أخبرنا الأجل ، العالم ، زين الدين ، أبو العزّ ، أحمد بن أبي المظفّر محمّد بن عبد الله بن محمد بن جعفر ، قِراءةً عليه ، فأقرّ به ، وذلك في آخر نهار يوم الخميس ، ثامن صفر ، من السنة المذكورة ، بمدينة السلام ، بدرب الدوابّ ، قال : أخبرنا الشيخ ، الإمام ، العالم ، الأوحد ، حجّة الإسلام ، أبو محمد ، عبد الله ابن أحمد بن أحمد بن الخشّاب.
  كذا جاء اسمه في صدر النسخة ، وفي كشف الغمّة ( 1/12 ) لكن صاحب الذريعة ذكره بأسم : عبد الله بن أحمد بن محمد بن الخشّاب ، في الذريعة ( 23/233 ) نقلاً عن ( قبال ) السيّد ابن طاوس، في أعمال ثامن ربيع الأول، وكذلك نقلاً عن ( اليقين ) له وفي النسخ بعد ذلك : قال : قرأت على الشيخ ، أبي منصور ، محمّد بن عبدالملك بن الحسن بن خَيْرون المقرىء ، يومَ السبت ، الخامس والعشرين من محرّم ، سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة من أصْله ، بخطّ عمّه ، أبي الفضل ، أحمد بن الحسن.
  وسماعه فيه ، بخطّ عمّه ، في يوم الجمعة ، سادس عشر شعبان ، من سنة أربع وثمانين وأربعمائة : أخبركم أبوالفضل ، أحمد بن الحسن ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عليّ ، الحسن بن الحسين بن العبّاس بن الفضل بن دوما ، قِراءةً عليه ـ وأنا أسمع ـ في رجب ، سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ، قال : أخبرنا أبوبكر ، أحمد بن نصر بن عبدالله بن الفتح ، الذارع ، النهروانيّ ، بها ، قِراءةً عليه ـ وأنا أسمعُ ـ في سنة خمسٍ وستّين وثلاثمائة ، قال : حدّثنا حَرْب بن أحمد ، المؤدّب ، قال : حدّثنا الحسن بن محمد ، القمّي (1) البصريّ ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثنا محمد بن الحسين : عن ابن سنان : عن ابن مسكان : عن أبي بصير : عن أبي عبدالله ، جعفر بن محمد الصادق ( عليهما السلام ).

---------------------------
(1) في المطبوعة (القمي) وهو غلط شائع في هذا اللقب، وانظر ترجمة الرجل في كتب رجال الحديث.

تاريخ أهل البيت _ 24 _

  (السند الثاني) : بالسند المذكور ، قال : وأخبرنا الذارع ، قال : حدّثنا صدقة بن موسى ، أبو العباس ، قال : حدّثنا أبي : عن الحسن بن محبوب : عن هشام بن سالم : عن حبيب السِجْسْتانيّ : عن أبي جعفر الباقر ، محمد بن عليّ ( عليه السلام ).
  وقد أورد ابن الخشّاب بهذين السندين جميع ما يتعلّق بالنبي والزهراء وأميرالمؤمنين والحسن ( عليهم السلام ) ، ممّا وَرَدَ في الفصول الستّة من كتابنا هذا ، عدا فصل ( الأبواب ) وهو الفصل السابع .
  وذكر بالإسناد الأول عن الصادق ( عليه السلام ) ما يتعلّق بالحُسين والسجاد والباقر ( عليهم السلام ) من الامور المذكورة في الفصول الستة.
  وذكر بالسند الأول الى محمّد بن سنان أحوال الصادق والكاظم والرضا والجواد ( عليهم السلام ).
  وقد روى الكليني في ( الكافي ) بالسند الثاني بعض ما يتعلق بتاريخ الزهراء (عليها السلام ) . وروى بالسند الأول عن محمد بن سنان ، عن عبدالله بن مسكان تواريخ الحسين وما بعده من الأئمّة ( عليهم السلام ).
  ( السند الثالث ) : في أحوال الباقر ( عليه السلام ) أورد رواية جابر عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في إبلاغه السلام الى الباقر ، بهذا السند : حدّثنا صَدَقة بن موسى بن تميم بن ربيعة بن ضمرة : حدّثنا أبي : عن أبيه : عن أبي الزُبير : عن جابر.

تاريخ أهل البيت _ 25 _

  ( السند الرابع ) : في أحوال الهادي ( عليه السلام ) قال : حدّثنا حَرْب بن محمد : حدّثنا الحسن بن محمد ، العمّي ، البصريّ : حدّثنا أبوسعيد ، الآدمي(1) سَهْل بن زياد.
  وقال في آخر أحوال العسكري ( عليه السلام ) : آخر رواية حرب.
  ثم ذكر في أحوال الخلف الصالح القائم المنتظر ( عليه السلام ) عدّة رواياتٍ ، بأسانيد ، هي :
   ( السند الخامس ) : حدّثنا صدقة بن موسى : حدّثنا أبي : عن الرضا ( عليه السلام ).
  ( السند السادس ) : حدّثني الجراح بن سفيان ، قال : حدّثني أبوالقاسم ، طاهر بن هارون بن موسى ، العلوي ، عن أبيه هارون : عن أبيه موسى، قال : قال سيّدي جعفر بن محمّد ، الصادق ( عليهما السلام ) .
  ( السند السابع ) : في الحديث عن اُمّ القائم المنتظر ، قال : حدّثني محمد بن موسى الطوسيّ ، قال : حدّثني أبوالسكين (2).
  عن بعض أصحاب التاريخ.

---------------------------
(1) أضاف في المصدر هُنا كلمة ( حدّثنا ) وهو غلط، لأنّ سَهْل بن زياد هو المكنّى بأبي سعيد الآدمي، كما صرّحت به كتب الرجال.
(2) في بعض المنقولات ( ابو مسكين ) انظر كشف الغمّة ( ج 2 ص 475 ).

