الرجلين وأم المؤمنين أو أخالفه ؟ أن هذا لشديد ، فخرجت فأتيته فاقيمت الصلاة بغلس فتقدم فصلى ، فلما انصرف أتاه ابنه الحسن فجلس فقال : قد أمرتك ففعصيتني فتقتل غدا بمصعبة لا ناصر لك ، فقال علي ( عليه السلام ) أنك لا تزال تحنّ حنين الجارية وما الذي أمرتني فعصيتك ؟ قال : أمرتك يوم أحيط بعثمان أن تخرج من المدينة فُيقتل ولست بها ، ثم أمرتك يوم قُتل ألا تُبايع حتى يأتيك وفود أهل الأمصار والعرب وبيعة كلّ مصر ، ثم أمرتك حين فعل هذان الرجلان ما فعلا أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا فإن كان الفساد كان على يدي غيرك ، فعصيتني في ذلك كله ، قال : أي بنيّ أما قولك لو خرجت من المدينة حين أحيط بعثمان : فوالله لقد أحيط بنا كما أحيط به ، وأما قولك لا تبايع حتى تأتي بيعة الأمصار : فإن الأمر أمر أهل المدينة كرهنا أن يضيع هذا الأمر ، وأما قولك حين خرج طلحة والزبير : فإن ذلك كان وهنا على أهل الإسلام ووالله ما زلت مقهورا مذ وليتُ منقوصا لا أصل الى شيء مما ينبغي ، وأما قولك اجلس في بيتك : فكيف لي بما قد لزمني أو من تريدني أتريد أن أكون مثل الضبع التي يحاط بها ويقال دباب دبات ليست هاهنا حتى يُحل عرقوباها حتى تخرج ، واذا لم أنظر فيما لزمني من هذا الأمر ويعنيني فمن ينظر فيه ، فكف عنك عنك أي بنيّ
(1) .
أقول : احيط بنا ـ أي من الطرفين ـ لردّ الفتنة ورفع المشكل وحل الخلاف والبغضاء ، فكيف يمكن لنا الخروج في هذا المقام .
وقوله : فإن الأمر أمر أهل المدينة ـ أي في عرف الناس ـ فإن فيها الأكابر من المهاجرين والأنصار ، وهي مدينة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وفيها وقع الحل والعقد ، وعلى هذا جرت سيرة الخلفاء الماضين ، وكانت البلاد تابعة لها ، ومع تحقق هذه الشرائط ، هل يجوز التواني والتعلل في أخذ لصاحبه .
وقوله كان هنا : اي الجلوس في البيت وترك امور المسلمين فيبقوا حيارى
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 170 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 303 _
ويضلوا عن الحق ولو في أيام قليلة ، فيجب اجراء الحق وهداية الناس وطرد الباطل مهما أمكن وكيف يمكن .
وأما اعتراض ابنه الامام الحسن ( عليه السلام ) : فاما من جهة أن يتوجه اليه آخرون من المسلمين ، وترتفع شبهاتهم ، وأما من جهة العلوم والسياسات العرفية الظاهرية ، ولا ريب أن أن الامام يعلم ما لا يعلم غيره ، وللامام تكاليف خاصة يتوجه اليها بقلبه ويعرفها بنور الهي .
وقد سبق قوله ( عليه السلام ) كما في عقد الفريد : ألا وإنا أهل البيت من علم الله علمنا وبحُكم الله حكمنا ، ومن قول صادق سمعنا ، فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا ، معنا راية الحق من يتبعها لحق ومن تأخر عنها غرق
(1) .
وفي الاستيعاب : ومن كلام لعلي ( عليه السلام ) وما تبعة دم عثمان إلا عليهم ، وانهم لهم الفئة الباغية ، بايعوني ونكثوا بيعتي ، وما استأنوا بي حتى يعرفوا جوري من عدلي ، واني لراض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم ، واني مع هذا لداعيهم ومعذر فيهم ، فإن قبلوا فالتوبة مقبولة والحق أولى مما أفضوا إليه ، وان أبوا أعطيتُهم حد السيف ، وكفى به شافيا من باطل وناصرا
(2) .
---------------------------
(1) عقد الفريد ج 6 ص 67 .
(2) الاستيعاب ج 2 ص 499 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 304 _
فتنة طلحة والزبير
تاريخ الطبري : دعا عليّ طلحة والزبير فقال : ان الذي كنت أحذركم قد وقع يا قوم ، وان الأمر الذي وقع لا يدرك إلا بإماتته ، وانها فتنة كالنار كلما سُعرت ازدادت واستنارت ، فقالا له : فأذن لنا أن نخرج من المدينة فأما أن نكابر وأما أن تدعنا ، فقال سأمسُكُ الأمر ما استمسك فاذا لم أجد بدّا فآخر الدواء الكيّ
(1) .
ويروى : من كلام علي ( عليه السلام ) ألا وأن طلحة والزبير وأم المؤمنين قد تمالؤوا على سخط إمارتي ودعوا الناس الى الاصلاح وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم وأكف ان كفّوا واقتصر على ما بلغني عنهم ، ثم أتاه أنهم يريدون البصرة لمشاهدة الناس والاصلاح ، فتعبّى للخروج اليهم وقال : ان فعلوا هذا فقد انقطع نظام المسلمين وما كان عليهم في المقام فينا مؤونة ولا اكرام
(2) .
ويروى ايضا : ان عبد خير الخيواني قام الى أبي موسى ، فقال : يا اباموسى هل كان هذان الرجلان يعني طلحة والزبير ممن بايع عليا ؟ قال : نعم ، قال : هل أحدث حدثا يحل به نقض بيعه ؟ قال : لا أدري ، قال : لأدريت فإنا تاركوك حتى تدري
(3) .
.
ويروى : فملا ترأى الجمعان خرج الزبير على فرس عليه سلاح ، فقيل لعلي : هذا الزبير ، قال : أما أنه أحرى الرجلين إن ذُكر بالله أن يذكر ، وخرج طلحة ، فخرج إليهما عليّ فدنا منهما حتى اختلف اعناق دوابّهم ، فقال عليّ : لعمري
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 162 .
(2) نفس المصدر ص 164 .
