أو لأبعثن رجلا مني ـ أو قال مثل نفسي ـ فليضربن أعناقكم ، وليسببن ذراريكم ، وليأخذن أموالكم ، قال عمر : فوالله ما تمنيت الإمارة الا يومئذ ، وجعلت أنصب صدري له رجاء أن يقول : هو هذا . قال فالتفت الى علي ( رضي الله عنه ) فأخذ بيده ثم قال : هو هذا
.
المستدرك : عن عبد الرحمن بن عوف قال : افتتح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مكة ثم انصرف الى الطائف فحاصرهم ثمانية أو سبعة ... ثم قال : أيها الناس اني لكم فرط واني اوصيكم بعترتي خيرا موعدكم الحوض ، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلوة ولتؤتون الزكوة أو لأبعثن عليكم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم ، قال فرأى الناس إنه يعني أبا بكر وعمر ، فأخذ بيد علي فقال : هذا
.
1 ـ ليبعثن الله من يضرب رقابكم بالسيف على الدين : تدل على كمال مجاهدته ، وانها على الدين الخالص ، وقد بعث من الله تعالى .
2 ـ قد امتحن الله قلبه على الايمان : تدل على استقرار ايمانه وثبوته ورسوخه في الله ومن الله ، بحيث لا يقبل التزلزل .
3 ـ قال ابو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا : تدل على استشراف أبي بكر وعمر لهذه المنزلة ، وقال : هو خاصف النعل .
4 ـ يقاتل الناس على تأويل القرآن : تدل على إمامته وخلافته بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإن هذه من وظائف الامام ، وهو موظف على أن يجاهد حتى يتبين للناس ما اختلفوا فيه ، ويتضح التأويل وترتفع الشكوك . وأما النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فهو يجاهد على تنزيل القرآن واصله .
6 ـ فليضربن أعناق مقاتليهم : تدل على كمال شجاعته ونهاية مجاهدته ، ونروي روايات مخصوصة بهذا الموضوع .
الطبقات : قال محمد بن عمر كان علي ممن ثبت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على سريّة الى بني سعد بفدك في مائة رجل ، وكان معه احدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكة ، وبعثه على سريّة الى الفَلس الى طيّ ، وبعثه الى اليمن ، ولم يتخلف عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) في غزوة غزاها الا غزوة تبوك خلّفه في أهله
.
المحاسن والأضداد : في كلام لعائمة بن عاثم في جواب ثلب معاوية لبني هاشم : ومنا أبو الحسن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أفرس بني هاشم وأكرم من أحتبى وانتعل ، وفيه يقول الشاعر :
وفي محاسن البيهقي : يروى قريبا منه ، وفيها : اكرم من احتفى وتنعّل بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومن فضائله ما قصر عنكم أنباؤها ، وفيه يقول الشاعر :
ويروى في الطبقات ايضا : عن قتادة : ان علي بن أبي طالب كان صاحب لواء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم بدر وفي كل مشهد
.
فلم ير عليا فيمن ثبت ، فقال : شوهة وبوهة ، أو في مثل هذا الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو صاحبه فيما هو صاحبه ( يعني المواطن المشهورة له ) فقلت أي الفضل بن العباس : بعض قولك لابن أخيك ظ أما تراه في الرهج ؟ قال : أشعره لي يا بنيّ ؟ قلت : هو ذو كذا ، ذو كذا ، ذو البُردة . قال : فما تلك البرقة ؟ قلت : سيفه يرفُل به بين الأقران . فقال : بر ابن بر فداه عم وخال . قال : فضرب علي يومئذ اربعين مبارزا كلهم يقدّه حتى يفدّ أنفه وذكره
(1) .
مستدرك الحاكم : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبدُ ود يوم الخندق ؛ أفضل من اعمال امتي الى يوم القيامة
(2) .
ويروى : عن احمد بن عبد الجبار قال : سمعت يحيى بن آدم يقول : ما شبهت قتل علي عمروا الا بقول الله عز وجل ـ وقتل داود جالوت ، فهزموهم باذن الله
(3) .
أقول : رويت عن ام سلمة أنها قالت : شهدت معه مشاهد فيها قتال وخوف ولم يكن من ذلك أتعب لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا أخوف عندنا من الخندق ، وذلك أن المسلمين كانوا في مثل الحرجة وان قريظة لانأمنها على الذراري ، فالمدينة تُحرس حتى الصباح نسمع تكبير المسلمين فيها حتى يصبحوا خوفا
(4) .
ثم ان عمرو بن عبد ودّ كان أشجع قريش وفي مقدمتهم ، وعبر من مكان ضيّق من الخندق ومعه جماعة ، قد أغفلوا المسلمين ، فدعا عمرو الى البراز ، فخرج علي راجلا وعمرو فارس ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم أعنه عليه ، فلم يكن بأسرع من أن قتله علي ، فولّى أصحابه ادبارا .
فرفع بهذه الضربة اعظم خطر كان يهدد الاسلام والمسلمين ، ولولا هذا الدفاع لكاد ان يسقط لواء المسلمين ، فيصح أن يقال : ان هذه المبارزة كانت
---------------------------
(1) امتاع الأسماع ج 1 ص 408 .
(2) مستدرك الحاكم ج 3 ص 32 .
(3) نفس المصدر ص 34 .
(4) امتاع الاسماع ص 231 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 104 _
مبارزة اسلام وكفر ، وبهذه الغلبة قد استقر الاسلام وثبت .
حديث البراءة
تاريخ الطبري : عن السُدي لما نزلت هذه الآيات الى رأس الأربعين يعني من سورة براءة ، فبعث بهن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع أبي بكر وأمّره على الحج ، فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة اتبعه بعلي فأخذها منه ، فرجع أبوبكر الى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي أنزل في شأني شيء ؟ قال : لا ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني ... فسار أبو بكر على الحاج وسار علي يؤذن ببراءة ، فقام يوم الأضحى فأذن فقال : لا يقربن المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطوفنّ بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهد فله عهده الى مدّته
(1) .
