فيما نذكره مما يحمله صحبته من الكتب التي تعين على العبادة وزيادة السعادة، وفيه فصول :
الفصل الأول :
في حمل المصحف الشريف ، وبعض مايروى في دفع الأمر المخوف .
روينا في كتاب ( السعادات) عن الصادق عليه أفضل الصلوات في سورة المائدة قال : (من كتها وجعلها في ربعة أو صندوق ، أمن من أن يؤخذ قماشه ومتاعه ، وأن يسرق له شيء ، ولو كان قماشه وماله على قارعة الطريق حرس عليه بحول الله وقوته ولطفه وقدرته ، وإذا شربها الجائع أو العطشان شبع وروي ولم يضره عدم الخبز والماء بقدرة الله عز وجل ).
ومن ذلك في رواية أخرى عن الصادق عليه السلام في سورة المائدة : ( من كتبها وجعلها في قماشه أمن عليه من السرقة والتلف ، ولم يعدم شيئا ، وعوفي من الأوجاع والاورام ) .
ومن ذلك في سورة مريم عليها السلام عن الصادق عليه السلام : ( من كتبها وجعلها في منزله ، كثر خيره ورزقه ).
ومن ذلك في سورة الزخرف ، عن الصادق عليه السلام : ( من كتبها وحملها أمن من شركل ملك ، وكان محبوباً عند الناس أجمعين ، وماؤها ينفع شاربه من انفصام البطن
(1) ويسهل المخرج ).
ومن ذلك في سورة الجاثية، عن الصادق (عليه السلام ): ( من كتبها وحملها أمن ، في نومه وفي يقظته كل محذور ، وإذا جعلها الانسان تحت رأسه كفي شرح كل طارق من الجان ).
ومن ذلك في سورة محمد صلوات الله عليه وآله عن الصادق عليه السلام : (من كتبها وحملها في وقت محاربة أو قتال فيه خوف أمن ذلك ، وفتح عليه باب كل خير، ومن شرب ماءها سكن عنه الرعب والزحير ، وقراءتها عند ركوب البحر منجاة
(2) من
--------------------------------
(1) إنفصام البطن : الإمساك . انظر( الصحاح _ فصم _ 5: 2002) .
(2) في ( ش): نجاة.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 90 _
الغرق ).
ومن ذلك في سورة عبس ، عن الصادق عليه السلام: (من كتبها في رق بياض ، وجعلها معه حيث ما توجه، لم ير في طريقه إلا خيراً، وكفي غائلة طريقه تلك بإذن الله تعالى).
أقول : فإذا كان من فضائل هذه السور المعظمات ، ما تضمنته الرواية من الأمان والسعادات ، فان حمل المصحف الكريم جامع لفوائد حملها وشرف فضلها .
الفصل الثاني :
إذا كان سفره مقدار نهار، وما يحمل معه من الكتب للاستظهار .
ينبغي أن يحمل معه لنهاره في أسفاره ، كتاب ( الأسرار المودعه في
(1) ساعات الليل والنهار) فإن فيه ما يحتاج إليه لدفع الاخطار.
الفصل الثالث :
فيما نذكره إن كان سفره يوماً وليلة ونحو هذا المقدار، وما يصحبه للعبادة والحفظ والاستظهار .
يصحب معه كتابنا في عمل اليوم والليلة المسمى كتاب (فلاح السائل ونجاح المسائل) وهو مجلدان الأول منهما من حيث تزول الشمس إلى أن ينام بالليل ، والثاني من حيث يستيقظ لصلاة الليل _ أو لغير الصلاة بالليل _ إلى أن تزول الشمس ، ففيهما من العبادات والدعوات ما هي كالعوذ الواقية من المحذورات .
الفصل الرابع :
فيما نذكره إن كان سفره مقدار أسبوع أو نحو هذا التقدير وما يحتاج أن يصحب معه للمعونة على دفع المحاذير.
