لاقربائه واولاده : لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد وما اتبعتم أمره فاطيعوه ترشدوا (قال) وقد نوه أبو طالب بنبوة النبي قبل أن يبعث صلى الله عليه وآله لانه ذكر في الخطبة التي خطب بها حين تزوج صلى الله عليه (وآله وسلم) بخديجة رضي الله عنها ، فقال في خطبته تلك : ( الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم ، وزرع اسماعيل ، وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حفظة بيته ، وسواس حرمه ، وجعل لنا بيتا محجوجا ، وحرما آمنا ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن اخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح شرفا ونبلا ، وفضلا وعقلا ، وهو والله ، بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جسيم ) (قال) : وكان هذا (القول من أبي طالب عليه السلام) قبل بعثته صلى الله عليه وآله وسلم بخمس عشرة سنة (قال) فانظر كيف تفرس فيه أبو طالب كل خير قيل بعثته صلى الله عليه وآله ، فكان الامر كما قال : وذلك من أقوى الدلائل على إيمانه وتصديقه بالنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم حين بعثه الله تعالى ، ثم ذكر قضية مجئ قريش وشكايتهم عند أبي طالب ابن اخيه صلى الله عليه وآله (قال) : ثم إن ابا طالب قال للنبي إن بني عمك هؤلاء يزعمون أنك تؤذيهم ، فقال : لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن اترك هذا الامر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ، ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وآله باكيا فقال ابو طالب : يابن أخي قل ما أحبيت ، فوالله لا أسلمنك لهم ابدا ، وقال لقريش والله ما كذب ابن اخي قط ، ثم انشأ الابيات المعروفة التي (منها) :
فاصدع بامرك ما عليك غضاضة      وابـشر بـذلك وقـر منه عيونا
  الخ وقد تقدم تمامها وسيأتي أيضا : (قال المؤلف) فهل بعد ما مر عليك من التصريحات في الشعر

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 27 _

  والنثر بان محمدا صلى الله عليه وآله رسول الآله ونبي مرسل من الله جاء بالدين الصحيح ، والشريعة الواضحة ، والحق المبين الجلي من الواحد الاحد العلي ، وبعدما سمعه من الاحبار والرهبان ومن أبيه عبد المطلب عليه السلام ، يبقى مجال للترديد أو التوقف أو الشك في ايمان حامي الرسول الباذل له نفسه ونفيسه في سبيل الدين ابي طالب عليه السلام .
  (قال المؤلف) لما رأى المشركون وكفار قريش أن ابا طالب عليه السلام لم يسلم ابن اخيه إليهم ليقتلوه اتفقوا على تركهم لابي طالب مع تبعته وكتبوا الصحيفة الملعونة .
  (بعض ما ذكره المؤرخون في سبب كتابة الصيحفة) (الملعونة التي كتبها أهل مكة من قريش وغيرهم) قال الجزري في تاريخ الكامل (ج 2 ص 32 طبع مصر) ولما رأت قريش الاسلام يفشو ويزيد وأن المسلمين قووا باسلام حمزة إئتمروا في أن يكتبوا بينهم كتابا يتعاقدون فيه على ان لا ينكحوا بني هاشم وبني المطلب ولا ينكحوا إليهم ، ولا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم شيئا ، فكتبوا بذلك صحيفة وتعاهدوا على ذلك ، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا لذلك الامر على أنفسهم ، فلما فعلت قريش ذلك انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب .
  فدخلوا معه شعبه ، واجتموا وخرج من بني هاشم أبو لهب بن عبد المطلب إلى قريش فلقي هند بنت عتبة فقال : كيف رأيت نصري للات والعزى قالت : لقد احسنت فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا (أو أربعا) حتى جهدوا لا يصل إلى احد منهم شئ الا سرا ، وذكروا أن أبا جهل لقي حكيم بن حزام بن خويلد ومعه قمح يريد عمته خديجة وهي

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 28 _

  عند رسول الله صلى الله عليه وآله في الشعب ، فتعلق به وقال والله لا تبرح حتى أفضحك ، فجاء أبو البحتري بن هشام فقال : مالك وله ؟ عنده طعام لعمته أفتمنعه أن يحمله إليها ، خل سبيله ، فأبى أبو جهل فنال منه فضربه أبو البحتري بلحى جمل فشجه ووطأه وطئا شديدا وحمزة ينظر إليهم ، وهم يكرهون أن يبلغ النبي صلى الله عليه وآله ذلك فيشتمت به وهو والمسلمون ، ورسول الله صلى الله عليه وآله يدعو الناس سرا وجهرا ، والوحي متتابع إليه فبقوا كذلك ثلاث سنين (أو اربع سنين) كما في المناقب لابن شهر اشوب (ج 1 ص 46 من الطبع الثاني سنة : 1317 ه‍) فقام في نقض الصحيفة نفر من قريش ، وكان احسنهم بلاء فيه هشام بن عمرو بن الحرث بن عمرو بن لوي ، وهو ابن اخي نضلة ابن هشام بن عبد مناف لامه ، كان يأتي بالبعير قد أوقره طعاما ليلا ويستقبل به الشعب ويخلع خطامه فيه فيدخل الشعب فلما رأى ما هم فيه وطول المدة عليهم مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي أخي أم سلمة ، وكان شديد الغيرة على النبي صلى الله عليه وآله والمسلمين وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب فقال : يا زهير أرضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت ، أما إني أحلف بالله لو كان أخوالي أبا الحكم يعني ابا جهل ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه ما أجابك ابدا ، فقال : فماذا أصنع وإنما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لنقضتها ، فقال قد وجدت رجلا ، قال ومن هو ؟ قال انا ، قال زهير أبغنا ثالثا قال قد فعلت ، قال من هو ؟ قال زهير بن أمية ، قال : أيضا رابعا ، قال : نعم ، قال من هو ؟ قال : انا وزهير والمطعم ، قال أبغني خامسا فذهب إلى زمعة بن الاسود ابن المطلب بن أسد فكلمه وذكره له قرابتهم ، قال : وهل على هذا الامر

