واختلاطه بأخَرَة و .. ، بل لروايته أشياء لا ترضي الآخرين من القول برفس فاطمة ، وشرعيّة حيّ على خير العمل ، وأنّ النار تلتقط مبغضي آل محمّد وغيرها .
   وقد تلحض مما سبق : إمكان الخدش في خبرَي أبي محذورة وبلال المُدَّعِيَيْنِ لنسخ الحيعلة الثالثة ، والمُعَارَضَيْنِ بما رواه العلوي .
  ونلفت نظر القارئ الكريم إلى أنّ هذين الخبرين بمجردهما قد لا يصلحان لإثبات شرعية حيّ على خير العمل ، بل إن ثبوتها عندنا يرجع إلى ما عندنا من طرق صحيحة في ذلك ، ويؤيده تأذين أهل البيت والصحابة بذلك ، وهو ما ستعرفه بعد قليل ، الأمر الذي يتفق مع سيرة بلال وحياته الفكرية التي ستقف عليها في الفصل الثاني ( حذف الحيعلة وامتناع بلال عن التأذين ) من هذا الباب .
   مشيرين إلى أنّ الملابسات العلمية التي تعرضنا لها آنفاً ينبغي أن تحدّ من إسراف من يدّعي النسخ ويلهج بوجود الناسخ بلا دليل مُرْضٍ ، وهذا هو الذي أشار إليه الشريف المرتضى ( ت 436 هـ ) بقوله :
وقد روت العامة أنّ ذلك مما كان يقال من بعض أيّام النبيّ وإنّما ادُّعي أنّ ذلك نُسِخَ ورُفِعَ ، وعلى من ادّعى النسخ الدلالة له وما يجدها .
   وممّا يضحك الثكلى أنّ البعض أسرف للغاية ، حيث رفض جزئية حيّ على خير العمل ، مدّعياً أنّ الشيعة هم الذين أوجدوها وحشروها في كتب أهل السنة والجماعة لأنّ بقيّة الفرق الإسلاميّة لا تقول بذلك ، كما أنَّ صحاحهم ومسانيدهم قد خلت من ( حيّ على خير العمل ) .
   وأمام احتمال طرح مثل هذه الشبهة ، نقول : إنَّ هذه القضيّة لم تختصّ بالطالبيّين دون غيرهم على ما ضبطته لنا صفحات تاريخ السنّة والسيرة ، بل

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 202 ـ
  أقرّها عدد من الصحابة وعملوا بها ، ويكفينا أن نذكر هنا اسم ابن عمر فقط لأنّه الصحابي الذي كان مورد اعتماد أهل السنة والجماعة في فترات متعاقبة من التاريخ ، حتّى أنَّ المنصور العبّاسيّ قد وجّه مالكاً حين تدوين كتاب ( الموطّأ ) بقوله : هل أخذت بأحاديث ابن عمر ؟
   قال : نعم .
   قال المنصور : خذ بقوله وان خالف عليّاً وابن عباس (1).
   وعلى ضوء هذا الأمر الحكومي يمكننا القول إنّ الدولة العبّاسيّة قد اعتبرت فقه ابن عمر معياراً ومقياساً شاخصاً لتدوين السنّة ، لأنّه لم يكن شخصاً عاديّاً ، بل كانت شخصيته ذات أبعاد مبطّنة ، وفي هذا المجال رأيناه يضفي على حياته هالة من القدسيّة في اقتفاء آثار النبيّ ومتابعته .
   ويتلخص إشكال أهل السنة والجماعة في ثلاث نقاط :
   إشكالهم الأوّل : ادّعاء أنَّ مصادرهم الحديثيّة المعتبرة قد خلت من الروايات التي تؤكّد ثبوت ( حيّ على خير العمل ) في الأذان ، وأن السنن الكبرى للبيهقيّ ، ومصنّف ابن أبي شيبة ـ اللَّذين ضمّا بين طيّاتهما مثل تلك الروايات ـ ليسا من الكتب الرئيسيّة التسعة ، إذ هما من المصادر الثانويّة ، لذا فهم لا يقولون بشرعيّة ( حيّ على خير العمل ) لأنّ صحيحي البخاريّ ومسلم لم يذكرا روايات تؤيّد ذلك !
   إشكالهم الثاني : ادعاء أنّ رواة تلك الروايات المثبِتة لـ ( حيّ على خير العمل ) هم من الضعفاء ، فتكون الروايات غير معتبرة من ناحية السند .
   إشكالهم الثالث : إمكان القول بأنَّ عمل رسول الله هو الحجّة علينا لا عمل الصحابة ، فلا حجّيّة في التزام ابن عمر الإتيانَ بـ ( حيّ على خير العمل ) في

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 4 : 147 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 203 ـ
  أذانه ، لأنّ المسلم مكلّف باتّباع رسول الله لا غيره !
هذه هي جملة إشكالاتهم :
   أمّا ما يخصّ إشكالهم الأوّل ـ من أنّ صحاحهم وسننهم المعتبرة لم تذكر روايات تؤيّد شرعيّة ( حيّ على خير العمل ) وعلى الأخصّ فيما تمّ تدوينه في كتابي الشيخين البخاريّ ومسلم ـ فقد أجاب أحد الزيديّة عليه إجابة نقضيّة بقوله : ( وقالوا إن صحّت في الأذان الأوّل فهي منسوخة بالأذان الثاني ، لعدم ذكره فيها .
  وردّ هذا : بأنّه لا يلزم من عدم ذكره في الصحيحين عدم صحّته ، وليس كلّ السنّة الصحيحة في الصحيحين ، وبأنّه لو كان منسوخاً لما خفي على عليّ بن أبي طالب وأولاده كما في مسنداتهم ، وهم السفينة الناجية بقول جدّهم سيّد البريّة : ( أهل بيتي فيكم كسفينة نوح : مَن رَكبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ) .
  وما ذكره في كتاب ( الأذان بحيّ على خير العمل ) أنّها كانت ثابتة في الأذان أيّام النبيّ ، وفي خلافة أبي بكر ، وفي صدر من خلافة عمر ثمّ نهى عنها )(1).
   وبعد ذكر جواب هذا الزيديّ على الإشكال الأوّل ، نقول : إنّ من الثابت المعلوم أَنْ ليس باستطاعة كتبهم التسعة أن تضمّ جميع الأحاديث والروايات المرويّة على مرّ التاريخ ، بل ولم يدَّعِ أصحاب تلك الكتب أنفسهم الإلمام بكلِّ ما رُوِي أو جمعهم لكل ما صح عن رسول الله .

