بالرضاع استعمالا مجازيا ، إذ لم يقع في الكلام لفظ أحد تلك العناوين حتى يقال : إن المراد به خصوص الحاصل بعلاقة النسب ، بل نقول : إنه اعتبر مثلا قدر مشترك بين الاُمّ الرضاعيّة والنسبيّة واُريد من الموصول .
وإن أبيت إلا عن أنّ المراد بالموصول خصوص العنوانات النسبية ، فلابدّ في الكلام من تقدير ، بأن يراد ( أنه يحرم من الرضاع نظير كل عنوان من العنوانات النسبية التي تحرم من جهة النسب ) وهذا التقدير هو الذي ارتكبه جمع كثير من الفقهاء المتأخرين في تفسير الحديث (1) .
ثم إن العنوان الذي يحرم من جهة النسب ليس إلا أحد العنوانات المتعلق بها التحريم في لسان الشارع ، كالاُم ، والبنت ، والاُخت ، وغيرهن من المحرمات المذكورة في الكتاب (2) والسنة (3) وأما العنوان المستلزم لأحد هذه ـ كاُم الأخ للأبوين المستلزمة لكونها اُما ، وكاُم السبط المستلزمة لكونها بنتا ، وكاُخت الأخ للأبوين المستلزمة لكونها اُختا ـ فليس شيء منهن يحرم من جهة النسب ، إذ لا نسب بينهن من حيث هذا العنوان وبين المحرم عليه ، فإن اُم أخ الشخص من حيث إنها ( اُم أخ ) ليست (4) نسيبة له ، بل نسيبة لأخيه ، والنسب الحاصل بين الشخص وبين نسيبه لم يثبت كونه جهة للتحريم .
والشاهد على ذلك أدلة المحرمات ، فإن منها يستفاد جهة تحريم المحرمات ، إذ لايستفاد من قوله تعالى : ( حُرّمت عليكم اُمهاتُكُم ) إلا أنّ
(1) ممن صرّح بذلك من متأخّري المتأخيرين صاحب الجواهر قدس سره ( الجواهر 29 : 309 ) .
(2) النساء : 23 .
(3) الوسائل 14 : 273 ـ 279 ، الباب 1 ـ 5 من أبواب ما يحرم بالنسب .
(4) في النسخ : ليس . والصواب ما أثبتناه .
الرِضَاعُ 59
جهة التحريم اُمومة الاُم للشخص ، وأما اُمومتها لأخيه أو بنوّتها لجدّيه أو اُخوّتها لخاليه ، فلم يستفد من دليل كونها جهة للتحريم .
فثبت بهذا أن النسب الذي يصلح ( كونه )(1) جهة للتحريم ليس إلا ما يكون مبدأ لإحدى الصفات المعنونة بها المحرمات في الكتاب والسنة .
وعلى هذا فإذا أرضعت امرأة أخاك فلا تحرم عليك ، لأنها أم أخيك ، ولم يثبت حرمة اُم الأخ من جهة النسب ، إذ لا نسب بينك وبينها من حيث إنها ( اُم أخيك ) بل النسب بينها وبين نسيبك ، والنسب بين شخص وبين نسيبه لم يثبت كونه جهة للتحريم .
ومن هنا يظهر فساد ما ذهب إليه شرذمة من المتأخرين (2) : من عموم التنزيل في الرضاع ، وعدم الفرق بين أن يحصل بالرضاع أحد العناوين المذكورة في أدلة التحريم ، وبين أن يحصل به ما يستلزم أحدها ، فكما أن المرتضعة بلبنك محرمة عليك من حيث إنه حصل بالرضاع بنوّتها لك ، فكذلك مرضعة ولد بنتك حيث إنه حصل بالرضاع اُمومتها لولد بنتك ، واُم ولد البنت محرمة نسبا لكونها بنتا ، فكذلك اُم ولد بنتك رضاعا ، إلى غير ذلك .
وقد عرفت وجه فساد ذلك ، وحاصله : أن الحديث النبوي إنما حرّم بالرضاع ما حرّم من جهة النسب ، واُم ولد البنت لم تحرم من جهة النسب ،
القول بعموم التنزيل في الرضاع لما يستلزم أحد العناوين المحرمة مناقشة هذا القول
(1) لم يرد في ( ق ) .
(2) مثل السيد الداماد في رسالته المسماة بـ ( ـ ضوابط الرضاع ) المطبوع ضمن ( كلمات المحققين ) : 16 و 17 ، والآخوند الملا أبو الحسن الشريف جد صاحب الجواهر ، اُنظر الجواهر 29 : 323 .
الرِضَاعُ 60 اشكال وجواب
إذ لا نسب بينها بهذا العنوان وبين الشخص ، بل النسب بينها وبين نسيب الشخص ، ولم يثبت كونه جهة للتحريم ، فإذا لم تحرم اُم ولد البنت من جهة النسب ، فكيف تحرم من جهة الرضاع ؟ مع أن دعوى عموم الموصول لكل عنوان من العناوين المذكورة في لسان الشارع ولما يستلزمه من العناوين الغير المحصورة ، موجب للتكرار في مشمولات (1) العام .
فإن قلت : إذا صدق على اُم ولد البنت أنها بنت وصدق أن كل بنت محرمة من جهة النسب فلا مساغ لإنكار أنّ اُمّ ولد البنت محرمة من جهة النسب ، فيضاف إلى ذلك قوله عليه السلام : ( كل ما يحرم من النسب يحرم من الرضاع ) (2) ، ينتج أنّ اُم ولد البنت تحرم من جهة الرضاع .
قلت : لا يخفى أن المراد بالاُم في قولنا : ( اُم ولد البنت ) إما أن تكون هي خصوص الاُم النسبية ، أو خصوص الرضاعيّة ، أو الأعمّ ، وكذلك المراد بالبنت ، فالاحتمالات تسعة ، ولا نسلّم الصغرى إلا في احتمالين منها ، إحداهما : أن يراد من الاُم والبنت ، النسبيّتان (3) والثاني : أن يراد من الاُم النسبية ، ومن البنت الأعمّ .
