كان الخناثى ثلاثة فله الثّمن لاستحقاقه له على تقدير من ثمانية وهو انوثيّة الجميع ، وهكذا فعلى السّقوط الفريضة من اثنى عشر ، لأنّ أصل الفريضة من ستّة ، والباقى بعد سدس أحد الأبوين لا ينقسم على اثنين على الأبوين ، وعلى العدم الفريضة من مأئة وعشرين ، فللأب مائتان وعشرون ، ولكلّ خنثى تسعة وأربعون ونصف ، فتضرب المائة والعشرين في اثنين تبلغ مأتين وأربعين.
  وعلى إيجاب التّعدّد للأب عشرون في ثلاثة أحواله وأربعة وعشرون في حال ، فله ربع المجموع ، فينقص سهما ، ولكلّ خنثى تسعة وأربعون ونصف ، فتضرب المائة والعشرين في اثنين.
  العاشرة :
  العمل في الخناثى من الإخوة من الامّ والأخوال وأولادهم كما في الأولاد ، وأمّا الإخوة من الامّ والأخوال وأولادهم فلا حاجة فيهم إلى هذه الكلفة لتساوى الذّكور والإناث في الميراث.
  فلو خلّف جدّ الأب وأخا له خنثى ، فالمال نصفان تارة ، وأثلاثا اخرى ، فتضرب إحدى الفريضتين على أحد التّقديرين في الاخرى على الآخر ، ثمّ المجتمع في اثنين ، فللجدّ سبعة ، وللخنثى خمسة ، ولو كان معه جدّة فبالعكس.
  الحادية عشر :
  هل يصحّ كون الآباء والأجداد خناثى ؟ قال الشّيخ في المبسوط في ميراث الخناثى : ولا يتقدّر في الخنثى أن يكون أبا وامّا ، لأنّه متى كان أبا كان ذكرا بيقين ، ومتى كانت امّا كانت انثى.
  وبتقدير أن يكون زوجا أو زوجة على ما روى في بعض الأخبار.
  فإن كان زوجا فله نصف ميراث الزّوج ، ونصف ميراث الزّوجة ، و

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 359
  الطّريق ما قلناه ، وفيه نظر.
  فإنّه إذا كان زوجا تكون زوجة تكون انثى ، فكيف يكون له شي‌ء من نصيب الزّوجة.
  وإن كان زوجة لم يتّجه أن يكون له شي‌ء من نصيب الزّوج.
  وقيّده بعضهم بكونهما خنثيين ، فإنّه حينئذ يجوز أن يكون الميّت رجلا ، والباقى امرأة ، وبالعكس.
  أمّا على تقدير كون الزّوج رجلا فإنّها إن كانت امرأة فله نصيب الزّوجة ، وإن كانت رجلا فلا إرث لانتفاء سببه ، وكذا العكس.
  ويشكل بأنّ النّكاح بين الخنثيين إنّما ينعقد مع العلم بكون أحدهما رجلا والآخر امرأة ، وهو منتف ، لجواز كونهما رجلين أو امرأتين ، والإرث فرع ثبوت النّكاح ، وإعطاء نصف النّصيبين في القريب لعدم خلوّ الواقع في نفس الأمر عن الإرث ، بخلاف ما هنا ، فإنّ الحال لا يخلو عن كونهما ذكرين وانثيين ، والميّت ذكرا ، والباقى انثى أو العكس.
  وعلى الأوّلين : لا إرث لما عرفت ، فلا يستقيم التّقييد كما لا يستقيم الإطلاق.
  وقال المحقّق : في كون الآباء والأجداد خناثى بعد ، لأنّ الولادة تكشف عن حال الخنثى.
  إلّا أنّ بين ذلك على ما روى عن شريح في المرأة الّتي ولدت وأولدت زوجة بأنّ منىّ الرّجل لا يكفى في تكوين الولد ، وكذا منىّ المرأة ، فلا بدّ من اجتماعهما وامتزاجهما.
  فلكلّ واحد منهما خاصية يحدث بسببها ما هو متعلّق به ومتولّد منه.
  فإذا كان في جهة منىّ الخنثى توليد من جهة الابوّة ، لم يكن فيه توليد

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 360
  من جهة الامومة ، وفيه نظر ، لاحتمال أن يجتمع في الخنثى الخاصيتان ، كما اجتمع فيه الأمران.
  والرّواية مع ضعف سندها لا تدلّ إلّا على التّوليد ، لا التّولّد ، وكونه أبا وجدّا وجدّة يتوقّف على صحّة نكاح الخنثى إنّه إذا تزوّج رجلا أمكن كونه رجلا ، وإن تزوّج امرأة أمكنت كونها امرأة.
  اللهمّ إلّا أن يتّفق ذلك لشبهة ، وعلى ما فهم من الرّواية يشكل النّسبة بين الولدين ، إذ شرط تحقّق نسبة الإخوة بينهما أن يكون أحد الأبوين بالنّسبة إليهما واحدا ، وهو منتف ، إذ نسبته إلى أحدهما بالابوّة ، وبالآخر بالامومة والمشروط عدم عند عدم شرطه ، ومن أنّ تولدهما واحد ، وإن اختلفت الجهتان.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 361
  وهنا أيضا مسائل آخر
  الاولى :
  من فقد الفرجين إمّا أن تخرج الفضلتان من الدّبر أو فقد الدّبر أيضا ، ويكون له ثقبة بين المخرجين ، منها : البول مع وجود الدّبر ، أو بأن يتقيّأ ما يأكله كما نقل ، فالمشهور : إنّه يورث بالقرعة بعد الدّعاء ، ومستنده أخبار كثيرة ، منها :
  صحيحة الفضيل بن يسار ، قال : سئلت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مولود ليس له ما للرّجال وما للنّساء ، قال : يقرع الإمام أو المقرع ، فيكتب على سهم : عبد الله ، وعلى سهم امة الله ، ثمّ يقول الإمام أو المقرع.
  اللهمّ أنت الله لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك كانوا فيه يختلفون بيّن لنا أمر هذا المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب. (1)
  ثمّ تطرح السّهمان في سهام مبهمة ، ثمّ تجيل السّهام ، ويورث على ما يخرج.