تفسير الكشاف : كان نزولها سنة تسع من الهجرة ، وفتح مكة سنة ثمان ، وكان الأمير فيها عتّاب بن أسيد ، فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابا بكر على موسم سنة تسع ، ثم أتبعه عليا راكب العضباء ليقرأها على اهل الموسم ، فقيل له لو بعثت بها الى أبي بكر ، فقال : لا يؤدي عني الا رجل مني ... الخ
(2) .
أقول : حديث البراءة يدل على كمال اختصاصه بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بحيث قد خلّفه في اهم الموضوعات ، وقال لا يُبلغ عني غيري أو رجل مني ، ويظهر منه أيضا اعتماده الكامل واطمئنانه التام عليه وعلى رسالته .
مسند أحمد : عن علي ( عليه السلام ) قال : لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دعا أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال لي : أدرك أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال لي : أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به الى اهل مكة فاقرأه عليهم ، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع ابو بكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا رسول الله ! نزل فيّ شيء ؟ قال : لا ولكنّ جبرئيل جاءني
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 3 ص 154 .
(2) تفسير الكشاف ج 1 ص 543 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 105 _
فقال لا يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك
(1) .
السيرة النبوية : لما نزلت براءة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد كان بعث ابا بكر الصديق ليقيم للناس الحج ، قيل له يا رسول الله لو بعثت بها الى أبو بكر ، فقال : لا يؤدي عني الا رجل من أهل بيتي ، ثم دعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال له : اخرج بهذه القصة من صدر برائة واذن في الناس يوم النحر اذا اجتمعوا بمنى ، انه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ... الرواية
(2) .
سنن الدارمي : فلما استوى ليكبر سمع الرغوة خلف ظهره فوقف عن التكبير ، فقال : هذه رغوة ناقة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الجدعاء ، لقد بدا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الحج فلعله ان يكون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنصلي معه ، فاذا عليّ عليها ، فقال أبو بكر : أمير أم رسول ؟ قال : لا بل رسول أرسلني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ببرائة أقرؤها على الناس في مواقف الحج ...
(3) .
ويروي أيضا : سألنا عليا بأي شيء بعثت ؟ قال : بعثت باربع : لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يجتمع مسلم وكافر في الحج بعد عامهم هذا ، ومن كان بينه وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهد فعهده الى مدته ومن لم يكن له عهد فهي في اربعة اشهر
(4) .
سنن الترمذي : عن أنس قال : بعث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ببراءة مع أبي بكر ثم دعاه فقال : لا ينبغي لاحد أن يبلّغ هذا الا رجل من أهل ، فدعا عليا فاعطاه اياه
(5) .
ويروى ايضا : عن ابن عباس بعث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابا بكر وامره ان ينادي بهؤلاء الكلمات ثم اتبعه عليا ، فبينا أبو بكر في بعض الطريق اذ سمع رغاء ناقة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) القصواء ، فخرج أبو بكر فزعا فظن انه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاذا
---------------------------
(1) مسند أحمد ج 1 ص 151 .
(2) السيرة النبوية ج 4 ص 190 .
(3) سنن الدارمي ج 2 ص 66 . وسنن النسائي ج 5 ص 198 .
(4) نفس المصدر ص 68 .
(5) سنن الترمذي ص 440 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 106 _
علي ! فدفع اليه كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وامر عليا ان ينادي بهؤلاء الكلمات فانطلقا فحجا ، فقام علي ايام التشريق فنادى : ذمة الله ورسوله بريئة ... الرواية .
خصائص النسائي : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعث ببراءة الى أهل مكة مع أبي بكر ، ثم أتبعه بعلي ، فقال له : خذ الكتاب فامض به الى أهل مكة ، قال : فلحقه فأخذ الكتاب منه فانصرف ابو بكر وهو كئيب فقال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنزل فيّ شيء ؟ قال : لا إني أمرت أن ابلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي
(1) .
ويروى أيضا : عن سعد ، قال بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابا بكر ببراءة حتى اذا كان ببعض الطريق ارسل عليا رضي الله عنه فاخذها منه ثم سار بها فوجد أبو بكر في نفسه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يؤدي عني الا أنا أو رجل مني
(2) .
ويروى أيضا : قريبا مما في سنن الدارمي ( ج 2 ص 66 ) .
الطبقات : استعمل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابا بكر الصديق على الحج .. فلما كان بالعرض لحفه علي بن أبي طالب رضي الله عنه على ناقة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) القصواء فقال له أبو بكر : استعملك رسول الله على الحج ؟ قال : لا ولكن بعثني أقرأ برائة على الناس وأنبذ الى كل ذي عهد عهده فمضى أبو بكر فحج بالناس وقرأ عليّ بن أبي طالب برائة على الناس ... الخ
(3) .
أقول : يستفاد من هذه الأحاديث امور :
الأول : انه من اهل البيت ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دون أبي بكر ، فلا يشمل عنوان اهل النبي على أبي بكر .
الثاني : انه من خواص اهل بحيث أقامه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مقام نفسه وبعثه على ناقته ، وما جعل لأبي بكر هذه المنزلة .
الثالث : قد خصّه من بين اصحابه بالتأدية عنه وتبليغ الحكم من جانبه ،
---------------------------
(1) خصائص النسائي ص 14 .
(2) نفس المصدر ص 15 .
(3) الطبقات ج 2 ص 168 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 107 _
فيدل هذا مضافا الى اختصاصه بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على علوّ مقامه الروحاني واستحقاقه النيابة والخلافة منه .