ينبغي أن يصحب معه كتابنا الذي صنفناه وسميناه (زهرة الربيع في أدعية الأسابيع) فإن فيه من الدعوات ، ما هي كالعدة الدافعة للمحذورات . ويصحب معه كتابنا المسمى (جمال الاسبوع في كمال العمل المشروع ) فإن فيه من المهمات والصلوات والعبادات ، ما هو أمان في الحضر وأوقات الأسفار المخوفات .
الفصل الخامس :
فيما نذكره إن كان سفره مقدار شهر على التقريب .
فيصحب معه كتابنا الذي سميناه ( الدروع الواقية من الأخطار فيما يعمل في الشهر كل يوم على التكرار ) فإنه قد اشتمل على مائة وعشرين فصلاً مما يحتاج الإنسان
--------------------------------
(1) في ( ش) زيادة : معرفة.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 91 _
إليه في حضوره وأسفاره ، لدفع أكدار الوقت وأخطاره ، وفيه ضمان عن الصادق صلوات الله عليه لسلامة من عمل به واعتمد عليه .
الفصل السادس :
فيما نذكره لمن كان سفره مقدار سنة أو شهور، وما يصحب معه لزيادة العبادة والسرور ودفع المحذور.
ينبغي أن يصحب معه كتبنا في عمل السنة، منها كتاب عمل شهر رمضان ، واسمه كتاب (المضمار)، وكتاب (التمام لمهام شهر الصيام) وكتاب (الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة) وهما مجلدان الأول من شهر شوال وإلى آخر ذي الحجة، والثاني من شهر محرم والى آخر شهر شعبان ، فإنهما قد تضمنا من مهمات الإنسان ، ما هو كالفتح لأبواب الأمان والإحسان ، ودفع محذورات الأزمان .
الفصل السابع :
فيما يصحبه أيضا في أسفاره من الكتب لزيادة مساره ، ودفع أخطاره .
وينبغي أن يصحب معه كتابنا المسمى ( المنتقى في العوذ والرقى) فإن فيه ما يمكن أن يحتاج الإنسان إليه عند الأمراض ، والحوادث التي لا يأمن المسافر هجومها عليه .
أقول : وربما ألحقنا في آخر هذا الكتاب كتاب ابن زكريا الذي سماه (برء ساعة) وسماه (الكناش) فهو نحو خمس قوائم
(1)، وذكرنا قبله أو بعده بعض المهمات ، للأمراض الحادثات ، والتداوي بالأمور الإلهيات ، إن شاء الله تعالى .
أقول : ولما احتاج الإنسان في أسفاره ، إلى كتاب مروح لأسراره ، مثل كتاب (الفرج بعد الشدة) وكتاب (المنامات الصادقات) وكتاب (البشارات بقضاء الحاجات على يد الأئمة _ عليهم السلام _ بعد الممات) ويصحب معه كتاب (الإهليلجة) وهو كتاب مناظرة مولانا الصادق عليه السلام للهندي ، في معرفة الله _ جل جلاله _ بطرق غريبة عجيبة ضرورية، حتى أقر الهندي بالإلهية والوحدانية. ويصحب معه كتاب المفضل بن عمر الذي رواه عن الصادق عليه السلام ، في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي وإظهار أسراره ، فإنه عجيب في معناه . ويصحب معه كتاب (مصباح
--------------------------------
(1) قوائم : جمع قائمة، ويعني المؤلف بها الورقة .
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 92 _
الشريعة ومفتاح الحقيقه) عن الصادق عليه السلام ، فإنه كتاب لطيف شريف في التعريف بالتسليك إلى الله _ جل جلاله _ والإقبال عليه ، والظفر بالأسرار التي اشتملت عليه .
فإن هذه الثلاثة كتب تكون مقدار مجلد واحد، وهي كثيرة الفوائد، وإن تعذرت هذه الكتب عليه ، فليصحب معه من أهل العلوم الربانية، من يسر بمحادثته في الامور الدينية والدنيوية .
الفصل الثامن :
فيما نذكره من صلاة المسافرين ، وما يقتضي الاهتمام بها عند العارفين .
نذكرذلك على الجملة دون التفصيل ، لأن شرح ذلك قد ذكرناه في كتاب عمل اليوم والليلة ، المسمى كتاب (فلاح السائل ونجاح المسائل ).
