(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ)(1) ، ناجيتم ساررتم قال ابن عباس نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى شقوا عليه فأراد الله عزوجل أن يخفف عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما قال ذلك كفّ كثير من الناس ثم وسّع الله عليهم بالآية التي بعدها وقال الحسن نزلت بسبب أن قوما من المسلمين كانوا يستخلون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويناجونه فظن بهم قوم من المسلمين أنهم ينتقصونهم في النجوى فشق عليهم ذلك فأمرهم الله تعالى بالصدقة عند النجوى ليقطعهم عن استخلائه وقال زيد بن أرقم نزلت بسبب أن المنافقين واليهود كانوا يناجون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )ويقولون إنّه أذن يسمع كل ما قيل له وكان لا يمنع أحد مناجاته قال فأنزل الله تبارك وتعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ )(2)، الآية فلم ينتهوا فأنزل الله هذه الآية فانتهى أهل الباطل عن النجوى لأنهم لم يقدموا بين يدي نجواهم صدقة وشق ذلك على أهل الإيمان وامتنعوا من النجوى لضعف مقدرة كثير منهم عن الصدقة فخفف الله عنهم بما بعد الآية الثانية
(3).
---------------------------
(1) المجادلة : 12.
(2) المجادلة : 9.
(3) تفسير القرطبي : 1/1 .
بحث في الصحبة والصحابة
_ 86 _
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله
(إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ) الآية قال إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما قال ذلك امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا
(أَأَشْفَقْتُمْ) الآية فوسّع الله عليهم ولم يضيّق وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال لما نزلت
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً )الآية قال لي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ماترى ديناراً قلت لا يطيقونه قال فنصف دينار قلت لا يطيقونه قال فكم قلت شعيرة قال إنك لزهيد قال فنزلت
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات)(1) قال فبي خفف الله عن هذه الأمة
(2) وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي قال ما عمل بها أحد غيري حتّى نسخت وما كانت إلاّ ساعة يعني آية النجوى وأخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن علي قال إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم
---------------------------
(1) المجادلة : 13.
(2) الدر المنثور : 8/84.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 87 _
فكنت كلما ناجيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قدمت بين يدي درهماً ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات) الآية
(1)وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال نهوا عن مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى يقدموا صدقة فلم يناجه إلاّ علي بن أبي طالب فإنّه قد قدم دينارا فتصدق به ثم ناجى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله عن عشر خصال ثم نزلت الرخصة وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال كان من ناجى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تصدق بدينار وكان أول من صنع ذلك علي بن أبي طالب ثم نزلت الرخصة فإذ لم تفعلوا
(فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال إن الأغنياء كانوا يأتون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتّى كره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طول جلوسهم ومناجاتهم فأمر الله بالصدقة عند المناجاة فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئاً وكان ذلك عشر ليال وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلاّ طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى ويزعمون أنّه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله
(أَأَشْفَقْتُمْ) الآية ،
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند فيه ضعف عن سعد بن أبي وقاص قال نزلت
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) فقدمت شعيرة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)إنك لزهيد فنزلت الآية الأُخرى
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات) وأخرج أبو داود
---------------------------
(1) الدر المنثور : 1/9 لأية 12 13.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 88 _
في ناسخه وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في المجادلة
(إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً)
قال نسختها الآية التي بعدها
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات).(1)
وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ) الآية قال أول من عمل بها علي (رضي الله عنه )ثم نسخت والله أعلم.
وقوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ) .
