الفهرس العام

    سورة الزخرف
    سورة الدخان
    سورة الجاثية
    سورة الأحقاف
    سورة محمد
    سورة الفتح
    سورة الحجرات
    سورة ق
    سورة الطور
    سورة النجم
    سورة القمر
    سورة الرحمن

      (275) ـ قوله تعالى: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (1).
      320 ـ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن اسماعيل بن عبد الخالق، قال : سمعت أبا عبد الله (صلى الله عليه وآله) يقول لابي جعفر الاحول، وأنا أسمع: ( أتيت البصرة ؟ ) فقال : نعم.
      قال : ( كيف رأيت مسارعة الناس الى هذا الامر، ودخولهم فيه ؟ ) فقال : والله انهم لقليل ، وقد فعلوا ، وان ذلك لقليل.
      فقال : ( عليك بالاحداث، فانهم أسرع الى كل خير ).
      ثم قال : ( ما يقول أهل البصرة في هذه الآية (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )؟ ) قلت : جعلت فداك، انهم يقولون : [انها] لاقارب رسول الله (صلى الله عليه وآله).
      فقال : ( كذبوا، انما نزلت فينا خاصة ، في أهل البيت، في علي وفاطمة والحسن والحسين، أصحاب الكساء (عليهم السلام) )(2).
      (276) ـ قوله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } (3).
      321 ـ حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا : حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال : حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو ، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من أهل العراق (الى قوله) ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): ( حدثني أبي عن

    ---------------------------
    (1) الشورى، الآية: 23.
    (2) الكافي، الكليني، ج 8، ص 93، ح 66.
    (3) الشورى، الآية: 25.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 177 _

      جدي ، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال : اجتمع المهاجرون والانصار الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا : يا رسول الله، ان لك مؤونة في نفقتك ومن يأتيك من الوفود، وهذه أموالنا مع دمائنا ، فاحكم فيها مأجوراً ، أعط منها ما شئت [وأمسك ماشئت] من غير حرج ، فأنزل الله عز وجل عليه الروح الامين، فقال : يا محمد (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) يعني (أن) تودوا قرابتي من بعدي ، فخرجوا.
      فقال المنافقون : ما حمل رسول الله على ترك ماعرضنا عليه الا ليحثنا على قرابته ( من بعده ) ، ان هو الا شيء افتراه في مجلسه.
      فكان ذلك من قولهم عظيماً ، فأنزل الله عز وجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (1)، فبعث اليهم النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال : هل من حدث ؟
      فقالوا : اي والله، قال بعضنا كلاماً غليظاً كرهناه.
      فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ( الآية ) ، فبكوا واشتد بكاؤهم فأنزل الله عز وجل : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) )(2).

    ---------------------------
    (1) الاحقاف، الآية: 8.
    (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ابن بابويه، ج 1، ص 233، ح 1.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 178 _


      (277) ـ قوله تعالى : {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} "(1)
      322 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي ، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي ، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعمر وعلياً (عليه السلام) أن يمضوا الى الكهف والرقيم ، فيسبغ أبو بكر الوضوء ويصف قدميه ويصلي ركعتين ، وينادي ثلاثاً ، فان أجابوه والا فليقل مثل ذلك عمر ، فان أجابوه والا فليقل مثل ذلك علي (عليه السلام)، فمضوا وفعلوا ما أمرهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلم يجيبوا أبا بكر ولاعمر ، فقام علي (عليه السلام) وفعل ذلك فأجابوه ، وقالوا : لبيك لبيك ثلاثاً ، فقال لهم : ما لكم لم تجيبوا الاول والثاني ، وأجبتم الثالث ؟
      فقالوا : انا أمرنا ألا نجيب الا نبياً أو وصي نبي.
    ثم انصرفوا الى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فسألهم ما فعلوا ؟
      فأخبروه ، فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) صحيفة حمراء ، وقال لهم : اكتبوا شهادتكم بخطوطكم فيها بما رأيتم وسمعتم ، فأنزل الله عز وجل: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) يوم القيامة "(2).
      323 ـ حدثنا الحسين بن أحمد المالكي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن خلف، عن حماد بن عيسى، عن أبي بصير ، قال : ذكر أبو جعفر (عليه السلام) الكتاب الذي تعاقدوا عليه في الكعبة وأشهدوا فيه وختموا عليه بخواتيمهم فقال : ( يا [أبا] محمد ، ان الله أخبر نبيه بما يصنعونه قبل أن يكتبوه، وأنزل الله فيه كتاباً ) ، قلت : وأنزل فيه كتاباً ؟

