يخرجه إلاّ الترمذي وأبا داود
(1) وأحمد
(2) وليس الراوي عنه إلاّ ( سعيد بن جمهان ) .
والكلام عليه أمّا سنداً فإنّ سعيداً مقدوح مجروح ، قال أبو حاتم : ( يكتب حديثه ولا يحتج به ) وعن أحمد ( أنه سئل عنه فلم يرضه فقال باطل وغضب ) وقال الساجي : ( لا يتابع على حديثه ) وقال ابن معين : ( روى عن سفينة أحاديث لا يرويها غيره ) وقال البخاري : ( في حديثه عجائب )
(3) .
وأمّا دلالةً فانّها تختلف في الكتاب التي ورد فيها ، لأنّ لفظه مختلف ولذا اختلف كلمات الشرّاح حوله .
ثم إنّه ظاهر في أن الخلافة تصير بعد الثلاثين ملكاً عضوضاً إلى الأبد ، إلاً أنهم يروون عن حذيفة أنها تصير بعد الملك العاض ملكاً جبرية ثم تعود خلافةً على منهاج النبوّة ، وقد طبّق بعضهم هذا على عمر بن عبدالعزيز
(4) .
وهذا الحديث الأخير يدل على كون الخلفاء الراشدين عندهم خمسة ! لكنّ حديث سفينة الذي عند أبي داود فيه أنّ بعضهم كان لا يرى عليّاً من الخلفاء الراشدين !
وعلى الجملة فأحاديثهم في هذا الباب مختلفة ... إلاّ أن الذي يهوّن الخطب إعراض البخاري ومسلم عنها ، بل الذي أخرجاه هما وسائر أصحاب السنن والمسانيد هو ( حديث الإثنا عشر خليفة ) وهذا هوالمعتمد والمعتضد بالأحاديث الكثيرة المعتبرة ، وهو لا ينطبق إلاّ على ما نذهب إليه من القول بالأئمة الإثنى عشر عليهم الصلاة ، أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وآخرهم المهدي ، ومن هنا أورد أبو داود هذا الحديث في كتاب المهدي من سننه جاعلاً إيّاه
---------------------------
(1) لاحظ : جامع الأصول 4 | 440 .
(2) مسند أحمد 5 | 220 ، 221 .
(3) لاحظ : تهذيب التهذيب 4 | 13 .
(4) مسند أحمد 4 | 273 .
الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية
_ 117 _
أوّل حديثٍ من احاديثه .
ولمّا كان هذا الحديث معتبراً سنداً وتاماً دلالةً على الحق الذي نذهب إليه فقد حار الشرّاح في كيفيّة تطبيقه وبيان معناه ، ولم يتوصّلوا إلى معنى يلتئم مع ما يذهبون إليه ، فاضطرّوا إلى الإعتراف بالعجز ، ومنهم : القاضي عياض ، وابن الجوزي ، وابن العربي المالكي ، وابن حجر العسقلاني ...
نعم إلتجأ بعضهم إلى المعارضة بينه وبين حديث سفينة ، لكن عرفت عدم تمامية حديث سفينة ، لا سنداً ولا دلالةً ، والمعارضة فرع الحجّية .
وبالجملة : فحديث سفينة ساقط . والمعتمد ما اتفق الشيخان وغيرهما على إخراجه
(1) .
قوله (365) :
( الثامن : إنه صلّى الله عليه وسلّم استخلف أبابكر في الصلاة ... ) .
أقول :
قد عرفت واقع الحال في هذ الصلاة ، ولا يخفى أن الماتن لم يدع إلاّ إلإستخلاف ، لكن الشارح أضاف بعده ( واقتدى به ) وهذا أكذب من ذاك ، وقد بيّنا ذلك كلّه سابقاً ببعض التفصيل ولنا في المسألة رسالة مفردة مطبوعة
* .
تذنيب في خلافة من بعد أبي بكر
قوله (365) :
( إمامة الأئمة الثلاثة تعلم ما يثبت منها ببعض الوجوه المذكورة وطريقة في
---------------------------
(1) صحيح البخاري كتاب الأحكام ـ باب الإستخلاف ، صحيح مسلم كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش ، صحيح الترمذي باب ما جاء في الخلفاء ، سنن أبي داود كتاب المهدي ، مسند أحمد 5 | 86 ، 89 ، 106 ، 108 ، وغير ذلك جامع الأصول 4 | 440 ـ 442 ، المستدرك على الصحيحين 3 | 618 معرفة الصحابة .
