فـان لـه قـربى لـديك قريبة      ولـيس بذي حلف ولا iiبمضاف
ولـكنه مـن هاشم ذي صميمها      إلـى أبحر فوق البحور iiطواف
وزاحم جميع الناس عنه وكن له      وزيرا على الاعداء غير iiمجاف
وإن غضبت منه قريش فقل iiلها      بـني عـمنا ما قومكم iiبضعاف
ومـا بـالكم تغشون منه iiظلامة      ومـا  بـال أحقاد هناك iiخوافي
فـما قومنا بالقوم يخشون iiظلمنا      ومـا نـحن فيما ساءهم بخفاف
ولـكننا  أهـل الحفائظ iiوالنهى      وعـز بـبطحاء المشاعر iiواف
  (قال المؤلف) اخرج هاتين القصيدتين علماء التاريخ في موارد عديدة ، في شيخ أبطح ص 29 ، وفي السيرة النبوية ج 1 ، وفي السيرة الهشامية ج 3 ، وفي أعيان الشيعة (ج 39 ص 130) ، وخرجهما السيد في (الحجة على الذاهب ص 104 وص 105) ولكن بتقديم وتأخير في القصيدة ، واختلاف في كثير من الفاظه ، ونقص في أبياتهما واليك نصه مع المقدمة التي ذكرها وفيه (بعض ما قيل في سبب كتمان مؤمن قريش أبي طالب إيمانه) .
  قال السيد فخار في ص 102 (من الحجة على الذاهب) إعلم أن السبب الذي دعا أبا طالب إلى كتمان إيمانه وإخفاء إسلامه (وعدم تظاهره به كغيره ممن آمن وأسلم) ذلك لانه كان سيد قريش غير مدافع ورئيسها غير منازع ، وكانوا له ينقادون ، ولامره يطيعون ، وهم على ذلك بالله تعالى كافرون ، وللاصنام يعبدون ، فلما أظهر الله دينه ، وابتعث نبيه صلى الله عليه وآله ، شمر أبو طالب في نصرته وإظهار دعوته وهو برسالته من المؤمنين ، وببعثته من الموقنين ، وهو مع ذلك كاتم لايمانه ، ساتر لاسلامه ، لانه لم يكن قادرا على القيام بنصر النبي صلى الله

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 102 _

  عليه وآله وسلم ، وتمهيد الامور له بنفسه خاصة من دون أهل بيته وأصحابه وعشيرته وأحلافه ، وكانوا على منهاج قريش في الكفر ، وكان أبو طالب لا يؤمن إذا أظهر إيمانه وأفشى إسلامه أن تتمالا قريش عليه ويخذله حليفه وناصره ، ويسلمه صميمه وصاحبه ، فيؤدي فعله ذلك إلى إفساد قاعدة النبي صلى الله عليه وآله ، والتغرير به ، فكتم إيمانه استدامة لقريش على طاعته ، والانقياد لسيادته ليتمكن من نصر النبي صلى الله عليه وآله ، وإقامة حرمته ، والاخذ بحقه ، وإعزاز كلمته ولهذا السبب كان أبو طالب يخالط قريشا ويعاشرهم ، ويحضر معهم مآدبهم ، ويشهد مشاهدهم ، وهو مع ذلك يشوب هذه الافعال بتصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والحث على اتباعه ، فلو أنه نابذ قريشا وأهل مكة ، وقام بمنابذتهم ، كانوا كلهم يدا عليه وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكنه كان يخادعهم ، ويظهر لهم انه معهم ، حتى تمت الرسالة ، وانتشرت الكلمة ، وشاعت الدعوة ، ووضح الحق ، وكثر المسلمون وصاروا عصبة أولي بأس ونجدة ، وحتى شاع ذكره في الآفاق وجاءته الوفود ، وعلم من لم يعلم بحاله ، وعرفت اليهود مبعثه ، ولذلك لما قبض أبو طالب اتفق المسلمون على أن جبرئيل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وآله ، وقال له ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك : إن قومك قد عولوا على أن يبتوك ، وقد مات ناصرك ، فاخرج عنهم ، وأمره بالمهاجرة (إلى المدينة المنورة) .
  قال السيد فخار بن معد في (الحجة على الذاهب ص 104) طبع أول بعد كلامه المتقدم : فتأمل إضافة الله تعالى أبا طالب رحمه الله إلى النبي عليه السلام وشهادته له انه ناصره ، فان في ذلك لابي طالب عليه السلام أوفى فخر ، وأعظم منزلة ، وقريش رضيت

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 103 _

  من أبي طالب بكونه مخالطا لهم مع ما سمعوا من شعره وتوحيده وتصديقه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يمكنهم قتله والمنابذة له ، لان قومه من بني هاشم وإخوانهم من بني المطلب بن عبد مناف وأحلافهم ومواليهم وأتباعهم كافرهم ومؤمنهم كانوا معه ، ولو كان نابذ قومه لكانوا عليه كافة ، ولذلك قال أبو لهب لما سمع قريشا يتحدثون في شأنه ويفيضون في أمره : دعوا عنكم هذا الشيخ فانه مغرور بابن أخيه ، والله لا يقتل محمد حتى يقتل أبو طالب ، ولا يقتل أبو طالب حتى يقتل بنو هاشم كافة ، ولا يقتل بنو هاشم حتى تقتل بنو عبد مناف ، ولا تقتل بنو عبد مناف حتى تقتل أهل البطحاء ، فامسكوا عنه ، وإلا ملنا معه ، فخاف القوم أن يفعل فكفوا ، فلما بلغت أبا طالب عليه السلام مقالته (أي مقاله أبي لهب) طمع في نصرته ( فقال (هذه الابيات) يستعطفه ويرققه ) .
عجبت  لحلم يابن شيبة iiحادث      وأحـلام أو قوام لديك iiضعاف
يـقولون شايع من أراد iiمحمدا      بـسوء وقـم في أمره iiبخلاف
أضـاميم إمـا حاسد ذو iiخيانه      وإمـا قريب منك غير iiمصاف
فـلا  تركبن الدهر منه iiظلامة      وأنت امرؤ من خير عبد مناف
يذود  العدى عن ذروة iiهاشمية      إلا  فـهم في الناس خير إلاف
فـان  لـه قـربى اليك iiقريبة      وليس  بذي حلف ولا iiبمضاف
ولـكنه  من هاشم في iiصميمها      إلى  أنجم فوق النجوم iiضوافي
فان غضبت فيه قريش فقل iiلها      بـني  عمنا ما قومكم iiبضعاف
  قال السيد عليه الرحمة فلما أبطأ عنه ما أراد منه (أي من نصرة الرسول الاكرم صلى الله عليه (وآله) وسلم ، قال يستعطفه أيضا فقال :