انساب الاشراف : عن ابن عباس : ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعث بسورة براءة مع أبي بكر ، ثم بعث عليا فأخذها من أبي بكر ، فجاء أبو بكر فقال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هل نزل فيّ شيء ؟ قال : لا ولكنه لا يؤدي عني غيري أو رجل من أهل بيتي ، فكان أبو بكر على الموسم ، وكان عليّ ينادي بهؤلاء الكلمات ... الخ
(1) .
مستدرك الحاكم : عن جميع قال : أتيت عبد الله بن عمر فسألته عن علي ( رضي الله عنه ) فانتهرني ، ثم قال : ألا احدثك عن علي ، هذا بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في المسجد وهذا بيت علي ( رضي الله عنه ) ، ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعث ابا بكر وعمر ببراءة الى اهل مكة فانطلقا فاذاهما براكب ، فقالا : من هذا ؟ قال : أنا علي يا أبا بكر ! هات الكتاب الذي معك ، قال : وما لي ؟ قال : والله ما علمت الا خيرا ، فاخذ علي الكتاب فذهب به ، ورجع أبو بكر وعمر الى المدينة ، فقالا : ما لنا يا رسول الله ؟ قال : ما لكما الا خير قيل لي انه لا يبلّغ عنك الا أنت أو رجل منك
(2).
اعلم الأمة علي ( عليه السلام )
الاستيعاب : عن ضرار : يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه
(3) .
البخاري : بإسناده قال عمر ( رضي الله عنه ) : اقرؤنا اُبيّ وأقضانا عليّ
(4) .
خصائص النسائي : قال علي : بعثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى اليمن وأنا شاب حديث السن ، قال فقلت : يا رسول الله تبعثني الى قوم يكون بينهم أحداث وأنا شاب حديث السن ، قال : إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك قال : ما شككت في
---------------------------
(1) انساب الأشراف ج 1 ص 383 .
(2) مستدرك الحاكم ج 3 ص 51 .
(3) الاستيعاب ج 3 ص 1107 .
(4) البخاري ج 3 ص 63 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 108 _
حديث اقضى بين اثنين
(1) .
كذا في مسند احمد
(2) .
ويروى الخصائص : باسناد آخر ، وكذا في المستدرك
(3) .
والطبقات : روايات قريبة مما في الخصائص
(4) .
ويروى ايضا : عن ابن عباس قال : اذا حدثنا ثقة عن علي بفتيا لا نعدوها
(5) .
ويروى ايضا : عن أبي هريرة ، قال عمر بن الخطاب علي اقضانا
(6).
ويروى ايضا : عن ابن عباس قال : خطبنا عمر فقال : علي اقضانا وأبي اقرؤنا
(7).
مسند أحمد : عن علي ( رضي الله عنه ) قال : بعثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى اليمن ، قال : فقلت : يا رسول الله تبعثني الى قوم أسنّ منّى وأنا حديث لا ابصرالقضاء ، قال فوضع يده على صدري وقال : اللهم ثبّت لسانه واهد قلبه ، يا عليّ اذا جلس اليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول ... قال : فما اختلفت عليّ قضاء بعدُ أو ما أشكل
(8) .
الطبقات : قال علي : والله ما نزلت آية الا وقد علمت فيما نزلت وعلى من
---------------------------
(1) خصائص النسائي ص 8 .
(2) مسند أحمد ج 1 ص 83 .
(3) مستدرك الحاكم ج 3 ص 135 .
(4) الطبقات ج 2 ص 337 .
(5) نفس المصدر ص 338 .
(6) نفس المصدر ص 339 .
(7) مسند أحمد ج 5 ص 113 .
(8) مسند أحمد ج 1 ص 111 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 109 _
نزلت ، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا
(1) .
ويروى أيضا : عن أبي الطفيل قال عليّ : سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية الا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل .
ويروى ايضا : عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يتعوّذ من معضلة ليس فيها ابو حسن
(2) .
الكنى للدولابي : عن داود بن المسيب ، قال : ما كان احد بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اعلم من علي بن أبي طالب
(3) .
أقول : رجوع الجاهل في المسائل المهمة الى العالم بل الأعلم امر عقلي وجدانيّ ، واذا تميّز الأعلم وتشخّص فللامّة أن ترجع اليه وتستفيد منه وتتعلم وظائفها وتكاليفها الدينية ، ولذا ترى عمر يتعوّذ من معضلة ليس فيها ابو حسن .
الاستيعاب : وقال في المجنونة التي امر برجمها وفي التي وضعت لستة اشهر ، فاراد عمر رجمها ـ فقال علي : ان الله تعالى يقول وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ، وقال له : ان الله رفع القلم عن المجنون ـ فكان عمر يقول : لولا علي لهلك عمر .
وعن اُذينة قال أتيت عمر بن الخطاب فسألته من أين أعتمر ؟ فقال : ايت عليا فسله ، فذكر الحديث .
وسأل شريح بن هاني عايشة أم المؤمنين عن المسح على الخفين، فقال : أيت عليا فسله ، فذكر الحديث .
وسأل شريح بن هاني عايشة أم المؤمنين عن المسح على الخفّين ، فقال : ايت عليا فسله
(4) .
سنن الترمذي : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انا دار الحكمة وعلي بابها
(5) .
مستدرك الحاكم : عن ابن عباس قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب
(6) .
---------------------------
(1) الطبقات ج 2 ص 338 .
(2) نفس المصدر ص 339 .
(3) الكنى للدولابي ج 1 ص 197 .
(4) الاستيعاب ج 3 ص 1103 .
(5) سنن الترمذي ص 534 .
(6) مستدرك الحاكم ج 3 ص 126 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 110 _
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
ثم يروى هذه الرواية بأسناد اخر .
الفائق : علي رضي الله عنه قال : ان ها هنا ـ وأومى بيده الى صدره ـ علما لو أصبت له حملة ، بلى اُصيب لقنا غير مأمون
(1) .
