روى البلاذري : لما أعطى عثمان مروان بن الحكم ما أعطاه ، وأعطى الحارث ابن الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم ، وأعطى زيد بن ثابت الأنصاري مائة ألف درهم جعل أبو ذر يقول : بشر الكانزين بعذاب أليم ويتلو قول الله عز وجل : وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
.
فرفع ذلك مروان بن الحكم إلى عثمان فأرسل إلى أبي ذر ناتلا مولاه أن انته عما يبلغني عنك فقال : أينهاني عثمان عن قرائة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله ؟ فو الله لإن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضاه .
فأغضب عثمان ذلك و أحفظه فتصابر وكف ، وقال عثمان يوماً : أيجوز للإمام أن يأخذ من المال فإذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك ، فقال أبو ذر : يا ابن اليهوديين أتعلمنا ديننا ؟
فقال عثمان : ما أكثر أذاك لي وأولعك بأصحابي ؟ إلحق بمكتبك وكان مكتبه بالشام إلا أنه كان يقدم حاجاً ويسأل عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيأذن له في ذلك ، وإنما صار مكتبه بالشام لأنه قال لعثمان حين رأى البناء قد بلغ سلعا : إني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا بلغ البناء سلعا فالهرب ، فأذن لي آتي الشام فأغزو هناك ، فأذن له ، وكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها وبعث إليه معاوية بثلاث مائة دينار فقال : إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا ؟ قبلتها ، وإن كانت صلة ؟ فلا حاجة لي فيها ، وبعث إليه حبيب بن مسلمة الفهري بمائتي دينار فقال : أما وجدت أهون عليك مني حين تبعث إلي بمال ؟ وردها .
وبنى معاوية الخضراء بدمشق فقال : يا معاوية إن كانت هذه الدار من مال الله ؟
فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك ؟ فهذا الإسراف ، فسكت معاوية ، وكان أبو ذر يقول : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه ، والله إني لأرى حقا يطفأ ، وباطلا يحيى ، وصادقا يكذب ، وأثرة بغير تقى ، وصالحا مستأثراً عليه .
فقال حبيب بن مسلمة لمعاوية : إن أبا ذر مفسد عليك الشام فتدارك أهله إن كانت لكم به حاجة ، فكتب معاوية إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية : أما بعد فاحمل جندباً إلي على أغلظ مركب وأوعره فوجه معاوية من سار به الليل والنهار ، فلما قدم أبو ذر المدينة جعل يقول : تستعمل الصبيان ، وتجمي الحمى ، وتقرب أولاد الطلقاء ، فبعث إليه عثمان : إلحق بأي أرض شئت ، فقال : بمكة ، فقال : لا ، قال : فبيت المقدس ، قال : لا ، قال : فبأحد المصرين ، قال : لا ، ولكني مسيرك إلى الربذة ، فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات .
ومن طريق محمد بن سمعان قال لعثمان : إن أبا ذر يقول : إنك أخرجته إلى الربذة، فقال : سبحان الله ما كان من هذا شئ قط ، وإني لأعرف فضله ، وقديم إسلامه وما كنا نعد في أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) أكل شوكة منه .
ومن طريق كميل بن زياد قال : كنت بالمدينة حين أمر عثمان أبا ذر باللحاق بالشام وكنت بها في العام المقبل حين سيره إلى الربذة .
فقال : ما ظننت إن أحدا يكذبني بعد قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما أقلت الغبراء وما أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، ثم سيره إلى الربذة فكان أبو ذر يقول : ما ترك الحق لي صديقا ، فلما سار إلى الربذة قال : ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا .
قال : وشيع علي أبا ذر فأراد مروان منعه منه فضرب علي بسوطه بين أذني راحلته ، وجرى بين علي وعثمان في ذلك كلام حتى قال عثمان : ما أنت بأفضل عندي منه ، وتغالظا فأنكر الناس قول عثمان ودخلوا بينهما حتى اصطلحاً .
وقد روي أيضاً : إنه لما بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة قال : رحمه الله، فقال عمار بن ياسر : نعم ، فرحمه الله من كل أنفسنا ، فقال عثمان : يا عاض أير أبيه أتراني ندمت على تسييره ؟ « يأتي تمام الحديث في ذكر مواقف عمار » .
ومن طريق ابن حراش الكعبي قال : وجدت أبا ذر بالربذة في مظلة شعر فقال : ما زالا بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لم يترك الحق لي صديقاً .
ومن طريق الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قلت لأبي ذر : ما أنزلك الربذة ؟ قال : أنصح لعثمان ومعاوية .
فجلبت غنما لي إلى المدينة فمررت بالربذة وإذا بها شيخ أبيض الراس واللحية قلت ، من هذا ؟ قالوا : أبو ذر صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإذا هو في حفش
ومعه قطعة من غنم فقلت : والله ما هذا البلد بمحلة لبني غفار فقال أخرجت كارها .
فقال بشر بن حوشب : فحدثت بهذا الحديث سعيد بن المسيب فأنكر أن يكون عثمان أخرجه وقال : إنما خرج أبو ذر إليها راغبا في سكناها
.
وأخرج البخاري في صحيحه من حديث زيد بن وهب قال : مررت بالربذة فقلت لأبي ذر : ما أنزلك هذا ؟ قال : كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية : وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ، فقال : نزلت في أهل الكتاب ، فقلت : فينا وفيهم ، فكتب يشكوني إلى عثمان فكتب عثمان : إقدم المدينة ، فقدمت فكثر الناس علي كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكر ذلك لعثمان فقال : إن شئت تنحيت فكنت قريباً ، فذلك الذي أنزلني هذا المنزل .