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 104 _

وإن امــرءا مـن قـومه أبـو iiمـعتب      لـفـي مـنعة مـن أن يـسام iiالـمظالما
أقــول  لــه وايـن مـنه iiنـصيحتي      أبــا  مـعـتب ثـبت سـوادك iiقـائما
ولا  تـقبلن الـدهر مـا عـشت iiخـطة      تـسـب  بـها إمـا هـبطت iiالـمواسما
وول  سـبـيل الـعـجز غـيرك iiفـيهم      فـانك لـم تـخلق عـلى الـعجز iiدائـما
وحـارب  فـان الحرب نصف ولن iiترى      أخا الحرب يعطي الخسف حتى يسالما (1)
  (قال المؤلف) يظهر من كلام السيد فخار في (الحجة على الذاهب) أن القصيدة التي ذكرها ابن أبي الحديد مؤخرا في شرح النهج هي متقدمة كما ترى فيما ذكرناه نقلا من كتاب (الحجة على الذاهب) هذا علاوة على ما فيها من الاختلاف في الكلمات ، ولم يذكر السيد الابيات كما ذكره ابن أبي الحديد ، بل نقص منها ستة أبيات لاجل الاختصار أو لان الرواية التي وصلت إليه لم يكن فيها أزيد من ثلاثة عشر بيتا ، هذا وقد خرج الابيات في كتاب (الحماسة) لابن الشجري (ص 16) وخرجها ابن هشام في السيرة (ج 1 ص 332) طبع مصر سنة 1329 ه‍ وذكر المقدمة التي أنشد لها أبو طالب عليه السلام الابيات ، ومقدمته تقرب مما ذكره ابن أبي الحديد مقدمة للابيات في (ج 14 ص 56) طبع ثاني ، ثم ذكر القصيدة الاولى بزيادة ثلاثة أبيات ، على ما ذكر ابن أبي الحديد ، ولم يذكر القصيدة الثانية ، وفيما ذكره اختلاف في الالفاظ علاوة على الزيادة في الابيات ، وهذا نصها :
وان  امـرأ أبـو عـتيبة عمه      لفي روضة ما أن يسام المظالما
اقـول لـه وأين منه iiنصيحتي      أبـا مـعتب ثبت سوادك iiقائما
فلا تقبلن الدهر ما عشت iiخطه      تـسب بها إما هبطت iiالمواسما


--------------------------------
(1) القصيدتان (13) بيتا وهما في شرح ابن أبي الحديد (19) بيتا . [=]

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 105 _

وول سـبيل الـعجز غـيرك iiمـنهم      فـانك  لـم تـخلق على العجز لازما
وحارب  فان الحرب نصف وما iiترى      أخا الحرب يعطي الخسف حتى يسالما
وكـيف  ولـم يـجنوا عليك iiعظمية      ولــم يـخذلوك غـانما أو مـغارما
جـزى الله عـنا عـبد شمس iiونوفلا      جـمـاعتنا  كـيما يـنال iiالـمحارما
كـذبـتم وبـيت الله نـبزى مـحمدا      ولـما تـروا يـوما لدى الشعب iiقائما
  (قال المؤلف) ثم قال ابن هشام بقي منها بيت تركناه .
  وخرج الابيات أيضا ابن كثير في البداية والنهاية (ج 3 ص 93) ولفظه لفظ ابن هشام في السيرة سواء ، ولم يذكر القصيدة الاخرى التي ذكرها ابن أبي الحديد ، وأولها :
عجبت لحلم يابن شيبة عازب      وأحـلام أقـوام لديك iiسخاف
  (قال المؤلف) ومن أشعار أبي طالب عليه السلام التي فيها تصريح على أنه كان مسلما مؤمنا بما جاء به ابن أخيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ما خرجه ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة (ج 14 ص 78) طبع ثاني ، وخرجه أبو هفان في ديوانه (ص 75) واللفظ لابن أبي الحديد الشافعي ، قال عليه السلام ،
يا  شاهد الله علي iiفاشهد      إني على دين النبي أحمد
  من ضل في الدين فاني مهتدي (قال المؤلف) قال ابن أبي الحديد بعد نقله ما نسب إليه عليه السلام من الاشعار فكل هذه الاشعار قد جاءت مجيئ التواتر لانه وان لم تكن آحادها متواترة فمجموعها يدل على أمر واحد مشارك وهو التصديق (بنبوة) محمد صلى الله عليه وآله ، ومجموعها متواتر كما أن كل واحدة من قتلات علي عليه السلام الفرسان منقولة آحادا

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 106 _

  ومجموعها متواتر يفيدنا العلم الضروري بشجاعته عليه السلام ، ثم قال ابن أبي الحديد : واتركوا هذا كله جانبا ، ما قولكم في القصيدة اللامية التي شهرتها كشهرة (قفانبك) ، وإن جاز الشك فيها أو في شئ من أبياتها جاز الشك في (قفانبك) وفي بعض أبياتها (ثم قال) : ونحن نذكر منها هاهنا قطعة وهي قوله :
أعـوذ  بـرب البيت من كل طاعن      عـلينا  بـسوء أو يـلوح iiبـباطل
ومــن فـاجـر يـغتابنا iiبـمغيبة      ومـن  ملحق في الدين ما لم iiنحاول
كـذبتم وبـيت الله نـبزى iiمـحمدا      ولـمـا نـطاعن دونـه iiونـناضل
ونـنصره  حـتى نـصرع iiدونـه      ونـذهل  عـن أبـنائنا iiوالـحلائل
وحـتى نرى ذا الروع يركب iiدرعه      مـن الـطعن فعل الانكب iiالمتحامل
ويـنهض قـوم فـي الـحديد iiاليكم      نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
وإنـا وبـيت الله مـن جـد جـدنا      لـتـلتبسن  أسـيـافيا iiبـالامـاثل
بـكل  فـتى مـثل الشهاب iiسميدع      أخـي  ثـقة عـند الـحفيظة iiباسل
ومـا  تـرك قـوم لا أبـا لك iiسيدا      يـحوط الـذمار غـير نكس iiمواكل
وابـيض يـستسقى الـغمام iiبوجهه      ثـمال الـيتامى عـصمة لـلارامل
يـلوذ  بـه الـهلاك مـن آل هاشم      فـهم  عـنده فـي نـعمة iiوفواضل
ومـيزان  صـدق لا يخيس iiشعيرة      ووزان صـدق وزنـه غـير iiعائل
ألـم  تـعلموا أن ابـننا لا iiمـكذب      لـدينا ولا يـعبأ بـقول الا iiبـاطل
لـعمري لـقد كـلفت وجـدا iiباحمد      وأحـببته حـب الـحبيب المواصل
وجــدت بـنفسي دونـه فـحميته      ودافـعت عـنه بـالذرى iiوالكواهل
فــلا زال لـلدنيا جـمالا iiلاهـلها      وشـينا  لـمن عادى وزين iiالمحافل
وأيــده  رب الـعـباد بـنـصره      وأظـهر  ديـنا حـقه غـير iiباطل
  (قال المؤلف) خرج ابن أبي الحديد القصيدة في سبعة عشر