أقول : يظهر من هذه الروايات الشريفة ، أن علي بن أبي طالب واسطة الفيوضات النبوية ، ووسيلة للوصول الى المعارف الحقة ، وباب للورود الى شريعة الحقائق الإلهية ، وطريق مخصوص يهتدى به الى مدينة العلم والحكمة وهذا من الأدلة القاطعة على لزوم المراجعة والتوجه اليه .
الاستيعاب : عن عبد الله بن عباس ، قال : والله لقد اعطي علي بن أبي طالب تسعة اعشار العلم ، وايم الله لقد شارككم في العُشر العاشر
(2) .
ويروى : عن عايشة انها قالت : علي لأعلم الناس بالسنة .
ويروى : عن ابن عباس قال : اذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به .
مستدرك الحاكم : عن أبي الطفيل قال : رأيت اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) قال على المنبر ، فقال : سلوني قبل أن تسألوني ولن تسألوا بعدي مثلي ، قال : فقام ابن الكواء فقال : يا اميرالمؤمنين ما الذاريات ذروا ... الرواية
(3) .
أقول : يستفاد من هذه الأحاديث امور :
1 ـ انه أقضى الامة .
2 ـ قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك : يكشف عن هداية الله قلبه بأيّ وسيلة كانت .
3 ـ قوله ما شككت في حديث أقضي بين الاثنين .
4 ـ انه عالم بجميع موارد نزول الآيات وخصوصياتها .
---------------------------
(1) الفائق ج 3 ص 188 .
(2) الاستيعاب ج 3 ص 1104 .
(3) مستدرك الحاكم ج 2 ص 466 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 111 _
5 ـ قال إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا .
6 ـ كان عمر يتعوذ من معضلة ليس فيها ابو حسن .
7 ـ ما كان أحد من الأمة اعلم منه .
8 ـ هو باب الحكمة .
9 ـ هو باب العلم .
10 ـ لا يوجد مثله حتى يُسأل عنه .
11 ـ في صدره علوم لا يجد لها حمَلة .
ارجاع الأمر الى علي ( عليه السلام )
كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يُعرّف ابن عمه عليا ( عليه السلام ) ، ويُرجع الناس اليه ، ويظهر لهم مقامه ، ويعلن لهم قربه منه من الله عز وجل ، ويشير الى امامته بكنايات واشارات ، وقد يصرّح بها بلطائف البيانات .
مستدرك الحاكم : عن أنس ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي : أنت تبين في امتي ما اختلفوا بعدي
(1) .
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
ويروى ايضا : عن علي ( عليه السلام ) في قوله تعالى ـ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ، قال علي ( عليه السلام ) : رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المنذر ، وأنا الهادي
(2) .
المحاسن للبيهقي : عن جابر قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لعلي هذا وليكم بعدي اذا كانت فتنة
(3) .
خصائص النسائي : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أما انت يا علي أنت صفيي وأميني
(4) .
---------------------------
(1) مستدرك الحاكم ج 3 ص 122 .
(2) مستدرك الحاكم ج 3 ص 130 .
(3) المحاسن للبيهقي ص 41 .
(4) خصائص النسائي ص 14 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 112 _
أقول : هذه بيانات لطيفة وكنايات ظريفة عن امامته وخلافته ، فإن الإبانة للأمة بما اختلفوا فيه ، وكونه هاديا ، وولايته بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكونه صفيا وامينا تكشف عن مقام خلافته ومرجعيته الكبرى ، حتى يُبين للأمة ما اختلفوا فيه وأن يهديهم الى الحق وحتى يتولى امر الأمة في موارد الفتن ، ومعلوم أن ابانة الحق وهداية الخلق والمرجعية الحقيقية لا تتحقق الا بتحقق شرائط الإمامة الإلهية .
الاستيعاب : عن ابن عباس : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي بن أبي طالب : أنت ولي كل مؤمن بعدي
(1) .
ويروى عن حذيفة : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان ولّوا عليا فهاديا مهديا
(2) .
مستدرك الحاكم : عن ام سلمة قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول ـ علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض
(3) .
هذا حديث صحيح الاسناد ولم يُخرجاه .
ويروى أيضا : عن علي ( عليه السلام ) قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : رحم الله عليا ، اللهم ادر الحق معه حديث دار .
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .
أقول : ملازمة الحق والقرآن عليا تكشف عن رفيع مقامه الإلهي وسني شأنه الرواحاني ، حتى يصل الى حد يقول فيه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : انه مع القرآن والقرآن معه ، اللهم أدر الحق معه حديث دار .
واذا عرّفه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذه الصفة ، وحصل لنا العلم والاطمينان بأنه مع القرآن ومع الحق ولا يمكن التفرق والاختلاف لنا العلم والاطمينان بأنه مع القرآن ومع الحق لا يمكن التفرق والاختلاف بينهما ، فكيف يجوز لنا خلافه وكيف يعقل الانحراف عنه .
---------------------------
(1) الاستيعاب ج 3 ص 1091 .
(2) نفس المصدر ص 1114 .
(3) مستدرك الحاكم ج 3 ص 124 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 113 _
باب علي ( عليه السلام )
مسند أحمد : قال سعد بن مالك : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بسد الأبواب الشارعة في المسجد ، وترك باب علي ( رضي الله عنه )
(1) .
رجال اصبهان : عن ابن عمر قال : لقد اعطي علي ثلاثا لأن اكون أعطيتهن أحب اليّ من حُمر النعم ، زوجّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمر بسد الأبواب الا باب علي
(2) .
خصائص النسائي : عن زيد بن ارقم قال : كان لنفر من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابواب شارعة في المسجد ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سدوا الأبواب الا باب علي ، فتكلم بذلك الناس ، فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي ، وقال فيه قائلكم ، والله ما سددته ولا فتحته ولكني أمرت فاتبعته
(3) ، كذا في مسند احمد
(4) .
ويروى في المستدرك : نظيره ، ثم قال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
(5) .
