ابن أُذينة ، عن زرارة والفضيل بن يسار ، عن الإمام الباقر تحت عنوان ( أهل البيت وبدء الاذان ) .

18 ـ زيد بن عليّ ( ت 121 هـ )

   روى الحافظ العلوي من طريق طيبة بن حيان ، قال : كان زيد بن عليّ يأمر المؤذّن أن يقول في الأذان ( حيّ على خير العمل ) .
   ومن طريق يزيد بن معاوية بن إسحاق ، قال : كنا بجبّانة سالم وقد أَمِنَّا أهلَ الشام ، فأمر زيدُ بن عليّ معاويةَ بن إسحاق ، فقال : أذِّن بـ ( حيّ على خير العمل ) (1) .
   وروى زيد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، أنّه كان يقول في أذانه : ( حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل ) (2) .
   قال الحافظ أبو عبدالله محمّد بن عليّ بن الحسن بن عليّ في كتاب ( الأذان بحيّ على خير العمل ) : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن زيد بن بشارة قراءةً ، قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد ، حدّثنا الحسن بن محمّد الأوسي ، حدّثنا أحمد بن يزيد بن رشد ، حدّثنا أبو معمر سعيد بن جنتم (3) ، قال : سمعت زيد ابن عليّ يقول : إن عمر نحَّى من النداء في الأذان : ( حيّ على خير العمل ) وقد

(1) كتاب الأذان بحيّ على خير العمل ، بتحقيق عزّان : 37 الحديث 172 و 173 .
(2) مسند الإمام زيد : 83 .
(3) ما في المتن هو طبق نسخة الفضيل ، أما في تحقيق عزّان : حدّثنا أحمد بن زيد بن بشار البيسائي ، حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الرَّفاء ، حدّثنا محمد بن الحسن بن عبدالحميد بن محسن الأوسي ، حدّثنا أحمد بن رشد ، حدّثنا أبو معمر سعيد بن خثيم قال ...

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 252 ـ
  أبلغت العلماء أنّها كان يُؤَذَّن بها رسول الله حتّى قبضه الله عزّ وجلّ إليه ، وكان يؤذَّن بها لأبي بكر حتّى مات ، وطرفاً من ولاية عمر حتّى نهى عنها (1) .

19 ـ يحيى بن زيد بن عليّ ( ت 125 هـ )

   قال الحافظ العلوي ، أخبرنا محمّد بن الحسين النحاس قراءة ، حدّثنا عليّ بن العبّاس البجلي ، حدّثنا بكار بن أحمد الهمداني ، حدّثنا مخول بن إبراهيم ، عن محمّد بن بكر الأرحبي ، عن زياد ابن المنذر ، قال : حدّثني حسان ، قال : أذَّنت ليحيى بن زيد بخراسان فأمرني أن أقول ( حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل ) (2) .
   أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن عليّ بن العطار المقري ومحمّد بن الحسين بن غزال قراءةً عليهما ، قالا : حدّثنا عليّ بن أحمد بن عمرو الجنبي ، حدّثنا محمّد ابن منصور المقري ، حدّثني أحمد بن عيسى ، عن محمّد بن بكر ، عن أبي الجارود ، عن حسان ، قال : أذّنت ليحيى بن زيد بخراسان فأمرني أن أقول : ( حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل ) .
   أخبرنا عليّ بن محمّد بن بنان ، حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمّد الرفّاء ،

(1) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 83 وبتحقيق عزّان : 138 وانظر : مسند الإمام زيد : 93 ثمّ اخرج هذا الخبر برجاله ومعناه ، وفي أمالي أحمد بن عيسى : فأمرني أن أقول : ( حيّ على خير العمل ) .
(2) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 86 وبتحقيق عزّان : 144 وانظر : أمالي أحمد بن عيسى 1 : 97 الحديث 236 ، وعنه في الاعتصام بحبل الله 1 : 281 ، وللإمام المهدي محمد بن المطهّر الزيدي في المنهاج الجلي إسناد آخر لهذه الروايات فراجع .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 253 ـ
حدّثنا جعفر بن محمّد الحسني ، حدّثنا عيسى بن مهران ، حدّثنا مخول ، حدّثنا صباح المزني ، قال : أذّن رجل كان مع يحيى بن زيد بخراسان ، قال : ما زال مؤذّنهم ينادي بـ ( حيّ على خير العمل ) حتّى قتل (1) .

20 ـ محمّد بن زيد بن عليّ ، ( لم نقف على وفاته )

   قال الحافظ العلوي : حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، أخبرنا محمّد بن أبي العبّاس الورّاق في كتابه إليّ ، قال : حدّثنا محمّد بن قاسم بن وهيب ، عن أحمد بن مفضل ، عن محمّد بن زيد بن عليّ [ قال : تقول ] في الأذان مرتين : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلاّ الله أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أن محمّداً رسول الله أشهد أن محمّداً رسول الله ، حيّ على الصلاة حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح ، حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلاّ الله .
   حدّثنا عليّ بن محمّد بن بنان الشيباني ، أخبرنا عليّ بن الحسين بن يعقوب الهمداني ، حدّثني عليّ بن العبّاس ، حدّثنا قاسم بن وهيب ، حدّثنا أحمد بن مفضل ، قال : سألت محمّد بن زيد بن عليّ عن الأذان ، فقال : مرّتين مرّتين الله أكبر الله أكبر فذكر مثل ما قبله (2) .