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 107 _

  بيتا ، وهي تزيد على المائة بيت ، وقد خرج الاميني حفظه الله وأيده من القصيدة أكثر مما خرجه في شرح نهج البلاغة ، وهذا نص ما أخرجه في الغدير (ج 7 صفحة 338) طبع ثاني ، وفيه زيادة واختلاف في الكلمات .
خـلـيلي مـا أذنـى لاول iiعـاذل      بـصغواء  فـي حق ولا عند iiباطل
ولـما  رأيـت الـقوم لا ود iiفـيهم      وقـد  قـطعوا كل العرى iiوالوسائل
وقـد صـارحونا بـالعداوة iiوالاذى      وقـد طـاوعوا أمـر العدو iiالمزايل
وقـد حـالفوا قـوما عـلينا أظـنة      يـعضون غـيظا خـلفنا iiبـالانامل
صـبرت لـهم نفسي بسمراء سمحة      وأبـيض  عضب من تراث iiالمقاول
أعـوذ بـرب الناس من كل iiطاعن      عـلـينا  بـسوء أو مـلح بـباطل
ومـن  كـاشح يـسعى لـنا iiبمعيبة      ومـن  ملحق في الدين ما لم iiنحاول
وثـور  ومـن أرسـى ثبيرا iiمكانه      وراق  لـيرقى فـي حـراء iiونازل
وبـالبيت حـق البيت من بطن iiمكة      وبالله  إن الله لــيـس بـغـافـل
وبـالـحجر الـمسود إذ يـمسحونه      إذا أكـتنفوه بـالضحى iiوالاصـائل
كـذبـتم وبـيت الله نـترك iiمـكة      ونـظعن  إلا امـركم فـي iiبـلابل
كـذبتم وبـيت الله نـبزى iiمـحمدا      ولـمـا نـطاعن دونـه iiونـناضل
ونـسـلمه حـتى نـصرع iiحـوله      ونـذهل  عـن أبـنائنا iiوالـحلائل
ويـنـهض  قـوم بـالحديد iiالـيكم      نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
وحـتى نرى ذا الطعن يركب iiدرعه      مـن الـطعن فعل الانكب iiالمتحامل
وإنـا لـعمر الله إن جـد مـا iiأرى      لـتـلتبسن  أسـيـافنا iiبـالامـاثل
بـكفي فـتى مـثل الشهاب iiسميدع      أخـي ثـقة حـامي الـحقيقة iiباسل
شـهورا  وايـاما وحـولا iiمـجرما      عـلينا وتـأتي حـجة بـعد iiقـابل
ومـا  تـرك قـوم لا أبـا لك iiسيدا      يـحوط الـذمار غـير ذرب مواكل

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 108 _

وأبـيض  يستسقى الغمام iiبوجهه      ثـمال الـيتامى عصمة iiللارامل
يـلوذ  بـه الهلاك من آل iiهاشم      فـهم عـنده في رحمة iiوفواضل
بـميزان قـسط لا يخيس iiشعيرة      لـه  شـاهد من نفسه غير عائل
ولـقد  سـفهت أحلام قوم iiتبدلوا      بـني خـلف قيضا بنا iiوالغياطل
ونـحن  الصميم من ذؤابة iiهاشم      وآل  قصي في الخطوب iiالاوائل
وسـهم  ومـخزوم تمالوا iiوالبوا      علينا العدى من كل طمل iiوخامل
فـعبد  مـناف أنـتم خير قومكم      فلا  تشركوا في أمركم كل iiواغل
ألـم تـعلموا أن ابـننا لا iiمكذب      لـدينا  ولا نـعبأ بقول الا iiباطل
أشـم  مـن الشم إليها ليل ينتمي      إلى حسب في حومة المجد فاضل
لـعمري لـقد كلفت وجدا iiباحمد      وأحـببته حب الحبيب iiالمواصل
فـلا  زال في الدنيا جمالا iiلاهلها      وزيـنا لـمن والاه رب iiالمشاكل
فـاصبح فـينا أحـمد في أرومة      تـقصر عـنه سـورة iiالمتطاول
حـدبت بـنفسي دونـه iiوحميته      ودافـعت  عنه بالذرى iiوالكلاكل
فـايـده رب الـعـباد iiبـنصره      وأظـهر ديـنا حـقه غير iiباطل
  (قال المؤلف) فهذه ثلاثة وثلاثون بيتا من القصيدة اللامية المنسوبة إلى شيخ الابطح أبي طالب عليه السلام ، وقد خرجها ابن هشام في سيرته (ج 1 ص 249 وص 255) وما خرج منها الا أربعة وتسعين بيتا وخرجها ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية (ج 3 ص 53 وص 57) وما ذكر منها الا اثنين وتسعين بيتا وخرجها أبو هفان العبدي فيما جمعه من شعر أبي طالب ، وهو معروف بديوان أبي طالب عليه السلام (من ص 2 إلى ص 12) طبع النجف الاشرف في مائة واحد عشر بيتا وخرجناها في كتابنا (الشهاب الثاقب لرجم مكفر أبي طالب عليه السلام) نقلا من كتب عديدة ، وفيها زيادة على جميع من ذكر القصيدة ، وما ذكرناه مائة وستة عشرة بيتا واليك نصها :

