( علي عليه السلام ) فدخلت فيمن دخل ، فسمعت عليا عليه السلام يقول : النفس بالنفس ، فان هلكت فأقتلوه كما قتلني ، وان بقيت رأيت فيه رأيي .
وذكروا أن الناس دخلوا على الحسن بن علي فزعين لما حدث من أمر علي عليه السلام فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يديه إذ ثارت ( ام كلثوم ) بنت علي ( عليه السلام ) فقالت : أي عدو الله انه لا بأس على أبي ، والله يخزيك ، فقال ابن ملجم : على ما تبكين ؟ لقد اشتريت سيفي بألف وسممته بألف ولو كانت هذه الضربة لجميع أهل الأرض ما بقى أحد
.
وذكروا ان جندب بن عبد الله دخل على علي عليه السلام يسليه فقال : يا أمير المؤمنين ان فقدناك ـ فلا نفقدك ـ فنبايع الحسن ؟ قال لا آمركم ولا انهاكم ، انتم ابصر
اوصيكما بتقوى الله ولا تبغيا الدنيا وان بغتكما ، ولا تبكيا على شيء زوي عنكما ، وقولا الحق وارحما اليتيم واعينا الضائع واصنعا للآخرة وكونا للظالم خصماً وللمظلوم ناصراً ، اعملا بما في الكتاب فلا تأخذكما في الله لومة لائم .
ثم نظر إلى محمد ابن الحنفية فقال : هل حفظت ما أوصيت به أخويك ؟ قال : نعم ، قال فاني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك ، لعظيم حقهما عليك ولا تؤثر
امراً دونهما .
ثم قال اوصيكما به فانه شقيقكما وابن أبيكما وقد علمتما ان أباكما كان يحبه ، وقال للحسن : يا بني أوصيك بتقوى الله وإقام الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها فانه لا صلاة إلا بطهور ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة وأوصيك بعفو الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه
في الدين والتثبت في الامر والتعاهد في القرآن وحسن الجوار والامر بالمعروف والنهى عن المنكر واجتناب الفواحش
(1) .
فلما حضرته الوفاة اوصى فكانت وصيته :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أوصى [ به ] علي بن أبي طالب ، أوصى انه يشهد : أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ثم ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين
(2) ثم اوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فاني سمعت أبا القاسم عليه السلام يقول : ان صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام .
انظروا إلى ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب .
الله الله في الايتام فلا تغيروا افواههم ولا يضيعن بحضرتكم .
الله الله في جيرانكم فانهم وصية نبيكم ما زال يوصي بهم حتى ظننا انه سيورثهم .
الله الله في القرآن فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم .
الله الله في الصلاة فانها عماد دينكم .
الله الله في بيت ربكم فلا يخلون ما بقيتم فانه ان ترك لم تناظروا .
الله الله في شهر رمضان فان صيامه جنة من النار .
الله الله في الجهاد في سبيل الله باموالكم وأنفسكم .
الله الله في الزكاة فانها تطفي غضب الرب ، الله الله في ذمة أهل بيت
---------------------------
(1) انظر مقتل أمير المؤمنين لابن ابي الدنيا ح | 33 .
(2) في [ ر ] : اول المسلمين .
المَنَاقِبُ
_ 386 _
نبيكم فلا يظلموا بين ظهرانيكم ، الله الله في أصحاب نبيكم فان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوصى بهم .
الله الله في الفقراء والمساكين فاشركوهم في معايشكم ، الله الله فيما ملكت ايمانكم فان آخر ما تكلم به رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان قال : أوصيكم بالضعيفين : نساؤكم وما ملكت ايمانكم ، الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم يكفيكم من ارادكم وبغى عليكم وقولوا للناس حسنا كما امركم الله .
ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فيتولى الامر شراركم ثم تدعو فلا يستجاب لكم .
علكيم بالتواصل والتباذل وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ، واتقوا الله ان الله شديد العقاب .
حفظكم الله من أهل بيت ، وحفظ فيكم نبيكم ، استودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض في شهر رمضان سنة اربعين وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وكفن في ثلاثة اثواب ليس فيها قميص وكبر عليه الحسن تسع تكبيرات ، وولى الحسن عمله ستة اشهر
(1) وقد كان علي عليه السلام نهى الحسن عن المثلة فقال : يا بني عبد المطلب لا الفينكم تخوضون في دماء المسلمين تقولون قتل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، الا لا يقتل بي إلا قاتلي ، انظر يا حسن ، ان أنا مت من ضربتي هذه ، فاضربه ضربة ولا تمثل بالرجل فاني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ، فلما قبض علي ( عليه السلام ) بعث الحسن (عليه السلام ) إلى ابن ملجم لعنه الله ، فقال للحسن : هل لك في خصلة ، اني
---------------------------
(1) اورد ابن ابي الدنيا هذه الوصية بعينه في مقتل أمير المؤمنين ح | 30 .