21 ـ محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ( ت 135 هـ )

   روى الحافظ العلوي ، عن محمّد بن الحسين بن النخاس قراءة ، حدّثنا عليّ

(1) انظر : كتاب الأذان بحيّ على خير العمل : 87 .
(2) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 88 ، وبتحقيق عزّان : 146 ح 184 و 185 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 254 ـ
  ابن العباس ، حدّثنا بكار بن أحمد ، حدّثنا إسماعيل بن أبان ، عن غياث بن إبراهيم ، عن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه : أنّه كان يقول في أذانه : ( حيّ على خير العمل ) (1) .
   وجاء في كتاب الاعتصام بحبل الله : وفي شرح التجريد قال : والدليل على صحة ما أخبرنا به أبو العبّاس الحسني رضي الله عنه ، قال : أخبرنا عليّ بن الحسين الظاهري ، قال : حدّثنا محمّد بن محمّد بن عبدالعزيز ، قال : حدّثنا عباد ابن يعقوب ، قال : أخبرنا عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جده عليّ عليهم السلام قال : سمعت رسول الله يقول ( ان خير اعمالكم الصلاة ) وأمر بلالاً أن يؤذّن بحي على خير العمل (2) .
   قال الحافظ العلوي : أخبرنا أبي رضي الله عنه ، حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن المحدد العطار ، حدّثنا أبي ، حدّثنا الحسن بن يحيى العلوي ، حدّثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى بن عبدالله ، عن الحسين بن زيد ، قال : رأيت محمّد ابن عمر بن عليّ بن أبي طالب يؤذّن بحيّ على خير العمل (3) .

22 ـ إبراهيم بن عبدالله بن الحسن ( ت 145 هـ )

   قال الحافظ العلوي : حدّثنا عبدالله بن محمّد بن هشام ، وأبو القاسم ميمون ابن عليّ المقري ، قالا : أخبرنا إسحاق بن محمّد المقري ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك ، قال : حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، حدّثنا سالم الخزّاز ، قال : كان

(1) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 84 ، وصفحه 138 بتحقيق عزّان .
(2) الاعتصام 1 : 281 عن شرح التجريد .
(3) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 84 ، وصفحه 138 الحديث 175 بتحقيق عزّان .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 255 ـ
  إبراهيم بن عبد الله بن الحسن يأمر أصحابه إذ كانوا في البادية يزيدون في الأذان ( حي على خير العمل ) (1) .
   حدثنا الحسين بن محمد بن الحسن المقري ، حدثنا علي بن الحسين بن يعقوب الهمداني ، حدثنا علي بن إبراهيم بن وهيب القرشي ، حدثنا عباد عن سالم ، قال : كان إبراهيم بن عبد الله يأمرهم إذا كانوا في البادية أن يزيدوا في الأذان ( حي على خير العمل ) (2) .

23 ـ جعفر بن محمّد الصادق ( ت 148 هـ )

   روى الحافظ العلوي من طريق معاوية بن عمّار ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول في الأذان ( حي على خير العمل ) (3) .
   وفي الاعتصام بحبل الله عن كتاب الأذان : أخبرنا أبو العباس أحمد بن زيد ابن بشار ، وعلي بن محمد الشيباني ، قالا : حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد ابن مسلم ، حدثنا علي بن العباس وعلي بن سلامة ، حدثنا بكار بن أحمد ، حدثنا نصر بن مزاحم ، عن الثقة إبراهيم بن أبي يحيى ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام كان يقول لكل صلاة : حي على الفلاح ، حي على خير العمل (4) .
   ومن طريق عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ، قال : سألته عن الأذان ، فذكره وقال فيه ( حي على الفلاح حي على الفلاح ) ( حي على خير العمل حي على

(1) الاذان بحي على خير العمل ، للحافظ العلوي : 88 ، وبتحقيق عزان : 147 ح 186 .
(2) الأذان بحي على خير العمل ، للحافظ العلوي : 89 ، وبتحقيق عزان : 147 ح 187 .
(3) كتاب الأذان بحي على خير العمل : 85 .
(4) الاعتصام بحب الله 1 : 293 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 256 ـ
  خير العمل ) (1) .
   وقد روى هذا الخبر الشيخ الطوسي بإسناده عن النضر ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله [ الصادق ] في التهذيب (2) والاستبصار (3) .
   وعن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حماد بن عثمان ، عن إسحاق بن عمار ، عن المعلى بن خنيس ، قالت ، سمعت أبا عبد الله يؤذّن فقال : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ( صلى الله علية واله وسلم )أشهد أن محمداً رسول الله ( صلى الله علية واله وسلم )، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، حي على خير العمل حي على