(1) الكافى 158 ، ج : 7 ) ، التّهذيب ( ص : 356 ، ج : 9 ) ، الإستبصار ( ص : 187 ، ج : 4 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 362
  وموثقة عبد الله بن مسكان عن الصّادق عليه‌السلام قال سئل عليه‌السلام : وأنا عنده عن مولود ليس بذكر ، ولا انثى ليس له إلّا دبر ، كيف يورث ؟ قال يجلس الإمام ، ويجلس عنده اناس من المسلمين فيدعون الله ، ويجيل السّهام عليه على أىّ ميراث يورثه. (1)
  وكذا مرسلة ثعلبة عن الصّادق عليه‌السلام :
  وقال ابن الجنيد : فإن كان من الموضع ثقبة لا تشبه الفرج ، ولا له ذكر نظر ، فإن كان إذا بال نحى بوله ناحية من حذا مباله ، فهو ذكر ، وإن لم ينح وبال على مباله فهو انثى.
  واحتجّ بمرسلة عبد الله بن بكير ، واجيب بأنّ الأوّل أصحّ سندا وأوضحه ، وأشهر بين علمائنا.
  قال الشّيخ رحمه‌الله : لما ذكر هذه الرّواية : لا تنافى الأخبار المتقدّمة ، لأنّها محمولة على ما إذا لم يكن هناك طريق يعلم به أنّه ذكر أمّ انثى استعمل القرعة ، فأمّا إذا أمكن على ما تضمنه الرّواية الأخيرة فلا يمنع العمل عليها ، وإن كان الأخذ بالرّوايات اولى.
  قال الشّهيد الثّانى بعد ذكر صحيحة الفضيل ، والظّاهر : أنّ الدّعاء مستحبّ ، لخلوّ باقى الأخبار منه ، وكذا نظائره ممّا فيه القرعة ، وممّا ذكرناه يعلم أنّ باقى الأخبار ليست بخالية منه ، وإن لم يذكر فيها خصوص الدّعاء ، إذ المطلق نحمل على المقيّد ، والحمل على النّظائر بعد ورود النّصّ لا وجه له.

(1) التّهذيب ( ص : 357 ، ج : 9 ) ، وسائل الشّيعة ( ص : 294 ، ج : 26 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 363
  الثّانية :
  من له رأسان وبدنان :
  اعلم أنّ بمقتضى القاعدة أنّ لكلّ مكلّف في عبادة أو معاملة أو حكم حكم بنفسه وبدنه مستقلّا من دون الرّبط بغيره ، وقد يحصل الرّبط في البين للاشتراك في جزء من البدنين ، كما إذا خلق الله على حقو واحد شخصين ، ويعرف اتّحادهما أو تعدّدهما بالألفاظ من النّوم مكرّرا ، فإن انتبها بتنبيه أحدهما فواحد ، وإلّا فاثنان ، كما قضى به علىّ عليه‌السلام.
  في التّهذيب : وروى أحمد بن أبى بصير عن أبى جميلة قال : رأيت بفارس امرأة لها رأسان ، وصدران في حقو واحد متزوّجة تغار هذه على هذه. (1)
  والحقوا ( بفتح الحاء وسكون القاف ) معتقد الإزار عند الخصر ، ويرثان بإرث ذي الفرج الموجود فيحكم بكونهما ذكرا واحدا ، أو ذكرين ، أو انثى واحدة ، أو انثيين ، ويتفرّع على تعدّدهما أحكام كثيرة ليست بمحصورة.

(1) الكافى ( ص : 159 ، ج : 7 ) الفقيه ( ص : 330 ، ج : 4 ) ، التّهذيب ( ص : 358 ، ج : 9 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 364
  منها : مسئلة الحدث الأصغر مع السّبب المختصّ بأحدهما ممّا يتعلّق بالاعالى من نوم ، ونحوه ، فيتعلّق الأمر بالطّهارة ، وبه وحده دون صاحبه على الأقوى ، فإذا حاول الوضوء ، وأراد الحركة إلى الماء ، وأبى عليه الآخر ، فهل له إجباره بنفسه أو مع إبلاغ إلى الحاكم ، أو لا ، بل ينتقل فرضه إلى التّيمّم مع حصول مما يتيمّ به.
  فإذا احتاج إلى الحركة لطلبه ، فأبى عليه أيضا ، احتمل فيه الإجبار إلى الماء ، وسقوط الصّلاة لفقد الطّهورين ، ولو أراد المسح على القدمين المشتركين فأبى عليه الآخر احتمل الإجبار ، والاكتفاء بالأعالى كالمتطوّع ، والرّجوع إلى التيمّم لاختصاصه بالعوالي.
  ثمّ إذا كان الأوّل متطهّرا ، هل ينتقض طهارته بحدث صاحبه المتفرّع على العوالى حيث أنّ الحدث متعلّق بتمام البدن ، ومن جملة بعض الأعضاء الوضوء من الآخر ، والوضوء لا يتبعّض ، أو تبقى طهارته ، ويختصّ الحدث بالعوالي ، فيجوز لكلّ منهما مماسّة الكتاب بالأسافل ، أو يختلف الحكم باختلافهما ، فيحرم المسّ من جهة الحدث دون المتطهّر ، وكذا الحكم فيما إذا التزم أحدهما بالوضوء لبعض الأسباب دون الآخر.
  ومنها : ما إذا اشترك الحدث الأصغر بينهما ، فإن وجب الوضوء على أحدهما دون صاحبه لفراغه من صلاته جاء الحكم السّابق ، وإن اشتركا في الوجوب كان القول بالإجبار فيه بأحد الوجهين السّابقين أقوى من السّابق.
  ومنها : ما ذا اختصّ الحدث الأكبر بأحدهما لتعلّقه بالعوالي كمسّ الميّت بها من واحد دون الآخر ، ففى المسألة التّشريك في الأسافل والإجبار وعدمه نظير ما سبق.
  منها : أنّه لو كان أحدهما صائما ، فهل له منع المفطر عن الجماع مطلقا ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 365
  أو لا مطلقا ، أو في خصوص الواجب المعيّن ، لو قلنا بجوازه.
  ومنها : ما إذا اشترك الأكبر بينهما ، كما إذا حدث من الأسافل أو اشتركا في العوالى ، ويجرى الحكم في الإجبار وعدمه ، وإمكان طهارة أحدهما دون الآخر على نحو ما مرّ.
  ومنها : أن يكون من أحدهما الأكبر ، ومن الآخر (1) وحكمه ظاهر ممّا سبق.
  ومنها : لزوم إزالة النّجاسة المتعلّقة بالمحلّ المشترك في محلّ الاستنجاء أو غيره ، أو بالخاص ، وأراد الذّهاب لإزالتها ، والحكم يعلم بالمقايسة في المقامين.
  ومنها : أنّه تسقط الجمعة عنه ، وصلاة الجماعة أو الانفراد في المسجد ، بل يحرم الدّخول إليه مطلقا ، ولا سيّما مع جناية الكافر.
  ومنها : أنّه لو كان أحدهما فقط كافرا ، فهل ينجس محلّ الاشتراك ، فلا يطهر تغليبا للكفر ، أو يطهر تغليبا للإسلام.
  وعلى الأوّل هل يسقط التّكليف بالطّهارة لبطلان التّبعيض ، أو ينزل منزلة المقطوع ، أو يلزم التيمّم.
  وعلى القول بتغليب الطّهارة يتعيّن الارتماس بالمعصوم ، لعدم إمكان التّحفظ من تنجيس الماء ، أو يلحق بالسّابق.
  ومنها : أنّه لو كان أحدهما كافرا حربيّا جاز لصاحبه استرقاقه إن تمكّن من قهره ولو قهره لأخّر ملكه ، وتقسم الاجرة الحاصلة على وفق العمل ، فإذا عمل أحدهما بيديه ورجليه ، أو بيد ورجل كان له ثلاثة أرباع ،

