فيما نذكره مما يصحبه الإنسان في السفر من الرفقاء والمهام والطعام ، وفيه فصول :

الفصل الأول :
   في النهي عن الانفراد في الأسفار، واستعداد الرفقاء لدفع الأخطار.
   ذكرأحمد بن محمد البرقي في كتاب (المحاسن) بإسناده عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة: أحدهم راكب الفلاة وحده)(1).
   ومن كتاب (المحاسن) بإسناده إلى السري (2) بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا انبئكم بشرّ الناس ؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، قال : من سافر وحده ، ومنع رفده (3)، وضرب عبده )(4).
   وفي كتاب الشهاب : (الرفيق قبل الطريق )(5).
   ومن الكتاب المذكور بإسناده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (الرفيق ثم السفر).
   أقول أنا : إعلم أن الذي يريد السفر، يحتاج إلى استعداد الرفقاء والخفراء، على قدر ما يكون بين يديه من الأخطار والأكدار، وطول الأسفار، وعلى قدر حاله في كثرة الحساد والأعداء ، وكل قدر ما يصحبه مما يعز عليه من سائر الأشياء، وقد كنت إذا

--------------------------------
=
   فبم أتختم يا رسول الله ؟ قال : بالعقيق الأحمر، فإنه أول جبل آمن لله بالوحدانية ، ولي بالنبوة ، ولك بالوصية ، ولولدك بالامامة ، ولمحبك بالجنة ، ولشيعة ولدك بالفردوس ).
(1) المحاسن : 365|57.
(2) في المحاسن والفقيه : السندي ، والظاهر هو الصواب راجع ( معجم رجال الحديث 8: 314).
(3) الرفد: العطاء والصلة ( الصحاح _ رفد _ 2 : 4075).
(4) المحاسن : 356|60، الفقيه 2 : 181 /808.
(5) شهاب الأخبار: 319|51 .

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 54 _

  توجهت في الزيارات ، أستظهر في صحبة الأجناد والعدد(1) والرجالة بحسب تلك الأوقات ، فيقول لي بعض أهل الغفلات : إن التوكل على الله _ جل جلاله _ يغني عن الاستعداد، وعن المعدة والأجناد، فأقول : إن سيد المتوكلين محمد سيد الأولين والآخرين، قال الله _ جل جلاله _ له ، في خاص عباداته ، وأوقات صلوات : (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً )(2)وقال الله جل جلاله : (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ)(3) .
   وقلت لبعض من سأل عن الاستظهار في الأسفار: إن ذلك يسعد على تأدية الفرائض في أوائل الأوقات ، أين كان الإنسان في مخافات الطرقات ، ويقوي على الشيطان الذي يخوف الإنسان من حوادث الأزمان .

الفصل الثاني :
فيما يستصحبه في سفره من الآلات بمقتضى الروايات ، وما نذكره من الزيادات .
  روينا من كتاب (المحاسن) لأحمد بن محمد بن خالد البرقي بإسناده عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : ( في وصية لقمان _ رضي الله عنه _ لابنه : يا بني ، سافر بسيفك وخفك وعمامتك ، وحبلك وسقائك ، وابرتك وخيوطك ومخرزك ، ثم تزود معك الأدوية التي تنتفع بها _ أنت ومن معك _ وكن لأصحابك موافقا(4)إلا في معصية الله ) وزاد فيه بعضهم : ( وقوسك )(5).
  أقول : وذكر صاحب كتاب (عوارف المعارف) حديثاً أسنده : أن النبي (صلى

--------------------------------
(1) في ( ش): والعدة .
(2) النساء 4 : 102.
(3) الأنفال 8: 60.
(4) في المصدر زيادة : مرافقاً .
(5) المحاسن : 360|85 .

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 55 _

  الله عليه وآله وسلم) كان إذا سافر حمل معه خمسة أشياء: المرآة، والمكحلة، والمدرى(1)، والمسواك والمشط _ وفي رواية أخرى _ والمقراض (2) .
   أقول : واعلم أن اتخاذ الآلات في الأسفار إنما هي بحسب حال ذلك السفر ، وبحسب حال الإنسان ، وبحسب الأزمان ، فإن سفر الصيف ما هو مثل سفر الشتاء، وسفر الضعفاء ما هو كسفر الأقوياء، ولا سفر الفقراء كسفر الأغنياء، ولكل إنسان حال في أسفاره ، يكون بحسب مصلحته ومساره ويساره .
   والمهم في حمل الآلات ، واتخاذ الرفقاء في الطرقات ، أن يكون قصد المسافر بهذه الأسباب ، امتثال أوامر سلطان الحساب ، والعمل بمراسم الآداب ، وحفظ النفس على مولاها، الذي خلقها له في دنياها واخراها .
   أقول : وإياه أن يتعلق قلبه عند الاستعداد بالعدة والأجناد، مع ترك التوكل على سلطان الدنيا والمعاد، فيكون كما قال الله جل جلاله: (كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ )(3) ولا يعتمد على ألآلات ، اعتماد فارغ القلب من الخالق لها والمنعم بها، والقادر على أن يغني عن كثير منها ، بل يكون القلب متعلقاً على الله _ جل جلاله _ ومشغولاً به _ جل جلاله _ عنها، ليكون كما قال جل جلاله: ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ )(4) فيقوي الله _ جل جلاله _ قلبه ، ويشد أزره ، ويكمل نصره .