فإن اُريد الأول منهما ، فالصغرى والكبرى ( مسلمتان )(4) إلا أنّ الحاصل منها ليس إلا قولنا : ( إنّ الاُم النسبية لولد البنت االنسبية محرّمة من جهة النسب ) لكن الأصغر في هذه الصغرى غير مندرح تحت الأوسط في
(1) كذا في ( ق ) ، وفي ( ش ) : شمول العام ، وفي ( ص ) و ( ع ) : شمولات العام .
(2) الوسائل 14 : 281 ، الباب 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع ، الحديث 5 ، وفيه : ( ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع ) .
(3) في ( ق ) : النسبيتين .
(4) ساقطة من ( ق ) .
الرِضَاعُ 61
كبرى قوله عليه السلام : ( كل ما يرحم من النسب يحرم من الرضاع ) لما عرفت من أنّ المراد بالموصول في الحديث هو العنوان الكلي المشترك بين العنوان الحاصل من علاقة النسب ، والحاصل من علاقة الرضاع ، لأنه الذي يعقل أن يحكم عليه بالتحريم من كلتا الجهتين ، أعني الرضاع والنسب ، وليس المراد به خصوص العنوان النسبي ، إذ لا يعقل الحكم على نفس هذا العنوان بأنه يحرم من جهة الرضاع إلا أن يراد أنه يحرم نظيره ، كما ذكرناه سابقا .
وحينئذ فنقول : كون مرضعة ولد البنت نظيرة للاُم النسبية لولد البنت ممنوع ، لأنّ الاُم النسبية لولد البنت كانت متّصفة بالبنتيّة ، وباعتبارها ثبت لها التحريم ، ومرضعة ولد البنت ليست كذلك ، نعم ، نظيرة الاُم النسبية لولد البنت النسبية ، الأم النسبية لولد البنت الرضاعية .
والحاصل : أنّ المحرم في النسب اُمّ ولد البنت المقيّدة بكونها بنتا ، فنظيرها المحرم في الرضاع أيضا اُمّ ولد البنت المقيّدة بذلك القيد ، غاية الأمر أنّ القيد المذكور في النسب من اللوازم للمقيد ، وفي الرضاع مما قد يكون وقد لا يكون ، فإذا كان فتثبت النظارة ، وإلا فلا نظارة فلا حرمة .
وإن اُريد الثاني منها ، فالمقدمتان مسلمتان ، ويستنتج منهما أنّ الاُمّ النسبية لولد البنت مطلقا محرّمة من جهة النسب ، ولو باعتبار بعض أفرادها ، وهي الاُم النسبية لولد البنت النسبية فيصحّ أن يضمّ إليه قوله عليه السلام : ( كل ما يحرم من النسب يحرم من جهة الرضاع ) (1) ، فيصير حاصل هذا : أنّ الاُمّ النسبية لولد البنت مطلقا عنوان كلّي مشترك بين اُمّ ولد البنت النسبيّة واُمّ
(1) الوسائل 14 : 281 ، الباب 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع ، الحديث 5 ، وفيه : ( ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع ) .
الرِضَاعُ 62 الجواب عن اصل الإيراد
ليس المراد خصوص النسب الحاصل بين المحرم والمحرم عليه ولد البنت الرضاعية ، وهذا العنوان الكلّي يصدق عليه أنه يحرم من جهة الرضاع كما يحرم من جهة النسب ، وحينئذ فلا يستفاد من الحديث حكم مرضعة ولد البنت بوجه من الوجوه .
وبهذا تقدر على دفع ما يورد في نظائر هذا العنوان ، وإن كان تقرير الدفع مخالفا له في الجملة .
فإذا قيل مثلا : ( اُم الأخ للأبوين اُمّ ، وكل اُمّ محرّمة ، فاُمّ الأخ للأبوين محرّمة ) ، ثم يضمّ إلى ذلك قولنا : ( كلّ ما يحرم من جهة النسب يحرم من جهة الرضاع ) أجبنا عنه : بأنّ ( اُم الأخ ) لا يخلو من أن يراد به الاحتمالات التسعة المذكورة ، وعلى فرض إرادة ما عدا احتمالين منهما (1) تكون الصغرى ممنوعة ، فإنّ التي يصدق عليها ( الاُمّ ) ليس إلا الاُمّ النسبية للأخ النسبي ، أو مرضعة الأخوين الرضاعيين .
فإن اُريد بـ ( اُم الأخ ) في الصغرى خصوص الأول ، دفع بما دفع به الاحتمال الأول في اُمّ ولد البنت ، وإن اُريد به الأعمّ من الأول ـ أعني العنوان الكلي الملازم لصدق الاُم ـ فلا تدلّ النتيجة الحاصلة بعد ضمّ الحديث إليها على تحريم مرضعة الأخ .
ويمكن الجواب عن أصل الإيراد بمنع كون الموصول للعموم ، بل المتبادر منه الإشارة إلى العنوانات المعهودة المتداولة على لسان الشارع ، وتعلّق التحريم بها في كلامه .
ثم أعلم أنّ المراد في الحديث ليس خصوص النسب الحاصل بين المحرم والمحرم عليه ، حتى يخصّ الحديث بتحريم نظائر العنوانات السبع
(1) كذا في ظاهر ( ق ) أيضا ، والصحيح ( منها ) .
الرِضَاعُ 63
النسبية من الرضاع ، بل المراد به هو الأعم منه ومن الحاصل بين المحرم وزوج المحرم عليه أو ما اُلحق بزوجه ـ كالمزنيّ بها (1) والموطوءة بالشبهة ، أو الغلام الموطوء ، ونحو ذلك ـ لأنّ التحريم في العنوانات السبع كما انها متوجهة بجهة النسب ، كذلك في هذه العنوانات ، مثلا قوله تعالى : ( واُمّهات نسائكم ) (2) دالّ على تعلق التحريم باُمّ الزوجة من حيث اُمومتها للزوجة ، فإذا حصل نظير هذه الجهة من الرضاع حرّمت .
