الامام الحسين بن علي عليهما السلام
  الأئمة الاثنى عشر : وثالثهم الحسين بن علي بن أبي طالب القرشيّ الهاشميّ المدنيّ ، ابو عبدالله سبط رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وريحانته ، وهو واخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة ... وُلد الحسين ( رضي الله عنه ) لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، قاله الزبير بن بكار وغيره (1) .
  سير الأعلام : الامام الشريف الكامل سبط رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وريحانته من الدنيا ومحبوبه ، ابو عبدالله الحسين بن أميرالمؤمنين ابي الحسن عليّ بن أبي طالب بن
عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف (2) .
  ويروى : عن يعلى العامريّ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حسين سبط من الأسباط من أحبني فليحبّ حسينا ، وفي لفظ أحبّ الله من أحبّ حسينا (3) .
  الاستيعاب : علقت فاطمة بالحسين بعد مولد الحسن بخمسين ليلة ... ولم يكن بين الحسن والحسين إلا طهر واحد ... وعقّ عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما عقّ عن أخيه ، وكان الحسين فاضلا ديّنا كثير الصيام والصلاة والحج (4) .
  كفاية الطالب للگنجي : باسناده عن ربيعة السعدي لما اختلف الناس في التفضيل رحلت وأخذت زادي وخرجت حتى دخلت المدينة ، فدخلت على حذيفة بن اليمان ، فقال لي : ممن الرجل ؟ قلت : من أهل العراق ، فقال لي : من أيّ العراق ؟ قلت : رجل من أهل الكوفة ، قال مرحبا بكم يا أهل الكوفة .

---------------------------
(1) الأئمة الاثنى عشر ص 71 .
(2) سير الأعلام ج 3 ص 188 .
(3) نفس المصدر ص 190 .
(4) الاستيعاب ج 1 ص 393 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 427 _

 قلت : اختلف الناس في التفضيل فجئت لأسألك عن ذلك ؟ فقال لي : على الخبير سقطت ، أما إني لا أحدّثك إلا ما سمعته اذناى ووعاه قلبي وأبصرته عيناي : خرج علينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كأني أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة حامل الحسين بن علي ( عليه السلام ) على عاتقه ، كأني انظر الى كفّه الطيبة واضعها على قدمه يُلصقها صدره ، فقال أيها الناس لأعرّفنّ ما اختلفتم فيه من الخيار بعدي ، هذا الحسين بن علي خير الناس جدا وجده ، جده محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سيد النبيين ، وجدّته خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين الى الايمان بالله ورسوله ، هذا الحسين بن علي خير الناس ابا وخير الناس أمّا ، أبوه عليّ بن أبي طالب أخو رسول الله ووزيره وابن عمه وسابق رجال العالمين ، هذا الحسين بن علي خير الناس عما وخير الناس عمة ، عمه جعفر بن أبي طالب المزيّن بالجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء ، وعمّته ام هاني بنت أبي طالب ، هذا الحسين بن عليّ خير الناس خالا وخالة ، خاله القاسم بن محمد رسول الله ، وخالته زينب بنت محمد ، ثم وضعه على عاتقه فدرج بين يديه وجثا ، ثم قال : أيها الناس هذا الحسين بن علي جده وجدته في الجنة ، وأبوه وأمه في الجنة وعمه وعمته في الجنة ، وخاله وخالته في الجنة ، أنه لم يؤت أحد من ذرية النبيين ما أوتي الحسين بن عليّ ، ما خلا يوسف بن يعقوب (1) .
  قلت : هذا سند اجتمع فيه جماعة من ائمة الأمصار .
  تهذيب ابن عساكر : مثله (2) .
  ويروى أيضا : باسناده عن أبي المهزم ، قال : كنا مع جنازة امرأة ومعنا ابوهريرة فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة ، فصلى عليهما ، فلما أقبلنا أعيى الحسين عليه السلام فقعد في الطريق ، فجعل ابوهريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : يا اباهريرة وأنت تفعل هذا ! فقال

---------------------------
(1) كفاية الطالب للكنجي ص 273 .
(2) تهذيب ابن عساكر ج 4 ص 320 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 428 _