(1) انظر : هامش مسند زيد بن علي : 84 عن الأذان بحيّ على خير العمل : 63 بتحقيق عزّان .
والنص عن طبعة دار الحياة لمسند الإمام زيد .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 204 ـ
   بلى ، إنّهم ادعوا أنّ أحاديثهم منتقاةٌ من الأحاديث الصحيحة ، وبهذا المعنى صرح كلٌّ من النسائيّ والبخاريّ وابن ماجة وغيرهم ، فهذا يقول إنَّه انتقى صحيحه من ستمائة ألف حديث صحيح ، وذاك يقول إنّه أخذها من ثلاثمائة ألف حديث صحيح .. وهكذا .
   وصحيح أنَّهم يصفون الأحاديث التي انتقوها بأنّها صحيحة ، ولكنّهم بذات الوقت لا ينكرون صحّة بقيّة الأحاديث المتروكة عندهم ـ التي لم يشملها تدوينهم ـ فهم والحال هذه لا ينفون وجود أحاديث صحيحة عند الآخرين .
   فلو لاحظت أحاديث عبدالله بن زيد الأنصاري المعتمدة عندهم في تشريع الأذان فلا تجدها في صحيحي البخاري ومسلم ، ولم يأتِ بهما الحاكم في مستدركه ، فما يعني هذا اذاً ؟
   ونحن قد بيّنّا أنّ ثمّة اتفاقاً بين الفريقين على ثبوت ( حيّ على خير العمل ) في عهد رسول الله واستمرّ ذلك إلى أن جاء المنع من قبل عمر بن الخطاب ، وبهذا تتأكّد شرعيّة وثبوت ( حيَّ على خير العمل ) إلى أنّ حكم عمر بن الخطّاب بعدم شرعيّتها ، وعلى هذا الأساس فإنّ ( حيّ على خير العمل ) هي السنّة الحقّة وما خالفها ليس من سنّة الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
   أمّا الإجابة على إشكالهم الثاني فهي غير مبتورة عن الإجابة على الإشكال الأوّل ، إذ أنّ امتداد الإجابة بمثابة الردّ الفاصل على إشكالهم الثاني ، لأنّهم يقولون بأنّ الروايات التي وردت فيها الحيعلة الثالثة ( حيّ على خير العمل ) ضعيفة السند ، لأنّ أغلب رواتها من الضعاف ... وهنا لابدّ لنا من الخوض في بحث منهجي مبنائيّ معهم ليكون حديثنا أكثر علميّة وأدقّ توجيهاً ، فنقول :
   هل ضوابط الجرح والتعديل المتّبعة في توثيق وتضعيف الرجال هي

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 205 ـ
  ضوابط قرآنيّة ، أو هي مبنيّة على الهوى والهوس ، أو تتحكّم بها الطائفيّة ، كأن يكون للشافعيّة ضوابطهم الخاصّة بهم ، وكذا للمالكيّة والحنفية وغيرهم .
   فقد خدش ابن معين وأحمد بن صالح في الإمام الشافعيّ (1).
   وذكر الخطيب البغداديّ أسماء الذين ردّوا على الإمام أبي حنيفة (2).
   وقال الرازي في رسالة ترجيح مذهب الشافعيّ ما يظهر منه أنّ البخاري عدّ أبا حنيفة من الضعفاء في حين لم يذكر الشافعيّ (3).
   وحكي عن أبي عليّ الكرابيسيّ أنّه كان يتكلم في الإمام أحمد ، وكذا قدح العراقيّ شيخ ابن حجر في ابن حنبل ومسنده (4) .
   وذكر الخطيب في تاريخه أسماء عدّة قد خدشوا في الإمام مالك (5).
   وقد خدشوا في الإمام البخاري والنسائي وغيرهما .
   فما المعتبر في الجرح والتعديل اذاً ؟
   في سياق جوابنا على إشكالهم الثاني ، نقول أيضاً : لو سلّمنا فرضاً بضعف تلك الروايات ، فإنّ كثرتها وتعدّد طرقها ، تجعلها معتبرة ، ويمكن الأخذ بها بناءً على قاعدة : ( الحديث الضعيف يقوّي بعضه بعضاً )(6) .
   وأنّهم كثيراً ما أخذوا بروايات رجالها ضعفاء ، فمثلاً أنّهم عملوا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( على اليد ما

(1) انظر : هامش تهذيب الكمال 24 : 380 .
(2) تاريخ بغداد 13 : 370 وفيه اسم 35 رجلاً تكلّموا في الإمام أبي حنيفة .
(3) طبقات الشافعية 2 : 118 .
(4) انظر : فيض القدير 1 : 26 .
(5) تاريخ بغداد 1 : 224 ، وتهذيب الكمال 24 : 415 .
(6) نصب الراية 1 : 93 عن البيهقي أنّه قال : والآثار الضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض احدثت قوة فيما اجتمعت فيه من الحكم .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 206 ـ
  اخذت حتّى توديه ) (1) على رغم ضعف سندها وانحصارها بسمرة بن جندب .
   هذا كلّه بصرف النظر عن أنّ هناك جمّاً غفيراً من علماء المسـلمين ـ من طوائف الاثني عشرية والاسماعيلية والزيدية ـ رووا بطرق صحاح وحسان ثبوت الحيعلة الثالثة في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعدم نسخها ، وحينئذٍ فنحن نرى انجبار الروايات الضعيفة بهذه الطرق الصحيحة والحسنة .
   ويتأكد لك سبب ندرة الروايات الدالّة على الحيعلة الثالثة في مدرسة الخلفاء أو تضعيفهم لرواتها لو سايرت البحث معنا حتّى الفصل الرابع ( حيّ على خير العمل تاريخها السياسي والعقائدي ) إذ هناك ستقف على الأسباب السياسية الكامنة وراء هكذا أمور في الشريعة .
   أمّا فيما يتعلّق بالإشكال الثالث من أنَّ عمل النبيّ الأكرم هو الحجّة وليس عمل الصحابة في المورد المشار إليه ، فليس لنا إشكال في أصل هذا الكلام والمبنى ، لكن فيه على أهل السنّة إيرادان : نقضيّ وحلّي ، إذ أنك ترى أهل السنّة يتّبعون عمل الصحابة ويجعلونه معياراً لهم في الأحكام الفقهيّة ، ولكنّهم اتّخذوا موقفاً مضادّاً لمنهجيّتهم الفقهيّة في مسألة ( حيّ على خير العمل ) على الرغم من دعم عمل الصحابة فيها بالنصوص الكثيرة الصريحة والشـواهد التاريخـيّة المؤيّـدة لها .
   فعلى الرغم من التزام الصحابة بـ ( حيّ على خير العمل ) في أذانهم ، وعلى رغم