والحاصل : أنه لا فرق بين تحريم الاُمّ وتحريم اُمّ الزوجة في تعلق التحريم في كلّ منهما بعنوان النسبيّ ، فيحرم نظيره من الرضاع ، وسيأتي زيادة توضيح لذلك إن شاء الله تعالى .
(1) لا يخفى أنّ المناسب لسياق الكلام : التمثيل بالفاعل ، والعبارة لا تخلو من إغلاق .
(2) النساء : 23 .
الرِضَاعُ 64 ( تفاصيل المسائل المتقدمة )
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى بيان تفاصيل المسائل المذكورة ، فنقول :
المسألة الاُولى
لا شك في تحريم المرتضع على المرضعة بالإجماع والكتاب والسنة ، لأنها اُمه .
المسألة الثانية
لا تحرم اُصول المرتضع المذكور على المرضعة من جهة إرضاعها إياه ، سواء في ذلك ابوه ، وأجداده لأب كانوا أم لاُم .
أما عدم التحريم على الأب : فظاهر ، لأنّ المرضعة لم تزد على أن صارت اُما لولده ، واُم الولد أولى بالتحليل من كل أحد .
وأما على أجداده لأبيه : فلأنها لم تزد على أن صارت اُما لولد ابنه .
الرِضَاعُ 66
حرمة فروع المرتضع على المرضعة واُم ولد الابن إنما تحرم على الجد لأنها زوجة ابنه ، والزوجية للابن لا تحصل بإرضاع ولد الابن ، لأن الزوجية لا تثبت بالرضاع ، وبتقرير أوضح : أن التحريم تعلّق على حليلة الإبن ، ولا شك أن مرضعة ولد الإبن ليست حليلة للإبن .
وأما على أجداده لاُمّه : فلأنّ غاية ما حصل بالرضاع كون المرضعة اُما لولد بنته ، واُمّ ولد البنت إنما تحرم إذا كانت بنتا بالنسب أو الرضاع ، وهذه لم تصر إحداهما ، وقد مرّ (1) مشروحا في تفسير الحديث النبوي : أنه لايدلّ إلا على تحريم ما صدق عليه ـ بعلاقة الرضاع ـ أحد العناوين المحرّمة على لسان الشارع ، فيجب الرجوع في غيرها إلى أدلّة الحلّ .
والحاصل : أنه إذا حصل بالرضاع عنوان مستلزم في النسب لأحد العناوين المعلّق عليها التحريم غير ملازم له في الرضاع ، لايثبت له التحريم ، لأن ذلك العنوان النسبيّ الملزوم إنما حرم لتقيّده باللازم وإن كان هذا القيد غير منفكّ عنه ، فإن حصل هذا القيد في العنوان الرضاعي ـ حتى يتمّ كونه نظيرا للعنوان النسبي وكونهما تحت عنوان كلّي ينتزع من الحاصل بالنسب والحاصل بالرضاع ـ حصلت الحرمة ، وإلا فلا .
ثم إذا لم تحرم اُصول المرتضع نسبا على المرضعة ، لم تحرم اُصوله الرضاعية عليها بطريق أولى .
المسألة الثالثة
تحرم فروع المرتضع على المرضعة ، لأنهم أحفادها ، ولا فرق بين
(1) في الصفحة : 16 .
الرِضَاعُ 67
الفروع النسبية والرضاعية ، نعم يأتي على قول العلامة والمحقق الثاني رضوان الله عليهما في القواعد (1) وشرحه (2) عدم تحريم فروع المرتضع الرضاعية على المرضعة ، حيث حكما بأن مرضعة المرضعة لا تحرم على المرتضع ، فإن المرتضع من الفروع الرضاعيّة للمرتضعة من المرضعة ، وقد عرفت ضعف هذا القول ومتمسّكة (3) .
المسألة الرابعة
حواشي المرتضع ـ أعني من في طبقته من الإخوة ـ لا يرحمون على المرضعة من جهة ارتضاع أخيهم منها ، لأنها لم تزد على أن صارت اُما رضاعيّة لأخيهم ، ولا دليل على تحريم اُمّ الأخ ، نعم ، هي محرّمة في النسب من جهة كونها اُما أو زوجة أب ، ولم يحصل شيء منهما بالرضاع .
وأما الإخوة من الرضاع للمرتضع فهم أولى بعدم التحريم عليها .
وقد يزيد في الاستدلال على ما ذكرنا : بأنّ اُمومة الأخ غير ملازمة للاُمومة ، لتفارقهما في زوجة الأب والاُمّ التي ليس لها إلا ولد واحد .
وفيه : أنّ لمتوهّم التحريم أن يقول : إنّ الاُمّ النسبية للأخ من الأبوين محرّمة ، لأنّها لاتنفك عن كونها اُما ، فالاُم الرضاعيّة له أيضا محرمة .
فالأجود الاقتصار على ما ذكرناه ، وأنّ الملازمة بين العنوانين في النسب وإن كانت مسلّمة ، إلا أن التحريم هناك من جهة أحد المتلازمين عدم حرمة حواشي المرتضع على المرضعة
(1) قواعد الأحكام 2 : 13 .
(2) جامع المقاصد 12 : 257 و 258 .
(3) راجع : 56 .
الرِضَاعُ 68 حكم فروع حواشي المرتضع
حرمة المرتضع على اُصول المرضعة
حكم عمومة وخؤولة المرضعة
عدم حرمة اُصول المرتضع على اُصول المرضعة
حرمة فروع المرتضع على اُصول المرضعة
عدم حرمة حواشي المرتضع وفروعهم على اُصول المرضعة الغير الحاصل بسبب الرضاع .