الفصل الثالث :
   فيما نذكره من إعداد الطعام للأسفار ، وما يتصل به من الآداب والأذكار .
   روينا بإسنادنا إلى أحمد بن محمد بن خالد البرقي من كتاب (المحاسن) بإسناده إلى أبي عبدالله عليه السلام ( عن آبائه عليهم السلام ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)(5)
--------------------------------
(1) المدرى : المشط . (القاموس المحيط _ درى _ 4 : 327).
(2) أخرجه المجلسي في البحار 76 : 239|21.
(3) التوبة 9 : 25 .
(4) الطلاق 65 : 3 .
(5) ليس في المصدر.

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 56 _

  قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه والله : من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره )(1).
   ومن ذلك بإسنادنا من الكتاب المذكور قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : (إذا سافرتم فاتخذوا سفرة، وتنوقوا(2) فيها )(3).
   أقول : إن اتخاذ السفرة والطعام في الأسفار، يختلف بحسب حال المسافرين ومن يصحبهم ، وبحسب اليسار والإعسار، وبحسب سفر الاختيار وسفر الاضطرار، فعسى أن يكون المراد بهذه الأخبار، سفرأهل اليسار والاختيار.
   وقد روينا كراهية السفرة والتنوق في الطعام إلى زيارة الحسين (عليه السلام) .
   فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بايويه من كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) فقال ماهذا لفظه : قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه : (تأتون قبر أبي عبدالله صلوات الله عليه ؟ فقال له : نعم، قال : تتخذون لذلك سفرة؟ قال : نعم ، قال : أما لو أتيتم قبور ابائكم وامهاتكم لم تفعلوا ذلك ، قال ، قلت : فأي شيء نأكل ؟ قال : الخبز واللبن (4) )(5).
   ومن الكتاب المذكورقال وفي آخر : قال الصادق عليه السلام : (بلغني أن قورما إذا زاروا الحسين _ صلوات الله عليه _ حملوا معهم السفر، فيها الجداء(6) والأخبصة(7) وأشباهه ، ولو زاروا قبور أحبائهم ماحملوا معهم هذا) (8).
   يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس ، مؤلف هذا

--------------------------------
(1) المحاسن : 360|81 .
(2) تنوق في الأمر: تأنق به (الصحاح _ نوق _ 4 : 1562 ).
(3) المحاسن : 360|82.
(4) في المصدر: باللبن .
(5) الفقيه 2 : 184|828 .
(6) الجداء: جمع جدي ، وهو ولد المعز. (الصحاح _ جدى _ 6 : 2299).
(7) الأخبصة : جمع خبيص ، وهو طعام من التمر والسمن . (القاموس المحيط _ خبص _ 2 : 300).
(8) الفقيه 2 : 184|829 .