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 109 _

خـلـيلي مــا أذنـى لاول عـاذل      بـصغواء فـي حـق ولا عند iiباطل
خـليلي  إن الـرأي لـيس iiبـشركة      ولا نـهـنه عـند الامـور iiالـتلائل
ولـما رأيـت الـقوم لا ود iiعـندهم      وقـد قطعوا كل العرى والوسائل (1)ii
وقــد صـارحونا بـالعداوة iiوالاذى      وقـد  طـاوعوا أمـر العدو iiالمزايل
وقـد  حـالفوا قـوما عـلينا iiاظـنة      يـعضون  غـيظا خـلفنا iiبـالانامل
صـبرت  لـهم نفسي بسمراء iiسمحة      وأبيض عضب من تراث المقاول (2)
وأحضرت عند البيت رهطي iiواخوتي      وأمـسكت مـن أثـوابه iiبـالوصائل
قـيـاما  مـعـا مـستقبلين رتـاجه      لـدى حيث يقضي حلفه كل نافل (3)ii
وحـيث يـنيخ الاشـعرون iiركـابهم      بـمفضى  الـسيول من أساف iiونائل
مـوسـمة  الاعـضاد أذ iiقـصراتها      مـحـبسة  بـين الـسديس iiوبـازل
تـرى  الـودع فـيها والرخام iiوزينة      بـاعـناقها  مـعـقودة iiكـالـعثاكل
أعـوذ بـرب الـناس من كل iiطاعن      عـلـينا بـسـوء أو مـلح iiبـباطل
ومـن كـاشح يـسعى لـنا iiبـمعيبة      ومن ملحق في الدين ما لم نحاول (4)ii
وثـور  ومـن أرسـى ثـييرا مكانه      وراق لـيرقى فـي حراء ونازل (5)ii
وبـالبيت  حـق البيت من بطن iiمكة      وبالله  ان الله لـيـس بـغـافل (6)ii
وبـالـحجر  الـمسود إذ iiيـمسحونه      إذا  اكـتنفوة بـالضحى iiوالاصـائل

--------------------------------
(1) ولما رأيت القوم لا ود فيهم ( الديوان وسيرة ابن هشام ) .
(2) ( وابيض ماض ) الديوان .
(3) ( يقضي نسكه ) الديوان وسيرة ابن هشام .
(4) ( ومن مفتر في الدين ) الديوان .
(5) ( وعير وراق في حراء ونازل ) الديوان .
(6) ( وبالبيت ركن الببت ) الديوان .

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 110 _

ومـوطئ ابـراهيم في الصخر وطأة      عـلى قـدميه حـافيا غـير iiنـاعل
واشـواط بـين المروتين إلى iiالصفا      ومـا  فـيهما مـن صـورة iiوتماثل
ومـن  حـج بيت الله من كل iiراكب      ومـن  كـل ذي نذر ومن كل iiراجل
وبـالمشعر الاقـصى إذا عـمدوا iiله      إلال  إلـى مـفضى الشراج iiالقوابل
وتـوقا  فـهم فـوق الـجبال iiعشية      يـقيمون  بـالايدي صدور iiالرواحل
ولـيلة جـمع والـمنازل مـن iiمنى      وهـل  فوقها من حرمة ومنازل (1)ii
وجـمع  إذا مـا الـقربات iiأجـزنه      سراعا كما يخرجن من وقع وابل (2)
وبـالجمرة  الـكبرى إذا صمدوا iiلها      يـؤمـون قـذفا رأسـها iiبـالجنادل
وكـندة إذ هـم بـالحصاب iiعـشية      تـجير  بهم حجاج بكر بن وائل (3)ii
حـليفان  شـدا عـقد مـا اختلفا iiله      وردا  عـليه عـاطفات الوسائل (4)ii
وحـطمهم  سـمر الـرماح iiوسرحة      وشـبرقة  وخـد النعام الجوافل (5)ii
فـهل  بـعد هـذا مـن مـعاذ لعائذ      وهـل مـن مـعيذ يـتقي الله iiعاذل
يـطـاع  بـنا أمـر الـعداة وإنـنا      تـسد  بـنا أبـواب تـرك iiوكـابل
كـذبـتم وبـيت لـله نـترك مـكة      ونـظـعن إلا أمـركم فـي iiبـلابل
كـذبتم  وبـيت الله نـبزى iiمـحمدا      ولـمـا  نـطاعن دونـه iiونـناضل
أقـيم  عـلى نـصر الـنببي iiمحمد      أقـاتـل  عـنـه بـالقنا iiوالـقبائل

--------------------------------
(1) ( وما فوقها من حرمة ) الديوان .
(2) ( كما يفزعن من وقع ) الديوان .
(3) ( وكندة إذ ترمى الجمار ) ( تجيز بها ) الديوان .
(4) ( عاطفات الذلائل ) ديوان .
(5)
وحطمهم سمر الرماح مع الظبى      وانـقاذهم  مـا ينتقى كل iiنابل
ومـشيهم  حول البسال iiوسرحه      وسـلمية  وخـد النعام iiالجوافل
(ديون) [=] .

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 111 _

ونـسـلمه حـتى نـصرع حـوله      ونـذهل  عـن أبـنائنا والـحلائل
ويـنـهض قـوم بـالحديد iiالـيكم      نهوض الروايا تحت ظل الصلاصل
وحتى  ترى ذا الضغن بركب ردعه      مـن الـطعن فعل الانكب المتخامل
وإنـا لـعمر الله إن جـد مـا أرى      لـتـلتبسن أسـيـافنا iiبـالامـاثل
بـكفي فـتى مـثل الشهاب iiسميدع      أخـي  ثـقة حـامي الحقيقة iiباسل
من  السر من فرعي لوي بن iiغالب      منيع  الحمى عند الوغى غير iiواكل
شـهورا وايـاما وحـولا iiمـجرما      عـلينا وتـأتي حـجة بـعد قـابل
ومـا تـرك قـوم لا ابـا لك iiسيدا      يـحوط  الـذمار غير ذرب iiمواكل
وأبـيض يـستسقى الـغمام iiبوجهه      ثـمال  اليتامى عصمة للارامل (1)
يـلوذ بـه الـهلاك مـن آل iiهاشم      فـهم  عنده في رحمة وفواضل (2)ii
لـعمري  لـقد أجـرى أسيد وبكرة      إلـى بـغضنا وجزا باكلة آكل (3)ii
جـزت رحـم عـنا أسـيدا وخالدا      جـزاء مـسيئ لا يـؤخر iiعـاجل
وعـثمان لـم يـربع عـلينا iiوقنفذ      ولـكن اطـاعا أمـر تـلك iiالقبائل
أطـاعا أبـيا وابـن عـيد iiيغوثهم      ولـم  يـرقبا فـينا مقالة قائل (4)ii
كـما قـد لـقينا مـن سبيع iiونوفل      وكـل تـولى مـعرضا لـم يجامل
فـان  يـلقيا أو يـمكن الله iiمـنهما      نكل  لهما صاعا بصاع المكايل (5)ii
وذاك  أبـو عمرو أبى غير iiبغضنا      لـيظعننا قـي أهـل شـاء iiوجامل
يـناجى  بنا في كل ممسي iiومصبح      فـناج  أبـا عـمرو بـنا ثم iiخاتل

--------------------------------
(1) ( ربيع اليتامى ) ديوان .
(2) ( فهم عنده في نعمة وفواضل ) ديوان .
(3) ( اسيد ورهطه ) ديوان .
(4) ( أطاعا بنا الغاوين في كل وجهة ) ديوان .
(5) ( نكل لهما صاعا بكيل المكايل ) ديوان [=] .