(1) مسند أحمد 5 : 8 ،12 ،13 ، سنن الدارمي 2 : 264 باب في العارية موداة ، ابن ماجة 2 : 802 باب العارية ، سنن أبي داود 2 : 115 باب في الرقبى ، سنن الترمذي 2 : 368 باب ما جاء في العارية موداة ، مستدرك الحاكم 2 : 47 ، السنن الكبرى للبيهقي 6 : 90 ،95 ،100 ، السنن الكبرى للنسائي 3 : 411 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 207 ـ
  كثرة الروايات التي تؤكّد شرعيّتها ، ترى بعضهم يستثنون حكم هذه المسألة على ضوء طريقتهم فيقولون : الحجّة ـ في هذه المسألة بالذات ـ عمل النبيّ الاعظم وليس عمل الصحابة ، مع أنّ مِن بينهم مَن يقول بأنَّ ( فعل الصحابيّ يخصّص القرآن )(1) .. وهذا تناقض واضح وصريح من جانبهم !
   بينما تراهم في حين آخر يقولون بأنّ فعل الصحابيّ هو علامة أو انعكاس لفعل النبيّ الأكرم ، ولمّا كان ثمّـة خـلاف بين فقه عليّ عليه السلام وفقه عمر ، وبين ابن عمر وعمر نفسـه ، وبين الصحابـة الآخرين فيما بينهـم أيضاً ، فإنّ هذا مؤشر يدلّ دلالة واضحة على وجود مذهبين مختلفين : أحدهما يتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والنصوص الواردة ، والآخـر يعطي لنفسه الاجتهاد ، ويتعبد بسيرة الشيخين وإن خالفت سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
   ولو نقّبت في الكتب وتتبّعت أقوال المورخين في ابن عمر لوقفت على أنّ المشهور عندهم أنّه كان يتحرّى آثار النبيّ الأكرم ، وقد سُطِّرَتْ في كتاب ( منع تدوين الحديث ) ثمان وثلاثون حالة اختلف فيها عبدالله بن عمـر مع أبيه .
   إذ كان ابن عمر في أغلبها يحاول اتّباع سنّة رسول الله ، لكنّ عمر لم يأبه بكلام ابنه ، ملتزماً برأيه ، عاملاً بالقياس أو الاستحسان وما شابه ذلك ..
   فبماذا يُفَسَّر إذاً خلاف ابن عمر مع أبيه ؟ نحن لا نريد بكلامنا هذا القول بأنّ ابن عمر كان من أتباع نهج التعبد المحض ، أو أنّه لا يجتهد مقابل النص ، لكن الصبغة الغالبة عليه هي شهرته بتحري أثار رسول الله واتّباع سننه لا الاجتهاد والرأي .
   ولمّا كان عمر هو الذي أمر بـ ( الصلاة خير من النوم ) ، وهو الذي نهى عن ( حيّ على خير العمل ) ، كان فعل الصحابة في هذا المورد هو الحاكم وهو الحجّة عندهم بخلاف ما يدّعون من أنَّ فعل النبيّ الأكرم هو الحجة لا غير .


(1) المذاهب الإسلاميّة لأبي زُهرة .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 208 ـ
   وبهذا ، فقد عرفنا شرعية الأذان بحيّ على خير العمل ، وانه لم ينسخ من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يقولون ، وما ذُكِر من إشكالات كلّها كانت واهية لا تناهض الادلة ، بل وقفتَ ـ عزيزي القارئ الكريم ـ على بعض تحريفات الأمويين ومن اتبعوهم من العلماء ، وكيف حرّفوا قول أبي محذورة ( فلما انتهيت إلى حيّ على الفلاح قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : ألحِق فيها حيّ على خير العمل ) ، وأبدلوها بـ ( اجعل في آخر أذانك حيّ على خير العمل ) فان هذا الكلام باطل وتحريف صريح للنصوص .
   لأنّ ( ألحِق فيها حيّ على خير العمل ) يؤكد على أن مكان الحيعلة الثالثة هو بعد الحيعلتين لاكما يقولون بأنّها في آخر الأذان ، فـ ( الصلاة خير من النوم ) تتفق مع كونها آخر الأذان ، أما الحيعلة الثالثة فهي بعد الحيعلتين ، فتدبر .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 209 ـ
القسم الثاني
تأذين الصحابة وأهل البيت

   إنّ المطالع في كتب السير والتاريخ والحديث عند المذاهب الإسلاميّة يقف على أسماء عدة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يؤذّنون بـ ( حيّ على خير العمل ) وإن كانت بعض تلك النصوص تشير إلى تأذينهم بها في الفجر خاصة ، لكنّ هناك نصوصاً أخرى تدل على شموليتها لجميع الاوقات .
   وإليك الآن أسماء بعض مَن أذّن بها للرسول الأكرم ، وأسماء بعض كبار الصحابة وأهل بيت النبوة ، جئنا بها من طرق الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، وطرق الزيدية ، والإسماعيلية وأهل السنة والجماعة ، اعتقاداً منا بضرورة الوقوف على جميع الطرق عند جميع المذاهب الإسلامية ، كي لا تكون رؤيتنا ضيقة منحصرة بمذهب دون آخر ، بل لتكون شموليّة موسّعة تكشف عن وجهات نظر الجميع .

1 ـ بلال بن رباح الحبشي ( ت 20 هـ )

   أخرج الطبراني في الكبير والبيهقي في سننه ، بسندهما عن عمّار وعمر ابنَي حفص بن عمر ، عن آبائهم ، عن أجدادهم ، عن بلال أنّه كان يؤذّن بالصبح فيقول : ( حيَّ على خير العمل ) ، فأمر النبيُّ أن يجعل مكانها ( الصلاة خير من

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 210 ـ
  النوم ) وترك ( حي على خير العمل )(1).
   وقد مرّ عليك قبل قليل كلام الحافظ العلوي وتحقيقنا في هذه الرواية ، وأن جملة ( فأمره النبيّ ... ) إلى آخره ، لم تكن في الإسناد الأصلي ، ويؤيّد صحة كلام الحافظ العلوي وروايته ما روي ـ عندنا ـ عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام أنّه قال : إنّ بلالاً كان عبداً صالحاً فقال : لا أؤذّن لأحد بعد رسول الله ، فتُرِكَ يومئذ ( حيَّ على خير العمل )(2).
   وعن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إنّ خير أعمالكم الصلاة ، وأمر بلالاً أن يوذّن بحيّ على خير العمل ، حكاه في الشفاء (3).
   وفي كنز العمّال : كان بلال يؤذن بالصبح فيقول ( حيّ على خير العمل ) (4).