 ابوهريرة : دعني فوالله لو علم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم (1) .
  قلت : رواه كتاب الواقدي في كتابه ، واخرجه محدث الشام في تاريخه .
  الامامة والسياسة : وكتب اليه الحسين ( رضي الله عنه ) اما بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه أنه انتهت اليك عني امور ... ما أردت حربا ولا خلافا ، وأني لأخشى الله في ترك ذلك منك ومن حزبك القاسطين المحلين ، حزب الظالم وأعوان الشيطان الرجيم ، ألست قاتل حُجر واصحابه العابدين المُخبتين ... أوَ لست قاتل عمرو بن الحمق الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة ، فقتلته بعد ما أعطيته من العهود ... أو لست المدعي زيادا في الاسلام فزعمت أنه ابن أبي سفيان ، وقد قضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ثم سلّطته على أهل الاسلام يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويصلّبهم على جذوع النخل ، سبحان الله يا معاوية لكأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك ... وقلت فيما قلت انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد واني والله ما أعرف أفضل من جهادك ، فان أفعل فإنه قربة الى ربي ، وان لم أفعله فاستغفر الله لديني واسأله التوفيق لما يحبّ ويرضى ... وأعلم أن الله ليس بناس لك قتلك بالظنة وأخذك بالتهمة ، وامارتك صبيا يشرب الشراب ويلعب بالكلاب ، ما أراك إلا وقد أوثقت نفسك وأهلكت دينك وأضعت الرعية (2) .
  الكامل لابن الأثير : ثم ان الحسين خطبهم : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ، ناكثا لعهد الله ، مخالفا لسنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان فلم يُغيّر ما عليه بفعل ولا قول ، كان حقا على الله تعالى أن يُدخله مدخله ، ألا وانّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرّموا حلاله ، وأنا أحقّ من غيري ، وقد أتيتني كتبتم ورسلكم ببيعتكم ، وأنكم لا تُسلموني ولاتخذلوني ، وفإن أقمتم على

---------------------------
(1) كفاية الطالب ص 278 .
(2) الامامة والسياسة ص 148 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 429 _

 بيعتكم تُصيبوا رشدكم ، وأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، نفسي مع نفسكم وأهلي مع أهلكم ، فلكم فيّ أسوة حسنة ، وان لم تفعلوا ونقضتم عهدي وخلعتم بيعتي فلعمري ما هي لكم بنكير ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم بن عقيل ، والمغرور من أغترّ بكم ، فحظّكم أخطأتم ونصيبكم ضيّعتم ، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ، وسيُغني الله عنكم ، والسلام .
  سأمضي وما بالموت عار على الفتى وواوسى رجالا صالحيــن بنفسـه فان عشت لم أندم وان مت لم ألــم اذا ما نوى خيـرا وجاهــد مسلما وخالف مثبـورا وفــارق مُجرما كفــي بك ذلا ان تعيش وتُرى (1) .

---------------------------
(1) الكامل لابن الأثير ج 4 ص 20 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 430 _

فتنة قتل الحسين ( عليه السلام )
  سير الأعلام : عن أنس شهدت ابن زياد حيث أُتي برأس الحسين فجعل ينكث بقضيب معه ، فقلت : أما أنه أشبههما بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (1) .
  ويروى : عن ابن أبي نعم قال : كنت عند ابن عمر فسأله رجل عن دم البعوض ؟ فقال : ممن أنت ؟ فقال : من أهل العراق ، قال : انظر الى هذا يسألني عن دم البعوض ! وقتلوا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) !! وقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول هما ريحانتاي من الدنيا

الامام الرابع علي بن الحسين ( عليهما السلام )
  الأئمة الاثنى عشر : ورابعهم علي ( رضي الله عنه ) وهو ابوالحسن عليّ بن الحسين المعروف بزين العابدين ، ويقال له علي الأصغر ، وليس للحسين ( رضي الله عنه ) عقب إلا من ولد زين العابدين هذا ، وهو من سادات التابعين .
  قال الزهري : ما رأيت قرشيّا أفضل منه ... وفضائل زين العابدين ومناقبه أكثر من أن تحصى ، وكانت ولادته يوم الجمعة في بعض شهور سنة ثمان وثلاثين من الهجرة (1) .
  وفيات الأعيان : كما قلنا في الأئمة كلمة بكلمة (2) .
  الاستيعاب : عن سفيان بن عيينه قال لي جعفر بن محمد : توفى عليّ بن أبي طالب وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وقتل الحسين بن عليّ وهو ابن ثمان وخمسين سنة وتوفي محمد بن علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة . وقال لي جعفر بن محمد : وأنا بهذه السنة في ثمان وخمسين فتوفى فيها (3) .
  كفاية الطالب : مولانا زين العابدين ومنار القانتين ابو محمد علي بن الحسين بن علي عليه السلام ، كان عابدا وفيّا وجوادا حفيّا ، وأمه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار ابن كسرى (4) .
  ويروى : عن عبدالرحمن القرشيّ وكان اذا توضّأ اصفرّ ، فيقول له أهله :

