ومنهم : اولاد الفحل وان نزلوا فان المرتضعة اما اختهم او عمتهم او خالتهم من الرضاعة .
وكذا اولاد المرضعة ولادةً لا رضاعاً لما تقدم من اعتبار وحدة الفحل في نشر الحرمة بخلاف اولاد الفحل فانه لا فرق بالنسبة اليهم من النسب كانوا ام من الرضاع .
ومنهم : اخوة الفحل نسباً ورضاعاً لانهم صاروا اعماماً لها من الرضاعة .
ومنهم : اعمام الفحل واخوانه وان علوا فانهم صاروا اعماماً واخوالاً لها من الرضاعة .
الركن الثالث : يحرم على اب المرتضع والمرتضعة ان ينكح من بنات الفحل وبنات اولاده ذكوراً واناثاً نسباً ورضاعاً ، وهذا الحكم ثابت بدليل خاص .
ويدل عليه صحيحة علي بن مهزيار قال : سأل عيسى ابن جعفر بن عيسى ابا جعفر الثاني ( عليه السلام ) : ان امرأة ارضعت لي صبياً فهل يحل لي ان اتزوج ابنة زوجها ؟
فقال لي : ما اجود ما سألت من ها هنا يؤتى ان يقول الناس حرمت عليه امراته من قبل لبن فحل هذا هو لبن الفحل لا غيره .
فقلت له : الجارية ليست ابنت المراة التي ارضعت لي هي ابنت غيرها .
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 79 ـ
فقال : لو كن عشراً متفرقات ما حل لك شيء منهن وكن في موضع بناتك
(1) .
ويدل عليه صحيحة ايوب بن نوح : قال : كتب علي بن شعيب الى ابي الحسن ( عليه السلام ) : امراة ارضعت بعض ولدي ، هل يجوز لي ان اتزوج بعض ولدها ؟
فكتب ( عليه السلام ) : لا يجوز ذلك لك لان ولدها صار بمنزلة ولدك
(2) .
وبهذا المضمون صحيحة عبد الله بن جعفر
(3) .
فمقتضى التنزيل في الصحيحين ان اولاد الفحل واولاد المرضعة بمنزلة اولاد اب المرتضع والمرتضعة ، فيحرم عليه بناتها وبنات اولادهما وان نزلوا .
واما بنات الرضاعية او بنات واولاد الرضاعية للمرتضعة فلا يحرم عليه التزويج معهن ، وذلك لما تقدم من ان نشر الحرمة بالرضاع يتوقف على اتحاد الفحل ، وفي صحيح بريد العجلي صرح بان بنت الرضاعية لإمراة لا تحرم على ابنها من الرضاعة اذا كان اللبن لفحلين فاذا لم تحرم البنت على المرتضع فلا تحرم على اب المرتضع بطريق اولى .
|
(1) الوسائل 14 : باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع ح 10 .
(2) الوسائل 14 : باب 16 من ابواب ما يحرم بالرضاع ح 1 .
(3) الوسائل 14 : باب 16 من ابواب ما يحرم بالرضاع ح 2 .
|
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 80 ـ
فقال ( عليه السلام ) : كل امراة ارضعت من لبن فحلها ولد امراة اخرى من جارية او غلام فذلك الذي قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكل امراة ارضعت من لبن فحلين كانا لها واحداً بعد واحد من جارية او غلام فان ذلك رضاع ليس برضاع الذي قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
(1) .
فهذا الصحيح يكون مخصصاً بعموم التنزيل الوارد بالنسبة الى اولاد المرضعة من الرضاعة ، وليس بالنسبة الى اولاد الفحل بخصص في البين فعموم التنزيل باق على حاله ، فكما فان بنات النسبية للفحل مشموله لقوله ( عليه السلام ) : ما حل لك شيء منهن وكن في موضع بناتك كذلك بنات الرضاعية له مشموله له لصيرورتهن جميعاً اخوات لولده ، بلا فرق بين الاخوات النسبية وبين الاخوات الرضاعية ، مع ان بنت الرضاعية للمرضعة في صورة عدم اتحاد الفحل لا تصير اخت ولد للاب المرتضع فمنشأ التنزيل لا يشمل بنت الرضاعية للمرضعة .
الركن الرابع : انه تحرم على الفحل وآبائه المرتضعة وبناتها وبنات اولادها ذكوراً واناثاً ، نسباً ورضاعاً لان الفحل صار اباً للمرتضعة وجداً لبناتها ، وكذلك تحرم على الفحل بنات المرتضع لانه صار اباً له من الرضاعة ،
|
(1) الوسائل 14 : باب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع ح 1 .
|
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 81 ـ
فجميع بنات المرتضعة والمرتضع من طرف الاناث ومن طرف الذكور تحرم عليه بمقتضى قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، وكذا تحرم على الفحل حلائل الابناء من الرضاعة ، كحلائل الابناء من النسب لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، وحلائل الابناء من النسب حرام لقوله تعالى :
( وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ ) سورة النساء : 23 .