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 57 _

  الكتاب : وحيث قد ذكرنا ما يصحب في سفره من الطعام ، فلنذكر ما يحضرنا ويتهيأ ذكره من الآداب المتعلقة بالأكل ، بحسب مايهدينا إليه واهب الألباب ، فنقول : إن الطعام ما يحضر بين يدي الانسان ، الا بعد أن يولي الله _ جل جلاله _ بيد قدرته وحكمته ورحمته وداعيته واختياره و إرادته ، إنشاء السماوات والأرضين والبحار والأنهار والغيوث والغيوم والامطار، وفصول الصيف وألشتاء والربيع والخريف ، وما فيها من المنافع والأسرار(1)، ويستخدم في ذلك من يختص بهذه المصالح من الملائكة، ومن يقوم بتدبير اخلائق من الأنبياء والأوصياء، والرعايا والولاة، وأصحاب الصنائع والأكرة(2) والحدادين والنجارين ، والدواب التي يحتاج إليها لهذه الأسباب ، ومن يقوم بمصالح ذلك ومهماته ، من ابتدائه إلى حين طحنه وخبزه وحمله إلى بين يدي من يأكله أوقات حاجاته ، فالمنة فيه لله _ جل جلاله _ أعظم من (المؤنة على مائدة)(3) بني إسرائيل ، فيجب أن يكون العبد(4) عارفا وذاكرا وشاكرا لهذا الإنعام الجزيل الجليل ، وجالسا عند أكله بين يدي الله _ جل جلاله _ ليأكل من طبق ضيافته ، كما يجلس العبد بين يدي سلطان ، قدعمل له طعاماً، واستخدم فيه نفسه وخواصه، ومن يحتاج إليه من أهل دولته، والسلطان ناظرإلى الذي يأكل، كيف شكره لنعمته ؟ وكيف حفظه لحضور السلطان وحرمته؟ وكيف يتأدب في جلوسه بين يديه ؟ وكيف يقصد بأكل الطعام ما يريد به السلطان مما يقر به إليه؟ أقول : ثم يكون العبد ذاكراً وشا كراً أنه إذأ أكل الطعام ، أنه لولا ما وهبه الله _ جل جلاله_ من الجوارح التي تعينه على حمله واكله ومضغه ، والريق الذي يأتي بقدر حاجته، من غير زيادة على اللقمة، فكانت الزيادة تجري من فمه ، ولا نقيصة فكانت اللقمة تكون يابسة أو غير ناعمة .
   أقول : وليكن ذاكراً وشاكراً أنه إذا صار الطعام في معدته ، فإن الله

--------------------------------
(1) في ( ش) : والمضار.
(2) الأكرة : جمع أكار، وهو الفلاح . (القاموس المحيط _ أكر_ 1 :365).
(3) كذا في النسخ ، ولعل الأنسب : المنة في مائدة .
(4) في (ش) : الانسان .

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 58 _

  _ جل جلاله _ يطبخه (1) بحرارة المعدة، وبقدرته حتى يصير صالحاً لتفريقه في الجوارح والأعضاء ، فيبعث _ جل جلال _ لكل جارحة ولكل عضو بقدر حاجته، من غير زيادة، فتكون الزيادة ضررا عليه، أو نقيصة فتكون سقماً وضعفاً وخطراً لا يقوى العبد عليه .
   أقول : ولو أن الله تعالى عرف العبد ما يحتاج كل عضو إليه، ومكنه من قسمة ذلك على أعضائه ، عجزعنه وكره الحياة لأجل المشقة التي تدخل بذلك عليه ، وكيف يحل أو يليق بالتوفيق ، أن يكون ذاهلاً وغافلاً عمن كفاه هذا المهم العظيم ؟ وتولاه _ جل جلاله _ بنفسه ، وهو _ جل جلاله _ أعظم من كل عظيم ؟.
   أقول : وينبغي أن يكون ذاكراً وشا كراً كيف استخلص من الطعام مالا يصلح للأعضاء والجوارح ، وأفرده (2) _ جل جلاله _ وساقه بيدالقدرة ، وأخرجه في طرقه ، والعبد في غفلة عن تدبيرهذه المصالح .
   أقول : ولو أن العبد أنصف من نفسه مولاه ، ومالك دنياه وأخراه ، ومن انشأه وربه ، وسترعمله القبيح عن أعين الناضرين وغطاه ، ورأى بعين عقله كيف إمساك الله _ جل جلاله _ للسماوات وألأرضين لأجل العبد الضعيف، وكيف إمساكه لوجوده وحياته وعقله ونفسه وعافيه بتدبيره المقدس الشريف ، ما كان العبد على هذه الحال من الإهمال وسوء الأعمال ، والاشتغال بما يضره أو بما لا ينفعه من جميع منافعه منه ، وكيف استحسن لنفسه الإعراض عنه!
   أقول : واعلم أننا روينا من كتاب (مسائل الرجال) لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليهما السلام ، قال محمد بن الحسن : قال محمد بن هارون الجلاب : قلت له : روينا عن آبائك أنه ( يأتي على الناس زمان ، لا يكون شيء أعز من أخ أنيس أو كسب درهم من حلال ) فقال لي : ( يا أبا محمد ، إن العزيز موجود، ولكنك في زمان ليس شيء أعسر من درهم حلال وأخ (3) في الله _ عز وجل _ )(4).

--------------------------------
(1) في ( ش): يطحنه .
(2) في ( ش) : وأورده .
(3) في ( ش) : أو أخ .
(4) البحار 103: 10| 43.