---------------------------
(1) الأئمة الاثنى عشر ص 75 .
(2) وفيات الأعيان ج 1 ص 347 .
(3) الاستيعاب ج 1 ص 397 .
(4) كفاية الطالب ص 298 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 438 _

 ما هذ الذي يعتادك عند الوضوء ؟ فيقول : أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم (1) .
  ويروى : عن سفيان بن عيينه حج عليّ بن الحسين ، فلما أحرم واستوت به راحلته اصفرّ لونه وانتفض ووقعت عليه الرعدة ولم يستطع أن يُلبّي ، فقيل له : مالك ؟
 فقال : أخشى أن أقول لبيك ، فيقال لا لبيك ، فقيل له لابد من هذا ، قال : فلما لبى غشي عليه وسقط من راحلته ، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه (2) .
  قلت : رواه ابن عساكر في تاريخه .
  حلية الأولياء : عن ابن عائشة ، سمعت اهل المدينة يقولون : ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين (3) .
  تذكرة الحفاظ : عليّ بن الحسين بن اميرالمؤمنين عليّ ـ زين العابدين ابو الحسين الهاشميّ المدنيّ ، حضر كربلاء مريضا ، فقال عمر بن سعد : لاتعرضوا لهذا .
  وكان يومئذ ابن نيف وعشرين سنة ، وكان من أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة وأحبهم الى عبدالمك ، قال ابوحازم : ما رأيت هاشميا أفضل منه ، وعن ابن المسيّب ما رأيت أورع منه . وقال مالك : بلغني أنه كان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة الى أن مات ، وكان يسمّى زين العابدين لعبادته (4) .
  الطبقات الكبرى : عن عبدالله بن أبي سليمان : كان عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) اذا مشى لاتجاوز يده فخذه ولايَخطر بيده ، وكان اذا قام الى الصلا أخذته رِعدة ،فيقل له مالك ؟ فقال ما تدرون بين يديّ من أقوم وأناجي (5) .
  ويروى أيضا : أن عليّ بن الحسين يُبخّل ، فلما مات وجدوه يقوت مائة اهل بيت بالمدينة في السرّ ، قالوا : وكان ثقة مأمونا كثيرا الحديث عاليا رفيعا ورعا (6) .

---------------------------
(1) نفس المصدر ص 300 .
(2) نفس المصدر ص 301 .
(3) حلية الأولياء ج 3 ص 136 .
(4) تذكرة الحفاظ ج 1 ص 74 .
(5) الطبقات ج 5 ص 216 .
(6) نفس المصدر ص 222 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 439 _

 الفصول المهمة لابن صباغ : لما حج هشام بن عبدالملك في حياة أبيه دخل الى الطواف وجهد أن يستلم الحجر الأسود ، فلم يصل إليه لكثرة زحام الناس اليه ، فنصب اليه منبر الى جانب زمزم في الحطيم ، وجلس عليه وحوله جماعة من اهل الشام ، فبينماهم كذلك ، اذ أقبل علي بن الحسين ( عليه السلام ) يريد الطواف ، فلما انتهى الى الحجر الأسود تنحّى الناس عنه حتى استلم الحجر ، فقال رجل من أهل الشام : من هذا الذي قد هابه الناس هذه المهابة فتنحّوا عنه يمينا وشمالا ؟ فقال هشام : لا أعرفه ! مخافة أن يرغب فيه أهل الشام ! وكان الفرزدق حاضرا ، فقال للشامي : أنا أعرفه فقال الشامي : من هو يا ابافراس ؟ فقال :

