قال عنه العلامة آغا بزرك الطهراني :
( التنبيه في التنزيه ) يعني تنزيه المعصوم عن السهو و النسيان للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب ( الأمل ) ، لم يسمه فيه ما ذكر ه بعنوان الرسالة ، و لكن في كشف الحجب في آخر الكتاب نفسه سماه بـ (التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو و النسيان) أوّله :
( الحمد لله الذي اختار الأنبياء و الأوصياء حفظة للايمان و جعلهم حجة ...)، وقد أورد فيه الأدلّة و البراهين و رد الشبهات و أوّل ظواهر بعض الأخبار و الآيات مرتباً ذلك في اثني عشر فصلاً :
1 ـ عبارات النافين .
2 ـ عبارات المجوزين .
3 ـ الآيات النافية .
4 ـ الروايات النافية .
5 ـ الوجوه العقلية للنفي .
6 ـ مفاسد جواز السهو .
7 ـ شبه المجوزين .
8 ـ تضعيف الشبه .
التنبيه بالمعلوم _ 30 _
9 ـ اضطرابها و بطلانها .
10 ـ تأويلاتها .
11 ـ جوابات ابن بابويه .
12 ـ نظائر أحاديث السهو في الضعف .
رأيته في مكتبة المولى محمد علي الخوانساري في النجف (1) .
أما المحقق البحراني رحمه الله فقد قال في اللؤلؤة خلال ترجمته للمؤلّف :
و له كتب منها الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسية ـ إلى أن قال : ـ و رسالة في تنزيه المعصوم عن السهو و النسيان (2) .
و كتابنا هذا ـ كما هو واضح من اسمه ـ ينزه الأنبياء و الأئمة عليهم السلام عن السهوو النسيان ، فنراه يقول في مقدمته :
( هذه رسالة في بيان السهو عن أهل العصمة ، و ذكر نبذة مما يدل على ذلك من الأدلة العقلية ، و النصوص النقلية ، و كلام جماعة من الأصحاب في هذا الباب ، و رد شبهة من جوز السهو عليهم في العبادة ، و تأويل الأحاديث التي تدل علة ذلك بظاهرها ، وذكر بعض نظائرها و ما يناسب هذا المطلب ...).
أما السبب الذي دفع المصنف على تأليف هذه الرسالة فيذكره و يقول : ( و الذي دعاني الى تأليف هذه الرسالة ، التماس بعض الأفاضل و اشتباه الأمر على بعض آخر ، و كون هذه المسألة من المهمات ، و لم أجد من تعرض لها بكلام شاف ، و استدلال واف ، ألا من قل مع قصور ما وجدته عن البيان كما
ينبغي ، و أرجو أن تزول الشبهة بهذه السالة بالكلية ، و يتضح الحق عند كل من له بصيرة وروية ...).
و من المعروف ان علماء الطائفة أجمعوا على رفع السهو و النسيان باستثناء ابن بابويه و شيخه ابن الوليد ، لذا نرى المصنف رحمه الله يفرد فصلاً خاصاً في الرد عليهم . ملاحضة حول عنوان الكتاب :
هناك مسألة جديرة بالمناقشة ؛ و هي أن الكثير من المؤلفين الذين تحدثوا عن هذا الموضوع و منهم شيخنا الحر العاملي حاولوا التفريق بين السهو و النسيان ، فعطفوا بـ( الواو ) بينهما ـ أي بين السهو و النسيان ـ وكان من الأفضل العطف بـ (أو) ، لعدم وجود فرق جوهري بين اللفظين ، و لعدم طرح المسألة بعنوانين عند الأصحاب كما يظهر للمتأمل .
و بالرغم من ان الشيخ في استدلاله لا يفرق بين مورد السهو و مورد النسيان ، لكنا نجد ان عنوان الرسالة يتكرر في طيّات بحوث الرسالة بكثرة مما يوحي للقارىء بان هناك فرقاً بينهما .
و الذي يؤيد كلامنا هذا ـ أي أفضلية العطف بـ (أو) بدل (الواو) ـ هو إن القاموس عندما عرض لتفسير السهو ، فسره بالنسيان ... و من هنا يقال لمن نسي التشهد ، أن عليه سجدتي السهو .