روي عن ابن عباس وقتادة في سببها أن قوما من شباب المؤمنين كثرت مناجاتهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم )في غير حاجة وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) سمحا لا يردُّ أحداً فنزلت هذه الآية مشدّدة عليهم وقال مقاتل نزلت في الأغنياء لأنهم غلبوا الفقراء على مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومجالسته قال جماعة من
(2) الرواة نسخت هذه الآية قبل العمل بها لكن استقر حكمها بالعزم عليه وصح عن علي أنّه قال ما عمل بها أحد غيري وأنا كنت سبب الرخصة والتخفيف عن المسلمين قال ثم فهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن هذه العبادة قد شقت على الناس فقال لي يا علي كم ترى أن يكون جد هذه الصدقة أتراه ديناراً قلت لا قال فنصف دينار قلت لا قال فكم قلت حبة من شعير قال إنك لزهيد فأنزل الله الرخصة يريد
---------------------------
(1) الدر المنثور : 8/84.
(2) تفسير الثعالبي: 4/279 ـ 280.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 89 _
للواجدين وأما من لم يجد فالرخصة له ثابتة بقوله فإن قال الفخر قوله (عليه السلام )
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) قال الفخر قوله (عليه السلام )لعلي إنك لزهيد معناه إنك قليل المال فقدرت على حسب حالك انتهى.
وقوله سبحانه
(أَأَشْفَقْتُمْ) الآية الإشفاق هنا الفزع من العجز عن الشيء المتصدق به أو من ذهاب المال في الصدقة وقوله : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)الآية المعنى دوموا على هذه الأعمال التي هي قواعد شرعكم ومن قال إن هذه الصدقة منسوخة بآية الزكاة فقوله ضعيف
(1) .
الآيات 12 + 13 يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أي يساره فيما بينه وبينه أن يقدم بين يدي ذلك صدقة تطهره وتزكيه وتؤهله لأن يصلح لهذا المقام ولهذا قال تعالى
(ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ) ثم قال تعالى :
( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا ) أي إلاّ من عجز عن ذلك لفقره ( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فما أمر بها إلاّ من قدر عليها ثم قال تعالى
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات) أي أخفتم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول
(فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَوةَ وَ آتُوا الزَّكَاةَ وَ أَطِيعُوا اللهَ وَ رَسُولَهُ وَ اللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فنسخ وجوب ذلك عنهم وقد قيل أنه لم يعمل بهذه الآية قبل نسخها سوى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال ابن أبي نجيح عن مجاهد قال نهوا عن مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى يتصدقوا فلم يناجه إلاّ علي بن
---------------------------
(1) تفسير الثعالبي: 279 ـ 280.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 90 _
أبي طالب قدم ديناراً صدقة تصدق به ثم ناجى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله عن عشر خصال ثم أنزلت الرخصة وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال علي (عليه السلام ) آية في كتاب الله عزوجل لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )تصدقت بدرهم فنسخت ولم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ثم تلا هذه الآية
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) الآية وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا مهران عن سفيان عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة الأنماري عن علي (رضي الله عنه) قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )ماترى دينار قال لا يطيقون قال نصف دينار قال لا يطيقون قال ماترى قال شعيرة فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنك لزهيد قال فنزلت
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات) قال علي فبي خفف الله عن هذه الأمة ورواه الترمذي 3297 عن سفيان بن وكيع عن يحيى بن آدم عن عبيد الله الأشجعي عن سفيان الثوري عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة الأنماري عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال لما نزلت
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) إلى آخرها قال لي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)ماترى دينار قالت لا يطيقونه وذكره بتمامه مثله ثم قال هذا حديث حسن غريب إنّما نعرفه من هذا الوجه ثم قال ومعنى قوله شعيرة يعني وزن شعيرة من ذهب ورواه أبو يعلى 600 عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن آدم به وقال
العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ
بحث في الصحبة والصحابة
_ 91 _
الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) إلى
( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )كان المسلمون يقدمون بين يدي النجوى صدقة فلما نزلت الزكاة نسخ هذا وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله
(فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) وذلك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن نبيه (عليه السلام )فلما قال ذلك جبن كثير من المسلمين وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكَاةَ )فوسع الله عليهم ولم يضيق وقال عكرمة والحسن البصري في قوله تعالى
(فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) نسختها الآية التي بعدها
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات) إلى آخرها وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ومقاتل بن حيان سأل الناس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى أحفوه بالمسألة ففطمهم الله بهذه الآية فكان الرجل منهم إذا كانت له الحاجة إلى نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم )فلا يستطيع أن يقضيها حتّى يقدم بين يديه صدقة فاشتد ذلك عليهم فأنزل الله الرخصة بعد ذلك
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
وقال معمر عن قتادة إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة إنها منسوخة ما كانت إلاّ ساعة من نهار وهكذا روى عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن مجاهد قال علي ما عمل بها أحد غيري حتّى نسخت وأحسبه قال وما كانت إلاّ ساعة
(1).