ويروى الخصائص ايضا : عن سعد : قال كنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في المسجد ، فروى فينا لسده ليخرج من في المسجد الا آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وآل علي ، قال : فخرجنا ، فلما أصبح اتاه عمه فقال : يا رسول الله أخرجت اصحابك واعمامك وأسكنت هذا الغلام ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما أنا أمرت باخراجكم ولا بإسكان
---------------------------
(1) مسند أحمد ج 1 ص 175 .
(2) رجال اصبهان ج 1 ص 276 .
(3) سنن الترمذي ص 535 .
(4) مسند أحمد ج 4 ص 369 .
(5) المستدرك ج 3 ص 125 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 114 _
هذا الغلام ، ان الله هو أمر به
(1) .
ويروى : باسناد آخر : ان العباس أتى النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : سددت ابوابنا الا باب علي فقال : ما أنا فتحتها ولا أنا سددتها .
أقول : يظهر من هذه الروايات أن الأبواب كلها قد سدت الا باب علي ، وعلى هذا قال العباس : اخرجت اصحابك واعمامك وسددت ابوابنا الا باب علي ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فإني امرت بسد هذه الأبواب غير باب علي .
مستدرك الحاكم : عن خيثمة ، قال رجل لسعد بن مالك : إن عليا يقع فيك أنك تخلفت عنه ! فقال سعد : والله أنه لرأي رأيته واخطأ رأيي ، ان علي بن أبي طالب أعطي ثلاثا لأن أكون أعطيت احداهن أحب إليّ من الدنيا وما فيها ، لقد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم غدير خم بعد حمد الله والثناء عليه ... واخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عمه العباس وغيره من المسجد فقال له العباس تُخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك وتسكن عليا ! فقال : ما أنا أخرجتكم واسكنته ولكن الله أخرجكم واسكنه
(2) .
ويروى أيضا : عن عمر بن الخطاب قال : لقد اُعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال : لأن تكون لي خصلة منها أحب اليّ من أن أعطى حُمر النعم ، قيل وما هن يا اميرالمؤمنين ؟ قال تزوجه فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وسكناه المسجد مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحل له فيه ما يحل له ، والراية يوم خيبر
(3) .
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
الفائق : سعد قال : لما نودي ليخرج من في السمجد الا آل رسول الله وآل علي ، فخرجنا نجُرّ قلاعنا
(4) .
قال الزمخشري : القلاع جمع قلع وهو الكنف يكون فيه الزاد .
---------------------------
(1) خصائص النسائي ص 10 .
(2) مستدرك الحاكم ج 3 ص 116 .
(3) مستدرك الحاكم ج 3 ص 125 .
(4) الفائق ج 2 ص 372 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 115 _
أقول : هذه الأحاديث تدل على نهاية اختصاص علي ( عليه السلام ) وكمال اتصاله برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )، بحيث يحل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سكناه المسجد : إن الله هو أمر به .
سنن الترمذي : عن أبي سعيد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي : يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك
(1) .
رجال اصبهان : عن ام سلمة قالت : خرج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى صرحة هذا المسجد فقال : ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض الا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، ألا قد بينت لكم الأسماء أن تضلوا
(2) .
سنن البيهقي : يروى الروايتين
(3) .
ويروى أيضا : عن ام سلمة قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ألا ان مسجدي حرام على كل حائض من النساء وكل جنب من الرجال الا على محمد واهل بيته ، علي وفاطمة والحسن والحسين ( رضي الله عنه ) .
أقول : هذه الروايات تدل على أن باب علي الى المسجد لم تسد .
يقول في الدرة الثمينة في تاريخ المدينة ملحقا الى شفاء الغرام : ذكر بيت فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كان خلف بيت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن يسار المصلى الى الكعبة ، وكان فيه خوخة الى بيت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اذا قام من الليل الى المخرج اطلع منها يعلم خبرهم ، وكان يأتي بابها كل صباح فيأخذ بعضادتيه ويقول الصلاة الصلاة انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
(4) .
---------------------------
(1) سنن الترمذي ص 535 .
(2) رجال إصبهان ج 1 ص 291 .
(3) سنن البيهقي ج 7 ص 65 .
(4) شفاء الغرام ج 2 ص 359 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 116 _
من بعض فضائله ( عليه السلام )
يقول ابن المُعتز ابن المتوكل العباسي في ديوانه ( ط بيروت ص 129 ) في جواب من طعن في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).
عـلي يـظنون بي بغضه iiاذا لاسقتني غدا كفه مُجلى الكروب ولـيث الـحرو وبـحر iiالعلوم وغـيـظ الـخـصو iiيـقلّب فـي فـمه مـقولا واول iiمـن ظـــل فـــي iiمـوقـف وكــان أخـا لـنبي iiالـهدى وكـفوا لـخير نـساء iiالـعبا وأقـضى القضاة لفصل iiالخطا وفـي لـيلة الـغار وقّى iiالنبي وبـات ضـجيعا بـه في الفرا وعـمرو بـن عـبد iiوأحزابه وسَـل عنه خير ذات iiالحصو وسـبـطاه جـدهـما iiأحـمد فـهلا سـوى الـكفر ظنوه بي من الحوض والمشرب iiالأعذب فـي الـرهج الساطع iiالأهيب مـتى يـصطرغ وهـم يُغلب كـشقشقة الـجمل iiالـمصعب يُـصلى مـع الـطاهر iiالطيب وخُـص بـذاك فـلا iiتـكذب دِ مـا بـين شرق الى iiمغرب والـمنطق الأعـدل iiالأصوب عـشاء الـى الـفلق iiالأشهب مُـوطّن نـفس على iiالأصعب سـقاهم حسا الموت في iiيثرب تُـخبرك عـنه وعـن iiمرحب فــبـخّ لـجـدهـما iiوالأب |
مستدك الحاكم : عن محمد بن منصور يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول ـ ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب ( رضي الله عنه )
(1) .
