258 ـ قوله تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) (1) نزلت في أهل الحديبية ، قال جابر : كنا يوم الحديبية الفاً واربعمائة فقال لنا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنتم اليوم خيار أهل الارض ، فبايعنا تحت الشجرة على الموت فما نكث الاجد بن قيس وكان منافقا ، وأولى الناس بهذه الآية علي بن أبي طالب عليه السلام لانه قال [ تعالى ] : ( وأثابهم فتحاً قريباً ) ـ يعنى فتح خيبر ـ وكان ذلك على يد علي بن أبي طالب عليه السلام (2).
  259 ـ قال ( رضي الله عنه ) : روى السيد أبو طالب باسناده عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلى : من احبك وتولاك ، اسكنه الله معنا ثم تلا رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) (3) .
  260 ـ قوله تعالى : ( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) (4) ، قيل : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، وقيل : السابقون إلى الطاعة ، وقيل إلى الهجرة ، وقيل إلى الاسلام واجابة الرسول ، وكل ذلك موجود في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (5) .
  261 ـ قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة ) (6) قيل سأل الناس رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاكثروا ، فامروا بتقديم الصدقة على المناجاة ، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب عليه السلام قدم ديناراً فتصدق به ، ثم نزلت رخصة (7) .

---------------------------
(1) الفتح : 18 . (2) رواه أيضاً الكنجي في كفاية الطالب | 247 واورده ابن هشام في السيرة النبوية 3 | 315 .
(3) القمر : 54 ـ 55 .
(4) الواقعة : 10 .
(5) ورد نظيره في شواهد التنزيل 1 | 256 .
(6) المجادلة : 12 .
(7) للحديث مصادر كثيرة منها : صحيح الترمذي 5 | 406 ـ خصائص النسائي | 276 مناقب ابن

المَنَاقِبُ _ 277 _

  262 ـ وعن علي ( عليه السلام ) : ان في كتاب الله لآية ، ما عمل بها احد قبلى ولا يعمل بها احد بعدي [ وهي ] ( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة ) [ عملت بها ] ثم نسخت (1) وقيل عمل بها افاضل الصحابة منهم علي والاول أظهر .
  263 ـ وعن ابن عمر انه قال : ثلاث لعلي وددت أن تكون لي واحدة منهن كانت أحب الي من حمر النعم : تزويجه فاطمة ، واعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى (2) .
  264 ـ قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ) (3) روى الزبير ابن العوام قال : سمعت رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدعو النساء إلى البيعة حين نزلت هذه الآية ، فكانت فاطمة بنت اسد ام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أول امرأة بايعت (4) .
  265 ـ وعن جعفر بن محمد : ان فاطمة بنت أسد أول امرأة هاجرت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من مكة إلى المدينة على قدميها ، وكانت ابر الناس برسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) (5) .
  وسمعت رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ان الناس يحشرون يوم القيامة عراة فقالت : واسوأتاه ، فقال لها : اني اسأل الله ان يبعثك كاسية ، وسمعته يذكر ضغطة القبر ، فقالت : واضعفاه ، فقال : انى أسأل الله ان يكفيك ذلك .

---------------------------
المغازلي | 325 وما بعدها ـ تفسير الطبري 28 | 14 .
(1) لهذا الحديث ايضاً مصادر كثيرة منها : تفسير الطبري 28 | 14 وتفسير الكشاف 3 | 210 والدر المنثور للسيوطي 6 | 187 .
(2) الحديث ليس في الاصلين ، ولكن موجود في المطبوع بالنجف .
(3) الممتحنة : 12 .
(4) و(5) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 1 | 14 .

المَنَاقِبُ _ 278 _

  266 ـ قال روى أبو صالح ، عن ابن عباس : ان عبد الله بن ابي واصحابه خرجوا فاستقبلهم نفر من اصحاب رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : انظروا كيف أرد ابن عم رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسيد بني هاشم ، خلد (1) رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال علي ( عليه السلام ) : يا عبد الله اتق الله ولا تنافق ، فان المنافق شر خلق الله فقال : مهلا يا أبا الحسن والله ايماننا كإيمانكم ، ثم تفرقوا ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : كيف رأيتم ما فعلت ؟ فأثنوا عليه خيرا ، ونزل على رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ ) (2) فدلت الآية على ايمان علي عليه السلام ظاهراً وباطناً ، وعلى قطعه موالاة المنافقين واظهاره عداوتهم والمراد بالشياطين رؤساء الكفار (3) .
  267 ـ قوله تعالى : ( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) (4) قال ابن عباس : هو علي ( عليه السلام ) شهد للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو منه (5) .
  268 ـ قوله [ تعالى ] : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) (6) ، قال ابن عباس : هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (7) .
  269 ـ وروى زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي ( رضي الله عنه ) قال : لقيني رجل فقال : يا أبا الحسن أما والله انى لأحبك في الله ، فرجعت إلى رسول الله

---------------------------
(1) الخلد ، بالتحريك : من اسماء النفس ـ لسان العرب ، وخلد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نفسه بحكم آية المباهلة ويؤيده الروايات .
(2) البقرة : 14 .
(3) انظر نظيره في شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني 1 | 72 .
(4) هود : 17 .
(5) رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1 | 275 إلى 282 .
(6) مريم : 96 .
(7) شواهد التنزيل 1 | 64 ـ الدر المنثور 4 | 287 ـ مناقب ابن المغازلي | 327 .

المَنَاقِبُ _ 279 _

  ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأخبرته بقول الرجل ، فقال رسول الله : لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفاً ؟ قال : فقلت : والله ما اصطنعت إليه معروفاً ، فقال رسول الله : الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق اليك بالمودة ، قال فنزل قوله تعالى : « ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) (1) .
  270 ـ قال الله تعالى : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) (2) قيل : نزل قوله تعالى : ( فمنهم من قضى نحبه ) في حمزة وأصحابه ، كانوا عاهدوا الله لا يولون الأدبار ، فجاهدوا مقبلين حتى قتلوا ، [ و] ( ومنهم من ينتظر ) علي بن أبي طالب عليه السلام مضى على الجهاد ولم يبدل ولم يغير .
  الآثار :
  271 ـ أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ زين الائمة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرني القاضى الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدى شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو سعيد الماليني ، أخبرنا أبو أحمد بن عدى ، أخبرنا أبو يعلى ، حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال حدثنا حماد ـ يعنى ابن سلمة ـ عن الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس : ان الوليد بن عقبة قال لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : أنا ابسط منك لساناً واحد منك سناناً واملا منك حشواً في الكتيبة ، فقال له علي ( عليه السلام ) : على رسلك ، فانك فاسق ، فانزل الله عزوجل : ( افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقاً لا يستوون ) (3) يعنى عليا [ المؤمن ] والوليد الفاسق (4) .
  272 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو الحسين بن الفضل

---------------------------
(1) انظر تفصيل ذلك في شواهد التنزيل 1 | 359 ...
(2) الاحزاب : 23 .
(3) السجدة : 18 .
(4) تفسير الطبري 21 | 68 ـ تاريخ بغداد 13 | 321 وذكره الزمخشري في الكشاف 2 | 525 .