(*) تجدها أيضاً في هذه المجموعة .
الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية
_ 118 _
حق عمر نص أبي بكر . وفي عثمان وعلي البيعة ) .
أقول : قد عرفت أن لا دليل على خلافة أبي بكر لا كتاباً ولا سنةً ، وهذا ما اعترف به سابقاً ، وزعم أنّ الدليل هو البيعة وقد عرفت ما فيها ...
وإذ لا دليل على خلافة أبي بكر فلا اعتبار بنصّه على عمر ، بغضّ النظر عن كلّ ما هنالك من بحثٍ وكلام ، فإنّ اعتمادهم في استخلاف أبي بكر على النصّ ـ وهو الّذي أنكروه في استخلاف النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ له مغزىً يعلمه أهله ، وبيانه بايجاز هو : انهم يعترفون بعدم النص على أبي بكر ، فلمّا رأو كثرته على أمير المؤمنين أنكروه ، فلجأوا الى دعوى الاجماع على خلافة أبي بكر وهم يعلمون بعدم تحققه .
وفي خلافة عمر لا يدّعون الاجماع لثبوت مخالفة كبار الأصحاب في رواياتهم ، وحيث لم يمكنهم إنكار ذلك ودعوى الاجماع ولا دعوى شيء من الفضائل المؤهله للخلافة ، لجأوا إلى النص .
وأمّا خلافة عثمان فكانت مترتبةً على جعل عمر الأمر شورى بين جماعةٍ ، ثم انها كانت ببيعة عبدالرحمن بن عوف كما اعترف بذلك في الكتاب سابقاً .
أما جعل عمر الأمر شورى فموقوف على إمامته وولايته ، وقد عرفت ما فيها باختصار ، وأمّا تحقق ( البيعة ) بمبايعة عبدالرحمن بن عوف وحده فقول باطل .
هذا بغض النظر عن قضايا الشورى وكيفية تعيين رجالها ، وما دار بينهم واحتجاج علي عليه السلام في ذلك اليوم ...
وأما خلافة علي عليه السلام فكانت ثابتة بالنص منذ اليوم الأول كما عرفت .
في أفضل الناس بعد رسول الله
قوله (365) :
( هو عندنا وأكثر قدماء المعتزلة أبوبكر ، وعند الشيعة وأكثر متاخّري المعتزلة علي ) .
الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية
_ 119 _
أقول :
إنّه لم يذكر ( الأفضليّة ) في الشروط المعتبرة في الإمام المذكورة سابقاً ، ولا يقول بقبح تقديم المفضول كما سيأتي ، فلماذا يتعب نفسه بإيراد أشياء لو تمّت فانّها من طريق أبناء طائفته وليست بحجة عند المناظرة ؟ مع أن كلامه في نهاية البحث كالصريح في عدم جزمه بأفضلية أبي بكر ، بل إنّ قولهم بعدم قبح تقديم المفضول يشهد بعدم أفضليته وعدم تمامية ما استدل به لإثباتها ... ! لكن أصحابنا إنما يستدلّون بالأحاديث الصحيحة المتفق عليها بين الفريقين ـ كما هو القانون المتّبع في البحث والمناظرة ـ على أفضلية علي ويقولون بقبح تقدّم المفضول .
ثمّ إنّ أئمة أهل البيت مجمعون على أنّ علياً عليه السلام أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإجماعهم حجّة ، وعلى ذلك أيضاً جماعة كبيرة من أعلام الصحابة كما ذكر ابن عبدالبر بترجمة الإمام عليه السلام من ( الإستيعاب ) ، فلننظر فيما أورده دليلاً على أفضلية أبي بكر :
ما استدل به لأفضليّة أبي بكر
قوله (366) :
( الأوّل : قوله تعالى : ( وسيجنّبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ) قال أكثر المفسرين واعتمد عليه العلماء : إنما نزلت في أبي بكر ... ) .
أقول :
الإستدلال بهذه الآية كذلك مذكور في بعض كتب المتقدّمين ، وقد أصرّ عليه في تفسير الرازي ، لكنّه موقوف على نزول الآية في شأن أبي بكر .