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 112 _

ويـؤلـي  لـنا بالله مـا إن iiيـغشنا      بـلى  قـد نـراه جـهرة غير iiخائل
أضـاق عـليه بـغضنا كـل iiتـلعة      من  الارض بين أخشب فمجادل (1)ii
وسـائل أبـا الـوليد مـاذا حـبوتنا      بـسعيك  فـينا مـعرضا كـالمخاتل
وكـنت  امـرأ مـمن يـعاش iiبرأيه      ورحـمـته  فـينا ولـست بـجاهل
فـعتبة  لا تـسمع بـنا قـول iiكاشح      حـسود  كـذوب مبغض ذي iiدغاول
ولـست  أبـاليه عـلى ذات iiنـفسه      فـعش يـابن عمي ناعما غير iiماحل
فـقد خـفت ان لم تزدجرهم iiوترتدع      تلاقي  وتلقى مثل احدى الزلازل (2)ii
ومـر  أبـو سـفيان عـني iiمعرضا      كـما  مر قبل من عظام المقاول (3)ii
يـفـر  إلـى نـجد وبـرد iiمـياهه      ويـزعم  انـي لـست عـنكم بغافل
ويـخـبرنا  فـعل الـمناصح iiأنـه      شـفيق ويـخفي عـارمات iiالدواخل
أمـطعم  لـم أخـذ لك في يوم iiنجدة      ولا  مـطعم عـند الامـور iiالجلائل
ولا  يــوم خـصم إذ أتـوك iiالـدة      أولي جدل مثل الخصوم المساجل (4)
أمـطعم  إن الـقوم سـاموك iiخـطة      وانـي  مـتى أوكـل فـلست بوائل
جـزى الله عـنا عـبد شمس ونوفلا      عـقوبة شـر عـاجلا غـير iiآجـل
بـميزان قـسط لا يـخيس iiشـعيرة      لـه  شـاهد مـن نـفسه غير iiعائل
لـقد  سـفهت احـلام قـوم تـبدلوا      بـني خـلف قـيضا بـنا iiوالغياطل
ونـحن الـصميم مـن ذوابـة هاشم      وآل قـصي فـي الـخطوب الاوائل
فـكان  لـنا حـوض الـسقاية iiفيهم      ونـحن الـذرى من غالب iiوالكواهل

--------------------------------
(1) ( فالاجادل ) ديوان .
(2) ( وقد خفت ان لم تزدجرهم وترعووا ) ديوان .
(3) ( كانك قيل في كبار المجادل ) ديوان .
(4) ( ولا يوم قصم ) ديوان [=] .

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 113 _

شـباب  مـن الـمطيبين iiوهاشم      كبيض السيوف بين أيدي الصياقل
فـما  أدركوا ذحلا ولا سفكوا iiدما      ومـا  خـالفوا إلا شـرار القبائل
بـضرب تـرى الفتيان فيه iiكأنهم      ضـواري  أسود فوق لحم iiخرادل
بـنـى امـة مـحبوبة iiهـندكية      بـنى  جـمع عبد لقيس بن iiعاقل
وسـهم ومـخزوم تـمالوا iiوألبوا      علينا  العدى من كل طمل iiوخامل
وحـث  بـنو سـهم علينا iiعديها      عـدي بني كعب احتبوا iiبالمحافل
يـقصون  مـن غيظ علينا iiأكفهم      بـلا  تـرة بعد الحمى iiوالنواصل
فـبعد مـناف انـتم خـير قومكم      فـلا تشركوا في أمركم كل iiواغل
لـعمري  لـقد أوهـنتم iiوعجزتم      وجـئتم بـامر مـخطئ iiللمفاصل
وكـنتم  حـديثا حطب قدر iiوانتم      الان حـطـاب أقـدر iiومـراجل
لـيهن  بـني عبد المناف iiعقوقها      وخـذلانها وتـركها فـي iiالمعاقل
فـان تـك قـوما نتئر ما iiصنعتم      وتـحتلبوها لـقحة غـير iiبـاهل
وسـائط  كانت في لوي بن غالب      نـفاهم الـينا كـل صقر iiحلاحل
ورهط  نفيل شر من وطأ iiالحصى      والام حـاف مـن مـعد ونـاعل
فـابلغ قـصيا أن سـينشر iiأمرنا      وبـشر قـصيا بـعدنا بـالتخاذل
ولـو  طـرقت ليلا قصيا عظيمة      إذا مـا لـجأنا دونهم في iiالمداخل
ولـو  صدقوا ضربا خلال iiبيوتهم      لـكنا  أسـى عند النساء iiالمطافل
فـان تـك كعب من كعوب iiكثيرة      فـلا  بـد يـوما أنها في iiمجاهل
وان تلك كعب أصبحت قد iiتفرقت      فـلا بـد يـوما مـرة من iiتخاذل
وكـنا بـخير قـبل تسويد iiمعشر      هـم  ذبـحونا بـالمدى والمعاول
بـني اسـد لا تطرفن على iiالاذى      إذا لـم يـقل بـالحق مقول iiقائل
فـكل صـديق وابـن اخت iiنعده      لـعمري  وجـدنا غبة غير iiطائل

