بمعنى أن يكون كل من الزوجين جزءً من مسؤولية شريكه تجاه نفسه ، قبل أن تكون جزءً من مسؤولية تجاه غيره من الناس ، وعلى أساس من هذه الجزئية العميقة تمضي حياتهما المشتركة في وجودها ، وفي أدائهما في دورهما في إقامة المجتمع المؤمن .
عمق مسؤولية المؤمن
ولا بد من الإلتفات هنا إلى أن هذه الفكرة الإسلامية الخاصة في تحديد المسؤولية الإنسانية ، لا تختص بخصوص العلاقة الزوجية فحسب ، وإنما هي وارادة أيضاً مسؤولية المؤمن إزاء مجتمع الإيمان بشكل عام ، بمقتضى ولاية الإيمان ، قال ( تعالى ) :
( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ . .
(1) ) .
وبمقتضى أخوة الإيمان أيضاً : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ . . )
(2) ) .
وبمقتضى التكليف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتضامن والتكافل الإجتماعيين ، في مختلف ابعادهما ، وصورهما ، وإقامة الحدود والمناهج الإسلامية . . وهكذا . .
( إن أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا . .
(3) ) .
فمسؤولية المؤمن تجاه أي من هذه الأمور إنما تنبع ـ في مبدئها ـ من مسؤوليته تجاه نفسه ، إذ هي من شرائط إيمانه ، واتباعه لدلائل دين الله ( تعالى ) ، والقيادة لحجته ، إذ لم يؤخذ ـ في هذه الشروط والدلائل والحجة ـ سوى التزام الإنسان بها ، وإطاعته لأمر الله ( تعالى ) ونهية فيها .
هذا إضافة إلى جوانب أخرى تقتضي ـ بدورها ـ كذلك ، تأكيد هذا العمق لمسؤوليات المؤمن كافّة ، واعتبار اي مسؤولية فردية أو أجتماعية له ، أو حتى نوعية أو كونية ـ بملاحظة علاقة الإنسان بنوعه أو بما يحيط به من موجودات الكون ـ ، إنما تنبع ـ في مبدئها ـ من مسؤوليته تجاه ذاته ، وتجاه دينه ، قبل أي مرحلة أخرى تتبعها .
**************************************************************
(1) التوبة : 71 .
(2) الحجرات : 10 .
(3) الاسراء : 7 .