---------------------------
(1) تفسير ابن كثير : 4/327 ـ 328.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 92 _
قوله عزوجل
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ ـ أمام مناجاتكم ـ
صَدَقَةً) قال ابن عباس وذلك أن الناس سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )وأكثروا حتّى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف على نبيه ويثبطهم ويردعهم عن ذلك فأمرهم أن يقدموا صدقة على المناجاة مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال مقاتل بن حيان نزلت في الأغنياء وذلك أنهم كانوا يأتون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتّى كره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )طول جلوسهم ومناجاتهم فلما رأوا ذلك انتهوا عن مناجاته فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئاً وأما أهل الميسرة فضنوا واشتد ذلك على أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )فنزلت الرخصة قال مجاهد نهوا عن المناجاة حتّى يتصدقوا فلم يناجه إلاّ علي (عليه السلام )تصدق بدينار وناجاه ثم نزلت الرخصة فكان علي (رضي الله عنه )يقول آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وهي آية المناجاة وروي عن علي (رضي الله عنه) قال لما نزلت هذه الآية دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال أماترى ديناراً قلت لا يطيقونه قال فكم قلت حبة أو شعيرة قال إنك لزهيد فنزلت
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات) قال علي (عليه السلام) فبي قد خفف الله عن هذه الأُمة
(ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) يعني تقديم الصدقة على المناجاة
(وَ أَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يعني الفقراء الذين لا يجدون ما يتصدقون به معفو عنهم (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا)قال ابن عباس أبخلتم والمعنى أخفتم العيلة والفاقة إن قدمتم بين يدي نجواكم صدقات
(فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ما أمرتم به
(وَ تَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ)
بحث في الصحبة والصحابة
_ 93 _
تجاوز عنكم ولم يعاقبكم بترك الصدقة وقيل الواو صلة مجازة فإن لم تفعلوا تاب الله عليكم تجاوز عنكم وخفف عنكم ونسخ الصدقة قال مقاتل بن حيان كان ذلك عشر ليال ثم نسخ وقال الكلبي ما كانت إلاّ ساعة من نهار
(فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) المفروضة
(وَآتُوا الزَّكَاةَ) الواجبة
(وَ أَطِيعُوا اللهَ وَ رَسُولَهُ وَ اللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
(1)
1953 حدثنا طلق بن غنام حدثنا زائدة عن حصين عن سالم قال حدثني جابر (رضي الله عنه) قال ثم بينما نحن نصلي مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )إذ أقبلت من الشام عير تحمل طعاما فالتفتوا إليها حتّى ما بقي مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ اثنا عشر رجلا فنزلت
(وَ إِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا) (2).
وقال قتادة كان القوم يتجرون ولكنهم كانوا إذا نابهم حق من حقوق الله لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله حتّى يؤدوه إلى الله
(3).
1958 حدثني محمد قال حدثني محمد بن فضيل عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر (رضي الله عنه) قال ثم أقبلت عير ونحن نصلي مع
---------------------------
(1) تفسير البغوي : 1/37.
(2) صحيح البخاري : 2/728.
(3) باب (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا ) الجمعة : 11 ، صحيح البخاري : 2/726 ، باب قوله تعالى (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا) .
بحث في الصحبة والصحابة
_ 94 _
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الجمعة فانفض الناس إلاّ اثنا عشر رجلا فنزلت هذه الآية
(وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً ) (1).