المَنَاقِبُ _ 280 _

  القطان ، حدثنا علي بن عبد الرحمان بن ماتي الكوفي ، أخبرنا أحمد بن حازم ، ابن ابن أبي غرزة ، أخبرنا عقبة بن مكرم ، عن عيسى بن راشد ، عن علي بن بذيمة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ما انزل الله عزوجل في القرآن آية يقول فيهاً يا أيها الذين آمنواً إلا كان علي بن أبي طالب شريفها وأميرها (1) .
  273 ـ وأنبأني أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني اجازة أخبرنا الحسن ابن أحمد المقري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد أخبرنا محمد بن عثمان حدثنا ابراهيم بن محمد بن ميمون ، حدثنا محمد بن مروان ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس [ في قوله تعالى ] : ( اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) (2) قال هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (3) .
  274 ـ وأنبأني أبو العلاء الحسن بن أحمد هذا ، أخبرنا الحسن بن أحمد المقري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، حدثنا محمد هو ابن عثمان بن أبي شيبة ، أخبرنا منجاب بن الحارث ، حدثنا حسين بن أبي هاشم ، حدثنا حيان بن علي ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ) (4) انها نزلت في رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى خاصة وهما أول من صلى وركع (5) .

---------------------------
(1) للحديث مصادر كثيرة منها : حلية الاولياء لابي نعيم 1 | 64 ـ شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني 1 | 51 ـ فضائل الصحابة 2 | 654 .
(2) التوبة : 119 .
(3) شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني 1 | 259 ـ تفسير الدر المنثور 3 | 290 .
(4) البقرة : 43 .
(5) شواهد التنزيل 1 | 85 .

المَنَاقِبُ _ 281 _

  275 ـ وأخبرني شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب إلي من همدان ـ أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرني الشيخ أبو بكر بن حمويه ، حدثنا أبو بكر الشيرازي ، حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن عمران ، حدثنا أبو حفص عمر بن محمد حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن يمان ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه قال : كان لعلى ( عليه السلام ) اربعة دراهم ، فأنفق واحداً ليلا ، وواحداً نهاراً وواحداً سراً وواحداً علانية ، فنزلت قوله : (1) ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (2) .
  ولبعضهم في حق علي ( عليه السلام ) :
أو  في الصلاة مع الزكاة iiأقامها        والله يـرحـم عـبده iiالـصبارا
مـن  ذا بـخاتمه تصدق iiراكعا        وأسـره فـي نـفسه iiإسـرارا
من  كان بات على فراش iiمحمد        ومـحمد  يـسرى يـؤمّ iiالغارا
مـن  كـان جبريل يقوم iiيمينه        فـيها ومـيكال يـقوم iiيـسارا
من كان في القرآن سمى مؤمناً        فـي تـسع آيـات جعلن iiكبارا

---------------------------
(1) البقرة : 274 .
(2) اسد الغابة 4 | 25 تفسير الدر المنثور 1 | 363 ـ الصواعق المحرقة | 78 ـ نور الابصار للشبلنجي | 70 ـ فرائد السمطين للجويني 1 | 356 مناقب ابن المغازلي | 280 .

المَنَاقِبُ _ 282 _

الفصل الثامن عشر

في بيان أنه الاذن الواعية
  276 ـ أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن حبيب المفسر من اصل كتابه ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبيد الصفار ، حدثنا أبو بكر الفضل بن جعفر الصيدلاني الواسطي بواسط ، حدثنا زكريا بن يحيى بن حمويه ، حدثنا سنان بن هارون ، عن الاعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : ضمني رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال لي امرني ربي أن ادنيك ولا اقصيك وان تسمع وتعي ، وحق على الله ان تسمع وتعي فنزلت : (1) ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) (2) .
  277 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو على الحسين بن محمد الصنعاني بمرو ، حدثنا أبو رجاء محمد بن حمدويه السبحى ، حدثنا العلاء بن مسلمة أبو سالم البغدادي ، حدثنا أبو قتادة الحسن بن عبد الله بن واقد ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : لما نزلت ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) قال النبي صلى الله عليه وآله : سألت ربي عزوجل ان

---------------------------
(1) الحاقة : 12 .
(2) حلية الاولياء لأبي نعيم 1 | 67 مع اختلاف يسير .

المَنَاقِبُ _ 283 _

  يجعلها اذن علي (1) .
  278 ـ قال علي ( عليه السلام ) : ما سمعت من رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) شيئاً إلا حفظته ووعيته ولم أنسه (2) .

---------------------------
(1) تفسير الدر المنثور 6 | 260 وانساب الاشراف 2 | 121 رواه عن مكحول .
(2) تفسير الدر المنثور 6 | 260 كنز العمال 13 | 177 مع اختلاف يسير .