قوله : ( قال أكثر المفسّرين ) دالّ على عدم الإتفاق عليه فيما بينهم ، هذا أوّلاً .
وثانياً : أنه ليس هذا القول إلاّ لآل الزبير ، وانحرافهم عن أمير المؤمنين عليه السلام معروف .
مضافاً إلى أن سند الخبر غير معتبر ، قال الحافظ الهيثمي : ( وعن عبدالله بن
الزبير قال : نزلت في أبي بكر الصديق : وما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تجزى إلاّ ابتغاء وجه ربّه الأعلى ولسوف يرضى ، رواه الطبراني وفيه : مصعب بن ثابت وفيه ضعف )
(1) .
ومنهم من حمل الآية على العموم ، ومنهم من قال بنزولها في قصّة أبي الدحداح وصاحب النخلة
(2) .
وثالثاً : لو سلّم أنه قول أكثر المفسّرين من أهل السنة فإنّه ليس بحجةٍ علينا .
ورابعاً : انه منقوض بأنّ الأكرم عندالله هو أمير المؤمنين عليّ عليه السلام لما فيه من العصمة وعدم السجود للصنم ، وأنه أول من أنفق ماله في سبيل الله فنزلت فيه الآية : (
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ ) ) وسورة هل أتى وغير ذلك من الآيات .
وقوله بأنّ ( وما لأحدٍ عنده من نعمة تجزى ، يصرفه عن الحمل على علي ، إذ عنده التربية ، فإنّ النبي ربّي علياً وهي نعمة تجزي ) .
فيه : انه خلط في المعنى ، فإنّ الضمير في ( عنده ) يرجع إلى المنعم ، والمعنى : إن ( الاتقى ) موصوف بكونه ليس لأحدٍ من المنعمين عليهم عند ، المنعم يد النعمة يكون الإنعام منه من باب الجزاء .
فعلي عليه السلام كان في تصدّقه بخاتمة على السائل في حال الركوع كذلك ، وكذلك في إطعام اليتيم والمسكين والأسير ، فلم تكن لهم عليه يد النعمة ، أين هذا من المعنى الذي ذكر ؟
قوله (366) :
( الثاني : قوله عليه السلام : اقتدوا باللذين من بعدي ... )
أقول :
قد سبق أن هذا الحديث باطل سنداً ودلالةً كما نصّ عليه كبار علماء أهل السنة
---------------------------
(1) مجمع الزوائد 9 | 50 .
(2) لاحظ : الدر المنثور 6 | 358 .
الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية
_ 121 _
قوله (366) :
( الثالث : قوله عليه السلام لأبي الدرداء : والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيّين والمرسلين على رجل أفضل من أبي بكر ) .
أقول :
هذا الحديث ـ حتى لو كان صحيحاً عندهم ـ ليس بحجةٍ علينا لكونه من طرقهم فقط ، فكيف ورواته كذّابون مدلّسون بشهادة كبار علمائهم ؟ وهذه عبارة واحدٍ منهم :
قال الحافظ نور الدين الهيثمي المتوفى سنة 807 : ( عن جابر بن عبدالله قال : رأي رسول الله أبا الدرداء يمشي بين يدي أبي بكر ، فقال : يا أبا الدرداء تمشي قدام رجل لم تطلع الشمس بعد النبيّين على رجلٍ أفضل منه ، فما رؤي أبو الدرداء بعد يمشي إلاّ خلف أبي بكر ، رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : إسماعيل ابن يحيى التيمي وهو كذّاب .
وعن أبي الدرداء قال : رآني رسول الله وأنا أمشي أمام أبي بكر فقال : لا تمش أمام من هو خير منك ، إنّ أبابكر خير من طلعت عليه الشمس أو غربت ، رواه الطبراني ، وفيه بقية وهو مدّلس )
(1) .
قلت : ولو شئت لذكرات كلمات علماء القوم في ذم ( إسماعيل بن يحيى ) و ( بقية ) ولكن المقصود هوالإختصار .
قوله (366) :
( الرابع : قوله عليه السلام لأبي بكر وعمر : هما سيّدا كهول أهل الجنة ما خلا النبيّين والمرسلين ) .