(2)
863 حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن جرير قال عثمان حدثنا جرير عن حصين بن عبدالرحمن عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبدالله ثم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتّى لم يبق إلاّ اثنا عشر رجلاً فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة
(وَ إِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا).
(3)
863 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين ثم بهذا الإسناد قال ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب ولم يقل قائما.
863 وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي حدثنا خالد يعني الطحان عن حصين عن سالم وأبي سفيان عن جابر بن عبدالله قال ثم كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )يوم الجمعة فقدمت سويقة قال فخرج الناس إليها فلم يبق إلاّ اثنا عشر رجلا أنا فيهم فأنزل الله
(وَ إِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) إلى آخر الآية
(4).
---------------------------
(1) صحيح مسلم : 2/590 ، باب في قوله تعالى (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا ).
(2) صحيح البخاري : 2/728 ، ح 1958 ، باب (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا).
(3) صحيح مسلم : 2/590.
(4) نفس المصدر.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 95 _
3311 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن أبي سفيان عن جابر قال ثم بينما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب يوم الجمعة قائما إذ قدمت عير المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى لم يبق منهم إلاّ اثنا عشر رجلا فيهم أبو بكر وعمر ونزلت الآية صحيح
(وَ إِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) قال هذا حديث حسن حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشام أخبرنا حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )بنحوه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
(1)
5415 أما حديث زائدة فأخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ أنبأ أبو بكر أحمد بن إسحاق أنبأ إسحاق بن الحسن بن ميمون ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن حصين عن سالم بن أبي الجعد حدثنا جابر بن عبدالله قال ثم بينما نحن نصلي الجمعة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )إذ أقبلت عير تحمل طعاماً قال فالتفتوا فانصرفوا حتّى ما بقي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ اثني عشر رجلا فنزلت
(وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) رواه البخاري في الصحيح عن معاوية بن عمرو.
(2)
روى أبو داود عن ابن أبي ليلى قال وحدثنا أصحابنا قال وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل حتّى يصبح قال فجاء عمر فأراد امرأته فقالت إني قد نمت فظن أنها تعتل فأتاها.
(3)
---------------------------
(1) سنن الترمذي : 5/4140 .
(2) سنن البهيقي الكبرى : 3/182 .
(3) تفسير القرآن للقرطبي : 2/314.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 96 _
وفي البخاري أيضاً عن البراء قال لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله تعالى
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَ عَفَا عَنْكُمْ )(1)
ويقال المطلوب واختان بمعنى من الخيانة أي تخونون أنفسكم بالمباشرة في ليالي الصوم ومن عصى الله فقد المطلوب نفسه إذ جلب إليها العقاب وقال القتني أصل الخيانة أن يؤتمن الرجل على شيء فلا يؤدي الأمانة فيه وذكر الطبري أن عمر (رضي الله عنه) رجع من ثم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )وقد سمر عنده ليلة فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت له قد نمت فقال لها ما نمت فوقع بها وصنع كعب بن مالك مثله فغدا عمر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال أعتذر إلى الله وإليك فإن نفسي زينت لي فواقعت أهلي فهل تجد لي من رخصة فقال لي لم تكن حقيقا بذلك يا عمر فلما بلغ بيته أرسل إليه فأنباه بعذره في آية من القرآن وذكره النحاس ومكي وأن عمر نام ثم وقع بامرأته وأنه أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بذلك فنزلت
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَ عَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ)(2).
187
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ) الآية كان في ابتداء الإسلام لا تحل المجامعة في ليالي الصوم ولا الأكل ولا الشرب بعد العشاء الآخرة فأحل الله تعالى ذلك كله إلى طلوع الفجر وقوله
(الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) يعني الافضاء
---------------------------
(1) البقرة: 187 .