هـذا  الـذي تعرف البطحاء iiوطأته      والـبيت يـعرفه والـحلُ iiوالـحرم
هـذا ابـن خـير عـباد الله كـلهم      هـذا الـتقي الـنقي الـطاهر iiالعلم
هـذا ابـن فـاطمة ان كنت iiجاهله      بـجـده أنـبـياء الله قـد iiخُـتموا
اذا  رأتــه قـريش قـال iiقـائلها      الـى  مـكارم هـذا يـنتهي iiالكرم
يُـغضي حـياء ويُغضى من iiمهابته      فــلا يُـكـم إلا حـيـن iiيـبتسم
مـن  مـعشر حـبهم دين iiوبغضهم      كـفر  وقـربهم مـنجى iiومـعتصم
ن  عُـدّ اهـل الـتقى كانوا iiائمتهم      أو قيل من خير اهل الأرض قيل هم
مـشـتقة مـن رسـول الله نـبعته      يـنمى  الى ذروة العز التي iiقصرت
امـقـدم بـعد ذكـر الله ذكـرهم      عـن  نـيلها عربُ الاسلام iiوالعجم
طـابت عـناصره والـجسم iiوالشيم      فـي  كـل بـدو ومختموم به iiالكلم
  فلما سمع هشام هذه القصيدة غضب ... الخ (1) .
  ويروى أيضا : وعن طاووس قال : دخلت الحجر في الليل فاذا عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) قد دخل يصلي ما شاء الله تعالى ، ثم سجد سجدة فأطال فيها ، فقلت رجل صالح من بيت النبوة لأصيّغن إليه ، فسمعته يقول : عبدك بفنائك مسكينك بفنائك سائلك بفنائك فقيرك بفنائك . قال طاووس : فوالله ما صليت

---------------------------
(1) الفصول المهمة لابن صباغ ص 189 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 440 _

 ودعوت فيهنّ في كرب إلا فّج عني (1) .
  حلية الأولياء : عن عمرو بن ثابت : لما مات عليّ بن الحسين فغسّلوه جعلوا ينظرون الى آثار سواد بظهره ، فقالوا : ما هذا ؟ فقيل : كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة (2) .
  ويروى أيضا : سئل عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) عن كثرة بكائه ، فقال : لاتلوموني فإن يعقوب فقد سبطا من ولده ، فبكى حتى ابيضت عيناه ولم يعلم أنه مات ، وقد نظرت الى اربعة عشر رجلا من أهل بيتي في غزاة واحدة ، أفترون حزنهم يذهب من قلبي (3) .
  مروج الذهب : ونظر الناس الى عليّ بن الحسين السجاد وقد لاذ بالقبر وهو يدعو ، فأتي به الى مسرف وهو مغتاظ عليه ، فتبرّأ منه ومن آبائه ، فلما رآه وقد أشرف عليه ارتعد وقام له ، واقعده الى جانبه وقال له : سلني حوائجك ... فقيل لعليّ رأيناك تحرك شفتيك فما الذي قلت ؟ قال : قلت ـ اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، والأرضين السبع وما أقللن ، رب العرش العظيم ، رب محمد وآله الطاهرين ، أعوذ بك من شره ، وأدرأ بك في نحره ، اسألك أن تُؤتيني خيره ، وتكفيني شره .
 وقيل لمسلم : رأيناك تسبّ هذا الغلام وسلفه ، فلما أتي به اليك رفعت منزلته فقال : وما كان ذلك لرأي مني ، لقد مُليء قلبي منه رعبا (4) .

---------------------------
(1) الفصول المهمة لابن صباغ ص 183 .
(2) حلية الاولياء ج 3 ص 136 .
(3) نفس المصدر ص 138 .
(4) مروج الذهب ج 2 ص 96 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 441 _

الإمام الخامس محمد بن عليّ الباقر عليهما السلام
  الطبقات : عن المعيصي قال : رأيت محمد بنعلي على جبهته وأنفه اثر السجود ، ليس بالكثير (1) .
  ويقول : وكان ثقة كثير العلم والحديث (2) .
  الوفيات : ابوجعفر محمد بن زين العابدين عليّ بن الحسين ، الملقّب بالباقر ، أحد الأئمة الاثنى عشر في اعتقاد الامامية ، وهو والد جعفر الصادق ، وكان الباقر عالما سيدا كبيرا ، وإنما قيل له الباقر لأنه تبقّر في العلم أي توسّع ، والتبقّر التوسّع ، وفيه يقول الشاعر :
يا  باقر  العلم لأهل iiالتقى      وخير من لبى على الأجبل
  ومولده بالمدينة سنة سبع وخمسين ، وكان عمره يوم قتل جده الحسين عليه السلام ثلاث سنين ، وتوفى سنة ثلاث عشرة ومائة ، ودفن بالبقيع (3) .
  تذكرة الحفاظ : محمد بن علي الامام الثبت الهاشمي العلوي المدني أحد الأعلام ، مولده سنة ست وخمسين ، وكان سيد بني هاشم في زمانه ، اشتهر بالباقر ، قولهم بقر العلم : يعني شقّه (4) .
  حلية الأولياء : عن عبدالله بنعطاء قال : ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علما منهم عند أبي جعفر ، لقد رأيت الحكم عنده كأنه متعلّم (5) .