(1) كتاب الأذان بحي على خير العمل : 85 .
وبتحقيق عزّان : 141 ، ثم قال الحافظ العلوي : وقد رى حديث الأذان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عليهما السلام جماعة قد تقدم أحاديثهم في باب علي بن الحسين .
   فاستغنينا عن إعادتها هنا ، منهم : هاني بن عمر بن علي بن أبي طالب ، وأبو مريم الأنصاري ، ومندل بن علي العثربي ، ويحيى بن العلي الرازي ، وغياث بن إبراهيم ، وسفيان بن السمط ، وعبد لله بن بكير ، وعمرو بن جميع ، وحصين بن مخارق ، وعبد الله بن سنان ، ومحمد بن المسلم ، وأبو العباس ، وتخالد بن إسماعيل المخزومي .
  ورواه عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه عن جدّه جماعة من الثقات منهم : حسن بن حسين المغربي ، ومخول بن إبراهيم ، وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، وإبراهيم بن محمد بن ميمون ، ومحمد بن عبيد النحاس ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وعبد الرحمن بن أبي حماد ، وغسماعيل بن أبان ، وجندل بن والف [ والق ] الثعلبي ، وجعفر بن محمد السدوسي ، وموسى بن داود وقتيبة بن سعيد .
(2) التهذيب 2 : 59 ح 209 .
(3) الاستبصار 1 : 305 ح 1133 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 257 ـ
  خير العمل ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله لا إله إلا الله (1) .
   وعن فضاله ، عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي وكليب الاسدي ، جميعاً عن أبي عبد الله أنّه حكى لهما الأذان وفيه : ( حي على خير العمل حي على خير العمل ) (2) .

24 ـ الحين بن عليّ صاحب فَخّ ( ت 169 هـ )

   كان الحسين يؤذن بها ويأمر أصحابه بالتأذين بها ، قال الحافظ العلوي : أخبرنا محمد بن الحسين بن النحّاس قراءة ، حدّثنا عليّ بن العباس البجلي ، حدثنا بكّأر ، حدّثنا عنترة بن حسين العصافي ، قال : كان حسين بن عليّ صاحب فخّ يقول في اذانه ( حي على خير العمل ) (3) .
   وروى أبو الفرج الاصفهاني خبر ( صاحب فخ ) مع الوالي العمري ، وفيه : ان الحسين بن علي ( صاحب فخ ) ويحيى بن عبد الله بن الحسن ( قتل سنة 175 هـ في حبس الرشيد ) .
   وسليمان بن عبد الله بن الحسن ( قتل بفخ سنة 169 هـ ) .
   وإدريس بن عبد الله بن الحسن ( ت 177 هـ بالمغرب ) .
   وعبد الله بن الحسن الافطس ( قتل ما بين 171 ـ 178 هـ ) .
   وإبراهيم بن إسماعيل طبابا .
   وعمر بن الحسن بن علي بن الحسن بن الحسين بن الحسن .
   وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن عليّ ( قتل بفخ

(1) الاستبصار 1 : 306 ح 1136 .
وانظر : التهذيب 1 : 61 ح 212 .
(2) انظر : التهذيب 2 : 60 ح 211 ، والاستبصار 1 : 306 ح 1135 .
(3) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 89 ، وبتحقيق عزّان : 148 ح 188 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 258 ـ
  169 هـ ) .
   وعبد الله بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب .
   وجّهوا إلى فتيان من فتيانهم ومواليهم فاجتمعوا .. ستة وعشرين رجلاً من ولد علي ، وعشرة من الحاج ، ونفر من الموالي ، فكانوا جميعاً وراء التأذين العلني بحيّ على خير العمل (1) .
   وسيأتي مزيد كلام عنه وما فعله بالوالي العمري بعد قليل (2) .

25 ـ موسى بن جعفر الكاظم ( ت 183 هـ )

   سيأتي بعد قليل (3) ما رواه الصدوق عنه في العلل عنه عليه السلام وأنّه أجاب محمّد بن أبي عمير عن العلة الظاهرة والباطنة لـ ( حي على خير العمل ) .

26 ـ علي بن موسى الرضا ( ت 203 هـ )

   روى الصدوق بإسناده عن الفضل بن شاذان فيما ذكره من العلل عن الرضا عليه السلام في الأذان بالخصوص ، وقال فيما قال : ... وإنّما هو نداء إلى الصلاة في وسط الأذان ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل ، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه (4) .
   وروى في العلل وفي عيون أخبار الرضا بأسانيد أخرى قوله ( إنّما هو نداء

(1) انظر : مفصل الخبر في الفصل الرابع ( حي على خير العمل تأريها العقائدي والسياسي ) ومقاتل الطالبيين : 443 / 447 .
(2) في الفصل الرابع ( حي على خير العمل ، تاريخها السياسي والعقائدي ) .
(3) في الفصل الثالث ( حي على خير العمل ، دعوة للولاية ةوبيان لاسباب حذفها ) .
(4) من لا يحضره الفقيه 1 : 300 ح 914 ، علل الشرائع 1 : 259 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 259 ـ
إلى الصلاة ، فجعل النداء إلى الصلاة في وسط الأذان ، فقدّم قبلها أربعاً : التكبيرتين والهادتين ، وأخّر بعدها أربعاً يدعو إلى الفلاح حثّاً على البرّ والصلاة ، ثم دعا إلى خير العمل مرغباً فيها وفي عملها وفي أدائها ، ثم نادى بالتكبير والتهليل ليتم (1) ...) .

27 ـ علي بن جعفر بن محمد بن علي ( ت 210 هـ )

   قال الحافظ العلوي : حدثنا أبي رضي الله عنه ، حدثنا محمد بن جعفر المقري ، حدثنا محمد بن الحسين الأسناني (2) ، حدثنا أحمد بن جناب ، عن علي بن جعفر بن محمد ، قال : قال في الأذان : ( حي على خير العمل ، حي على خير العمل ) (3) .