فنقول : إن الذي يسافر في طاعة الله _ جل جلاله _ والعمل بمقدس إرادته ، قد خفف عنه _ جل جلاله _ من الصلاة، لعلمه _ جل جلاله _ بضعف الإنسان وقصور همته ، فيصلي الظهر ركعتين ، والعصر ركعتين ، وصلاة المغرب ثلاث ركعات _ كما كان يصليها في الحضر_ وعشاء الآخرة ركعتين ، والصبح ركعتين .
وأما صفة ما يصليه منها ركعتين ، فكما كان يصليها للركعتين الأوليين في الحضر، ويزيد عليهما أنه يسلم في التشهد الأول ، ويأتي من تعقيب كل صلاة منها بما يتهيأ له ، وقد ذكر في كتاب (فلاح السائل) المهم من تعقيب الصلوات.
وأما النوافل فيسقط عنه منها نوافل الزوال ، ونوافل العصر، ولعل ذلك لأنه وقت المسير والسلوك في الطرقات . ويصلي نوافل المغرب ، وما شاء من النوافل المروية بين العشائين وبعدهما ونافلة الليل ، على عادته في الحضر، ويهتم بخلاص نفسه من كل خطر .
أقول : وإياه أن يأتي بفرائضه في الأسفار على عجلة تقتضي ترك الاستظهار، فإن الإنسان إذا فعل ذلك ، كان كرجل عليه لسلطان أربعة وعشرون دينارا ، فرحمه فخفف عنه عشرين وقنع منه بأربعة دنانير، فكيف يحسن في العقل والنقل ومكافأة التخفيف ، أن يأتي بأربعة دنانير ناقصة العيار وقيمتها دون المقدار ! وإنما قلنا ذلك ، لأن نوافل الزوال ثمان ركعات ، وكانت الظهر في الحضر أربع ركعات ، ونوافل العصر ثمان
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 93 _
ركعات والعصر أربع ركعات ، فهذه أربع وعشرون ركعة، فقنع الله _ جل جلاله _ منها بأربع ركعات : الظهر ركعتان ، والعصر ركعتان ، فكيف يأتي بها على النقصان !
أقول : وإياه أن يشتبه الأمر عليه في القصد بأسفاره ، فيسافر بالطبع والطمع والشهوات والأمور الدنيويه، فيعتقد أن هذا طاعة الله _ جل جلاله _ ويقصر في صلاته وهو بهذه النية . وإياه أن يكون في جملة قصده بسفره الذي ظاهره طاعة مولاه ، وهو عازم أن يعصي الله _ جل جلاله _ في شيء آخر بالسفر لفوائد دنياه ، فتصير اطاعة معصية وإضاعة، ولا يصح له التقصير في صلاته، فلا يغالط نفسه ، فإن الله _ جل جلاله _ مطلع على إرادته.
الفصل التاسع :
فيما نذكره مما يحتاج إليه المسافر من معرفة القبلة للصلوات ، نذكر منها ما يختص بأهل العراق فإننا الآن ساكنون بهذه الجهات .
فنقول : ان كان الإنسان يريد معرفة القبلة لصلاة الصبح، فيجعل مطلع الفجر في الزمان المعتدل عن يساره ، فتكون القبلة بين يديه، وإن كان يريد القبلة لصلاة الظهر أو صلاة غيرها ، فإذا عرف الافق الذي طلعت منه الشمس فيجعله عن يساره ، ويستقبل وسط السماء، فإذا رأى عين الشمس على طرف حاجبه الأيمن من جانب أنفه الأيمن، فقد دخل وقت الصلاة لفريضة الظهر. وإن أراد معرفة القبلة لصلاة العشاء، فيجعل غروب الشمس عن يمينه في الزمان المعتدل ويصلي، فأنه يكون متوجهاً إلى القبلة، وإن كان قد بان له الكوكب المسمى بالجدي فيجعله وراء ظهره من جانبه الأيمن، ويكون مستقبل القبلة، وكذا متى أراد معرفة القبلة لصلاة بالليل فيعتبر ذلك بالجدي كما ذكرناه .
