الفهرس العام



سورة المائدة
سورة الأنعام


  أو يُقتل ، فأنزل اللّه هذه الآية : {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } (1).
  (72) ـ قوله تعالى : {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (2).
  79 ـ عن سلام الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبان بن تغلب ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام): ( نزلت في رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، وفي علي (عليه السلام) ) (3).
  (73) ـ قوله تعالى : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا } (4).
  80 ـ عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن زياد القندي، عن سماعة ، قال : قال أبو عبداللّه (عليه السلام) في قول اللّه عزّوجل: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا } .
  قال : ( نزلت في أمّة محمد (صلى الله عليه وآله) خاصّة ، في كلّ قَرن منهم إمام منّا شاهد عليهم، ومحمد (صلى الله عليه وآله) في كل قَرن شاهد علينا ) (5).
  (74) قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } (6).
  81 ـ أنزل اللّه تبارك وتعالى في الخمر ثلاث آيات : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) (7) فكان المسلمون بين شارب وتارك، الى أن شربها رجل ودخل في صلاته فهجر ، فنزل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } فشربها من شربها من المسلمين ، حتى شربها عمر فأخذ لَحْي بعير ، فشجّ

---------------------------
(1) تفسير العياشي، ج 1، ص 235، ح 99.
(2) النساء، الآية: 36.
(3) المناقب، ابن شهر آشوب، ج 3، ص 105.
(4) النساء، الآية: 41.
(5) الكافي، ج 1، ص 146، ح 1.
(6) النساء، الآية: 43.
(7) البقرة، الآية: 219.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 52 _

  رأس عبدالرحمن بن عوف ، ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يعفر :
وكـائن  بالقليب قليب iiبدر      من  الفتيان والشرب iiالكرام
أيوعدنا ابن كبشة ان iiسنحيا      وكـيف حياة أصداء iiوهام؟
أيعجزُ  أن يرد الموتَ iiعني      وينشرني اذا بليت عظامي؟
ألا مَـن مبلغ الرحمن iiعني      بـأني تـارك شهر iiالصيام
فـقل  لـلّه يمنعني iiشرابي      وقـل لـلّه يمنعني iiطعامي
  فبلغ ذلك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فخرج مغضبا يَجُرّ رداءه ، فرفع شيئاً كان في يده ليضربه ، فقال : أعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله ، فأنزل اللّه سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ) الى قوله : (فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) (1).
  فقال عمر: انتهينا (2).
.   (75) ـ قوله تعالى : {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا * مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } (3).
  82 ـ قوله تعالى : (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ـ الى قوله ـ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) نزلت في اليهود (4).
  (76) ـ قوله تعالى : {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا } (5).

---------------------------
(1) المائدة، الآية: 91.
(2) ربيع الابرار، الزمخشري، ج 4، ص 51.
(3) النساء، الآية: 45 ـ 46.
(4) تفسير القمي، ج 1، ص 140.
(5) النساء، الآية: 54.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 53 _

  83 ـ عن أبي الفتوح الرازي في (روض الجنان) بما ذكره أبو عبداللّه المرزباني، بإسناده ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) نزلت في رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، وفي علي (عليه السلام)(1).
  (77) ـ قوله تعالى : {إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ} (2).
  84 ـ أبو جعفر (عليه السلام) (إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ)، قال : ( فينا نزلت ، واللّه المستعان ) (3).
  (78) ـ قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (4).
  85 ـ عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس وعلي بن محمد ، عن سهل بن زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عزّوجل: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.
  فقال : ( نزلت في علي بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين (عليهم السلام) ).
  فقلت له : إن الناس يقولون : فما له لم يُسمّ علياً وأهل بيته (عليهم السلام) في كتاب اللّه عزّوجل.
  قال : ( فقولوا لهم : إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ اللّه لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتى كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يُسمّ لهم من كل أربعين درهماً درهماً ، حتى كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزل الحج فلم يقل لهم : طوفوا اسبوعاً، حتى كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم ... ) الحديث (5).
  86 ـ إنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) حين خلّفه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالمدينة ، فقال : ( يا

---------------------------
(1) المناقب، ابن شهر آشوب، ج 3، ص 213، وتفسير الحبري، ص 255، ح 19.
(2) النساء، الآية: 58.
(3) تفسير العياشي، ج 1، ص 249، ح 166.
(4) النساء، الآية: 59.
(5) الكافي، ج 1، ص 226، ح 1.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 54 _