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 29 _

  معين ؟ قال : نعم ، وسمى له القوم ، فاتعدوا حطم الحجون الذي باعلى مكة ، فاجتمعوا هنالك وتعاهدوا على القيام في نقض الصحيفة ، فقال زهير : أنا أبدؤكم فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم ، وغدا زهير فطاف بالبيت ثم أقبل على الناس فقال : يا اهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون ولا يبتاع منهم ؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة قال أبو جهل : كذبت والله لا تشق ، قال زمعه بن الاسود انت والله أكذب ، ما رضينا بها حين كتبت ، قال أبو البحتري : صدق زمعة لا نرضى بما كتب فيها ، قال المطعم بن عدي : صدقتما وكذب من قال غير ذلك ، وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك ، قال ابو جهل : هذا أمر قضي بليل وابو طالب جالس في ناحية المسجد ، فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها فوجد الارضة قد أكلتها الا ما كان باسمك اللهم (وهي كلمة) كانت تفتتح بها كتبهم وكان كاتب الصحيفة منصور ابن عكرمة فشلت يده وقيل كان سبب خروجهم من الشعب ان الصحيفة لما كتبت وعلقت بالكعبة اعتزل الناس بني هاشم وبني المطلب واقام رسول الله صلى الله عليه وآله وابو طالب ومن معهما بالشعب ثلاث سنين فارسل الله الارضة وأكلت ما فيها من ظلم وقطيعة رحم وتركت ما فيها من أسماء الله تعالى فجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وآله فاعلمه بذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وآله لعمه ابي طالب ، وكان أبو طالب لا يشك في قوله فخرج من الشعب إلى الرحم فاجتمع الملا من قريش ، وقال : إن ابن اخي أخبرني أن الله أرسل على صحيفتكم الارضة فأكلت ما فيها من قطيعة رحم وظلم وتركت اسم الله ثعالى فاحضروها : فان كان صادقا علمتم أنكم ظالمول لنا ، قاطعون لارحامنا وان كان كاذبا علمنا انكم على حق وأنا على باطل ، فقاموا سراعا وأحضروها فوجدوا الامر كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 30 _

  وسلم ، وقويت نفس ابي طالب واشتد صوته وقال : قد تبين لكم أنكم أولى بالظلم والقطيعة فنكسوا رؤوسهم ، ثم قالوا : إنما تأتونا بالسحر والبهتان ، وقام أولئك النفر في نقضها كما ذكرنا ، وقال أبو طالب في أمر الصحيفة وأكل الارضة ما فيها من ظلم وقطيعة رحم ابياتا منها
وقد  كان في أمر الصحيفة عبرة      مـتى مـا يـخبر غائب يعجب
مـحا  الله منهم كفرهم iiوعقوقهم      وما نقموا من ناطق الحق معرب
فاصبح  ما قالوا من الامر iiباطلا      ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب
  (قال المؤلف) هذه القضية ذكرت باختلاف في كتب التاريخ مفصلا ومختصرا ، والرواية الاخيرة التي ذكرها في الكامل اكثر ذكرا من غيرها ، والابيات التي ذكرها لها تتمة ذكرت في ديوان أبي طالب عليه السلام ، وفيها تصريح بالوحدانية والنبوة وغير ذلك من الامور النافعة المهمة ، تثبت لمن تأملها أن ابا طالب عليه السلام كان موحدا مؤمنا بالنبي الامي ، ابن اخيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله ، وإنما أخفى عقيدته ولم يتظاهر بها كساير أصحاب النبي صلى الله عليه وآله لحفظ نفسه وحفظ النبي وحفظ أصحابه ، فحاله عليه السلام حال المؤمنين الذين كتموا إيمانهم فكان لهم اجران ، وبذلك حفظ النبي وأهل بيته ولم يتمكن أحد من إيذائه رعاية له وخوفا منه ، إلى أن توفي سلام الله عليه ، ولما توفي عليه السلام قامت قريش وغير قريش بايذاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصل إلى حد لم يتمكن صلى الله عليه وآله من البقاء في وطنه فقر منها بامر الله تعالى إلى يثرب ، حيث كان له هناك أتباع وانصار قاموا بنصرته إلى ان قوي الدين وكثر المسلمون واستولوا على الكافرين من قريش وغيرهم وتمكن من فتح مكة المكرمة ووطنه المبارك ، واليك

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 31 _

  القصيدة من الديوان (1) .
الا  مـن لـهم آخـر الـليل iiمـنصب      وشـعب  الـعصا مـن قومك iiالمتشعب
وجـربى أراهـا مـن لـوي بن iiغالب      مـتى  مـا تـزاحمها الصحيحة iiتجرب
إذا  قـائـم فــي الـقـوم بـخـطبة      أقاموا جميعا ثم صاحوا وأجلبوا وما ذنب
مــن  يـدعـو إلــى الله iiوحــده      وديــن قـويـم أهـله غـير iiخـيب
ومـا ظـلم مـن يدعوا إلى البر iiوالتقى      ورأب الـثأى بـالرأي لا حـين مشعب
وقـد  جـربوا فـيما مضى غب امرهم      ومـا عـالم امـرا كـمن لـم يـجرب
وقـد  كـان مـن امـر الصحيفة عبرة      اتـاك بـها مـن غـاثب متعصب (2)ii
مـحا  الله مـنها كفرهم وعقوقهم      وما تقموا من صادق القول منجب
وأصبح  ما قولوا من الامر iiباطلا      ومن  يختلق ما ليس بالحق iiيكذب
فـأمسى  ابن عبد الله فينا iiمصدقا      على  ساخط من قومنا غير معتب
فـلا  تـحسبونا خـاذلين iiمحمدا      لـذي غـربة مـنا ولا مـتقرب
سـتـمنعه  مـنا يـد iiهـاشمية      مـركبها فـي المجد خير iiمركب
ويـنصره  الله الـذي هـو iiربه      باهل العقير أو بسكان يثرب (3)ii
فـلا  والـذي يحدى له كل iiمرثم      طـليح بـجنبي نخلة iiفالمحصب
يـمينا  صـدقنا الله فيها ولم نكن      لـنحلف بـطلا بالعتيق iiالمحجب
نـفارقه حـتى نـصرع iiحـوله      ومـا بـال تكذيب النبي iiالمقرب

--------------------------------
(1) كان الديوان مخطوطا وكان تاريخ كتابته سنة 380 ه‍ ، ونقل من خط الشيخ أبي الفتح عثمان بن جني النحوي ، وأخيرا طبع في النجف الاشرف سنة 1356 ه‍ ، وصححه وعلق عليه العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم .
(2) يريد عليه السلام الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم وعلقوها في الكعبة فمحا الله منها موضع عقوقهم .
(3) العقير مدينة في البحرين . [=]