(3) نفس المصدر ص 189 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 305 _
لقد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا ان كنتما أعددتما عند الله عذرا ، فاتفيا الله سبحانه ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ، ألم أكن أخاكما في دينكما تُحرمان دمي واُحرم دمائكما فهل من حدث أحلّ لكما دمي ؟ قال طلحة : ألّبت الناس على عثمان ، قال عليّ : يومئذ يُوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون ان الله هو الحق المبين ، يا طلحة تطلب بدم عثمان ! فلعن الله قتلة عثمان ، يا زبير أتذكر يوم مررت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في بني غنم فنظر إليّ فضحك وضحكتُ إليه فقلت : لا يدع ابن أبي طالب زَهوه ، فقال لك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنه ليس به زهو ، ولتُقاتلنّه وأنت له ظالم ! فقال : اللهم نعم ، ولو ذكرتُ : ما سرتُ مسيري هذا ، والله لا أقاتلك أبدا ، فانصرف عليّ إلي أصحابه ، فقال : أما الزبير فقد أعطى الله عهدا ألا يقاتلكم ، ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها : ما كنت في موطن منذ عقلت إلا وإنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا ، قالت : فما تريد أن تصنع ؟ قال : أريد أن أدعهم وأذهب ، فقال له ابنه عبدالله : جمعت بين هذين الغارين حتى اذا حدّد بعضهم لبعض أردت ان تتركهم وتذهب ، أحسست رايات ابن أبي طالب وعلمت أنها تحملها فتية أنجاد ، قال : إني قد حلفت ألا أقاتله واحفظه ما قال له ، فقال : كفّر عن يمينك وقاتله ، فدعا بغلام له يقال له مكحول فأعتقه
(1) .
اقول : الإعتاق كفارة عن يمينه ، فتبقى الاشكالات الماضية في كلام علي ( عليه السلام ) على حالها .
البدء والتاريخ : وسأل طلحة والزبير أن يوليهما البصرة ! فأبى وقال : تكونان عندي أتحمّل بكما فإني استوحش لفراقكما ، واستأذناه في العمرة ! فأذن لهما فقدما على عائشة وعظّما من أمر عثمان ، وقالا : ما كنا نرى في التألب عليه أن يُقتل ، فأما أن قُتل فلا توبة لنا إلا الطلب بدمه ، ونقضا البيعة وأقاما بمكة
(2) .
أقول : تدلّ هذه الرواية على أن طلحة والزبير يريدان ولاية البصرة ، ولما
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 199 .
(2) البدء والتاريخ ج 5 ص 210 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 306 _
يئسا منها وأيقنا أن عليا ( عليه السلام ) لا يوليهما البصرة استأذنا العمرة ! حتى يخرجا من المدينة وينقضا البيعة .
سنن البيهقي : عن عبدالله بن عمر قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : أن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال : هذه غدرة فلان ، وأن من أعظم الغدر بعد الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلا على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته
(1) .
مسند أحمد : عن مطرف قال : قلنا للزبير يا ابا عبدالله ما جاء بكم ؟ ضيّعتم الخليفة حتى قتل ! ثم جئتم تطلبون بدمه ! قال الزبير : إنا قرأناها على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأبي بكر وعمر وعثمان : واتقوا فتنة لا تصيّبنّ الذين ظلموا منكم خاصة ـ لم نكن نحسب إنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت
(2) .
مستدرك الحاكم : عن علقمة بن وقاص ، قلت لطلحة : يا ابا محمد إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها وأنت ضارب بلحيتك على زورك ، ان كنت تكره هذا الأمر فدعه فليس يُكرهك عليه أحد ، قال : يا علقمة بن وقّاص لا تلمني كنا أمس يدا واحدة على من سوانا فأصبحنا اليوم جبلين من حديد يزحف أحدنا إلى صاحبه
(3) .
أقول : يعترف طلحة بظهور الاختلاف بين المسلمين ، الموجب لضعفهم وتفرّقهم واستيلاء الأجانب عليهم . ويظهر أن طلحة كان كارها للخلاف ومتردا ومتزلزلا في امرهومتحيرا في نقض بيعته .
ثم أن طلحة والزبير وعائشة علّلوا خلافهم وخروجهم ، بأنهم يطلبون بدم عثمان من أميرالمؤمنين علي ( عليه السلام ) ، مع أن هؤلاء كانوا من أشد المخالفين لعثمان ، وأن عليا ( عليه السلام ) كان ممن أعانه ودافع عنه .
الإمامة والسياسة : وذكروا أن الزبير دخل على عائشة ، فقال : يا أماه ! ما شهدتُ موطنا قطّ في الشرك ولا في الإسلام إلا ولي فيه رأي وبصيرة غير هذا الموطن
---------------------------
(1) سنن البيهقي ج 8 ص 159 .
(2) مسند أحمد ج 1 ص 165 .
(3) مستدرك الحاكم ج 3 ص 118 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 307 _
فإنه لا رأي لي فيه ولا بصيرة وأني لعلى باطل ، قالت عائشة : يا ابا عبدالله خفت سيوف بني عبدالمطلب ، فقال : أما والله أن سيوف بني عبدالمطلب طوال حداد يحملها فتية أنجاد ، ثم قال لإبنه : عليك بحربك ، أما انا فراجع
(1) .
مستدرك الحاكم : عن اسرائيل قال : سمعت الحسن يقول : جاء طلحة والزبير الى البصرة ، فقال لهم الناس : ما جاء بكم ؟ قالوا : نطلب دم عثمان ، قال الحسن : أيا سبحان الله ! أفما كان للقوم عقول فيقولون والله ما قتل عثمان غيركم ؟
أقول : في هذا الحديث موارد للنظر :
1 ـ ان عثمان كانت له عائلة وأولاد ، وهم أولياء دمه ، واذا فقدوا كان الامام وليا له .
2 ـ ان طلب الدم لازم أن يكون بالمراجعة الى الامام أو القاضي المنصوب من قبله ، فهذا بعد ثبوت الامام وبعد البيعة له .
3 ـ نقض البيعة بعد البيعة باطل ، وطلب الدم يتوقف على البيعة لاعلى نقضها .
4 ـ ان كان غرضهم طلب الدم من اميرالمؤمنين علي ( عليه السلام ) بعنوان أنه من قتلة عثمان ! فهو باطل ، لأنه كان ممن أعانه ودفع عنه ، وان كان قصدهم طلب أفراد أشتركوا في إثارة الفتنة وتهييج الناس ، فهؤلاء الطالبون كانوا من أشدّ المُثيرين وفي رأس المخالفين .
اتمام الحجة عليهم
كان الأمر واضحا ، والحق بيّنا ، أفمن يهدي الى الحق أحق أن يُتبع أمن لا يهدي إلا أن يُهدى ، ومع هذا أراد الامام أن يُتمم الحجة ، لئلا يكون للناس على الله حجة .