تاريخ أهل البيت _ 26 _

  وفى نفس الباب : قال لنا أبوبكر الذارع : وفي رواية اُخرى . . . وفي روايةٍ ثالثة . . . ويقال : ( السند الثامن ) : في الحديث عن كنية الإمام المنتظر ( عليه السلام ) ، قال : حدّثني عُبيدالله بن محمد عن الهَيْثم بن عديّ ، قال : يقال : كنيةُ الخَلَف الصالح : ( أبوالقاسم ) وهو ذو الإسمين.
  وهذه نهاية الكتاب.

تاريخ أهل البيت _ 27_

5 ـ نسخ الكتاب :
  لقد وقفنا لهذا الكتاب على نسخٍ عديدة :
أ ـ النسخة التركيّة :
المحفوظة بمكتبة عبدالله چلبي ، بالخزانة السليمانية ، في إسلامبول ، ضمن مجموعة برقم ( 39 ) وكتابُنا هو الخامس منها.
  وقد جاء اسم الكتاب ، في فهرس المكتبة ما هكذا ترجمته :نصر بن علي تاريخ أهل البَيْت من آل الرسول 220 × 120 150 × 65 م م ، 304 ـ 306 ورقة 23 سطر كتب ( 1071 ) هجرية وقد راجعت النسخة في مكتبة السليمانية ، وقابلتها بالمطبوعة القميّة ورمزت لها في هذا التحقيق بـ ( إس ).
  وجاء ذكر هذه النسخة عند سزگين بأسم ( رسالة في أعمار الأئمّة ) منسوباً الى ( الفريابي ) كما سيجيء.
  ولم يرد فيها شيء آخر من اسم الناسخ ، او الأصل المنقول عنه ، وبالرغم من النقص من هذه الجهة فيها ، فإنّها من أقدم ما وقفنا عليه من النسخ ، كما أنها أحسنها أيضا.
  وهي تحتوي على جميع ما في الكتاب ، من دون نقيصةٍ ، حتى ما جاء في سائر النسخ من الملحق ، كما سيأتي توضيح ذلك.

تاريخ أهل البيت _ 28 _

  وهناك مخطوطات اُخر لهذا الكتاب، لم أتمكّن من رؤيتها.
1 ـ في مكتبة جامعة طهران، ضمن المجموعة ( 2119 ) كما في فهرسها ( 8/858 ).
2 ـ في مشهد ، في مدرسة السبزواري ، من وقف المدرسة السميعيّة ، كما في الذريعة (20/110).
3 ـ في المدرسة الحجتيّة في قم.
ب ـ مطبوعة القاضي :
طبع السيّدُ الشهيدُ القاضي الطباطبائيّ ، إمام جمعة تبريز الأسْبق، هذا الكتاب، في قم المقدّسة ، سنة ( 1368 ) بعنوان ( تاريخ الأئمّة عليهم السلام ) منسوباً الى : الشيخ الثقة الأقدم ، ابن أبي الثلج ، البغداديّ ، المتوفى ( 325 ) ، ويقع كلّه في ( 24 ) صفحة ، بقطع الكفّ.
  وقدّم السيّدُ القاضي له بمقدّمةٍ ضافيةٍ ، كما علّق عليه بتعاليق جيّدة ، وطبع بعناية السيّد ناصر الدين القميّ ، وناشره مكتبة مصطفوي بقم.
  وفصّل السيّد في المقدّمة الحديث عن الكتاب ونسبته الى نصر الجهضميّ في المصادر المختلفة كالذريعة ، ثم ذكر أنه وجد في تبريز نسخةً بخط السيّد الجليل الميرزا مهدي خان الطباطبائي الوكيلي رحمه الله ، وأنه استنسخ منها نسخة ، واتضح لديه أنها كتاب ( تاريخ الأئمّة لابن أبي الثلج ) نفسه ، وانه كتب بما اتضح له الى الشيخ العلامّة الطهراني فصدّقه على ما تحقق عنده ، فأعاد ذكر الكتاب في الذريعة بعنوان ( تاريخ الأئمّة ) ونسبه الى ابن أبي الثلج واستدرك بذلك على ما كان كتبه في الذريعة سابقا ناسباً له الى نصر.
  ثم أوردّ القاضي في مقدّمته جميع ما ذكره الطهراني في الذريعة.
  ثم ترجم لابن أبي الثلج، نقلاً عن مختلف الكتب الرجاليّة.
  وقد رمزتُ الى هذه النسخة هُنا ، بكلمة ( قم ).
  وهي كاملة ، وتحتوى على الملحق أيضاً.
ج ـ مطبوعة النجف :
وطبع هذا الكتاب في النجف الأشرف ، سنة ( 1370 ) بالمطبعة الحيدرية ، في ذيل كتاب ( الفصول العشرة في الغَيْبة ، للشيخ المفيد ) بعنوان : ( مواليد الأئمّة عليهم السلام ) ومن دون ذكر اسم المؤلف.

تاريخ أهل البيت _ 29 _

  وجاء في آخرها ـ بعد الزيادة ـ :
   يقول الفقير الى الله الغنيّ ، شير محمد بن صفر عليّ الهمدانيّ الجورقاني :
   هذا تمام ما في النسخة التى نسخت هذه النسخة منها ، واتفق لي الفراغ ـ بعون الله تعالى ـ في الخامس من شهر ذي القعدة ، من سنة إحدى وستّين بعد الثلاثمائة والألف من الهجرة المقدّسة ، بمشهد سيّدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه أفضلُ الصلاة والسلام ) .
  وأما أولها ، فتبدأ بالسند الوارد في سائر النسخ المطبوعة ، وهو رواية ابن النجّار عن مشايخه ، كما سيأتى تفصيله.
  تقع هذه النسخة في ( 14 ) صفحة ، بقطع الربع.
  ويبدو أنّ هذه الطبعة ، لاترتبط بطبعة قم ، حيث لم يُشَرْفيها الى تلك الطبعة أصْلاً ، مع سبق تاريخ كتابة هذه على طبع تلك.
  وقد رمزنا اليها هنا بـ ( طف ).
  وهي أيضاً كاملة ، وتحتوي على الملحق.
د ـ طبعة مكتبة المرعشيّ :
أمر السيّد المرعشي دام ظلّه ، بطبع هذا الكتاب بعنوان ( تاريخ الأئمّة ) منسوباً الى ( الشيخ الثقة الأقدم ابن أبي الثلج ، البغداديّ ، المتوفى سنة 325 ).
  ضمن مجموعة من مؤلّفات القدُماء بأسم ( مجموعة نفيسة ) وقد طبعت سنة ( 1396 ) وأعيد طبعها بعد ذلك.
  وهي نسخة كاملة وتحتوي على الملحق أيضاً.
  وقدّم لها السيّد نفسه بمقدّمة موجزة ، جاء فيها ـ عن كتابنا هذا ـ ما نصّه : تاريخ الأئمة ( عليهم السلام ) ، تاليف الحافظ ، الثقة ، الإقدم ، أبي بكر ، محمد ابن أحمد بن عبدالله بن إسماعيل ، بن أبي الثلج ، الكتاب البغداديّ ، المولود سنة ( 237 ) والمتوفى سنة ( 325 ) أو سنة ( 323 ) أو سنة ( 322 ).