ثم ان الرضاعة كما تمنع من النكاح ابتداءاً كذلك توجب البطلان والفساد اذا تحققت لاحقاً وبعد العقد ، فلا فرق في التحريم بالرضاع بين سبق الرضاع على العقد وبين لحوقه له .
ويدل على اطلاق قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
ويدل عليه ايضاً روايات خاصة .
منها : صحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال : لو ان رجلاً تزوج جارية رضيعة فارضعتها امرأته فسد النكاح
(1) .
ومنها : صحيح الحلبي وعبد الله بن سنان عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل تزوج جارية فارضعتها امراته وام ولده قال : تحرم عليه
(2) .
|
(1) الوسائل 14 : باب 10 من ابواب ما يحرم بالرضاع ح 1 .
(2) الوسائل 14 : باب 10 من ابواب ما يحرم بالرضاع ح 2 .
|
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 82 ـ
مسائل في التحريم بالرضاعة :
(1) لا يعتبر في نشر الحرمة بالرضاع بقاء المراة في حبال صاحب اللبن الفحل ، فلو طلقها او مات عنها ثم ارضعت بلبنه طفلاً نشر الحرمة بل لو تزوجت ودخل بها الزوج الثاني ثم وذلك لشمول الادلة وعدم ما يوجب التقييد .
(2) لا تحرم اخوات المرتضع والمرتضعة على الفحل وعلى اصوله وحواشيه : وذلك لعدم ما يقتضي التحريم ، ومجرد لكون الاخوات اخوات لولد الفحل من الرضاعة لا يوجب التحريم ، فان التحريم في الادلة ليس بعنوان اخت الولد وانما تعلق بعنوان البنت الربيبة ، واخوات المرتضع والمرتضعة لسن من البنات والربائب للفحل .
نعم اخت الولد في النسب لا تنفك عن صدق عنوان البنت والربيبة ، ولكن ذلك لا يقتضي الصدق في الولد من الرضاعة ، فاذا لم يحرمن على الفحل فلا يحرمن على اصوله وحواشيه كما هو واضح .
ومع ذلك نسب الى الشيخ الطوسي وابن ادريس التحريم وكانه لتوهم ان جعل اولاد الفحل والمرضعة اولاداً لاب المرتضع كما تقدم في صحيح علي بن مهزيار وصحيح ايوب بن نوح يلازم جعل اولاد اب المرتضع اولاداً لهما ، فتكون اخوات المرتضع والمرتضعة اولاداً للفحل : فتحرم عليه وعلى اصوله وحواشيه النكاح فيهم
(1) .
|
(1) مختلف الشيعة 7 : 20 ط مؤسسة النشر الاسلامي .
|
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 83 ـ
ولكنه توهم فاسد : فان التعدي عن مورد التنزيل يحتاج الى دليل صالح ، وليس في المقام ما يصلح لذلك .
(3) لا تحرم المرضعة وبناتها وسائر اقاربها من النساء على اخوة المرتضع فانه لم يحصل بالرضاع بينهم عنوان من العناوين التي تعلق بها التحريم بالنسب حتى يحكم بالتحريم بمقتضى عموم التنزيل الوارد في قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، ومجرد صيرورة المرضعة ام الاخ من الرضاعة وبناتها اخت الاخ من الرضاعة لا يقتضي التحريم .
فان الام للاخ لا تصير حراماً الا من جهة كونها زوجة للاب حتى تدخل في قوله تعالى :
( وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم ) سورة النساء : 22 .
والمرضعة بالرضاع لا تحصل لها علقة الزوجية مع اب المرتضع ، وكذلك اخت المرتضع ، وكذلك اخت الاخ من النسب لا تحرم عليه اذا كانت للاخ اخت من اب وام غير ابيه وامه ، فلا ينطبق عليه قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 84 ـ
(4) لا يحرم على اصول المرتضع من في حاشية النسب المرضعة من النساء فيجوز لآبائه التزوج باخوات المرضعة وكذا يجوز لاخوة المرضعة التزوج باُمَّات المرتضع ، اذ لا يحدث بالرضاع عنوان بينهم يقتضي التحريم ، فان المرضعة مثلاً بالرضاع لا تصير زوجة لاب المرتضع حتى لا يجوز النكاح باختها من جهة حرمة الجمع بين الاختين .
(5) لا تحرم ام المرتضع وامهاتها وان علون على الفحل فاما الام فهي الام النسبية للمرتضع والفحل اب رضاعي له والاب النسبي لا تحرم عليه الام النسبية بل لا معنى للتحريم بينهما وعليه فلا مجال للتحريم من قبل الرضاع .