ثم إن حكم فروع حواشي المرتضع حكم نفس الحواشي في عدم التحريم على المرضعة ، لأنّ الفرع لا يزيد على الأصل في الحُرمة .
المسألة الخامسة
يحرم المرتضع على اُصول المرضعة من النساء ، وتحرم المرتضعة على اُصولها من الذكور ، لأنّ المرتضع من أحفادهم ، ولا فرق بين اُصولها بالنسب واُصولها بالرضاع ، ولا إشكال فيه ولا خلاف ظاهرا .
وحكم حواشي اُصول المرضعة من العمومة والخؤولة حكم نفس الاُصول في التحريم ، سواء كانت من النسب أو من الرضاع .
المسألة السادسة
لا تحرم اُصول المرتضع على اُصول المرضعة ، لما تقدّم في المسألة الثانية .
المسألة السابعة
تحرم فروع المرتضع على اُصول المرضعة ، لأنهم جدودتهم .
المسألة الثامنة
لا تحرم حواشي المرتضع وفروعهم على اُصول المرضعة وحواشيهم ، لما تقدّم في المسألة الرابعة .
الرِضَاعُ 69 المسألة التاسعة
يحرم المرتضع على فروع المرضعة نسبا ـ وهم المتولدون منها ـ وإن نزلوا ، سواء كان أبوهم فحلا للمرتضع أم لا ، لثبوت الإخوّة من قبل الاُمّ بينه وبينهم من جهة الرضاع .
ولا يشترط اتحاد الفحل هنا ، بلا خلاف على الظاهر المصرّح به في كلام غير واحد (1) ، لإطلاق الكتاب والسنة ، مضافا إلى خصوص موثّقة جميل بن درّاج ـ بأحمد بن الحسن ( بن عليّ )بن فضّال ـ عن أبي عبدالله عليه السلام: ( قال : إذا رضع (2) الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شيء من ولدها ، وإن كان الولد من غير الرجل الذي كانت أرضعته بلبنه ) (3) .
ويؤيّدها رواية محمد بن عبيدة الهمداني المتقدمة (4) في استدلال الطبرسي قدس سره .
وأما فروع المرضعة من حيث الرضاع ـ وهم أولادها من الرضاع ـ فيشترط في تحريم المرتضع عليهم اتحاد الفحل على المشهور ، خلافا للطبرسي قدس الله روحه وقد مرّ ضعفه ، لورود الخبر الصحيح وما في حكمه على خلافه (5) .
حرمة المرتضع على فروع المرضعة نسبا
عدم اشتراط اتحاد الفحل
حكم فروع المرضعة الرضاعية
(1) صرّح به في الحدائق 23 : 375 ، والجواهر 29 : 304 .
(2) كذا في الوسائل و ( ق ) ، وفي سائر النسخ وهامش ( ق ) : ارتضع .
(3) الوسائل 14 : 306 ، الباب 15 من أبواب ما يحرم بالرضاع ، الحديث 3 .
(4) تقدّمت في الصفحة : 51 ـ 52 .
(5) تقدّم في الصفحة : 52 .
الرِضَاعُ 70 حرمة اُصول المرتضع على فروع المرضعة نسبا
المسألة العاشرة
تحرم اُصول المرتضع على فروع المرضعة من النسب على الأظهر وإن كانت القاعدة لا تقتضي ذلك ، نظرا إلى أنّ فروع المرضعة لا تزيد على أن تكون إخوة لولد اُصول المرتضع ، وأخ الولد أو اُخته لا دليل على تحريمه من حيث اخوّة الولد ، وإنما يحرم حيث يحرم إما من حيث كونه ولدا ، وإما من حيث كونه ولدا لأحد الزوجين ، ولذا حكي عن جماعة ـ منهم الشيخ في المبسوط ـ عدم التحريم (1) ، إلا أنه قد دلّ غير واحد من الأخبار المعتبرة على التحريم .
مثل ما رواه في التهذيب عن أيوب بن نوح في صحيح : ( قال : كتب عليّ بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السلام : امرأة أرضعت بعض ولدي ، هل يجوز أن أتزوّج بعض ولدها ؟ فكتب عليه السلام لا يجوز ذلك (2) لأنّ ولدها صارت بمنزلة ولدك ) (3) .
ومثل ما رواه الكليني قدس سره عن محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن جعفر : قال : ( كتبت إلى أبي محمد عليه السلام : امرأة أرضعت ولد الرجل ، هل يحلّ لذلك الرجل أن يتزوّج ابنة هذه المرضعة أم لا ؟ فوقّع عليه السلام : لا يحلّ ) (4) .
(1) المبسوط 5 : 305 .
(2) في المصدر : لا يجوز لك ذلك .
(3) التهذيب 7 : 321 ، الحديث 1324 .
(4) الكافي 5 : 447 ، الحديث 18 ، وفيه : ( لا ، لا تحل له ) .
الرِضَاعُ 71
واعلم أنه قد يتفرّع على ( هذا )(1) القول : أنه لو أرضعت ولدا جدّته لاُمّه بلبن جدّه أو غيره ، حرمت اُمّه على أبيه ، لأنّ اُمّه من أولاد المرضعة ، فتحرم على اُصول المرتضع .
وأما تحريم الجدّة المرضعة على جدّه من غير جهة صيرورتها اُما لولد بنته ، فقد تقدّم في المسألة الثانية : أنه لا وجه له .
هذا كله من فروع المرضعة نسبا ، وأما فروعها بالرضاع : فلا دليل على تحريمهم على اُصول المرتضع ، لأنّ ( الولد ) و ( البنت ) في الخبرين المتقدمين (2) ظاهران في خصوص النسبيّ ، فيبقى حكم الرضاعي بأقسامه تحت أصالة الإباحة .
اللهم إلا أن يقال : إنه إذا ثبت التحريم في الولد النسبيّ للمرضعة ، ثبت في الولد الرضاعي لها ، لأنه ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) .