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 59 _

   قلت أنا : و إذا كان الحلال عسراً ومتعذراً(1) في ذلك الزمان ، وهو قريب العهد بابتداء الإسلام والإيمان ، فكيف يكون حال الحلال والطعام مع اختلاف امور الحلال والحرام ؟ و إنني لما رأيت الأمر قد بلغ إلى هذه الغايات ، رأيت أن الاستظهار بإخرج الخمس والحقوق الواجبات ، مما اختص به من سائر المهمات ، أقرب إلى النجاة والسلامة في الحياة وبعد الممات .
   ثم إنني أقول عند المأكولات : اللهم إني أسألك بالرحمة التي سبقت غضبك ، وبالرحمة التي أنشأتني بها ولم أك شيئا مذ كوراً، و بالرحمة التى نقلتني بها من ظهورالآباء وبطون الامهات ، من لدن آدم إلى هذه الغايات ، وقمت لهم بالكسوات والأقوات وألمهمات ، و بالرحمة التي وقيتني وسلفي مما جرى على الأمم الهالكة من النكبات والآفات ، و بالرحمة التي دللتني بها عليك، و بالرحمة التي شرفتني بها بالخدمة التي تقربني إليك ، وبالرحمة التي حلمت بها عني عند جرأتي عليك ، وسوء أدبي بين يديك ، و بالمراحم والمكارم التي أحاط بها علمك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وعلى كل من يعز عليك ، وأن تنظر إلى طعامنا هذا بعين الرحمة والحلم والكرم والجود، وتطهره من الادناس والأرجاس وحقوق الناس ، والحرامات والشبهات، وتوصل في هذه الساعة إلى كل ذي حق حقه من الأحياء والأموات ، حتى تجعله طاهراً مطهراً، شفاء لأدياننا ودواء لأبداننا ، وطهارة لسرائرنا وظواهرنا ، ونوراً لعقولنا ، ونوراً لأرواحنا ، و باعثاً لنا على طاعتك ، ومقوياً لنا على عبادتك ، واجعلنا ممن أغنيته بعلمك عن المقال ، و بكرمك عن السؤال.

الفصل الرابع :    فيما نذكره من آداب المأكول والمشروب بالمنقول .
   ذكر الشيخ السعيد أبوعلي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب (الاداب الدينية) في الفصل الثامن قال :
   قال الحسن بن علي عليهما السلام : ( في المائدة اثنتا عشرة خصلة، يجب على كل مسلم أن يعرفها ، أربع منها فرض ، وأربع منها سنة، وأربع منها تأديب .
   فأما الفرض : فالمعرفة ، والرضا ، والتسمية ، والشكر .

--------------------------------
(1) في ( ش) و ( ط ) : أو متعذراً .

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 60 _

   وأما السنة : فالوضوء قبل الطعام ، والجلوس على الجانب الأيسر، والأكل بثلاث أصابع، ولعق الأصابع .
   وأما التأديب : فالأكل مما يليك ، وتصغير اللقمة، وألمضغ الشديد. وقلة النظر في وجوه الناس )(1).
   قال الطبرسي رحمه الله : وروي أن من غسل يده قبل الطعام وبعده ، عاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده ، قال : و إذا كان على المائدة ألوان مختلفة، فسم الله تعالى عند كل لون منها، فإن نسيت فقل : بسم الله على أوله وآخره .
   قال : ولا تتك في حال الأكل ، ولا تقطع اللحم بالسكين ، (لأ نه (2)من فعل الأعاجم، وانهش (3) نهشا وإنه أهنأ وأمرأ)(4)، ولا تستعن بالخبز ، ولاتستخدمه ، فأنه من فعل ذلك وقع عليه الفقر وسلط (5)عليه الجذام، وكل ما وقع تحت مائدتك ، فإنه ينفي عنك الفقر، وهو مهر الحور العين ، ومن أكله حشي قلبه علماً وحكماً و إيماناً ونوراً ، وإن كنت في الصحراء فدعه .
   قال : ولا تأكل على الشبع فإنه مكروه ، وربما بلغ حد الحظر.
   قال : ولا تتول الأكل والشرب باليسار إلا عند الضرورة .
   قال : وعليك بالخلال ، فإن الصادق عليه السلام قال : (نزل جبرئيل عليه السلام بالسواك والحجامة والخلال ).
   قال : ولا تخلل بالقصب ولا بالآس ولا بالرمان.(6)
   وقال الطبرسي رضي الله عنه : وتقول عند تناول الطعام : الحمدلله الذي يطعم ولا يطعم ، ويجير ولا يجارعليه ، و يستغني ويفتقر إليه ، اللهم لك الحمد على ما رزقتنا من طعام وإدام في يسرمنك وعافية ، بغير كد مني ولا مشقة ، بسم الله خير الأسماء،

--------------------------------
(1) الآداب الدينية : 20 .
(2) في المصدر: فإنه .
(3) في المصدر: وانهشه .
(4) مابين القوسين ليس في (د).
(5) في (ش) زيادة : الله .
(6) الاداب الدينية: 20 .