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 32 _

فـيا  قـومنا لا تـظلمونا iiفـاننا      متى ما نخف ظلم العشيرة نغضب
وكـفوا  إليكم من فضول iiحلومكم      ولا تـذهبوا في رأيكم كل iiمذهب
ولا تـبـدأونا بـالظلامة iiوالاذى      فـنجزيكم ضـعفا مع الام iiوالاب
  (قال المؤلف) ومن جملة من خرج بعض الابيات المذكورة مؤلف ناسخ التواريخ في ج 1 من الكتاب الثاني ص 260 ، وهذا نص ما أخرجه بالفاظه :
ألا  مـن لـهم آخـر الـليل iiمـنصب      وشـعب  الـعصا مـن قومك المتشعب
وقـد كـان فـي امـر الصحيفة iiعبرة      مــتـى مـــا يـخـبر iiغـائـب
القوم يعجب محا الله مها كفرهم وعقوقهم      ومـا  نـقموا مـن ناطق الحق iiمعرب
فـكذب مـا قـالوا مـن الامـر iiباطلا      ومـن  يـختلق مـا ليس بالحق iiيكذب
وأمـسى  ابـن عـبد الله فـينا iiمصدقا      عـلى سـخط مـن قـومنا غير iiمعتب
فــلا  تـحـسبونا مـسلمين iiمـحمدا      لــذى غـربـة مـنـا ولا iiمـتقرب
  (قال المؤلف) ومن شعر ابي طالب عليه السلام الدال على انه كان مؤمنا بابن اخيه محمد صلى الله عليه وآله ومعتقدا بنبوته ورسالته ما خرجه ابن ابي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ج 14 ص 62 ط 2 وخرجه غيره :
ألا أبـلغا عـني لـويا iiرسـالة      بـحق ومـا تغني رسالة iiمرسل
بـني  عمنا الادنين فيما iiيخصهم      وإخـواننا من عبد شمس iiونوفل
أظـاهرتم  قـوما عـليا iiسفاهة      وأمـرا  غـويا من غواة iiوجهل
يـقولون لـو أنـا قـتلنا iiمحمدا      أقـرت  نـواصي هاشم iiبالتذلل
كذبتم ورب الهدي تدمى iiنحورها      بـمكة والـبيت الـعتيق iiالمقبل
تـنالونه أو تـصطلوا دون iiنيله      صوارم تفري كل عضو ومفصل
فـمهلا  ولما تنتج الحرب بكرها      بـخيل  تـمام أو بـآخر iiمعجل

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 33 _

وتـلقوا ربـيع الابطحين iiمحمدا      على ربوة في رأس عنقاء عيطل
وتـأوى إلـيه هـاشم إن iiهاشما      عـرانين كـعب آخـر بعد أول
فـان كـنتم تـرجون قتل iiمحمد      فـروموا  بـما جمعتم نقل iiيذبل
فـانـا سـنحميه بـكل iiطـمرة      وذي مـيعة نـهد المراكل iiهيكل
وكـل رديـنى ظـماء iiكـعوبه      وعضب كايماض الغمامة iiمقصل
  ثم قال ابن ابي الحديد : ( قلت : كان صديقنا علي بن يحيى البطريق رحمه الله يقول : لو لا خاصة النبوة وسرها لما كان مثل أبي طالب وهو شيخ الابطح وشيخ قريش ورئيسها وذو شرفها يمدح ابن اخيه محمدا وهو شاب قد ربي في حجره وهو يتيمه ، ومكفو له .
  وجار مجرى أولاده مثل قوله :
وتـلـقوا ربـيـع الابـطـحين iiمـحمدا      عـلى  ربـوة فـي رأس عـنقاء iiعيطل
وتــأوي إلـيـه هـاشـم إن هـاشـما      عـرانـين  كـعـب آخــر بـعد iiأول
ومثل قوله : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه      ثـمـال الـيـتامى عـصـمة iiلـلارامل
يـطـيف  بـه الـهلاك مـن آل هـاشم      فـهـم  عـنـده فـي نـعمة iiوفـواضل
  فان هذا الاسلوب من الشعر لا يمدح به التابع والذنابي من الناس وانما هو من مديح الملوك والعظماء ، فإذا تصورت أنه شعر أبي طالب ذاك الشيخ المبجل العظيم في محمد صلى الله عليه وآله وهو شاب مستجير به ، معتصم بظله من قريش ، قد رباه في حجره ، غلاما وعلا عاتقه طفلا ، وبين يديه شابه ، يأكل من زاده ، ويأوي إلى داره علمت موضع خاصية النبوة وسرها ، وأن أمره كان عظيما ، وأن الله تعالى أوقع في القلوب والانفس له منزلة رفيعة ، ومكانا جليلا ) .
  (قال المؤلف) لقد انصف علي بن يحيى البطريق ، وأظهر الحق

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 34 _

  ولم يتعام كما تعامى صديقه ابن ابي الحديد الشافعي وقال : ( إني في القول بايمان شيخ قريش من المتوقفين ) ، ولم يتوقف إلا رعاية لخاله أمير الشام حيث أنكر إيمانه عليه السلام حقدا وعداوة لولده علي عليه السلام الذي قتل أشياخه ببدر وحنين ، ولا يخفى على طالبي الحق أن هذه الابيات من شعر أبي طالب عليه السلام خرجها أبو هفان عبد الله بن احمد المهزمي في ديوان ابي طالب عليه السلام شيخ الابطح ص 36 طبع النجف الاشرف وفيه اختلاف في الالفاظ ، وزيادة في الابيات واليك نصها فتأملها واغتنم
ألا ابـلغا عـني لـويا رسالة      بـحق وما تغني رسالة مرسل
بني عمنا الادنين تيما iiنخصهم      وإخواننا من عبد شمس ونوفل
أظـاهرتم  قـوما علينا iiأظنة      وأمـر  غوي من غواة وجهل
يـقولون  لـو أنا قتلنا iiمحمدا      أقـرت  نواصي هاشم بالتذلل
كـذبتم  وبـيت الله يثلم ركنه      ومكة  والاشعار في كل iiمعمل
  (قال) يروى يلثم ركنه اي ركن البيت ، ويثلم ركنه ، أي ركن محمد صلى الله عليه وآله والاشعار علامة الهدي ، قال الاصمعي جاءت أم معبد الجهني الحسن فقالت : يابن ميسان إنك قد أشعرت
ابني وبالحج أو بالنيب تدمى نحوره      بـمدماه  والـركن الـعتيق iiالمقبل
  (قال) الناب المسن من الابل أي تقاتلون حتى تثنى السيوف :
ابني وبالحج أو بالنيب تدمى نحوره      بـمدماه  والـركن الـعتيق iiالمقبل
  (قال) أي تدعوا بارحام أنتم قطعتموها :
فمهلا ولما تنتج الحرب بكرها      يـيتن  تـمام أو بآخر iiمعجل
فـانا مـتى ما نمرها iiبسيوفنا      نجالح  فنعرك من نشاء بكلكل
  (قال نجالح أي نكاشف ، ويقال نصبر على حالين ، والمجلاح