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 114 _

سـوى أن رهطا من كلاب بن مرة      بـراء الـينا مـن مـعقة iiخـاذل
وقـفنا  لـهم حـتى تـبدد iiجمعهم      ويـحسر عـنا كـل بـاغ وجاهل
ونـعم  ابن اخت القوم غير iiمكذب      زهـير  حـساما مفردا من iiحمائل
اشـم  مـن الـشم إليها ليل iiينتمى      إلـى حسب في حومة المجد iiفاضل
لـعمري  لـقد كـلفت وجدا باحمد      واخـوته  دأب الـمحب iiالمواصل
فـايـده رب الـعـباد iiبـنـصره      وأظهر حقا دينه غير باطل فلا زال
فــي  الـدنـيا جـمالا iiلاهـلها      وزيـنا لـمن والاه رب iiالـمشاكل
فـمن مـثله فـي الناس أي iiمؤمل      إذا  قـاسه الـحكام عـند التفاضل
حـليم رشـيد عـادل غير iiطائش      يـوالي  إلـها لـيس عـنه iiبغافل
فــوالله لـو لا أن أجـئ iiبـسبة      تـجر  عـلى أشياخنا في iiالمحافل
لـكنا اتـبعناه عـلى كـل iiحـالة      مـن  الدهر جدا غير قول iiالتهازل
لـقد عـلموا أن ابـننا لا iiمـكذب      لـدينا ولا يـعني بـقول الا iiباطل
فـاصبح فـينا أحـمد فـي iiأرومة      تـقصر  عـنها سـورة iiالمتطاول
وجـدت بـنفسي دونـه iiوحـميته      ودافـعت  عـنه بالذرى iiوالكلاكل
ولا  شــك أن الله رافـع iiقـدره      ومـعليه  فـي الدنيا ويوم iiالتجادل
كما  قد رأى في اليوم والامس iiجده      ووالــده  رؤيـاهما غـير iiآفـل
رجـال كـرام غـير مـيل iiنماهم      إلـى  الـخير آباء كرام iiالمحاصل
فـان تـك كـعب من لؤي iiصقيبة      فـلا  بـد يـوما مـرة من iiتزايل
  (قال المؤلف) انتهى ما عثرنا عليه في تاريخ ابن كثر ، وتاريخ ابن هشام وناسخ التواريخ والديوان .
(قال المؤلف) بعد ما ذكر ابن كثير القصيدة اللامية التي هي من انشاء أبي طالب عليه السلام قال ما هذا لفظه : هذه قصيدة عظيمة بليغة جدا لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه ، وهي أفحل من المعلقات السبع

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 115 _

  وأبلغ في تأدية المعنى فيها جميعها ، قال : وقد أوردها الاموي في مغازيه مطولة بزيادت أخر ، وقال المعلق على كلام ابن كثير في ذيل (البداية والنهاية ج 3 ص 57) ولهذه القصيدة نسخ مطبوعة على حدتها فليرجع إليها من أراد ذلك ، وقد طبعت في ديوان أبي هفان مشروحة وقد نقلنا منها في هذا المختصر .
  وقال ابن هشام في السيرة (ج 1 ص 249) في بيان سبب انشاء هذه القصيدة : انه لما خشي أبو طالب دهماء العرب ان يركبوه مع قومه قال قصيدته التي تعوذ فبها بحرم مكة وبمكانه منها وتودد فيها أشراف قومه ، وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره انه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولا تاركه لشئ أبدا حتى يهلك دونه ، فقال أبو طالب (ثم ذكر القصيدة المتقدمة الذكر) .
  وقال في المواهب اللدنية (ج 1 ص 48) : إن هذه القصيدة اكثر من ثمانين بيتا (ثم قال) قال ابن التين (وهو عبد الواحد السفاقسي وهو من شراح صحيح البخاري) عند ذكره أبياتا من القصيدة : ان في شعر أبي طالب هذا دليلا على انه كانه يعرف نبوة النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قبل أن يبعث (وذلك) لما أخبره به (بحيرا الراهب وغيره) من شأنه مع ما شاهده من أحواله ، ومنها الاستسقاء به في صغره قال : ومعرفة أبي طالب بنبوته صلى الله عليه وآله جاءت في كثير من الاخبار زيادة على اخذها ، من شعره .
  وقال العلامة السيد زيني دحلان الشافعي في أسنى المطالب (ص 18 طبع طهران) ومن شعره (أي من شعر أبي طالب عليه السلام قوله في النبي صلى الله عليه وآله :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه      ثمال  اليتامى عصمة iiللارامل

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 116 _

يلوذ به الهلاك من آل iiهاشم      فهم عنده في رحمة وفواضل
  (ثم قال) وهذان البيتان من قصيدة طويلة لابي طالب ، قيل انها ثمانون بيتا ، (وقد) أفرد لها بعض العلماء شرحا مستقلا ، وقيل انها تزيد على مائة بيت ، قالها أبو طالب حين حصر قريش لهم في الشعب وأخبر قريشا أنه غير مسلم محمدا رسول الله لاحد أبدا حتى يهلك دونه ومدحه فيها مدحا بليغا ، وأتى فيها بكلام صريح في انه مصدق بنبوته مؤمن به فمنها البيتان السابقان ومنها قوله .
لعمري  لقد كلفت وجدا iiباحمد      وأحببته حب المحب المواصل
وقـد علموا ان ابننا لا iiمكذب      لدينا ولا يعزى لقول الا iiباطل
فمن  مثله في الناس أي مؤمل      إذا  قاسه الحكام عند iiالتفاضل
حليم  رشيد عاقل غير iiطائش      يـوالي إلـها ليس عنه iiبغافل
واصـبح فينا احمد في iiأرومة      تـقصر عنها سورة iiالمتطاول
حـدبت  بنفسي دونه iiوحميته      ودافعت عنه بالذرى iiوالكلاكل
  (قال) : وفي القصيدة أبيات كثيرة مثل هذه في المعنى والبلاغة .
  (قال المؤلف) ذكر الصدوق عليه الرحمة في (اماليه) ص 366 باسناده عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس انه سأله رجل فقال له يابن عم رسول الله أخبرني عن أبي طالب ، هل كان مسلما ؟ قال : وكيف لم يكن مسلما وهو القائل .
وقد علموا أن ابننا لا مكذب      لدينا ولا يعبأ بقيل الا iiباطل
  (ثم قال عليه الرحمة) إن ابا طالب كان مثله كمثل اصحاب الكهف حين أسروا الايمان ، واظهروا الشرك فآتاهم الله اجرهم مرتين .
(قال المؤلف) : وقال في أسنى المطالب ص 21 : قال القرافي (في شرح التنقيح) عند ذكره قول أبي طالب :
وقـد علموا أن اببنا لا iiمكذب      لدينا ولا يعزى لقول الا باطل