قال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث : وفي رواية الطبري إنهم كثروا عليه يسألونه عن سبب خروجه من الشام فخشي عثمان على أهل المدينة ما خشيه معاوية على أهل الشام ، وقال بعد قوله : إن شئت تنحيت ، في رواية الطبري : تنح قريباً ، قال : والله لن أدع ما كنت أقوله ، ولابن مردويه : لا أدع ما قلت .
وذكر المسعودي أمر أبي ذر بلفظ هذا نصه : إنه حضر مجلس عثمان ذات يوم فقال عثمان : أرأيتم من زكى ماله هل فيه حق لغيره ؟ فقال كعب : لا يا أمير المؤمنين فدفع أبو ذر في صدر كعب وقال له : كذبت يا ابن اليهودي ثم تلا : لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ ، الآية
.
فقال عثمان : أترون بأسا أن نأخذ مالا من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوبنا من أمورنا ونعطيكموه ؟ فقال كعب : لا بأس بذلك ، فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب وقال : يا ابن اليهودي ما أجرأك على القول في ديننا ؟ فقال له عثمان : ما أكثر أذاك لي غيب وجهك عني فقد آذيتني ، فخرج أبو ذر إلى الشام فكتب معاوية إلى عثمان : إن أبا ذر تجتمع إليه الجموع ولا آمن أن يفسدهم عليك ، فإن كان في القوم حاجة فاحمله إليك .
فكتب إليه عثمان يحمله فحمله على بعير عليه قتب يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون به حتى أتوا به المدينة قد تسلخت بواطن أفخاذه وكاد أن يتلف ، فقيل له : إنك تموت من ذلك .
فقال : هيهات لن أموت حتى أنفى ، وذكر جوامع ما نزل به بعد ومن يتولى دفنه ، فأحسن إليه في داره أياما ثم دخل إليه فجلس على ركبتيه وتكلم بأشياء وذكر الخبر في ولد أبي العاص : إذا بلغوا ثلاثين رجلاً اتخذوا عباد الله خولا ، ومر في الخبر بطوله وتكلم بكلام كثير وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال فنضت البدر حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم فقال عثمان : إني لأرجو لعبد الرحمن خيراً لأنه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون ، فقال كعب الأحبار : صدقت يا أمير المؤمنين ! فشال أبو ذر العصا فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم وقال : يا ابن اليهودي ! تقول لرجل مات و ترك هذا المال إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة وتقطع على الله بذلك وأنا سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ما يسرني أن أموت وأدع ما يزن قيراطاً . فقال له عثمان : وارعني وجهك .
فقال : أسير إلى مكة ، قال : لا والله، قال : فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت ؟ قال : أي والله، قال : فإلى الشام ، قال : لا والله، قال : البصرة ، قال : لا والله فاختر غير هذه البلدان ، قال : لا والله ما أختار غير ما ذكرت لك ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئا من البلدان ، فسيرني حيث شئت من البلاد ، قال : فإني مسيرك إلى الربذة .
قال : الله أكبر صدق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أخبرني بكل ما أنا لاق، قال عثمان : وما قال لك ؟ قال : أخبرني بأني امنع عن مكة والمدينة وأموت بالربذة ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز وبعث أبو ذر إلى جمل له فحمل عليه امرأته و قيل ابنته ، وأمر عثمان أن لا يتجافاه الناس حتى يسير إلى الربذة ، فلما طلع عن المدينة ومروان يسيره عنها إذ طلع عليه علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ومعه ابناه وعقيل أخوه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر فاعترض مروان فقال : يا علي إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك .
فحمل عليه علي بن أبي طالب بالسوط بين أذني راحلته وقال : تنح نحاك الله إلى النار : ومضي مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف ، فلما أرادا الانصراف بكى أبو ذر وقال : رحمكم الله أهل البيت إذا رأيتك يا أبا الحسن ! وولدك ذكرت بكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به علي بن أبي طالب فقال عثمان : يا معشر المسلمين ! من يعذرني من علي ، رد رسولي عمار وجهته له وفعل كذا والله لنعطينه حقه .
فلما رجع علي استقبله الناس
(1) فقالوا : إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر ، فقال علي : غضب الخيل على اللجم ، ثم جاء فلما كان بالعشي جاء إلى عثمان فقال له : ما حملك على ما صنعت بمروان واجترأت علي ورددت رسولي وأمر ؟ قال : أما مروان فإنه استقبلني يردني فرددته عن ردي ؟ وأما أمرك فلم أرده ، قال عثمان : أولم يبلغك إني قد نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه ؟ فقال علي : أو كل ما أمرتنا به من شئ يرى طاعة لله والحق في خلافه اتبعنا فيه أمرك ؟ بالله لا نفعل .
قال عثمان : أقد مروان ، قال : وما أقيده ؟ قال : ضربت بين أذني راحلته
(2) قال علي : أما راحلتي فهي تلك فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل ، وأما أنا فوالله لئن شتمني لأشتمنك أنت مثلها بما لا أكذب فيه ولا أقول إلا حقا. قال عثمان : ولم لا يشتمك إذا شتمته فوالله ما أنت عندي بأفضل منه .
فغضب علي بن أبي طالب وقال : إلي تقول هذا القول ؟ وبمروان تعدلني ؟ فأنا والله أفضل منك ، وأبي أفضل من أبيك ، وأمي أفضل من أمك ، وهذه نبلي قد نثلتها وهلم فأقبل بنبلك .