---------------------------
(1) الطبقاتج 5 ص 321 .
(2) نفس المصدر ص 324 .
(3) الوفيات ج 2 ص 23 .
(4) تذكرة الحفاظ ج 1 ص 124 .
(5) حلية الأولياء ج 3 ص 186 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 442 _

  البيان والتعريف : عن الأوزاعي ، قدمت المدينة فسألت محمد بن علي بن الحسين عن قوله عزوجل ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ ) ؟ قال : حدثني أبي عن جدي عليّ بن أبي طالب قال : سألت عنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : لأبشّرنّك بها يا عليّ فبشّر بها أمتي من بعدي ـ الصدقة على وجهها واصطناع المعروف وبرّ الوالدين وصلة الرحم تُحوّل الشقاء سعادة وتزيد في العمرو تقي مصارع السوء (1) .
  حلبة الأولياء : قال محمد بن علي : كان ليّ أخ في عيني عظيم ، وكان الذي عظّمه في عيني صغر الدينا في عينه (2) .
  ويروى أيضا : عن جعفر بن محمد بن علي قال : فقد أبي بغلة له ، فقال لئنن ردّها الله تعالى لعيّ لأحمدنه محامد يرضاها ، فما لبث ان أتى بها بسرجها ولجامها ، فركبها فلما استوى عليها وضمّ اليه ثيابه ، رفع رأسه الى السماء فقال : الحمدلله ، لم يزد عليها فقيل له في ذلك ، فقال : وهل تركت شيئا ، جعلت الحمد كله لله عزوجل .
  ويروى أيضا : عن جابر ، قال لي محمد بن عليّ : يا جابر ، أنزل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت منه ، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء ، إنما هي مع اهل اللبّ والعالِمين بالله تعالى كفيء الظِلال ، فاحفظ ما استرعاك الله تعالى من دينه وحكمته .(3) .
  عيون ابن قتيبة : أخبرنا جابر بن عبدالله أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : يا جابر انك ستُعمّر بعدي حتى يولد لي مولود اسمه كاسمي يبقر العلم بقرا فاذا لقيته فأقرأه منّي السلام ! فكان جابر يتردّد في سكك المدينة بعذ ذهاب بصرة وهو ينادي : يا باقر ! حتى قال الناس قد جُنّ جابر ، فبينا هو ذات يوم بالبلاط اذ بصر بجارية يتورّكها صبيّ ، فقال لها : يا جارية من هذا الصبي ؟ قالت : هذا محمد بن علي بن الحسين بن عليّ ، فقال أدنيه مني فأدنته منه فقبل بين عينيه ، وقال

---------------------------
(1) البيان والتعريف ج 2 ص 87 .
(2) حلية الأولياء ج 3 ص 186 .
(3) حلية الأولياء ج 3 ص 187 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 443 _