(2) تفسير القرطبي : 2/315.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 97 _
إليهن بالجماع
(هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ) أي فراش
(وَ أَنْتُمْ لِبَاسٌ) لحاف لهن عند الجماع
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ) تخونون أنفسكم بالجماع ليالي رمضان وذلك أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وغيره فعلوا ذلك ثم أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )يسألوه فنزلت الرخصة
(فَتَابَ عَلَيْكُمْ) فعاد عليكم بالترخيص وعفا عنكم ما فعلتم قبل الرخصة
(فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ) جامعوهن
(وَ ابْتَغُوا) واطلبوا
(مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ما قضى الله سبحانه لكم من الولد
(وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا) الليل كله
(حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ ) يعني بياض الصبح من الخيط الأسود من سواد الليل من الفجر بيان أن هذا الخيط الأبيض من الفجر لا من غيره
(1).
قال وكان عمر قد أصاب النساء بعد ما نام فأتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكر ذلك له فأنزل الله
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ) (2)(3).
كما حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال حدثنا ابن أبي ليلى أن الرجل كان إذا أفطر فنام لم يأتها وإذا نام لم يطعم حتّى جاء عمر بن الخطاب يريد امرأته فقالت امرأته قد كنت نمت فظن أنها تعتل فوقع بها.
(4)
في قول الله تعالى ذكره
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ)
---------------------------
(1) تفسير الواحدي : 1/1.
(2) البقرة: 187 .
(3) الدر المنثور : 1/9.
(4) تفسير الطبري : 2/163.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 98 _
وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلو العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة ثم إن أناسا من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك إلى رسول الله فأنزل الله
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَ عَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ) يعني انكحوهن وكلوا واشربوا حتّى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
(1).
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) روى أن المسلمين كانوا إذا أمسوا حل لهم الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلوا العشاء الأخيرة أو يرقدوا ثم إن عمر (رضي الله عنه) باشر بعد العشاء فندم وأتى النبي واعتذر إليه فقام رجال فاعترفوا بما صنعوا بعد العشاء فنزلت وليلة الصيام الليلة التي يصبح منها صائما والرفث كناية عن الجماع لأنه لا يكاد يخلو من رفث وهو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه وعدى بإلى لتضمنه معنى الإفضاء والإنهاء وإيثاره ههنا لاستقباح ما أرتكبوه ولذلك سمى خيانة
(2).
ثم إن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه )واقع أهله بعدما صلى العشاء فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه فأتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة إني رجعت إلى أهلي بعد ما صليت العشاء فوجدت رائحة طيبة فسولت لي نفسي فجامعت أهلي فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما
---------------------------
(1) تفسير الطبري : 2/165.
(2) تفسير أبي سعود : 1/1.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 99 _
كنت جديراً بذلك يا عمر فقام رجال واعترفوا بمثله فنزل في عمر واصحابه
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ) أي أبيح لكم
(الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ) أي سكن لكم
(وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) (1).
فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله إني أردت أهلي الليلة فقالت إنها قد نامت فظننتها تعتل فواقعتها فأخبرتني أنها قد نامت فأنزل الله تعالى في عمر بن الخطاب
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) (2).
187
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ) بمعنى الافضاء
(إِلَى نِسَائِكُمْ )بالجماع نزل نسخا لما كان في صدر الإسلام على تحريمه وتحريم الأكل والشرب بعد العشاء
(هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) كناية عن تعانقهما أو احتياج كل منهما إلى صاحبه
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ) تخونون
(أَنْفُسَكُمْ) بالجماع ليلة الصيام وقع ذلك لعمر وغيره واعتذروا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
( فَتَابَ عَلَيْكُمْ) قبل توبتكم
(وَ عَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ ) إذا أحل لكم
(بَاشِرُوهُنَّ) جامعوهن وابتغوا اطلبوا ما كتب الله لكم أي اباحة من الجماع أو قدره من الولد
(3).
ثم إن عمر (رضي الله عنه) واقع أهله بعد صلاة العشاء الآخرة فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه فأتى النبي (عليه السلام) واخبره بما فعل فقال (عليه السلام) ما كنت جديراً
---------------------------
(1) تفسير البغوي : 1/157.