---------------------------
(1) مستدرك الحاكم ج 3 ص 107 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 117 _
تاريخ الطبري : ثم أن قيس بن سعد قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : الحمد لله الذي جاء بالحق وأمات الباطل وكبّت الظالمين ، أيها الناس إنا قد بايعنا خير من نعلم بعد محمد نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقوموا أيها الناس فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإن نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم . فقام الناس فبايعوا ، واستقامت له مصر
(1) .
أقول : مر في الأحاديث السابقة كونه اقضى واعلم الأمة ، وانه لا يزال مع الحق ولاحق يدور معه ، وإنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وإنه أحب الناس الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإنه كنفس رسول الله .
الاستيعاب : وسئل الحسن البصري عن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) فقال : كان علي والله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه ، ورباني هذه الأمة ، وذا فضلها وذا سابقتها وذا قرابتها من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لم يكن بالنومة عن امر الله ، ولا بالملومة في دين الله ، ولا بالسروقة لمال الله ، اعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة ، ذلك علي بن أبي طالب يالكع
(2) .
عقد الفريد : دخل رجل على الحسن البصري ، فقال : يا أبا سعيد إنهم يزعمون أنك تبغض عليا ، قال : فبكى الحسن حتى اخضلّت لحيته ، ثم قال : كان عليّ والله ... الرواية
(3) .
المحاسن للبيهقي : قام رجل في مجلس محمد بن عائشة بالبصرة من وسط الحلقة ، فقال : يا أبا عبد الرحمن من افضل اصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقال : ابو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابو عبيدة بن الجراح .
فقال له : فأين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟
قال : يا هذا تستفتي عن اصحابه أم عن نفسه ؟
قال : بل عن اصحابه .
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 227 .
(2) الإستيعاب ج 3 ص 1110 .
(3) عقد الفريد ج 4 ص 313 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 118 _
قال : ان الله تبارك وتعالى يقول ـ قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم . فكيف يكون أصحابه مثل نفسه
(1).
مستدرك الحاكم : عن أبي هريرة قال : قالت فاطمة ( رضي الله عنه ): يا رسول الله زوّجتني من علي بن أبي طالب وهو فقير لا مال له ! فقال : يا فاطمة أما ترضين أن الله عز وجل اطلع الى أهل الأرض فاختار رجلين أحدهما أبوك والآخر بعلك
(2) .
الاستيعاب : قال سعيد بن عمرو بن العاص : قلت لعبد الله بن عياش يا عم ، لو كان صغو الناس الى علي ! فقال : يا ابن اخي ان عليا عليه السلام كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم ، وكان له البسطة في العشيرة ، والقدم في الاسلام ، والصهر لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والفقه في المسألة ، والنجدة في الحرب ، والجود في الماعون
(3) .
البيان والتعريف : روى الطبراني والبزاز عن أبي ذر وسلمان ، أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيد علي فقال : هذا أول من آمن بي واول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق هذه الأمة وهذا يعسوف المؤمنين والمال يعسوب الظالمين
(4) .
أقول : يظهر من هذه الرواية أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لقّب عليا بالصديق والفاروق فهو الفارق بين الأمة ، فمن تبعه وأطاعه فهو على هدى من ربه ، ومن خالفه وانحرف عنه فهو على ضلال .
مستدرك الحاكم : عن عمران قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : النظر الى علي عبادة
(5) .
---------------------------
(1) المحاسن للبيهقي ص 42 .
(2) مستدرك الحاكم ج 3 ص 129 .
(3) الاستيعاب ج 3 ص 1107 .
(4) البيان والتعريف ج 2 ص 110 .
(5) مستدرك الحاكم ج 3 ص 141 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 119 _
ثم يروى : بأسناد أخر عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : النظر الى وجه علي عبادة .
الفائق : النظر الى وجه علي عبادة
(1) .
قال ابن الأعرابي : ان تأويله ان عليا كان اذا برز قال الناس : لا إله الا الله ما أشرف هذا الفتى ، لا إله الا الله ما أشجع هذا الفتى ، لا إله الا الله ما أعلم هذا الفتى ، لا إله الا الله ما أكرم هذا الفتى ، لا إله الا الله .
مستدرك الحاكم : عن جابر ، قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) وهو يقول : هذا امير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره ومخذول من خذله ، ثم مد بها صوته
(2) ، ( والضبع : العضد ) .
هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه .
المحاسن للبيهقي : عن أبي مالك : ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : هبط عليّ جبريل عليه السلام يوم حنين ، فقال : يا محمد ان ربك تبارك وتعالى يقرئك السلام ، وقال ادفع هذه الاُتُرجّة الى ابن عمك ووصيك علي بن أبي طالب رضي الله عنه . فدفعتها اليه فوضعتها في كفه ، فانفلقت بنصفين ، فخرج منها رق ابيض مكتوب فيه بالنور من الطالب الغالب الى علي بن أبي طالب
(3) .
ويروى أيضا : عن سعيد بن جبير : كان عبد الله بن عباس بمكة يحدّث على شفير زمزم ونحن عنده ، فلما قضى حديثه قام اليه رجل فقال : يا ابن عباس اني امرؤ من اهل الشام من اهل حِمص ، انهم يتبرؤون من علي بن أبي طالب ( رضوان الله عليه ) ويلعنونه ! فقال : بل لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذابا مهينا ، البُعد قرابته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وانه لم يكن اول ذُكران العالمين ايمانا بالله ورسوله واول من صلى وركع وعمل باعمال البر ؟
قال الشامي : انهم والله ما ينكرون قرابته وسابقته غير انهم يزعمون انه قتل الناس .
---------------------------
(1) الفائق ج 3 ص 107 .
(2) مستدرك الحاكم ج 3 ص 129 .