تاريخ أهل البيت _ 30_

  كتب السيد المرعشي هذه المقدمة سنة ( 1406 ).
  ولم تجئ في هذه الطبعة الاشارة الى أيّة نسخة مخطوطة ، أو مطبوعة والظاهر أنّها مأخوذة ـ بحذافيرها ـ من مطبوعة قم ، التي قام بالتقديم لها والتعليق عليها الشهيد السيّد القاضي الطباطبائيّ ، بما فيها من أخطاء مطبعّية ، وبما علّق عليها السيّد الشهيد من تعاليق ، من دون أنْ ينبّه ـ او ينتبه ـ طابع هذه النسخة الى ذلك.
  ولم يعمل الطابع في هذه النسخة شيئاً سوى حذف المقدمة النفسية التي كتبها السيّد الشهيد القاضي رحمه الله.
  والغريب أنّ بعض التعاليق وردّ فيها الإرجاع الى مؤلّفات القاضي نفسه ، وبما أنّ هذا الطابع لم يذكر اسم المعلّق ، فقد بقيتْ التعليقة مجملةَ المعنى ، سائبة.
  مثل قوله في التعليق على اسم ( الحَسن المُثنّى ) في فصل أولاد الإمام الحَسن المجتبى ( عليه السلام ) ، ما نصّه :( هو الحسن المثنّى ، واليه ينتهي نسب السادة الطباطبائيّين ، فإنهم من أولاد السيّد الجليل إبراهيم . . . وأمّ إبراهيم الغَمْر : فاطمة بنت الحسين ( عليه السلام ) ، وقد ذكرنا ترجمتها في كتاب ( حديقة الصالحين ) مفصّلة.
  انظر مجموعة نفيسة ( ص 18 ).
  والتعليقة بعينها في مطبوعة القاضي ( ص 11 ) مع توقيعه : ( م ع قاضي ).
  وكتاب ( حديقة الصالحين في تراجم السادة العبد الوهابيّين من شُعَب الطباطبائيّين ، الماضين منهم والمعاصرين ) من مؤلّفات السيّد القاضي الطباطبائي ، كما ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة ( ج 6/387 ) برقم ( 2413 ).

تاريخ أهل البيت _ 31 _

هـ ـ نسخة ابن الخشّاب :
قد ظهر لنا ـ بعد التتبع الكثير ، والدقّة التامّة ـ : أنّ كتاب ابن الخشّاب ليس إلاّ نسخةً من كتابنا هذا ، من دون فارق سوى شيء يسير ، يُعْتَبر بسيطاً بالمقارنة الى ما بينهما من الاتحاد والاتفاق والتقارب.
  فالفارق ينحصر بزيادة بعض الروايات ، وسقوط فَصْل واحد ، في كتاب ابن الخشاب ، كما سيأتي بيان ذلك.
  اما فيما يوجد في النسختين ، وهو ما عدا ما ذكرنا ، فهما متّفقان فيه اتفاقا كبيراً ، ومتقاربان بشكل يؤدّي الى القطع باتحادهما ، كما سياتي أيضاً.
  أما من حيث الأسانيد : فالملاحظ تعدّد الاسانيد ، واختلافها في النسختين ، مع أنها تلتقي ـ أحياناً ـ عند بعض الرواة ، كما يلاحظ بوضوح في الجدول الذي أعددناه لذلك.
  وليس هذا التعدّد في الأسانيد ، وهذا الاختلاف في أسماء الرواة ، مؤثّراً الالتزام بتعدّد الكتابين ، بل على العكس ـ فإنّ ذلك يؤثّر الجزم بوحدة الكتابين ، إذا لوحظ جانب الاتفاق بينهما ، فإنّ الأسانيد ، على الرَغْم من تعدّدها واختلافها ـ تنتهي الى الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) ، وهم إنّما ينقلون ما في الكتاب بنصّ واحد.
  وأما ما يُشاهدُ من الاختلاف الضئيل في المتن فهو إنّما يَنْشأُ من اختلافات النسخ ، ومثل ذلك غير عزيزٍ في نسختين من كتاب واحد.
  كما أنّ لتدخّل الرواة المتأخرين ، بزيادة النقول او الاحتمالات ، ما لايخفى من الأثر الواضح في حصول مثل ذلك الاختلاف ، خاصةً بعد قُصور الهمم عن المحافظة على النصوص ، وفي مثل هذه الرسائل الصغيرة ، وبعد تَدَهْوُر الرعاية الثقافية ، وفي مثل هذه المواضيع التاريخيّة ، ممّا قد يتداوله غير أهل الضبط والدقّة ، فإنّ عروض التصحيفات فيه غير بعيد.