المَنَاقِبُ _ 284 _

الفصل التاسع عشر

في فضائل له شتى
  279 ـ اخبرنا الشيخ الامام برهان الدين أبو الحسن علي بن الحسين الغزنوي بمدينة السلام في داره ، سلخ ربيع الأول من سنة أربع وأربعين وخمسمائة أخبرنا الشيخ الامام أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الاشعث السمرقندي ، أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي ـ الرجل الصالح ـ أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد الحافظ ، أخبرنا أبو علي الحسين بن عفير بن حماد بن زياد العطار بمصر ، حدثنا أبو يعقوب يوسف بن عدي بن زريق بن اسماعيل الكوفي التيمي ، حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي حدثني سليمان بن مهران الاعمش قال : بينا أنا نائم في الليل إذ انتبهت بالجرس على بابي ، فناديت الغلام فقلت : من هذا ؟ قال : رسول أبي جعفر أمير المؤمنين وكان إذ ذاك خليفة قال : فنهضت من نومي فزعاً مرعوباً فقلت للرسول ما وراءك ؟ هل علمت لم بعث إلي أمير المؤمنين في هذا الوقت ؟ قال : لا علم لي ، فقمت متفكراً لا أدري على ماذا أنزل الامر ، أفكر فيما بيني وبين نفسي إلى ماذا اصير إليه وأقول لم بعث إلي في هذا الوقت وقد نامت العيون وغارت النجوم ، ففكرت ساعة ، ثم ساعة فقلت : إنما بعث إلي في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فان أنا أخبرته فيه بالحق أمر بقتلي وصلبي ، فأيست والله من

المَنَاقِبُ _ 285 _

  نفسي وكتبت وصيتي ، والرسل يزعجونني ولبست كفني وتحنطت بحنوطي وودعت أهلي وصبيتي ، فنهضت إليه وما أعقل فلما دخلت عليه سلمت عليه ( السلام سلام ) خائف وجل وما اعقل فأومأ إليّ أن اجلس ، فلما جلست رعبا فإذا عنده عمرو بن عبيد وزيره وكاتبه ، فحمدت الله عزوجل إذ رأيت من رأيت عنده ، فرجع إليّ ذهني وأنا قائم ، فسلمت سلاماً ثانياً فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ثم جلست فعلم اني دهشت ورعبت منه ، فلم يقل لي شيئاً ، فكان أول كلمة قالها ان قال لي : يا سليمان قلت لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : يابن مهران ادن مني فدنوت منه ، فشم مني رائحة الحنوط ، فقال : يا أعمش والله لتصدقني أمرك وإلا صلبتك حيا ، فقلت :
  سلني يا أمير المؤمنين عن حاجتك وما بدالك اصدقك ولا اكذبك ، فوالله لئن كان الكذب ينجيني فإن الصدق أنجى لي منه [ فقال لي ] : ويحك يا سليمان إني اجد منك رائحة الحنوط ، فاخبرني عما حدثتك به نفسك ولم فعلت ذاك ؟ فقلت : أنا أخبرك يا أمير المؤمنين واصدقك أتاني رسلك في بعض الليل فقالوا لى أجب أمير المؤمنين ، فقمت وأنا متفكر خائف وجل مرعوب ، فقلت بيني وبين نفسي : ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة وقد غارت النجوم ونامت العيون إلا ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام ، فإن انا أخبرته بالحق أمر بصلبي حيا ، فصليت ركعتين وكتبت وصيتي والرسل يزعجونني ، ولبست كفني وتحنطت بحنوطي وودعت أهلي وصبيتي وجئتك يا أمير المؤمنين سامعا مطيعا آيسا (1) من الحياة خائفا راجيا أن يسعني عفوك ، قال : فلما سمع مقالتي ، علم أنى صادق وكان متكئاً ، فاستوى جالسا ثم قال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فلما سمعته قالها سكن قلبى وذهب عني بعض ما كنت أجد من رعبي وما كنت اخاف من سطوته

---------------------------
(1) في المخطوطتين : مؤيسا وهو تصحيف .

المَنَاقِبُ _ 286 _

  علي ، فقال الثانية : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اسألك بالله يا سليمان ، إلا اخبرتني كم من حديث ترويه في فضائل علي بن أبي طالب ابن عم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصهره وأخيه وزوج حبيبته ؟ قلت : يسيراً يا أمير المؤمنين ، قال : كم ؟ قلت : يسيراً يا أمير المؤمنين قال : كم ويحك يا سليمان ؟ قلت عشره آلاف حديث أو الف حديث ، فلما قلت : ( أو الف ) استقلها ، فقال : ويحك يا سليمان ، بل هي عشرة آلاف حديث كما زعمت اولاً وما زاد ، قال فجثا أبو جعفر على ركبتيه فرحا مسروراً وكان جالساً ، ثم قال : والله يا سليمان لأحدثنك اليوم بحديثين في فضائل علي ( عليه السلام ) فان يكونا مما سمعت ووعيت فعرفني ، وان يكونا مما لم تسمع ، فاسمع وافهم ، قال قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، فاخبرني .
  قال : نعم ، أنا اخبرك : انى مكثت اياماً وليالي هاربا من بني مروان ولا يسعنى منهم دار ولا بلد ولا قرار ، ادور في البلدان ، فكلما دخلت بلداً خالطت اهل ذلك البلد فيما يحبون ، واتقرب إلى جميع الناس بفضائل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فكانوا يطعمونني ويكسونني ، ويزودونني إذا خرجت من عندهم ، من بلد إلى بلد حتى قدمت بلاد الشام وعلي كساء لي خلق ، ما يواريني غيره ، قال : فبينا انا كذلك إذ سمعت الأذان فدخلت المسجد فإذا فيه سجادة ومتوضأ ، فتوضأت للصلاة ودخلت المسجد وركعت فيه ركعتين ، واقيمت الصلاة ، فقمت فصليت معهم الظهر والعصر ، وفي نفسي اني إذا صليت ، طلبت من القوم عشاء أتعشى به ليلتي تلك ، فلما سلم الشيخ الامام من صلاة العصر وجلس وهو شيخ كبير ، له وقار وسمت حسن ونعمة ظاهرة إذ أقبل صبيان فدخلا المسجد وهما ابيضان نبيلان وضيان ، لهما جمال ونور بين اعينهما ساطع يتلألأ ، فدخلا المسجد ، فلما نظر اليهما امام المسجد فقال لهما : مرحباً بكما ومرحبا بمن سميتما على اسمهما ، قال : وكنت جالساً وكان إلى جنبي فتى شاب فقلت له : يا شاب ما هذان الصبيان ومن هذا الشيخ الامام ؟ فقال :