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 35 _

  من النوق الذي يصبر على الحر والبرد :
وتـلقوا  ربـيع الابطحين iiمحمدا      على ربوة في رأس عيطاء عيطل
  (قال) أصل العيط طول العنق ثم استعير ، وعيطل طويلة تامة :
وتـأوي إليه هاشم إن هاشما      عرانين  كعب آخرا بعد iiأول
فـان كنتم ترجون قتل محمد      فروموا  بما جمعتم نقل iiيذبل
فـانا سـنحميه بـكل طمرة      وذي ميعة نهد المراكل هيكل
  (قال) طمر الجرح إذا انتفخ .
  ونتاونزا ، وطامر بن طامر البرغوث لانه كثير الوثب .
وكـل رديـنى ظـماء iiكـعوبه      وعضب كايماض الغمامة مقصل
وكل جرور الذيل زغف iiمفاضة      دلاص  كهزهاز الغدير iiالمسلسل
  (قال) المفاضة الواسعة التي تنصب على لابسها كانصباب الماء الفائض .
  وهزهاز كثير الاهتزاز قال جرير :
ويجمعنا والغر من آل فارس      اب  لا نبالي بعده من iiتغدرا
  أي تخلف ، وقال الراجز :
قد وردت مثل اليماني الهزهاز      تـدفع مـن أعناقها iiبالاعجاز
  أعيت على مقصدنا والرجاز أي وردت ماء تجففه الرياح يهتز اهتزاز السيف اليماني ، أي يكثر لبنها فلا ننحرها ، والمسلسل حسن المر .
بـايمان شـم من ذوائب هاشم      مغاوير بالاخطار في كل محفل
  (قال) مغاوير ينقصون كل عز بغيرهم ، قال المؤلف وفي نسخة :
بـايمان شـم من ذؤابة iiهاشم      مغادير بالابطال في كل جحفل
  (قال المؤلف) ان مجموع الابيات في ديوان شيخ الابطح عليه السلام الذي جمعه أبو هفان سبعة عشر بيتا ، وما خرجه ابن ابن الحديد اثنا عشر بيتا ، والله اعلم بسبب تركه بقية الابيات ، ويعلم من توقفه في إيمان ناصر

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 36 _

  الرسول صلى الله عليه وآله سبب تركه الابيات الخمسة ، ولا يخفى أن هذه القصيدة خرجها في ديوان ابي طالب ص 137 ط بمبئى سنة 1326 ه‍ وهو غير ديوان ابي هفان عبد الله بن احمد المهزمي ، وقد نقل منه العلامة الخنيزي في كتابه (أبو طالب مؤمن قريش) .
  (قال المؤلف) حديث شيخ السنة ابي عمرو عثمان بن احمد الذي خرجه في المناقب (ج 1 ص 357) وقد تقدم يثبت أن أبا طالب وفاطمة بنت اسد عليهما السلام كانا مسلمين قائلين برسالة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله قبل انعقاد نطفة امير المؤمنين عليه السلام ، غير أن أبا طالب عليه السلام كان يكتم إيمانه ولم يتظاهر بالاسلام كما كان يتظاهر بها أولاده واخوانه عليهم السلام ، ليتمكن من حفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وحفظ من آمن به ، والذب عنهم ، ومع ذلك كله كان يأمر أولاده وأقرباءه بمتابعة ابن أخيه محمد صلى الله عليه وآله ، وكان يبين لهم في شعره ونثره أن ما أتى به ابن أخيه هو الدين الصحيح الحق وأن ما سواه باطل ، وإليك بعض أشعاره التي فيها تصريح بنبوة ابن اخيه محمد صلى الله عليه وآله ، وأشعاره الدالة على إيمانه واعترافه برسالة ابن أخيه كثيرة ، وقد خرجها علماء أهل السنة ، وعلماء الامامية عليهم الرحمة .
  (منها) ما ذكره ابن ابي الحديد الشافعي في شرحه لنهج البلاغة (ج 14 ص 77 طبع مصر سنة 1382 ه‍ ، قال : ومن شعره (أي من شعر أبي طالب عليه السلام) .
انـت  الـنبي iiمحمد      قـرم أغـر iiمـسود
لـمسودين  iiأطـائب      كرموا  وطاب iiالمولد
نـعم الارومة iiأصلها      عمرو الخضم iiالاوحد
هشم الربيكة في الجفا      ن وعـيش مكة iiأنكد

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 37 _

فـجرت  بـذلك iiسنة      فـيها الـخبيزة iiتثرد
ولـنا السقاية iiللحجيج      بـها  يـماث iiالعنجد
والمأزمان  وما iiحوت      عـرفاتها  والـمسجد
أنـى تضام ولم iiأمت      وأنـا  الشجاع iiالعربد
وبـطاح مكة لا iiيرى      فـيها نـجيع iiأسـود
وبـنو أبـيك iiكـأنهم      أسـد  الـعرين iiتوقد
ولـقد  عهدتك iiصادقا      فـي الـقول لا يتريد
ما زلت تنطق بالصوا      ب وأنـت طفل iiأمرد
  (قال المؤلف) وخرج الابيات العلامة السيد شمس الدين بن معد الموسوي في كتابه (الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ص 72 ص 73) مع اختلاف في بعض كلمات القصيدة وتقديم وتأخير في الابيات وزيادة بيت : فالابيات عند أبي الحديد اثنا عشر وعند السيد ثلاثة عشر واليك نصها :
انـت  الـنبي iiمحمد      قـرم أغـر iiمـسود
لـمسودين  iiأطـائب      كرموا  وطاب iiالمولد
نـعم الارومة iiأصلها      عمرو الخضم iiالاوحد
هشم الربيكة في الجفا      ن وعـيش مكة iiأنكد
فـجرت بـذلك iiسنة      فـيها الـخبيزة iiتثرد
ولـنا السقاية للحجيج      بـها  يـماث iiالعنجد
والمأزمان  وما iiحوت      عـرفاتها iiوالـمسجد
أنـى تضام ولم iiأمت      وأنـا الشجاع iiالعربد
وبـنو  أبـيك iiكأنهم      أسـد  الـعرين iiتوقد
شـم قـماقمة iiغـيو      ث  نـدى بحار iiتزبد

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 38 _

وبـطاح مكة لا iiيرى      فـيها نـجيع iiأسـود
ولـقد  عهدتك iiصادقا      فـي الـقول ما iiتنفند
ما زلت تنطق بالصوا      ب وانـت طفل iiأمرد
  (ثم قال عليه الرحمة) ومن تدبر هذا القول ووعاه علم حقيقة ايمان قائله بشهادته للنبي صلى الله عليه وآله بالصدق وقول الصواب ، وفي ذلك كفاية لاولي الالباب ، وخرج الابيات في كتاب (هاشم وأمية (ص 173 ص 174) وخرجه في كتاب (شيخ الابطح ص 28) وفي (أعيان الشيعة ج 39 ص 143) وخرجها غيرهم .
  (قال المؤلف) ومن أشعاره عليه السلام التي فيها تصريح بنبوة ابن أخيه محمد صلى الله عليه وآله قوله كما في شرح نهج البلاغة (ج 14 ص 78 طبع 2) :
لـقد  اكـرم الله النبي iiمحمدا      فاكرم خلق الله في الناس أحمد
وشـق لـه مـن اسمه iiليجله      فذو العرش محمود وهذا محمد
  (قال المؤلف) أخرج السيد في (الحجة على الذاهب ص 74) الاشعار باسنادها قال : أخبرني السيد النقيب أبو جعفر الحسيني يحيى بن محمد بن أبي زيد العلوي الحسني البصري بمدينة السلام في شهر رمصان سنة اربع وستمائة ، قال : أخبرني والدي أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد البصري النقيب ، قال : أخبرني تاج الشرف المعروف بابن السخطة العلوي الحسيني البصري ، قال : أخبرني السيد العالم النسابة الثقة أبو الحسن علي بن محمد بن الصوفي العلوي العمري رحمه الله ، قال : أنشدني أبو عبد الله ابن معية الهاشمي معلمي رحمه الله بالبصرة (وقال ان) لابي طالب عليه السلام :
لـقد  اكـرم الله النبي iiمحمدا      فاكرم خلق الله في الناس أحمد