وفيه : أنّ الإمام عليه السلام حكم بتحريم ولد المرضعة على أب المرتضع لا من حيث هو ولدها حتى يحرم ولدها الرضاعي أيضا ، بل لأجل كونها بمنزلة ولد أب المرتضع نسبا ، وهذا المعنى غير معلوم في ولدها الرضاعي : فتأمّل .
مع أنّ هذا الكلام لا يصحّ في ولدها الرضاعي الذي ارتضع بلبن فحل غير فحل المرتضع الذي يكون الكلام في اُصوله ، لعدم الاخوّة بين ذلك الولد وبين المرتضع على قول غير الطبرسي ، ومن الظاهر ـ بل المقطوع ـ أنّ كون ولد المرضعة بمنزلة ولد أب المرتضع فرع الاخوّة الرضاعية للمرتضع
(1) ليس في ( ق ) .
(2) أي خبري التهذيب والكافي .
الرِضَاعُ 72 حرمة فروع المرتضع وإن نزلوا على فروع المرضعة في المرتبة الاولى
عدم حرمة حاشية المرتضع على فروع المرضعة الرضاعيّة المفقودة مع تعدد الفحل ، وإنما يصح هذا الكلام ـ لو صحّ ـ في صورة اتحاد الفحل وحدوث الاخوّة بين ذلك الولد وبين المرتضع ، وحينئذ فيكون هذا الولد من أولاد الفحل رضاعا ، وسيأتي الكلام فيه في مسألة تحريم اُصول المرتضع على فروع الفحل .
واعلم أنّ الخبرين المذكورين (1) وإنّ دلا على تحريم أولاد المرضعة نسبا على أب المرتضع ، لكن الظاهر تحريمهم على اُمّ المرتضع أيضا ، لأنّ كونهم بمنزلة ولد أبيه يستلزم كونهم بمنزلة ولد اُمّه ، ولذا استفيد من تحريم البنات على الآباء تحريم الأبناء على الاُمهات .
المسألة الحادية عشرة
فروع المرتضع وإن نزلوا نسبا أو رضاعا يحرمون على فروع المرضعة في المرتبة الاُولى : لأنهم خؤولة لفروع المرتضع ، ولا فرق بين فروع المرضعة نسبا وفروعها رضاعا مع نشر الرضاع بينهم وبين نفس المرتضع ، وأما فروع المرضعة في غير المرتبة الاُولى فلا يحرمون على فروع المرتضع مطلقا ، لأنهم أولاد خؤولة لهم .
المسألة الثانية عشرة
مَن في حاشية نسب المرتضع أو رضاعه ـ أعني إخوته أو أخواته النسبيّة أو الرضاعيّة ـ لا يحرمون لأجل ارتضاع أخيهم على فروع المرضعة الرضاعية بلا إشكال ولا خلاف ، لأنهم لم يزيدوا على أن صاروا إخوة
(1) تقدما في الصفحة : 70 .
الرِضَاعُ 73
لأخي اُولئك الحواشي ، أو أولادا لاُمّ أخيهم ، ولم يتعلّق التحريم في الشريعة بأحد العنوانين ، وكذا فروع المرضعة النسبية ـ وهم المتولدون منها ـ لا تحرم عليها حواشي المرتضع الرضاعيّة ، لما ذكر .
وأما تحريم حواشي المرتضع من النسب على فروع المرضعة النسبية فاختلف فيه ، فالأشهر ـ كما قيل (1) ـ عدم التحريم لما ذكر ، وهو الأظهر .
وقيل بالتحريم (2) ، لأن فروع المرضعة إذا صاروا بمنزلة ولد أبوي المرتضع ـ بحكم ما تقدّم في المسألة العاشرة ـ فقد صاروا إخوة لأولادهما الذين هم حواشي المرتضع .
وفيه : منع استلزام صيرورتهم أولادا للأبوين صيرورتهم إخوة لأولادهما ، إذ لا مستند له إلا تلازم عنواني البنوة للأبوين مع الأخوة للإخوة ، وهو مسلّم إذا حدثت بالرضاع نفس البنوة للأبوين ، كما إذا ارتضع شخص بلبنهما ، فإن بنوّته لهما تستلزم اُخوّته لأولادهما ، وأما إذا حدث به شيء آخر حكم الشارع بكونه بمنزلة البنوّة للأبوين في أحكامها الشرعية ، فلا يلزم ثبوت الاُخوة للإخوة .
والحاصل : أنّ العنوان الحاصل بارتضاع ولد الأبوين من امرأة ذات أولاد ليس إلاّ كون أولادهما إخوة للمرتضع ، ومن المعلوم ـ مما سبق في
القول بحرمة حواشي المرتضع نسبا على فروع المرتضعة نسبا ومناقشته
(1) قاله الشهيد الثاني في المسالك 1 : 377 ، والمحدث البحراني في الحدائق 23 : 399 .
(2) قاله الشيخ في النهاية : 462 ، وانظر الخلاف 4 : 302 ، كتاب النكاح ، المسألة : 73 .
الرِضَاعُ 74
المسألة الثانية ـ أنّ بمجرد هذا العنوان لا يحرم هؤلاء الأولاد على أبوي المرتضع ولا على إخوته ، لكن لما دل الدليل على كون الأولاد بمنزلة أولاد الأبوين في جميع الأحكام الشرعية ـ التي من جملتها تحريمهم عليهما ـ حكم به ، لكن لا يستلزم ذلك كونهم (1) بمنزلة الإخوة لأولادهما حتى يحرموا عليهم .
وكذا ليس من الأحكام الشرعية لأولاد الأبوين تحريم بعضهم على بعض ، فإن التحريم في آية المحرمات (2) إنما علّق على عنوان الأخ والاُخت ، لا على ولد الأبوين أو أحدهما .