المَنَاقِبُ _ 287 _

  هو جدهما وليس في هذا المدينة رجل يحب علي بن أبي طالب غير هذا الشيخ . فقلت : الله اكبر ، ومن اين علمت ؟ قال : علمت انه من حبه لعلي عليه السلام سمي ولدي ولده باسم ولدي علي بن أبي طالب عليه السلام ، سمى احدهما الحسن ، وسمي الآخر الحسين ، فقمت فرحا مسرورا حتى أتيت إلى الشيخ فقلت له : ايها الشيخ ، هل لك ان احدثك بحديث حسن يقر الله به عينك ؟ فقال : نعم ، ما اكره ذلك ، حدثني رحمك الله فان أقررت عيني ، أقررت عينك قلت : اخبرني والدي ، عن ابيه ، عن جده قال : كنا ذات يوم جلوساً عند رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، إذ اقبلت فاطمة بنته ( عليها السلام ) فدخلت على رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالت له : يا ابة ، ان الحسن والحسين خرجا من عندي آنفاً وما ادري اين هما ؟ فقد طار عقلي وقلق فؤادي وقل صبري ، وبكت وشهقت حتى علا بكاؤها ، فلما رآها ، رحمها ورق لها فقال : لا تبكي يا فاطمة ، فوالذي نفسي بيده ، ان الذي خلقهما هو أرأف بهما منك وارحم بصغرهما منك ، قال : فقام النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من ساعته فرفع يديه إلى السماء وقال : اللهم انهما ولداي ، قرة عيني وثمرة فؤادي ، وانت ارحم بهما [ مني ] واعلم بموضعهما ، يا لطيف بلطفك الخفي ، انت عالم الغيب والشهادة ، اللهم ان كانا اخذا براً أو بحراً فاحفظهما وسلمهما حيث كانا ، وحيثما توجها ، قال : فلما دعا رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) فما استتم الدعاء فإذا بجبرئيل عليه السلام قد هبط من السماء ومعه عظماء الملائكة وهم يؤمنون على دعاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال جبرئيل : يا حبيبي ، يا محمد لا تحزن ولا تغتم وأبشر ، فان ولديك فاضلان في الدنيا وفاضلان في الآخرة وابوهما خير منهما ، وهما نائمان في حظيرة بني النجار ، وقد وكل الله بهما ملكاً يحفظهما ، قال : فلما قال له جبرئيل

المَنَاقِبُ _ 288 _

  ( عليه السلام ) ذلك ، سرى عنه (1) فقام رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو واصحابه وهو فرح مسرور حتى أتوا حظيرة بني النجار وإذا الحسن والحسين ( عليهما السلام ) نائمان ، وإذاً الحسين معانق للحسن ( عليه السلام ) ، واذ ذاك الملك الموكل بهما قد وضع أحد جناحيه بالأرض فوطأ (2) به تحتهما يقيهما حر الارض ، والجناح الآخر قد جللهما به يقيهما حر الشمس قال : فانكب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقبلهما واحدا فواحدا ، ويمسحهما بيده حتى ايقظهما من نومهما قال : فلما انتبها من نومهما ، حمل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحسن على عاتقه ، وحمل جبرئيل ( عليه السلام ) الحسين ( عليه السلام ) على ريشه من جناح الأيمن حتى خرج بهما من الحظيرة وهو يقول : والله لأشرفنكما اليوم كما شرفكما الله عزوجل في سماواته ، فبينا هو وجبرئيل ( عليه السلام ) يمشيان حتى تمثل جبرئيل دحية الكلبي وقد حملاهما ، إذ أقبل أبو بكر فقال : يا رسول الله ، ناولنى أحد الصبيين وخفف عنك وعن صاحبك ، فانا احفظه حتى أوديه اليك ، فقال رسول الله جزاك الله خيراً يا ابا بكر ، دعهما فنعم الحاملان نحن ونعم الراكبان هما وابوهما خير منهما ، فحملاهما وابو بكر معهما حتى أتوا بهما إلى باب مسجد المدينة ، ثم أقبل بلال فقال له النبي : يا بلال هلم علي بالناس فناد لى فيهم فاجمعهم لى في المسجد ، فقام النبي على قدمه خطيباً فخطب الناس بخطبة أبلغ فيها ، فحمد الله عزوجل وأثنى عليه بما هو أهله ومستحقه ، ثم قال : يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس جداً وجدة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله .
  قال : عليكم بالحسن والحسين ، فان جدهما محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء أهل الجنة ،

---------------------------
(1) سرى عنه ، على صيغه المجهول : كشف عنه الخوف ، وقد تكرر ذكر هذه اللفظة في الحديث وخاصة في ذكر نزول الوحى عليه ، كلها بمعنى الكشف والازالة ـ لسان العرب .
(2) [ يقال ] وطأت لك الفراش ووطأت لك المجلس توطئة [ من الوطأ ] والوطأ من كل شيء : ما سهل ولان .

المَنَاقِبُ _ 289 _

  واول من سارعت إلى تصديق ما أنزل الله على نبيه وإلى الإيمان بالله وبرسوله ، ثم قال : يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس أبا واما ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : عليكم بالحسن والحسين فان أباهما علي بن أبي طالب يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وامهما فاطمة بنت رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد شرفهما الله في سماواته وأرضه ثم قال : ايامعشر المسلمين وهل أدلكم على خير الناس خالاً وخالة ؟ قالوا : بلى يارسول الله .
  قال عليكم بالحسن والحسين فان خالهما القاسم ابن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) وخالتهما زينب بنت رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم قال يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس عما وعمة ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال عليكم بالحسن والحسين فان عمهما جعفر ذو الجناحين الطيار مع الملائكة في الجنة وعمتهما ام هاني بنت أبي طالب .
  ثم قال : اللهم انك تعلم ان الحسن والحسين في الجنة وجدهما في الجنة وجدتهما في الجنة وأباهما في الجنة ، وامهما في الجنة ، وعمهما في الجنة ، وعمتهما في الجنة ، وخالهما في الجنة ، وخالتهما في الجنة ، ومن يحبهما في الجنة ومن يبغضهما في النار ، قال فلما قلت ذلك للشيخ . وفهم قولي ، قال إليّ ، انشدتك الله تعالى من أنت ؟ قال : قلت : انا رجل من أهل الكوفة فقال لي : أعربي أنت ام مولى ؟ قال : قلت بل عربي شريف فقال لي : فانك تحدث بمثل هذا الحديث وأنت في هذا الكساء الرث ؟ فقلت له : ان لى قصة لا أحب أن ابديها لأحد قال فابدها لي ، فأمانة ، فقلت له أنا هارب من بني مروان على هذه الحال التي ترى ، لئلا اعرف ولو غيرت حالي لعرفت ولو اردت ان اعرف بنفسي لفعلت ولكني اخاف على نفسي القتل فقال لي : لا خوف عليك ، اقم عندي فكساني خلعتين خلعهما علي وحملنى على بغلة ، وثمن البغلة في ذلك الزمان في تلك البلدة مائة دينار ثم قال لي : يافتى اقررت