نعم يمكن إبراز بعض المفارقات الخفية بينهما ، من قبيل أن النسيان يطلق على الخفاء ، فمن خفي في ذهنه مطلب مام ، يقال له ناسي ، و السهو قد يطلق على من مضى في أمر مع كونه قاصداً لغيره ، دون خفاء الأول ، فمن قرأ سورة التنبيه بالمعلوم ، بدل الفاتحة ، هو ساه ، و ليس ناسياً لأحدهما ، نعم هو ناسي
التنبيه بالمعلوم _ 32 _
لما يريد أن يذكره في تلك اللحظة ، بحيث حسب أنّه أراد سورة التنبيه بالمعلوم ، أو إنّه أطلقها دون تأمّل و تفكّر ... و هذا فرق خفي بينهما فتأمّل .
و هناك مسألة أخرى جديرة بالانتباه ، و هي الخلط أحياناً بين الخطأ و السهو و النسيان ، فالخطأ قد يكون لأجل عدم الإطّلاع نهائياً ، فمن أطلق النار على عصفور ، فأصاب شخصاً ، يعتبر مخطىء ، و ليس بساهٍ أو ناسٍ ، إذ قد يكون المصاب ظاهراً ، أو معلوماً له من قبل ... نسخة الكتاب :
وقد اعتمدنا في تحقيقنا لهذا الكتاب على ثلاث نسخ و هي :
1 ـ نسخة ثمينة تعود إلى زمن المؤلف جاء في أخرها أنها بقلم مؤلفها العبد محمد بن الحسن الحر العاملي ، و هي محفوظة في مكتبة آية الله فاضل الخوانساري في مدينة خوانسار ، و تقع ضمن مجموعة تحمل الرقم 189 ، و قد كتبت بتاريخ 1078 هـ ، و قد تكرّم علينا سماحة العلامة السيّد أحمد الحسيني حفظه الله بصورة منها ، و قد رمزنا لها بالرمز (ب) .
2 ـ نسخة مصححة كتبت في سنة 1254 هـ بقلم محمد جديد الاسم ابن السيد الحسين الخراساني ، و قد ذكر بانه استنسخها على نسخة بقلم المؤلف كتبت في آخر شهر رمضان بتاريخ 1078 هـ ، و تقع ضمن مجموعة رسائل تحمل الرقم 726 وهي موجودة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي قدس سره ، وقد كتب بهامشها رسالة في التصوف باللغة الفارسية ، و كذلك ذكر بهامشها التعليقات بقلم بهاءالحسيني ، و لم نعرف من هو .
و قد رمزمنا له بالرمز (ج) .
التنبيه بالمعلوم _ 33 _
3 ـ نسخة مصححة أخرى حصلنا عليها من مكتبة آية الله فاضل الخوانساري ، و هي تقع ضمن مجموعة تحوي عدّة رسائل للمصنّف رحمه الله و هي تحمل الرقم 240 ، و لا يوجد تاريه معين يشير إلى زمن كتابة هذه النسخة لأن صفحتها الأخيرة تنتهي بالعبارة :
( تمت الرسالة الموسومة بالتنبيه بالبرهان في تنزيه المعصوم عن السهو و النسيان بيد العبد إبراهيم بن محمد علي العاملي ...) .
والظاهر أن صفحتها الأخيرة الحاوية على تاريخ نسخها قد فقدت ، و لكن الرسائل الباقية الموجودة ضمن هذه المجموعة قد حويت على تواريخ متفاوتة و لكنها متقاربة ، و لهذا فان تاريخ كتابة هذه النسخة قد يكون بحدود سنة 1125 هـ ، وقد رمزنا بالحرف (د) .
و كذلك اعتمدنا على نسخة مطبوعة قام بطباعتها و نشرها السيّد مهدي اللاجوردي الحسيني ، معتمداً على نسخة خطية حصل عليها اثناء زيارته للنجف الأشرف ، و لم يشر إلى مكان النسخة و تاريخ نسخها .
كان أول عملي هو اعتماد النسخة (ب) الأصل المعتمد لتحقيق هذا الكتاب ، لأنها أقدم النسخ الموجودة ، و مقابلة هذه النسخة مع النسختين الأخرتين (ج) و (د) ، و الاشارة إلى موارد الاختلاف فيما بينها ، و كذلك قمنا بمراجعة النشخة المطبوعة التي حصلنا عليها(1) ، ثم بعد انتهاء هذه المرحلة قمنا بارجاع الأحاديث إلى مصادرها الأصلية ، حيث طابقت الأحاديث و الأقوال مع مصادرها ، و بعد ذلك ضبطّت النص ضبطاً متقناً ـ على قدر الوسع و الإمكان ـ و كما يلي :
1 ـ طابقت الآيات القرآنيّة الشريفة مع القرآن الكريم و أثبتّها كما هي في القرآن .