ومن هنا ظهر ما في استدلال صاحب الكفاية على التحريم بأنّ كونهم بمنزلة الولد يقتضي أن يثبت لهم جميع الأحكام الثابتة للولد من حيث الولديّة ، ومن جملة أحكامه تحريم أولاد الأب عليه (3) إذ لا يخفى أنّ تحريم أولاد الأب على الولد ليس من حيث الولديّة للأب ، بل من حيث أخوّته للأولاد .
اللهم إلا أن يقال : إنّ الإخوّة التي نيطت بها الحرمة في آية المحرّمات ليس مفهومها العرفي ـ بل الحقيقي ـ إلاّ كون الشخصين ولدا لواحد ، فكونهم أولادا لأبيه أو لاُمه عين كونهم إخوة له ، لا أنه عنوان آخر ملازم له .
ويشهد لذلك تعليل تحريم المرتضعة من لبن ولد على أخيه من
(1) في ( ق ) كونهما ، والظاهر أنه سهو .
(2) النساء : 23 .
(3) كفاية الأحكام : 161 .
الرِضَاعُ 75
أبيه في صحيحة صفوان ـ المروية في الكافي ـ بصيرورة أبيه أبا له وامه أما لها (1) .
وليس هذا إلاّ لأنه إذا ثبتت اُبوّة الرجل لشخص واُمومة المرأة له ثبتت اخوّة أولادهما له ، فيحرمون عليه من هذه الجهة .
فالقول بالتحريم في المسألة لايخلو عن قوة ، وفاقا للمحكيّ عن الشيخ (2) وبعض المتأخرين (3) .
المسألة الثالثة عشر
يحرم المرتضع على من في حاشية نسب المرضعة ـ أعني إخوتها وأخواتها ـ وكذا مَن في حاشية رضاعها ـ وهم إخوتها وأخواتها مِن الرضاع ـ بلا إشكال ولا خلاف .
ويدلّ على تحريم إخوتها من الرضاع ـ المستلزم لتحريم إخوتها من النسب بالأولويّة وعدم القول بالفصل ـ صحيحة الحلبي المرويّة في الكافي والتهذيب : ( قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يرضع من امرأة وهو غلام ، أيحلّ له أن يتزوّج اُختها لاُمها من الرضاع ؟ فقال : إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحلّ ، وإن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن .
(1) الكافي 5 : 444 ، الحديث 3 .
(2) تقدّم في هامش الصفحة : 73 ، عن النهاية والخلاف .
(3) محكيّ عن الشهيد في بعض تحقيقاته ، كما في الجواهر 29 : 317 ، وقوّاه المحقق السبزواري في كفاية الأحكام : 161 .
الرِضَاعُ 76 حرمة المرتضع على فروع حاشية المرضعة
عدم حرمة اُصول المرتضع على حاشية المرضعة نسبا
حرمة فروع المرتضع على حواشي المرضعة
فحلين فلا بأس (1) .
ونحوها موثّقة عمار المتقدمة معها (2) في أدلة القول المشهور باعتبار اتحاد الفحل في مقابل الطبرسي قدس سره ، فتأمل .
وفي حكم أولئك الحواشي فروعهم ، فيحرم المرتضع عليهم .
المسألة الرابعة عشر
لا تحرم اُصول المرتضع على من في حاشية نسب المرضعة ، فيجوز لآباء المرتضع ـ وإن عَلَوا ـ التزويج في أخوات المرضعة ، ولإخوتها التزويج في اُمّهات المرتضع .
ولا يتوهّم في الأول كون المرضعة في حكم الزوجة فلا يجوز العقد على اُختها ، لعدم ثبوت الزوجيّة بالرضاع ، ولا في الثاني كون اُمّ المرتضع اُما لولد اُخت إخوة المرضعة واُمّ ولد الاُخت محرمة لكونها اُختا ، لما مرّ من أن الحرمة إنما تعلّقت على عنوان ( الاُخت ) لا على ( اُمّ ولد الاُخت ) وإن تلازم العنوانان في النسب .
المسألة الخامسة عشر
تحرم فروع المرتضع على حواشي نسب المرضعة ورضاعها ، لكونهم خؤولة لأبيهم بلا إشكال ولا خلاف ، ولا يحرمون على فروع اُولئك الحواشي .
(1) الكافي 5 : 443 ، الحديث 11 . والتهذيب 7 : 321 ، الحديث 1323 .
(2) تقدمت في الصفحة : 53 .
الرِضَاعُ 77 المسألة السادسة عشر
لا يحرم مَن في حاشية نسب المرتضع على من في حاشية نسب المرضعة ، فيجوز لإخوة المرتضع التزويج في أخوات المرضعة ، ولإخوة المرضعة التزويج في أخوات المرتضع ، لما مرّ في المسألة الرابعة : من عدم تحريم حواشي المرتضع على نفس المرضعة ، فعدم تحريمهم على حواشيها أولى ، والمستند في الكل عدم الدليل ، إذ لم يحدث بينهم بالرضاع عنوان من العناوين المتعلقة بها التحريم في النسب .
المسألة السابعة عشر
يحرم المرتضع لو كانت اُنثى على الفحل إجماعا ، لأنها بنته من الرضاع .
المسألة الثامنة عشر
لا تحرم اُصول المرتضع الإناث ـ أعني اُمهاته ، وإن عَلَوْن ـ على الفحل ، أما اُمّه : فواضح ، وأما جدّاته : فكذلك على الأشهر ، لأن غاية ما حصل بالرضاع كونهن جدّات لولده ، وجدّات الولد لا يحرمن على الأب إلا من جهة كونهنّ جدّات لنفس الأب ، او اُمهات أزواجه ، ولم يحصل بالرضاع شيء من العنوانين في المقام .
ونسب إلى ابن إدريس تحريم جدّة المرتضع على الفحل (1) .
عدم حرمة حاشية نسب المرتضع على حاشية نسب المرضعة
حرمة المرتضعة على الفحل
عدم حرمة اُصول المرتضع على الفحل
(1) السرائر 2 : 555 .
