ثم تكلم مغيرة بن شعبة فقال : نصحت لأبيك فلم يقبل النصح ، ولولا كراهية قطع القرابة لكنت في جملة أهل الشام ، فكان يعلم أبوك أني أصدر الوارد عن مناهلها ، بزعارة قيس ، وحلم ثقيف ، وتجاربها للأمور على القبائل . فتكلم الحسن عليه السلام فقال : يا مروان أجبنا ، وخورا ، وضعفا ، وعجزا ، زعم أني مدحت نفسي ، وأنا ابن رسول الله، وشمخت بأنفي وأنا سيد شباب أهل الجنة وإنما يبذخ ويتكبر ويلك من يريد رفع نفسه ، ويتبجح من يريد الاستطالة ، فأما نحن فأهل بيت الرحمة ، ومعدن الكرامة، وموضع الخيرة ، وكنز الإيمان ، ورمح الإسلام ، وسيف الدين ، ألا تصمت ثكلتك أمك قبل أن أرميك بالهوائل ، وأسمك بميسم تستغني به عن اسمك ، فأما إيابك بالنهاب والملوك أفي اليوم الذي وليت فيه مهزوما ، وانخجرت مذعورا ، فكانت غنيمتك هزيمتك ، وغدرك بطلحة حين غدرت به فقتلته ، قبحا لك ما أغلظ جلدة وجهك . فنكس مروان رأسه ، وبقي مغيرة مبهوتا ، فالتفت إليه الحسن عليه السلام فقال : أعور ثقيف ما أنت من قريش فأفاخرك ، أجهلتني يا ويحك ؟! أنا ابن خيرة الإماء ، وسيدة النساء ، غذانا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعلم الله تبارك وتعالى ، فعلمنا تأويل القرآن ، ومشكلات الأحكام ، لنا العزة العليا ، والفخر والسناء ، وأنت من قوم لم يثبت هم في الجاهلية نسب ، ولا لهم في الإسلام نصيب ، عبد آبق ، ما له
الإحتجاج (الجزء الأول)
والافتخار عند مصادمة الليوث، ومجاحشة الأقران ، نحن السادة، ونحن المذاويد القادة، نحمي الذمار، وننفي عن ساحتنا العار ، وأنا ابن نجيبات الأبكار ، ثم أشرت زعمت إلى خير وصي خير الأنبياء ، وكان هو بعجزك أبصر ، وبجورك أعلم وكنت للرد عليك منه أهلا لو عزك في صدرك ، وبدو الغدر في عينك ، هيهات لم يكن ليتخذ المضلين عضدا ، وزعمك أنك لو كنت بصفين بزعارة قيس ، وحلم ثقيف ، فبماذا ثكلتك أمك؟ أبعجزك عند المقامات ، وفرارك عند المجاحشات ؟ |