أقول :
وهذا الحديث كسابقه ، وقد حققنا حاله في بحثٍ لنا منفرد
* ، ونكتفي هنا
---------------------------
(1) مجمع الزوائد 9 | 44 .
(*) تجده في هذا الكتاب .
الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية
_ 122 _
بما قال الحافظ الهيثمي فإنّه من ائمة صناعة الحديث والرجال عندهم :
( عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله لأبي بكر وعمر : هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ، رواه البزار والطبراني في الأوسط وفيه : علي بن عباس وهو ضعيف ) .
( وعن ابن عمر قال : إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : أبوبكر وعمر سيدا كهول الجنة من الأولين والآخرين إلاّ النبييّن والمرسلين ، رواه البزار وقال : لا نعلم رواه عن عبيدالله بن عمر إلاّ عبدالرحمن بن مالك بن مغول ، قلت : وهو متروك )
(1) .
قوله (366) :
( الخامس : قوله عليه السلام : ما ينبغي لقوم فيهم أبوبكر أن يتقدم عليه غيره ) .
أقول :
لفظ هذا الحديث هو : ( لا ينبغي لقوم فيهم أبوبكر أن يؤمّهم غيره ) وهو حديث مكذوب موضوع على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، نصّ على ذلك غير واحدٍ من علمائهم الأعلام ، نذكر من ذلك عبارة الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي المتوفى سنة 597 ، فإنّه أورده في الموضوعات فقال بعد أن رواه بسنده : ( هذا حديث موضوع على رسول الله )
(2) .
فالعجب من هؤلاء ، كيف يستدلّون بالأحاديث الموضوعة الباطلة باعتراف علمائهم ، ويعارضون بها الأحاديث الصحيحة الثابتة باعتراف علمائهم كذلك ؟
قوله (366) :
( السادس : تقديمه في الصّلاة مع أنها أفضل العبادات وقوله : يأبى الله
---------------------------
(1) مجمع الزوائد 9 | 53 .
(2) كتاب الموضوعات 1 | 318 .
الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية
_ 123 _
ورسوله إلاّ أبابكر ، وفي معناه قوله : يأبي الله والمسلمون إلاّ أبابكر ، وذلك أنّ بلالاً أذّن بالصلاة ... ) .
أقول :
أمّا حديث تقديمه للصلاة فقد عرفت حاله .
وأمّا قوله : يأبي الله ورسوله إلاّ أبابكر ، فرواية عائشة وعبدالرحمن بن أبي بكر ... وهما لا سيّما في مثل هذا الحديث متّهمان .
وأمّا الحديث الذي أورده الشارح ففيه ـ مضافاً إلى ما ذكرنا ـ أنّ أمارات الكذب لائحة عليه ، وذلك :
أوّلاً : إنّه إذا كان النبي أمر عبدالله بن زمعة بأن يقول لأبي بكر يصلي بالناس ، فلماذا قال لعمر ؟
وثانياً : إنّه إذ لم يجد أبابكر فإنّ عمر بن الخطاب أيضاً كان مع أبي بكر في جيش أسامة كما نص عليه إبن حجر العسقلاني في شرح البخاري
(1) .
وثالثاً : إنّ الأخبار في صلاة عمر متنافية ، ففي هذا الخبر أن ابن زمعة هو الذي قال لعمر ( صلّى بالناس ) وفي آخر إن القائل له هو أبوبكر نفسه ، فإنه لمّا أبلغ أمر النبيّ قد عمر ، وفي ثالث : إن النبي قال لإبن زمعة : ( مر الناس فليصلّوا ، فلقي عمر بن الخطاب فقال له : يا عمر صلّ بالناس ... )
(2) ومن هنا وقع الإضطراب بين شراح الحديث واختلفوا في كيفية الجمع بين هذه الأخبار المتضاربة
(3) .
ورابعاً : إنّ الذي يهوّن الخطب كون راوي الخبر عن عبدالله بن زمعة هو ( محمد بن شهاب الزهري ) المعروف المشهور بانحرافه عن علي علي السلام .
قوله (367) :
( السابع : قوله عليه السلام : خير أمتي أبوبكر ثم عمر ) .
---------------------------
(1) فتح الباري 8 | 124 .
(2) مسند أحمد 6 | 34 .