    ---------------------------
    (1) الزخرف، الآية: 19.
    (2) تأويل الآيات، ج 2، ص 553،ح 7.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 179 _

      قال : ( نعم ، ألم تسمع قول الله تعالى : (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) )(1).
      (278) ـ قوله تعالى : {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (2).
      324 ـ حدثني أبي، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) : ( انه عروة بن مسعود الثقفي، وكان عاقلا لبيباً ، وهو الذي أنزل الله تعالى فيه : (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) )(3).
      (279) ـ قوله تعالى: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ} (4).
      325 ـ حدثنا علي بن عبد الله، عن ابراهيم بن محمد ، عن علي بن هلال ، عن محمد بن الربيع، قال: قرأت على يوسف الازرق حتى انتهيت في الزخرف ( الى قوله تعالى : ) (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ)، قال : يامحمد ، أمسك ، فأمسكت، فقال يوسف : قرأت على الاعمش ، فلما انتهيت الى هذه الآية قال : يايوسف ، أتدري فيمن نزلت ؟
      قلت : الله أعلم.
      قال : نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم ) بعلي (مُّنتَقِمُونَ) محيت والله من القرآن، واختلست والله من القرآن (5).
      (280) ـ قوله تعالى : {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (6).
      326 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا علي بن عبد الله، عن ابراهيم بن محمد ، عن علي بن هلال ، عن الحسن بن وهب، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ) قال : ( في علي بن أبي طالب (عليه السلام) )(7).

    ---------------------------
    (1) تأويل الآيات، ج 2، ص 555، ح 9.
    (2) الزخرف، الآية: 31.
    (3) تفسير القمي، ج 2، ص 310.
    (4) الزخرف، الآية: 41.
    (5) تأويل الآيات، ج 2، ص 560، ح 20.
    (6) الزخرف، الآية: 43.
    (7) تأويل الآيات، ج 2، ص 560، ح 21.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 180 _

      (281) ـ قوله تعالى : {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ }(1).
      327 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن محمد بن عمر الحنفي، عن عمر بن قائد ، عن الكلبي، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : بينما النبي (صلى الله عليه وآله) في نفر من أصحابه اذ قال : ( الان يدخل عليكم نظير عيسى بن مريم في أمتي ).
      فدخل أبو بكر ، فقالوا : هو هذا ؟
      فقال : ( لا ).
      فدخل عمر، فقال : هو هذا ؟
      فقال : ( لا ).
      فدخل علي (عليه السلام) فقالوا : هو هذا ؟
      فقال : ( نعم ).
      فقال قوم : لعبادة اللات والعزّى أهون من هذا ، فأنزل الله عز وجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ) الآيات (2).
      328 ـ روى سادات أهل البيت ، عن علي (عليه السلام)، قال : ( جئت الى النبي (صلى الله عليه وآله) يوماً ، فوجدته في ملأ من قريش ، فنظر الي، ثم قال : ياعلي ، انمامثلك في هذه الامة كمثل عيسى بن مريم ، أحبّه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا ، وأبغضه قوم وأفرطوا في بغضه فهلكوا ، واقتصد فيه قوم فنجوا ، فعظم ذلك عليهم وضحكوا ، وقالوا : شبهه بالانبياء والرسل ) فنزلت هذه الآية (3).
      (282) ـ قوله تعالى : {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ

    ---------------------------
    (1) الزخرف، الآية: 57 ـ 58.
    (2) تأويل الآيات، ج 2، ص 567 ، ح 39.
    (3) مجمع البيان، الطبرسي، ج 9، ص 80.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 181 _

      وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (1).
      329 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن حمّاد الشاشي، عن الحسين بن أسد الطغاوي، عن علي بن اسماعيل الميثمي، عن الفضيل بن الزبير، عن أبي داود، عن بريدة الاسلمي : أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لبعض أصحابه: ( سلمّوا على عليٍّ بإمرة المؤمنين ).
      فقال رجل من القوم : لا والله لا تجتمع النبوة والامامة في أهل بيت أبداً.
      فأنزل الله عزو وجل : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (2).


      (283) ـ قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ *طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} (3).
      330 ـ (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ *طَعَامُ الْأَثِيمِ) ، نزلت في أبي جهل بن هشام، قوله تعالى : ( كَالْمُهْلِ) قال: الصفر المذاب: (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) ، وهو الذي قد حمي وبلغ المنتهى ، ثم قال : (خذوه فاعتلوه)، أي اضغطوه من كل جانب ، ثم أنزلوا به : (إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ)، ثم يصب عليه ذلك الحميم، ثم يقال له : (ذُقْ إِنَّكَ

    ---------------------------
    (1) الزخرف، الآية: 79 ـ 80.
    (2) تأويل الآيات، ج 2، ص 572، ح 48.
    (3) الدخان، الآية: 43 ـ 49.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 182 _

      إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ).
      فلفظه خبر ومعناه حكاية عمن يقول له ذلك، وذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا العزيز الكريم، فيعّير بذلك في الاخرة(1).


      (284) ـ قوله تعالى : {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }(2).
      331 ـ حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن أيوب بن سليمان ، عن محمد ابن مروان ، عن الكلبي، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله عزّوجل: (أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ)، الآية، قال : ان هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث ، هم الذين آمنوا، وفي ثلاثة من المشركين عتبة ، وشيبة ابني ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وهم الذين اجترحوا السيئات (3).

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 292.
    (2) الجاثية، الآية 21.
    (3) تأويل الآيات، ج 2، ص 577، ح 6.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 183 _


      (285) ـ قوله تعالى : {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (1).
      332 ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه محمد بن خالد البرقي، عن خلف بن حمّاد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : ( قد كان الشيء ينزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيعمل به زماناً ، ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه وأمته ، قال أناس : يارسول الله، انك تأمرنا بالشيء حتى إذا اعتدناه وجرينا عليه ، أمتنا بغيره ؟
      فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) عنهم ، فأنزل الله عليه: (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ) "(2).
      333 ـ شرف الدين النجفي، قال : روي مرفوعاً ، عن محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر، عن أبي مريم عن بعض أصحابنا، رفعه الى أبي جعفر وأبي جعفر (عليه السلام)، قالا : ( [لما] نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ )، يعني في حروبه، قالت قريش : فعل مانتبعه ، وهو لايدري ما يفعل به ولا بنا ؟
      فأنزل الله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) (3).

    ---------------------------
    (1) الاحقاف، الآية: 9.
    (2) المحاسن، ص 299، ح 1.
    (3) الفتح، الآية: 1.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 184 _

      وقالا : ( قوله تعالى : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) في علي ، هكذا نزلت "(1).
      (286) ـ قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (2).
      334 ـ محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء والحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( لما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام) ، جاء جبرئيل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال : ان فاطمة ستلد غلاماً تقتله أمتك من بعدك ، فلما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام) كرهت حمله ، وحين وضعته كرهت وضعه ).
      ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( لم تر في الدنيا ام تلد غلاماً تكرهه ، لكنها كرهته لما علمت بأنه سيقتل ، وفيه نزلت هذه الآية: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) )(3).
      (287) ـ قوله تعالى : {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي}(4).
      335 ـ قوله تعالى : (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي)، الآية قال: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر (5).
      (288) ـ قوله تعالى : {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لَّا يُجِبْ