---------------------------
(1) الامامة والسياسة ج 1 ص 64 .
(2) مستدرك الحاكم ج 3 ص 118 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 308 _
تاريخ الطبري : فقال علي لأصحابه : أيكم يُعرض عليهم هذا المصحف وما فيه ، فإن قطعت يده أخذه بيده الأخرى ، وان قطعت أخذه بأسنانه ؟ قال فتى شاب : أنا ، فطاف عليّ على أصحابه يُعرض ذلك عليهم ، فلم يقبله إلا ذلك الفتى ، فقال له عليّ : أعرض عليهم هذا وقل هو بيننا وبينكم من أوله الى آخره والله في دمائنا ودمائكم ! فحمل على الفتى وفي يده المصحف فقطعت يداه فأخذه بأسنانه حتى قتل ، فقال عليّ : قد طاب لكم الضراب فقاتلوهم ! فقتل يومئذ سبعون رجلا كلهم يأخذ بخطام الجمل
(1) .
أقول : هذا تمام الحجة ، وفيه ينقطع الكلام ، ويتم الاعتذار ، فإن كلام الله فوق كلمات المخلوقين ، وفيه يرتفع الخلاف ، وهو الحق من ربكم ، لا ريب فيه هدى للمتقين .
فانظر الى جوابهم والى ما عملوا في قبال هذه الدعوة الحقة ، فقتلوا داعيها وأظهروا الخلاف والعدوان ، وخالفوا كلام الله الحق ، وأعرضوا عن الحقيقة ، وضلوا وأضلوا كثيرا من الناس .
ينهى أصحابه عن العدوان
ثم بعد أن تمّت الحجة البالغة عليهم ، وأصرّوا واستكبروا استكبارا ، فأقبل عليّ اميرالمؤمنين ( عليه السلام ) على أصحابه ، يوصيهم ويأمرهم بالتقوى ، وينهاهم عن العدوان .
مستدرك الحاكم : لما كان يوم الجمل نادى عليّ في الناس : لا ترموا أحدا بسهم ولا تطعنوا برمح ولا تضربوا بسيف ولا تطلبوا القوم ، فإن هذا مقام من أفلح فيه أفلح يوم القيامة ، قال : فتوافقنا ثم أن القوم قالوا بأجمع : يا ثارات عثمان ! قال ، وابن الحنفية امامنا بربوة معه اللواء ، قال : فناداه علي قال : فأقبل علينا يعرض وجهه ، فقال : يا أميرالمؤمنين يقولون يا ثارات عثمان ، فمدّ عليّ
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 204 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 309 _
يديه وقال : اللهم أكبّ قتلة عثمان اليوم بوجوههم ! ثم ان الزبير قال للأساورة كانوا معه قال : ارموهم برشق ، وكأنه أراد أن ينشب القتال ، فلما نظر أصحابه الى الانتشاب لم ينتظروا وحملوا فهزمهم الله ، ورمى مروان بن الحكم طلحة بن عبيدالله بسهم فشك ساقه بجنب فرسه فقبض به الفرس حتى لحقه فذبحه ، فالتفت مروان الى أبان بن عثمان وهو معه فقال : لقد كفيت أحد قتلة أبيك
(1) .
عقد الفريد : ومن حديث ابن أبي شيبه قال : كان عليّ يخرج مناديه يوم الجمل يقول : لا يُسلبن قتيل ولا يُتبع مدبر ولايُجهز على جريح
(2) .
أقول : يستفاد من هذه الرواية امور :
1 ـ ان عليا ( عليه السلام ) نهى عن الابتداء بالحرب .
2 ـ انه دعا على قتلة عثمان .
3 ـ ان الزبير امر قومه بالرمي وابتدؤوا بالحرب .
4 ـ ان مروان رمى طلحة بسهم فشك ساقه .
5 ـ أنه اعترف بأن طلحة أحد قتلة عثمان .
مذاكرة علي ( عليه السلام ) معهما
الكنى للبخاري : عن أبي جروه سمعت عيا والزبر ، قال عليّ حين توافقا هل سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : أنت تقاتلني ظالما ؟ قال نعم
(3) .
الكنى للدولابي : عن الأسود بن قيس قال : حدثني من رأى الزبير يقعص الخيل قعصا بالرمح ، فناداه عليّ يا ابا عبدالله ، فأقبل حتى التفت أعناق دوابّهما ، فقال : أنشدك بالله أتذكر يوم كنت أناجيك فأتانا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : تُناجيه فوالله ليُقاتلنّك يوما وهو لك ظالهم ، قال ، فلم يعد أن يسمع
---------------------------
(1) مستدرك الحاكم ج 3 ص 271 .
(2) عقد الفريد ج 4 ص 324 .
(3) الكنى للدولابي ص 21 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 310 _
الحديث فضرب وجه دابته وذهب
(1) .
سير الأعلام : يروى نظيرا من الروايتين
(2) .
ويروى أيضا : عن أبن أبي ليلى : انصرف الزبير يوم الجمل عن عليّ فلقيه ابنه عبدالله ، فقال : جُبنا جبنا ، قال : قد علم الناس إني لست بجبان ، ولكن ذكّرني عليّ شيئا سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فحلفت أن لا أُقاتله ، ثم قال :
تركُ الأمــور التـي أخشى عواقبها في الله أحسن في الدنيا وفي الدين
(3) .
مستدرك الحاكم : عن أبي حرب قال : شهدت عليا والزبير لما رجع الزبير على دابته يشق الصفوف ، فعرض له ابنه عبدالله فقال : مالك ؟ فقال : ذكر لي عليّ حديثا سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : لتقاتلنّه وأنت ظالم له ، فلا أقاتله ، قال : وللقتال جئت ؟ إنما جئت لتصلح بين الناس ويُصلح الله هذا الأمر بك ، قال : وقد حلفت أن لا أقاتل ، قال : فأعتق غلامك جرجس وقف حتى تُصلح بين الناس ، قال : فأعتق غلامه جرجس ووقف ، فاختلف أمر الناس فذهب على فرسه
(4) .
قال الحاكم : وقد روى اقرار الزبير لعليّ بذلك من غير هذه الوجوه والروايات ثم يروي روايات دالة عليه .
أقول : يستفاد من هذه الأحاديث أمور :
1 ـ الحديث الوارد الثابت المسلم ، وهو قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يقاتل الزبير وهو ظالم لعليّ ـ فلا يبقى ريب في أن عليّا مظلوم وهو مع الحق ، وأن مخالفيه ظالمون له .