(1) والصّحيح : دون الآخر.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 366
  وللآخر الرّبع ، أو بيدين ورجل كان له خمسة أسداس ، وللآخر السّدس ، وإن عمل بإحدى يديه ، وكلتا أرجليه كان له ثلثان ، وللآخر الثّلث.
  كلّ ذلك مع تساوى اليد ورجل في العمل ، ولو كان الاسترقاق لأكثر من واحد قسّموا معه ، واقتسموا بينهم ، ولو من استرقه بيعه وإيجاره ، ونحو ذلك.
  ومنها : إنّهما لو كانا مجتهدين أو مقلّدين أو مختلفين ، واختلف حكمهما مع التّدافع اقترعا ، وترجيح الأفضل وجه ، وفي باب التّقليد منهما أو الاختلاف وجه.
  ومنها : أنّه لو مات أحدهما فقط ، فهل يدعى ميّتا تجرى عليه الأحكام أو حيّا لحياة بعضه ، فلا يجرى عليه الأحكام مطلقا ، أو لا تجرى إلّا بعد الفصل ، أو الانفصال.
  وعلى الأوّل : يجب قطعه مع عدم خوف السّراية ، ومع الخوف يكفن ويترك الميزر ، ويخيط ويترك ما يتعلّق بالأسافل ، ويبعد احتمال بنفسه طبيعيّة ، ويصلّى عليه صاحبه إن شاء لو ساواه أو تقدّم الميّت عليه ، وإلّا فغيره.
  وفي إدخال الأسافل في النّيّة وجه ، ولو قطع ممّا تحت الحقو عظم اشتركا في تجهيزه ، ولو أمكن قطعه مع عدم خوف السّراية قطع ، ويجب للتّخلّص من النّجاسة ، وللتّجهيز إن كان مسلما.
  ومنها : أنّهما لو زنيا أو لاطا فهل عليهما حدّ واحد أو حدّان ، ولو جبر أحدهما صاحبه على الفعل أو كان نائما غافلا لم يكن عليه شي‌ء من الإثم ، ولا من المهر للوطى المحرّم ، أو وطى الشّبهة على إشكال.
  ولو كان الجبر والشّبهة منهما معا كان على كلّ واحد نصف مهر المثل ، وكذا لو كان أحدهما جابرا ، والآخر مشتبها ، ويستقرّه الضّمان على

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 367
  الجابر ، واحتمال المهرين بعيد.
  ويلحق الولد بالمشتبه منهما ، وفي الموطوء يلحق الحامل المشتبه ، ولو كان الحمل من غير المشتبه لم يلحق بواحد منهما.
  كلّ ذلك على اعتبار محلّ الحمل دون محلّ الولادة ، وإلّا اختلف الحكم في بعض الصّور.
  وكذا لو فعل ما يوجب التّعزير ، وعلى كلّ حال لا بدّ من اجتناب الأسافل.
  ومنها : درء الحدود والقصاص مع الخوف السّراية سواء كانت الجناية من أحدهما على صاحبه ، أو من خارج ، ويستوفى منه ما لا يخشى سرايته أو مقدار ذلك ، ولا يستوفى تماما.
  ومنها : أنّه يجوز لكلّ منهما لمسّ العورة للاستنجاء وغيره اختيارا أو اضطرارا على إشكال في القسم الأوّل.
  ومنها : أنّه لو ارتدّا معا عن فطرة جرى عليهما تمام الأحكام ، ولو ارتدّ أحدهما وكان رجلا جرى عليه في أمر أمواله وديونه إلى غير ذلك حكم الرّجل ، وإن بقى حيّا خوف السّراية ، وإن كانت امرأة لم تحبس وضيّق عليها في المأكل والمشرب والملبس ونحوها إن لم يترتّب من ذلك ضعف وضرر على الأسافل.
  ومنها : إنّهما يحتسبان باثنين ، ولكلّ حكمه في الفسق والعدالة في الشّهادة ، والجمعة ، والجماعة ، والعيدين ، والجناية ، والعاقلة ، والحجب ، والنّفقة ، وسهام الزّكاة ، والخمس ، والنّذور ، والقسمة ، ونحوها.
  وفي الخنثى يرجل وامرأة في الميراث ، وفي غيره يتبع حكم الأصل والقاعدة ، ويقوم فيه احتمالات عديدة.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 368
  ومنها : تعيّن الدّية في محلّ القصاص الّذي تخشى سراية.
  ومنها : أنّه يسقط غسل المسّ مع إمكان التجنّب ، ولو بمقدار صلاة واحدة ، وكذا بدله من التّيمّم ، فيكون كفاقد الطّهورين دائما ، والأقوى أنّه يلزم الإتيان به ، ويكتفى به ، ولا أثر للحدث الحادث كمستدام الحدث.
  ومنها : أنّه لا يجوز له النّكاح ، ولا التّحليل ، ولا الوطء بالملك منها ، أو لمملوكتها ، أو مملوكة أحدهما ، ولا وطى مالك واحد لهما على الأقوى ، ولا عقد واحد عليهما ، ولو قلنا بجوازه ، ففى لزوم القسم وكيفيّته ، والوطء في أربعة أشهر إشكال ، ولا تحليل النّظر من مالكها إلى الأسافل ، ولا بأس بالأعالى.
  ومنها : أنّهما لو وطئا عن شبهة الجواز ، فأولدا كانا أبوين وعمّين ، ولو وطئا فولدت إحداهما كانت الاخرى خاله بناء على أنّ المدار على الحمل ، ويحتمل كونهما ابنين ، بناء على أنّه بالولادة ، ويختصّ حكم النّفاس بالحامل ، ويحتمل التّشريك ، وقد مرّ البحث في مثله ، ويكون لكلّ واحد منهما نصف السّدس مع الأولاد ، وفي الطّعمة ، ويمكن ثبوت السّدس كاملا ، فيلزم السّدسان ، وهو بعيد.
  ومنها : أنّه إذا أجنب أحدهما ، أو حاضت إحداهما ، فهل يحكم عليهما ، نظرا إلى المخرج ، ويختصّ نظرا إلى المصدر ، وعلى الشّركة يجئ ما مرّ في أوّل المسألة.
  ومنها : إنّه يجب على كلّ منهما النّفقة على صاحبه مع عجزه أو قدرته وامتناعه وتعدّد إجباره بنفسه أو بالحاكم ، حفظا لنفسه من سراية ضرره ، وفي ثبوت الإجبار مع خوف الإضرار ، ولو لم يخشى على النّفس إشكال ، ويحتمل عدم الإجبار مطلقا.
  ومنها : أنّهما في خيار المجلس والصّرف والسّلم بمنزلة الواحد