  رسول اللّه أتخلفني على النساء والصبيان ) ؟
  فقال : ( يا أمير المؤمنين، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، حين قال له : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) ) (1).
  فقال : ( بلى و اللّه ).
  (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) قال : علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولاّه اللّه أمر الأمّة بعد محمد ، وحين خلّفه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالمدينة ، فأمر اللّه العباد بطاعته وترك خلافه (2).
  (79) ـ قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } (3).
  87 ـ عن أبي المفضل، قال : حدّثنا أبو عبداللّه جعفر بن محمد بن الحسن العلوي الحسيني (رضي الله عنه)، قال : حدّثنا موسى بن عبداللّه بن موسى بن عبداللّه بن الحسن، قال : حدّثني أبي، عن جدي، عن أبيه عبداللّه بن الحسن، عن أبيه وخاله علي بن الحسين، عن الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب ، عن أبيهما علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال : ( جاء رجل من الأنصار الى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال : يا رسول اللّه، ما استطيع فراقك ، وإني لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي وأقبل حتى انظر اليك حُباً لك ، فذكرت اذا كان يوم القيامة وأدخلت الجنة فرفعتَ في أعلى علّيين فكيف لي بك يا نبي اللّه ؟
  فنزلت : {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) الرجل فقرأها عليه وبشّره بذلك ) (4).
  (80) ـ قوله تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ

---------------------------
(1) الاعراف، الآية: 142.
(2) المناقب، ابن شهر آشوب، ج 3، ص 15.
(3) النساء، الآية: 69.
(4) الأمالي، الطوسي، ج 2، ص 233.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 55 _

  الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً * أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (1).
  88 ـ قال علي بن ابراهيم : إنها نزلت بمكة قبل الهجرة، فلما هاجر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى المدينة وكتب عليهم القتال نُسخَ هذا ، فجزع أصحابه من هذا ، فأنزل اللّه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ) بمكة (كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ) لأنهم سألوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بمكة أن يأذن لهم في محاربتهم ، فأنزل اللّه: (كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ) فلما كتب عليهم القتال بالمدينة (وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) فقال اللّه : (قُلْ) يا محمد ( مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) الفتيل : القِشر الذي في النواة.
  ثم قال : (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) يعني الظلمات الثلاث التي ذكرها اللّه، وهي : المَشيمة، والرحم ، والبَطن (2) .
  (81) ـ قوله تعالى : {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً * وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا * إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُونَكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا

---------------------------
(1) النساء، الآية: 77 ـ 78.
(2) تفسير القمي، ج 1، ص 143.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 56 _

جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} (1)
  89 ـ اختلفوا في من نزلت هذه الآية فيه ، فقيل : نزلت في قوم قدموا المدينة من مكة فأظهروا للمسلمين الاسلام ، ثم رجعوا الى مكة لأنهم استوخموا المدينة فأظهروا الشرك، ثم سافروا ببضائع المشركين الى اليمامة فأراد المسلمون أن يغزوهم فاختلفوا ، فقال بعضهم ، لا نفعل فإنهم مؤمنون ، وقال آخرون: إنهم مشركون ، فأنزل اللّه فيهم الآية ، وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) (2).
  90 ـ عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان، عن الفضل أبي العباس، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، في قول اللّه عزّوجل : (أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُونَكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ ) ، قال (عليه السلام) : ( نزلت في بني مُدْلج لأنهم جاءوا الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فقالوا : إنا قد حصرت صدورنا أن نشهد أنك رسول اللّه، فلسنا معك ولا مع قومنا عليك ).
  قال : قلت : كيف صنع بهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ؟
  قال : ( وادعهم الى أن يفرغ من العرب، ثم يدعوهم ، فإن أجابوا وإلا قاتلهم" (3).
  (82) ـ قوله تعالى : {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا } (4).
  91 ـ [نزلت] في عُيينة بن حُصين الفزاري، أجدبت بلادهم فجاء الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، ووادَعَه على أن يقيم ببطن نَخْل ، ولا يتعرض له، وكان منافقاً ملعونا، وهو الذي سمّاه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): الأحمق المُطاع في قومه (5).
  (83) ـ قوله تعالى : {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ

---------------------------
(1) النساء، الآية: 88 ـ 90.
(2) مجمع البيان، الطبرسي، ج 3، ص 132.
(3) الكافي، ج 8، ص 327، ح 504.
(4) النساء، الآية: 91.
(5) تفسير القمي، ج 1، ص 17.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 57 _

  الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } (1).
  92 ـ إنها نزلت لما رجع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من غزوة خيبر ، وبعث أُسامة بن زيد في خيل الى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ، ليدعوهم الى الاسلام، وكان رجل [من اليهود] يقال له مِرداس بن نَهيك الفَدَكي في بعض القرى، فلما أحسّ بخيل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) جمع أهله وماله [وصار] في ناحية الجبل فأقبل يقول : أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه، فمرّ به أُسامة بن زيد فطعنه فقتله، فلما رجع الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أخبره بذلك، فقال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ( قتلت رجلاً شهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه ) ؟
  فقال : يا رسول اللّه، إنما قالها تعوذاً من القتل.
  فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ( فلا كشفت الغطاء عن قلبه ، ولا ما قال بلسانه قَبلت ، ولا ماكان في نفسه علمت ).
  فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقتل أحداً شهد أن لا اله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه، فتخلّف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه : فأنزل اللّه تعالى في ذلك : (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) ثم ذكر فَضلَ المجاهدين على القاعدين فقال: (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ) (2) يعني الزمني كما ليس على الأعرج حرج (وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ )(3) الى آخر الآية. (4)
  (84) ـ قوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ

---------------------------
(1) النساء، الآية: 94.
(2) النساء، الآية: 95.
(3) النساء، الآية: 95.
(4) تفسير القمي، ج 1، ص 148.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 58 _

  وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ }(1)
  93 ـ إنها نزلت لما خرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى الحديبية يريد مكة ، فلما وقع الخبر الى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس ، كميناً ليستقبل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فكان يُعارضه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على الجبال، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر فأذّن بلال فصلّى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالناس ، فقال خالد بن الوليد لو كنّا حَملنا عليهم وهم في الصلاة لأصبناهم ، فإنهم لا يقطعون صلاتهم ، ولكن تجيء لهم الآن صلاة أخرى هي أحبّ إليهم من ضياء أبصارهم، فإذا دخلوا فيها أغرنا عليهم ، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بصلاة الخوف في قوله : (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ) الآية (2).
  (85) ـ قوله تعالى : {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا * هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً * وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا * وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} الآية (3).
  94 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال : ( إن اُناساً من رَهط بَشير الأدنين، قالوا انطلقوا بنا الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، وقالوا : نُكلّمه في صاحبنا أو نَعذره، إن صاحبنا بريء ، فلما أنزل اللّه (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ) الى قوله : (وَكِيلاً) فأقبلت رَهط بَشير ،

---------------------------
(1) النساء، الآية: 102.
(2) تفسير القمي، ج 1، ص 150.
(3) النساء، الآية: 107 ـ 113.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 59 _

  فقالوا : يا بشير ، استغفر اللّه وتب اليه من الذنب.
  فقال : والذي أحلف به ما سرقها إلا لبيد فنزلت (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).
  ثم إن بشيراً كفر ولحق بمكة، وأنزل اللّه في النفر الذين أعذروا بشيراً وأتوا النبي (صلى الله عليه وآله) ليعذروه قوله: (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) (1).
  (86) ـ قوله تعالى : (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا )(2)
  95 ـ نزلت في بشير وهو بمكة (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ) وقوله : (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ) أي يخالفه (3).
  (87) ـ قوله تعالى : {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } (4).
  96 ـ قوله تعالى :(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) قال : نزلت مع قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ }، (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) فنصف الآية في أول السورة، ونصفها على رأس المائة وعشرين آية، وذلك أنهم كانوا لا يستحلون أن يتزوجوا يتيمة قد ربّوها فسألوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عن ذلك ، فأنزل اللّه تعالى :

---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 152.
(2) النساء، الآية: 115.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 152.
(4) النساء، الآية: 127.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 60 _

  (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء) الى قوله : (مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (1).
  (88) ـ قوله تعالى : {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ} (2).
  97 ـ نزلت في بنت محمد بن مسلمة ، كانت امرأة رافع بن جريح، وكانت امرأة قددخلت في السن وتزوج عليها امرأة شابة ، كانت أعجب اليه من بنت محمد بن مسلمة، فقالت له بنت محمد بن مسلمة: ألا أراك معرضاً عني مؤثراً عليّ ؟
  فقال رافع: هي امرأة شابة، وهي أعجب إليّ، فإن شئتِ أقررت على أن لها يومين أو ثلاثة مني ولك يوم واحد، فأبت بنت محمد بن مسلمة أن ترضى ، فطلّقها تطليقة واحدة ثم طلقها أخرى، فقالت: لا واللّه لا أرضى أن تسوي بيني وبينها ، يقول اللّه: (وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ) وابنة محمد لم تطِب نفسها بنصيبها وشحّت عليه ، فعرض عليها رافع إما أن ترضى ، وإما أن يُطلقها الثالثة، فشحّت على زوجها ورضيت ، فصالحته على ما ذكر ، فقال اللّه: (فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) فلما رضيت استقرت لم يستطع أن يعدل بينهما فنزلت: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ)(3) أن يأتي واحدة ويذر الأخرى لا أيِّم ولا ذات بعل ، وهذه السُنّة فيما كان كذلك اذا أقرت المرأة ورضيت على ما صالحها عليه زوجها فلا جناح على الزوج ولا على المرأة، وإن هي أبت طلّقها أو يساوي بينهما ، لا يسعه إلا ذلك(4).
  (89) ـ قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ

---------------------------
(1) تفسير القمي ،ج 1، ص 130.
(2) النساء، الآية: 128.
(3) النساء، الآية: 129.
(4) تفسير القمي، ج 1، ص 154.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 61 _

  يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }(1).
  98 ـ إنها نزلت في عبداللّه بن أُبي وأصحابه الذين قعدوا عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يوم أُحد، فكان اذا ظفر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالكفار ، قالوا له : (أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ) وإذا ظفر الكفار، قالوا : (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) أن نعينكم ولم نعن عليكم، قال اللّه: (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (2).
  (90) ـ قوله تعالى :{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } (3)
  99 ـ نزلت في عبداللّه بن أُبي، وجرت في كل منافق ومشرك(4).
  (91) ـ قوله تعالى : {لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا }(5)
  100 ـ عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : ( إنما أنزلت: (لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ) في علي ( أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا) ) (6).

سورة المائدة

  (92) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } (7).
  101 ـ عن المُعلى بن محمد البصري ، عن ابن أبي عُمير ، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)

---------------------------
(1) النساء، الآية: 141.
(2) تفسير القمي، ج 1، ص 156.
(3) النساء، الآية: 145.
(4) تفسير القمي، ج 1، ص 157.
(5) النساء، الآية: 166.
(6) تفسير القمي، ج 1، ص 159.
(7) المائدة، الآية: 1.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 62 _

  في قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) ، قال : ( إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عَقَد عليهم لعلي (عليه السلام) بالخلافة في عشرة مواطن ، ثم أنزل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) التي عُقدت عليكم لأمير المؤمنين (عليه السلام) (1).
  (93) ـ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (2).
  102 ـ قال أبو جعفر (عليه السلام) : نزلت هذه الآية في رجل من بني ربيعة يقال له : (الحَطم) (3).
  (94) ـ قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (4).
  103 ـ عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال : ( سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول : بِناءُ الاسلام على خمس خصال : على الشهادتين، والقرينتين قيل له : أما الشهادتان فقد عرفناهما، فما القرينتان ؟
  قال : الصلاة والزكاة ، فإنه لا تُقبل إحداهما إلا بالأخرى ، والصيام وحج بيت اللّه من استطاع اليه سبيلاً ، وخُتِم ذلك بالولاية ، فأنزل اللّه عزّوجل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (5).
  104 ـ عن جعفربن محمد الخزاعي، عن أبيه، قال : سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول : ( لما نزل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عرفات يوم الجمعة أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له : يا محمد ، إن اللّه يقرئك السلام، ويقول لك : قل لأمتك (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) بولاية علي بن

---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 160.
(2) المائدة، الآية: 2.
(3) مجمع البيان، الطبرسي، ج 3، ص 236 ـ 237.
(4) المائدة، الآية: 3.
(5) الأمالي، الطوسي، ج 2، ص 131.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 63 _

  أبي طالب ( وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) ولست انزل عليكم بعد هذا ، قد أنزلت عليكم الصلاة والزكاة والصوم والحج ، وهي الخامسة ولست أقبل هذه الأربعة إلا بها ) (1).
  (95) ـ قوله تعالى : {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (2).
  105 ـ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، وحميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد من أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن أبي صالح ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : ( قَدِم على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قوم من بني ضَبّة مرضى، فقال لهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أقيموا عندي ، فإذا برئتم بعثتكم في سرية ، فقالوا : أخرجنا من المدينة فبعث بهم الى إبل الصدقة يشربون من أبوالها، ويأكلون من ألبانها، فلما برئوا واشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كان في الإبل ، فبلغ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فبعث اليهم علياً (عليه السلام) وإذا هم في واد، قد تحيّروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه ، قريبا من أرض اليمن، فأسرهم وجاء بهم الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، فنزلت هذه الاية عليه : (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ) فاختار رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) القطع، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) (3).
  (96) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ

---------------------------
(1) تفسير العياشي، ج 1، ص 293، ح21.
(2) المائدة، الآية: 33 ـ 34.
(3) الكافي، ج 7، ص 245، ح 1.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 64 _

  آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (1)
  106 ـ كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة بطنان من اليهود من بني هارون ، وهم بنو النضير وقُريظة ، وكانت قريظة سبع مائة، والنضير ألفاً، وكانت النضير أكثر مالاً وأحسن حالاً من قريظة ، وكانوا حلفاء لعبداللّه بن أُبي، فكان اذا وقع بين قريظة والنضير قتل ، وكان القاتل من بني النضير، قالوا لبني قريظة : لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم ، فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة ، حتى كادوا أن يقتتلوا ، حتى رضيت قريظة ، وكتبوا بينهم كتاباً على أنه أيّ رجل من النضير قتل رجلاً من بني قريظة أن يُجبّه ويُحمّم ـ والتجبية أن يُقعد على جمل ويُلوى وجهه الى ذنب الجمل ، ويُلطّخ وجهه بالحمأة ـ ويدفع نصف الدية.
  أيما رجل من بني قريظة قتل رجلاً من النضير أن يدفع اليه الدية كاملة، ويُقتل به.
  فلما هاجر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى المدينة، ودخلت الأوس والخزرج في الاسلام، ضعف أمر اليهود، فقتل رجل من بني قريظة رجلاً من بني النضير، فبعث اليه بنو النضير : ابعثوا الينا بدية المقتول، وبالقاتل حتى نقتله.
  فقالت قريظة : ليس هذا حكم التوراة، وإنما هو شيء غلبتمونا عليه ، فأما الدية، وإما القتل، وإلا فهذا محمد بيننا وبينكم ، فهلموا نتحاكم اليه.
  فمشت بنو النضير الى عبداللّه بن أُبي وقالوا : سَلْ محمداً أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا وبين بني قريظة في القتل .

---------------------------
(1) المائدة، الآية: 41 ـ 42.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 65 _

  فقال عبداللّه بن أُبي : ابعثوا معي رجلاً يسمع كلامي وكلامه، فإن حكم لكم بما تريدون ، وإلا فلا ترضوا به.
  فبعثوا معه رجلاً فجاء الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فقال له : يا رسول اللّه، إن هؤلاء القوم قريظة والنضير قد كتبوا بينهم كتاباً وعهداً وميثاقا فتراضوا به ، والآن في قدومك يريدون نقضه، وقد رضوا بحكمك فيهم ، فلا تنقض عليهم كتابهم وشرطهم ، فإن بني النضير لهم القوة والسلاح والكراع ونحن نخاف الغوائل والدوائر.
  فاغتم لذلك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، ولم يُجبه بشيء ، فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ) يعني اليهود.
  (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الى قوله : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(1) (2).
  (97) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }(3)
  107 ـ عن الباقر والصادق (عليهما السلام) : ( أن هذه الآية نزلت في علي (عليه السلام) ) (4) .

---------------------------
(1) المائدة، الآية: 44.
(2) تفسير القمي، ج 1، ص 168.
(3) المائدة، الآية: 54.
(4) نهج البيان، ج 2، ص 103، (مخطوط) .

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 66 _

  108 ـ قال الثعلبي في تفسير الآية : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) الآية، قال : نزلت في علي (عليه السلام) (1).
  (98) ـ قوله تعالى : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }(2)
  109 ـ عن صفوان ، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال : ( بينا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) جالس وعنده قوم من اليهود، فيهم عبداللّه بن سلام ، إذ نزلت عليه هذه الآية، فخرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى المسجد، فاستقبله سائل ، فقال : هل أعطاك أحدٌ شيئاً ؟
  قال : نعم ، ذلك المصلي.
  فجاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فإذا هو علي (عليه السلام) )(3).
  110 ـ أن عبداللّه بن سلام أتى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) مع رهط من قومه ، يشكون الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) مالقوا من قومهم، فبينما هم يشكون إذ نزلت هذه الآية، وأذّن بلال ، فخرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى المسجد، وإذا مسكين يسأل ، فقال (صلى الله عليه وآله) : ( ماذا اعطيت ؟ ).
  قال : خاتماً من فضة.
  فقال : ( من أعطاكه ؟ ).
  قال : ذلك القائم.
  فاذا هو علي (عليه السلام).
  قال : ( على أي حال أعطاكه ؟ ).
  قال : أعطاني وهو راكع.
  فكبّر النبي (صلى الله عليه وآله) وقال : (ومن يتولّ اللّه ورسوله) الآية (4 ).