28 ـ أحمد بن عيسى ( ت 247 هـ )

   قال الحافظ العلوي : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن علي العطار البجلي ، ومحمد بن علي بن الحسين بن غزال الحارثي قراءةً عليهما ، قالا : حدثنا علي ابن أحمد بن عمرو الحسني (4) ، حدثنا محمد بن منصور المقري ، قال : سألت أحمد بن عيسى ، قلت : إذ أذّنت تقول : ( حي على خير العمل حي على خير العمل ) ؟ قال : نعم .

(1) علل الشرائع 1 : 259 / الباب 182 .
والنصّ نه ، عيون أخبار الرضا 2 : 104 ، علة تشريع لاأذان .
(2) في تحقيق عزان : الاشناني .
(3) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 89 ، وبتحقيق عزّأن : 149 .
(4) في تحقيق عزّأن : الجبان .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 260 ـ
   قلت : في الاذان والإقامة .
   قال : نعم ولكنّي أخفيها (1) .
   وأخرى : قلت لأحمد بن عيسى ، تقول إذا أذّنت ( حي على خير العمل ) ؟    قال : نعم .
   قلت : في الأذان والإقامة ؟    قال : نعم (2) .

29 ـ الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن عليّ ( ت 260 هـ )

   قال الحافظ العلوي : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عليّ بن الحسن الهذلي قراءةً ، حدثنا علي بن أحمد بن عمرو الحسني ، حدثنا الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي ، قال : أجمع آل رسول الله ( صلى الله علية واله وسلم )على أن يقولوا في الأذان والإقامة : ( حي على خير العمل ) وأن ذلك عندهم سنة .
  وقد سمعنا في الحديث أن الله سبحانه وتعالى بعث ملكاً من السماء إلى الأرض بالأذان وفيه ( حي على خير العمل ) .
   ولم يزل النبيّ ( صلى الله علية واله وسلم )يؤذّن بحيّ على خير العمل حتى قبضه الله ، وكان يُؤذَّن بها في زمن أبي بكر ، فلمّا ولي عمر قال : دعوا ( حي على خير العمل ) لئلّا يشتغل الناس عن الجهاد ، فكان أوّل من تركها (3)
   وبعد كلّ هذا نقول : لو صح النسخ فلماذا نرى إصرار بعض الصحابة

(1) الأذان بحيّ على خير العمل ، للحافظ العلوي : 90 ، وبتحقيق عزّأن : 149 الحديث 190 .
(2) المصدر السابق .
(3) الأذان بحي على خير العمل ، للحافظ العلوي : 91 ، وبتحقيق عزّأن : 150 الحديث 192 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 261 ـ
  والتابعين وكل أهل البيت على شرعيتها وضرورة الإتيان بها ؟
   وهل يصح أن ينسخ حكم ( حي على خير العمل ) ولا يعلمه عبد الله بن عمر وعلي بن الحسين وأبو أمامة بن سهل بن حنيف سنوات بعد رسول الله ، فلو كان ثمة نسخ لَمَا خَفِي عليهم ، وما معنى كلام الإمام علي بن الحسين : ( هذا هو الأذان الأول ) ؟ أليس المعنيّ به هو الأذان الأول قبل الترحيف ؟
   إنّ إجماع أهل البيت وتأذين بعض الصحابة بـ ( حي على خير العمل ) لَيؤكّد شرعيّة الإتيان بها وعدم نسخها .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 263 ـ
القسم الثالث
إجماع العترة

   مرّ عليك سابقاً في ( في تاذين الصحابة وأهل البيت ) أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول ويأمر مؤذّنه أن يقول : حي على خير العمل .
   والمدقق في حديث تشريع الأذان الذي رواه الإمام علي عن النبي يقف على جزئية ( حي على خير العمل ) فيه ، إذ جاء في حاشية الدسوقي ما نصه : ( كان علي يزيد حي على خير العمل بعد حي على الفلاح ، وهو مذهب الشيعة الآن ) (1) .
   ومعنى كلامه أنّه عليه السلام كان يأتي بأمر أعرض عنه الخلفاء ، وهو فعل أبنائه من بعده كذلك حتى استقرّت السيرة به عند الشيعة للاعتقاد بعدم الفصل بين فعل الإمام علي ومذهب الشيعة الآن ، لأنّ الشيعة يستقون فقههم وأحكامهم من الإمام علي وأبنائه المعصومين عليهما السلام .
   وقد روى الحافظ العلوي ( أبو عبد الله ) بإسناده عن عبيدة السلماني ، قال : كان علي بن أبي طالب ، والحسن ، ولاحسين ، وعقيل بن أبي طالب ، وابن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، ومحمد بن الحنفية يؤذنون إلى أن فارقوا الدنيا فيقولون بـ ( حي على خير العمل ) ويقولون : لم تزل في الأذان (2) .