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 369
  الموجب القابل ، فيجي‌ء فيه تلك الاحتمالات ، وفي حصول افتراق المجلس بمجرّد الموت أو بعد القطع أو النّقل ، ليفترق عن صاحبه وجوه.
  ومنها : إنّ لكلّ منهما منع صاحبه من التّصرّف بالأسافل ، إلّا إذا لزم ضرر من تركه ، أو لزم الإخلال بواجب ونحوه ، وفي لزوم إعطاء الاجرة في مقابلة الحصّة وجه قوىّ.
  ومنها : أنّه يمكن إلحاق نجاسة أحدهما بالكفر ، أو بدنه ، أو ثيابه ، وحمله لها ، ولبسه الحرير والذّهب وجلد غير مأكول اللّحم ، وهكذا يا لمحمول.
  ومنها : أنّه إذا أراد أحدهما مع كونهما ذكرين لبس حرير ، أو ذهب مثلا ، أو امرأتين فيما يحرم عليهما وجب عليه منعه إن عمّ الأسافل لدخوله في اللّبس ، ومن باب النّهى عن المنكر في الأعالى ، وعلى الحاكم مساعدته.
  ومنها : أنّه لو أراد أحدهما الختان دون صاحبه فإن كانا ذكرين بالغين وجب متابعة الآخر ، وإلّا فلا يجب ، ولو علم بلوغ أحدهما دون الآخر بظهور أمارات في العوالى أفاد مجموعها القطع ، كبنات شعر شارب ، أو صدر ، أو أبط ، أو لحية ، وتجهر صوت ونتن عرق ، وكبر ثدى ، ونحو ذلك ، جبر الآخر عليه على إشكال.
  ومنها : أنّه يجوز أحدهما إماما لصاحبه مع تقدّمه عليه ، أو مساواته ، ولغيره ، ولو انفرد أحدهما عن صاحبه واقترنا في الصّلاة.
  وسبق أحدهما في السّجود انتظر الآخر فيه ، حتّى يقوما معا ، وللاختلاف بينهما أحوال يتبع فيها غير المكلّف المكلّف إذا كان الحكم وجوبا.
  ومنها : أنّه لو ذكر أحدهما منسيّا من ركن أو غيره بعد الدّخول في غيره امتنع العود عليه ، إلّا مع الاشتراك ، ويتبعه فروع كثيرة.
  ومنها : أنّ خروج الأحداث مع الاشتباه من مخارجها إن بنى فيها

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 370
  على المصدر لم يثبت الحدث على واحد منهما ، وإن بنى على المخرج تعلّق الحدث بكلّ منهما.
  ومنها : أنّه يلزمهما معا شراء ما يستر العورة عن النّظارة ، وشراء لباس للصّلاة ، فيجبر لهما على حسب حالهما من ذكرين أو غيرهما ، ويجبر أحدهما الآخر ، كما لو خافا من حرّ أو برد ، ومع العجز يجبره الحاكم ، ويحتمل عدم جواز الإجبار.
  ومنها : أنّه إذا كان أحدهما مجتهدا عدلا قلّده صاحبه ، وليس له جبره على الخروج معه إلى آخر ، ويحتمل القول بجواز الإجبار مطلقا ، أو إلى الأفضل.
  ومنها : أنّه لو أقرّ أحدهما بما يوجب القصاص في الأعالى ، أو قامت عليه البيّنة بذلك اقتصّ منه ما لم يستلزم السّراية دون الأسافل ، فإنّه يلزم الدّية فيها ، كما مرّت الإشارة إليه.
  ومنها : أنّه لا ينعقد من أحدهما إحرام ، ولا صوم ، ونحوهما ممّا يتوقّف على منع طعام ، أو شراب ، أو نحوهما مع عدم اللّزوم.
  ومنها : أنّ نجاسة الكفر لا تفسد مشروطا بالطّهارة مع لزوم الإصابة ، والغسل عن الحدث ساقط مع لزوم فقد شرطه من جهتها ، فيرجع إلى التّيمّم.
  ومنها : أنّه إذا أوجب أحدهما جماعا على نفسه في يوم خاصّ ، والآخر صوما فيه أو غيره ممّا ينافيه بنذر أو غيره أو ضايق شهر رمضان رمضانا آخر بالنّسبة إليه قامت احتمالات :
  أوّلها : ارتفاع وجوب الصّوم.
  ثانيها : حرمة الجماع.
  ثالثها : جوازه وعدم الفساد في حقّ الآخر لاختلاف المكلّف.
  رابعها : الاقتراع.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 371
  خامسها : غلبة القوى الضّعيف.
  ومنها : أنّه لو كان محلّ القدمين أسفل من محلّ جهة أحدهما بالمقدار الّذي لا يغتفر خصّ بفساد الصّلاة.
  ومنها : أنّه لو حكمت إحداهما بالطّهر من الحدث حيض ، أو غيره دون الاخرى عملت كلّ واحدة على رأيها ، وتبعت من لم يحكم الحاكمة ، ويحتمل العكس ، والقرعة.
  ومنها : أنّه إذا سبق أحدهما إلى الوقف بالأعلى اختصّ به ، ومع السّبق بالأسفل يشتركان ، وإن تقدّم الأعلى الأعلى.
  ومنها : أنّ احتسابهما في التّراوح باثنين فيه تأمّل لحصول النّقص في الحقوين والرّجلين ، وفي دوران المفقود وطلب الغلوة يبنى على الوحدة.
  ومنها : أنّه لو جنى أحدهما على الأسافل عمدا ، فلا قصاص ، وإن لم تخش السّراية لبعد التّنصيف ، ويغرم لصاحبه الدّية ، وخطأ لم يغرم شيئا ، والدّية على العاقلة.
  ومنها : أنّه لو تنازعا في شي‌ء موضوع على الأسافل ، فاليد لهما ، وفي الموضوع الأعلى اليد لصاحبه.
  ومنها : أنّه لو قذف صاحبه بأنّه ولد عن زنا ، كان إقرارا منه على نفسه ، وانتفى من النّسب.
  ومنها : أنّ القبض بالأسافل في صرف ، ونحوه يتبع القصد ، والاختيار ، وكذا في الإتلاف في وجه قوىّ.
  ومنها : أنّهما إذا وجدا دما وعلماه من الأعالى من غير تمييز ، أو منيّا ، ونحوه ممّا يخرج من الأسافل ، واعتبرنا المصدر ، فلا حكم عليهما.
   ومنها : أنّهما إذا ارتمسا ، وبقى من أعلى أحدهما شي‌ء بقيت جنابته ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 372
  وطهر الآخر ، وإن بقى من الأسفل بقيا عليها معا.
  ومنها : أنّه لو نذر شخص مثلا أن يحمل بدنى رجلين أو يخضّبهما بالحناء لم يمتثل بفعله فيهما ، ولو قال رجلين امتثل في المقامين ، وفي مثل العتق القول بالإجزاء أقوى الاحتمالين.
  ومنها : أنّه لو تقدّم الأسفل في الولادة كانا في العمر متساويين ، وإن خرجا بحسب الأعلى مرّتين.
  ومنها : أنّه إذا أراد أحدهما الخروج للاكتساب جبر الآخر ، ويحتمل العدم ، والتّفصيل بين المضطرّ وغيره ، ولو تعارضت جهتا اكتسابهما رجعا إلى حكم القرعة.
  ومنها : أنّه لو كانت يداهما على شي‌ء ، فهل تغلب يد المسلم ، فيحكم بتذكيته ، وطهارته مثلا ، أو : لا ، الظّاهر : نعم.
  ومنها : أنّه لو وجبت الجمعة مثلا عليهما ، فامتنع أحدهما جبره صاحبه على الأقوى وجبت على أحدهما ، كما إذا كان الآخر مريضا أو مملوكا للغير لم يجبر على إشكال.
  ومنها : أنّه إذا كان أحدهما مقارب التلف من العدم ، فوجب عليه الإنفاق عليه لحفظ نفسه ، أو نفسه أعطاه من الزّكاة ، ولا يدخل في واجب النّفقة ، ولو أعطاه لإصلاح مرض في الأسافل أعطاه منها قدر الحصّة.
  ومنها : أنّه لو كان الماء لم يكفى سوى أحدهما بنى على التّرجيح.
  ومنها : أنّهما لو كانا في مواضع التّخيير كان لكلّ حكمه.
  ومنها : أنّه لو كان الغصب في الهواء ممّا يتعلّق بالأعلى كان لكلّ حكمه ، ومن جانب الأسفل يتساويان.
  ومنها : أنّ الفاصلة بين المصلّى والمصلّية تستوى فيهما ، ويحتمل