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 39 _

وشـق لـه مـن اسمه iiليجله      فذو العرش محمود وهذا محمد
  (واخرج) البيت الثاني ابن حجر العسقلاني الشافعي في الاصابة (ج 7 ص 112) وقال : هي من قصيدة له ، وترك البيت الاول لانه يثبت إيمان ابي طالب عليه السلام بنبوة ابن اخيه ، وقال ابن حجر بعد نقله البيت من قصيدته عليه السلام : قال ابن عيينة عن علي بن زيد : ما سمعت أحسن من هذا البيت .
  (قال المؤلف) جميع أشعاره عليه السلام قد شهد بحسنها علماء الادب ومن جملتهم ابن كثير ، فقد صرح بذلك في البداية والنهاية (ج 3 ص 57) وقال : قصيدته عظيمة بليغة جدا وهي أفحل من المعلقات السبع ، وابلغ الخ) وخرج ابن عساكر الشافعي البيت الثاني وترك البيت الاول وقال : قبل نقله البيت قال ابن عباس لما ولد النبي صلى الله عليه وآله عق عنه عبد المطلب بكبش وسماه محمدا فقيل له يا أبا الحارث ما حملك على أن تسميه محمدا ولم تسمه باسم آبائه ؟ فقال : أردت أن يحمده الله في السماء ، ويحمده الناس في الارض .
  وقال علي بن زيد بن جدعان تذاكرنا الشعر فقال رجل : ما سمعنا شعرا أحسن من بيت أبي طالب :
وشـق لـه مـن اسمه iiليجله      فذو العرش محمود وهذا محمد
  (وخرج) في تأريخ الخميس (ج 231 1) أنه قيل لعبد المطلب عليه السلام : ما سميته ؟
  قال : سميته محمدا قالوا : لم رغبت عن أسماء آبائه ؟
  قال : أردت أن يكون محمودا في السماء لله ، وفي الارض لخلقه (وفيه ايضا) انه صلى الله عليه وآله ولد معذورا أي مختونا مقطوع السرة ، فاعجب ذلك عبد المطلب وحظي عنده وقال : ليكونن لابني هذا شأن (وفيه ايضا) بطرق عديدة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : من كرامتي على ربي اني ولدت مختونا ولم ير

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 40 _

  احد سوأتي (وفيه ايضا) عن ابن عمر قال : ولد النبي ضلى الله عليه وآله وسلم مسرورا مختونا (وفيه ايضا) قال الحاكم في المستدرك : تواترت الاخبار أنه صلى الله عليه وآله ولد مختونا (وخرج ابن كثير) البيت الثاني من شعر أبي طالب عليه السلام في تاريخه الكبير (ج 2 ص 266) وقال قبل ذلك : قال بعض العلماء ألهم الله عزوجل أن سموه محمدا لما فيه من الصفات الحميدة ليلتقي الاسم والفعل ، ويتطابق الاسم والمسمى في الصورة والمعنى ، كما قال عمه أبو طالب .
  وشق له من اسمه ليجله = فذو العرش محمود وهذا محمد (بعض اشعار ابي طالب عليه السلام الذي فيه اعتراف) (برسالة ابن اخيه صلى الله عليه وآله) (قال المؤلف) ومن أشعار ابي طالب عليه السلام التي فيها اعتراف برسالة ابن اخيه محمد صلى الله عليه وآله ما خرجه ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة (ج 14 ص 78 طبع 2) ، قال ومن ذلك قوله :
إذا قيل من خير هذا الورى      قـبيلا  وأكـرمهم iiأسـرة
أنـاف  لـعبد مـناف iiاب      وفـضـله هـاشم iiالـعرة
لـقد حـل مجد بني iiهاشم      مـكان  الـنعائم iiوالـنثرة
وخـير  بـني هاشم iiاحمد      رسـول  الالـه على iiفترة
  (قال المؤلف) خرج الابيات جماعة من علماء اهل السنة والامامية عليهم الرحمة .
  (منهم) العلامة شمس الدين بن معد الموسوي في كتابه (الحجة على الذاهب ص 74) ولفظه يساوي لفظ ابن ابي الحديد الشافعي ، غير انه

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 41 _

  قال (أتاف بعبد مناف أب) بالباء لا باللام ، ثم قال عليه الرحمة : هذا القول منه رضي الله عنه مطابق لقوله تعالى (قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل) فان لم يكن في قوله شهادة منه بالنبوة فليس في ظاهر الآية شهادة ، وفي هذا لمن اعتقده غاية الضلال وعظيم الوبال .
  (قال المؤلف) ومن أشعار أبي طالب عليه السلام التي فيها تصريح برسالة ابن اخيه محمد صلى الله عليه وآله ، ما خرجه ابن ابي الحديد في نهج البلاغة (ص 76 طبع 2 م) قال : قالوا ومن شعر أبي طلب يخاطب اخاه حمزة وكان يكنى أبا يعلى :
فـصبرا أبا يعلى على دين iiأحمد      وكن  مظهرا للدين وفقت iiصابرا
وحط من أتى بالحق من عند ربه      بصدق  وعزم لا تكن حمز iiكافرا
فـقد سـرني إذ قلت إنك iiمؤمن      فـكن لرسول الله في الله iiناصرا
ونـاد  قـريشا بـالذي قد iiأتيته      جـهارا وقل ما كان أحمد ساحرا
  (قال المؤلف) خرج الابيات جماعة غير ابن أبي الحديد (منهم العلامة السيد شمس الدين بن معد الموسوي في كتابه (الحجة على الذاهب ص 71) وفيه اختلاف في بعض كلماته وهذا نصه بحذف السند :
فـصبرا ابا يعلى على دين iiاحمد      وكن  مظهرا للدين وفقت iiصابرا
وحط من أتى بالدين من عند ربه      بصدق  وحق لا تكن حمز iiكافرا
فـقد سـرني إذ قلت إنك iiمؤمن      وكـن لرسول الله في الله iiناصرا
ونـاد  قـريشا بالذي قد أتى iiبه      جـهارا وقل ما كان أحمد ساحرا
  (ثم قال) عليه الرحمة ، لم يكفه رضي الله عنه أمره لاخيه بالصبر على عداوة قريش والنصرة للنبي صلى الله عليه وآله حتى أمره باظهار الدين ، والاجتهاد في حياطته ، والدفاع عن بيضته ، ثم يشهد لاخيه حمزة أن محمدا صلى الله عليه وآله اتى بالدين من عند ربه