الرِضَاعُ 78 عدم حرمة عمومة أو خؤولة المرتضع على الفحل
حرمة فروع المرتضع وإن نزلوا على الفحل
عدم حرمة أخوات المرتضع على الفحل
القول بتحريم اُخت المرتضع على الفحل
حرمة المرتضع على اُصول الفحل وهو ضعيف .
ثم إذا لم تحرم اُصول المرتضع على الفحل ، لم تحرم فروع تلك الاُصول عليه ، فعمه المرتضع وخالته لا تحرمان على الفحل ، لأنّ الفرع لا يزيد على الأصل .
المسألة التاسعة عشر
تحرم فروع المرتضع وإن نزلوا على الفحل ، لكونهم بمنزلة أحفاده ، من غير فرق بين فروعه الرضاعيّة والنسبيّة ، بلا خلاف ولا إشكال في ذلك .
المسألة العشرون
لا تحرم مَن في حاشية نسب المرتضع ـ أعني أخواته ـ على الفحل على الأشهر ، لعدم الدليل على التحريم ، عدا ما يتخيّل من كونها أخوات لولده ، ولا يخفى أنّ التحريم لم يتعلق بهذا العنوان ، وإنما تعلق بعنوان ( البنت ) أو ( الربيبة ) اللذين لا ينفكّ أحدهما عن عنوان ( اُخت الولد ) في النسب .
ونسب إلى الشيخ في الخلاف وابن إدريس : تحريم اُخت المرتضع على الفحل (1) ، وهو ضعيف .
المسألة الحادية والعشرون
يحرم المرتضع على اُصول الفحل ، لكونهم جدودة له بلا خلاف
المسألة الثانية والعشرون
لا تحرم اُصول المرتضع على اُصول الفحل ، فيجوز لآباء المرتضع أن يتزوجوا في اُمهات الفحل ، وكذا لآباء الفحل أن يتزوجوا في أمهات المرتضع ، لعدم الدليل إلا بتخيّل كون اُمهات الفحل بمنزلة جدّات المرتضع ، فيحرم على أبيه وعلى بعض أجداده ، وكذا اُمهات المرتضع بالنسبة إلى آباء الفحل .
المسألة الثالثة والعشرون
تحرم فروع المرتضع على اُصول الفحل ، لأنهم جدودة له ، وقد مرّ تحريمهم على الفحل ، لكونهم أحفادا له ، فيحرمون على آبائه أيضا ، لأنّ المحرّم على شخص لأجل النسب محرّم على آبائه أيضا ، فكذلك في الرضاع .
المسألة الرابعة والعشرون
لا يحرم من في حاشية نسب المرتضع على اُصول الفحل ، لما تقدّم من عدم حرمتهم على نفس الفحل ، ويجري هنا الخلاف المنسوب إلى ابن إدريس في تلك المسألة .
المسألة الخامسة والعشرون
يحرم المرتضع على فروع الفحل نسبا ورضاعا وإن نزلوا ، لأنهم إخوة عدم حرمة اُصول المرتضع على اُصول الفحل
حرمة فروع المرتضع على اُصول الفحل
عدم حرمة حاشية المرتضع نسبا على اُصول الفحل
حرمة المرتضع على فروع الفحل
الرِضَاعُ 80
لا فرق بين كون الفروع من المرضعة أو غيرها حرمة اُصول المرتضع على فروع الفحل أو أولاد إخوة بلا خلاف في ذلك ، ويدلّ عليه بعد الإجماع أخبار كثيرة (1) .
ولا فرق في الفروع بين كونهم من مرضعة المرتضع أو من غيرها ، فلو كان لرجل عشر نساء وكان له من كلّ منها بنت وابن من الولادة ، وأرضعت كل واحدة منهنّ غلاما وجارية بلبن ذلك الفحل ، حرم الذكور العشرون على البنات العشرين .
المسألة السادسة والعشرون
تحرم اُصول المرتضع على فروع الفحل ـ أعني المتولدين ( منه )(2) ـ وإن لم تقتضه القاعدة ، من جهة أنّ فروع الفحل لم يزيدوا على أن صاروا إخوة لولد اُصول المرتضع ، ولا دليل على تحريم إخوة الولد من حيث هم إخوة الولد ، ولهذا قيل هنا بعدم التحريم (3) .
إلا أنّ الأظهر التحريم ، لصحيحة عليّ بن مهزيار : ( قال : سأل عيسى ابن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني عليه السلام : أن امرأة أرضعت لي صبيّا ، هل يحلّ لي أن أتزوّج ابنة زوجها ؟ فقال لي : ما أجود ما سألت ! من ها هنا يؤتى أن يقول الناس : حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل ، هذا هو لبن
(1) الوسائل 14 : 305 ، الباب 15 من أبواب ما يحرم بالرضاع ، ويدلّ عليه أيضا أخبار من الباب 6 و 8 منها .
(2) لم ترد في ( ق ) .
(3) نسبه الشهيد الثاني في المسالك إلى جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في المبسوط ، لكن لم نقف فيه على كلام ظاهر في ما نسب إليه ، انظر المبسوط 5 : 292 و 305 ، وقد نبّه على ذلك المحدث البحراني في الحدائق 23 : 391 ، وممن قال هنا بعدم التحريم القاضي في المهذب 2 : 191 .
الرِضَاعُ 81
الفحل لا غيره . فقلت له : الجارية ليست ابنة المرأة التي أرضعت لي ، هي ابنة غيرها ، فقال : لو كنّ عشرا متفرقات ما حلّ لك شيء منهن ، وكنّ في موضع بناتك ) (1) .
والرواية وإن اختصّت بتحريم ولد الفحل على أب المرتضع ، إلا أنّ تحريمهم على اُمّه أيضا ثابت بالإجماع المركب ظاهرا ، مع أنّ كونهم بمنزلة بنات أب المرتضع يستلزم كونهم بمنزلة بنات (2) اُمّه .