تاريخ أهل البيت _ 32 _

   المقارنة بين النسختين :
  أولاً : في الترتيب : إنّ كتابنا مقسّم على فصول سبعة :
1 ـ في الأعمار.
2 ـ في الأولاد.
3 ـ في الامّهات.
4 ـ في الألقاب.
5 ـ في الكُنى.
6 ـ في القُبور.
7 ـ في الأبواب.
  وقد ذكر في كلّ فصل ما يرتبط بأهل البيت ( عليهم السلام ) واحداً بعد واحدٍ، إبتداءً بالنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وانتهاء بالمهديّ ( عليه السلام ).
   لكن ابن الخشاب جمعَ كلّ ما يرتبط بكلّ واحدٍ من أهل البيت ( عليهم السلام ) في فصلٍ مستقلٍّ ، ذكر فيه جميع ما في تلك الأبواب مما يرتبط بذلك المعصوم ، في موضعٍ واحدٍ.
  مثلاً : عَنْونَ للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فذكر عمره، وأولاده، واُمّه، ولقبه، وكُنيته ، وقبره ، كل ذلك متعاقباً.
  ثم ذكرما يرتبط بسائر أهل البيت ( عليهم السلام ) ، حتى المهديّ ( عليه السلام ) ، كلاً في فصل خاصّ يجمع ما يرتبط به في موضعٍ واحدٍ ، كذلك.
  وأعتقد أنّ الترتيب الذي عليه كتابنا هو الأصل في وضع الكتاب ، إلاّ أنّ الرواة المتأخّيرين عمدوا الى الترتيب الثاني ، لأنّه يجمع ما يرتبط بكل واحد من المعصومين ، في مكان واحد ، وهو ما عليه دأب المؤرخين في الكتب المتأخّرة.
  ونظرة واحدة في الكتابين ، وسائر الروايات تُثْبت ذلك.
  ثانياً : في المحتوى : إنّ محتوى النسختين واحدٌ ، فهما يحتويان على تاريخ أهل البيت ( عليهم السلام ) بدءاً بالنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وانتهاءً بالمهديّ ( عليه السلام ) .
  وما عدا ما ذكرنا من الترتيب ، فإنّ المطالب الواردة التي ذكرناها في الأبواب السبعة ، واجدة تقريباً، إلاّ في بعض المطالب ، زيادة ونقصاناً ، وهذه لاتمسّ جوهر ما يحتويه الكتاب ، وإنّما هي روايات إضافية ، نقلتّ عن بعض المؤرخين ، او تفصيلٌ جاء فى نسخة لما ورد مجملا في اُخرى ، أو بأسانيد اُخرى ،

تاريخ أهل البيت _ 33 _

أو روايات إضافية في الفضائل ، ممّا لايرتبط بالتأريخ ، ممّا يدلّ على أنّها مدرجة ، واليك التفصيل : أما الزيادة : فقد ورد في نسخة كتابنا نقل عن ابن أبي الثلج عن ابن همّام ، حول اسم امّ المهدي ( عليه السلام ) .
  ولا يوجد لابن ابي الثلج ، ولا لابن همّام ذكر في نسخة ابن الخشّاب إلاّ أنّ المطلب واردٍ فيه ، بعنوان ( حكي ) و ( روي ).
  وقد احتوى كتاب ابن الخشاب على زيادة من طريق موسى أبي صدقة ، وبسنده الى جابر، في حديث عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يحتوي على إبلاغ السلام الى الامام الباقر ( عليه السلام ).
  وهو حديث مفصّل ذكره ابن الخشاب بطوله.
  لكنّه لم يرد في نسخة كتابنا إلاّ مجملاً ، قال في الفصل الأول ، في عمر الباقر ( وأدركه جابر . . . وهو كان في الكتاب ، فأقرأه عن ( رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ) السلام ،   وقال : هكذا أمرني رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلمّ ).
  وبعض الروايات ، اشتركتا في إيراده ، مع اختلاف الطريق ، وهو ما رواه سهل بن زياد ، الآدميّ ، فقد ورد في نسخة كتابنا عن الفريابي عن أبيه عن سهل.
  ووردّ في نسخة ابن الخشّاب عن الذارع ، بسنده ، عن الحسن بن محمد العمّي ، عن سهل.
  وأما النقيصة : فإنّ ابن الخشّاب روى في فصل المهديّ ( عليه السلام ) من نسخة كتابه رواياتٍ مسنده الى الرضا والصادق ( عليهما السلام ) تتحدّث عن وجوده وولادته.

تاريخ أهل البيت _ 34 _

  وروى أيضاً اختلافاً أوسع ممّا يوجد في نسخة كتابنا ، نقلاً عن الذارع احد رواة نسخته.
  كما أنّ ما يرتبط بالفصل السابع من نسخة كتابنا ، وهو فصل أبواب النبيّ والأئمّة عليهم السلام، لم يرد في نسخة ابن الخشاب أصلاً.
  وأعتقد أنّ هذا الاختلاف الملاحظ فى خصوص ما يتعلق بالمهديّ ( عليه السلام ) ناشئ من أنّ النقلة أكثرهم من العامّة وقد هالهم أمْر انطباق المهديّ ( عليه السلام ) على خصوص ابن الحسن العسكريّ ، الذي يعتقد الشيعة الإثنا عشرية فيه الإمامة ، فلمّا رَوَوْا هذا الكتاب دَعَمُوه ببعض الروايات العامّة في المهديّ ( عليه السلام ) تخفيفاً لما هالهم من ذلك.
  واما فصل الأبواب : فإنّه ممّا تختصّ به الطائفة الشيعيّة بكلّ فرقها ، بل إنّ هذا المصطلح لم نجده في سائر الفرق ، فلذا لم يرق بعض اولئك الرواة فحذفوه ! .
  ومن خلال هذه المقارنة نتمكن من القول بأنّ كتاب ابن الخشّاب ليس إلاّ نسخةً من كتابنا هذا ، وإنْ عراها بعض التَغْيير فى الترتيب والتقديم والتأخير ، وبعض الإضافات او الاختلافات التي لم تقدَحْ في وحدة الكتاب ، ولم تؤثّر على هويّته.
  وعلى هذا الأساس ، نعتبر كتاب ابن الخشاب نسخةً لكتابنا ، هذا.
  ولقد اعتمد المؤلّفون على كتاب ابن الخشّاب : فذكره ابن طاوُس في ( الإقبال ) في أعمال اليوم ( التاسع من شهر ربيع الأول ) وسمّاه في ( اليقين ) بأسم : ( مواليد أهل البيت ).
  وذكر سنده الى الكتاب ، وهو عين السند المذكور في نسخته المطبوعة ، كما سيجيء.
  واعتمد الاربليّ في ( كشف الغُمّة ) على نسخة منه وسمّاه : ( مواليد ووفيات أهل البيت عليهم السلام ) وقال : النسخة التي نقلت منها بخطّ الشيخ علي بن محمد بن وضاح الشهراباني رحمه الله، وكان من أعيان الحسنابلة في زماني ، رأيته وأجاز لي، وتوفّي سنة ( 672 )(1) .
---------------------------
(1) كشف الغمّة 1/14 و 449.