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 42 _

  بصدق وحق ، ثم يحذره الكفر في قوله (لا تكن حمز كافرا) ثم يقول له (وقد سرني إذ قلت : إنك مؤمن) أفتراه يسر لاخيه بالايمان ويختار لنفسه الكفر الموجب لغضب الجبار والخلود في النار ؟ وهل يتصور مثل هذا من ذي عقل ، ثم يأمره بنصرة النبي صلى الله عليه وآله ويدعو له بالتوفيق لنصرته في قوله (وكن لرسول الله وفقت ناصرا) ثم يأمره بكشف أمره وإذاعة سره في قوله (وناد قريشا بالذي قد أتى به .
  جهارا أي لا تخفي ذلك (وقل ما كان أحمد ساحرا) كما زعمتم ، بل كان نبينا صادقا ، وإن رغمتم ، فهل يعلم الاسلام بشئ أبين من هذا .
  (ومنهم) العلامة ابن شهر اشوب فقد خرج الابيات في كتابه (المناقب (ج 1 ص 43 ط 2) وذكر اولا سبب انشاد أبي طالب عليه السلام لهذه الابيات ، وذكر سبب اسلام حمزة عليه السلام ايضا ، وهذا نص الفاظه : (مقاتل) أي خرج مقاتل ، وقال : لما رأت قريش يعلو أمره (أي أمر النبي صلى الله عليه وآله) قالوا : لا نرى محمدا يزداد الا كبرا وتكبرا ، وإن هو إلا ساحر أو مجنون ، وتوعدوه ، وتعاقدوا لئن مات أبو طالب ليجمعن قبائل قريش كلها على قتله ، وبلغ ذلك أبا طالب ، فجمع بني هاشم ، وأحلافهم من قريش فوصاهم برسول الله صلى الله عليه وآله وقال : إن ابن اخي كما يقول ، وأخبرنا بذلك اباؤنا ، أن محمدا نبي صادق ، وأمين ناطق ، وإن شأنه أعظم شأن ، ومكانه من ربه أعلى مكان ، فاجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته وراموا عدوه من وراء حوزته ، فانه الشرف الباقي لكم مدى الدهر وانشأ يقول) :
أوصي بنصر النبي الخير مشهده      عـليا  ابـني وعم الخير iiعباسا

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 43 _

وحـمزة  الاسـد المخشي صولته      وجـعفرا أن تـذودوا دونه iiالباسا
وهـاشما  كـلها أوصي iiبنصرته      أن يأخذوا دون حرب القوم امراسا
كـونوا  فداء لكم نفسي وما iiولدت      مـن دون أحمد عند الروع iiأتراسا
بـكل أبـيض مصقول iiعوارضه      تـخاله  فـي سـواد الليل iiمقباسا
  وخرج الابيات صاحب ناسخ التواريخ (ج 1 ص 241) مع اختلاف في بعض كلماته وهذا نصه :
أوصي بنصر النبي الخير iiمشهده      عـليا  ابـني وشيخ القوم iiعباسا
وحـمزة  الاسـد الحامي iiحقيقته      وجـعفرا لـيذودوا دونـه iiالناسا
كـونوا  فداء لكم أمي وما iiولدت      في نصر احمد دون الناس أتراسا
بـكل  أبيض مصقول iiعوارضه      تـخاله فـي سـواد الليل مقباسا
  (ثم قال) مقاتل وحض أخاه حمزة على اتباعه إذ أقبل حمزة متوشحا بقوسه راجعا من قنص له فوجد النبي صلى الله عليه وآله ، في دار أخته محموما وهي باكية ، فقال : ما شأنك ؟ قال ذل الحمى يا ابا عمارة لو لقيت ما لقي ابن اخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده هاهنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ، فانصرف (حمزة) ودخل المسجد وشج رأسه (اي رأس أبي الحكم) شجة منكرة ، فهم اقرباؤه بضربه فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة لكيلا يسلم ، ثم عاد حمزة إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال : عز بما صنع بك ، ثم أخبره بصنيعه فلم يهش (اي يظهر النبي الفرح) وقال : يا عم لانت منهم (فلما سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وآله) اسلم حمزة فعرفت قريش ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد عز ، وأن حمزة سيمنعه ، قال ابن عباس فنزل (قوله تعالى) في سورة (6) آية 22 (أو من كان ميتا فاحييناه ، الآية) وسر أبو طالب باسلامه (أي اسلام أخيه حمزة) وأنشأ يقول :

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 44 _

فـصبرا أبا يعلى على دين iiأحمد      وكن  مظهرا للدين وفقت iiصابرا
وحط من أتى بالدين من عند ربه      بصدق  وحق لا تكن حمز iiكافرا
فـقد سـرني إذ قلت إنك iiمؤمن      فـكن لرسول الله في الله iiناصرا
فـناد قـريشا بـالذي قـد iiأتيته      جـهارا وقل ما كان احمد ساحرا
(1) (ثم قال عليه الرحمة) وقال لابنه طالب (وهو أكبر اولاده)
أبـني طالب إن شيخك iiناصح      فـيما  يـقول مسدد لك iiراتق
فاضرب بسيفك من أراد مساته      ابـدا  وانـك لـلمنية iiذائـق
هـذا رجـائي فيك بعد iiمنيتي      وانـا  عـليك بكل رشد iiواثق
فـاعضد  قواه يا بني وكن iiله      إنـي  بـجدك لا محالة iiلاحق
آهــا أردد حـسرة iiلـفراقه      إذ لـم أجـده وهو عال iiباسق
أتـرى  أراه والـلواء أمـامه      وعـلي  ابـني لـلواء iiمعانق
أتراه  يشفع لي ويرحم iiعبرتي      هـيهات  إني لا محالة iiزاهق
  (قال المؤلف) خرج العلامة محمد بن علي بن شهر اشوب في مشتابهات القرآن (ج 2 ص 65) البيت الاول والبيت الثالث مما خاطب به أبو طالب أخاه حمزة عليهما السلام ، وخرج البيت السادس مما خاطب به أبو طالب وترك البقية ، وقد خرج عليه الرحمة من كل قصيدة بيتا أو بيتين فمجموع ما خرج من أشعار ابي طالب على اختلافها لا يزيد على أحد وعشرين بيتا ، وسنشير إلى مجموع الابيات بمناسبة المقام ان شاء الله تعالى (وخرج الابيات التي خاطب بها ايو طالب أخاه حمزة عليه السلام جماعة آخرون) .
  (منهم) العلامة الحجة المجلسي في البحار (ج 6 ص 454 طبع اول) .

