وفي تفسير القمي أيضا : في قوله تعالى ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له قال ( عليه السلام ) لا يشفع أحد من أنبياء الله ورسله حتى يأذن الله له إلا رسول الله فإن الله أذن له في الشفاعة قبل يوم القيامة ، والشفاعة له وللائمة من ولده ثم من بعد ذلك للانبياء.
وفي الخصال : عن علي ( عليه السلام ) قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ثلاثة يشفعون إلى الله عزوجل فيشفعون : الانبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء.
اقول : الظاهر أن المراد بالشهداء ، شهداء معركة القتال كما هو المعروف في لسان الائمة في الاخبار لا شهداء الاعمال كما هو مصطلح القرآن.
وفي الخصال في حديث الاربعمائة : وقال ( عليه السلام ) : لنا شفاعة ولاهل مودتنا شفاعة.
أقول : وهناك روايات كثيرة في شفاعة سيدة النساء فاطمة ( عليه السلام ) وشفاعة ذريتها غير الائمة وشفاعة المؤمنين حتى السقط منهم ، ففي الحديث المعروف عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الامم يوم القيامة ولو بالسقط يقوم محبنطئا على باب الجنة فيقال له : أدخل فيقول : لا حتى يدخل أبواي الحديث.
وفي الخصال : عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عن علي ( عليه السلام ) قال : إن للجنة
الميزان في تفسير القران (الجزء الاول)
_ 180 _