    ---------------------------
    (1) تأويل الآيات، ج 2، ص 578، ح 2.
    (2) الاحقاف، الآية: 15.
    (3) الكافي، ج 1، ص 386، ح 3.
    (4) الاحقاف، الآية: 17.
    (5) تفسير القمي، ج 2، ص 297.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 185 _

       دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (1).
      336 ـ قوله تعالى : (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) الى قوله تعالى : (فَلَمَّا قُضِيَ)، أي: فرغ (وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا) الى قوله تعالى : (أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)، فهذا كله حكاية عن الجن، وكان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج من مكة الى سوق عكاظ ، ومعه زيد بن حارثة ، يدعو الناس الى الاسلام، فلم يجبه أحد، ولم يجد من يقبله ، ثم رجع الى مكة ، فلما بلغ موضعاً [يقال] له : وادي مجنة تهجد بالقران في جوف الليل، فمر به نفر من الجن، فلما سمعوا قراءة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، استمعوا له ، فلما سمعوا قراءته ، قال بعضهم لبعض : (أَنصِتُواْ)، يعني اسكتوا: (فَلَمَّا قُضِيَ)، أي فرغ : (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ)، الى قوله تعالى (أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)، فجاءوا الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأسلموا وامنوا ، وعلمهم شرائع الاسلام، فأنزل على نبيه: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ )(2)، السورة كلها ، فحكى [الله] عز وجل قولهم وولى عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانوا يعودون الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل وقت ، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعلمهم ويفقههم ، فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون، ويهود ونصارى ومجوس ، وهم لد الجان (3).

    ---------------------------
    (1) الاحقاف، الآية: 29 ـ 32.
    (2) الجن، الآية: 1.
    (3) تفسير القمي، ج 2، ص 298.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 186 _


      (289) ـ قوله تعالى : {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ} (1).
      337 ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ): نزلت في أبي ذر و سلمان وعمار والمقداد، ولم ينقضوا العهد (وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ)، أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها الله: (وَهُوَ الْحَقُّ)، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) : (مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) أي حالهم.
      ثم ذكر أعمالهم فقال :(ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ) وهم الذين اتبعوا أعداء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام): ( وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ)(2).
      (290) ـ قوله تعالى : {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ }(3).
      338 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: (كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ ) ( نزلت في المنافقين )(4).

    ---------------------------
    (1) محمد، الآية: 2 ـ 3.
    (2) تفسير القمي، ج 2، ص 301.
    (3) محمد، الآية: 14.
    (4) مجمع البيان، الطبرسي، ج 9، ص 151.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 187 _

      (291) ـ قوله تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ } (1).
      339 ـ قوله تعالى : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا) فانها نزلت في المنافقين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن كان إذا سمع شيئاً منه لم يؤمن به ولم يعه ، فاذا خرجوا ، قالوا للمؤمنين ماذا قال محمد آنفاً ؟
      فقال الله تعالى : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ) (2).
      (292) ـ قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (3).
      340 ـ محمد بن يعقوب : عن الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي العباس المكي، قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : ( ان عمر لقي علياً (عليه السلام)، فقال له : أنت الذي تقرأ هذه الآية: (بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (4) وتعرض بي وبصاحبي ؟
      فقال : أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية ؟
      (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) ، فقال : كذبت، بنو أمية أوصل للرحم منكم، ولكنك أبيت الا عداوة لبني تيم وبني عدي وبني أمية )(5).
      341 ـ (تفسير الثعلبي) في تفسير قوله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ ) أن الآية نزلت في بني أمية وبني المغيرة(6).
      (293) ـ قوله تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }(7).