الفصل العاشر:
فيما نذكر إذا اشتبه مطلع الشمس عليه إن كان غيماً ، أو وجد مانعاً لا يعرف سمت القبلة ليتوجه إليه .
نقول : إذا اشتبه مطلع الشمس عليه ، ولم يكن معه من الآلات التي ذكرها أهل العلم بذلك ما يعتمد عليه ، فيأخذ عوداً مقوماً يقيمه في الأرض المستوية، فإذا زاد الفيء فهو قبل الزوال ، وإذا شرع الفيء في النقصان فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلاة لفريضة الظهر، وإن كان الوقت غيماً أو غيره مما يمنع من معرفة القبلة
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 94 _
بالكلية ، وكان عنده ظن أو أمارة بجهة القبلة، فيعمل عليه ، فإن تعذر ذلك فيعمد على القرعة الشرعية، ولا حاجة أن يصلي إلى أربع جهات ، فإننا وجدنا القرعة أصلاً شرعياً معولاً عليه في الروايات ، فإن لم يحصل له بها علم اليقين ، فلابد أن يحصل له بها ظن، وهو كاف في معرفة القبلة لمن اشتبهت عليه من المصلين . وإن قدر أن يصحب المسافر معه كتاب (دلائل القبلة) لأحمد بن أبي أحمد الفقيه ، فإنه شامل للتعريف والتنبيه ، ولمعرفة القبلة من سائر الجهات ، وفيه كثير من المهمات .
أقول : وعسى يقول قائل : إذا جاز أن يعمل بالقرعة عند اشتباه القبلة، فلا يبقى معنى للفتوى بالصلاة عند الاشتباه إلى أربع جهات .
والجواب : لعل الصلاة إلى أربع جهات ، لمن لم يقدر على القرعة الشرعية، ولا يحفظ كيفيتها، فيكون حاله كمن عدم الدلالات والأمارات على معرفة القبلة .
ومن الجواب : أنه إذا لم يكن للمفتي بالأربع جهات حجة إلا الحديثين المقطوعين عن الإسناد، اللذين رواهما جدي الطوسي في (تهذيب الأحكام) فإن أحاديث العمل بالقرعة أرجح منهما وأحق بالتقديم عليهما .
ومن الجواب : أننا اعتبرنا ما حضرنا من الروايات ، فلم نجد في الحال الحاضرة إلا الحديثين المشار إليهما، وهذا لفظهما:
الحديث الأول : محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن عباد، عن خراش ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك ، إن هؤلاء المخالفين علينا يقولون : إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء، كنا وأنتم سواء في الاجتهاد، فقال : ( ليس كما يقولون ، إذا كان ذلك فليصل للأربع وجوه )
(1) .
الحديث الثاني : وروى الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن عباد ، عن خراش ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام ، مثله
(2) .
أقول : فهذان الحديثان كما ترى عن طريق واحدة ، وهي : اسماعيل بن عباد،
--------------------------------
(1) التهذيب 2 : 45|144 ، الاستبصار 1 : 295|1085 .
(2) التهذيب 2 : 45|145 ، الاستبصار 1 : 295|1086 .
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 95 _
عن خراش ، عن بعض أصحابنا، مقطوعي الإسناد .
أقول : وقد روى جدي الطوسي _ قدس الله روحه _ في تحري القبلة عند الاشتباه ، ماهو أرجح من هذين الحديثين ، وعسى أن يكون له عذر في ترجيح حديث الأربع جهات مع ضعفه وانقطاع سنده ، وظهور قوة أخبار القرعة، من عدة جهات ، ونحن عاملون بما عرفناه ، وما نكلف أحدا أن يقلدنا، وربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً .
الفصل الحادي عشر:
فيما نذكره من الأخبار المروية، بالعمل على القرعة الشرعية .