فغضب عثمان واحمر وجهه فقام ودخل داره وانصرف علي فاجتمع إليه أهل بيته ورجال من المهاجرين والأنصار ، فلما كان من الغد واجتمع الناس إلى عثمان شكا إليهم علياً وقال : إنه يعيبني ويظاهر من يعيبني يريد بذل أبا ذر وعمار بن ياسر وغيرهما فدخل الناس بينهما وقال له علي : والله ما أردت تشييع أبي ذر إلا لله .
وفي رواية الواقدي من طريق صهبان مولى الأسلميين قال : رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له : أنت الذي فعلت ما فعلت ؟ فقال له أبو ذر : نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني ، فقال عثمان : كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها قد أنغلت الشام علينا فقال له أبو ذر : إتبع سنة صاحبك لا يكن لأحد عليك كلام .
---------------------------
(1) هذه الجملة تعرب عن غيبة الإمام ( عليه السلام ) عن المدينة المشرفة في تشييع أبي ذر أياما وتقرب ما قاله الأستاذ عبد الحميد جودت السحار المصري في كتابه ( الاشتراكي الزاهد ) ص 192 ومضى علي ورفقائه مع أبي ذر حتى بلغوا الربذة فنزلوا عن رواحلهم وجلسوا يتحدثون .
(2) في العبارة سقط يظهر من الجواب وسيأتي صحيحها بعيد هذا إن شاء الله .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 7 _
قال عثمان : مالك وذلك ؟ لا أم لك قال أبو ذر : والله ما وجدت لي عذراً إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فغضب عثمان وقال : أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب إما أن اضربه أو أحبسه أو أقتله فإنه قد فرق جماعة المسلمين أو أنفيه من أرض الاسلام ، فتكلم علي ( عليه السلام ) وكان حاضرا وقال : أشير عليك بما قاله مؤمن آل فرعون : فإن يك كاذباً فعليه كذبه ، وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب .
قال : فأجابه عثمان بجواب غليظ لا أحب ذكره وأجابه علي بمثله .
قال : ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر ويكلموه فمكث كذلك أياما ثم أمر أن يؤتى به فأتي به فلما وقف بين يديه قال : ويحك يا عثمان ! أما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورأيت أبا بكر وعمر ؟ هل رأيت هذا هديهم ؟ إنك لتبطش بي بطش الجبار فقال : أخرج عنا من بلادنا .
فقال أبو ذر : ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج ؟
قال : حيث شئت .
قال : فأخرج إلى الشام أرض الجهاد .
قال : إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ، أفأردك إليها ؟
قال : فأخرج إلى العراق .
قال : لا .
قال : ولم ؟
قال : تقدم على قوم أهل شبه وطعن في الأمة ؟
قال : فأخرج إلى مصر .
قال : لا .
قال : فإلى أين أخرج ؟
قال : حيث شئت .
قال أبو ذر : فهو إذن التعرب بعد الهجرة أخرج إلى نجد .
فقال عثمان : الشرف الأبعد أقصى فالأقصى إمض على وجهك هذا ولا تعدون الربذة فسر إليها فخرج إليها .
وقال اليعقوبي : وبلغ عثمان أن أبا ذر يقعد في مجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويجتمع إليه الناس فيحدث بما فيه الطعن عليه وأنه وقف بباب المسجد فقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أنا جندب بن جنادة الربذي ، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم .
محمد الصفوة من نوح فالأول من إبراهيم والسلالة من إسماعيل و العترة الهادية من محمد ، إنه شرف شريفهم واستحقوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة ، وكالكعبة المستورة ، أو كالقبلة المنصوبة ، أو كالشمس الضاحية ، أو كالقمر الساري ، أو كالنجوم الهادية ، أو كالشجر الزيتونية أضاء زيتها وبورك زيدها
(1)
---------------------------
(1) ولعل الصحيح زندها . كما في بعض المصادر .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 8 _
ومحمد وبلغ عثمان أن أبا ذر يقع فيه ويذكر ما غير وبدل من سنن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسنن أبي بكر وعمر فسيره إلى الشام إلى معاوية ، وكان يجلس في المجلس فيقول كما كان يقول ويجتمع إليه الناس حتى كثر من يجتمع إليه ويسمع منه ، وكان يقف على باب دمشق إذا صلى صلاة الصبح فيقول : جاءت القطار تحمل النار ، لعن الله الآمرين بالمعروف والتاركين له ، ولعن الله الناهين عن المنكر والآتين له .
فقال : وكتب معاوية إلى عثمان إنك قد أفسدت الشام على نفسك بأبي ذر فكتب إليه أن احمله على قتب بغير وطاء فقدم به إلى المدينة وقد ذهب لحم فخذيه، فلما دخل إليه وعنده جماعة قال: بلغني أنك تقول : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا كملت بنو أمية ثلاثين رجلا اتخذوا بلاد الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دغلا ؟ فقال : نعم سمعت رسول الله يقول ذلك .
فقال لهم : أسمعتم رسول الله يقول ذلك ؟ فبعث إلى علي بن أبي طالب فأتاه فقال : يا أبا الحسن! أسمعت رسول الله يقول ما حكاه أبو ذر؟ وقص عليه الخبر فقال علي : نعم .
قال : فكيف تشهد ؟
قال لقول رسول الله: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر ، فلم يقم بالمدينة إلا أياماً حتى أرسل إليه عثمان : والله لتخرجن عنها .
قال : أتخرجني من حرم رسول الله ؟
قال : نعم وأنفك راغم .
قال : فإلى مكة ؟
قال : لا .