2 ـ علي بن أبي طالب ( ت 40 هـ )

   روى الإمام المؤيد بالله الزيدي في كتابه شرح التجريد ، من طريق عباد بن يعقوب ، عن عيسى بن عبدالله ، عن آبائه ، عن عليّ عليه السلام أنّه قال : سمعت رسول الله يقول : ( إن خير أعمالكم الصلاة ) وأمر بلالاً أن يؤذّن بحيّ على خير العمل (5).

(1) المعجم الكبير 1 : 352 ، السنن الكبرى للبيهقي 1 : 425 مجمع الزوائد 1 : 330 كنز العمال 8 : 345/23188 .
(2) من لا يحضره الفقيه 1 : 284 ، وسائل الشيعة 5 : 418 ، ولنا تحقيق عن بلال في الفصل الثاني من هذا الباب فراجع .
(3) البحر الزخار 2 : 191 ، وانظر : الشفاء 1 : 260 .
(4) كنز العمّال 8 : 342 ، ح 23174 .
(5) جواهر الأخبار والآثار 2 : 191 ، الاعتصام بحبل الله المتين 1 : 309 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 211 ـ
   وروى الحافظ العلوي بسنده عن عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان أبي عليّ عليه السلام إذا خرج إلى سفر لا يَكِل الأذان إلى غيره ولا الإقامة ، وكان لا يَدَع أن يقول في أذانه : حيَّ على خير العمل (1).
   وقد أخرج الحافظ العلوي ذلك بعدّة طرق عن الإمام عليّ ، منها :    حدّثنا محمّد بن الحسين التيملي قراءة ، حدّثنا (2) عليّ بن العبّاس البجلي ، حدّثنا بكّار بن أحمد ، حدّثنا حسن بن حسين ، عن عمرو بن ثابت ، عن محمّد ابن عبدالرحمن ، قال : كان ابن النباح يجيء إلى عليّ عليه السلام حين يطلع الفجر فيقول : حيَّ على الصلاة ، حيَّ على الفلاح ، حيّ على خير العمل ، فيقول عليّ عليه السلام : مرحباً بالقائلين عدلاً ، وبالصلاة مرحباً وأهلاً ، يا ابن النباح : أقم .
   حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن الحسين (3)في لقائه (4)، أخبرنا محمّد بن القاسم بن زكريا ، حدّث عبّاد بن يعقوب ، أخبرنا عمرو بن ثابت ، عن ابن أبي ليلى : بنحوه .
   حدّثنا محمّد ، أخبرنا محمّد بن عمّار العجلي ، حدّثنا عليّ بن محمّد بن حنينة (5)، حدّثنا عباد بن يعقوب ، أخبرنا عمرو ، عن ابن أبي ليلى : بنحوه .

(1) الأذان بحيّ على خير العمل : 94 الحديث 74 .
(2) في الاعتصام 1 : 291 : نبأنا .
(3) في تحقيق عزّان : بن كنانة وليس فيها ( في لقائه ) .
(4) في الاعتصام : في كتابه .
(5) أثبت عزّان في المتن : نُجية ، وقال في الهامش : في ج : حنية وفي طـ : علي بن محمد بن حتينة ، والصواب ما اثبته ، انظر : ترجمته في المعجم [ الذي أعدّه في آخرالكتاب ] .
أما في الاعتصام : حبية .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 212 ـ
  حدّثنا أحمد بن زيد بن بشّار ، وعليّ بن محمّد [ بن بنان ] الشيباني ، قالا : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الرفّاء المقري ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن محسن الطريفي ، حدّثنا الحسن بن يحيى بن عبدالله ، حدّثني أبو بكر بن أبي أويس (1) ابن أخت مالك بن أويس ، عن حسين بن عبدالله بن ضميرة ، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول في أذان الصبح : حيَّ على خير العمل ، حيَّ على خير العمل .
   حدّثنا ميمون بن عليّ بن حميد المقري ، حدّثنا أبو الحسن أحمد بن الحسن بن الحسين بن عيسى العلوي ، حدّثنا عبدالعزيز بن يحيى ، حدّثنا المغيرة بن محمّد ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد وعبدالرحمن (2) حدّثنا عيسى بن عبدالله و (3) محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان أبي عليٌّ عليه السلام إذا خرج إلى سفر لا يَكِل الأذان إلى غيره والإِقامة (4) ، وكان لا يدع أن يقول في أذانه : حيَّ على خير العمل .
   حدّثنا (5) جعفر بن محمّد الجعفري ومحمّد بن عبدالله بن الحسين ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، حدّثنا يعقوب بن يوسف الضبي ، حدّثنا أبو جبارة حصـين بن المخارق ، عن يعقـوب بن عدي ، عن يحيى بن زيد ، عن آبائه ،