تاريخ أهل البيت _ 35_

  وسمّاه ـ في موضع آخر ـ بـ ( مواليد الأئمّة )(1).
   ونقل نهايته في باب ما روي من أمر المهديّ ( عليه السلام )، وقال : آخر كتاب التاريخ(2).
  واعتمده الشيخ المجلسي وذكره في مصادر ( بحار الأنوار ) بأسم ( تاريخ الأئمّة ).
  وذكره شيخنا الطهراني بأسم : ( المواليد ـ أو ـ مواليد أهل البيت )(3).
  وطبع الكتاب بأسم ( تاريخ مواليد الأئمّة عليهم السلام ووفياتهم ) منسوباً تأليفه الى الحافظ الشيخ ، أبي محمد ، عبدالله بن النصر ، ابن الخشّاب ، البغداديّ ، المتوفّى سنة ( 567 ) كذا في مجموعة نفيسة ( ص 157 ـ 202 ).
  وذكر في أول المطبوعة ما نصّه : بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين.
  أخبرنا السيّد العالم الفقيه ، صفيّ الدين ، أبو جعفر ، محمد بن معد الموسويّ ، في العشر الأخير من صفر ، سنة ستّة عشر و ستمائة ، قال : أخبرنا الأجل ، العالم ، زين الدين ، أبو الفرج ، أحمد بن أبي المظفّر محمد بن عبدالله بن محمد بن جعفر ، قراءةً عليه ، فأقرَّبه ، وذلك في آخرنهار يوم الخميس ، ثامن صفر من السنة المذكورة ، بمدينة السلام ، بدرب الدوابّ ، قال : أخبرنا الشيخ ، أبو محمّد ، عبدالله بن أحمد بن أحمد ، ابن الخشّاب ، قال : قرأت على الشيخ ، أبي منصور ، محمد بن عبدالملك بن الحسن ، ابن خيرون ، المقرئ، يوم السبت ، الخامس والعشرين من محرّم ، سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ، من أصْله بخطّ عمّه: أبي الفضل ، أحمد بن الحسن ، وسماعه منه فيه بخط عمّه ، في يوم الجمعة سادس عشر شعبان ، من سنة أربع وثمانين وأربعمائة : أخبركم أبو الفضل ، أحمد بن الحَسن ، فأقرّ به ، قال :

---------------------------
(1) أيضاً 1/65.
(2) أيضاً 2/475.
(3) الذريعة 23/233.

تاريخ أهل البيت _36_

أخبرنا أبو عليّ ، الحسن بن الحسين بن العبّاس بن الفضل بن دوما ، قراءةً عليه ، وأنا أسمع ، في رجب سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة ، قال : أخبرنا أبوبكر ، أحمد بن نصربن عبدالله بن الفتح ، الذارع ، النهروانيّ بها ، قراءةً عليه ، وأنا أسمع ، في سنة خمس و ستين وثلاثمائة ، قال(1).
  وقد ذكرنا سند الذارع سابقاً في فصل ( أسانيد الكتاب ) برقم ( ج 1 ).
  وفي آخر النسخة : تمَّ ، وبالخير عمّ ، بقلم الفقير الى الله الغنيّ ، علي بن عبدالله الجزائري ، 17 صفر أحد شهور سنة ( 1029 ) من الهجرة النبويّة ، على مشرفها أفضل الصلاة والتحية ، بقرية ( خلف آباد ) في زمن الشاه عبّاس الحسينيّ(2).
  وقد اعتمدنا على هذه النسخة المطبوعة في تحقيقنا هذا، وذكرناها بأسم ( تاريخ ابن الخشاب ).
  ولهذا الكتاب نسخ مخطوطة ، لم نقف عليها ، ذكرت في الفهارس ، واليك أوصافها : قال الطهراني :هو من مآخذ البحار ، قال المجلسي : إنْ ابن الخشّاب تاريخه مشهور ، أخرج عنه صاحب كشف الغمة ، المتوفى ( 692 ) وأخباره معتبرة.
  ويعبر عنه بـ ( مواليد أهل البيت ) كما في حرف الميم من ( كشف الظنون ).
  ثم ذكر أنّ ابن طاوس نقل في كتبه عنه ، وقال : نسخة منه عند النوريّ ، وعن خطّه كتب السيّد عليّ بن عبدالله في سنة (1313 ) في سامراء ، والنسخة في مجموعة عند السيّد مهدي الخراسان بالنجف.
  ونسخة اُخرى في مجموعة من وقف الحاج علي الايرواني في تبريز ، وعنه استنسخ الحاج المولى عليّ الخيابانيّ، وذكره بعنوان ( تاريخ الأئمّة ) في آخر الثالث من ( وقائع الأيام ).

---------------------------
(1) مجموعة نفسية : 158 ـ 160.
(2) مجموعة نفيسة : 202.

تاريخ أهل البيت _ 37_

6 ـ اسم الكتاب :
   لقد رأينا عند الحديث عن النسخ أنّ اسم الكتاب يختلف من نسخةٍ الى أخرى : ففي التركية : تاريخ أهل البيت من آل الرسول.
  وفي القميّة : تاريخ الأئمّة ( عليهم السلام ) ، وكذلك في نسخة جامعة طهران ، ونسخة مشهد.
  وفي النجفية : مواليد الأئمة.
  وسمّاها سزگين برسالة في أعمار الأئمّة.
  وفي نسخة ابن الخشّاب ، ذكر بأسماء عديدة.
  المواليد.
  ومواليد أهل البيت.
  وتاريخ الأئمّة.
  وتاريخ أهل البيت.
  وتاريخ المواليد ووفيات أهل البيت .
  وتاريخ مواليد أهل البيت ووفياتهم.
  وهذا الأخير جاء في مطبوعة ابن الخشاب المعتمدة.
  وقد لاحظت :
أ ـ أنّ كتابنا لايختصّ بالمواليد ، أو حتّى مع الوفيات أيضاً ، بل يعمُّ جميع الشُؤون الخاصّة لكل واحدٍ من المعصومين من أهل البيت عليهم السلام ، حتى الأولاد ، والاُمّهات ، والأبواب.
  والعنوان الجامع لكل هذه الشُؤون في الأشخاص هو عبارة ( التاريخ ).