2 ـ ومن أعجب العجايب قول عبدالله بن الزبير : إنما جئت لتصلح بين الناس ـ فلا ندري من المراد من الناس ؟ هل كان أحد غيره وغير طلحة وعائشة
---------------------------
(1) الكنى للدولابي ج 1 ص 9 .
(2) سير الأعلام ج 1 ص 37 .
(3) نفس المصدر ص 38 .
(4) مستدرك الحاكم ج 3 ص 366 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 311 _
مُثيرا لهذه الفتنة ؟ وهل يصح أن نقول ـ ان الخلاف للخليفة ـ ونقض بيعته والقيام عليه هو الاصلاح بين الناس .
الامامة والسياسة : قال عليّ لطلحة : إنما كان لكما أن لا ترضيا قبل الرضى وقبل البيعة ، وأما الآن فليس لكما غيرُ ما رضيتما به إلا أن تخرجا مما بويعت عليه بحدث ، فإن كنت أحدثت حدثا فسموه لي ، وأخرجتم أمكم عائشة وتركتم نساءكم فهذا أعظم الحدث منكم ، ارضي هذا لرسول الله أن تهتكوا سترا ضربه عليها وتُخرجوها منه
(1) .
مستدرك الحاكم : عن الضبي : كنا مع علي يوم الجمل فبعث الى طلحة بن عبيدالله ، فأتاه طلحة ، فقال : نشدتك الله هل سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ! قال : نعم ، قال : فلِمَ تُقاتلني ؟ قال : لم أذكر ، قال : فانصرف طلحة
(2) .
ويروى أيضا : عن ثور بن مجزأة قال : مررت بطلحة بن عبيدالله يوم الجمل وهو صريع في آخر رمق ، فوقفت عليه فرفع رأسه فقال : أني لأرى وجه رجل كأنه القمر ممن أنت ؟ فقلت من أصحاب اميرالمؤمنين علي ، فقال : أبسط يد أبايعك ! فبسطت يدي وبايعني ففاضت نفسه ، فأتيت عليا فأخبرته بقول طلحة ، فقال : الله أكبر الله أكبر ! صدق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أبى الله أن يدخل طلحة الجنة إلا وبيعتي في عنقه
(3) .
.
أقول : فالروايتان تدلانعلى رجوع طلحة وتوبته .
نعم لا يمكن تأويل قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ وعاد من عاداه ـ بوجه من الوجوه ، ولا يمكن الاعتراف والتصديق بقوله ـ من كنت مولاه فعليّ مولاه ـ إلا بأن يولّي عليا على نفسه ويصير مطيعا ومواليا ومبايعا له ، والحق في هذه المراحل في منتهى البداهة والوضوع .
---------------------------
(1) الامامة والسياسة ج 1 ص 66 .
(2) مستدرك الحاكم ج 3 ص 371 .
(3) نفس المصدر ص 373 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 312 _
مروان وطلحة
ولما تسامح طلحة في اظهار التوبة ، وقصّر وكف عن تبيين الحق ، فسلّط الله عزوجل عليه واحدا من أصحابه وأصدقائه ، فرماه بسهم وقتله به ، وهذا أحد معاني قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ وعاد من عاداه .
الطبقات : فلما رأى مروان الكشاف الناس نظر الى طلحة بن عبيدالله واقفا ، فقال : والله ان دم عثمان إلا عند هذا ، وهو كان أشد الناس عليه وما أطلب أثرا بعد عين ففوّق له بسهم فرماه به فقتله
(1) .
سير الأعلام : عن قيس : رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في ركبته ، فما زال ينسحّ حتى مات
(2) .
ويروى أيضا : عن عليّ أنه قال : بشّروا قاتل طلحة بالنار .
ويروى أيضا : أن مروان رمى طلحة بسهم قتله ، ثم التفت الى أبان فقال : قد كفيناك بعض قتلة أبيك .
مستدرك الحاكم : عن عكراش قال : كنا نقاتل عليا مع طلحة ومعنا مروان ، قال : فانهزمنا ، قال ، فقال مروان لا أُدرك بثأري بعد اليوم من طلحة ، قال فرماه بسهم فقتله
(3) .
عقد الفريد : قال طلحة يوم الجمل :
ندمت ندامة الكُسعيّ iiلما طلبت رضا بني حزم بزعمي |
اللهم خُذ مني لعثمان حتى يرضى .
ومن حديث ابي بكر بن أبي شيبة لما رأى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بن عبيدالله قال : لا أنتظر بعد اليوم بثأري في عثمان ، فانتزع له سهما
---------------------------
(1) الطبقات ج 5 ص 38 .
(2) سير الاعلام ج 1 ص 23 .
(3) مستدرك الحاكم ج 3 ص 370 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 313 _
فقتله
(1) .
الاستيعاب : يروي ما يقرب منها
(2) .
أقول : هذا اجمال ما وصل إلينا من جريان أمر طلحة والزبير ، في زمان خلافة اميرالمؤمنين علي ( عليه السلام ) .
ومن أعجب العجب : ما تركاه من الأموال الكثيرة ومن العقار والاصول والعروض .
ما تركاه من الأموال
سير الأعلام : قُتل طلحة وفي يد خازنه الف الف درهم ومئتا الف درهم ، وقّومت اصوله وعقاره ثلاثين ألف درهم . ( تعادل 1230000 ـ درهم )
(3) .
واعجب ما مرّ بي قول ابن الجوزي في كلام له على حديث قال : وقد خلف طلحة ثلاث مائة حمل من الذهب .
ويروى : عن هشام عن أبيه : ان الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف درهم ومن العين خمسين ألف ألف درهم ، ( 100000000 درهم )
(4) .
ويروى أيضا : اقتسم مال الزبير على اربعين الف الف
(5) .
أقول : وسيجيء في فتنة عائشة ، وفي فتنة الجمل ، ما يتعلق بهما وما يرتبط بأمرهما .
عقد الفريد : قال عبدالله بن الزبير : فقتل الزبير ونظرت في دينه فاذا هو الف الف ومائة الف ( 1100000 ) قال : فبعت ضيعة له بالغابة بالف الف وستمائة الف ( 1600000 ) ، ثم ناديت من كان له قِبل الزبير شيء فليأتنا
---------------------------
(1) عقد الفريد ج 4 ص321 .
(2) الاستيعاب ج 2 ص 768 .