(3) لاحظ فتح الباري 1 | 123 ، الكواكب الدراري 5 | 70 .
الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية
_ 124 _
أقول :
هذا الحديث له ذيل يدلّ على افضليّة أمير المؤمنين عليه السلام ، رووه عن عائشة قالت : ( قلت : يا رسول الله من خير الناس بعدك ، قال : أبوبكر ، قلت : ثم من ؟ قال : عمر .
قالت فاطمة : يا رسول الله لم تقل في علي شيئاً !
هال : يا فاطمة ، علي نفسي ، فمن رأيتيه يقول في نفسه شيئاً ) .
ولهذا فقد تكلّم في سنده بعضهم
(1) لكنّ الماتن والشارح اسقطا ذيله ليتم لهما الإستدلال !!
قوله (367) :
( الثامن : قوله عليه السلام : لو كنت متخذاً خليلاً دون ربّي لا تخذت أبابكر خليلاً ، ولكن هو شريكي في ديني وصاحبي الذي أوجبت له صحبتي في الغار وخليفتي في أمّتي ) .
أقول :
قد أجاب أصحابنا عن هذا الحديث سنداً ودلالةً فراجع
(2) على أنه في هذا الحديث يقول ( لو كنت متخذاً ... ) أمّا في حديث آخر جعل عثمان هو الخليل وهذا نصّه : ( إنّ لكلّ نبّي خليلاً من أمّته وإنّ خليلي عثمان بن عفان ) لكنه حديث باطل كذلك كما نصّ عليه غير واحد
(3) .
قوله (367) :
( التّاسع : قوله عليه السلام وقد ذكر عنده أبوبكر : وأين مثل أبي بكر ؟ كذّبني الناس وصدّقني ، وآمن بي ، وزوّجني إبنته ، وجهّزني بماله ، وواساني بنفسه ، وجاهد معي ساعة الخوف ) .
---------------------------
(1) لاحظ تنزيه الشريعة 1 | 367 .
(2) تلخيص الشافي 3 | 217 .
(3) لاحظ : تنزيه الشريعة الغرّاء 1 | 392 .
الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية
_ 125 _
أقول :
هذا الحديث باطل حتى لو رووه بسندٍ معتبر ، لأنّ ظاهره أن أبابكر أول من أسلم وقد ثبت أنّ أول من اسلم أمير المؤمنين علي عليه السلام والمنكر مكابر ، ولذا اضطر إلى الإعترف بذلك كبار علماء القوم كما لا يخفى على من راجع أخبارهم وأقوالهم في ( الإستيعاب ) بترجمته عليه السلام وغيره من المصادر المعتبرة .
ولأنّ ظاهره أنّ أبابكر كان ينفق على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وهذا كذب ، ولذا اضطرّ مثل ابن تيمية غلى تأويله فقال : ( إن انفاق أبي بكر لم يكن نفقة على النبي في طعامه وكسوته ، فإنّ الله قد أغنى رسوله عن مال الخلق أجمعين ، بل كان معونةً له على إقامة الدين ، فكان إنفاقه فيما يحبّه الله ورسوله ، لا نفقةً على نفس الرسول )
(1) وحينئذٍ فلا فرق بين أبي بكر وسائر الصحاب الذين كانوا نفقون أموالهم كذلك فأين الأفضلية ؟
هذا ، ولقد أورده الحافظ ابن عرّاق المتوفى سنة 963 في الأحاديث الشنيعة الموضوعة
(2) والسيوطي في الأحاديث الموضوعة
(3) .
قوله (367) :
( العاشر : قول علي رضي الله عنه : خير الناس بعد النّبيين أبوبكر ثم عمر ثم الله أعلم ، وقوله ـ إذ قيل له ما توصي ؟ ـ : ما أوصى رسول الله حتى أوصي ... ) .
أقول :
ولهذا الحديث نظائر موضوعة على لسانه عليه السلام ! ! أما هذا الحديث فآيات الكذب عليه لائحة وواضحة جداً ، عمدتها ما جاء فيه من أنه مات بلا وصية كما أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مات بلا وصية ... فإنّ هذا كذب
---------------------------
(1) منهاج السنة 4 | 289 .
(2) تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاخبار الشنيعة الموضوعة 1 | 344 .
(3) اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1 | 295 .