(3) المحاسن للبيهقي ص 42 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 120 _
فقال ابن عباس : ثكلتهم امهاتهم ، ان عليا اعرف بالله عز وجل برسوله وبحكمهما منهم ، فلم يقتل الا من استحق القتل .
قال : يا ابن عباس ان قومي جمعوا لي نفقة وأنا رسولهم اليك وأمينهم ولا يسعك أن تردّني بغير حاجتي ، فإن القوم هالكون في امره ففرّج عنهم فرّج الله عنك .
فقال ابن عباس : يا أخا اهل الشام إنما مثل علي في هذه الأمة في فضله وعلمه كمثل العبد الصالح لاذي لقيه موسى ( عليه السلام ) لما انتهى الى ساحل البحر فقال له هل اتبعك على أن تُعلّمني مما علّمت رشد ؟ قال العالم إنك لن تستطيع صبرا ... فكبر على موسى الحق وعظم ، اذ لم يكن يعرفه هذا ، وهو نبي مرسل من اُولي العزم ممن قد أخذ الله جل وعز ميثاقه على النبوة ، فكيف أنت يا أخا اهل الشام واصحابك ؟ ان عليا رضي الله عنه لم يقتل الا من كان يستحل قتله .
واني أخبرك ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان عند ام سلمة بنت ابي اميمة اذ أقبل علي ( عليه السلام ) يريد الدخول على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فنقر نقرا خفيفا ، فعرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نقره ، فقال : يا ام سلمة قومي فافتحي الباب ، فقالت : يا رسول الله من هذا الذي يبلغ خطره أن أستقبله بمحاسني ومعاصمي ؟ ( النقر : الدق ) .
فقال : يا ام سلمة ان طاعتي طاعة الله جل وعز ، قال : ومن يُطع الرسول فقد أطاع الله ، قومي يا أم سلمة فإن بالباب رجلا ليس بالخرق ولا النزق ولا بالعجل في امره يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يا أم سلمة انه أن تفتحي الباب له فلن يدخل حتى يخفى عليه الوطؤ ، فلم يدخل حتى غابت عنه وخفي عليه الوطؤ . فلما لم يحس لها حركة دفع الباب ودخل فسلم على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فرد عليه السلام وقال : يا أم سلمة هل تعرفين هذا ؟ قالت نعم هذا علي بن أبي طالب .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : نعم هذا علي سيط لحمه بلحمي ودمه بدمي وهو
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 121 _
مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي ، يا ام سلمة هذا علي سيد مبجّل مؤمل المسلمين واميرالمؤمنين وموضع سرّي وعلمي وبابي الذي آوي اليه ، وهو الوصي على أهل بيتي وعلى الأخيار من أمتي ، هو أخي في الدنيا والآخرة وهو معي في السناء الأعلى ، اشهدي يا أم سلمة إن عليا يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
قال ابن عباس : وقتلهم لله رضى وللأمة صلاح ولاهل الضلالة سخط .
قال الشامي : يا ابن عباس من الناكثون ؟
قال : الذين بايعوا عليا بالمدينة ثم نكثوا فقاتلهم بالبصرة ، أصحاب الجمل ، والقاسطون معاوية واصحابه ، والمارقون اهل النهروان ومن معهم .
فقال الشامي : يا ابن عباس ملأت صدري نورا وحكمة وفرّجت عني فرّج الله عنك ، اشهد أن عليا رضي الله عنه مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة
(1) .
ويروى ايضا : قال ابن عباس : عقُم النساء أن يجئن بمثل علي ، وعلى رأسه عمامة بيضاء وكأن عينيه سراجا سليط ، وهو يقف على شرذمة بعد شرذمة من الناس يعظهم ويحضّهم ... الخ .
ويروى ايضا : عن ابن عباس أنه قال : لقد سبق لعلي رضي الله عنه سوابق لو أن سابقة منها قسّمت على الناس لو سعتهم خيرا .
ويروى ايضا : عنه قال : كان لعلي رضي الله عنه خصال ضوارس قواطع سطة في العشرة وصهر للرسول وعلم بالتنزيل وفقه في التأويل وصبر عند النزال ومقاومة الأبطال ، وكان ألدّ اذا أعضل ذا رأي اذا أشكل .
ويروى أيضا : دخل ابن عباس على معاوية فقال ـ يا ابن عباس لي عليا ، قال : كأنك لم تره ؟
قال : بلى ، ولكني أحب أن أسمع منك فيه مقالا .
قال : كان اميرالمؤمنين رضوان الله عليه غزير الدمعة طويل الفكرة ، يعجبه
---------------------------
(1) المحاسن للبيهقي ص 43 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 122 _
من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشُب ، يُدنينا اذا أتيناه ويُجيبنا اذا دعوناه ، وكان مع تقرّبه ايانا وقربه منا لا نبدأه بالكلام حتى يتبسم فاذا هو تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، أما والله يا معاوية لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يبكي ويتململ السليم ، وهو يقول : يا دنيا اياي تغرّين أمثلي تشوقين ؟ لاحان حينك بل زال زوالك ، قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعيشك حقير وعمرك قصير وخطرك يسير ، آه آه : من بعد السفر ووحشة الطريق وقلة الزاد .
قال : فأجهش معاوية ومن معه بالبكاء
(1) .
أقول : جشب الطعام : غلظ . السليم : الجريح اللديغ . التململ : التقلب على الفراش . أجهش : تهيّأ .
ويروى أيضا : ان عدي بن حاتم دخل على معاوية بن أبي سفيان ، فقال : يا عدي أين الطرفات ؟ يعني بنيه طريفا وطارفا وطرفة . قال : قتلوا يوم صفين بين يدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
فقال : ما أنصفك ابن أبي طالب اذ قدم بنيك وأخر بنيه .
قال : بل ما أنصفت أنا عليا اذ قُتل وبقيت .
قال : صف لي عليا . فقال : ان رأيت ان تُعفيني .
قال : لا اُعفيك .