(1) حاشية الدسوقي 1 : 193 .
(2) الأذان بحي على خير العمل : 109 الحديث 107 ، والاعتصام 1 : 294 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 264 ـ
  وعنه كذلك عن الإمام الباقر عليه السلام قوله :
   أذاني وأذان آبائي ـ علي ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ـ حي على خير العمل حي على خير العمل (1) .
   وجاء في معجم الأدباء لياقوت الحمودي في ترجمة عمر بن إبراهيم بن محمد المتوفى سنة 539 ـ من أحفاد الإمام زيد الشهيد ـ نقلاً عن السمعاني أنّه قال :
   وكان خشن العيش ، صابراً على الفقر ، قانعاً باليسير ، سمعته يقول : أنا زيدي المذهب ولكنّي أفتي على مذهب السلطان ـ يعني أبا حنيفة ـ إلى أن يقول السمعاني : وكنت ألازمه طول مقامي بالكوفة في الكور الخمس ، ما سمعت منه طول ملازمتي له شيئاً في الاعتقاد أنكرته ، غير أنّي كنت يوماً قاعداً في باب داره وأخرج لي شذرة من مسموعاته وجعلت أفتقد فيها حديث الكوفيين فوجدت فيها جزاءاً مترجماً بتصحيح الأذان بحي على خير العمل ، فأخذته لأطالعه ، فأخذه من يدي وقال : هذا لا يصلح لك ، له طالب غيرك ، ثم قال : ينبغي للعالم أن يكون عنده كل شي ، فإنّ لكلّ نوع طالباً (2) .
   فلو جمعت هذا النص مع الذي مر عليك من كلام أنّ زيداً كان يأمر مؤذنه بالحيعلة الثالثة عندما يأمن أهل الشام ، وما مرّ من أنّ يحيى بن زيد كان يأمر مؤذنه بها أيام ثورته بخراسان ، وما مرّ من كلام إبراهيم بن عبد الله بن الحسن وأنه كان يأمر أصحابه ـ غذا كانوا بالبادية ـ أن يزيدوا في الأذان حي على خير العمل (3) .

(1) مقدمة الأذان بحي على خير العمل لعزّان : 18 .
(2) معجم الأدباء 15 : 259 .
(3) حي على خير العمل بتحقيق عزّان : 147 ح 186 و 187 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 265 ـ
  وما قاله أحمد بن عيسى في جواب من سأله عن التأذين بحيّ على خير العمل ؟
   قال : نعم ، ولكن أُخفيها (1) .
   فلو جمعت هذه النصوص بعضها إلى بعض لوقفت على الظروف التي كان يعيشها الطالبيون ، وهي ظروف لم تكن مؤاتية لإبداء آرائهم ، حتى ترى عمر ابن إبراهيم رغم كونه زيدياً يفتي على مذهب السلطان ، لأن الفقه السائد يومئذ كان فقه أبي حنفية ، فلا يرتضي أن يطّلع السمعاني على الجزء المصحّح بالأذان بحيّ على خير العمل ، فيأخذه منه ويقول له : ( هذا لا يصلح لك ، وله طالب غيرك ) ثمّ يعلل سر وجود مثل هذه الكتب والأجزاء مصحّحة عنده بأنّه ينبغي ( للعالم أن يكون عنده كلّ شيء ، فإن لكل نوع طالباً ) لأن عمر بن إبراهيم كان يعرف السمعاني واهتماماته ، وقد أشار السمعاني نفسه ÷إلى توجهاته الشخصية بقوله ( ... وجعلت أفتقد فيهاه حديث الكوفيين فوجدت ... ) وفي هذا كفاية لمن أراد التعرف على ملابسات التشريع وما دار بين الكوفة والشام والحجاز و .. من التخالف والتضاد .
   هذا شيء عن ملابسات ( حي على خير العمل ) ، وهي تدلّ على دور الحكومة بعدم التأذين بها .
   والآن مع أقوال بعض العلماء عن إجماع العترة على التأذين بحيّ على خير العمل .
   قال الشوكاني في نيل الأوطار : ( ... والتثويب زيادة ثابتة فالقول بها لازم ، والحديث ليس فيه ذكر ( حي على خير العمل ) ، وقد ذهبت العترة إلى إثباته وأنّه بعد قول المؤذّن ( حي على خير العمل ) ، قالوا : يقول مرّتين : حي على خير

(1) حي على خير العمل بتحقيق عزّأن : 150 ح 190 وأخرجه محمد بن منصور في الامالي [ لابن عيسى ] 1 : 194 رقم 237 قال سألت أحمد ... الخ .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 266 ـ
   العمل ، ونسبه المهديّ في البحر إلى أحد قولي الشافعي ، وهو خلاف ما في كتب الشافعية ، فإنّا لم نجد في شيء منها هذه المقالة (1) ، بل خلاف ما في كتب أهل البيت (2) .
   قال في الانتصار : إن الفقهاء الأربعة لا يختلفون في ذلك ، يعني في أنّ ( حي على خير العمل ) ليس من ألفاظ الأذان ، وقد أنكر هذه الرواية الإمام عزّ الدين في شرح البحر وغيره ممّن له اطلاع على كتب الشافعيّة .
   ( احتج القائلون بذلك ) بما في كتب أهل البيت ـ كامالي أحمد بن عيسى ، والتجريد ، والأحكام ، وجامع آل محمد ـ من إثبات ذلك سنداً إلى رسول