المَنَاقِبُ _ 290 _

  عينى ، أقر الله عينك فوالله لأرشدنك إلى فتى يقر الله به عينك قال : قلت فأرشدني رحمك الله فأرشدني إلى باب دار فأتيت إلى الدار التي وصف لي وانا راكب على البغلة وعلي الخلعتان فقرعت الباب وناديت بالخادم فأذن لي بالدخول ، فدخلت عليه وإذا انا بفتى قاعد على سرير منجد صبيح الوجه حسن الجسم ، فسلمت عليه باحسن سلام فرد علي السلام بأحسن مرد ، ثم اخذ بيدى مكرماً حتى أجلسني إلى جانبه ؛ فلما نظر إليّ قال لي : والله يافتى اني لأعرف هذه الكسوة التى خلعت عليك واعرف هذه البغلة ، والله ما كان ابو محمد ـ وكان اسمه الحسن ـ ليكسوك خلعتيه هاتين ويحملك على بغلته هذه الا انك تحب الله ورسوله وذريته وجميع عترته فاحب رحمك الله ان تحدثني عن فضائل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقلت له :
  نعم بالحب والكرامة ، حدثني والدي ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا يوماً عند رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذ أقبلت فاطمة وقد حملت الحسن على كتفيها وهي تبكى بكاء شديداً قد شهقت في بكائها فقال لها رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما يبكيك يا فاطمة ؟ لا أبكى الله عينيك فقالت : يا ابة ومالي لا أبكي ونساء قريش قد عيرتني فقلن لي : ان أباك زوجك من رجل معدم ، لا مال له ، قال : فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تبكي يا فاطمة ، فوالله ما أنا زوجتك ، بل الله زوجك من فوق سبع سماواته ، وشهد على ذلك جبرئيل وميكائيل واسرافيل ، ثم ان الله عزوجل اطلع إلى اهل الأرض ، فاختار من الخلائق اباك فبعثه نبيا ، ثم اطلع الثانية إلى اهل الدنيا ، فاختار من الخلائق عليا ، فزوجك اياه ، واتخذته وصيا ، فعلي مني وانا من علي ، فعلي أشجع الناس قلبا ، واعلم الناس علماً ، واحلم الناس حلماً ، واقدم الناس سلماً . والحسن والحسين ابناه سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وسماهما الله تعالى في التوراة على لسان موسى ( عليه السلام ) ( شبر ) و( شبير ) لكرامتهما على الله عزوجل .

المَنَاقِبُ _ 291 _

  يا فاطمة لا تبكى ، فانى إذا دعيت غداً إلى رب العالمين فيكون علي معى ، وإذا حبيت غداً فيحبي معي ، يا فاطمة لا تبكي ، فان علياً وشيعته غداً هم الفائزون ، يدخلون الجنة ـ قال يوسف ... (1) يوم القيامة قال فلما قلت ذلك للفتى قال لي : انشدك بالله عزوجل من انت ؟ قلت : انا رجل من أهل الكوفة ، قال : أعربي ام مولى ؟ قلت : بل عربي شريف .
  قال فكساني ثلاثين ثوبا في تخت (2) وأعظاني عشرة آلاف درهم في كيس . ثم قال لي : اقررت عيني يافتى ، اقر الله عينيك ، ولم يسلني عما سوى ذلك ولكن لي اليك حاجة ، فقلت له قضيت ان شاء الله فقال : إذا اصبحت غداً فأت مسجد فلان كيما ترى اخي الشقي .
  قال أبو جعفر : فوالله لقد طالت علي تلك الليلة حتى خشيت الا أصبح حتى أفارق الدنيا . قال فلما اصبحت أتيت المسجد الذي وصف لي ، وحضرت الصلاة فقمت في الصف الاول لفضله ، وإذا على جانبي إلى يسارى شاب معتم بعمامة ، فذهب ليركع فسقطت العمامة من رأسه فنظرت إليه فإذاً رأسه رأس خنزير ، ووجهه وجه خنزير .
  قال أبو جعفر : فوالذي احلف به ، ما علمت ما انا فيه ولا عقلت افي صلاة انا ، ام في غير صلاة تعجبا ودهشت حتى ما ادري ما أقول في صلاتي إلى أن فرغ الامام من التشهد ، فسلم وسلمت فقلت له : يافتى ما هذا الذي ارى بك ؟ فقال لي : فلعلك صاحب اخي الذي ارشدك إلي لتراني ؟ قلت : نعم ، وأخذ بيدى فأقامني وهو يبكي بكاء شديداً قد شهق في بكائه حتى كادت نفسه ان تفيض حتى اتى بي إلى منزله ، فقال لى : انظر إلى هذا البنيان ، فنظرت إليه ثم قال لي : اني رجل كنت أؤذن وأؤم بقوم

---------------------------
(1) وقع سقط في النسخة .
(2) التخت : وعاء تصان فيه الثياب فارسية وقد تكلم به العرب ـ لسان العرب .

المَنَاقِبُ _ 292 _

  وكنت ألعن علي بن أبي طالب بين الأذان والإقامة الف مرة ! وانه لما كان يوم الجمعة لعنت بين الاذان والاقامة اربعة آلاف ، مرة فخرجت من المسجد فأتيت الدار فاتكأت على هذا الدكان الذي اريتك ، فذهب بي النوم فنمت فرأيت في منامي كما انا بالجنة ، قد اقبلت وفيها قبة من زمرد خضراء ، قد زخرفت ونجدت ونضدت بالاستبرق والديباج وإذا حول القبة كراسي من لؤلؤ وزبرجد ، وإذا علي بن أبي طالب فيها متكئ وإذا أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين جلوس يتحدثون مستبشرين فرحين بعضهم [ من ] (1) بعض ، ثم رأيت أمامى فإذا انا بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد اقبل وعن يمينه الحسن ومعه كأس فضة ، وعلى يساره الحسين ومعه كأس من نور وكانما قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للحسين ، يا حسين اسقني .
  فسقاه ، فشرب ثم قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اسق الجماعة ، فسقى ابا بكر وعمر وعثمان وعلياً فشربوا وكانما قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا حسين اسق هذا المتكى الذي على هذا الدكان ، فقال الحسين للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا جداه ، يا جداه أتأمرني ان اسقي هذا وهو يلعن والدي علياً كل يوم الف مرة ، وقد لعنه في هذا اليوم وهو يوم الجمعة اربعة آلاف مرة ، فخرجت فإذا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : مالك ؟ ! عليك لعنة الله حتى قالها ثلاثا ، ويحك أتشتم علياً وعليّ مني ، مالك ؟ ! عليك غضب الله ، مالك ، عليك غضب الله حتى قالها ثلاثا ، ويلك اتشتم عليا وعلي منى ، ثم تفل في وجهى ثلاثا وضربني برجله ثلاثا ثم قال لي : غير الله ما بك من نعمة وسود وجهك وخلقك حتى تكون عبرة لمن سواك .
  قال فانتبهت من نومي فإذا رأسي رأس الخنزير ، ووجهي وجه خنزير ، على ما ترى . فقال سليمان بن مهران : فقال لي أبو جعفر : يا سليمان بن مهران