    ---------------------------
    (1) محمد ، الآية: 16.
    (2) تفسير القمي، ج 2، ص 303.
    (3) محمد ، الآية: 22.
    (4) القلم، الآية: 6.
    (5) الكافي، ج 8، ص 103، ح 76.
    (6) العمدة، ابن البطريق، ص 454، ح 946.
    (7) محمد ، الآية: 28.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 188 _

      342 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا علي بن عبد الله، عن ابراهيم بن محمد ، عن اسماعيل بن يسار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر بن يزيد ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ )، قال : ( كرهوا علياً، وكان علي رضا الله ورضا رسوله (صلى الله عليه وآله)، أمر الله بولايته يوم بدر ، ويوم حنين وببطن نخلة ويوم التروية، نزلت فيه اثنتان وعشرون اية في الحجة التي صد فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المسجد الحرام في الجحفة وبخم )(1).
      (294) ـ قوله تعالى : {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} (2).
      343 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمارة، قال : حدثني أبي، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال : ( لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) يوم غدير خم قال قوم : ما باله يرفع بضبع ابن عمه! فأنزل الله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ) )(3).
      (295) ـ قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} (4).
      344 ـ أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن ابراهيم العلوي، قال : حدثني أبي قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني الرازي في منزله بالري ، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن أبيه، عن ابائه (عليهم السلام) ، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال :

    ---------------------------
    (1) تأويل الآيات، ج 2، ص 589، ح 17.
    (2) محمد، الآية: 29.
    (3) تأويل الآيات، ج 2، ص 590، ح 18.
    (4) محمد، الآية: 30.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 189 _

      " قلت أربعاً أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه ، قلت : المرء مخبوء تحت لسانه ، فاذا تكلم ظهر ، فأنزل الله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)، وقلت: فمن جهل شيئاً عاداه، فأنزل الله تعالى : (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ)(1)، وقلت : قدر أو قال قيمة ـ كل امرء ما يحسن، فأنزل الله في قصة طالوت: (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ )(2)، وقلت: القتل يقل القتل، فأنزل الله: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ) (3) ((4).


      (296) ـ قوله تعالى :{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} (5).
      345 ـ عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : ( لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم، حتى نزلت سورة الفتح ، فلم يعد الى ذلك الكلام )(6).
      (297) ـ قوله تعالى : {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا * قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ

    ---------------------------
    (1) يونس، الآية: 39.
    (2) البقرة، الآية: 247.
    (3) البقرة، الآية: 179.
    (4) أمالي الطوسي، ج 2، ص 108.
    (5) الفتح، الآية: 1-2.
    (6) تفسير العياشي، ج 2، ص 120، ح 12.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 190 _

      شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}(1).
      346 ـ ثم ذكر الاعراب الذين تخلفوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا)، الى قوله تعالى : (وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا ) (2)، أي قوم سوء، وهم الذين استنفرهم في الحديبية.
      ولما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى المدينة من الحديبية غزا خيبر فاستأذنه المخلّفون أن يخرجوا معه ، فأنزل الله: (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا).
      ثم قال : (قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
      ثم رخص عز وجل في الجهاد، فقال : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا)(3).
      ثم قال: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ)، يعني فتح خيبر: (وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ)(4).
      ثم قال : (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا) (5)، ثم قال: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ )(6)، أي بعد أن أممتم من المدينة الى الحرم، وطلبوامنكم الصلح، بعد أن كانوا يغزونكم

    ---------------------------
    (1) الفتح، الآية: 15-16.
    (2) الفتح، الآية: 11-12.
    (3) الفتح، الآية: 17.
    (4) الفتح، الآية: 20.
    (5) الفتح، الآية: 21.
    (6) الفتح، الآية: 24.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 191 _

      بالمدينة صاروا يطلبون الصلح، بعد اذ كنتم [أنتم] تطلبون الصلح منهم (1).
      (298) ـ قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (2).
      347 ـ وأنزل في تطهير الرؤيا التي راها رسول الله: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا) يعني فتح خيبر، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما رجع من الحديبية غزا خيبر (3).
      (299) ـ قوله تعالى : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (4).
      348 ـ حدثني أبي، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى ، يقول الله تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ) (5)، يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لان الله عز وجل قد أنزل عليهم في التوراة والانجيل والزبور صفة محمد (صلى الله عليه وآله) وصفة أصحابه، ومبعثه ومهاجره، وهوقوله تعالى : (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 315.
    (2) الفتح، الآية: 27.
    (3) تفسير القمي، ج 2، ص 317.
    (4) الفتح، الآية: 29.
    (5) البقرة، الآية: 146.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 192 _

      مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ) فهذه صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصفة أصحابه في التوراة والانجيل ، فلما بعثه الله عز وجل، عرفه أهل الكتاب، كما قال جل جلاله ) (1).


      (300) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }(2).
      349 ـ روي عن ابن كدينة الاودي، قال : قام رجل الى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فسأله عن قول الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) فيمن نزلت ؟
      قال : ( في رجلين من قريش ) (3).
      350 ـ نزلت في وفد بني تميم ، كانوا إذا قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقفوا على باب حجرته، فنادوا : يامحمد ، أخرج الينا ، وكانوا إذا خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقدموه في المشي ، وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته ، يقولون : يامحمد ، يا محمد ، ماتقول في كذا وكذا ؟

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 1، ص 32.
    (2) الحجرات، الآية: 1.
    (3) الاختصاص، المفيد: ص 128.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 193 _

      كما يكلمون بعضهم بعضاً ، فأنزل الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) (1).
      (301) ـ قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (2).
      351 ـ كان قوم من سفهاء بني تميم ، أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا : يامحمد ، أخرج الينا نكلمك.
      فغم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وساءه ماظهر من سوء أدبهم، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)(3).
      (302) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (4).
      352 ـ انها نزلت في مارية القبطية ام ابراهيم، وكان سبب ذلك أن عائشة قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : ان ابراهيم ليس هو منك ، وانما هو من جريج القبطي فانه يدخل اليها في كل يوم.
      فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال لامير المؤمنين (عليه السلام): ( خذ هذا السيف وأتني برأس جريج ).
      فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) السيف، ثم قال : ( بأبي أنت وأمي يا رسول الله، انك إذا بعثتني في أمر أكون فيه كالسفود المحمي في الوبر ، فكيف تأمرني ، أثبت فيه أم أمضي على ذلك ؟ ).
      فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( بل تثبت ) فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) الى مشربة أم ابراهيم، فتسلق عليها ، فلما نظر اليه جريج هرب منه وصعد النخلة، فدنا منه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقال له : ( انزل ) فقال : ياعلي ، ما هاهنا أناس، اني مجبوب ، ثم كشف

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 318.
    (2) الحجرات، الآية: 4.
    (3) ربيع الابرار، الزمخشري، ج 2، ص 305.
    (4) الحجرات، الآية: 6.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 194 _

      عن عورته، فاذا هو مجبوب ، فأتى ( به ) الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( ماشأنك ياجريج ؟ ) فقال : يارسول الله، ان القبط يجبون حشمهم ومن يدخل الى أهليهم ، والقبطيون لا يأنسون الا بالقبطيين ، فبعثني أبوها لادخل اليها وأخدمها وأؤنسها ، فأنزل الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) ، الآية (1).
      (303) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ }(2).
      353 ـ فانها نزلت في صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذلك أن عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها، وتقولان لها: يابنت اليهودية.
      فشكت ذلك الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال ( لها ) : ( ألا تجيبيهما ؟ ) فقالت : بماذا يارسول الله ؟
      قال : ( قولي : ان أبي هارون نبي الله، وعمي موسى كليم الله، وزوجي محمد رسول الله، فما تنكران مني ؟ ).
      فقالت لهما ، فقالتا : هذا علمك رسول الله، فأنزل الله في ذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى) ـ الى قوله تعالى ـ ( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ)(3).
      (304) ـ قوله تعالى:{لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (4) .