تاريخ أهل البيت _ 38 _

ب ـ أنّ الكتاب لايختصّ بالأئمّة ، وهو عند الإطلاق يعني الائمّة الإثني عشر ( عليهم السلام ) فقط بل يحتوي على تاريخ الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وابنته فاطمة الزهراء ( عليها السلام ).
  والكلمة الجامعة لكل من الرسول والزهراء والأئمّة ( عليهم السلام ) هو عبارة ( أهل البيت ).
  وقد اُطلقت هذه الكلمةُ على ما يشمل الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في بعض النصوص التي وردتْ في تفسير آيه التطهير(1).
  وعلى أساس هاتين الملاحظتين اخترتُ اسم ( تاريخ أهل البيت عليهم السلام ) اسماً لهذا الكتاب.   مع أنّه هو الإسم الذي ورد في المخطوطة الوحيدة التي اعتمدناها ، وهي التركيّة.
  مضافاً الى دلالته الواضحة على محتوى الكتاب ، وجمعه لكل ما فيه.

---------------------------
(1) هي الآية ( 33 من سورة الأحزاب 33 ) وانظر الحديث من رواية ابي سعيد الخدري مرفوعاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال : نزلت في خمسة : فيّ وفي عليّ وفاطمة وحسن وحسين.
اورده في مجمع الزوائد ( 9/167 ـ 168 ) عن البزار والطبراني.

تاريخ أهل البيت _ 39 _

7 ـ مؤلّف الكتاب :
  نُسبِ هذا الكتاب الى عدّة أشخاص ، وهم :
  نصر بن علي الجهضمي.
  الإمام الرضا ( عليه السلام ).
  أحمد بن محمد الفاريابيّ.
  ابن أبي الثلج البغداديّ.
  ابن الخشّاب.
  ونضيف نحن الى هذه الفروض : أنّ النقول الواردة في الكتاب ينتهي أهمّها الى أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) أنفسهم ، فتنتهي الى الأئمّة : العسكريّ ، والرضا ، والصادق ، والباقر ( عليهم السلام ) ، وكل إمامٍ يذكرما يتعلّق بمن سبقه من الأئمّة ، او يرويه عن آبائه ( عليهم السلام ).
  أليس في هذا دلالةٌ على أنّ لهذا الكتاب ـ ولو في أكثر نصوصه ـ أصلاً متّحداً ، متوارثاً عن الأئمّة ، كانوا يتناقلونه ؟.
  وإنْ لم يكن مكتوباً عندهم ، فهو لاشكّ كان محفوظاً لديهم ؟ ! .
  ويتأكّد فرضنا هذا بالنسبة الى ما يتعلّق بتاريخ الرسول ، والزهراء ، وعليّ ، والحسن ، والحسين ، والسجاد ( عليهم السلام ) ، حيث تجتمع عليها روايات الأئمّة الباقر والصادق والرضا والعسكري ( عليهم السلام ) ، أمّا سائر الأئمّة ، فإنّ كلّ إمام يروي أحوال من سبقه ، كما أشرنا الى ذلك سابقاً ، وفي هامش المتن ، الفصل الأول.

تاريخ أهل البيت _ 40 _

  وأما ما يتعلق بعصر ما بعد الأئمّة ، فلا بدّ أن يكون من إضافات بعض الرواة المذكورين في الكتاب، كما سيأتي.
  وهذا الاحتمال لم يسبقنا الى افتراضه أحدٌ فيما نعلم.
  وأما سائر ما قيل في مؤلّف هذا الكتاب، فكما يلي : نسبة الكتاب الى نصر الجهضميّ نسبه اليه السّيد ابن طاوس ، فقال : ذكر نصر بن عليّ الجهضميّ ، وهو من ثقات رجال المخالفين ـ فيما صنّفه من مواليد الأئمّة ( عليهم السلام )(1).
  ونسب الى نصر في نسخة جامعة طهران ضمن المجموعة ( 2119 ) بأسم ( تاريخ الأئمّة ) (2).
  وكذلك في ضمن مجموعة في مدرسة السبزواريّ من وقف المدرسة السميعيّة (3).
  ونسب الكتاب الى نصر الشيخ حسن ابن المحقّق الكركيّ في كتاب عمدة المقال(4) . .
  ويظهر كذلك من مفهرس النسخة التركيّة(5).
  لكن هذا الاحتمال غير صحيح ، لأنّ الكتاب إنّما يُروى عن نصر فيما يرتبط بأعمار الأئمّة، والى حدّ عُمُر الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وأما ما بعده فقد روي عن طريق الفريابي في نسختنا.
  وأما في نسخة ابن الخشّاب ، فلم يرد ذكر لنصر الجهضمي أصلاً مع إيراده لنصّ الكتاب ، بل روايته تنتهي الى الصادق والباقر ( عليهما السلام ) ، فكيف يكون تأليفاً لنصر ، الذي يروي الحديث عن الرضا عليه السلام فقط ؟.

---------------------------
(1) مهج الدعوات : 6 ـ 277 ولاحظ الطرائف ( ص 175 ).
(2) فهرس نسخه هاى خطي كتابخانه مركزى دانشگاه طهران ( 8/858 ).
(3) الذريعة ( 20/110 ).
(4) الذريعة ( ج 3/212 ).
(5) كما نقلناه عن النسخة ، في ( 23 ) عند حديثنا عن نسخ الكتاب.