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 373
  الاختلاف.
  ومنها : أنّهما لو مرضا معا ، وكان دواؤهما الاحتقان جبر الآخر ، وقام بنصف الدّواء ، وإذا اختصّ أحدهما بالمرض جبر الآخر ، وعلى المريض الدّواء.
  ومنها : أنّه لو كان سبب نجاة أحدهما سبب هلاك الآخر وتكافيا اقترعا.
  ومنها : أنّه لو فعلا مخلّا بالصّلاة فيما يتعلّق بالعوالي اختصّ بالحكم ، وبالأسافل يحتمل وجوها ثالثها : البطلان مع القدرة على المنع.
  ومنها : أنّهما إذا ركبا دابة اشتركا في عطاء الاجرة على التّساوى من جهة الأسافل والتّفاوت من جهة الأعالى إن كان بينهما تفاوت.
  ومنها : أنّ الجناية إن حصلت من الأسافل على الإجبار اختصّ القصاص على عدم السّراية والدّية بالجابر ، وإن حصلت منهما وقتلهما أو قتل واحدا ، أو سرى الموت إلى الآخر ضمن نصف ديتهما.
  ومنها : أنّه إذا وجب على أحدهما عمل ، ولم يجب على الآخر وجب إرضائه باجرة لا تضرّ بالحال ، فإن أبى قهره.
  ومنها : أنّه لو قطع عضو من الأسافل ، فهو يحسب بعضو أو عضوين.
  ومنها : أنّه لو كان خنثى أخذت ميراث ذكر وانثى.
  ومنها : أنّه ينبغى تخصيص كلّ واحد من جهة الأعلى بدثار عند النّوم ، حتى لا يدخلا في كراهة النوم تحت دثار واحد إن اجرينا في المحارم.
  ومنها : أنّه لو كان منهما ما يستدعى عملا من تغيير قطنه وتطهير فرج ونحوها لحيض ، أو نفاس ، أو استحاضة ، أو سلس ، أو بطن ، فهل يجب كفاية ، أو يتهانيان ، أو يقترعان.
  ومنها : أنّه لا يصحّ نذرهما وعهدهما ، ونحوهما على قطع طريق الحجّ ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 374
  أو عمرة ، أو زيارة ، أو عيادة مريض ، وتشييع جنازة ، أو نحوها إلّا برضا الآخر ، وكذا ما يقتضى ضعفا في صاحبه ، كالصّوم ونحوه.
  ومنها : أنّه لا يثبت الاستطاعة لأحدهما إلّا بوجدان ما يكفيه مع البدل للآخر ، ويحتمل السّقوط ، ووجوب الاستنابة كالعاجز.
  ومنها : أنّهما لو مرّا على ثمرة ، وكان أحدهما قاصدا ، أو حاملا حرمت عليه ، وحلت للآخر ، بناء على جواز المارّة.
  ومنها : أنّه لو أنّ أحدهما قام في صلاة النّافلة على رجليه من دون إذن صاحبه كان كمن قام في أرض مغصوبة.
  ومنها : أنّه إذا اختصّ الاحتلام بأحدهما وجب الغسل عليهما بناء على اعتبار المخرج ، كمطلق الحدث ، وإذا نسى المحتلم ، ولم يعلم صاحبه إلّا بعد أيّام قضيا الصّلاة ، وليس قضاء إلّا على المحتلم.
  ومنها : أنّهما لو ماتا وكان ماء يجزى لأحدهما على الأسافل دون الآخر احتمل اختصاصه ، وسقوط الغسل ولو دار بين تغسيلهما معا غسلا واحدا ، أو تغسيل أحدهما الثّلاثة قدّم الثّانى ، ويحتمل الأوّل.
  ومنها : أنّهما سافرا ، أو قصد أحدهما مسافة دون الآخر أفطر ، ويمنعه صاحبه من استعمال المفطرات النّاشية من الأسافل.
  ومنها : أنّه إذا نوى أحدهما إقامة دون الآخر ، أو عصى بسفره ، أو أتى بغيرهما من موجبات التّمام فعل ما يوافق حكمه.
  ومنها : أنّه إذا أحدث المبطون والمسلوس منهما في صلاته ، وكان حكمه أن يتطهّر ، ويبنى على ما صلّى ذهب كلّ منهما وعمل عملهما دائما ، وعليهما مراعاة ما يتوقّف عليه عبادتهما.
  ومنها : إنّما يتعلّق بالعورة ، ونحوها ، أو قصّ أظفارا واطلاء يقوم به