اما الامهات للام الرضاعية وهي جدات المرتضع من قبل الام النسبية فحرمتهن على الفحل متوقفة اما على صدق عنوان اُمَّهات الازواج، والمفروض عدم تحقق العلقة الزوجية بين ام المرتضع والفحل بالرضاعة حتى تصير اُمَّهاتها اُمَّهات ازواج بالنسبة الى الفحل ، واما ان تكون الامهات جدات نسبية للفحل والمفروض عدمه وعليه فلا وجه للقول بالتحريم .
(6) لا تحرم اخوة المرتضع واخواته على فروع المرضعة بلا فرق بين النسبية والرضاعية من الطرفين وكذا على فروع الفحل ، وبعبارة اخرى اذا نشرت الحرمة بالرضاع بين طفلين فلا يوجب ذلك نشر الكرمة بين الاخوة والاخوات من الطرفين وهذا الحكم هو المعروف والمشهور بين الفقهاء ( قدهم ) .
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 85 ـ
ولكن نسب الى الشيخ الطوسي ( قده )
(1) وبعض المتأخرين
(2) القول بالتحريم .
واختاره الشيخ الاعظم الانصاري ( قده ) بدعوى : ان الاخوات التي تعلق بهن التحريم في الآية الشريفة في قوله تعالى :
( وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ ) سورة النساء : 23 .
ليس لها معنى عرفاً وشرعاً الا كون شخص ولداً لاحد يكون له ولد ، فاذا حكم الشارع بكون اولاد الفحل واولاد المرضعة اولاد لاب المرتضع فمعناه انهم اخوات واخوة للمرتضع واخوات واخوة لاخوته واخواته .
ففي صحيح صفوان بن يحيى قال : اللبن للفحل صار ابوك اباها وامك امها
(3) .
وفي صحيح ايوب بن نوح قال : لا يجوز لك لان ولدها صار بمنزلة ولدك
(4) .
|
(1) مختلف الشيعة 7 : 20 ط مؤسسة النشر الاسلامي .
(2) كالعلامة والشهيد الاول والآخوند الملا ابو الحسن الشريف والسيد الداماد ( قدهم ) الجواهر 29 : 313 و 321 .
(3) الوسائل 14 : باب 8 من ابواب ما يحرم بالرضاع ح 3 .
(4) الوسائل 14 : باب 16 من ابواب ما يحرم بالرضاع ح 1 .
|
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 86 ـ
فيدل الصحيحان على ان اولاد المرضعة منزلة اولاد اب المرتضع ، وان ابا المرتضع صار اباً للمرتضعة وامه امناً لها ، فاذا ثبت الابوة والامومة بالنسبة الى المرتضعة فجميع اولادها يعني اولاد الفحل والمرضعة يصيرون اخوة للمرتضعة اوالمرتضع فلا يجوز لهم النكاح معهم
(1) .
ولكن الدعوة المذكورة مخدوشة : فان في التنزيلات يدور الحكم مدار مصب التنزيل ولا يتعدى الى غيره ولا تثبت اللوازم له ، ومصب التنزيل في الصحيحين هو الحكم بكون اولاد المرضعة واولاد الفحل بمنزلة اولاد اب المرتضع وهو وان كان يلازم الاخوة بينهم وبين اولاد الفحل جميعاً ولكنه مع ذلك لا يثبت الاخوة بينهم ، فان التنزيل الرضاعي جعل غير الولد ولداً ، ولكنه ما يجعل غير الاخت اختاً وان كان تلازم بين العنوانين كما لا يثبت الزوجية بين ام المرتضع والفحل بمجرد جعل ابنها ابناً للفحل فيحرم عليه التزويج باختها من باب حرمة الجمع بين الاختين .
وكذا لا يثبت التنزيل كون ام المرتضع اختاً لاخوة المرتضعة من جهة ان ولد ام المرتضع ولد اخت لهم وام ولد الاخت اخت فلا يجوز نكاح الاخت ، وقد تقدم ذلك وقلنا ان مجرد التلازم بين العنوانين لا يكفي في الحكم بالتحريم .
|
(1) الرسالة الرضاعية من المكاسب : 9 .
|
الرضاع في الفقه الاسلامي
ـ 87 ـ
الا ان يقال ان في الموارد المتقدمة لم يكن عنوان الملازم كام ولد الاخت وام ولد الرجل مما تعلقت به الحرمة في المحرمات النسبية بخلاف الاخوات فأنها تعلقت بها الحرمة في الآية المباركة :
( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ ) سورة النساء : 23 .
فاذا ثبت بمقتضى التنزيل المتقدم عنوان الاخوة يحكم بالحرمة بالآية المباركة ، فمنه يعلم الفرق بين المقام وبين غيره من العناوين المنتزعة .
وعليه فلا وجه لما اعترض على الشيخ الاعظم الانصاري ( قده ) كما ورد في الرسالة الرضاعية من تقريرات بحث السيد عبد الهادي الشيرازي ( قده ) .