تاريخ أهل البيت _ 41 _

  مضافاً الى وجود عبارة ( قال نصر في حديثه ) في الكتاب، وهو يدلّ على أنّ مؤلّفاً آخر قد ضمّ رواية نصر الى سائر الروايات وجمعها في الكتاب(1).
  من تأليف الإمام الرضا ( عليه السلام ) : جاء على ظهر النسخة التركية ، ما نصّه : فيه تاريخ أهل البيت من آل الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وأنسابهم ، وكناهم ، وألقابهم ، وقبورهم ، لعلي بن موسى الرضا ( صلوات الله عليه ) ، سأله عنه نصر بن عليّ الجهضمي رحمه الله(2).
  فظاهره أنّ تأليفه منسوب الى الإمام الرضا ( عليه السلام ) .
  لكنّ الالتزام به لايتمّ.
  لأنّ الإمام الرضا ( عليه السلام ) إنّما يروي ذلك النصّ عن آبائه عليهم السلام.
  وأن رواية النصّ من طرق اُخرى ، لا يتوسّط فيها الإمام الرضا ( عليه السلام ) فتنتهي الى الصادق والباقر ( عليهما السلام ) ، لدليل واضحٌ على أنّ ذلك النصّ لايختص بالإمام الرضا ( عليه السلام ).
  وكذا وجود ما يرتبط بوفاة الامام الرضا ( عليه السلام ) نفسه ، وشؤون من تأخّر عنه من الأئمّة ، خصوصاً الرواية في الكتاب عن العسكريّ عليه السلام دليل واضح على أنّ الإمام الرضا ( عليه السلام ) ليس هو المؤلّف.
  الفريابي : وقد نسب فؤاد سزگين التركيّ هذا الكتاب الى أحمد بن محمّد الفريابيّ، الراوي عن نصر، فقال : أحمد بن محمّد ، الفريابيّ : عاش في القرن الثالث الهجري، ومن شيوخه نصر بن عليّ الجهضميّ ( المتوفى 250 )، انظر تذكرة الحفاظ ( 519 ) والتهذيب لابن حجر ( 10/429 ).

---------------------------
(1) الذريعة ( 4/474 ).
(2) النسخة التركية ( ص ظ 304 ).

تاريخ أهل البيت _42 _

  وله رسالة في أعمار الأئمّة :
  چلبي عبد الله : 39/4 ( 304 ب ـ 306 أ )(1).
  وبالرغم من انفراد سزگين بهذه النسبة ، كما أنه انفرد في تسمية الرسالة بذلك الاسم ، حيث لم يرد شيء من الأمرين في تلك النسخة ولا في أى مصدرٍ آخر، فان هذه النسبة ليست صحيحة قطعاً، وذلك :
1 ـ لأنّ النصّ قد ذكر عند الخصبي وابن الخشّاب بطرقٍ ليس فيها للفريابيّ ذكر أصلاً.
  فلاحظ الطريق ( ب 1 ) و ( ب 2 ) و ( ج 1 ) و ( ج 6 ) فيما سبق.
2 ـ أنّ الكتاب يحتوي على رواياتٍ لمن تأخّر عن الفريابي طبقةً، كأبي بكر ابن أبي الثلج ، وأبي بكر الذارع ، وغيرهما.
  قال الشيخ الطهراني : في أثناء الكتاب ، كثيراً ما يقول:
   ( قال أبوبكر ـ أو ـ ابن أبي الثلج ) من غير رواية عن أحدٍ(2).
  فكيف يكون الكتاب من تأليف الفريابي المتقدّم ؟ .
  ابن أبي الثلج : ونسب الكتاب الى ابن أبي الثلج ، البغداديّ.
  جزم بذلك جمع من الأعلام ، منهم شيخنا الطهرانيّ ، استناداً الى الجهد البليغ الذي بذله في الكتاب ، وهو الظاهر من تكرّر ذكره فيه، فإنه كثيراً ما يستدرك على الفريابي وغيره ، مافاتهم(3).

---------------------------
(1) تاريخ التراث العربي 1/416.
(2) الذريعة 4/474.
(3) انظر ( ص ).

تاريخ أهل البيت _ 43 _

  وكذلك جزم السيّد الشهيد القاضي الطباطبائي بأنّ المؤلّف هو ابن أبي الثلج ، فطبعه منسوباً اليه(1).
  وكذلك جاءت هذه النسبة ـ من غير ترديد ـ في ما كتبه السيّد المرعشي دام ظله في مقدّمة طبعته للكتاب(2).
  لكن : اولا :
  إنّ كثيراً من الطرق لم يرد فيها ذكر لابن أبي الثلج أصلاً ، وهي الطرق التالية ( ب 1) و ( ب 2 ) و ( ب 3 ) و ( ج 1 ) و ( ج 2 ) و ( ج 5 ) و ( ج 6 ).
  وثانياً :
   إن الكتاب يحتوي على ما يتأخّر عن عهد ابن أبي الثلج ، كما في فصل الأبواب والكلام عن وفاة السمري وسدّ باب النيابة في سنة ( 329 ).
بينما ابن أبي الثلج ، قد توفي سنة ( 325 ) على أبعد تقديرٍ(3).
  ابن الخشّاب : وقد نسب الكتاب الى ابن الخشّاب في النسخ المختلفة التي جاءت بسنده والمرتبة على ترتيبه.
  فقد جاء كذلك في النسخة المطبوعة منه(4).
  وكذلك نسبه اليه السيّد ابن طاووس في ( الإقبال ) (5). الأربلي (6). وكذلك نقله عنه المتأخّرون (7).
  لكنا ـ بعد أنْ أثبتنا في فصل سابق : أنّ كتاب ابن الخشّاب ليس إلا نسخة من كتابنا ـ نقول : ليس ابن الخشّاب إلاّ راوياً لهذا الكتاب.

---------------------------
(1) تاريخ الأئمّة، طبع قم سنة ( 1368 ) ( ص : ب ـ ر ) من المقدمة.
(2) مجموعة نفيسة ( ص : د ).
(3) لاحظ ترجمته.
(4) مجموعة نفيسه : 157.
(5) اقبال الاعمال.
(6) كشف الغمة 1/14.
(7) الذريعة 23/233.