قال : فإلى البصرة ؟
قال : لا .
قال : فإلى الكوفة ؟
قال : لا .
ولكن إلى الربذة التي خرجت منها حتى تموت فيها ، يا مروان ! أخرجه ولا تدع أحداً يكلمه حتى يخرج ، فأخرجه على جمل ومعه امرأته وابنته فخرج علي والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر ينظرون فلما رأى أبو ذر علياً قام إليه فقبل يده ثم بكى وقال : إني إذا رأيتك ورأيت ولدك ذكرت قول رسول الله فلم أصبر حتى أبكي .
فذهب علي يكلمه ، فقال مروان : إن أمير المؤمنين قد نهى أن يكلمه أحد ، فرفع علي السوط فضرب وجه ناقة مروان وقال : تنح نحاك الله إلى النار .
ثم شيعه وكلمه بكلام يطول شرحه ، وتكلم كل رجل من القوم وانصرفوا وانصرف مروان إلى عثمان ، فجرى بينه وبين علي في هذا بعض الوحشة وتلاحياً كلاماً .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 9 _
وأخرج ابن سعد من طريق الأحنف بن قيس قال : أتيت المدينة ثم أتيت الشام فجمعت فإذا أنا برجل لا ينتهي إلى سارية إلا خر أهلها يصلي ويخف صلاته .
قال: فجلست إليه فقلت له : يا عبد الله من أنت ؟
قال : أنا أبو ذر .
فقال لي : فأنت من أنت ؟
قال : قلت أنا الأحنف بن قيس .
قال : قم عني لا أعدك بشر .
فقلت له : كيف تعدني بشر ؟
قال : إن هذا يعني معاوية نادى مناديه ألا يجالسني أحد .
وأخرج أبو يعلى من طريق ابن عباس قال : استأذن أبو ذر عثمان فقال : إنه يؤذينا فلما دخل قال له عثمان : أنت الذي تزعم إنك خير من أبي بكر وعمر ؟
قال : لا ، ولكن سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إن أحبكم إلي وأقربكم مني من بقي على العهد الذي عاهدته عليه وأنا باق على عهده
(1) قال : فأمره أن يلحق بالشام وكان يحدثهم ويقول : لا يبيتن عند أحدكم دينار ولا درهم إلا ما ينفقه في سبيل الله أو يعده لغريم .
فكتب معاوية إلى عثمان : إن كان لك بالشام حاجة فابعث إلى أبي ذر ، فكتب إليه عثمان: أن أقدم علي فقدم .
راجع الأنساب 5 : 5452 ، صحيح البخاري في كتابي الزكاة والتفسير ، طبقات ابن سعد 4 : 168 ، مروج الذهب 1 : 438 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 148 ، شرح ابن أبي الحديد 1 : 242240 فتح الباري 3 : 213 ، عمدة القاري 4 : 291.
كلمة أمير المؤمنين لما أخرج أبو ذر إلى الربذة :
يا أبا ذر إنك غضبت لله فارج من غضبت له ، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عما منعوك ، وستعلم من الرابح غدا ، والأكثر حسدا ، ولو إن السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا ، لا يؤنسنك إلا الحق ، ولا يوشنك إلا الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبوك ، ولو قرضت منها لأمنوك
(2) .
---------------------------
(1) حديث العهد أخرجه أحمد في مسنده .
(2) نهج البلاغة 1 : 247 .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 10 _
ذكر ابن أبي الحديد في الشرح 2 : 387375 تفصيل قصة أبي ذر ورآه مشهوراً متضافراً وإليك نصه قال : واقعة أبي ذر وإخراجه إلى الربذة أحد الأحداث التي نقمت على عثمان وقد روى هذا الكلام أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عبد الرزاق عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس : أن لا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به فخرج به وتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وعقيلاً أخاه وحسناً وحسيناً ( عليهما السلام ) وعماراً فإنهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن ( عليه السلام ) يكلم أبا ذر فقال له مروان : أيها يا حسن ! ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل ؟ فإن كنت لا تعلم فاعلم ذل .
فحمل علي ( عليه السلام ) على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته وقال : تنح نحاك الله إلى النار ، فرجع مروان مغضباً إلى عثمان فأخبره الخبر فتلظى على علي ( عليه السلام ) ووقف أبو ذر فودعه القوم ومعه ذكوان مولى أم هاني بنت أبي طالب قال ذكوان : فحفظت كلام القوم وكان حافظاً فقال علي ( عليه السلام ) : يا أبا ذر ! إنك غضبت لله أن القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فامتحنوك بالقلى ونفوك إلى القلا ، والله لو كانت السموات والأرض على عبد رتقاً ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا ، يا أبا ذر! لا يؤنسنك إلا الحق ، ولا يوحشن إلا الباطل .
ثم قال لأصحابه : ودعوا عمكم ، وقال لعقيل : ودع أخاك فتكلم عقيل فقال : ما عسى ما نقول يا أبا ذر ؟ ! وأنت تعلم أنا نحبك وأنت تحبنا ، فاتق الله فإن التقوى نجاة ، واصبر فإن الصبر كرم ، واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع ، واستبطاءك العافية من اليأس ، فدع الياس والجزع .
ثم تكلم الحسن فقال : يا عماه لو لا إنه لا ينبغي للمودع أن يسكت وللمشيع أن ينصرف لقصر الكلام وإن طال الأسف ، وقد أتى من القوم إليك ما ترى ، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها ، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها ، واصبر حتى تلقى نبيك ( صلى الله عليه وآله ) وهو عنك راض .