--------------------------------
(1) أخرج الابيات في شرح نهج البلاغة ج 14 ص 76 ط 2 مع اختلاف في بعض الكلمات ، وفي عدد الابيات سواء .

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 45 _

  (ومنهم) السيد العلامة الحجة الامين في أعيان الشيعة (ج 39 ص 144 ص 145) .
  (ومنهم) العلامة الحجة الطبرسي في تفسيره مجمع البيان (ج 2 ص 287 طبع أول مصر سنة 1354 ه‍) فقد خرج البيت الاول والبيت الثالث وترك بقية الابيات ، واستشهد على إيمان ابي طالب عليه بتسعة عشر بيتا من أشعاره من قصائد مختلفة ، وسنذكر ان شاء الله ما خرجه بمناسبة المقام (ومنهم) الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب ايمان ابي طالب (طبع النجف الاشرف سنة 1372) .
  (ومنهم) السيد العلامة الحجة السيد المقرم في كتاب (العباس بن أمير المؤمنين طبع النجف الاشرف) .
  (قال المؤلف) ومن أشعار ابي طالب عليه السلام التي فيها تصريح بنبوة ابن اخيه محمد صلى الله عليه وآله ما بينه عليه السلام في أحوال ولديه علي وجعفر عليهما السلام وقال :
ان عـليا وجـعفرا iiثـقتي      عـند مـلم الزمان iiوالنوب
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما      أخـي لامي من بينهم iiوأبي
والله  لا أخـذل الـنبي ولا      يـخذله  من بني ذو iiحسب
وقد خرج ذلك جماعة من علماء أهل السنة والامامية .
  (منهم) ابن ابي الحديد الشافعي في شرح نهج البلاغة (ج 14 ص 76 ط 2) وخرجه أبو هفان فيما جمعه في ديوان ابي طالب (ص 36) وقال : حدثني أبو العباس المبرد قال : حدثني ابن عائشة ، قال : مر أبو طالب برسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي وعلي عليه السلام عن يمينه وجعفر مع ابي طالب يكتمه اسلامه فضرب عضده وقال : اذهب فصل جناح ابن عمك وقال :

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 46 _

ان عـليا وجـعفرا iiثـقتي      عند  احتدام الامور iiوالنوب
أراهـما عـرضة اللقاء iiلذا      ساميت أو انتمي إلى iiحرب
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما      اخـي لامي من بينهم iiوابي
  (قال المؤلف) ولم يذكر بقية الابيات في هذه الرواية (وخرجها السيد فخار بن معد في الحجة على الذاهب (ص 68 ط أول) في سبعة أبيات بعد أن خرجها في رواية ثلاثة ابيات ، وفيها اختلاف لما في الديوان في الترتيب والالفاظ وذكر سبب انشاء أبي طالب عليه السلام لهذه الابيات قال : أخبرني الفقيه أبو الفضل شاذان بن جبرئيل رحمه الله باسناده إلى الشيخ أبي الفتح الكراجكي رحمه الله قال : حدثني القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن صخر الآودي ، قال : حدثنا عمر بن محمد بن سيف بالبصرة سنة سبع وستين وثلثمائة ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن سليمان قال حدثنا ضوء بن صلصال بن الدلهمس بن جهل بن جندل ، قال : حدثني أبي ضوء بن صلصال بن الدلهمس ، قال : كنت أنصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أبي طالب قبل إسلامي ، فاني يوما لجالس بالقرب من منزل أبي طالب في شدة القيظ إذ خرج أبو طالب إلي شبيها بالملهوف فقال لي : يا ابا الغضنفر ، هل رأيت هذين الغلامين ؟ يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعليا عليه السلام فقلت : ما رأيتهما مذ جلست ، فقال : قم بنا في الطلب لهما فلست آمن قريشا أن تكون اغتالتهما ، قال : فمضينا حتى خرجنا من أبيات مكة ، ثم صرنا إلى جبل من جبالها فاسترقيناه إلى قلته ، فإذا النبي صلى الله عليه وآله وعلي عن يمينه وهما قائمان بازاء عين الشمس يركعان ويسجدان فقال أبو طالب لجعفر ابنه وكان معنا صل جناح ابن عمك ، فقام إلى جنب علي فاحس بهما النبي صلى الله عليه وآله فتقدمهما وأقبلوا على أمرهم حتى فرغوا مما كانوا فيه ، ثم أقبلوا نحونا

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 47 _

  فرأيت السرور يتردد في وجه أبي طالب ثم انبعث يقول :
ان عـليا وجـعفرا iiثـقتي      عـند مـلم الزمان iiوالنوب
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما      أخـي لامي من بينهم iiوأبي
والله  لا اخـذل الـنبي ولا      يـخذله  من بني ذو iiحسب
  (ثم ذكر السيد عليه الرحمة رواية أخرى في سبب الابيات وهذا لفظه : (أخبرني) السيد أبو علي عبد الحميد بن التقي الحسيني رحمه الله باسناده إلى ابي علي الموضح يرفعه إلى عمران بن الحصين الخزاعي قال : كان والله إسلام جعفر عليه السلام بأمر أبيه ، ولذلك مر أبو طالب ومعه ابنه جعفر برسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي ، وعلي عليه السلام عن يمينه ، فقال أبو طالب لجعفر : صل جناح ابن عمك فجاء جعفر فصلى مع النبي صلى الله عليه وآله فلما قضى صلاته قال له النبي صلى الله عليه وآله : يا جعفر وصلت جناح ابن عمك ان الله يعوضك من ذلك جناحين تطير بهما في الجنة فانشأ أبو طالب رضوان الله عليه (يقول) :
ان عـلـيا وجـعـفرا iiثـقتي      عـند مـلم الـزمان iiوالـنوب
لا  تـخذلا وانصرا ابن iiعمكما      أخـي لامـي مـن بينهم iiوأبي
إن  ابـا مـعتب قـد iiاسـلمنا      لـيس أبـو مـعتب بذي حدب
والله لا أخــذل الـنـبي iiولا      يـخذله  مـن بـني ذو iiحسب
حـتى تـروا الـرؤس iiطائحة      مـنا  ومـنكم هـناك iiبالقضب
نـحن  وهـذا الـنبي اسـرته      نـضرب عنه الاعداء iiكالشهب
ان نـلـتموه بـكـل iiجـمعكم      فنحن في الناس الام العرب (1)
  قال السيد ـ عليه الرحمة : وقول ابي طالب إن ابا معتب يريد