---------------------------
(1) في [ ر ] : في بعض .

المَنَاقِبُ _ 293 _

  هذان الحديثان كانا في يدك ؟ قلت : لا ، يا أمير المؤمنين ، فقال هؤلاء من دخائر الحديث وجوهره ، ثم قال لي : ويحك يا سليمان ، حب علي ايمان ، وبغضه نفاق ، فقلت : الأمان ! الأمان ! ، قال لك الامان ! ، يا سليمان فقلت : ما تقول في قاتل الحسين بن علي ؟ قال : في النار ، ابعده الله ، قلت وكذاك من يقتل من ولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) احدا فهو في النار ؟ قال فحرك أبو جعفر أمير المؤمنين رأسه طويلا ثم قال : ويحك يا سليمان ، الملك عقيم حتى قالها ثلاث مرات ، ثم قال لي : يا سليمان بن مهران اخرج فحدث الناس بفضائل علي بن أبي طالب عليه السلام بكل ما شئت ولا تكتم منه حرفا ، والسلام (1) .
  280 ـ وأخبرنا الشيخ الثقة الحافظ العدل أبو بكر محمد بن عبد الله (2) بن نصر الزاغوني ، حدثني أبو الحسين محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الباقرجي ، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن العلي بن بندار ، حدثنا أبو بكر أحمد ابن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد ابن عامر [ الطائي حدثنا أبي أحمد بن عامر ] بن سليمان حدثنا أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، حدثني أبي موسى بن جعفر حدثني أبي جعفر بن محمد حدثني أبي محمد بن علي حدثني أبي علي بن الحسين ، حدثني أبي الحسين بن علي ، حدثني أبي على بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي إني سألت ربي فيك خمس خصال فأعطاني : اما أولها فسألت ربى أن تنشق عنى الارض وانفض التراب عن رأسي وأنت معي فاعطاني .
  وأما الثانية فسألت ربي ان يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي فاعطاني .
  وأما الثالثة فسألت الله ان يجعلك حامل لوائي وهو لواء الله الاكبر ،

---------------------------
(1) رواه أيضاً ابن المغازلي في مناقبه | 143 .
(2) في [ و] : عبيدالله .

المَنَاقِبُ _ 294 _

  عليه المفلحون الفائزون بالجنة فاعطاني .
  واما الرابعة فسألت ربي ان تسقي أمتي من حوضي فأعطاني .
  واما الخامسة فسألت ربي أن يجعلك قائد امتي إلى الجنة فأعطاني ، فالحمد لله الذي من عليّ بذلك (1) .
  281 ـ وبهذا الأسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : يا علي انك قسيم النار ، وانك تقرع باب الجنة فتدخلها بلا حساب (2) .
  282 ـ وبهذا الأسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش : يا محمد نعم الأب ، أبوك ابراهيم الخليل ، ونعم الأخ ، أخوك علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (3) .
  283 ـ وبهذا الأسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما (4) .
  284 ـ وبهذا الأسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال : يا علي ان الله قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ومحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك ، وابشر فانك الانزع البطين ، منزوع من الشرك ، بطين من العلم (5) .
  285 ـ وبهذا الأسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال : يا على انك أعطيت ثلاثا قلت : فداك أبي وامي وما أعطيت ؟ قال : أعطيت صهرا مثلي ، وأعطيت مثل زوجتك فاطمة وأعطيت مثل ولديك الحسن والحسين (6) .

---------------------------
(1) ورد نظيره في تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي عليه السلام 2 | 342 وفي تاريخ بغداد 4 | 339 .
(2) و(3) مناقب ابن المغازلي | 67 .
(4) هذا الحديث ساقط من [ و] .
(5) الحديث رواه الجويني في فرائد السمطين 1 | 308 ورواه أيضا ابن المغازلي في مناقبه | 400 .
(6) الحديث رواه أيضاً الجويني في فرائد السمطين 1 | 142 .

المَنَاقِبُ _ 295 _

  286 ـ وبهذا الاسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال : يا علي ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة ، فقام إليه رجل من الانصار فقال : فداك أبي وامي أنت ومن ؟ قال : أنا على دابة الله البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرت ، وعمي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة ، وبيده لواء الحمد ينادي : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فيقول الآدميون : ما هذا إلا ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، أو حامل عرش ، فيجيبهم ملك من بطنان العرش : يا معشر الآدميين ، ليس هذا ملكا مقرباً ولا نبياً مرسلاً ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب (1) .
  287 ـ وبهذا الاسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال : يا علي أنت سيد المسلمين وامام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين (2) .
  288 ـ وبهذا الاسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : لما اسري بي إلى السماء اخذ جبرئيل بيدي واقعدني على درنوك (3) من درانيك الجنة ، وناولني سفرجلة ، وأنا اقلبها ، إذ انفلقت فخرجت منها جارية حوراء ، لم أر أحسن منها ، فقالت : السلام عليك يا محمد (4) ، فقلت : من أنت ؟ قالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة أصناف : اسفلي من مسك ، ووسطى من كافور ، واعلاي من عنبر ، عجنني من ماء الحيوان ثم قال لى الجبار : كوني ، فكنت ، خلقني لأخيك وابن عمك علي بن أبي طالب (5) .