ثم تكلم الحسين ( عليه السلام ) فقال : يا عماه إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى ، الله كل يوم هو في شأن ، وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك ، فما أغناك عما منعوك ، وأحوجهم ، إلى ما منعتهم ؟ فاسأل الله الصبر والنصر ، واستعذبه من الجشع والجزع ، فإن الصبر من الدين والكرم ، وإن الجشع لا يقدم رزقا ، والجزع لا يؤخر أجلاً .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 11 _
ثم تكلم عمار مغضبا فقال : لا آنس الله من أوحشك ، ولا آمن من أخافك ، أما و الله لو أردت دنياهم لأمنوك ، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك ، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا والجزع من الموت ، ومالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه ، والملك لمن غلب ، فوهبوا لهم دينهم ومنحهم القوم دنياهم ، فخسروا الدنيا والآخرة ، إلا ذل هو الخسران المبين .
فبكى أبو ذر ( رحمه الله ) وكان شيخاً كبيراً وقال : رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة ! إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، مالي بالمدينة سكن ولا شجن ، غيركم ، إني ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام ، وكره أن أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين
(1) فافسد الناس عليهما فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله، والله ما أريد إلا الله صاحبا، وما أخشى مع الله وحشة .
ورجع القوم إلى المدينة فجاء علي ( عليه السلام ) إلى عثمان فقال له : ما حملك على رد رسولي وتصغير أمري ؟ فقال علي ( عليه السلام ) : أما رسولك فأراد أن يرد وجهي فرددته ، و أما أمرك فلم أصغره ، قال : أما بلغت نهيي عن كلام أبي ذر ؟ قال : أو كلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه ؟ قال عثمان : أقد مروان من نفسك ، قال: م ذا ؟ قال : من شتمه و جذب راحلته ، قال : أما راحلته فراحلتي بها ، وأما شتمه إياي فوالله لا يشتمني شتمة إلا شتمتك مثلها لا أكذب عليك ، فغضب عثمان وقال : لم لا يشتمك ؟ كأنك خير منه ؟ قال علي : أي والله ومنك .
ثم قام فخرج فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين والأنصار وإلى بني أمية يشكو إليهم علياً ( عليه السلام ) فقال القوم : أنت الوالي عليه وإصلاحه أجمل ، قال : وددت ذاك ، فأتوا علياً ( عليه السلام ) فقالوا : لو اعتذرت إلى مروان وأتيته ، فقال : كلا أما مروان فلا آتيه ولا اعتذر منه ، ولكن إن أحب عثمان أتيته .
فرجعوا إلى عثمان فأخبروه فأرسل عثمان إليه فأتاه ومعه بنو هاشم فتكلم علي ( عليه السلام ) فحمد الله وأثنى عليه .
---------------------------
(1) يعني مصر والبصرة ، كان والي مصر عبد الله بن سعيد بن أبي سرح أخا عثمان من الرضاعة وكان على البصرة عبد الله بن عامر ابن خاله كما مر ص 290 .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 12 _
ثم قال : أما ما وجدت علي فيه من كلام أبي ذر ووداعه فوالله ما أردت مساءتك ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقه ، وأما مروان فإنه اعترض يريد ردي عن قضاء حق الله عز وجل فرددته ، رد مثلي مثله ، وأما ما كان مني إليك فإنك أغضبتني فأخرج الغضب مني ما لم أرده .
فتكلم عثمان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك ، وأما ما كان منك إلى مروان فقد عفى الله عنك ، وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق ، فادن يدك .
فأخذ يده فضمها إلى صدره ، فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان : أأنت رجل جبهك علي وضرب راحلتك ؟ وقد تفانت وائل في ضرع ناقة ، وذبيان و عبس في لطمة فرس ، والأوس والخزرج في نسعة
(1) أفتحمل لعلي ( عليه السلام ) ما أتاه اليك ؟ فقال مروان : والله لو أردت ذلك لما قدرت عليه ، فقال ابن أبي الحديد : واعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السيرة وعلماء الأخبار والنقل : إن عثمان نفى أبا ذر أولا إلى الشام ثم استقدمه إلى المدينة لما شكى منه معاوية ، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام ، أصل هذه الواقعة : إن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال واختص زيد بن ثابت بشئ منها جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع : بشر الكانزين
(2) بعذاب أليم ، ويرفع بذلك صوته ويتلو قوله تعالى : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم.
فرفع ذلك إلى عثمان مراراً وهو ساكت ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه أن انته عما بلغني عنك فقال أبو ذر : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى ، وعيب من ترك أمر الله تعالى ؟ فوالله لإن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضا عثمان ، فأغضب عثمان ذلك واحفظ فتصابر وتماسك إلى أن قال عثمان يوما والناس حوله : أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئاً قرضاً فإذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك ، فقال أبو ذر : يا ابن اليهوديين أتعلمنا ديننا ؟ فقال عثمان : قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي ، إلحق بالشام .
---------------------------
(1) النسعة بكسر النون : حبل عريض طويل تشد به الرحال .
(2) في النسخة : الكافرين . والصحيح ما ذكرناه كما مر عن البلاذري .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 13 _
فأخرجه إليها فكانأبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية يوماً ثلثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله : إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا ؟ اقبلها ، وإن كاتنت صلة ؟ فلا حاجة لي فيها .
وردها عليه ، ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر : يا معاوية ! إن كانت هذه من مال الله ؟ فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك ؟ فهي الإسراف ، وكان أبو ذر يقول بالشام ، والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) ، والله إني لأرى حقا يطفأ ، وباطلاً يحياً ، وصادقاً مكذباً ، وأثرة بغير تقى ، وصالحاً مستأثراً عليه ، فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية : إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة .
وروى شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية عن جلام بن جندل الغفاري قال : كنت غلاماً لمعاوية على قنسرين والعواصم في خلافة عثمان فجئت إليه يوماً أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخاً على باب داره يقول : أتتكم القطار بحمل النار ، اللهم العن الآمرين بالمعروف والتاركين له ، اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له .
فازبأر
(1) معاوية وتغير لونه وقال : يا جلام ! أتعرف الصارخ ؟ فقلت : الله لا ، قال : من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال : ادخلوه علي فجئ بأبي ذر قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية : يا عدو الله وعدو رسوله ! تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع ، أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ولكنك استأذن فيك .
قال جلام : وكنت أحب أن أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب
(2) من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء فأقبل على معاوية وقال : ما أنا بعدو لله ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله ، أظهرتما الاسلام وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ودعا عليك مرات أن لا تشبع ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا ولي الأمة الأعين
(3) الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه
(4) .
---------------------------
(1) ازبأر الرجل ازبئرارا : تهيأ للشر .
(2) الضرب : الرجل الماضي الندب .
(3) في لفظ الحديث سقط كما لا يخفى .
(4) وفي حديث علي عليه السلام : لا يذهب أمر هذه الأمة الأعلى رجل واسع السرم ، ضخم البلعوم .
ذكره ابن الأثير في النهاية 1 : 112 ، لسان العرب 14 : 322 ، تاج العروس 8 : 206 .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 14 _
فقال معاوية : ما أنا ذاك الرجل ، قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسمعته يقول وقد مررت به : اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب .
وسمعته ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إست معاوية في النار ، فضحك معاوية وأمر بحبسه وكتب إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية : أن احمل جندباً إلي على أغلظ مركب وأوعره ، فوجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث إليه عثمان : الحق بأي أرض شئت قال : بمكة ، قال : لا ، قال : بيت المقدس ، قال : لا ، قال : بأحد المصرين ، قال : لا ، ولكني مسيرك إلى الربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات .
وفي رواية الواقدي : أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له :
لا أنعم الله بقين iiعينا نعم ولا لقاه يوما iiزينا تحية السخط إذا التقينا |
فقال أبو ذر : ما عرفت إسمي قينا قط .
وفي رواية أخرى : لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب ، فقال أبو ذر : أنا جندب وسماني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عبد الله فاخترت اسم رسول لله ( صلى الله عليه وآله ) الذي سماني به على اسمي ، فقال له عثمان : أنت الذي تزعم إنا نقول : يد الله مغلولة وإن الله فقير ونحن أغنياء ؟ فقال أبو ذر : لو كنتم لا تقولون هذا ؟ لأنفقتم مال الله على عباده ، ولكني أشهد أني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا، وعباده خولا ، ودينه دخلا ، فقال عثمان لمن حضر : اسمعتوها من رسول الله ؟ قالوا : لا .
قال عثمان : ويلك أبا ذر ! أتكذب على رسول الله ؟ فقال أبو ذر لمن حضر : أما تدرون أني صدقت ؟ قالوا : لا والله ما ندري ، فقال عثمان : ادعوا لي علياً ، فلما جاء قال عثمان لأبي ذر : اقصص عليه حديثك في بني أبي العاص .
فأعاده فقال عثمان لعلي ( عليه السلام ) : أسمعت هذا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : لا وقد صدق أبو ذر فقال : كيف عرفت صدقه ؟ قال : لأني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، فقال من حضر : أما هذا فسمعناه كلنا من رسول الله ، فقال أبو ذر : أحدثكم إني سمعت هذا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فتتهموني ؟ ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 15 _
وروى الواقدي في خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين قال : رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له : أنت الذي فعلت وفعلت ؟ فقال أبو ذر : نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني قال عثمان : كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها قد انغلت الشام علينا قال له أبو ذر : إتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام فقال عثمان : مالك وذل ؟ لا أم لك .
قال أبو ذر : والله ما وجدت لي عذراً إلا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، فغضب عثمان وقال : أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب ، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله فإنه قد فرق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من أرض الاسلام .
فتكلم علي ( عليه السلام ) وكان حاضر فقال : أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون فإن يك كاذباً ؟ فعليه كذبه ، وإن يك صادقاً ، يصبكم بعض الذي يعدكم ، إن الله يهدي من هو مسرف كذاب .
فأجابه عثمان بجواب غليظ وأجابه علي ( عليه السلام ) بمثله ولم نذكر الجوابين تذمماً منهما .
قال الواقدي : ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر ويكلموه فمكث كذلك أياماً ثم أتي به فوقف بين يديه فقال أبو ذر : ويحك يا عثمان ! أما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ورأيت أبا بكر وعمر ؟ هل هديك كهديهم ؟ أما إنك لتبطش بي بطش جبار ، فقال عثمان : أخرج عنا من بلادنا ، فقال أبو ذر : ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج ؟ قال : حيث شئت ، قال : أخرج إلى الشام أرض الجهاد ، قال : إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ، أفأردك إليها ؟ قال : أفأخرج إلى العراق ؟ قال : لا إنك إن تخرج إليها تقدم على قوم أولي شقة وطعن على الأئمة والولاة .