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 318.
    (2) الحجرات، الآية: 11.
    (3) تفسير القمي، ج 2، ص 321.
    (4) الحجرات، الآية: 14 - 15.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 195 _

      354 ـ قوله تعالى : (لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا) ، أي لا ينقصكم.
      قوله تعلى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ) أي لم يشكّوا (وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الآية، قال : نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) (1).


      (305) ـ قوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ* بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ* أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ * بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ * أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ *وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ } (2).
      355 ـ في قوله تعالى : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) ، قال : (ق) جبل محيط بالدنيا من وراء يأجوج ومأجوج ، وهو قسم، (بَلْ عَجِبُوا)، يعني قريشاً (أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ ) ، يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، (فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ* أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) ، قال : نزلت في أبي ابن خلف ، قال لابي جهل، اني لاعجب من محمد ،

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 322.
    (2) ق ، الآية: 1 - 9.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 196 _

      ثم أخذ عظماً ففتّه ، ثم قال : يزعم محمد أن هذا يحيا ! فقال الله (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ) يعني مختلف.
      ثم احتج عليهم وضرب للبعث والنشور مثلا فقال : (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ )، أي حسن (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيد) قال : كل حب يحصد (1).
      (306) ـ قوله تعالى : {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} (2)
      356 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله عز وجل (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)، قال : ( نزلت فيّ وفي علي بن أبي طالب ، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك ياعلي ، وكساني وكساك ياعلي ، ثم قال لي ولك : ألقيا في جهنم كل من أبغضكما وأدخلا الجنة كل من أحبكما، فان ذلك هو المؤمن )(3).
      (307) ـ قوله تعالى : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (4).
      357 ـ من تفسير ابن وكيع والسدّي وعطاء ، أنه قال ابن عباس : أهدي الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ناقتان عظيمتان سمينتان ، فقال للصحابة : ( هل فيكم أحد يصلي ركعتين بقيامهما وركوعهما وسجودهما ووضوئهما وخشوعهما ، لا يهم معهما من أمر الدنيا بشيء ، ولا يحدث نفسه بذكر الدنيا، أهديه احدى هاتين الناقتين ؟ ).
      فقالها مرة ومرتين وثلاثة ، لم يجبه أحد من الصحابة.
      فقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال : ( أنا ـ يارسول الله ـ أصلي ركعتين أكبر التكبيرة الاولى والى أن أسلم منهما، لا أحدث نفسي بشيء من أمر الدنيا ) .

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 323.
    (2) ق ، الآية: 24.
    (3) الامالي، الشيخ الطوسي، ج 1، ص 378.
    (4) ق ، الآية: 37.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 197 _

      فقال : ( ياعلي ، صلّ ، صلّى الله عليك ).
      فكبّر أمير المؤمنين، ودخل في الصلاة، فلما فرغ من الركعتين، هبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال : يامحمد ، ان الله يقرئك السلام، ويقول لك أعطه احدى الناقتين.
      فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( اني شارطته أن يصلّي ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء من أمر الدنيا ، اعطه احدى الناقتين إن صلاهما ، وانه جلس في التشهد فتفكر في نفسه أيهما يأخذ ! ).
      فقال جبرئيل : يامحمد ، ان الله يقرئك السلام، ويقول لك : تفكّر أيّهما يأخذها ، أسمنها وأعظمها ، فينحرها ويتصدق بها لوجه الله، فكان تفكره لله عز وجل ، لا لنفسه ولا للدنيا.
      فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأعطاه كلتيهما ، فأنزل الله فيه : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى)، لعظة (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ) عقل (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ)، يعني استمع أمير المؤمنين باذنيه الى ماتلاه بلسانه من كلام الله: (وَهُوَ شَهِيدٌ) ، يعني وأمير المؤمنين حاضر القلب لله في صلاته، لا يتفكر فيها بشيء من أمر الدنيا(1).