(2) زاد المسير : 1/191.
(3) تفسير الجلالين : 1/2.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 100 _
بذلك فنزل
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ) (1).
فرجع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عنه من عند النبي ذات ليلة وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فايقظها وأرادها فقالت إني قد نمت فقال ما نمت ثم وقع بها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )فأخبره فنزلت وفي رواية ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بينما هو نائم إذ سولت له نفسه فاتى أهله ثم أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله اني اعتذر إلى الله تعالى وإليك من نفسي هذه الخاطئة فإنها زينت لي فواقعت أهلي هل تجد لي من رخصة قال لم تكن حقيقا بذلك يا عمر
(2).
1210 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيدالله قال حدثني نافع عن بن عمر رضي الله عنهما ثم أن عبدالله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )قميصه فقال آذني أصلي عليه فآذنه فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر (رضي الله عنه) فقال أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين قال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم
---------------------------
(1) تفسير النسفي : 1/1.
(2) روح المعاني : 1/1.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 101 _
سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فصلى عليه فنزلت ولا تصل على أحد منهم مات أبدا
(1).
1300 حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث عن عقيل عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبدالله عن بن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أنه قال ثم لما مات عبدالله بن أبي بن سلول دعي له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ليصلي عليه فلما قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على بن أبي وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ثم انصرف فلم يمكث إلاّ يسيرا حتّى نزلت الآيتان من براءة
(وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا ) إلى
(وَ هُمْ فَاسِقُونَ) قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يومئذ والله ورسوله أعلم
(2).
4393 حدثنا عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما قال ثم لما توفي عبدالله جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ليصلي فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )فقال يا رسول الله تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه
---------------------------
(1) صحيح البخاري : 1/427 ، باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص.
(2) صحيح البخاري : 1/459.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 102 _
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )إنّما خيرني الله فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيد على السبعين قال إنّه منافق قال فصلى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل الله ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره .
4394 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل وقال غيره حدثني عقيل عن بن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبدالله عن بن عباس عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنّه قال ثم لما مات عبدالله بن أبي بن سلول دعي له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليصلي عليه فلما قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على بن أبي وقد قال يوما كذا وكذا وكذا قال أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ثم انصرف فلم يمكث إلاّ يسيراً حتّى نزلت الآيتان من براءة
( وَ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) إلى قوله
(وَ هُمْ فَاسِقُونَ) قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ورسوله أعلم
(1).
4395 حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا أنس بن عياض عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما أنّه قال ثم لما توفي عبدالله بن أبي جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعطاه قميصه وأمره أن يكفنه فيه ثم قام يصلي عليه فأخذ عمر بن الخطاب بثوبه فقال تصلي عليه
---------------------------
(1) صحيح البخاري : 1/427 ، باب (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ).
بحث في الصحبة والصحابة
_ 103 _
وهو منافق وقد نهاك الله أن تستغفر لهم قال إنّما خيرني الله أو أخبرني فقال
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)(1) فقال سأزيده على سبعين قال فصلى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )وصلينا معه ثم أنزل
( وَ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَ لاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَاتُوا وَ هُمْ فَاسِقُونَ)(2)(3).
2400 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال ثم لما توفي عبدالله بن أبي بن سلول جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )فسأله أن يعطيه قميصه أن يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ليصلي عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )فقال يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما خيرني الله فقال
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) وسأزيد على سبعين قال إنّه منافق فصلى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنزل الله عزوجل
( وَ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ)(4).
3097 حدثنا عبد بن حميد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة عن بن
---------------------------
(1) التوبة : 80.
(2) التوبة : 84.
(3) صحيح البخاري : 4/1716 ، باب ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره.