---------------------------
(1) الحديث بطوله في تاريخ بغداد 11 | 112 و13 | 122 ـ رواه ايضاً ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه السلام 2 | 333 .
(2) هذا حديث معروف اخرجه الحفاظ الاثبات بطرق مختلفه منهم : أبو نعيم في اخبار اصبهان 2 | 299 ـ الحاكم في مستدركه 3 | 137 ـ ابن الاثير الجزري في اسد الغابة 1 | 69 وابن المغازلي في مناقبه | 65 .
(3) الدرنوك نوع من البسط له خمل ـ لسان العرب .
(4) في [ و] : ثلاث مرات .
(5) شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد 2 | 488 في اربع مجلدات ـ مناقب ابن المغازلي | 401 .

المَنَاقِبُ _ 296 _

  289 ـ وبهذا الاسناد عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : يا علي إذا كان يوم القيامة اخذت بحجزة الله ، واخذت أنت بحجزتي ، واخذ ولدك بحجزتك واخذت شيعة ولدك بحجزتهم ، فترى أين يؤمر بنا ؟
  290 ـ واخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاد الامين أبو الحسن علي بن مردك الرازي ، أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ ، أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسن السمان ، أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ ببغداد ـ بقرائتي عليه ـ أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي ، حدثني أبو بكر أحمد بن محمد ابن صالح التمار ، حدثنا محمد بن مسلم بن وارة ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا اسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن حبشي بن جنادة قال : كنت جالساً عند أبي بكر الصديق ، فقال : من كانت له عند رسول الله عدة فليقم ، فقام رجل فقال : يا خليفة رسول الله أنه وعدني ثلاث حثيات من تمر ، فقال : ارسلوا إلى علي [ فجاء ] فقال : يا أبا الحسن ان هذا يزعم أن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعده ان يحثى له ثلاث حثيات من تمر ، فاحثها له فحثاها فقال أبو بكر : عدوها ، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة ، لا تزيد واحدة على الاخرى ، فال أبو بكر الصديق : صدق الله ورسوله قال لى رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليلة الهجرة ـ ونحن خارجون من الغار نريد المدينة يا أبا بكر كفي وكف علي في العدد سواء (1) .
  291 ـ وبهذا الاسناد عن أبي سعد السمان هذا ، أخبرني أبو سعد أحمد بن محمد الماليني ـ بقراءتي ـ عليه حدثنا أبو بكر محمد بن حيان الدير عاقولي (2) حدثنا

---------------------------
(1) للحديث مصادر كثيرة منها : تاريخ بغداد 5 | 37 وفيه : كفى وكف على في العدل سواء ـ وللحديث صورة اخرى مشابهة ذكرها البغدادي أيضا في ج 8 | 76 ـ تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 2 | 438 .
(2) دير العاقول : بين مدائن كسرى والنعمانية ـ معجم البلدان .

المَنَاقِبُ _ 297 _

  محمد بن الحسين بن حفص الاشناني ، حدثنا محمد بن يحيى الفارسي ، عن سليمان بن حرب ، عن يونس بن سليمان التميمي ، عن أبيه ، عن زيد بن يثيع قال : سمعت أبا بكر الصديق يقول : رأيت رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية ، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال : يا معاشر المسلمين ، أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة ، وحرب لمن حاربهم ، وولي لمن والاهم ، لا يحبهم إلا سعيد الجد ، طيب المولد ، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ، ردي الولادة ، فقال رجل : يا زيد أأنت سمعت منه ؟ قال أي ورب الكعبة (1) .
  292 ـ وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل بن الوازع البشاري ببغداد ـ بقرائتي عليه ـ أخبرني عبد الله بن اسحاق بن ابراهيم الخراساني ، حدثني أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن سام ، حدثني محمد بن سعيد بن عباد العطار بالبصرة ، حدثنى محمد بن الجماهر ، حدثنا ابن أبي السرى لعسقلاني ، حدثنا عبد الله بن ادريس ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لما توفي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جاء أبو بكر وعلى يزوران قبره بعد وفاته بستة أيام ، فقال علي لابي بكر : تقدم ، وقال أبو بكر : يا علي ما كنت لأتقدم رجلا سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : علي مني بمنزلتي من ربي ، فبكى علي وقال : ما كنت لاتقدم رجلا سمعت رسول الله يقوم ما منكم أحد إلا وقد كذبني الا أبو بكر وقد يصبح على بابه ظلمة غير باب ابي بكر ، قال أبو بكر لعلي : سمعت رسول الله يقوله ؟ فقال على : سمعت هذا من ابن عمى يقوله ، فأخذ أبو بكر بيد على فدخلا جميعاً (2) .

---------------------------
(1) رواه أيضاً المحب الطبري في الرياض النضرة 2 | 154 .
(2) الرياض النضرة 2 | 118 .

المَنَاقِبُ _ 298 _

  351 ـ وبهذا الاسناد عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثني أحمد ابن محمد بن السرى ، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر ، حدثني أبي ، حدثني عمى الحسين بن سعيد ، حدثني أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن فضيل ، عن عبد الملك الهمداني ، عن زاذان ، عن علي ( عليه السلام ) : تفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة ، ثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة وهم الذين قال الله عزوجل : ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) (1) وهم أنا وشيعتي (2) .
  352 ـ وأخبرني تاج الدين ، شمس الادباء ، أفضل الحفاظ محمد بن بنيمان ابن يوسف الهمداني ـ فيما كتب الي من همدان ـ حدثنا الشيخ الجليل السيد أبو سعد شجاع بن المظفر بن شجاع العدل في ذي الحجة سنة اربع وتسعين واربعمائة أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن لال ( رضى الله عنه ) ، حدثنا محدم بن مسرور العطار ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن ماهان ، حدثنا جندل بن الوالق ، حدثنا محمود بن عمر المازني الكلبي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : قال عمر بن الخطاب : كانت في أصحاب محمد ثمانى عشرة سابقة ، خص منها علي بن أبي طالب بثلاث عشرة وشاركنا في الخمس (3) .
  353 ـ وأخبرنا الشيخ الامام الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي ( ره ) ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسن

---------------------------
(1) الاعراف : 181 .
(2) روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1 | 204 بصورة اخرى .
(3) الحديث رواه الجويني في فرائد السمطين 1 | 343 وروى الحاكم الحسكاني نظيره في شواهد التنزيل 1 | 15 إلى 22 .