(1) يؤيّد صحّة كلام المهدّي ما قاله القاسم بن محمد بن علي نقلاً عن وضح المسائل للمقري ( قد ذكر الروياني أنّ للشافعي قولاً مشهوراً بلاقول به ) ، وما قاله الشافعي عن التثويب وأنّه لم يثبت عن أبي محذورة .
   ولو جمعنا هذين القولين وضممنا أحدهما إلى الآخر لاتّضح لنا ما نريد قوله من الملازمة وعدم الفصل بين القول ( بحي على خير العمل ) وعدم القول ( بالصلاة خير من النوم ) ، وكذا العكس ، إذ قد ثبت عن ابن عمر تأذينه بـ ( حيّ على خير العمل ) وكراهيته للتثويب ، ومثله الأمر بالنسبة إلى الإمام علي ، فالقائل بشرعية ( حي على خير العمل ) لا يقبل شرعية ( الصلاة خير من النوم ) ، والقائل بشرعية ( الصلاة خير من النوم ) ينكر شرعية ( حي على خير العمل ) ، فإنكار الشافعي للتثويب يرجع المنسوب إليه من القول بـ ( حي على خير العمل ) .
  هذا وقد اشار الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى ( المتوفى 840 هـ ) في البحر الزخار 2 : 191 إلى أنّ أخير قولي الشافعي هو القول بالحيعلة الثالثة وذلك بعد أن اشار إلى إجماع العترة بذلك فقال : ( .. العترة جميعاً وأخير قولي الشافعي حيّ على خير العمل ) فتامل .
(2) هذا قصور أو تقصير من الشوكاني ، فقد عرفت إجماع العترة على التأذين بـ ( حي على خير العمل ) ، وكان ينبغي له أن يحقّق في المسألة قبل أن يقط برأيه هذا .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 267 ـ
  الله ( صلى الله علية واله وسلم ) .
   قال في الأحكام : وقد صحّ لنا أنّ ( حي على خير العمل ) كانت على عهد رسول الله يؤذّن بها ، ولم تطرح إلّا في زمن عمر ، وهكذا قال الحسن بن يحيى ، روي ذلك عنه في جامع آل محمّد .
   وبما أخرج البيهقي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أنّه كان يؤذّن بحيّ على خير العمل أحياناً .
   وروى فيها عن عليّ بن الحسين أنّه قال : هو الأذان الأوّل .
   وروى المحبّ الطبري في أحكامه عن زيد بن أرقم أنّه أذّن بذلك .
قال المحب الطبري : رواه ابن حزم ورواه سعيد بن منصور في سننه عن أبي أمامة ابن سهل البدري ، ولم يَرِو ذلك من طريق غير أهل البيت مرفوعاً ، وقول بعضهم : وقد صحّح ابن حزم والبيهقي والمحبّ الطبري وسعيد بن منصور ثبوت ذلك على عليّ بن الحسين ...) (1) .
   توجاء في كتاب الاعصام بحبل الله : ... وفي الجامع الكافي : قال الحسن بن يحيى بن الحسين [ بن زيد المتوفّى 260 ] : أجمع آل رسول الله على أن يقولوا في الأذان والإقامة ( حيّ على خير العمل ) وأن ذلك عندهم سنّة ، قال : وقد سمعنا في الحديث أنّ الله سبحانه بعث ملكاً من السماء إلى الأرض بالأذان ، وفيه : حيّ على يخر العمل .. ولم يزل النبيّ ( صلى الله علية واله وسلم )يؤذن بحيّ على يخر العمل حتى قبضه الله إليه ، وكان يؤذّن بها في زمان أبي بكر ، فلما وَلِيَ عمر قال : دعوا حيّ على خير العمل لا يشتغل الناس عن الجهاد ، وكان أوّل من تركها (2) .
   وقال الاستاذ عزّان في مقدمة كتاب ( الأذان بحيّ على خير العمل ) : ... وقال

(1) نيل الاوطار 2 : 43 ـ 44 .
(2) الاعتصام بحبل الله 1 : 278 عن الجامع الكافي مخطوط .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 268 ـ
  الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني ( المتوفى 411 هـ ) : ومذهب يحيى ت يعني الهادي ـ وعامة أهل البيت التأذين بحيّ على يخر العمل (1) .
   وقال القاضي زيد بن محمّد الكلاري ـ وهو من أتباع المؤيد با لله ولم يعاصره ـ : التأذين به ـ أي بحيّ على خير العمل ـ إجماع أهل البيت لا يختلفون فيه ، ولم يرد عن أحد منهم منعه وإنكاره ، وإجماعهم عندنا حجّة يجب اتّباعها (2) .
   وقال الإمام محمد بن المطهر المتوفى 728 هـ : ويؤذن بحيّ على خير العمل ، والوجه في ذلك اجماع أهل البيت (3) .
   وقال العلامة صلاح بن أحمد بن المهيد المتوفى 1048 هـ أجمع أهل البيت على التأذين بحيّ على خير العمل (4) .
   وقال العلامة الشرفي المتوفى 1055 : وعلى الجملة فهو ـ أي الأذان بحيّ على خير العمل ـ إجماع أهل البيت ، وإنّما قطعه عمر (5) .
   وقال العلامة المحقق الحسن بن أحمد الحلال المتوفى 1084 هـ ـ بعد أن ذكر اتفاق العترة على التأذين بحيّ على خير العمل ـ : وإجماع العترة