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 117 _

  إن هذا تصريح باللسان واعتقاد بالجنان وان ابا طالب ممن آمن بظاهره وباطنه غير انه كفر ظاهرا (أي اظهر ما اظهر تقية حفظا لمقامه لديهم ليتمكن من حفط النبي صلى الله عليه وآله وحفظ اتباعه إلى (ان يقول) : وكان يقول (أبو طالب عليه السلام) : اني لاعلم أن ما يقول ابن اخي حق ، ولو لا أني أخاف ان تعيرني نساء قريش لاتبعته (أي في الظاهر) .
  (ثم قال) ابن دحلان : واجيب بانه لم يذعن ظاهرا (بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله) خوفا من أن قريشا لا تقبل حمايته (وقوله : لو لا أني أخاف ان تعيرني نساء قريش) انما قال ذلك ، تعمية على قريش ليوهم عليهم انه على دينهم ، وهذا عذر صحيح ، بلغ به تمكين النبي صلى الله عليه وآله في (إثبات) نبوته والدعوة إلى ربه .
  بعض الاخبار الدالة على ايمان أبي طالب عليه السلام (قال المؤلف) : ومما يمكن الاستدلال به على علو مقام أبي طالب عليه السلام علاوة على اسلامه وايمانه بابن أخيه صلى الله عليه وآله الاخبار المروية في شأنه عليه السلام ، وهي كثيرة ، واليك بعضها . قال في أسنى المطالب (ص 24) طبع ثاني : أخرج ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس انه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله ما ترجو لابي طالب ؟ قال : كل الخير أرجو من ربي (قال) : ولا يرجى كل الخير الا لمؤمن ، ولا يجوز أنه يراد بهذا تخفيف العذاب فانه ليس خيرا فضلا عن أن يكون كل الخير ، قال : والخير كل الخير دخول الجنة

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 118 _

  (قال) : وأخرج تمام الرازي في فوائده بسند يعتد به في المناقب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة شفعت لابي وأمي وعمي أبي طالب واخ لي كان في الجاهلية .
  (قال المؤلف) خرج هذا الحديث أو بمعناه جماعة من المؤرخين المشهورين منهم ، اليعقوبي في تاريخه المطبوع في النجف الاشرف سنة 1358 ه‍ (ج 2 ص 26) وقال : توفي أبو طالب بعد خديجة بثلاثة أيام وله ست وثمانون سنة ، وقيل تسعون سنة .
ولما قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله : إن أبا طالب قد مات عظم ذلك في قلبه ، واشتد له جزعه ، ثم دخل (عليه) فمسح جبينه الايمن اربع مرات ، وجبينه الايسر ثلاث مرات ، ثم قال : يا عم ربيت صغيرا ، وكفلت يتيما ، ونصرت كبيرا ، فجزاك الله عني خيرا ومشى بين يدي سريره ، وجعل يعرضه ، ويقول ، وصلتك رحم وجزيت خيرا ، وقال صلى الله عليه وآله : اجتمعت على هذه الامة في هذه الايام مصيبتان لا أدري بايهما أنا اشد جزعا يعني مصيبة (موت) خديجة وأبي طالب عليهما السلام (قال) وروي عنه أنه قال : إن الله عزوجل وعدني في أربعة ، في أبي ، وأمي ، وعمي (أبي طالب) وأخ كان لي في الجاهلية .

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 119 _

  بعض الاحاديث الدالة على أن النبي صلى الله عليه وآله دعا لابي طالب وأنه يشفع له حتى يرتفع مقامه في الجنة في الخصائص الكبرى لجلال الدين السيوطي الشافعي (ج 1 ص 87) خرج بسنده وقال : أخرج تمام في فوائده وابن عساكر عن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة شفعت لابي ، وأمي وعمي أبي طالب ، وأخ لي كان في الجاهلية ، وقد تقدم الحديث من أسنى المطالب .
  (وفيه أيضا) بسنده قال : أخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس (قال) سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : شفعت في هؤلاء النفر ، في أبي ، وعمي أبي طالب ، وأخي من الرضاعة ، وخرج الحديث محب الدين الطبري الشافعي في ذخائر العقبي (ص 7) وقال خرجه تمام في فوائده عن ابن عمر .
  (وفي السيرة الحلبية (ج 1 ص 382) قال : وفي لفظ عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة شفعت لابي ، وأمي ، وعمي أبي طالب ، وأخ لي في الجاهلية (يعني أخاه من الرضاعة وهو ابن حليمة السعدية) .
  (قال المؤلف) ثم خرج حديثا آخر ، وقال : وفي لفظ آخر شفعت في أبي وأمي وعمي ، أبي طالب ، وأخي من الرضاعة (يعني من حليمة السعدية) ولا يخفى أن الشفاعة تكون يوم القيامة لامور وليست مختصة لطلب المغفرة فقط بل تكون لرفع الدرجات ، ومقصود النبي صلى الله عليه وآله من الشفاعة لابيه وأمه وعمه لرفع الدرجات لا

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 120 _

  لطلب المغفرة فانهم عليهم السلام كانوا مؤمنين موحدين وماتوا على ذلك وانما يشفع لهم ليكونوا معه وفي درجته ، وشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقبولة نافعة لمن شفع له سواء كان من أرحامه أو لبعيد منه ، وينال المقام الرفيع في الجنة بذلك . . .
  (وفي ذخائر العقبي) لمحب الدين الطبري الشافعي (ص 6) قال روي عن جابر بن عبد الله قال : كان لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خادم تخدمهم يقال لها بريرة ، فلقيها رجل فقال لها : يا بريرة غطي شعيفاتك فان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لن يغني عنك من الله شيئا قالت : فاخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخرج يجر رداءه محمارة وجنتاه ، وكنا معشر الانصار نعرف غضبه بجر ردائه وحمرة وجنتيه ، فاخذنا السلاح ثم أتينا فقلنا : يارسول الله مرنا بما شئت ، والذي بعثك بالحق نبيا لو أمرتنا بآبائنا وأمهاتنا وأولادنا لمضينا لقولك فيهم ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : من أنا ؟ قالوا : أنت رسول الله ، قال نعم ، ولكن من أنا ؟ قلنا : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف ، قال صلى الله عليه وآله : أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، وأول من ينفض التراب عن رأسه ولا فخر ، وأول داخل الجنة ولا فخر ، وصاحب لواء الحمد ولا فخر ، وفي ظل الرحمن يوم لا ظلا إلا ظله ولا فخر ، ما بال أقوام يزعمون أن رحمي لا تنفع ؟ بل تنفع حتى تبلغ حكم وحاء وهم إحدى قبيلتين من اليمين اني اشفع فاشفع حتى أن من اشفع له ليشفع فيشفع ، حتى ان إبليس ليتطاول طمعا في الشفاعة (أخرجه ابن البختري) .
  (وخرج فيه ايضا ص 7) ما تقدم نقله عن ابن عمر من كتاب السيرة الحلبية (ج 1 ص 382) ولفظه يساوي لفظه ، وقال : اخرجه