تاريخ أهل البيت _ 44 _

  والدليل على ذلك :
  اولاً :
  أنّ النصّ قد روي بطرقٍ لاترتبط بابن الخشّاب أصلاً ، بل روي بطرق رواة سبقوا ابن الخشّاب بقرون ، كابن أبي الثلج والخصيبيّ.
  فانظر الطرق ( أ 1 ) و ( أ 4 ) و ( ب 1 و 2 و 3 ).
  فكيف يمكن فرض ابن الخشّاب مؤلّفاً للكتاب ؟
  وثانياً :
   أنّا لانجدُ في ثنايا الكتاب ذكراً لابن الخشّاب يدلّ على بذله جهداً في النصّ ، بزيادةٍ او استدراكٍ ، فليس عمله في الكتاب أكثرَ من روايته له بأسانيده.
  الخصيبيّ :
  وهل الكتاب من تأليف الحسين بن حمدان الخصيبيّ المتوفّى ( 358 ) ؟
  قد يحتمل ذلك باعتبار تصدّيه للتأليف في تاريخ الأئمّة ( عليهم السلام ) بعنوان ( الهداية ) وقد أدرج فيه قسماً كبيراً من هذا الكتاب، بأسانيد عديدة.
  مع أنّ هذا الكتاب يحتوي على ذكر ( محمّد بن نصير النُمَيْريّ ) الذي تعتبره الفرقة النصيرية من الوكلاء والأبواب للحجّة المنتظر ، والخصيبي يُعَدُّ من علماء هذه الفرقة ومنظّري عقائدها.
  نقول :
   لكن هذا الاحتمال مرفوضٌ قطعياً ، وذلك :
  اولاً :
   لأنّ الخصيبي قد ألّف في تاريخ الأئمّة كتابه الكبير ( الهداية ) ، وليس ما رواه عن هذا الكتاب إلا بعض ما أورده فيه ، مع ذكر أسانيده اليه ، وهذا في نفسه دليل على عدم كونه مؤلّفاً لهذا النصّ ، وإنّما ينقل عنه بالأسانيد المعنعنة.
  وثانياً :
   أنّ لهذا النصّ طرقاً عديدةً لم يَرِد فيها ذكر للخصيبي أصلاً ، وهي طرق المطبوعة ، وابن الخشّاب.

تاريخ أهل البيت _ 45_

  لاحظ الطرق ( أ 1 و 4 ) و ( ج 1 و 2 و 5 و 6 ).
  وإنّما يتّصل الحسين الخصيبيّ بالطريق ( أ 1 ) في ( ب 3 ) فقط ، ومثل ذلك لايحتمل فيه أن يكون من تأليفه.
  وثالثاً :
  أنّ الخصيبي ـ كما ذكر ـ من كبار الفرقة النُصَيْريّة ، بل يظهر من كتاب ( الهداية ) أنّه من المتعصّبين لهذا المذهب.
  وما ورد في كتابنا هذا ، إنّما يذكر النُصَيْريّة بعبارةٍ لاتدلّ على الاهتمام الأكثر ، فإنّ يقول : في فصل الأبواب : عليّ بن محمّد ( عليه السلام ) : بابُه عثمان بن سعيد العَمْريّ.
  وقال قومٌ : إنّ محمد بن نصير النميري الباب، وإنْ عثمان بن سعيد للباب، ومحمد بن نصير للعلم.
  الحسن بن عليّ ( عليه السلام ) : باُبه عثمان بن سعيد، ومحمد بن نصير ، كما قالوا في أبيه ، وهم ( النُصَيْريّة ).
  وهذا يدلّ على أنّ المؤلّف ذكر ( النصيريّة ) كفرقةٍ فقط ، لاالجزم بما تقول ، وليس مثل هذا الكلام مقبولاً عند النصيرية قطعاً.
  مع أنّ ما يليه من العبارة ، وهي ذكر نواب المهديّ ( عليه السلام ) ، يدلّ على أنّ مؤلّف الكتاب لم يكن من النصيريّة ، حيث أقّر بالنوّاب الأربعة على الترتيب المعترف به عند كافّة الإماميّة ، دون الفرق الاُخرى ، والمعروف أنّ النصيريّة لاتعترف بالنّواب بهذا الشكل.
  فَمَنْ هُوَ مؤلّف الكتاب ؟ .
  لقد عرفت من رأينا أنّ هذا الكتاب إنّما هو نصٌّ ثابتٌ منذ عُصور الأئمّة ( عليهم السلام ) وأنّهم كانوا يحفظونه ويتناقلونه ، وقد رواه المحدّثون كذلك ، محفوظا ، مضبوطاً ، محافظاً على وحدته.

تاريخ أهل البيت _ 46 _

  فليس الكتابُ ـ في عمدة نصوصه ـ إلاّ من تأليف الأئمّة أنفسهم ( عليهم السلام )، سوى ما يتأخّر عن عهدهم.
  وإنْ شكَكْنا في ذلك ، وقدِرَ أنْ يُنْسَبَ الكتابُ الى مَنْ تأخّر عنهم من الرواة فمع إمكان نسبة تاليفه الى بعض المتقدّمين ، لم يبق مجال الى نسبته الى المتأخّرين.
  والأنسب للمباحث المحقّق أن يتابع تراجم المذكورين في هذا الكتاب ، ليقف على من يُمكن نسبة الإضافات على الروايات المذكورة اليه فيكون هو الجامع بين شتات تلك الروايات، والمؤلّف لكل الأقوال المعروضة في الكتاب.
  لكن لابدَّ من ملاحظة اُمور :
1 ـ أنْ يكون المؤلّف شيعيّاً ، معتقداً بالإمام المهديّ كما يعترف به الإماميّة الإثنا عشريّة.
  لأنّ ما ورد في الكتاب من ذكر الغيبة والسفراء يستدعي ذلك بوضوح.
2 ـ أنْ تكون وفاة المؤلّف متأخرةً عن زمان الغيبة الصغرى سنة ( 329 ) كي يكون جميع ما جاء في الكتاب منسوباً اليه.
3 ـ أنْ يكون من المؤلّفين لكتاب في تاريخ أهل البَيْت ( عليهم السلام ).