      (308) ـ قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (2).
      358 ـ حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن ابراهيم بن محمد ، عن علي بن نصير ، عن

    ---------------------------
    (1) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 2، ص 20.
    (2) الطور، الآية: 21.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 198 _

      الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن أبي مالك، عن ابن عباس (رحمه الله)، في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)، قال : نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)(1) .


      (309) ـ قوله تعالى : {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى *مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (2) .
      359 ـ محمد بن العباس (رحمه الله): عن جعفر بن محمد العلوي، عن عبد الله بن محمد الزيات، عن جندل بن والق ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن ابراهيم ، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) ، قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أنا سيد الناس ولا فخر ، وعلي سيد المؤمنين، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
      فقال رجل من قريش : والله ما يألو يطري ابن عمه; فأنزل الله سبحانه: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى *مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى) وما هذا القول الذي يقوله بهواه في ابن عمّه: (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) )(3).

    ---------------------------
    (1) تأويل الآيات، ج 2، ص 618، ح 6.
    (2) النجم، الآية: 1 - 4.
    (3) تأويل الآيات، ج 2، ص 623، ح 4.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 199 _


      (310) ـ قوله تعالى : {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ}(1).
      360 ـ أجمع المفسرون والمحدثون سوى عطاء والحسن والبلخي، في قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) أنه [قد] اجتمع المشركون ليلة بدر الى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا : ان كنت صادقاً فشقّ لنا القمر فرقتين.
      فقال (صلى الله عليه وآله) : ( ان فعلت تؤمنون ؟ ).
      قالوا : نعم ، فأشار اليه باصبعه ، فانشق شقتين.
      وفي رواية : نصفاً على أبي قبيس ، ونصفاً على قعيقعان.
      وفي رواية : نصفاً على الصفا، ونصفاً على المروة.
      فقال (صلى الله عليه وآله) : ( اشهدوا اشهدوا ) فقال ناس : سحرنا محمد ، فقال رجل : ان كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم ، ( وكان ) ذلك قبل الهجرة، وبقي قدر مابين العصر الى الليل وهم ينظرون اليه، ويقولون : هذا سحر مستمر.
      فنزل (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ) (2) الآيات.
      وفي رواية : أنه قدم السفاد من كل وجه، فما من أحد قد الا أخبرهم أنهم رأوا مثل ما رأوا (3).
      (311) ـ قوله تعالى : {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ * أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ * إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ

    ---------------------------
    (1) القمر، الآية: 1.
    (2) القمر، الآية: 2.
    (3) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 1، ص 122.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 200 _

      وَسُعُرٍ} (1).
      361 ـ قوله تعالى (أَكُفَّارُكُمْ) مخاطبة لقريش (خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ) يعني هذه الامم الهالكة (أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ) أي في الكتب لكم براءة أن لا تهلكوا كما هلكوا، فقالت قريش: قد اجتمعنا لننتصر ونقتلك يامحمد ، فأنزل الله: (أَمْ يَقُولُونَ) يامحمد ، (نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) يعني يوم بدر حين هزموا وأسروا وقتلوا ثم قال : (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ) يعني القيامة (وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)أي أشد وأغلظ [وَأَمَرُّ]، وقوله تعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ) أي في عذاب ، و سعر : وادي في جهنم عظيم (2).


      (312) ـ قوله تعالى : {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}(3).
      362 ـ عن الخركوشي في كتابيه (اللوامع)، و (شرف المصطفى) باسناده عن سلمان ، وأبي بكر الشيرازي في كتابه ، عن أبي صالح وأبي اسحاق الثعلبي، وعلي بن أحمد الطائي ، وابن علوية القطّان ، في تفاسيرهم ، عن سعيد بن جبير ، وسفيان الثوري، وأبي نُعيم الاصفهاني (فيما نزل من القران في أمير المؤمنين (عليه السلام))، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، وعن أبي مالك ، عن ابن عباس ، والقاضي النطنزي، عن

    ---------------------------
    (1) القمر، الآية: 42 - 47.
    (2) تفسير القمي، ج 2، ص 342.
    (3) الرحمن، الآية: 19.