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 375
  من شاء منهما ، أو يشتركان فيما يمكن فيه الاشتراك ، أو يتهانيان ، أو يقترعا ، وليس لأحدهما منع الآخر في وجه ، والمئونة عليهما مع اشتراكهما.
  ومنها : أنّهما إذا كانتا حرّتين ، أو حرّة ، أو أمة ، أو أمتين ، ولو لمالك واحد حرم وطيهما ، كما مرّ على الأقوى.
  ومنها : أنّه لو أولد ذو الحقوين مثلهما كان لهما أبوان وعمّان.
  ومنها أنّه إذا وجهاهما إلى القبلة ، وعكسها ترتّبا في الصّلاة إلّا مع ضيق الوقت ، فيقترعان ، وإذا ماتا معا كان للنّاس الخيار في توجيه من شاءوا إلى القبلة ، ويحتمل الاقتراع بين الأولياء.
  ومنها : أنّهما إذا اغتسلا ترتيبا ، فهل يجب الأسافل مرّتين ، الظّاهر : نعم ، وهل يجب عليهما الاتّفاق فيه ترتيبا ، وارتماسا ، أو : لا؟ الظّاهر : لا.
  ومنها : أنّه لو كان أحدهما مجنبا دون الآخر في المسجدين الحرميّين يتيمّم ، ويتبعه الآخر في الخروج.
  ومنها : أنّهما لو كانا نائمين ، ويتقظ أحدهما لم يكن له المبادرة إلى صلاة النّفل ، أو الفريضة قبل ضيق الوقت مع استلزام يقظة الآخر ، وعدم رضاه.
  ومنها : أنّه لو جنى أحدهما على الآخر في الأعالى أخذ تمام ديته ، وفي الأسافل نصفها ، ويحتمل التّمام.
  ومنها : أنّه لو أقرّ أحدهما بما يوجب القصاص في الأعالى ممّا لا يوجب السّراية مضى إقراره ، دون الأسافل ، فإنّ عليه الدّية.
  ومنها : أنّه لا ينعقد إحرام أحدهما ، وصومه مع عدم اللّزوم ، للزوم منعه من الطّعام ، والشّراب ، والنّساء ، مع الوجوب يكون مشغول الذّمّة شرعا إلى غير ذلك من الفروع الكثيرة المتشتّتة غير محصورة.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 376
  الثّالثة

  في الإقرار بالنّسب
  قال شيخنا الأعسم رحمه‌الله :
لو  أنّ شخصين تعارفا iiفلا      ii
يـكلّفان شـاهدا لـو جهلا
ثـمّ تـوارثا لصحّة iiالخبر      ii
فرّحته والحقّ فيهما الخصر
  أقول : كلّ اثنين تعارفا ، ولا وارث لهما توارثا ، وإن لم يقيما بيّنة ما لم يعرفا بنسب غيره ، لانحصار الحقّ فيهما ، ولعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز.
  ولصحيحة عبد الرّحمن بن الحجّاج عن الصّادق عليه‌السلام.
  وكذا لو كان ، وصدق ، ولا يتعدّى التّوارث بدون البيّنة ، أمّا إذا كان المقرّ به ولدا للصّلب صغيرا لم ينازع فيه ، وإن بلغ وأنكر ، أو كبيرا ، أو زوجة لا ينازع فيها مع تصديقهما ، فإنّه يقبل على كلّ مال أمكن يتعدّى التّوارث ، وإذا اعترف الورثة يشارك قاسمهم ، وثبت نسبه إن شهد به

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 377
  عدلان ، وإن اعترف بعضهم دفع عليه ما فضل في يده عن ميراثه على المشهور ، ويحتمل مشاركته له بنسبة نصيبه لتساويهما في سبب الإرث ، والمنكر بزعمهما غاصب لهما ، فإذا أردت معرفة فضل على الأوّل ، فاضرب مسئلة الإقرار في مسئلة الإنكار إن تباينتا ، وفي وقفها إن توافقتا ، واجتز بإحداهما إن تماثلتا ، وبالأكثر إن تداخلتا.
  ثمّ تضرب ما للمقرّ في مسئلة الإقرار في مسئلة الإنكار ، أو في وفقها ، وما للمنكر في مسئلة الإقرار ، أو في وفقها في الأوّلين ، فما كان بينهما فهو الفضل ، وتنظر ما للمقرّ على تقدير الإقرار ، وماله على تقدير الإنكار ، وتدفع التّفاوت في الأربع ، فإن لم يكن فضل فلا شي‌ء للمقر له.
  وعلى الثّانى : فانظر في قول المسألة على قول المنكر ، وادفع إليه نصيبه منها ، ثمّ اقسم الباقى بين المقرّ به ، فإن انكسر صحيحته بالضّرب ، فلو أقرّ لابن ، ولا وارث غيره بالآخر ، ودفع إليه نصف ما في يده ، فلو أقرّ بثالث ثبت نسبة إن كانا عدلين ، ولو أنكر الثّالث الثّانى ، فالمشهور : إنّ كلّ مال له نصف التّركة ، وللأوّل الثّلث ، وللثّانى السّدس ، وهو تكملة نصيب الأوّل ، لثبوت إرث الثّالث باعتراف الأوّلين ، والأوّل باعتراف الآخرين ، وكان المتّفق عليهما اثنين ، والأوّل يعترف بأنّهم ثلاثة ، فليس إلّا الثّلث (1) ، فينبغى السّدس للثّانى باعتراف الأوّل.
  ويحتمل قسمة النّصف بين الأوّلين نصفين ، لأنّ ميراث الاثنين يقتضى التّسوية ، فلا يسلم لأحدهما شي‌ء ، والآخر مثله ، والثّالث بزعمهما غصبهما بعض حقّهما.