(1) أثبت عزّان في المتن بدل اويس ( انس ) واحال على ما ترجمه له في المعجم .
وهو الموجود في الاعتصام 1 : 292 كذلك وفي آخره الحيعلة مرة واحدة .
(2) في متن عزّان : ( بن عبدالرحمن ) وقال في الهامش : وفي طـ : إبراهيم بن عبدالرحمن .
وهو الموجود في الاعتصام 1 : 292 .
(3) في الاعتصام : عبدالله بن محمد .
(4) في نسخة عزّان : ولا الإقامة ، وهو الموجود في الاعتصام 1 : 292 كذلك .
(5) في الاعتصام : أخبرنا .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 213 ـ
  عن عليّ عليه السلام : أنـه كان يأمـر مـؤذنـه أن يـنادي في أذانـه بحـيَّ على خـير العمل .
   حدّثنا (1) أحمد بن محمّد بن إبراهيم قراءةً ، أخبرنا محمد بن أبي العباس الورّاق ، حدّثنا محمّد بن القاسم بن زكريّا ، [ حدّثنا ] (2) عبّاد بن يعقوب ، أخـبرنا نصر بن مزاحـم ، عن سـفيان بن إبراهـيم الحريري ، عن صباح المزني ، عن سـعيد ، عن الأصـبغ بن نباتـة ، قال : جـاء مـؤذنـو عليّ عليه السلام فحـيَّوه بالصـلاة ، فقال : مرحـباً بالقائلين عدلاً ، وبالصـلاة مرحـباً وأهـلاً .
   فلما تفرق المؤذّنون خرج علينا ، فقال : حيَّ على الصلاة ، حيَّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيَّ على الفلاح ، حيَّ على خـير العمل ، حيَّ على خـير العمل .
   أخبرنا محمّد بن عبدالله بن الحسين قراءة ، حدّثنا الحسين بن محمّد الفزاري ، حدّثنا جعفر بن عبدالله المحمّدي ، حدّثنا مصبح بن الهاقان (3) ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد ـ يعني ابن أبي يحيى ـ عن جعفر ، عن أبيه ، [ عن جده ] (4) ضلا قال : كان عليّ عليه السلام يقول في أذانه : حيَّ على الفلاح ، حيَّ على خير العمل ، وذكر الحديث .

طريق الإمام الصادق عليه السلام

   أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن زيد بن بشّار ، وعليّ بن محمّد الشيباني ، قالا : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد بن مسلم ، حدّثنا عليّ بن العبّاس وعليّ بن سلامة ، حدّثنا بكار بن أحمد ، حدّثنا نصر بن مزاحم ، عن الثقة إبراهيم بن أبي

(1) في نسخة عزّان : اخبرنا ، وقد سقط ما قبله .
(2) الزيادة من تحقيق عزّان .
والاعتصام 1 : 292 .
(3) في الاعتصام : الهلقان .
(4) الزيادة من الاعتصام .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 214 ـ
يحيى ، عن جعفر بن محمّد عليه السلام : أن عليّاً عليه السلام كان يقول لكل صلاة : حيَّ على الفلاح ، حيَّ على خير العمل .
   * طريق إبراهيم بن محمد    أخبرنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم قراءة ، أخبرنا محمّد بن أبي العبّاس الورّاق في كتابه ، حدّثنا محمّد بن القاسم ، حدّثنا الحسن بن محمّد المزني ، حدّثنا هارون بن أبي بروة ، حدّثني حسين أخي ، عن إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى : أن عليّاً عليه السلام كان يقول لكل صلاة : حيَّ على الصلاة حي على الصلاة ، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح ، حيَّ على خير العمل ، حيَّ على خير العمل (1) .

طريق الإمام الباقر عليه السلام

   أخبرنا محمّد قراءةً ، حدّثنا محمّد [ قراءة ] (2) ، حدّثنا حسن ، حدّثنا حسين ابن نصر ، حدّثنا خالد بن عيسى ، عن عاصم بن جميل (3) ، عن جعفر ، عن أبيه : أنّ عليّاً عليه السلام كان يقول في الأذان لكل صلاة : حيَّ على الصلاة حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح ، حيَّ على خير العمل حيّ على خير العمل .
   أخبرنا محمّد [ بن أحمد ] (4) ، أخبرنا محمّد [ بن أبي العباس ] (5) ، أخبرنا

(1) وانظر : الاعتصام 1 : 293 .
(2) الزيادة من الاعتصام 1 : 293 .
(3) في تحقيق عزّان : بن حميد الخياط .
(4) الزيادة من عزّان .
(5) الزيادة من عزّان .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 215 ـ
  محمّد [ بن القاسم ] (1) ، حدّثنا حسن [بن محمّد المزني] (2) ، حدّثني هارون ابن أبي بردة ، عن وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه [ عن جده ] (3) : أن عليّاً عليه السلام كان يُثنّي الإِقامة كما يُثنّي الأذان ، وأخبرنا أنه إن أذّن في الصبح قال : حيَّ على خير العمل .
   أخبرنا (4) أحمد بن زيد بن بشّار ، حدّثنا الحسن [ بن ] (5) محمّد الرفّا ، حدّثنا عليّ بن العبّاس وعليّ بن الحسين بن سلامة ، قالا : حدّثنا بكّار ، حدّثنا حسن (6) بن حسين [ العُرني ] ، عن صالح بن أبي الأسود ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كان في أذان عليّ عليه السلام : حيّ على خير العمل .
   .. حدّثنا ابن النحّاس ، حدّثنا عليّ ، حدّثنا بكار بهذا ... وقال : كان في الأذان حيّ على خير العمل .
   حدّثنا عبدالله بن مخالد (7) البجلي ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، حدّثني أحمد بن يحيى بن المنذر الحجري ، حدّثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى ، حدّثني الحسن بن عليّ الينبعي عن أبيه ، قال : سمعت محمّد بن عليّ عليه السلام يؤذن حيّ على خير العمل ، فقلت له : أيش هذا الأذان ؟ قال : هذا أذان خير البرية بعد النبيّ عليه السلام جدِّك عليّ بن أبي طالب عليه السلام (8) .

(1) الزيادة من عزّان .
(2) الزيادة من عزّان .
(3) الزيادة من الاعتصام 1 : 293 .
(4) في تحقيق عزّان : حدّثنا .
(5) الزيادة من تحقيق عزّان والاعتصام .
(6) في الاعتصام : حسين .
(7) في الاعتصام 1 : 294 : مجالد .
(8) الأذان بحيّ على خير العمل للحافظ العلوي : 48 ـ 53 ، وبتحقيق عزّان من ص 92 ـ 98 ، والاعتصام 1 : 294 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 216 ـ
   وجاء في حاشية الدسوقي ما نصه : ( كان عليّ عليه السلام يزيد ( حيَّ على خير العمل ) بعد ( حيَّ على الفلاح ) وهو مذهب الشيعة الآن ) (1) .
   ومعنى كلامه أنّه عليه السلام لم يَزِد شيئاً إضافياً على فصول الأذان ، بل إنّه كان يأتي بأمر لم يعمل به الخلفاء .
طرق أخرى :    وفي الاعتصام بحبل الله : وقد ذكر الفقيه صالح بن الصديق النمازي في شرحه ( الانهار على اثمار الازهار ) قال ابن الرفعة من أصحاب الشافعي في مطلبه : قال القاضي حسين في التعليق : روي عن عليّ عليه السلام أنّه كان يقول ( حيَّ على خير العمل ) وبه أخذت الشيعة (2) .
   وروى الحافظ العلوي من طريق ابن عبّاس ، عن عليّ بن أبي طالب ، قال : سمعت رسول الله يقول : لمّا انتهي بي إلى سدرة المنتهى ، فرأيت من جلال الله ما رأيت ، قال لي : يا محمّد ( حيَّ على خير العمل ) ، قلت : يا رب وما خير العمل ؟ قال : الصلاة قربان أمّتك ... (3) وعن يحيى بن زيد ، عن آبائه ، عن عليّ عليه السلام أنّه كان يأمر مؤذّنه أن ينادي في أذانه بحيّ على خير العمل (4).