(3) سير الاعلام ج 1 ص 25 .
(4) نفس المصدر ص 42 .
(5) نفس المصدر ص 43 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 314 _
نقضه ! فلما قضيت دينه ... أخذت الثلث لولدي ، ثم قسّمت الباقي ، فصار لكل امرأة من نسائه ـ وكان له اربع نسوة ـ في ربع الثمن الف الف ومائة الف ( 1100000 ) فجميع ما ترك مائة الف الف وسبعمائة الف ( 100700000 )
(1) .
---------------------------
(1) عقد الفريد ج 4 ص 324 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 315 _
فتنة خروج عائشة
الفائق : أم سلمة رضي الله تعالى عنها اتت عائشة لما أرادت الخروج الى البصرة ، فقالت لها : انك سدّة بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمته ، وحجابك مضروب على حرمته ، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه وسكّن عُقيراك فلا تصحريها ، الله من وراء هذه الأمة ، لو اراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان يعهد اليك عهد ، عُلتِ عُلتِ ، بل قد نهاك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الفُرطة في البلاد ، أن عمود الاسلام لا يثاب بالنساء ان مال ، ولا يُرأب بهن ان صُدع ، حُماديات النساء غضّ الإطراق وخَفَر الاعراض وقِصَر الوَهازة ، ما كنتِ قائلة لو أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عارضك ببعض الفوات ناصة قلوصا من منهل الى آخر ، ان بعين الله مهواك ، وعلى رسوله تردين ، قد وجّهت سِدافته ، وتركت عُهيّداه ، لو سرتُ مسيرك هذا ثم قيل ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدا هاتكة حجابا قد ضربه عليّ . اجعلي حصنك بيتك ووقاعة الستر قبرك ، حتى تلقينه وأنت علىتلك أطوع ما تكونين لله ما لزمته
(1) .
قال الزمخشري ـ السُدة : الباب ، ندح الشيء : فتحه ووسعه ، عقر : اذا بقي في مكانه وكأنها تصغير العقرى ، أصحر : خرج الى الصحراء ، والعول : الميل ، والفُرطة : التقدم ، وأثابه : اذا قوّمه ، وحُماداك : قُصاراك وغاية امرك ، والخَفر : الأمن والاستيجار ، الوهازة : الخطو ، ونص الناقة : دفعها في السير ، وتوجيه السدافة : هتك الستارة ، والعُهيّدي من العهد ، وقاعة السِتر : ساحته وموضعه ، والضمير في لزمته للستر ، انتهى ملخطا .
---------------------------
(1) الفائق ج 1 ص 584 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 316 _
وقريب منها في عقد الفريد
(1) .
تاريخ الطبري : خرجت عائشة نحو المدينة من مكة بعد مقتل عثمان واجتمع الناس على عليّ والأمر أمر الغوغاء ، فقالت : ما أظن ذلك تاما رُدوني ، فانصرف راجعة الى مكة حتى اذا دخلتها أتاها عبدالله بن عامر الحضرميّ وكان امير عثمان عليها ، فقال : ماردك يا أم المؤمنين ؟ قالت : ردّني ان عثمان قتل مظلوما وأن الأمر لا يستقيم ولهذه الغوغاء أمر ، فاطلبوا بدم عثمان تُغزّوا الاسلام !! فكان أول من أجابها عبدالله بن عامر الحضرمي ، وذلك أول ما تكلمت بنو أمية بالحجاز ورفعوا رؤوسهم ، وقام معهم سعيد بن العاص والوليد بن عقبة وسائر بني أمية ، وقد قدم عليهم عبدالله بن عامر من البصرة ويعلي بن أمية من اليمن وطلحة والزبير من المدينة ، واجتمع ملأهم بعد نظر طويل في أمرهم على البصرة ، وقالت : أيها الناس ان هذا حدث عظيم وأمر منكر ، فانهضوا فيه الى اخوانكم من أهل البصرة فانكروه ، فقد كفاكم اهل الشام ما عندهم لعل الله عزوجل يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم
(2) .
أقول : قد مرّ أن عائشة كانت ممن يطعن في عثمان ويأمر الناس بطرده وانكاره وخلافه ونقض بيعته .
ويروى أيضا : وقد كان أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) معها على قصد المدينة فلما تحول رأيها الى البصرة تركن ذلك وانطلق القوم بعدها الى حفصة ، فقالت : رأيي تبع لرأي عائشة حتى اذا لم يبق إلا الخروج ، قالوا : كيف نستقل وليس معنا مال نجهّز به الناس ، فقال يعلى بن أمية معي ستمائة الف وستمائة بعير فاركبوها ، وقال ابن عامر ، معي كذا وكذا ، فتجهزوا به فنادى المنادي ان ام المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون الى البصرة فمن كان يريد إعزاز الإسلام وقتال المحلين والطلب بثأر عثمان ! ولم يكن عنده مركب ولم يكن له جهاز فهذا جهاز وهذه نفقة ، فحملوا ستمائة رجل على ستّمائة ناقة سوى من كان له مركب ، وكانوا
---------------------------
(1) عقد الفريد ج 4 ص 316 .
(2) تاريخ الطبري ج 5 ص 166 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 317 _
جميعا الفا وتجهّزوا بالمال ونادوا بالرحيل واستقلوا ذاهبين ، وأرادت حفصة الخروج فأتاها عبدالله بن عمر فطلب اليها أن تقعد فقعدت
(1) .
أقول : من أعجب العجب نداء المنادي بتلك الكلمات :
1 ـ قوله من كان يريد إعزاز الإسلام : لا أدري بخروجهم على الخليفة الحق يُعز الاسلام أو بإثارة الفتنة .
2 ـ قوله قتال المُحلين : ان كان نظرهم الى قتال المحلين ، فهؤلاء الثلاثة ( طلحة ، الزبير ، عائشة ) في رأس المحلين والمخالفين .
3 ـ قوله والطلب بثأر عثمان : هذا الكلام في غاية الضعف ، فإن طالب الثأر يلزم ان يكون وليّ الدم وإماما أو قاضيا منصوبا .