المَنَاقِبُ _ 332 _

  ابن الشرقي ، حدثنا أبو حاتم الرازي ، حدثنا عبد العزيز بن الخطاب ، حدثنا محمد بن حريث ، عن عمار بن سليمان الغنى ، عن أبي جعفر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : والله ما كنا نعرف منافقينا إلا ببغضهم عليا ( عليه السلام ) (1) .
  354 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين البيهقي هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا الشيخ الحسن بن محمد بن اسحاق الاشقراني ، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد النواء ، حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر المديني ، حدثنا أبي ، أخبرني سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال عمر بن الخطاب : لقد اعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لان تكون لي واحدة منهن ، احب إلى من ان اعطى حمر النعم ، قيل وما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال تزويجه فاطمة بنت رسول الله ، وسكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، يحل له فيه ما يحل له والراية يوم خيبر (2) .
  355 ـ وأخبرني الشيخ الإمام أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني ـ المعروف بالمروزي ـ فيما كتب إلي من همدان ـ ، أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن ابن أحمد بن الحسن الحداد باصبهان ـ فيما اذن لى في الرواية عنه ـ أخبرنا الشيخ الاديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن ابراهيم الطهراني ـ سنة ثلاث وسبعين واربعمائة ـ ، أخبرنا الامام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني ، حدثنا أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني ، وأخبرنا بهذا الحديث عاليا الامام الحافظ سليمان بن ابراهيم الاصبهاني ـ في كتابه إلي من اصبهان سنة ثمان وثمانين واربعمائة ـ عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثنا عبد الرحمان بن محمد ، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمان ، حدثنا محمد بن سالم بن عبد الرحمان الازدي الطحان ، حدثني

---------------------------
(1) فضائل الصحابة 2 | 579 و671 ـ واورده المحب الطبري في ذخائر العقبى | 91 .
(2) مستدرك الصحيحين 3 | 125 .

المَنَاقِبُ _ 333 _

  أبي ، حدثني أحمد بن ابراهيم الهلالي ، عن عمرو بن حريث الازدي ، عن أبيه حريث بن عمرو قال : حضر معاوية الحسن بن علي وعبد الله بن جعفر وعقيل بن أبي طالب وعمرو بن العاص وسعيد ومروان ومن حضر من الناس وفيهم أبو الطفيل الكناني ، والشاميون يشيرون إليه ويقولون : هذا صاحب علي ( عليه السلام ) إذا قال معاوية : يا أخا كنانة من احب الناس اليك ؟ فبكى أبو الطفيل ثم قال : ذاك امام الأمة وقائدها واشجعها قلبا ، واشرفها أبا وجداً ، واطولها باعا ، وارحبها ذراعا واكرمها طباعا واشمخها ارتفاعا ، فقال معاوية الباغي ـ قبحه الله ـ يا أبا الطفيل ما هذا اردنا كله ، قال : ولا انا قلت العشر من افعاله ، ثم انشأ يقول :
صـهر  الـنبي بذاك الله iiأكرمه        إذ  اصـطفاه وذاك الصهر مدخر
فـقام بالامر والتقوى أبو iiحسن        بخ بخ ، هنا لك فضل ماله خطر
لا يـسلم الـقرن منه ان الم به        ولا  يـهاب وان اعـداؤه iiكثروا
مـن  رام صولته ، وافى iiمنيته        لا يـدفع الثكل عن اقرانه iiالحذر

  وقال فيه ابياتاً اخرى ، ثم نظر إلى معاوية والحسن عليه السلام إلى جنبه وقال : كيف يزكى من جده رسول الله وامه فاطمة بنت رسول الله ، وخاله القاسم ابن رسول الله وخالته زينب بنت رسول الله ؟ ومن احبه احب رسول الله ، ومن ابغضه ابغض رسول الله ، ومن ابغض رسول الله ابغض الله ومن ابغض الله ، كفر (1) .
  وقال الصحاب كافي الكفاة في مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) :
هو البدر في هيجاء بدر وغيره        فرائصه من ذكره السيف iiترعد
وكـم  خبر في خيبر قد iiرويتم        ولـكنكم  مـثل الـنعام iiتشرد

---------------------------
(1) روى نظيره ابو الفرج الاصفهاني في الاغاني 15 | 149 .

المَنَاقِبُ _ 334 _

وفـي احد ولى الرجال iiوسيفه        يـسود وجه الكفر وهو iiمسود
علي له في الطير ما طار ذكره        وقـامت به اعداؤه وهي تشهد
وما سد عن خير المساجد iiبابه        وأبـوابهم  إذ ذاك عـنه iiتسدد
وزوجته الزهراء ، خير iiكريمة        لـخير كريم فضلها ليس iiيجحد

  وقال أيضا ـ تغمده الله بغفرانه ـ :
مــا  لـعلى الـعلى iiأشـباه        لا  والــذي لا إلـه إلا iiهـو
مـبناه مـبنى الـنبي iiتـعرفه        وابـناه عـند الـتفاخر iiإبـناه
ان عـلياً عـلا إلـى iiشـرف        لـو  رامـه الـوهم ذل iiمرقاه
ايـا  غـداة الـكساء لا iiتهنى        عـن شـرح عـلياه إذ iiتكساه
يـا  ضـحوة الطير بيّني iiشرفا        فـاز  بـه ، لا يـنال iiأقـصاه
بـراة اسـتعملي ادائـك iiمـن        اقـعـد  عـنه ومـن iiتـولاه
يـا  مرحب الكفر قد اذاقك iiمن        حر   (1) الضبا ما كرهت iiملقاه
يا عمرو من ذا الذي انا لك من        صـارمه الـحتف حـين iiتلقاه
امـا رأيـتم مـحمداً حدباً  (2)ii        عـلـيه  قـد حـاطه iiوربـاه
واخـتصه يـافعا وآثـره  (3)ii        واعـتامه مـخلصا وآخاه  (4)ii
زوجــه بـضـعة الـنبوة iiإذ        رآه خـيـر امــرئ iiوأتـقاه

---------------------------
(1) في [ و] : جر ويمكن ان يكون الصحيح ( حد الضبا ) .
(2) الحدب بالتحريك : من حدب عليه : تعطف .
(3) اليافع من ايفع الغلام إذا شارف الاحتلام ولم يحتلم ـ النهاية .
(4) اعتامه : اختاره ـ اجوف يائى ـ لسان العرب .