(1) حاشية الدسوقي 1 : 193 .
(2) الاعتصام بحبل الله 1 : 308 .
(3) الأذان بحيّ على خير العمل للحافظ العلوي : 61 بتحقيق عزّان .
والاعتصام بحبل الله 1 : 290 .
(4) كتاب الأذان بحيَّ علي خير العمل : 92 / الحديث 69 ، بتحقيق عزّان .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 217 ـ
   وعن حسين بن عبدالله بن ضميرة ، عن جدّه ضميرة ، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه كان يقول في أذان الصبح ( حيَّ على خير العمل حي على خير العمل ) (1) .
   وروت الزيديّة عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهم السلام : أنّ عليا عليه السلام كان يثنّي الإقامة كما يثنّي الأذان ، وأخبرنا أنّه إن أذّن في الصبح قال : حيّ على خير العمل .
   وعنه أيضاً ، قال : إنّ علياً عليه السلام كان يقول لكل صلاة ( حيّ على الفلاح ، حيَّ على خير العمل ) (2) .
   وفي من لا يحضره الفقيه : وكان ابن النبّاح يقول في أذانه : ( حيَّ على خير العمل حيَّ على خير العمل ) فاذا رآه عليّ قال : مرحباً بالقائلين عدلاً ، وبالصلاة مرحباً وأهلاً (3)

3 ـ أبو رافع ( كان حيّاً في عهد الإمام الحسن )

   قال الحافظ العلوي : أخبرنا عليّ بن محمّد [ إسحاق ] (4) الخزّاز ، أخبرنا الحسن بن محمّد بن سعيد المُقرئ ، حدّثنا الحسن بن حيّاس (5) ، حدّثنا

(1) كتاب الأذان بحيَّ على خير العمل : 93 / الحديث 73 ، بتحقيق عزّان .
(2) الأذان بحيّ على خير العمل : 96 الحديث 77 وقد مر آنفاً .
(3) من لا يحضره الفقيه 1 : 288 ح / 890 وانظر : كتاب الأذان بحيّ على خيرالعمل : 94 الحديث 75 .
(4) الزيادة من الاعتصام 1 : 289 .
(5) تحقيق عزّان : حباش ، وفي الاعتصام 1 : 289 : حياش .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 218 ـ
  محمّد بن سليمان [ لُوَين ] ، حدّثنا شريك ، عن عاصم بن (1) عبيدالله ، عن عليّ ابن الحسين ، عن أبي رافع ، قال : كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا سمع الأذان قال كما يقول ، فإذا بلغ حيّ على خير العمل قال : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله (2) .
4 ـ عقيل بن أبي طالب ( ت في خلافة معاوية )

   روى الحافظ العلوي بسنده عن عبيدة السلماني : أنّ عقيل بن أبي طالب كان يؤذن بـ ( حيّ على خير العمل ) إلى أن فارق الدنيا (3) .

5 ـ الحسن بن عليّ بن أبي طالب ( ت 50 هـ )

   قال القاسم بن محمّد ـ وهو من أعلام الزيديّة ـ : ذكر في كتاب السنام ما لفظه : الصحيح أنّ الأذان شرع بحيّ على خير العمل ، لأنّه اتفق على الأذان به يوم الخندق ، ولأنّه دعاء إلى الصلاة ، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : خير أعمالكم الصلاة ، وقد اتّفق أيضاً على أنّ ابن عمر والحسن والحسين عليهما السلام وبلالاً وجماعة من الصحابة أذّنوا به ، حكاه في شرح الموطأ وغيره من كتبهم (4) .
   وقد روى الحافظ العلوي عن محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، أخبرنا محمّد بن أبي العبّاس الوراق بحرانة ، حدّثنا محمّد بن القاسم ، حدّثنا حسن بن محمّد ، حدّثنا محمّد بن عليّ الكندي ، عن زكريّا بن يحيى ، عن عبدالرحمن بن أبي

(1) في الاعتصام 1 : 289 : عن .
(2) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 28 ، وبتحقيق عزّان : 55 .
الاعتصام 1 : 289 وفيما يلي عن الاعتصام 1 : 294 مثله .
(3) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 54 ، وتحقيق عزّان : 109 .
(4) الاعتصام بحبل الله المتين 307 ـ 313 ، وانظر : الروض النضير 1 : 542 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 219 ـ
  حماد ، عن يوسف بن يعقوب ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أذاني وأذان آبائي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلم وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين .. حي على خير العمل حي على خير العمل (1) .
   وفي الاعتصام 1 : 294 عن الأذان للحافظ العلوي : أخبرنا محمّد بن طلحة الثعالبي ببغداد حدّثنا محمّد بن عمر الجعابي القاضي ، حدّثنا إسحاق بن محمّد ـ يعني ابن مروان ـ حدّثنا أبي ، حدّثنا زيد بن المعدل ، حدّثنا عبدالله بن يزداد المرادي ، عن النعمان بن قيس ، عن عبيدة السلماني قال : كان عليّ بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، وعقيل بن أبي طالب ، وابن عباس ، وعبدالله ابن جعفر ، ومحمّد ابن الحنفية عليهم السلام يؤذنون إلى ان فارقوا الدنيا فيقولون : حيّ على خير العمل ، ويقولون لم تزل في الأذان .