 يا حبيبي ، رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقرئك السلام ، ثم قال : نعيت اليّ نفسي وربّ الكعبة ، ثم انصرف الى منزله وأوصى فمات من ليلته (1) .
  تذكرة الخواصّ : روى أن أبا جعفر دخل على جابر بعد ما أضر ( أي صار ضريرا وأعمى ) فسلم عليه ، فقال : من أنت ؟ فقال محمد بن علي بن الحسين .
  فقال : أدن مني فدنى منه ، فقبّل يديه ورجليه ثم قال : له : رسول الله يسلّم عليك .
  فقيل لجابر : وكيف هذا ؟ فقال : كنت جالسا عند رسول الله والحسين في حجره وهو يُداعبه ، فقال : يا جابر يولد مولود اسمه عليّ ، اذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيّد العابدين فيقوم ولده ، ثم يولد له ولد اسمه محمد فإن أدركته يا جابر فاقرأه مني السلام (2) .
  امالى القالى : عن عُفير : دخل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين على عمر بن عبدالعزيز ، فقال : يا أبا جعفر أوصيني قال أوصيك أن تتخذ صغير المسلمين ولدا واوسطهم أخا ، وكبيرهم أبا ، فارحم ولدك وصِل أخاك وبرّ أباك ، واذا صنعت معروفا فرُبّه (3) .
  وقال أبو علي : قوله فربه أي أدمه ، يقال رب بالمكان وأرب أي أقام به ودام .
  تذكرة الخواص : روى عنه الأئمة أبو حنيفة وغيره ، قال أبو يوسف : قلت لأبي حنيفة لقيت محمد بن عليّ الباقر ؟ فقال : نعم ، وسألته يوما فقلت له اراد الله المعاصي ؟ فقال : أفُيعصى قهرا ، قال أبوحنيفة : فما رأيت جوابا أفحم منه .
  وقال عطاء : ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علما منهم عند أبي جعفر ، لقد رأيت الحكم عنده كأنه عصفور مغلوب ، ويعني بالحكم الحكم بن عُيينة ، وكان عالما نبيلا جليلا في زمانه (4) .

---------------------------
(1) عيون ابن قتيبة ج 1 ص 212 .
(2) تذكرة الخواص ص 190 .
(3) أمالي القالي ج 2 ص 309 .
(4) تذكرة الخواص ص 190 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 444 _

  مطالب السؤول : قال أفلح مولى أبي جعفر : خرجت مع محمد بن علي حاجا ، فلما دخل المسجد نظر الى البيت فبكى حتى علا صوته ، فقلت : بابي وأمي أنّ الناس ينظرون اليك فلو رفقت بصوتك قليلا ، فقال لي : ويحك يا أفلح ولمَ لاأبكي لعل الله أن ينظر اليّ منه برحمته فأفوز بها عنده غدا ، ثم طاف بالبيت ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده ، فاذا موضع السجود مبتلّ من كثرة دموع عينه (1) .

---------------------------
(1) مطالب السؤول ( الباب الخامس ـ أبو جعفر ) .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 445 _

الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام
  الوفيات : أبو عبدالله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، أحد الأئمة الاثنى عشر على مذهب الامامية ، كان من سادات أهل البيت ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته ، وفضله أشهر من أن يذكر ، وله كلام في صنعة الكيمياء والزجر والفال ، وكان تلميذه أبوموسى جابر بن حيّان الصوفي الطرطوسيّ ، قد ألّف كتابا يشتمل على ألف ورقة يتضمّن رسائل جعفر الصادق عليه السلام ، وهي خمسمائة رسالة ، وكان المنصور أراد أشخاصه الى العراق معه عند مسيره الى المدينة فاستعفاه من ذلك فلم يُعفه ... وكانت ولادته سنة ثمانين للهجرة ... وتوفى سنة ثمان وأربعين ومائة بالمدينة ودفن بالبقيع ، انتهى ملخصا (1) .
  تذكرة الحفاظ : جعفر بن محمد الامام أبو عبدالله العلوي المدني الصادق أحد السادة الأعلام .
  عن أبي حنيفة قال : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد ، وقال أبوحاتم : ثقة لايُسأل عن مثله ، وعن صالح بن أبي الأسود سمعت جعفر بن محمد يقول : سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لايحدّثكم أحد بعدي بمثل حديثي ، وقال هياج بن بسطام : كان جعفر الصادق يُطعم حتى لايبقى لعياله شيء (2) .
حلية الأولياء : عن عبدالله بن شبرمه قال : دخلت أنا وأبوحنيفة على جعفر بن محمد ، فقال لابن أبي ليلي : من هذا معك ؟ قال : هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين ، قال : لعله يقيس أمر الدين برأيه ؟ قال : نعم ، فقال جعفر لأبي حنيفة :

---------------------------
(1) الوفيات ج 1 ص 112 .
(2) تذكرة الحفاظ ج 1 ص 166 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 446 _