--------------------------------
(1) هذه الابيات خرجها العسكري في كتاب الاوائل مع ما فيها من زيادة [=]

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 48 _

  أخاه ابا لهب ، وكان يكنى أبا معتب ، ثم ذكر السيد شرحا في سبب تركه عليه السلام الصلاة مع ابن عمه صلى الله عليه وآله مع أنه كان مؤمنا به فقال ما مختصره : انما منعه من الصلاة معه التقية من صاحبه الذي كان معه (أي ضوء بن صلصال) لانه كما مر عليك ينصر النبي صلى الله عليه وآله مع انه كان غير مؤمن به ، فابو طالب عليه السلام مراقبة لصاحبه واستبقاء لنصرته أظهر مواففته معه ، وكان ذلك خدعة منه لتقوى شوكته في نصرة ابن عمه فلو كان مصليا معه عرف ذلك المشركون فصاروا يدا واحدة عليه لم يتمكن من حفظ ابن اخيه واصحابه .
  (قال المؤلف) خرج ابن الاثير في أسد الغابة (ج 1 ص 287) في ترجمة جعفر بن ابي طالب عليهما السلام قضية أمر ابي طالب عليه السلام ابنه جعفر بان يصل جناح ابن عمه ، وقال : ما هذا نصه : (روي) أن ابا طالب رأى النبي صلى الله عليه وآله وعليا رضي الله عنه يصليان وعلي عن يمينه فقال لجعفر رضي الله عنه صل جناح ابن عمك وصل عن يساره ، ولم يذكر اشعاره .
  (وخرج) أبو بكر الشيرازي في تفسيره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما نزل عليه الوحي أتى المسجد الحرام وقام يصلي فيه فاجتاز به علي عليه السلام وكان ابن تسع سنين فناداه يا علي الي أقبل ، فاقبل إليه مليا فقال له النبي : إني رسول الله اليك خاصة والى الخلق عامة ، فقف عن يميني وصل معي ، فقال يارسول الله حتى أمضي واستأذن أبا طالب والدي فقال له : اذهب فانه سيأذن لك ، فانطلق إليه يستأذنه في اتباعه فقال يا ولدي تعلم أن محمدا أمين الله منذ كان ، إمض إليه واتبعه ترشد وتفلح فأتى علي عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله قائم يصلي في

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 49 _

  المسجد فقام عن يمينه يصلي معه فاجتاز أبو طالب بهما وهما يصليان ، فقال يا محمد ما تصنع قال أعبد إله السماوات والارض ومعي أخي علي يعبد ما أعبد ، وأنا أدعوك إلى عبادة الواحد الاحد القهار فضحك أبو طالب حتى بدت نواجده وأنشأ يقول :
والله  لـن يـصلوا اليك بجمعهم      حـتى  أغـيب في التراب iiدفينا
فاصدع بامرك ما عليك عضاضة      وابـشر  بـذاك وقر منك iiعيونا
ودعـوتني وعلمت أنك iiناصحي      ولـقد دعـوت وكـنت ثم iiامينا
  وفي رواية
ودعوتني وزعمت انك ناصحي      ولـقد صـدقت وكنت ثم iiامينا
ولـقد  عـلمت بان دين iiمحمد      مـن خـير اديـان البرية iiدينا
  (قال المؤلف) زاد ابن كثير على الابيات بيتا آخر ، ولا يخفى أن البيت الخامس الذي زاده ابن كثير وغيره كالقرطبي وامثاله ليس من ابي طالب عليه السلآم ، قال العلامة البرزنجي وغيره انه موضوع أدخلوه في شعر أبي طالب وليس من كلامه ، كما في أسنى المطالب (ص 18 طبع طهران سنة 1382 ه‍) (ثم قال) ولو قيل إنه من كلامه فيقال أتى به عليه السلام للتعمية على قريش وليوهم عليهم أنه معهم وعلى ملتهم ، ولم يتابع محمدا ليقبلوا حمايته ويمتثلوا اوامره .
  (وقال) العلامة الحجة الاميني دام بقاه بعد نقله الابيات مع البيت الاخير ونعم ما قال قال : هب أن البيت الاخير من صلب ما نظمه أبو طالب عليه السلام فان أقصى ما فيه أن العار والسبة اللذين كان ابو طالب يحذرهما خيفة أن يسقط محله عند قريش فلا تتسنى له نصرة الرسول المبعوث صلى الله عليه وآله ، إنما منعاه عن الابانة والاظهار لاعتناق الدين وإعلان الايمان بما جاء به النبي الامين ، صلى الله عليه وآله

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 50 _

  وهو صريح قوله (لوجدتني سمحا بذاك مبينا) أي مظهرا واين هو من اعتناق الدين في نفسه والعمل بمقتضاه من النصرة والدفاع ولو كان يريد عدم الخضوع للدين لكان تهافتا بينا بينه وبين أبياته الاولى المتقدمة ، التي ينص فيها بان دين محمد صلى الله عليه وآله من خير أديان البرية دينا ، وأنه صلى الله عليه وآله صادق في دعوته أمين على امته .
  (وذكر الاميني) أن الابيات رواها الثعلبي في تفسيره (الكشف والبيان) وقال : قد اتفق على صحة نقل هذه الابيات عن أبي طالب (عليه السلام) مقاتل وعبد الله بن عباس والقسم بن مخيمرة وعطاء بن دينار (وقال) ذكر الابيات في خزانة الادب للبغدادي (ج 1 ص 261 طبع ثاني سنة 1299 ه‍) وتأريخ ابن كثير (ج 3 ص 42) وتاريخ ابي الفداء (ج 1 ص 120) وفتح الباري شرح صحيح البخاري (ج 7 ص 153 ص 155) والمواهب اللدنية (ج 1 ص 61) والسيرة الحلبية (ج 1 ص 305) وفي ديوان ابي طالب ص 12 طبع النجف الاشرف .
  (قال المؤلف) ذكره فيه اختلاف في بعض الفاظه ، وهذا لفظه قال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله لما أخافته قريش :
والله لـن يصلوا اليك iiبجمعهم      حـتى  أوسد في التراب iiدفينا
فانفذ لامرك ما عليك غضاضة      فـكفى بـنا دنـيا لديك iiودينا
ودعوتني  وزعمت أنك ناصح      فـلقد صدقت وكنت قبل iiأمينا
وعـرضت دينا قد علمت بانه      مـن  خـير أديان البرية iiدينا
  (قال المؤلف) ذكر ابن ابي الحديد وغيره أشعار ابي طالب عليه السلام المتقدمة ولم يذكروا سبب انشاد أبي طالب عليه السلام لهذه الابيات ولو ذكروا سببه لكان موجبا لمعرفة معنى الابيات وكان إليق وأقرب لفهم