(1) شرح التجريد مخطوط .
(2) شرح القاضي زيد لتحرير مخطوط .
(3) المنهج الحلي شرح منسد الإمام زين بن علي 1 : 77 مخطوط .
(4) شرح الهداية : 294 .
(5) ضياء ذوي الابصار مخطوط 1 : 61 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 269 ـ
  وعليّ عليهم السلام ، وهما معصومان عن تعمد البدعة (1) .
   وقال شيخنا (2) السيّد العلامة مجد الدين حفظه الله : وقد صحّ إجماع أله البيت عليهم السلام على الأذان بحي على خير العمل (3) .
   وذكر في أمالي أحمد بن عيسى : ذهب آل محمد أجمع إلى أثبات حيّ على خير العلم مرّتين في الأذان بعد حيّ على الفلاح .
   وفي شرح الأزهار : ومنهما : حيّ على خير العمل ، يعني أنّ من جملة ألفاظ الأذان والإقامة حي على خير العمل ، للأدلّة الواردة المشهورة عند أئمة التعترة وشيعتهم وأتباعهم وكثير من الأمّة المحمديّة التي شحنت بها كتبهم .
   قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسن في الأحكام : وقد صحّ لنا أن حيّ على خير العمل كانت على عهد رسول الله يؤذّنون بها ، ولم تطرح إلّا في زمن عمر بن الخطاب ـ فإنه أمر بطرحها قال : أخاف أن يتّكل الناس عليها ويتركوا الجهاد ، وفي المنتخب : وأمّا ( حي على خير العمل ) فلم تزل على عهد رسول الله حتى قبضه الله ، وفي عهد أبي بكر حتّى مات ، وانما تركها عمر وأمر بذلك فقيل له : لم تركتها ؟ فقال : لئلا يتّكل الناس عليها ويتركوا الجهاد (4) ، انتهى ما قاله عزّان .
   وقال الصنعاني : إن صحّ إجماع أهل البيت ـ يعين على شرعية حيّ على خير

(1) ضوء النهار 1 : 469 .
(2) الكلام لعزّان .
(3) المنهج الاقوم في الرفع والضم : 35 .
(4) الأحكام 1 : 84 ، شرح الازهار 1 : 223 ، البحر الزخار 2 : 191 ، الأذان للعلوي بتحقيق عزّأن : 153 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 270 ـ
  العمل ـ فهو حجة ناهضة (1) .
   وقال المقبلي عن أئمة الزيدية ، ولو صح ما ادعي من وقوع إجماع أله البيت في ذلك لكان أوضح حجّة (2) .
   ونحن في الفصل الرابع ( حي على خير العمل وتاريخها العقائدي والسياسي ) من هذا الباب سنوكّد هذا الإجماع عند أهل البيت ، وعند الشيعة بفرقها الثلاث ، ونوضح سير هذه المسألة وكيف صارت شعاراً لنهج التعبد المحض في العصور المتأخرة بعد أن اُذّن بها على عهد رسول الله ( صلى الله علية واله وسلم )، وكيف صار حذفها وإبدالها بـ ( الصلاة خير النوم ) شعاراً لخصومهم ، وهو دليل قوي على ما نريد قوله من وقع الملابسات في هذه الشعيرة الإسلامية .
   موكّدين بأنّا ببيانا لهذه الأقسام الثلاثة أردنا أن نوضح وجهة نظرنا في جزئية هذا الفصل من فصول الأذان ، ولا نريد أن نحكّم آراءنا فوق كلام الباري وأقوال الرسول كما يفعله بعض متعصبي المذاهب الذين يرجّحون كلام إمام مذهبهم على القرآن والسنة المطهرة ، مثل ما فعله الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين إذ قال :
   ( ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة ولو وافق قول الصحابة ، والحديث الصحيح ، والآية ، فالخارجُ عن المذاهب الأبعة ضالٌّ مضلٌّ ، وربّما أدّاه ذلك للكفر ، لأنّ الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر ) (3) .


(1) هذا ما حكاه عزّان في كتابه ( حي على خير العمل بين الشرعية والابتداع ) : 68 عن كتاب منحة الغفار المطبوع بهامش ضوء النهار .
(2) انظر : مقدمة الأذان بحيّ على خير العمل لعزّان : 17 .
(3) حاشية الصاوي على تفسير الجلالين 3 : 10 ط دار احياء التراث العربي ، وقد رد الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي القاضي الأول بالمحكمة الشرعية بدولة قطر على كلام الصاوي في كتاب أسماه ( تنزيه السنة والقرآن عن كونهما مصدر الضلال والكفران ) هذا ما قاله العلّامة الخليلي مفتي سلطنة عمان في كتابه الحق الدامغ : 10 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 271 ـ
   يستبين ممّا سبق أنّ الشيعة لم ينفردوا بهذا القول ، بل هناك نقول عن الشافعي وبعض الأعلام في القول بجزئية ( حي على خير العمل ) .
   ومن المفيد أن نقف قليلاً عند هذا الأمر لنؤكد على صحة ما قلناه من أنّ هذا الفصل ( حي على خير العمل ) كان جزءاً من الأذان على عهد رسول الله إذ أمر النبيّ مؤذّنه بالتأذين به ، لكن المقدرات السياسية بعد رسول الله ( صلى الله علية واله وسلم )شاءت محوه وإزالته .
   ومما يؤيد قولنا هذا ما قاله القاسم بن محمد بن عليّ نقلاً عن ( توضيح السمائل ) لعماد الدين يحيى بن محمد بن حسن بن حميد المقرئ ما لفظه : ومنها غثبات حي على خير العمل ، قال : رواه الإمام المهدي أحمد بن يحيى في بحره عن أخير قولَي الشافعي قال : وقد ذكر الروياني أنّ للشافعي قولاً مشهوراً بالقول به .
وقد قال كثير من علماء المالكية وغيرهم من الحنفية والشافعية إنّه كان ( حي على خير العمل ) من ألفاط الأذان .
   قال الزركشي في كتابه المسمى بالبحر ما لفظه :
   ( ومنها ما الخلاف فيه موجود [ في المدينة ] كوجوده في غيرها ، وكان ابن عمر ـ وهو عميد أهل المدينة ـ يرى إفراد الاذان ويقول فيه ( حي على خير العمل ) انتهى بلفظه (1) .
   إلى أن قال القاضي يحيى بن محمد بن حسن بن حميد [ المقري ] : فصحّ ما رواه الروياني أنّ للشافعي قولاً مشهوراً في إتيان ( حي