الطبقات : فلما خرج طلحة والزبير وعائشة من مكة يريدون البصرة خرج معهم سعيد بن العاص ومروان بن الحكم وعبدالرحمن بن عتّاب والمغيرة بن شعبة فلما نزلوا مر الظهران ويقال ذات عرق ، قام سعيد بن العاص فحمد الله ... وقد زعمتم أيها الناس أنكم إنما تخرجون تطلبون بدم عثمان ، فإن كنتم ذلك تريدون فإن قتلة عثمان على صدور هذه المطيّ وأعجازها فميلوا عليها بأسيافكم وإلا فانصرفوا الى منازلكم ولا تقتلوا في رضي المخلوقين أنفسكم ، فقال مروان : لابل نضرب بعضهم ببعض فمن قتل كان الظفر فيه ويبقى الباقي فنطلبه وهو واهن ، وقام المغيرة وقال : ان الرأي ما رأى سعيد ، من كان من هوازن فأحب أن يتّبعني فليفعل ! فتبعه منهم أناس وخرج حتى نزل الطائف ، ورجع سعيد بن العاص بمن اتبعه حتى نزل مكة فلم يزل بها حتى مضى الجمل وصفّين
(2) .
تاريخ الطبري : لقى سعيد بن العاص مروان بن الحكم وأصحابه بذات عِرق فقال : أين تذهبون وثأركم على أعجاز الابل اقتلوهم ثم ارجعوا الى منازلكم لاتقتلوا أنفسكم ، قالوا : بل نسير فلعلنا نقتل قتلة عثمان جميعا ، فخلا سعيد بطلحة والزبير فقال : ان ظفرتما لمن تجعلان الأمر اصدقاني ؟ قالا لأحدنا أيّنا
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 167 .
(2) الطبقات ج 5 ص 34 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 318 _
اختاره الناس . قال : بل اجعلوا لولد عثمان فإنكم خرجتم تطلبون بدمه . قالا : ندع شيوخ المهارين ونجعلها لأبنائهم !
(1) .
أقول : في هذه الكلمات موارد للاعتبار :
1 ـ قد مر في فصل قتل عثمان : ان اول من نصح عثمان وأعانه وذبّ عنه اميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، وممن خالفه وعانده وأثار الناس عليه الذين يطلبون بدمه ، كما قال سعيد : وثأركم على أعجاز الابل .
2 ـ يستكشف أن مخالفة هؤلاء وخروجهم على اميرالمؤمنين ( عليه السلام ) انما كان لطلب الرئاسة وتحصيل الدنيا ولأغراض شخصية .
3 ـ جعلُ الإمارة والسلطنة الدينية باختيار الناس في الزبير أو في طلحة ، مخالف لأي قول ، فإنهم مجمعون بأن الخلافة إما بالنص والوصية من السابق ، أو بإجماع الصحابة والمسلمين على اختيار من هو أصلح وأفضل ، وأما اختيار جمع من الناس فغير مستقيم وإلا فيختار الناس في كل بلد إماما .
ويروى أيضا : وأقبل غلام من جهينة على محمد بن طلحة ، وكان محمد رجلا عابدا ، فقال : أخبرني عن قتلة عثمان ؟ فقال : نعم ، دم عثمان ثلاثة أثلاث ، ثُلث على صاحبة الهودج ـ يعني عائشة ـ ، وثُلث على صاحب الجمل الأحمر ـ يعني طلحة ـ ، وثُلث على ـ علي بن أبي طالب ـ ، وضعك الغلام وقال : ألا أراني على ضلال ، ولحق بعلي وقال في ذلك شعرا :
سألت ابن طلحة عن iiهالك فقال ثلاثة رهط هم iiفثُلث على تلك في iiخِدرها وثلث علي ابن أبي iiطالب فقلت صدقت على iiالأولين بجوف المدينة لم iiيُقبر أماتوا ابن عفان iiواستعبر وثُلث على راكب الأحمر ونحن بدويّة iiقرقر وأخطأت في الثالث الأزهر |
(2)
أقول : فاذا اعترف ابن طلحة بأن الثلثين من دم عثمان على طلحة وعائشة ،
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 168 .
(2) تاريخ الطبري ج 5 ص176 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 319 _
فاعترافه عليهما نافذ ومعتبر ، فإنه اعتراف على نفسه ، وأما نسبة ثُلث الدم الى اميرالمؤمنين ( عليه السلام ) فهي محتاجة الى الاثبات ولا دليل لها ، بل الظاهر من كتب التاريخ والحديث خلافها ، وقد مرّ ما يدل على أنه كان ممن أعان عثمان ودفع عنه ونصح له .
نباح الكلاب عليها
ومن الحوادث التي أخبر عنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مرور عائشة في مسيرها بالحوأب ونباح كلابها عليها .
مسند أحمد : عن قيس ، ان عائشة قالت لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب ، فقال : ما أظنني إلا راجعة ، ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : أيّتكنّ تنبح عليها كلاب الحوأب . فقال لها الزبير : ترجعين عسى الله أن يُصلح بكِ بين الناس
(1) .
.
الامامة والسياسة : فلما انتهوا الى ماء الحوأب في بعض الطريق ومعهم عائشة نبحها كلاب الحوأب ، فقالت لمحمد بن طلحة : أي ماء هذا ؟ قال : هذا ماء الحوأب . فقالت : ما أراني إلا راجعة . قال : ولِمَ ؟ قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول لنسائه كأني بإحداكنّ قد نبحها كلاب الحوأب وإياك أن تكوني أنت يا حميراء . فقال لها محمد بن طلحة : تقدمي رحمك الله ودعي هذا القول
(2) .
مستدرك الحاكم والمحاسن للبيهقي : عن سالم ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعض امهات المؤمنين ، فضحكت عائشة ، فقال : انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت هي ، ثم التفت الى عليّ رضوان الله عليه ، فقال : انظر يا اباالحسن إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها
(3) .
---------------------------
(1) مسند أحمد ج 6 ص 97 .
(2) الامامة والسياسة ج 1 ص 55 .
(3) مستدرك الحاكم ج 3 ص 119 والمحاسن للبيهقي ص 49 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 320 _
وفي المحاسن : قال الزهري : لما سارت عائشة ومعها طلحة والزبير في سبعمائة من قريش كانت تنزل كل منزل فتسأل عنه ، حتى نبحتها كلاب الحوأب ، فقالت : رُدوني لا حاجة لي في مسيري هذا ، فقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهاني فقال : كيف أنت يا حميراء لو قد نبحت عليك كلاب الحوأب أو أهل الحوأب في مسيرك تطلبين أمرا أنت عنه بمعزل ؟.
فقال عبدالله بن الزبير : ليس هذا بذلك المكان الذي ذكره رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ودار على تلك المياه حتى جمع خمسين شيخا قسامة فشهدوا أنه ليس بالماء الذي تزعمه أنه نُهيت عنه .