قال : كان والله بعيد المدى وشديد القوى ، يقول عدلا ويحكم فصلا ، تتفجر الحكمة من جوانبه والعلم من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، يستأنس بالليل ووحشته ، وكان والله غزير الدمعة طويل الفكرة ، يحاسب نفسه اذا خلا ، ويقلب كفّيه على ما مضى ، يعجبه من اللباس القصير ومن المعاش الخشن ، وكان فينا كأحدنا ، يُجيبنا اذا سألناه ويُدنينا اذا أتيناه ... الحديث باختلاف يسير
(2) .
---------------------------
(1) المحاسن للبيهقي ص 45 .
(2) نفس المصدر ص 46 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 123 _
أقول : يستفاد من هذه الأحاديث أمور :
1 ـ ما جاء لاحد من الفضائل ما جاء لعلي ( عليه السلام ) .
2 ـ انه خير من يُعلم بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
3 ـ انه كنفس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
4 ـ انه اول من آمن برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
5 ـ هو الصديق الأكبر والفاروق ويعسوب المؤمنين .
6 ـ هو امير البررة منصور من نصره .
8 ـ اهدى الله اليه اثُرُجَّة .
9 ـ انه اول من آمن وصلى وركع من الذكران .
11 ـ انه من رسول الله بمنزلة هارون من موسى .
12 ـ انه سيد مبجّل ، اميرالمؤمنين ومومل المسلمين .
13 ـ موضع سر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلمه وبابه .
14 ـ هو الوصي على أهل البيت وعلى الأخيار .
15 ـ اخوه في الدنيا والآخرة وهو معه .
16 ـ انه يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
17 ـ لو أن سابقة منها قسمت على الناس لوسعتهم .
18 ـ عالم بالتنزيل وفقيه بالتأويل .
19 ـ غزير الدمعة طويل الفكرة .
20 ـ كان يبكي ويتململ تملمُل السليم .
21 ـ يستوحش من الدنيا ويستأنس بالليل .
22 ـ كان في الناس كأحدهم يُجيب اذا سُئل .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 124 _
انه آخر الناس عهدا برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
كان اميرالمؤمنين علي ( عليه السلام ) يصاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليلا ونهارا ، سفرا وحضرا ، ان كان يسأله والا يبتدؤه ، يحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويطيعه ولم يزل كان معه ، الى أن ارتحل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى دار الخلد .
الطبقات : عن جابر : ان كعب الأحبار قام زمن عمر فقال ( ونحن جلوس عند عمر اميرالمؤمنين ) : ما كان آخر ما تكلم به رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال عمر : سل عليا قال : أين هو ؟ قال : هو هنا ، فسأله فقال علي : أسندته الى صدري فوضع رأسه على منكبي ، فقال : الصلاة الصلاة ! فقال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه امروا وعليه يبعثون . قال : فمن غسّله يا اميرالمؤمنين ؟ قال : سل عليا ، قال : فسأله ؟ فقال كنت أنا أغسله كان عباس جالسا وكان اسامة وشقران يختلفان اليّ بالماء
(1) .
ويروى ايضا : عن علي ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مرضه : ادعوا اليّ اخي ، قال : فدُعي له عليّ ، فقال : ادنُ مني ، فدنوت منه فاستند اليّ فلم يزل مستندا اليّ وانه ليكلمني ، حتى أن بعض ريق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليصيبني
(2) .
ويروى ايضا : عن علي بن الحسين : قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورأسه في حجر علي .
ويروى ايضا : عن الشعبي : قال : توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورأسه في حجر علي وغسله علي ، والفضل محتضنه ، واسامة يناول الفضل الماء .
ويروى ايضا : عن أبي غطفان : قال : سألت ابن عباس أرأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) توفي ورأسه في حجر أحد ؟ قال : توفي وهو مستند الى صدر علي ، قلت : فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت : توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بين سحري ونحري قال ابن عباس : أتعقل ؟ والله لتوفى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وانه لمستند الى صدر علي
---------------------------
(1) الطبقات ج 2 ص 262 .
(2)الطبقات ج 2 ص 263 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 125 _
وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس .
أقول : يستنبط من هذه الروايات امور :
الأول : ان عليا هو آخر من صحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
الثاني : انه أحب الناس وأقربهم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وموضع سره والذي كان يحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صُحبته في آخر ساعة من حياته .
الثالث : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد حضر ورأسه على صدره .
الرابع : هو الذي تصدى لتغسيل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اذ كان الآخرون مشغولين بمقدمات الخلافة والحكومة .
الخامس : يظهر من هذه الروايات أن الأحاديث الواردة الدالة على أن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبض ورأسه على صدر عائشة ، مجعولة غير ثابتة .
الاستيعاب : وقال الفضل بن عباس عُتية :
ما كنت أحسب أن الأمر منصرف ألـيس أول مـن صـلى iiبقبلتكم عن هاشم ثم منها عن أبي iiالحسن واعـلم الـناس بالقرآن iiوالسنن |
وزاد أبو الفتح :
وآخر الناس عهدا بالنبي ومن من فيه ما فيهم لا تمترون iiبه جبريل عون له في الغسل والكفن وليس في القوم ما فيه من الحسن |
(1)
رجال اصبهان : عن حذيفة قال : دخلت على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في وجعه الذي توفى فيه وعلي بن أبي طالب مسنده الى صدره ، فقلت لعلي دعني فقد سهرت منذ الليلة ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : دعه فهو أحق به
(2) .
خصائص النسائي : عن ام سلمة : ان أقرب الناس عهدا برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي رضي الله عنه .
ويروى ايضا عنها : قالت : لما كان غدوة قبض رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأرسل الى علي رضي الله عنه ، قالت : واظنه كان بعثه في حاجة فجعل يقول : جاء علي ،
---------------------------
(1) الاستيعاب ج 3 ص 1133 .
(2) رجال اصبهان ج 1 ص 131 .