(1) الاعتصام بحبل الله المتين 1 : 307 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 272 ـ
  على خير العمل ) (1) .
   وفي الروض النضير : وقد قال كثير من علماء المالكية وغيرهم من الحنفية والشافعية أنّه كان ( حي على خير العمل ) من ألفاظ الأذان (2) .
   وفي الاعتصام بحبل الله : وروى الإمام السروجي عن شرح الهداية للحنفية أحاديث ( حي على خير العمل ) بطرق كثيرة (3) .
   وبعد هذا اتضح سقم ما انفرد به أله السنة والجماعة من القول بكراهة الإتيان بحيّ على خير العمل في الأذان ، لأنّ فعل ابن عمر وإن قلنا بعدم دوامه فهو بيان لجواز الإتيان بها ، وفعل أبي أمامة بن سهل بن حنيف يؤكد جزئيتها وأنّها كانت على عهد النبي ( صلى الله علية واله وسلم )وكذا تاذين الإمام عليّ وعليّ بن الحسين ، فهو دليل على مشروعية هذا الفصل ، ويضاف إليها أقوال العلماء فإنها تدل في أقل التقادير على عدم حرمة الإتيان بها .
   ففي كتاب ( الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر ) على هامش

(1) الاعتصام بحبل الله 1 : 308 .
(2) الروض النضير 1 : 542 .
(3) الاعتصام 1 : 311 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 273 ـ
  يواقيت الجاهر للشعراني ، التصريح بعدم الكراهية ، قال فيه [ أي الشيخ الأكبر في الفتوحات المكية ] : ما عرفت مستند من كره قول المؤذن ( حي على خير العمل ) فإنّه روي أنّ رسول الله ( صلى الله علية واله وسلم )أمر بها يوم حفر الخندق ...
   وحكى الشيخ فخر الدين التلمساني عن صاحب ( حاشية منهية ) من علماء الهند ، إنّ ابن تميمة زعم في منهاجه على بدعة ( حي على خير العمل ) في الأذان ، فهذا تشدّد منه نحن لا نوافق معه في ذلك (1) .
   وقال مهمّش مراتب الإجماع ما هذا نصه : فلا يكون هذا : حيّ على خير العمل ـ بدعة الروافض كما يزعم ابن تيمية (2) .
   وبهذا عرفت أنّ ( حي على خير العمل ) فصل قد أُذِّن به على عهد رسول الله ( صلى الله علية واله وسلم )وعمل به الصحابة وأهل البيت ، وذهب بعض الأعلم إلى شرعيته وعدم كراهة الإتيان به .
   نعم ، إنّ أتباع النهج الحاكم تركوه ، ولم يرووا فيه إلّا القليل ، وقالوا عن الموجود أنّه قد نسخ ؟!
   هذا وقد تمخض من كل ما سبق أُمور :
   1 ـ اتفاق الفريقين على أصل شرعيتها في عهد رسول الله ( صلى الله علية واله وسلم )، وانفراد أهل السنة والجماعة بدعوى النسخ ، وقد تحدى السيّد المرتضى أن يأتوه بالناسخ ، بقوله :
   وإنّما ادعي أنّ ذلك نُسخ ورفع ، وعلى من ادعى النسخ الدلالة وما يجدها .
   2 ـ ذكرنا في القسم الثاني الدليل الثاني من أدلّتنا على زئية الحيعلة الثالثة وهو فعل الصحابة وأهل البيت ، فذكرنا فيه اسم ثلاثين شخصاً أذّنوا بـ ( حيّ

(1) حاشية منهية : 2 .
انظر : كلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية 4 : 165 .
(2) مراتب الاجماع لابن حزم : 27 ، انظر : منهاج السنة النبوية 6 : 293 ـ 294 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 274 ـ
  على خير العمل ) من الصحابة والتابعين وأهل البيت .
   3 ـ إجماع العترة واتفاق الشيعة بفرقها الثلاث على الحيعلة .
   4 ـ واخيراً ختمنا الكلام عن جزئية الحيعلة الثالثة بما حكي عن الشافعي وبعض الاعلام من القول بجزئيتها .
وسوف نُثبت لاحقاً ـ إن شاء الله ـ وجود ملازمة بين القول بـ ( حي على خير العمل ) وعدم القوب بـ ( الصلاة خير من النوم ) ، لأنّ القائل بشرعية أحدهما لا يقول بشرعية الآخر .
   وحيث ثبت عن الشافعي رجوعه ـ في أواخر أيام حياته ـ عن التثويب لعدم ثبوت صحة حديث أبي محذورة عنده يرجح المنسوب من القول بـ ( حي على خير العمل ) إليه ، ومثله الكلام عن مالك وغيرهم من الأحناف والمذاهب الأخرى .


الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 275 ـ