 ما اسمك ؟ قال : نعمان ، قال : يا نعمان هل قست رأسك بعد ؟ قال : كيف أقيس رأسي ؟ قال : ما أراك تُحسن شيئا ، هل علمت ما الملوحة في العينين والمرارة في الاذنين والحرارة في المنخرين والعذوبة في الشفتين ؟ قال : لا ، قال : ما أراك تُحسن شيئا ، قال : فهل علمت كلمة أوّلها كفر وآخرها ايمان ؟ فقال ابن ابي ليلى : يا ابن رسول الله أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها ؟ فقال : أخبرني ابي عن جدّي ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ان الله تعالى بمنّه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين لأنهما شحمتان ولو لاذلك لذابتا ، وان الله تعالى بمنّه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الاذنين حجابا من الدوابّ فإن دخلت الرأس دابة والتمست الى الدماغ فاذا ذاقت المرارة التمست الخروج ، وان الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولو لاذلك لأنتن الدماغ ، وان الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شيء ويسمع الناس بها حلاوة منطقه ، قال : فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها ايمان ؟ فقال اذا قال العبد : لا اله فقد كفر ، فاذا قال : الا الله فهو ايمان ، ثم أقبل على أبي حنيفة فقال : يا نعمان حدثني أبي عن جدي ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : أول من قاس أمر الدين برأيه ابليس ، قال الله تعالى له اسجد لآدم فقال ( أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) فمن قاس الدين برأيه قرنه الله يوم القيامة بابليس لأنه اتبعه بالقياس ، وزاد ابن شبرمة في حديثه : ثم قال جعفر : أيهما اعظم قتل النفس أو الزنا ؟ قال : قتل النفس ، قال : فإن الله عزوجل قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا الا اربعة ، ثم قال : أيهما أعظم الصلاة أم الصوم ؟ قال الصلاة قال : فما بال الحائض تقتضي الصوم ولاتقتضي الصلاة ، فكيف ويحك يقوم لك قياسك اتق الله ولاتقس الدين برأيك (1) .
  مطالب السؤول : قال مالك بن أنس : قال جعفر يوما لسفيان الثوري : يا سفيان

---------------------------
(1) حلية الأولياء ج 3 ص 196 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 447 _

 اذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها فأكثر من الحمد والشكر عليها ، فإن الله عزوجل قال في كتابه العزيز : لئن شكرتم لأزيدنّكم ، واذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار ، فإن الله عز وعلا قال في كتابه : استغفروا ربكم انه كان غفارا يُرسل السماء عليكم مدرارا ويُمددكم بأموال وبنين ـ يعني في الدنيا ـ ويجعل لكم جنات ـ في الآخرة ، يا سفيان اذا حزنك امر من سلطان أوغيره ، فأكثر من ـ لاحول ولاقوة إلا بالله ـ فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة (1) .
  تذكرة الخواص : وقال الثوري بالاسناد المتقدم : قلت لجعفر يا ابن رسول الله اعتزلت الناس ! فقال : يا سفيان فسد الزمان وتغيّر الإخوان فرأيت الانفراد اسكن للفؤاد (2) .

---------------------------
(1) مطالب السؤول ( الباب السادس ـ أبو عبدالله ) .
(2) تذكرة الخواص ص 195 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 448 _

الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام
  الوفيات : ابوالحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ، قال الخطيب في تاريخ البغداد : كان موسى يُدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده ، روى أنه دخل مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسجد سجدة في أول الليل وسُمع وهو يقول في سجوده : عظم الذنب عندي فليَحسن العفو من عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة فجعل يُرددها حتى أصبح ، وكان سخيّا كريما ، وكان يسكن المدينة فأقدمه المهدي بغداد ، فحبسه فرأى في النوم علي بن أبي طالب وهو يقول : يا محمد فهل توليتم ان توليتم ان تُفسدوا في الأرض وتُقطّعوا أرحامكم ، قال الربيع : فأرسل اليّ ليلا فراعني ذلك ، فجئته فاذا هو يقرأ هذه الآية ، وقال : علي بموسى بن جعفر ! فجئته به فعانقه وأجلسه الى جانبه وقال : يا ابا الحسن إني رأيت اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ عليّ كذا ، فتُؤمنني أن تخرج عليّ ؟ فقال : والله لافعلت ذلك ولا هو من شأني .
  وأقام بالمدينة إلى أيام هارون الرشيد من عمره سنة تسع وسبعين ومائة فحمل موسى ( عليه السلام ) معه الى بغداد وحبسه بها الى أن تُوفى في محبسه سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وكانت ولادته سنة تسع وعشرين ومائة ـ انتهى ملخصا (1) .
  مطالب السؤول : هذا هو الامام الكبير القد العظيم الشأن الكثير التهجّد الجد في الاجتهاد المشهود له بالكرامات المشهور العبادة المواظب على الطاعات يبيت الليل ساجدا وقائما ويقطع النهار متصدقا وصائما والفرط حمله وتجاوزه عن المعتدين عليه دُعي كاظما ، كان يُجازي المسيء باحسانه اليه ويُقابل الجاني بعفوه عنه (2) .