ثم إنّ ظاهر الرواية ـ كما ترى ـ مختصّ بفروع الفحل نسبا ، ويلحق بهم فروعه رضاعا ، ولعلّه لقاعدة : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) ، فإذا حرم ولد الفحل نسبا على اُصول المرتضع حرم ولده رضاعا ، ولأنّ منشأ صيرورتهم أولادا لاُصول المرتضع اخوّته لولدهم ، ولا فرق بين الاخوّة النسبية والرضاعية .
المسألة السابعة والعشرون
يحرم فروع المرتضع نسبا ورضاعا وإن نزلوا على فروع الفحل نسبا ورضاعا في المرتبة الاُولى ، لأنهم عمومة لفروع المرتضع ، وأما فروع الفحل في غير المرتبة الاُولى فلا يحرمون على فروع المرتضع .
المسألة والعشرون
لا يحرم مَن في حاشية نسب المرتضع ـ وهم إخوته وأخواته ـ على حرمة فروع المرتضع وإن نزلوا على فروع الفحل في المرتبة الأولى
(1) الوسائل 14 : 296 ، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع ، الحديث 10 .
(2) كذا جرى بقلم المصنف قدس سره . والمناسب : ( أبناء اُمّه ) كما في ( ش ) .
الرِضَاعُ 82 عدم حرمة حاشية المرتضع نسبا على فروع الفحل
القول بالحرمة
حرمة المرتضع على حاشية الفحل
عدم حرمة اُصول المرتضع على حاشية الفحل نسبا فروع الفحل ، لأنهم لم يزيدوا على أن صاروا بالرضاع إخوة لأخي اُولئك ، واُخوّة الأخ ليست موجبة للتحريم ، إذ قد يتزوج أخ الرجل لأبيه اُخته من اُمّه ، ولو قيّد بالأخ من الأبوين فلا يوجب التحريم ، وإنما يحرم إخوة الأخ للأبوين من جهة كونهم إخوة ، ولم يحصل بالرضاع هذا العنوان ، فالحاصل بالرضاع غير موجب للتحريم ، والموجب للتحريم غير حاصل ، خلافا للشيخ (1) وجماعة (2) فحكموا بالتحريم ، لأنّ صيرورة الفروع بمنزلة الأولاد لاُصول المرتضع ـ بحكم صحيحة ابن مهزيار المتقدمة (3) ـ يستلزم كونهم إخوة لإخوة المرتضع ، فيحرمون عليهم ، وقد سبق في المسألة الثانية عشرة أنّ هذا القول لا يخلو عن قوّة .
المسألة والعشرون
يحرم المرتضع على مَن في حاشية نسب الفحل أو رضاعه ، لأنهم عمومة له ، وهذا مما لا إشكال فيه ولا خلاف .
المسألة الثلاثون
لا تحرم اُصول المرتضع على مَن في حاشية نسب الفحل ، إذ لم يحدث بينهم بالرضاع رابطة من الروابط المحرمة .
(1) النهاية : 462 . وانظر الخلاف 4 : 302 ، كتاب النكاح ، المسألة 73 ، والمسألة الاُولى من كتاب الرضاع .
(2) محكيّ عن الشهيد في بعض تحقيقاته ، كما في الجواهر 29 : 317 ، وقوّاه المحقق السبزواري في الكفاية : 161 .
(3) تقدّمت في الصفحة : 80 ـ 81 .
الرِضَاعُ 83 المسألة الحادية والثلاثون
يحرم فروع المرتضع نسبا ورضاعا وإن نزلوا على من في حاشية نسب الفحل نسبا أو رضاعا ، لأنهم عمومة لأبيهم ، ويحلّ لهم فروع اُولئك الحواشي .
المسألة الثانية والثلاثون
لا يحرم من في حاشية نسب المرتضع على من في حاشية نسب الفحل ، لأن حواشي المرتضع لا تحرم على نفس الفحل ، فأولى بأن لا تحرم على حواشيه ، ويجيء على القول المنسوب إلى ابن إدريس رحمه الله في تحريم اُخت المرتضع على الفحل (1) تحريمها على إخوته ، لكنه لا دليل عليه .
حرمة فروع المرتضع وإن نزلوا على حاشية الفحل
عدم حرمة حاشية المرتضع نسبا على حاشية الفحل نسبا
القول بتحريم اُخت المرتضع على إخوة الفحل
(1) السرائر 2 : 555 .
الرِضَاعُ 84
وينبغي التنبيه على اُمور :
الأول : حيث قد عرفت أنّ الضابط في حصول الحُرمة بالرضاع ملاحظة الرابطة النسبية التي علّق عليها التحريم ، فإن حَصَل بالرضاع نظيرها تثبت الحرمة ، وإلا فلا ، إلا ما خرج بالدليل ، كما عرفت في المسألة العاشرة والسادسة والعشرين .
ولا عبرة بأن يحصل بالرضاع رابطة مغايرة للرابطة المعلق عليها التحريم ، مقارنة معها في الوجود دائما أو في بعض الأحيان .
وما دلّ على خروج المسألتين السابقتين أو نحوهما عن هذه الضابطة لا يعطي ضابطة كلّيّة لتحريم كلّ عنوان ملازم في النسب لعنوانات التحريم ، بل يقتصر على مورده ، إذ التعدي قياس لا نقول به .
فاعلم أنّه لا فرق في الرابطة النسبيّة ـ التي يكون نظيرها الحاصل بالرضاع محرّما ـ بين أن يكون التحريم المعلّق عليها لأجل وجودها بين نفس المحرّم والمحرّم عليه ، ويسمّى بالمحرّم النسبي ـ كما في المحرمات السبع الأول : الرابطة النسبية المحرمة على نحوين
1 ـ الرابطة بين المحرّم والمحرم عليه