---------------------------
(1) العمدة، ابن البطريق، ص 158.
(2) المائدة، الآية: 55.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 170.
(4) مجمع البيان، الطبرسي، ج 3، ص 325.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 67 _

  (99) ـ قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}(1).
  111 ـ عن الباقر (عليه السلام) أنها نزلت في علي (عليه السلام) (2)
.
  (100) ـ قوله تعالى : {وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ }(3)
  112 ـ نزلت في عبداللّه بن أُبي لما أظهر الاسلام (وقد دخلوا بالكفر).
  قال : وقد خرجوا به من الايمان (4).
  (101) قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } (5).
  113 ـ عن أبي صالح ، عن ابن عباس، وجابر بن عبداللّه، قالا : أمر اللّه تعالى نبيه محمداً (صلى الله عليه وآله) أن ينصب علياً (عليه السلام) عَلَماً للناس ليخبرهم بولايته ، فتخوّف رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أن يقولوا حابى ابن عمه ، وأن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى اللّه اليه : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فقام رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بولايته يوم غدير خم (6).
  114 ـ عن الخدري، وبريدة الأسلمي، ومحمد بن علي، ( أنها نزلت يوم الغدير في علي (عليه السلام) )(7).
  (102) ـ قوله تعالى : { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ

---------------------------
(1) المائدة، الآية: 56.
(2) المناقب، ابن شهر آشوب، ج 3، ص 4.
(3) المائدة، الآية: 61.
(4) تفسير القمي، ج 1، ص 170.
(5) المائدة، الآية: 67.
(6) تفسير العياشي، ج 1، ص 331، ح 152، وشواهد التنزيل، الحسكاني، ج 1، ص 192، ح 249.
(7) المناقب، ابن شهر آشوب، ج 3، ص 21.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 68 _

  وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} (1)
  115 ـ عن مروان عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : ذكر النصارى وعداوتهم ، فقال : قول اللّه ( ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ) قال : ( اولئك كانوا قوماً بين عيسى ومحمد (عليهما السلام) ، ينتظرون مجيء محمد (صلى الله عليه وآله) )(2).
  (103) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ }(3).
  116 ـ عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، أنه قال : ( نزلت في علي (عليه السلام) ، وبلال ، وعثمان بن مظعون ).
  فأما علي (عليه السلام) فإنه حلف أن لا ينام بالليل أبداً إلا ما شاء اللّه، وأما بلال فإنه حلف أن لا يُفطر بالنهار ( أبداً )، وأما عثمان بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبداً )(4).
  (104) ـ قوله تعالى : {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } (5).
  117 ـ قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): ( إنه سيكون قوم يبيتون وهم على شرب الخمر واللهو والغناء ، فبينما هم كذلك، إذ مسخوا من ليلتهم ، وأصبحوا قردة وخنازير، وهو قوله : ( وَاحْذَرُواْ) أن تعتدوا كما اعتدى أصحاب السبت، فقد كان أملى لهم حتى أثروا، وقالوا : إن السبت لنا حلال، وإنما كان حراماً على أولينا، وكانوا يُعاقبون على استحلالهم السبت، فأما نحن فليس علينا حرام ، ومازلنا بخير منذ استحللناه، وقد كثرت أموالنا ، وصحّت أجسامنا ثم أخذهم اللّه ليلاً ، وهم غافلون ، فهو قوله : ( وَاحْذَرُواْ) أن يحل بكم مثل ما حلّ بمن تعدّى وعصى.
  فلما نزل تحريم الخمر والميسر، والتشديد في أمرهما ، قال الناس من المهاجرين

---------------------------
(1) المائدة، الآية: 82.
(2) تفسير العياشي، ج 1، ص 335، ح 162.
(3) المائدة، الآية: 87.
(4) مجمع البيان، الطبرسي، ج 4، ص 364.
(5) المائدة، الآية: 92 ـ 93.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 69 _

  والأنصار: يا رسول اللّه، قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر ، وقد سمّاه اللّه رجساً، وجعله من عمل الشيطان، وقد قلت ما قلت ، أفيضر أصحابنا ذلك شيئاً بعدما ماتوا ؟
  فأنزل اللّه ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ ) الآية، فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر ، والجناح هو الاثم على من شربها بعد التحريم ) (1).
  (105) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ }(2).
  118 ـ عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) : ( أن صفية بنت عبدالمطلب مات ابن لها فأقبلت ، فقال لها عمر بن الخطاب : غطّي قُرطك ، فإن قرابتك من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لا تنفعك بشيء .
  فقالت له : وهل رأيت لي قرطاً ، يابن اللخناء ؟!
  ثم دخلت على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، فأخبرته بذلك ، وبكت ، فخرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فنادى : الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فقال : ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع ؟!
  لو قد قمت المقام المحمود لشفعتُ في أحوجكم ، لا يسألني اليوم أحدٌ من أبوه إلا أخبرتُه.
  فقام اليه رجل ، فقال : مَن أبي يا رسول اللّه ؟
  فقال : أبوك غير الذي تُدعى اليه، أبوك فلان بن فلان.
  فقام اليه رجل آخر فقال : من أبي يا رسول اللّه ؟
  فقال : أبوك الذي تُدعى اليه.
  ثم قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ما بالُ الذي يزعم أن قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه ؟ !