قال : أفأخرج إلى مصر ؟ قال : لا ، قال : فإلى أين أخرج ؟ قال : إلى البادية ، قال أبو ذر : أصير بعد الهجرة أعرابيا ؟ قال : نعم ، قال أبو ذر : فأخرج إلى بادية نجد ، قال عثمان : بل إلى الشرق الأبعد أقصى فأقصى امض على وجهك هذا فلا تعدون الربذة فخرج إليها .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 16 _
وروى الواقدي أيضا عن مالك بن أبي الرجال عن موسى بن ميسرة : إن أبا الأسود الدؤلي قال : كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة فجئته فقلت له : ألا تخبرني أخرجت منا المدينة طائعاً ؟ أم أخرجت كرهاً ؟ فقال كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغني عنهم فأخرجت إلى المدينة فقلت : دار هجرتي وأصحابي ، فأخرجت من المدينة إلى ما ترى ، ثم قال : بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذ مر بي ( عليه السلام ) فضربني برجله وقال : لا أراك نائماً في المسجد ، فقلت : بابي أنت وأمي غلبتني عيني فنمت فيه . قال : فكيف تصنع إذا أخرجوك منه ؟ قلت : إذا الحق بالشام فإنها أرض مقدسة وأرض الجهاد ، قال : فكيف تصنع إذا أخرجت منها ؟ قلت : أرجع ، إلى المسجد ، قال: فكيف تصنع إذا أخرجوك منه ؟ قلت : آخذ سيفي فأضربهم به فقال : ألا أدلك على خير من ذلك ؟ انسق معهم حيث ساقوك وتسمع وتطيع .
يقول أصحابنا المعتزلة وهو الأليق بمكارم الأخلاق فقد قال الشاعر :
إذا ما أتت من صاحب لك زلة فـكن أنت محتالا لزلته iiعذرا |
وإنما يتأول أصحابنا لمن يحتمل حاله التأويل كعثمان ، فأما من لم يحتمل حاله التأويل وإن كانت له صحبة سالفة كمعاوية وأضرابه فإنهم لا يتأولون لهم ، إذا كانت أفعالهم وأحوالهم لا وجه لتأويلها ولا تقبل العلاج والاصلاح ، انتهي ، من المستصعب جداً التفكيك بين الخليفتين وبين أعمالهما ، فإنهما من شجرة واحدة ، وهما في العمل صنوان ، لا يشذ أحدهما عن الآخر ، فتربص حتى حين ، وسنوقفك على جلية الحال .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 17 _
هلم معي إلى نظارة التنقيب :
قال الأميني : هل تعرف موقف أبي ذر الغفاري من الإيمان ، وثباته على المبدأ ، ومحله من الفضل ، ومبلغه من العلم ، ومقامه من الصدق ، ومبوأه من الزهد ، ومرتقاه من العظمة ، وخشونته في ذات الله ، ومكانته عند صاحب الرسالة الخاتمة ؟ فإن كنت لا تعرف ؟ فإلى الملتقى .
تعبده قبل البعثة .
سبقه في الاسلام .
ثباته على المبدأ .
1 ـ أخرج ابن سعد في الطبقات 4 ، 161 من طريق عبد الله بن الصامت قال : قال أبو ذر ، صليت قبل الاسلام قبل أن ألقى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثلاث سنين ، فقلت : لمن ؟ قال : لله ، فقلت : أين توجه ؟ قال : أتوجه حيث يوجهني الله.
وأخرج من طريق أبي معشر نجيح قال: كان أبو ذر يتأله في الجاهلية ويقول : لا إله إلا الله، ولا يعبد الأصنام ، فمر عليه رجل من أهل مكة بعد ما أوحي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا أبا ذر ! إن رجلا بمكة يقول مثل ما تقول : لا إله إلا الله ، ويزعم إنه نبي ، وذكر حديث إسلامه ص 164 .
وفي صحيح مسلم في المناقب 7 : 153 ، بلفظ ابن سعد الأول، وفي ص 155 بلفظ : صليت سنتين قبل مبعث النبي ، قال : قلت : فأين كنت توجه ؟ قال : حيث و وجهني الله .
وفي لفظ أبي نعيم في الحلية 1 : 157 : يا ابن أخي صليت قبل الاسلام بأربع سنين وذكره ابن الجوزي في صفوة الصفوة 1 : 238 .
وفي حديث أخرجه ابن عساكر في تاريخه 7 : 218 : أخذ أبو بكر بيد أبي ذر وقال : يا أبا ذر ! هل كنت تتأله في جاهليتك ؟ قال : نعم لقد رأيتني أقوم عند الشمس فما أزال مصليا حتى يؤذيني حرها فأخر كأني خفاء ، فقال : فأين كنت تتوجه ؟ قال : لا أدري إلا حيث وجهني الله .
2 - أخرج ابن سعد في الطبقات 4 : 161 من طريق أبي ذر قال : كنت في الاسلام خامسا .
وفي لفظ أبي عمر وابن الأثير : أسلم بعد أربعة .
وفي لفظ آخر ، يقال : أسلم بعد ثلاثة ، ويقال : بعد أربعة .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 18 _
وفي لفظ الحاكم : كنت ربع الاسلام ، أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع.
وفي لفظ أبي نعيم : كنت رابع الاسلام ، أسلم قبلي ثلاثة وأنا الرابع .
وفي لفظ المناوي : أنا رابع الاسلام .
وفي لفظ ابن سعد من طريق ابن أبي وضاح البصري : كان إسلام أبي ذر رابعاً أو خامساً .
راجع حلية الأولياء 1 : 157 ، مستدرك الحاكم 3 : 342 ، الاستيعاب 1 : 83 ، ج 2 : 664 ، أسد الغابة 5 : 186 ، شرح الجامع الصغير للمناوي 5 : 423 ، الإصابة 4 : 63 .