2 ـ ما أضفته من المصادر أو ذكر في إحدى النسخ و لم يذكر في الأخرى جعلته بين [ ] و أشرت لذلك في محلّه .
3 ـ اقتصرت في الإشارة لموارد الاختلافات ـ بين النسخ و المصادر ـ
---------------------------
(1) وهي كما ذكرنا قام بطباعتها و نشرها السيّد مهدي اللاجوردي الحسيني ، حيث ذكر في مقدمة الكتاب بأنه حصل على نسخة فوتوغرافية اثناء زيارته للنجف الأشرف .
و للأسف فبالرغم من انّ ناشر هذه النسخة قد ذكر بأنه قام بتصحيح النسخة، إلّا انّا وجدناها مليئة بالاخطاء المطبعية و غيرها و كذلك في تخريجاتها ، بل حتى الآيات القرآنية الشريفة لم تخلو من العديد من الأ خطاء ، لذا كان اعتمادنا عليها قليلاً ، و من أجل المراجعة فقط
.
التنبيه بالمعلوم _ 35 _
المهمّة منها فقط .
4 ـ قمت باتّحاد الأحايث الواردة في الكتاب مع المصادر الحديثيّة المعتبرة .
5 ـ أنشأتُ عدّة فهارس فنّية كي تعين الباحث على بلوغ مرامه ، و ألحقتها في أخر الكتاب .
و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
الحمد لله الّذي اختار الأنبياء و الأوصياء حفظة للإيمان ، و جعلهم حجة على الإنسان و الجان ، و اصطفاهم على العالمين في كل وقت و آن ، و أذهب عنهم الرّجس و طهّرم تطهيراً بنصّ القرآن ، و نزّههم عن السهو و الشكّ و النسيان ، صلّى الله و سلّم عليهم [ جميعاً ](1) في جميع الأزمان .
أما بعد ،
فيقول [ العبد ](2) الفقير إلى الله الغني ، محمّد بن الحسن الحرّ العاملي عامله الله بلطفه الخفي : هذه رسالة في نفي السهو عن أهل العصمة عليهم السلام ، و ذكر نبذة ممّا يدلّ على ذلك من الأدلّة العقليّة ، و النصوص النقليّة ، و كلام جماعة من الأصحاب في هذا الباب ، و ردّ شبهة من جوز السهو عليهم في العبادة ، و تأويل الأحاديث الّتي تدلّ على ذلك بظاهرها ، و ذكر بعض نظائرها و ما يناسب هذا المطلب .
و الّذي دعاني إلى تأليف هذه الرسالة ، التماس بعض الأفاضل و اشتباه الأمر على بعض آخر ، و كون هذه المسألة من المهمّات ، و لم أجد
---------------------------
(1) ليس في ج .
(2) من ج فقط .
التنبيه بالمعلوم _ 44 _
من تعرّض لها بكلام شاف ، و استدلالٍ واف ، إلّا من قلّ مع قصور ما وجدته عن البيان كما ينبغي ، و أرجو أن تزول الشبهة بهذه الرسالة بالكلّيّة ، و يتّضح الحقّ عند كلّ من له بصيرة و روية ، و هي مرتّبة على اثني عشر فصلاً ، تبرّكاً بالعدد الشريف .
الأول : في ذكر جملة من عبارات علمائنا المصرّحين بنفي السهو عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام في العبادات و غيرها .
الثاني : في ذكر عبارة من جوّز السهو على النبيّ صلّى الله عليه و آله و الإمام عليه السلام في العبـادة دون التبليغ ، و هو ابن بابويه رحمه الله .
الثالث : فيما يدلّ على نفي السهو عن النبيّ صلّى الله عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام مطلقاً من الآيات القرآنيّة (1) .
الرابع : فيما يدلّ على ذلك من الأحاديث المعتمدة .
الخامس : فيما يدلّ على ذلك من الوجوه العقليّة .
السادس : في بيان بعض المفاسد المترتّبة (2) على تجويز السهو على المعصوم .
السابع : في ذكر شبهة من جوّز السهو عليه .
الثامن : في ذكر ضعفها .
التاسع : في بيان اضطرابها و بطلانها .
---------------------------
(1) في ب : العرابية .
(2) في ب : المرتّبة .
التنبيه بالمعلوم _ 45 _
العاشر : في بيان تأويل أحاديث السهو .
الحادي عشر : في الجواب عن استدلال ابن بابويه بالتفصيل .
الثاني عشر : في ذكر بعض النظائر [ و الأشباه ](1) لأحاديث السهو التي لا يجوز حملها على ظاهرها .