6 ـ أبو محذورة ( ت 59 وقيل 79 هـ )

   روى محمّد بن منصور في كتابه الجامع ، بإسناده عن رجال مرضيين ، عن أبي محذورة ـ أحد موذّني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنّه قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أقول في الأذان ( حيَّ على خير العمل ) (2) .
   وروى محمّد بن منصور : أنّ [ أبا ] القاسم عليه السلام أمره أن يؤذّن ويذكر ذلك [ يعني حيّ على خير العمل ] في أذانه ، قال : إنّ رسول الله أمره به ، هكذا في

(1) الأذان بحيّ على خير العمل للحافظ العلوي : 54 ، وبتحقيق عزّان : 136 الحديث 171 .
والاعتصام 1 : 294 .
(2) البحر الزخّار 2 : 192 ، أمالي أحمد بن عيسى 1 : 92 ، وكذلك ميزان الاعتدال1 : 139 ، لسان الميزان 1 : 268 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 220 ـ
  الشفاء (1) .
   وأخرج الحافظ العلوي من عدّة طرق خبر الحيعلة الثالثة ، منها طريق الحمّاني آنف الذكر ، والأخرى :
   1 ـ حدّثنا أبو الطيب محمّد بن الحسين بن النحّاس (2) قراءة ، حدّثنا عليّ بن عبّاس البجلي ، [ حدّثنا بكار بن أحمد ، حدّثنا مخول بن إبراهيم ، عن (3) محمّد بن بكر ، عن زياد بن المنذر ، قال : حدّثني شيخ من أصحابنا ، عن رجل حدّثه عن أبي محذورة ، قال : أمرني رسول الله أن أقول في الأذان : حيّ على خير العمل (4) .
   2 ـ أخبرنا أحمد بن عليّ بن العطّار ومحمّد بن الحسين بن عزال قراءة عليهما ، قالا : حدّثنا عليّ بن أحمد بن عمرو ، حدّثنا محمّد بن المنصور المقري ، حدّثني أحمد بن عيسى ، عن محمّد بن بكر ، عن أبي الجارود مثله (5) .
   3 ـ حدّثنا أحمد بن زيد بن يسار ، أخبرنا الحسن بن محمّد بن سعيد بن مسلم [ الرفّاء ] ، حدّثنا محمّد بن الحسن الأريسي(6) ، حدّثنا أحمد بن يحيى الصوفي ، حدّثنا مخول بن إبراهيم ، حدّثني محمّد بن بكر الأرحبي ، عن أبي

(1) جواهر الأخبار والآثار 2 : 191 .
(2) في تحقيق عزّان : النخّاس .
(3) الزيادة عن تحقيق عزّان : 51 ح 2 .
(4) الاعتصام بحبل الله 1 : 284 .
(5) علق عزّان : 51 ح 3 اخرجه محمد بن منصور في الامالي 1 : 196 ( 234 راب الصدع ) وفيه : امرني رسول الله ان اقول في الأذان حيّ على خير العمل ... وانظر : الاعتصام بحبل الله 1 : 284 .
(6) في تحقيق عزّان : الاويسي انظر : : 52 ح 4 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 221 ـ
  الجارود ، قال : حدّثني يحيى ـ شيخ من أصحابنا ـ عن رجل حدّثه عن أبي محذورة قال : أمرني رسول الله أن أقول في الأذان حيَّ على خير العمل (1) .
   4 ـ حدّثنا محمّد بن الحسين بن النحّاس قراءة ، حدّثنا عليّ بن العبّاس البجلي ، حدّثنا بكّار بن أحمد ، حدّثنا عثمان بن سعيد الأحول ، حدّثني هُذيل ابن بلال المدائني ، قال : سمعت [ ابن ] (2) أبي محذورة يقول : حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل ..    5 ـ حدّثنا (3) ـ أبو الطيب عليّ بن محمّد بن بنان ، حدثني أبو القاسم عبدالله بن جعفر بن محمّد النجّار الفقيه ، حدّثنا العبّاس بن أحمد بن محمود الرازي ـ قَدِم حاجِّاً في سنة ثلاث واربعين وثلاثمائه ـ حدّثنا أبو جعفر (4) أحمد بن محمّد بن سلامة الأزدي بمصر ـ يعني الطحاوي الفقيه ـ حدّثنا يونس بن بكر (5) ، حدثنا ابن وهب ، حدثني عثمان [ بن الحكم الجذامي (6) ، عن أبن جريج ، عن ابن أبي محذورة ، عن آل أبي محذورة ] (7) ، عن أبي محذورة ، قال : قال رسول الله : اذْهَبْ فأذِّن عند المسجد الحرام وقل : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أن محمّداً رسول الله ، أشهد أن محمّداً رسول الله ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ،

(1) الاعتصام بحبل الله 1 : 284 .
(2) من تحقيق عزّان : 54 ح 7 .
والاعتصام بحبل الله 1 : 284 ـ 290 .
(3) في الاعتصام 1 : 289 اخبرنا .
(4) في الاعتصام 1 : 289 أبو هند .
(5) في الاعتصام : بكير .
(6) في الاعتصام : الحرامي .
(7) الزيادة من تحقيق عزّان : 52 ح 5 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 222 ـ
  حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلاّ الله (1) .
   6 ـ وبهذا الإسناد عن ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : تأذين من مضى يخالف تأذينَهم (2) اليوم ، وكان أبو محذورة يؤذّن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأدركته أنا وهو يؤذن ، وكان يقول في أذانه بين الفلاح والتكبير حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل .
   وروى الإمام المؤيّد بالله في شرح التجريد من طريق أبي بكر المقري ، قال : حدّثنا الطحاوي الفقيه ، قال : حدّثنا أبو بكر ، قال : حدّثنا أبو عاصم ، قال : حدّثنا ابن جريج ، قال : حدّثنا عثمان بن السائبة (3) ، قال : أخبرني أبي ، عن عبدالملك بن أبي محذورة ، عن أبي محذورة مؤذن النبيّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اذْهَبْ فأذِّن في المسجد الحرام وقل : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ... إلى أن ذكر ( حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل ) (4) .
  وهو نفس