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 61 _

  ( بسم الله )(1)رب الأرض والسماء ، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم . اللهم أسعدني في مطعمي (2)هذا بخيره ، وأعذني من شره ، وامتعني بنفعه ، وسلمني من ضره (3).
   قال الطبرسي: وابدأ في أول الطعام بالملح ، واختم بالخل (4).
   وقال : وكان المني صلى الله عليه واله إذا أكل طعاماً قال : ( اللهم بارك لنا فيه ، وارزقناً خيراً منه ) (5) .
   قال : وكان إذا أكل اللبن أو شرب قال : (اللهم بارك لنا فيه ، وارزقنا منه ).
   وقال الطبرسي : وتقول عند الفراغ من الطعام : الحمدلله الذي أطعمني فأشبعني ، وسقاني فأرواني ، وصانني وحماني . الحمدلله الذي عرفني البركة واليمن فيما أصبته وتركته منه ، اللهم اجعله هنيئاً مريئاً لاوبيئاً ولادوياً ، وأبقني بعده سويا قائماً بشكرك ، محافظاً على طاعتك ، وارزقني رزقاً داراً، (وعيشاً قاراً) (6)، واجعلني بارا، واجعل ما يتلقاني في المعاد منهجاً ساراً برحمتك (يا أرحم الراحمين )(7)(8).
   وقال الطبرسي في آداب شرب الماء: وإذا شربت الماء فاجتنب موضع العروة، فإنها مقعد الشياطين (9)، ولا تشرب بنفس واحد، بل ينبغي أن يكون بثلاثة أنفاس .
   قال : وتقول عند شرب الماء: الحمدلله منزل الماء من السماء، مصرف الأمر كيف يشاء، بسم الله خير الأسماء.
   قال : وتقول عند الفراغ من الشرب: الحمدلله الذي سقاني عذباً فراتاً ، ولم

--------------------------------
(1) ليس في ( د ) و( ش ).
(2) في (ط) زيادة : ومشربى.
(3) الآداب ا لدينية : 21، مكارم الأخلاق : 144 .
(4) الاداب الدينية : 22 .
(5) الآداب الدينية : 23.
(6) ليس في (د).
(7) أجس في (د)و(ط ).
(8) الآداب الدينية : 21، مكارم الأخلاق : 144 .
(9) في (ش): الشيطان .

الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان _ 62 _

  يجعله ملحاً اجاجاً(1) فله الشكرعلى إنعامه وجوده وامتنانه ، الحمد لله الذي سقاني فأرواني ، وأعطاني فأرضاني ، وعافاني وكفاني .
   اللهم اجعلني ممن تسقيه في المعاد من حوض محمد صلى الله عليه وآله ، وتسعده بمرافقته ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
   وقال في آداب الأكل والشرب : و يكره الأكل والشرب ماشياً ، وليس بمحظور(2).
   قال : ويستحب أن يبدأ صاحب الطعام بالأكل ، وأن يكون آخر من يرفع يده .
   قال : وإذا أرادوا غسل الأيدي ، بدأ بمن هو عن يمينه ، حتى ينتهي إلى آخرهم .
   قال : ويستحب جمع غسالة الأيدي في إناء واحد(3).
   قال : وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا أكل التمر طرح النوى على ظهر كفه، ثم يقذف به .
   وقال و ( كان عبدالله بن عباس رضي الله عنه )(4)إذا أكل رمانة لا يشركه فيها أحد، و(يقول : في كل رمانة حبة من حب الجنة)(5).
   قال : ويستحب أكل الرمان يوم الجمعة .
   قال : وفي آداب الضيافة أن رجلاً دعا أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: ( قد أجبتك على أن تضمن لي ثلاث خصال ) قال : وما هي ، يا أمير المؤمنين ؟ قال : (لاتدخل علي شيئا من خارج ، ولا تدخرعني شيئا في البيت ، ولا تجحف بالعيال) قال : ذلك لك ، فأجابه علي عليه السلام (6).

--------------------------------
(1) في المصدرزيادة : بذنوبي.
(2) ورد في ( د) تحتها ما نصه : وقيل يعم والأول أظهر.
(3) الآداب الدينية : 22 .
(5,4) ليس في(د) و(ش).
(6) الآداب الدينية : 23 .