---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 181.
(2) المائدة الآية: 101 ـ 102.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 70 _

  فقام اليه عمر فقال : أعوذ باللّه يا رسول اللّه من غضب اللّه وغضب رسوله ، اعفُ عني ، عفا اللّه عنك ، فأنزل اللّه تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) الى قوله (ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ) (1).
  (106) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ }(2).
  119 ـ عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) أنّه قال : ( نزلت هذه الآية في التقية "(3).
  (107) ـ قوله تعالى : {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ـ الى قوله تعالى ـ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (4).
  120 ـ عن علي بن ابراهيم ، عن رجاله، رفعه ، قال : ( خرج تميم الداري ، وابن بيدي ، وابن أبي مارية ، في سفر ، وكان تميم الداري مسلماً ، وابن بيدي ، وابن أبي مارية نصرانيين ، وكان مع تميم الداري خُرج له ، فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب ، وقلادة ، أخرجها الى بعض أسواق العرب للبيع ، فاعتلّ تميم الداري علة شديدة ، فلما حضره الموت دفع ماكان معه الى ابن بيدي وابن أبي مارية ، وأمرهما أن يُوصلاه الى ورثته ، فقدِما المدينة وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة ، وأوصلا سائر ذلك الى ورثته ، فافتقد القوم الآنية والقِلادة ، فقال أهل تميم لهما : هل مرض صاحبنا مرضاً طويلاً أنفق فيه نفقة كثيرة ؟
  فقالا : لا ، ما مرض إلا أياما قلائل.
  قالوا : فهل سُرِق منه شيء في سفره هذا ؟
  قالا : لا .

---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 188.
(2) المائدة، الآية: 105.
(3) نهج البيان، ج 2، ص 107 (مخطوط).
(4) المائدة، الآية: 106 ـ 108.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 71 _

  قالوا : فهل اتجر تجارة خسر فيها ؟
  قالا : لا.
  قالوا : فقد افتقدنا أفضل شيء كان معه ، آنية منقوشة بالذهب ، مكلّلة بالجوهر ، وقلادة.
  فقالا : ما دفع الينا فقد أدّيناه اليكم.
  فقدموهما الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأوجب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عليهما اليمين، فحلفا، فخلّى عنهما.
  ثم ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما، فجاء اولياء تَميم الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: يا رسول اللّه ، قد ظهر على ابن بيدي وابن أبي مارية ماادّعيناه عليهما.
  فانتظر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من اللّه عزّوجل الحكم في ذلك، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ) فأطلق اللّه عزّوجل شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط، اذا كان في سفر ولم يجد المسلمين، ثم قال: (فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ )فهذه الشهادة الأولى التي جعلها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا) أي أنهما حلفا على كذِب (فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا) يعني من اولياء المدّعي (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ) أي يحلفان باللّه أنهما أحق بهذه الدعوى منهما ، وأنهما قد كذبا فيما حَلفا باللّه (لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ).
  فأمر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أولياء تميم الداري أن يحلفوا باللّه على ما أمرهم به ، فحلفوا فأخذ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) القلادة والآنية من ابن بيدي وابن أبي مارية وردّهما على أولياء تَميم الداري (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ) (1)

---------------------------
(1) الكافي، الكليني، ج 7، ص 5، ح 7.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 72 _

سورة الأنعام

  (108) ـ قوله تعالى : {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ } (1).
  121 ـ عن ابن أبي عمير، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال: " نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى ، يقول اللّه تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ [يعني التوراة والانجيل] يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ) يعني رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لأن اللّه جل وعز قد أنزل عليهم في التوراة والانجيل والزبور صفة محمد (صلى الله عليه وآله) وصفة أصحابه ومبعثه ومَهاجره، وهو قوله : (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ )(2) ، فهذه صفة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وصفة أصحابه في التوراة والانجيل ، فلما بعثه اللّه عزّوجل عرفه أهل الكتاب كما قال اللّه جلّ جلاله )(3).
  (109) ـ قوله تعالى : {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ

---------------------------
(1) الأنعام، الآية: 20.
(2) الفتح، الآية: 29.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 32.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 73 _

  وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } (1).
  122 ـ عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : قال أبو عبداللّه (عليه السلام) : ( يا حفص ، إن مَنْ صَبَرَ صَبَرَ قليلاً ، وإن مَن جَزَعَ جَزع قليلاً ـ ثم قال ـ عليك بالصبر في جميع امورك ، فإن اللّه بعث محمداً وأمره بالصبر والرفق ، فقال : (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا) (2)، وقال: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) (3).
  فصبر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حتى نالوه بالعظائم، ورَمَوه بها، فضاق صدره ، فأنزل اللّه عزّوجل: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ) (4).
  ثم كذبوه ورَمَوه ، فحزِن لذلك، فأنزل اللّه تعالى : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) فألزم (صلى الله عليه وآله) نفسه بالصبر.
  فقعدوا وذكروا اللّه تبارك وتعالى بالسوء وكذبوه ، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : لقد صبرتُ على نفسي وأهلي وعِرضي ، ولا صبرَ لي على ذكرهم إلهي.
  فأنزل اللّه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ) (5) فصبر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في جميع أحواله.
  ثم بشّر في الأئمة من عترته، ووُصفوا بالصبر، فقال: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) (6) فعند ذلك قال (عليه السلام): الصبر من الايمان كالرأس من البدن.
  فشكر اللّه ذلك له فأنزل اللّه عليه : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا

---------------------------
(1) الانعام، الآية: 33 ـ 34.
(2) المزمل، الآية: 10.
(3) فصلت، الآية: 34.
(4) الحجر، الآية: 97.
(5) ق ، الآية: 38 ـ 39.
(6) السجدة، الآية: 24.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 74 _

  صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ) (1).
  فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): آية بُشرى وانتقام.
  فأباحَ اللّه قتلَ المشركين حيثُ وُجدوا، فَقتَلهم اللّه على يدي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأحِبائه ، وعجّل اللّه له ثواب صبره، مع ما ادّخر له في الآخرة من الأجر ) (2).
  123 ـ عن علي بن أحمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن اسماعيل، عن صالح ، عن علقمة ، عن أبي عبداللّه الصادق (عليه السلام) قال : قال لي : ( ألم ينسبوه ـ يعني رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ـ الى الكذب في قوله إنه رسول من اللّه اليهم، حتى أنزل اللّه عزّوجل : (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) ؟ )(3).
  (110) ـ قوله تعالى : {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } (4).
  124 ـ عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله : (وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ).
  قال : ( كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يُحب إسلام الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف ، دَعاه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وجَهَد به أن يُسلِم ، فغلب عليه الشقاء ، فشقّ ذلك على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فأنزل اللّه: (وإن كان كبر عليك إعراضهم ـ الى قوله ـ نَفَقًا فِي الأَرْضِ) يقول : سَرَباً ) (5).
  (111) ـ قوله تعالى : {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ } (6).

---------------------------
(1) الأعراف، الآية: 137.
(2) تفسير القمي، ج 1، ص 196.
(3) الأمالي، الصدوق، ص 92، ح 3.
(4) الانعام، الآية: 35.
(5) تفسير القمي، ج 1، ص 197.
(6) الانعام، الآية: 47.

أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 75 _

  125 ـ [عن] علي بن ابراهيم، قال: إنها نزلت لما هاجر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى المدينة وأصاب أصحابه الجَهْد والعِللُ والمرض ، فشكوا ذلك الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأنزل اللّه عزّوجل : (قُلْ) لهم يا محمد: (أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ) أي لا يصيبهم إلا الجَهْد والضّرّ في الدنيا، فأما العذاب الأليم الذي فيه الهَلاك فلا يُصيب إلا القومَ الظالمين (1).
  (112) ـ قوله تعالى : {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ } (2).
  126 ـ كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يُسمّون أهل الصُفة، وكان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أمرهم أن يكونوا في صُفَّة يأوون اليها، وكان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يتعاهدهم بنفسه ، وربما حمل اليهم ما يأكلون ، وكانوا يختلفون الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فيقربهم ويقعد معهم ، ويؤنسهم ، وكان اذا جاء الأغنياء والمُترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك ويقولون له : اطردهم عنك.
  فجاء يوماً رجل من الأنصار الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، وعنده رجلٌ من أصحاب الصُفة ، قد لَصِق برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ورسول اللّه يحدّثه فقَعدَ الأنصاري بالبعد منهما ، فقال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ( تقدّم ) فلم يفعل ، فقال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ( لعلك خِفتَ أن يلزق فَقره بك ؟ ! ).
  فقال الأنصاري : اطرد هؤلاء عنك.
  فأنزل اللّه : (وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ) (3) .

---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 201.
(2) الانعام، الآية: 52.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 202.