(1) الثّالث ـ خ ل.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 378
  ويحتمل أن يكون للثّالث الثّلث ، لأنّه لم يقرّ له بأكثر منه ، فيحتمل أن يغرم له الأوّل السّدس ، لإتلافه له عليه بإقراره الأوّل ، والأظهر : الأوّل ، لشياع حقّ الثّانى فيما في يد الأوّل ، والثّالث بالتّسوية الثّلث من كلّ منهما ، فعليه مسئلة الإنكار ، ومسئلة الإقرار من ثلاثة ، فتضرب إحداهما الاخرى للتّباين ، فثلث المرتفع ، وهو اثنان للمقرّ ، ونصفه للمنكر ، ويبقى سهم للآخر.
  وعلى الثّانى فاضل على قول المنكر اثنان له منهما واحدة ، والآخر لا ينقسم على اثنين ، فتضرب اثنين في الأصل ، فنصف المرتفع للمنكر ، ونصفه للآخرين ، لكلّ منهما واحد.
  ولو أنكر الثّانى الثّالث ، دفع الأوّل ثلث ما بقى في يده على الثّالث ، وثلث جميع المال ، لتفويته حقّه بتفريطه ، علم عند إقراره الأوّل بالحال ، ولم يعلم لتساوى العمد والخطاء في ضمان الإتلاف.
  ويحتمل عدم الضّمان إذا جهل الحكم أو الثّانى ، لأنّه فعل الواجب ، فلم يجده فلم يضمن.
  الرّابعة :
  لو أقرّ الابن فمنع البنات الثّلث بابن ، وأنكرن ، فمسألة الإقرار من سبعة ، ومسئلة الإنكار من خمسة ، ومضروبهما خمسة وثلاثون ، فللمقرّ سهمان من مسئلة الإقرار مضروبان في مسئلة الإنكار عشرة ، وللمنكر سهم من مسئلة الإنكار مضروب في مسئلة الإقرار سبعة ، فالفضل أربعة ، لأنّ للابن مثل البنتين ، ولهما أربعة عشر للمقرّ له.
  ولو كان هناك إخوة ثلاثة لأب مع أخ لأمّ ، فأقرّ أحدهم بآخر منه فمسألة الإقرار من أربعة وعشرين ، والآخر من ثمانية عشر والتّوافق

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 379
  بالسّدس فتضرب سدس إحداهما في الاخرى يحصل اثنان وسبعون فللمقرّ من مسئلة الإقرار ، خمسة مضروبة في وفق مسئلة الإقرار عشرون ، فالفضل خمسة للمقرّ له ، ولو كان الإقرار من الأخ للأمّ بآخر منها ، فالمسألتان من ثمانية عشر ، فيجتزى بإحداهما ، فللمقرّ ثلاثة على التّقديرين ، فلا فضل ، ولو أقرّ بأخوين منها ، فإحدى المسألتين من تسعة ، والاخرى من ثمانية عشر ، فيجتزى بالأكثر ، فله مقرّا سهمان ، ومنكرا ثلاثة ، فالفضل سهم للمقرّ لهما.
  الخامسة :
  لو أقرّ الوارث فأولى منه سلّم المال إليه ، فلو أقرّ العمّ بأخ دفع المال إليه ، فإن أقرّ الأخ بابن سلّمت التّركة إلى الابن ، ولو كان المقرّ ثانيا للعمّ ، فإن صدّقه الأوّل فكذلك ، وإن كذّبه فالتّركة له ، وغرم المقرّ للثّالث إن دفع وارثا غيره ، وإلّا ففى الغرم نظر.
  السّادسة :
  لو أقرّ العمّ بأخوين دفعة أخذ كلّ النّصف ، وإن تناكرا ، ولو أقرّ أحد العمّين بأخ ولدته الآخر أخذ المقرّ له نصيب المقرّ ، فإن أقرّ الآخر بآخر ، دفع إليه ما في يده.
  السّابعة :
  لو أقرّ بعض الورثة بدين ، لزمه ما يقتضيه التّقسيط ، فلو خلفت المرأة أبوين وزوجا وابنين ، وستّ بنات ، فأقرّت إحدى البنات على تركتها بمائتين وأربعين دينارا ، فنصيبها من التّركة واحد من أربعة وعشرين ، ومن الدّين بتلك النّسبة عشرة دنانير تؤدى من نصيبها ، وإن استغرق ولو فضل

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 380
  نصيبها من الدّين على نصيبها من الميراث ، فلا تجب دفع الفضل.
  ولو خلّف ابنين وبنتا وألفا ، فأقرّ أحدهما بألف ، فما زاد عليه خمسا التّركة ، ولو أقرّ بخمسمائة ، فعليها خمسها ، ويفضل في يده خمس.
  فإن كان عدلا مقبول الشّهادة أخذ المقرّ له من حصص سائر الورثة بعد إحلاف بتلك النّسبة ، وإقرار جميع الورثة ، كإقرار المورث سواء.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 381
المطلب الثّالث في ميراث المجوس

  قال شيخنا الأعسم رحمه‌الله :
إذ  الـمجوس استحلّ من حرم      ii
نـكاحها  عـليه من اخت iiوأمّ
فـولدت كـان الـفساد للنّسب      ii
فـي  الولد منها كألف وللنّسب
روى من الأصحاب غير iiواحد      ii
إرث الـصّـحيح iiوالـفـاسد
وقـيل  بالإرث لمطلق iiالنّسب      ii
إن صحّ أم لا دون فاسد النّسب
وهـو اخـتيار الفضل والمفيد      ii
مـمّن  مـضى وخيرة iiالشّهيد
وقـيل  عن يونس فيما قد نقل      ii
لا إرث فـيهما بـغير ما iiيحلّ
وهــذه  فـروعـها iiكـثيرة      ii
فـارجع  لها فكن على iiبصيرة
  وقال الشّيخ الحرّ العاملىّ رحمه‌الله :
ثمّ  المجوس جاءت iiالآثار      ii
في  إرثهم قد وردت أخبار
ومـقصد المسلم في الجاثه      ii
عن المجوسىّ وعن ميراثه