3 - أخرج ابن سعد في الطبقات 4 : 161 من طريق أبي ذر قال : كنت أول من حياه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتحية الاسلام فقلت : السلام عليك يا رسول الله! فقال : وعليك ورحمة الله.
وفي لفظ أبي نعيم : انتهيت إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) حين قضى صلاته فقلت : السلام عليك فقال : وعليك السلام .
وأخرجه مسلم في « المناقب » من الصحيح 7 : 154 ، 155 ، وأبو نعيم في « الحلية » 1 : 159 ، وأبو عمر في « الاستيعاب » 2 : 664 .
4 - أخرج ابن سعد والشيخان في الصحيحين من طريق ابن عباس واللفظ للأول قال : لما بلغه أن رجلاً خرج بمكة يزعم إنه نبي أرسل أخاه فقال : إذهب فائتني بخبر هذا الرجل وبما تسمع منه ، فانطلق الرجل حتى أتى مكة فسمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرجع إلى أبي ذر فأخبره إنه : يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأمر بمكارم الأخلاق فقال أبو ذر : ما شفيتني .
فخرج أبو ذر ومعه شنة فيها ماءه وزاده حتى أتى مكة ففرق أن يسأل أحدا عن شئ ولما يلق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأدركه الليل فبات في ناحية المسجد فلما اعتم مر به علي فقال : ممن الرجل ؟ قال : رجل من بني غفار ، قال : قم إلى منزلك قال : فانطلق به إلى منزله ولم يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ وغدا أبو ذر يطلب فلم يلقه وكره أن يسأل أحداً عنه ، فعاد فنام حتى أمسى فمر به علي فقال : أما آن للرجل أن يعرف منزله ؟ فانطلق به فبات حتى أصبح لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ فأصبح اليوم الثالث فأخذ على علي لئن أفشي إليه الذي يريد ليكتمن عليه وليسترنه ، ففعل فأخبره إنه بلغه خروج هذا الرجل يزعم إنه نبي فأرسلت أخي ليأتيني بخبره وبما سمع منه فلم يأتيني بما يشفيني من حديثه فجئت بنفسي لألقاه ، فقال له على إني غاد فاتبع أثري فإني إن رأيت ما أخاف عليك إعتللت بالقيام كأني اهريق الماء فأتيك ، وإن لم أر أحدا فاتبع أثري حتى تدخل حيث أدخل .
ابو ذر ( رضوان الله عليه )
_ 19 _
ففعل حتى دخل على أثر علي على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأخبره الخبر وسمع قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأسلم من ساعته ثم قال : يا نبي الله ما تأمرني ؟ قال : ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري .
قال : فقال له : والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد .
قال: فدخل المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله .
قال: فقال المشركون : صبأ الرجل ، صبأ الرجل ، فضربوه حتى صرع فأتاه العباس فأكب عليه وقال : قتلتم الرجل يا معشر قريش ! أنتم تجار وطريقكم على غفار فتريدون أن يقطع الطريق فأمسكوا عنه ، ثم عاد اليوم الثاني فصنع مثل ذلك ثم ضربوه حتى صرع فأكب عليه العباس وقال لهم مثل ما قال في أول مرة فأمسكوا عنه .
وذكر ابن سعد في حديث إسلامه : ضربه لإسلامه فتية من قريش فجاء إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله! أما قريش فلا أدعهم حتى أثأر منهم ، ضربوني ، فخرج حتى أقام بعسفان وكلما أقبلت عير لقريش يحملون الطعام ينفر لهم على ثنية غزال فتلقى أحمالها فجمعوا الحنط فقال لقومه : لا يمس أحد حبة حتى تقولوا: لا إله إلا الله . فيقولون : لا إله إلا الله ، ويأخذون الغرائر .
راجع طبقات ابن سعد 4 : 165 ، 166 ، صحيح البخاري كتاب المناقب باب إسلام أبي ذر 6 : 24 ، صحيح مسلم كتاب المناقب 7 : 156 ، دلائل النبوة لأبي نعيم 2 : 86 ، حلية الأولياء له 1 : 159 ، مستدرك الحاكم 3 : 338 ، الاستيعاب 2 : 664 وأخرج أبو نعيم في الحلية 1 : 158 من طريق ابن عباس عن أبي ذر قال: أقمت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة فعلمني الاسلام وقرأت من القرآن شيئاً ، فقلت : يا رسول الله! إني أريد أن أظهر ديني .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إني أخاف عليك أن تقتل .
قلت : لا بد منه وإن قتلت .
قال : فسكت عني فجئت وقريش حلق يتحدثون في المسجد فقلت أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فانتقضت الحلق فقاموا فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر ، وكانوا يرون إنهم قد قتلوني فأفقت فجئت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فرأى ما بي من الحال فقال لي : ألم أنهك .
فقلت : يا رسول الله ! كانت حاجة في نفسي فقضيتها ، فأقمت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : إلحق بقومك فإذا بلغك ظهور فأتني وأخرج من طريق عبد الله بن الصامت قال : قال لي أبو ذر ( رضي الله عنه ) : قدمت مكة فقلت : أين الصابئ ؟ فقالوا : الصابئ .
فأقبلوا يرمونني بكل عظم وحجر حتى تركوني مثل النصب الأحمر .
وأخرجه أحمد في « المسند » 5 : 174 بصورة مفصلة ، ومسلم في « المناقب » ، والطبراني كما في مجمع الزوائد 9 : 329 .