فلما شهدوا قبلت وسارت حتى وافت البصرة ، فلما كان حرب الجمل أقبلت في هودج من حديد ، وهي تنظر من منظر قد صُيّر لها في هودجها ، فقالت لرجل من ضبّة وهو آخذ بخطام جملها أو بعيرها : أين ترى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟ قال : هو ذا واقف رافع يده الى السماء ، فنظرت فقالت : ما أشبهه بأخيه !.
قال الضبيّ : ومن أخوه ؟ قالت : رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : فلا أراني أقاتل رجلا هو أخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فنبذ خطام راحلتها من يده ومال عنه .
وفي المستدرك : عن قيس قال : لما بلغت عائشة بعض ديار بني عامر نبحت عليها الكلاب ، فقالت : أي ماء هذا ؟ قالوا : الحوأب ، قالت : ما أضنني إلا راجعة ، فقال الزبير : لابعدُ تقدمي ويراك الناس ويُصلح الله ذات بينهم ، قالت : ما أظنني إلا راجعة ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : كيف باحداكن اذا نبحتها كلاب الحوأب
(1) .
تاريخ الطبري : حدثني العُرني صاحب الجمل قال : بينما أنا أسير على جمل اذ عرض لي راكب فقال : يا صاحب الجمل تبيع الجمل ؟ قلت : نعم ، قال : بكم ؟ قالت : بألف درهم ، قال : مجنون أنت ، جمل يُباع بالف درهم ! قال ، قلت : نعم
---------------------------
(1) مستدرك الحكم ج 3 ص 120 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 321 _
جملي هذا ، قال : ومم ذلك ؟ قلت : ما طلب عليه أحد قط إلا أدركته ولا طلبني وأنا عليه أحد قط إلا فُتّه ، قال : لو تعلم لمن نُريده لأحسنت بيعنا ... فرجعت فأعطوني ناقة لها مهرية وزادوني اربعمائة أو ستمائة درهم ، فقال لي : يا أخا عُرينه هل لك دلالة بالطريق ؟ قال قلت : نعم ، أنا من أدرك الناس ، قال : فسِر معنا ، فسِرت معهم فلا أمرّ على واد ولا ماء إلا سألوني عنه ، حتى طرقنا ماء الحوأب فنبحتنا كلابها ، قالوا : أيّ ماء هذا ؟ قلت ماء الحوأب ، قال : فصرخت عائشة بأعلى صوتها ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته ثم قالت : أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طُروقا رُدوني ! تقول ذك ثلاثا ، فأناخت وأناخوا حولها ، وهم على ذلك وهي تأبى ، حتى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغد ، قال : فجاءها ابن الزبير فقال : ألنجاء ألنجاء فقد أدرككم والله علي بن أبي طالب ، قال : فارتحلوا وشتموني فانصرفت فما سِرت إلا قليلا واذا أنا بعليّ وركب معه نحو من ثلثمائة ، فقال لي عليّ : يا أيها الراكب فأتيته ، فقال : أين أتيت الظعينة ؟ قلت : في مكان كذا وكذا ، وهذه ناقتها وبِعتُهم جملي
(1) .
أقول : في هذه الكلمات موارد للنظر :
1 ـ قوله ـ أن لا تكوني أنت هي ، فقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهاني ، كيف باحداكنّ اذا نبحتها كلاب الحوأب ، أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقا ، ردوني : تدل هذه الجملات على نهيه الشديد عن هذا المسير وهذه الفتنة .
2 ـ قوله ـ تطلبين أمرا أنت عنه بمعزل : تدل على مباشرتها أمرا يخرج عن وظيفتها ولا يصلح لها .
3 ـ حتى جمع خمسين شيخا قسامة فشهدوا أنه ليس بالماء الذي نُهيت عنه : اذا كان من شأن القوم أن لا يُبالوا من خلاف الرسول ومن الاستشهاد فِرية في انفاذ ما استهووا فكيف يتوقع منهم التولي والاتباع لأميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، ويقول في الامامة والسياسة : وأتاها ببينة زور من الأعراب فشهدوا بذلك فزعموا أنها أول
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 170 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 322 _
شهادة زور في الاسلام
(1) .
4 ـ ما أشبهه بأخيه ، قالت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اعترفت بأنه أخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
مسيرها وخروجها
قال الله تعالى ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ... الآية )
(2) .
الطبقات : وكان عبدالرحمن بن الحارث قد شهد الجمل مع عائشة وكانت عائشة تقول : لأن أكون قعدت في منزلي عن مسيري الى البصرة أحب اليّ من أن يكون لي من رسول الله عشرة من الولد كلهم مثل عبدالرحمن بن الحارث
(3) .
ويروى ايضا : حدثني من سمع عائشة ، اذا قرأت هذه الآية ( وقرن بيوتكنّ ) بكت حتى تبل خمارها
(4) .
انساب الأشراف : عن أبي يزيد المدني : ان عمارا قال لعائشة يوم الجمل بعد ما فرغ الناس من القتال : سبحان الله يا ام المؤمنين ما أبعد هذا الأمر من الأمر الذي عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اليك ، فيه أمرك أن تقرّي في بيتك ! فقالت : من هذا ابواليقظان ؟ قال : نعم . قالت : والله أنك ما علمت تقول الحق فقال : الحمد لله الذي قضى لي على لسانك
(5) .
وفي تاريخ الطبري : ما يقرب منها
(6) .
المحاسن للبيهقي : الحسن البصري ، ان الأحنف بن قيس قال لعائشة يوم الجمل : يا أم المؤمنين هل عهد عليك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هذا المسير ؟ قالت : اللهم
---------------------------
(1) الامامة والسياسة ص 56 .
(2) سورة الاحزاب آية 32 .
(3) الطبقات ج 5 ص 6 .
(4) الطبقات ج 8 ص 81 .
(5) أنساب الأشراف ج 1 ص 81 .
(6) تاريخ الطبري ج 5 ص 225 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 323 _
لا ، قال : فهل وجدته في شيء من كتاب الله جل ذكره ؟ قالت : ما نقرأ إلا ما تقرؤون ، قال : فهل رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إستعان بشيء من نسائه اذا كان في قلة والمشركون في كثرة ؟ قالت : اللهم لا ، قال الأحنف : فاذا ما هو ذنبنا
(1) .