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 382
يـحصل  مـع ترافع iiالمجوس      ii
إلـى  الـفقيه الـمسلم iiالرّئيس
كـذا  إذا مـا أسلموا iiواحتاجوا      ii
لـحـكمنا  فـلـيترك الـلّجاج
واختلف الأصحاب فالمحكى iiعن      ii
بـعـضهم تـوريثهم iiفـليعلمن
بـسبب ونـسب مـن غير iiأن      ii
بشرط صحّة وفي الأصحاب من
ورثـهم  بـالسّبب الصّحيح iiأو      ii
بالنّسب  المطلق حسب ما iiرووا
ومـنهم  من خصّص iiالصّحيحا      ii
بـالإرث مـنه فأفهم iiالتّصريحا
فـأوّل الأقـوال لـلشّيخ iiومـا      ii
يـليه  لـلمفيد والـفضل انتمى
وبـالأخير يـونس قـد iiافـتى      ii
ثـمّ ابن إدريس اقتفى ذا iiالسّمتا
  أقول : إذا ترافع المجوس إلينا ، اختلف علماؤنا رضوان الله تعالى عليهم فيه ، فقال الشّيخ ، وابن السّراج ، وسلّار ، وابن حمزة : يتوارثون بالصّحيحة والفاسدة ، وهو المشهور.
  وقال يونس بن عبد الرّحمن ، والحلبىّ ، وابن إدريس : يتوارثون بالصّحيح منها دون الفاسدة ، محتجّين ببطلان ما سواه في شرع الإسلام ، فلا يجوز لحاكمهم أن يترتّب عليه أثرا.
  وقال الفضل ، والمفيد ، وجماعة ، منهم الشّهيد في اللّمعة ، والشّرحين : بالنّسب والسّبب الصّحيحين ، والنّسب الفاسدة خاصّة ، كالمسلمين.
  أمّا الأوّل : فلأنّ المسلمون يتوارثون بهما مع الشّبهة ، وهى موجودة في حقّهم.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 383
  وأمّا الثّانى : فلقوله سبحانه وتعالى : { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ } (1) ، { وَقُلِ الْحَقُّ } ، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ { وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ } (2) ، ولا شي‌ء من الفاسد بقسط ، وهذه الحجّة أصحّ على نفى الفاسد منهما ، ويظهر ممّا قدّمناه الجواب عن فاسد النّسب.
  وحجّة المشهور خبر السّكونى عن علىّ عليه‌السلام : إنّه كان يورث المجوسى إذا تزوّج بامّه واخته وابنته على الجهتين.
  وقول الصّادق عليه‌السلام لمن سبّ مجوسيّا ، وقال عليه‌السلام : إنّه تزوّج بامّه ، أما علمت أنّ ذلك عندهم النّكاح بعد أن زبر.
  وقوله عليه‌السلام : إنّ كلّ قوم وافوا بشي‌ء يلزمهم حكمه.
  وأمر السّكونى واضح ، والباقى لا ينهض حجّة ، ونعنى بالفاسد ما يحصل من نكاح يحرم في شرعنا سائغ في اعتقادهم ، كما لو نكح امّه فأولدها ، فالسّبب والنّسب فاسدان.
  فعلى الأوّل : ترثه الامّ وولدها بالبنوّة ، والأبويّة ، والامومة ، والزّوجية دون الزّوجية على الثّالث ، والامّ بالامومة خاصّة على الثّانى ، وعلى المشهور : لو كانت اخته لأمّه جدّته لأبيه جدّته لأمّه ، ورثت بالأمرين ، ولو منع أحد السّببين الآخر من الإرث باعتبار المانع ، كبنت هى اخت من أمّ ، أو بنت وعمّة هى اختين من أب ، أو بنت عمّة ، واخت هى أمّ ، ولا ترث المسلمون بالسّبب الفاسد إجماعا.

(1) سورة المائدة ، الآية 49.
(2) سورة المائدة ، الآية 42.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 384
المطلب الرّابع : في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

  قال شيخنا الأعسم رحمه‌الله :
الـحكم فـي الموتى بهدم iiوغرق      ii
ولـيس  يـدرى موت أيّهم iiسبق
وبـيـنهم تــوارث إذ iiهـلكوا      ii
وعـندهم  مـال هـناك iiيـملك
أن يورث البعض من البعض ولا      ii
يـورث  مـمّا صـار إرثا iiأوّلا
والـمال مـن كـلّ لـكلّ iiينتقل      ii
ومـنه  لـلوارث بـعده iiيـصل
وإن  يـكن ذو المال بعضهم فقط      ii
فـالإرث  للباقى على ذاك iiالنّمط
ولا  يـساوى غير ذين من iiسبب      ii
لـلموت  في حكمهما الّذي iiوجب
لـو غـرق ابـن وأب فـالثّانى      ii
مـقـدّم  لــو مـلك iiالاثـنان
والإرث  مـن كـلّ لكلّ iiاستحقّ      ii
وارثـه عـلى سـبيل مـا سبق
  أقول : يشترط في الحكم بالتّوارث معهما اشتباه الحال ، فلو علم السّابق ورث المتأخّر المتقدّم دون العكس ، وإن علم الاقتران ، فلا توارث ، وأن

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 385
  تكون الموارثة من الطّرفين ، فلو غرق أخوان ، ولكلّ منهما أو لأحدهما ولد ، سقط هذا الحكم ، وقسمت تركة كلّ على ورثته الأحياء.
  وقال قوم : يورث من الطّرف الممكن ، والأوّل أقرب.
  ويمكن لاستدلال عليه بالإجماع ، ومع ذلك يرث كلّ منهما من الآخر ، بأن تفرض موت أحدهما أوّلا ، فيرث الآخر منه ، ثمّ يفرض موت الآخر ، فيرث الأوّل منه ، إن كان لكلّ منهما مال ، وإلّا صار لمن لا مال له ، ومنه إلى وارثه الحىّ ، ولا شي‌ء لوارث ذي المال ، لصحيحة عبد الرّحمن بن الحجّاج عن الصّادق عليه‌السلام في الأخوين لأحدهما مأئة ، أو ألف درهم ، والآخر ليس له مال ركبا في السّفينة ، فغرقا ، فلم ندر أيّهما مات أوّلا.
  قال عليه‌السلام : المال لورثة الّذي ليس له شي‌ء ، ولا يرث الثّانى ممّا ورث منه الأوّل ، لأنّه على خلاف الأصل ، فيقتصر فيه على خلاف مورد النّصّ ، وموضع الوفاق ، ولصحيحة السّابقة.
  ولما روى عن علىّ عليه‌السلام في قوم غرقوا جميعا أهل بيت عال ، قال عليه‌السلام : يورث هؤلاء من هؤلاء ، وهؤلاء من هؤلاء ، ولا يورث هؤلاء ممّا ورث هؤلاء شيئا. (1)
  واحتجّ الأكثرون باستلزامه التّسلسل ، وهو غير لازم ، والمحال العادى ، وهو فرض الحياة بعد الموت ، ومثله في إرث الأوّل من الثّانى ، وردّ ما فيه من التّكلّف.
  وذهب المفيد وسلّار إلى توريث الثّانى ممّا ورث منه الأوّل أيضا ، لأنّ توريثه منه إنّما وقع بعد الحكم للأوّل بملك الأوّل بملك نصيبه منه ، فكان

(1) عوالى اللّئالى ( ص : 339 ، ج : 2 ).