(4) صحيح البخاري : 4/1865.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 104 _
عباس قال سمعت عمر بن الخطاب يقول ثم لما توفي عبدالله بن أبي دعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للصلاة عليه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتّى قمت في صدره فقلت يا رسول الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذاكذا وكذا يعد أيامه قال ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )يتبسم حتّى إذا أكثرت عليه قال أخر عني يا عمر إني خيرت فاخترت قد قيل لي
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ )لوأعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت قال ثم صلى عليه ومشى معه فقام على قبره حتّى فرغ منه قال فعجبت لي وجرأتي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)والله ورسوله أعلم فوالله ما كان إلاّ يسيرا حتّى نزلت هاتان الآيتان
( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) إلى آخر الآية قال فما صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعده على منافق ولا قام على قبره
(1).
95 حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن بن إسحاق حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال سمعت عمر بن الخطاب (رضي الله عنه )يقول ثم لما توفي عبدالله بن أبي دعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )للصلاة عليه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتّى قمت في صدره فقلت يا رسول الله أعلى عدو الله عبدالله بن أبي القائل يوم كذا وكذا يعدد أيامه قال ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )يتبسم حتّى إذا أكثرت عليه قال أخر عني يا عمر إني خيرت فاخترت وقد قيل
---------------------------
(1) سنن الترمذي : 5/279.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 105 _
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) لو أعلم أني زدت على السبعين غفر له لزدت قال ثم صلى عليه ومشى معه فقام على قبره حتّى فرغ منه قال فعجبت لي وجراءتي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ورسوله أعلم قال فوالله ما كان إلاّ يسيرا حتّى نزلت هاتان الآيتان
(وَ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَ لاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَاتُوا وَ هُمْ فَاسِقُونَ) فما صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بعده على منافق ولا قام على قبره حتّى قبضه الله عزوجل
(1).
4680 حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يحيى عن عبيدالله حدثني نافع عن بن عمر قال لما مات عبدالله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ثم يا رسول اعطني قميصك حتّى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه وقال آذني به فلما ذهب ليصلي عليه قال يعني عمر قد نهاك الله ان تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) فصلى عليه فأنزل الله تعالى
(وَ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) قال فترك الصلاة عليهم
(2).
2207 حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا يحيى قال حدثنا عبيد الله قال حدثني نافع عن عبدالله بن عمر قال ثم لما مات عبدالله بن أبي جاء ابنه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )فقال أعطني قميصك حتّى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه ثم قال إذا فرغتم فاذنوني أصلي عليه فجذبه عمر وقال قد
---------------------------
(1) مسند أحمد : 1/16.
(2) مسند أحمد : 2/18.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 106 _
نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين قال
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) فصلى عليه فأنزل الله
(وَ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَ لاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) فترك الصلاة عليهم
(1).
2093 أنبأ محمد بن عبدالله بن المبارك قال حدثنا حجين بن المثنى قال حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبدالله عن عبدالله بن عباس عن عمر بن الخطاب قال ثم لما مات عبدالله بن أبي بن سلول دعي له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ليصلي عليه فلما قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )وثبت إليه ثم قلت يا رسول الله أتصلي على بن أبي وقد قال يوم كذا وكذا أعدد عليه فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )وقال أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال إني خيرت فاخترت لو علمت إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها فصلى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ثم انصرف فما مكث إلاّ يسيراً حتّى نزلت الآيتان من براءة
(وَ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَ لاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَاتُوا وَ هُمْ فَاسِقُونَ) فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يومئذ والله ورسوله أعلم
(2).
1523 حدثنا أبو بشر بكر بن خلف حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال لما توفي عبدالله بن أبي جاء ابنه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )فقال ثم يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
---------------------------
(1) السنن الكبرى : 1/621.
(2) السنن الكبرى : 1/638.
5 ـ التشكيك بنبوة الرسول
_ 107 _
آذنوني به فلما أراد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يصلي عليه قال له عمر بن الخطاب ما ذاك لك فصلى عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا بين خيرتين استغفر لهم أو لا تستغفر لهم فأنزل الله سبحانه
(وَ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَ لاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ)(1).