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الثقة الصالح علي بن إبراهيم بن هاشم القمي _ رضي الله عنه _ في كتابه (كتاب المبعث) من نسخة تاريخها سنة أربعمائة من الهجرة النبوية، فيما ذكره في سرية عبدالله بن عتيك ، وقد نفذهم النبي _ صلوات الله عليه وآله _ لقتل أبي رافع ، فقال في حديثه ما هذا لفظه : وكانوا قبل أن يدخلوا قد تشاوروا فيمن يقتله ، ومن يقوم على أهل الدار بالسيف ، فوقعت القرعة على عبدالله بن أنيس .
أقول : فهذا ما أردنا ذكره من الحديث ، قد تضمن عملهم على القرعة في حياة النبي _ صلوات الله عليه واله _ في مثل هذا المهم العظيم ، فلولا علمهم أن القرعة من شريعته ، وأنها تدل على المراد بها على حقيقته ، كيف كانوا يعتمدون عليها ، ويخاطرون بنفوسهم في الرجوع إليها؟ ومن الأحاديث في العمل بالقرعة ، ما رويناه بعدة طرق إلى الحسن بن محبوب ، من كتاب (المشيخة) من مسند جميل ،عن منصور بن حازم قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول _ وسأله بعض أصحابنا عن مسألة_ فقال : (هذه تخرج في القرعة _ ثم قال _ وأي قضية أعدل من القرعة ! إذا فوض الأمر إلى الله _ عز وجل _ اليس الله عز وجل يقول (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ )
(1)).
ومن الأحاديث في العمل بالقرعة، ما رويته بعدة طرق أيضا إلى جدي أبي جعفر الطوسي ، فيما ذكره في كتاب (النهاية) فقال : روي عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، وعن غيره من ابائه و (ابنائه _ صلوات الله عليهم _ من قولهم )
(2) : (كل
--------------------------------
(1) الصافات 37 : 141 .
(2) في (ش): من مسند جميل عن منصور بن حازم قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :... . .
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 96 _
مجهول ففيه القرعة) قلت له : إن القرعة تخطي وتصيب ، فقال : (كل ما حكم الله به فليس بمخطئ)
(1) .
أقول : فهذا يكشف أن كل مجهول ففيه القرعة، وإذا اشتبهت جهة القبلة فهو أمر مجهول ، فينبغي أن تكون فيه القرعة، وسوف نذكر من صفة القرعة بعض ما رويناه .
فصل : وقد رويت أيضاً من حديث القرعة، ما ذكره أبو نعيم الحافظ في المجلدة الأخيرة من كتاب (حلية الأولياء) ماهذا لفظه : حدثنا أبو إسحاق بن حمزة، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الصوفي ، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء الخراساني ، عن سعيد بن المسيب وأيوب ، عن محمد بن سيرين ، قال : عمران بن حصين . وقتادة وحميد، عن الحسن ، عن عمران _ رضي الله عنه _ :أن رجلا أعتق ستة مملوكين
(2) عند موته ، ليس له مال غيرهم ، فأقرع رسول الله صلى الله عليه واله بينهم ، فأعتق اثنين ورد أربعة في الرق
(3) .
أقول : فهذا يقتضي تحقيق العمل بالقرعة في حياة النبي صلى الله عليه وآله ، وأنه مروي من طريقنا وطريق الجمهور، فصار كالإجماع فيما أشرنا إليه .
فصل : ورأيت في كتاب عتيق تسميته كتاب (الأبواب الدامغة) تأليف أبي بشر أحمد بن ابراهيم بن أحمد العمي ما هذا لفظه : قالت فاطمة بنت أسد: فلما أملق أبو طالب جاءه رسول الله صلى الله عليه وآله والعباس ، فأخذا من عياله اثنين بالقرعة، فطار
(4) سهم رسول الله صلى الله عليه واله بعلي عليه السلام فصار معه وله ، وأنشأه وربّاه ، فأخذ علي عليه السلام بخلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهديه وسيرته ، وكان أول من آمن به وصدقه ، تم الحديث.
--------------------------------
(1) النهاية : 346 .
(2) في (ش): مماليك .
(3) حلية الأولياء 10: 215.
(4) في ( ش) : فصار.