ويروى أيضا : عن عائشة انها دخلت على أم سلمة بعد رجوعها من وقعة الجمل وقد كانت ام سلمة حلفت أن لا تُكلمها أبدا من أجل مسيرها الى محاربة عليّ بن أبي طالب ، فقالت عائشة : السلا عليك يا أم المؤمنين ! فقالت : يا حائط ألم أنهكِ ألم أقل لكِ ؟ قالت عائشة : فإني استغفر الله وأتوب اليه ، كلّميني يا أم المؤمنين ! قالت : يا حائط ألم أقل لك ألم أنهك ؟ فلم تكلمها حتى ماتت . وقامت عائشة وهي تبكي وتقول وا أسفاه على ما فرط منّي
(2) .
ويروى أيضا عن جميع : قلت لعائشة حدثنين عن عليّ رضي الله عنه ، قالت : تسألني عن رجل سالت نفسُ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في يده ووليّ غسله وتغميضه وادخاله قره . قلت : فما حملكِ على ما كان منك ؟ فأرسلت خمارها على وجهها وبكت وقالت : أمر كان قُضي عليَّ
(3) .
تاريخ الطبري : وأقبل جارية بن قدامة السعدي فقال : يا أم المؤمنين والله لقتل عثمان بن عفّان أهونُ من خروجكِ من بيتك على هذا الجمل الملعون عُرضة للسلاح ، أنه قد كان لك من الله ستر وحرمة فهتكتِ سترك وأبحتِ حرمتك ، أنه من رأى قتالك فإنه يرى قتلك ، ان كنت أتيتنا طائعة فارجعي الى منزلك وان كنتِ أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالناس ، قال : فخرج غلام شاب من بني سعد الى طلحة والزبير فقال : أما أنت يا زبير فحواري رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واما أنت يا طلحة فوقيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيدك ، وأرى أمكما معكما ، فهل جئتما بنسائكما ؟ قالا : لا ، قال : فما أنا منكما في شيء واعتزل ، وقال السعدي في ذلك :
---------------------------
(1) المحاسن للبيهقي ص 49 .
(2) نفس المصدر ص 297 .
(3) نفس المصدر ص 298 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 324 _
صُنتم حلائلكم وقُدتــم امكـم أمرت بجر ديولها في بيتهــا هذا لمعمــرك قلةُ الانصاف فهوت تشقّ البيد بالايجاف
(1) .
ويروى أيضا : قال زيد بن صوحان : رحم الله ام المؤمنين أمرت أن تلزم بيتها وأمرنا أن نقاتل ، فتركت ما أمرت به وأمرتنا به ، وصنعت ما أمرنا به ونهتنا عنه
(2) .
أقول : في هذه الروايات موارد للنظر والتحقيق :
1 ـ اعترفت عائشة بأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما استعان بشيء من نسائه ، ولا عهد عليها رسول الله هذا المسير ، ولا وجدته في شيء من كتاب الله تعالى .
2 ـ يدل قولها ( لأن أكون قعدت في منزلي ، بكت حتى تبلّ خمارها ، وا أسفاه على ما فرط مني ) على شدة ندامتها ونهاية تأثرها .
3 ـ يستكشف أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهد عليها أن تقرّ في بيتها ، وقد صرّحت الآية الكريمة ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّـ ) بلزوم قرارها في البيت وعدم جواز الخروج منها .
4 ـ أنها هتكت حرمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بخروجها .
5 ـ أنها استغفرت وتابت ومع هذا فلم تكلمها أم سلمة .
ثم أنها تولّت وكانت خطيبة القوم وهم لها تبع ، مع أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد نهى عن تولي النساء واستخلافهن :
الاستيعاب : عن ابن عباس ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
أيتكنّ صاحبة الجمل الأدبب ، يقتل حولها قتلى كثير وتنجو بعد ما كادت . وهذا الحديث من أعلام نبوته
(3) .
مستدرك الحاكم : قال علقمة : لما خرج طلحة والزبير وعائشة تطلب دم عثمان ، كانت عائشة خطيبة القوم بها وهم لها تبع
(4) .
---------------------------
(1) تاريخ الطبري ج 5 ص 176 .
(2) تاريخ الطبري ج 5 ص 184 .
(3) الاستيعاب ج 4 ص 1885 .
(4) مستدرك الحاكم ج 3 ص 118 .
الحقائق في تاريخ الاسلام والفتن والاحداث
_ 325 _
ويروى عن أبي بكرة قال : عصمني الله بشيء من سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما هلك كسرى ، قال : من استخلفوا ؟ قالوا : ابنته ، قال ، فقال : لن يُفلح قوم ولوا امرأة ، قال ، فلما قدمت عائشة ذكرت قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فعصمني الله به .
ويروى عن عائشة قالت : وددت اني كنت ثكلت عشرة مثل الحارث بن هشام ، وإني لم أسرِ مسيري مع ابن الزبير
(1) .
سنن الترمذي : عن أبي بكرة ـ كما في المستدرك
(2) .
أقول : في هذه الرواية نهي شديد ومنع أكيد عن تولية النساء ، وقد صرّح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بأن قوما ولوا امرأة لن يُفلحوا ، ففيها دلالة على خلاف طلحة والزبير وعدم انتهائهم بهذا النهي الصادر من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حيث جعلوا خطيبة القوم وداعية الى الخلاف ، والقوم لها تبع .
الاستيعاب : قالت عائشة : اذا مر ابن عمر فارونيه ! فلما مر ابن عمر قالوا : هذا ابن عمر ! قالت : يا ابا عبدالرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيت رجلا قد غلب عليك وظننت أنك لا تخالفينه ـ يعني ابن الزبير ـ قالت : أما أنك لو نهيتني ما خرجت
(3) .
أقول : ابن الزبير هو عبدالله بن الزبير ، وامه اسماء بنت أبي بكر ، فعائشة تكون خالة ابن الزبير ، قال علي ( عليه السلام ) : ما زال الزبير يُعدّ منا أهل البيت حتى نشأ عبدالله
(4) .
عقد الفريد : دخل المغيرة بن شعبة على عائشة فقالت : يا ابا عبدالله لو رأيتني يوم الجمل وقد نفذت النصال هودجي حتى وصل بعضها الى جلدي ، قال المغيرة : وددت والله أن بعضها كان قتلك ، قالت : يرحمك الله ولم تقول هذا ؟
---------------------------
(1) نفس المصدر ص 119 .
(2) سنن الترمذي ص 330 .
(3) الاستيعاب ج 3 ص 910 .
(4) نفس المصدر ص 906 .