---------------------------
(1) الوفيات ج 2 ص 256 .
(2) مطالب السؤول ( الباب السابع ـ أبو الحسن ) .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 449 _

الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام
  الوفيات : ابوالحسن علي الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ، وهو أحد الأئمة الاثنى عشر على اعتقاد الامامية ، وكان المأمون جعله وليّ عهده وضرب اسمه على الدينار والدرهم ... وكانت ولادة عليّ الرضا يوم الجمعة في بعض شهور سنة ثلاث وخمسين ومائة بالمدينة ، وتُوفّى في آخر صفر سنة اثنتين ومأتين ، ويقول
أبو نواس :
قيل لي أنت أحسن الناس طرا فعلى ما تركت مدح ابن موسى قلت لا أستطيـع مدح امــام في فنون من المقــال النبيـه والخصال التي تجمعـن فيــه كان جبريـل خادمـا لأبيــه   انتهى ملخصا (1) .
  تاريخ الطبري : ورد كتاب من الحسن بن سهل ان اميرالمؤمنين المأمون قد جعل علي بن موسى بن جعفر وليّ عهده من بعده ، وذلك أنه نظر في بين العباس وبين عليّ فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أورع ولا أعلم منه ، وأنه سماه الرضي من آل محمد (2) .
  تذكرة الخواص : قال الصولى وغيره : كان المأمون يُحبّ عليا عليه السلام ، كتب الى الآفاق بأن افضل الخلق بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي بن أبي طالب ، وان لايُذكر معاوية بخير ، ومن ذكره بخير أبيح دمه وماله ، ومن اشعار المأمون . لاتُقبل التوبــة من تائـب اخو رسول الله خلف الهدى الا بحب ابن أبــي طالب والأخ فوق الخلّ والصاحب

---------------------------
(1) الوفياتج 1 ص 348 .
(2) تاريخ الطبري ج 10 ص 243 .

الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث _ 450 _

 ان مال ذوالنصب الـى جانب ملت مع الشيعي الى جانب (1) .
  أخبار اصبهان : عن أبي علي أحمد بن عليّ الأنصاري عن أبي الصلت قال : كنت مع ـ ياسين بن النضر واحمد بن حرب ويحيى بن يحيى وعدّة من أهل العلم ـ فتعلّقوا بلجامه من المربع فقالوا : بحق آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك قال حدّثني ابي العدل الصالح موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي الصادق جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي أبوجعفر باقر العلم علم الأنبياء ، قال : حدّثني أبي علي بن الحسين سيد العابدين ، قال : حدّثني أبي سيد أهل الجنة الحسين ، قال : حدثني أبي سيد العرب عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم ، قال : سألت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما الايمان ؟ قال : معرفة بالقلب واقرار باللسان وعمل بالأركان ، وقال ابوعلي :
قال لي أحمد بن حنبل ـ ان قرأت هذا الأسناد على مجنون بريء من جنونه (2) .
  مطالب السؤول : قال دعبل : لما قلت : مدارس آيات خلت من تلاوة . قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا وهو بخراسان وليّ عهد المأمون في الخلافة ... وهي هذه : مدارس آيات خلت من تلاوة منازل كانت للصلاة وللتقـى همُ آل ميراث النبيّ اذ انتُمـو اذا لم نُناج الله فـي صلواتنـا ومَهبط وحى مُقفر العرصات وللصوم والتطهير والحسنات وهم خير سادات وخير حُمات بذكرهـم لـم تُقبل الصلوات .
  وليراجع في شرح هذه الرحلة وتفصيلها الى الكتاب (3) .

---------------------------
(1) تذكرة الخواص ص 201 .
(2) أخبار اصبهان ج 1 ص 138 .
(3) مطالب السؤول ( الباب الثامن ـ أبوالحسن ) .