(1) في تحقيق عزّان : 53 زيادة ثمّ ارجع فمد صوتك بـ ( الله أكبر ) إلى أن تنتهي إلى الشهادتين ، ثمّ قل : حيَّ على الصلاة حيّ على الصلاة ، حيَّ على الفلاح ، حيَّ على الفلاح ، حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلاّ الله .
وهذه الزيادة موجودة في الاعتصام 1 : 289 كذلك ، وفي أول الأَذان تكبيرتان .
(2) في الاعتصام 1 : 289 : تاذينكم .
(3) في الاعتصام 1 : 280 : السائب .
(4) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 27 وما في مسند المؤيّد بالله موجود في معاني الآثار المطبوع ، إلا أنّه سقط منه لفظ ( حيّ على خير العمل ) وهو يعني أن المويّد لم يَرو الرواية عن كتاب الطحاوي وإنما رواها عن طريق أبي بكر المقري عن الطحاوي ، وقد تابعه العبّاس بن أحمد بن محمود الرازي كما هو مذكور ، ويقوّيه ما أورد الحافظ المرادي ( انظر : حيّ على خير العمل لمحمد سالم عزّان : 20 ) .
   والاعتصام بحبل الله 1 : 280 وفيه علمني رسول الله الأَذان كما اوذن الآن الله أكبر ، الله أكبر ، وذكر فيها الحيعلة الثالثة ، ثمّ قال : وذكره الهادي بلفظه في الاحكام والمنتخب ، وقال في المنتخب الذي صح لنا عن رسول الله هذا .. وروي في الشفا مثل هذا عن ابن ابي محذورة .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 223 ـ
  خبر الحافظ العلوي الا أنّ العلوي رواه عن طريق يونس بن بكر ، حدّثنا ابن وهب ، حدّثني عثمان بن الحكم المدائني ، عن ابن جريج .
   وقال الإمام يحيى بن حمزة من أئمّة الزيديّة في الانتصار : الحجّة التالية ما رواه محمّد بن منصور في كتاب الجامع بإسناده عن رجال مرضيّين ، عن أبي محذورة أحد مؤذّني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : أمرني رسول الله ...
   وقال الإمام محمّد بن المطهّر في المنهاج : وروِّينا أنّ أبا محذورة أمره النبيّ أن يقول ( حيَّ على خير العمل حيَّ على خير العمل ) .
   وروى الحافظ العلوي بإسناده عن طريق يحيى بن حميد الحِمّاني ، قال : حدّثنا أبو بكر بن عيّاش ، عن عبدالعزيز بن رفيع ، عن أبي محذورة ، قال : كنت غلاماً صبيّاً فأذّنت بين يدَي رسول الله لصلاة الفجر ، فلمّا انتهيت إلى حيّ على الفلاح ، قال النبيّ : ألحِقْ بها ( حيَّ على خير العمل ) (1) .

7 ـ الحسين بن عليّ بن أبي طالب ( ت 61 هـ )

   قال القاسم بن محمّد ـ وهو من أعلام الزيدية ـ : ذكر في كتاب السنام ما لفظه : الصحيح أنّ الأذان شُرِّع بحيّ على خير العمل ، لأنّه اتّفق على الأذان به يوم الخندق ، ولأنّه دعاء إلى الصلاة ، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : خير أعمالكم الصلاة ، وقد اتّفق أيضاً على أنّ ابن عمر والحسن والحسين عليهما السلام وبلالاً وجماعة من

(1) الأذان بحيّ على خير العمل تحقيق عزّان : 50 .
والاعتصام 1 : 283 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 224 ـ
  الصحابة أذّنوا به ، حكاه في شرح الموطا وغيره من كتبهم (1) .
   وقد روى الحافظ العلوي عن محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، أخبرنا محمّد بن أبي العبّاس الورّاق بحرانة ، حدّثنا محمّد بن القاسم ، حدّثنا حسن بن محمّد ، حدّثنا محمّد بن عليّ الكندي ، عن زكريا بن يحيى ، عن عبدالرحمن بن أبي حماد ، عن يوسف بن يعقوب ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أذاني وأذان آبائي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين : حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل (2) .

8 ـ زيد بن أرقم ( ت ما بين 66 إلى 68 هـ )

   حكى الشوكانيّ في نيل الأوطار ، عن المحبّ الطبري في إحكام الأحكام : أنّ زيد بن أرقم كان يؤذّن بحيّ على خير العمل (3) .

9 ـ عبدالله بن عبّاس ( ت ما بين 68 إلى 70 هـ )

   روى الحافظ العلوي عن محمّد بن طلحة الثعالبي (4) ببغداد ، حدّثنا محمّد ابن عمر الجعابي القاضي ، حدّثنا إسحاق بن محمّد ـ يعني ابن مروان ـ حدّثنا أبي ، حدّثنا زيد بن المعدلة (5) ، حدّثنا عبدالله بن نزار المرادي ، عن النعمان بن

(1) الاعتصام بحبل الله المتين 307 ـ 313 .
وانظر : الروض النضير 1 : 542 .
(2) الأذان بحيّ على خير العمل للحافظ العلوي : 54 ، وبتحقيق عزّان : 136 الحديث 171 ، وقد مر عليك في صفحة 319 ما جاء في الاعتصام عن الحسن والحسين وغيرهم من الطالبيين .
(3) نيل الاوطار 2 : 44 ، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة 5 : 283 .
(4) بتحقيق عزّان : النعالي .
(5) في تحقيق عزّان : المُعَدِّل .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 225 ـ
  قيس ، عن عبيدة السلماني ، قال : كان عليّ بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، وعقيل بن أبي طالب ، وابن عبّاس ، وعبدالله بن جعفر ، ومحمّد بن الحنفية ، يؤذنون إلى أن فارقوا الدنيا ، فيقولون : حيّ على خير العمل .. ويقولون : لم يَزَل في الأذان (1) .

10 ـ عبدالله بن عمر ( ت 73 وقيل 74 هـ )

   اختلفت الروايات عنه ، ففي بعضها أنّه كان يقول بحيّ على خير العمل دوماً ، وفي أخرى أنّه كان يقولها أحياناً أو في السفر خاصة .
  وقد وضّحنا في كتابنا وضوء النبيّ ( البحث الروائي ) سرّ مثل هذا الاختلاف في المرويّات ، وسيأتي مزيد توضيح إن اقتضى الأمر ، فأما الآثار الدالّة على تأذين ابن عمر بها دوماً ، فهي :
   1 ـ عن محمّد بن سيرين ، عن ابن عمر ، أنّه كان يقول ذلك في أذانه (2) .
   2 ـ وفي مصنّف عبدالرزّاق ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن رجل : انّ ابن عمر كان إذا قال في الأذان ( حيّ على الفلاح ) قال ( حيّ على خير العمل ) ثمّ يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله (3) .
   3 ـ وعن زيد بن محمّد ، عن نافع : أنّ ابن عمر كان إذا أذّن قال ( حيّ على خير العمل ) (4) .

(1) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 54 ، وتحقيق عزّان : 109 وفيه : لم تزل في الأذان .
(2) السنن الكبرى للبيهقي 1 : 425 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 308 .
(3) المصنف 1 : 460 / ح 1786 .
(4) الاعتصام بحبل الله 1 : 295 .