وورد أيضاً في صحيح البخاري: قال فقال عمر بن الخطاب فأتيت نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم )فقلت ألست نبي الله حقا قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى قلت فلم نعطي الدنية في ديننا إذا قال إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري قلت أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به قال بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام قال قلت لا قال فإنك آتيه ومطوف به قال فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى قلت فلم نعطي الدنية في ديننا إذا قال أيها الرجل إنّه لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنّه على الحق قلت أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به قال بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام قلت لا قال فإنك آتيه ومطوف به قال الزهري قال عمر فعملت لذلك أعمالا قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا قال فوالله ما قام منهم رجل حتّى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة يا نبي الله أتحب ذلك اخرج
---------------------------
(1) السنن أبن ماجه : 1/487 ، باب في الصلاة على أهل القبلة.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 108 _
لا تكلم أحدا منهم كلمة حتّى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم
يكلم أحدا منهم حتّى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتّى كاد بعضهم يقتل بعضا غما
(1).
4563 حدثنا أحمد بن إسحاق السلمي حدثنا يعلى حدثنا عبدالعزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال ثم أتيت أبا وائل أسأله فقال كنا بصفين فقال رجل ألم ترى إلى الذين يدعون إلى كتاب الله فقال علي نعم فقال سهل بن حنيف اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبيبة يعني الصلح الذي كان بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمشركين ولو نرى قتالا لقاتلنا فجاء عمر فقال ألسنا على الحق وهم على الباطل أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا فقال يا بن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا فرجع متغيظا فلم يصبر حتّى جاء أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل قال يا بن الخطاب إنّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )ولن يضيعه الله أبدا فنزلت سورة الفتح
(2).
1785 حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة حدثنا عبدالله بن نمير ح وحدثنا بن نمير وتقاربا في اللفظ حدثنا أبي حدثنا عبد العزيز بن سياه حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال ثم أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم الحديبية ولو نرى قتالا
---------------------------
(1) صحيح البخاري : 2/978.
(2) صحيح البخاري : 4/1832.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 109 _
لقاتلنا وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا قال فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يابن الخطاب إنّه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً قال فنزل القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال يا رسول الله أو فتح هو قال نعم فطابت نفسه ورجع
(1).
وفي السيرة: فلما انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تكلم فأطال الكلام وتراجعا ثم جري بينهما الصلح فلما التأم الأمر ولم يبق إلاّ الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر اليس برسول الله قال بلى وألسنا بالمسلمين قال بلى قال أوليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا قال أبو بكر ياعمر الزم غرزه فإني أشهد أنه رسول الله قال عمر وأنا أشهد أنّه رسول الله ثم أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال يا رسول الله ألست برسول الله قال بلى قال أولسنا بالمسلمين قال بلى قال أو
---------------------------
(1) صحيح مسلم : 3/1411.
بحث في الصحبة والصحابة
_ 110 _
ليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا قال أنا عبدالله ورسوله لن اخالف أمره ولن يضيعني قال فكان عمر يقول ما زلت اتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به حتّى رجوت أن يكون خيرا.
(1)
حدثنا محمد بن عبدالأعلى قال حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا عبدالله بن المبارك قال حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في قصة الحديبية فلما فرغ رسول الله من قضيته قال لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا قال فوالله ما قام منهم رجل حتّى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت له أم سلمة يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتّى تنحر بدنتك وتدعو حالقك فيحلقك فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة حتّى فعل ذلك نحر بدنته ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتّى كاد بعضهم يقتل بعضا غما
(2).
وفي السيرة: اعتذار عمر عن بعثته إلى قريش وإرسال عثمان : ثم دعا
---------------------------
(1) السيرة النبوية : 4/284.
(2) تارخ الطبري : 2/124.