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 121 _

  تمام الرازي في فوائده (وهو قوله صلى الله عليه وآله) إذا كان يوم القيامة شفعت لابي وأمي وعمي أبي طالب .
  وأخ لي في الجاهلية ، (وفيه ايضا) إن أبا هريرة قال : جاءت سبيعة بنت أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : يارسول الله إن الناس يقولون انت بنت حطب النا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مغضب فقال : ما بال أقوام يؤذوني في قرابتي ، من آذى قرابتي فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله .
  (قال المؤلف) : وقال عز من قائل (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) سورة (32) الاحزاب آية (57) ، (فنقول) : فهل يتصور أذية فوق ما نسبوا إلى أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وآله من أنه مات على غير إيمان ، وقد ثبت بامور عديدة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب عمه أبا طالب حبا شديدا ، وكان صلى الله عليه وآله يقول لعقيل ابن عمه عليه السلام : إني أحبك لامرين ، الاول إنك مؤمن والثاني لحب عمي اياك ، ولكثرة حبه له سمى العام الذي توفي فيه عمه بعام الحزن .
  (في الاستيعاب ج 2 صفحة 509) وذخائر العقبي (ص 222) وتاريخ الخميس (ج 1 ص 163) ومجمع الزوائد (ج 9 ص 273) وشرح نهج البلاغة (ج 3 ص 312 طبع أول) ، واللفظ لمحب الدين الطبري الشافعي قال : روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال له (أي لعقيل) : يا أبا يزيد إني أحبك حبين حبا لقرابتك مني ، وحبا لما كنت أعلم من حب عمي اياك (ثم قال) : خرجه أبو عمر ، والبغوي ، فهل يمكن أن نقول إن من نزل عليه قوله تعالى : (لا تجد قوما

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 122 _

  يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) سورة المجادلة آية (22) ومن نزل عليه قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاء من الحق) ( سورة الممتحنة ) آية ( 60 ) ومن نزل عليه قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الايمان ، ومن يتولهم منكم فاولئك هم الظالمون) سورة التوبة آية (23) ومن نزل عليه قوله تعالى (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء) سورة المائدة آية (81) .
  وهل يقبل عاقل أن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله الذي نزلت عليه هذه الآيات المباركات وكان يأمر الناس بالعمل بها هو نفسه لا يعمل بها وكان عمله على خلافها ، فاحب عمه أبا طالب مع ما كان عليه على زعم أعدائه من عدم الايمان بابن أخيه صلى الله عليه وآله وسلم ، وعدم قبول ما جاء به ، ما كان ذلك أبدا ، بل كان صلى الله عليه وآله وسلم يحبه حبا شديدا حيث أنه عليه السلام كان يؤمن به ويعترف بان ما جاء به حق وصدق ، وفيه صلاح الدنيا والآخرة ، وقد صرح عليه السلام بذلك في أقواله نثرا وشعرا ، وقد مر عليك ذلك فتأمل في معاملات الرسول الاكرم ومعاملات وصيه علي بن أبي طالب مع شيخ الابطح ، مع ناصر الرسول وحاميه ، مع من لولاه لما انتصر الاسلام وعرفه من عرفه في حياته وبعد مماته ، وفي ما بينه لامته المرحومة في أحوال عمه أبي طالب عليه السلام .
  قال ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة (ج 3 ص 311) طبع أول في (ج 14 ص 67) طبع ثاني : فاما الذين قالوا باسلام

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 123 _

  أبي طالب أسندوا ذلك إلى خبر رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام وهو أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال لي جبرئيل إن الله مشفعك في ستة ، بطن حملتك ، آمنة بنت وهب ، وصلب أنزلك ، عبد الله بن عبد المطلب ، وحجر كفلك ، أبي طالب ، وبيت آواك ، عبد المطلب ، وأخ كان لك في الجاهلية ، وثدي أرضعتك ، حليمة بنت أبي ذؤيب (انتهى باختصار) .
  (وفيه ايضا) قال : قالوا المدعون لايمانه عليه السلام : قد نقل الناس كافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، انه قال : ( نقلنا (أي أنا ووصيي علي بن أبي طالب) من الاصلاب الطاهرة إلى الارحام الزكية ) فوجب بمنطوق هذا الحديث أن يكون آباؤه كلهم منزهين عن الشرك لانه لو كانوا عبدة الاصنام لما كانوا طاهرين (قال عز من قائل إنما المشركون نجس) انتهى نقلا بالمعنى .
  بعض الاحاديث المروية في كتب علماء أهل السنة الدالة على طهارة أبي طالب من الشرك (قال المؤلف) : ذكرنا أحاديث عديدة في إثبات أن أهل البيت والنبي صلى الله عليه وآله خلقوا من نور واحد ، وأنهم انتقلوا من أصلاب طاهرة إلى أرحام مطهرة من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب عليهم السلام ، راجع أول الجزء الثاني من كتابنا (محمد وعلي وبنوه الاوصياء) وكتابنا الآخر (علي والوصية) ص 177 ، واليك بعض تلك الاحاديث المستخرجة في الكتابين بحذف السند . (في ينابيع المودة ص 256 طبع اسلامبول سنة 1301 ه‍) قال :

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 124 _

  في مودة القربى في المودة الثامنة بسنده عن علي عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي خلقني الله وخلقك من نوره فلما خلق آدم عليه السلام أودع ذلك في صلبه ، ثم نزل أنا وانت شيئا واحدا ، ثم افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففي النبوة والرسالة ، وفيك الوصية والامامة (قال عزوجل ونرى تقلبك في الساجدين) فهل الذي يسجد لله تبارك وتعالى يكون مشركا) ياترى ؟ .
  (وفيه ايضا ص 256) أخرج حديثا آخر عن عثمان رفعه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : خلقت أتا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق آدم باربعة آلاف عام ، فلما خلق الله آدم ركب ذلك النور في صلبه ، فلم يزل شيئا واحدا حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ففي النبوة وفي علي الوصية .
  (وفي كتاب علي والوصية ص 186) نقلا عن أرجح المطالب ص 462 لعبيد الله الحنفي الهندي المعروف بآمر تسري ، خرجه من كتاب زين الفتى في شرح سورة هل أتى تأليف أبي حاتم أحمد بن علي العاصمي الشافعي ، فانه خرج بسنده عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد يسبح الله عزوجل في ميمنة العرش قبل خلق الدنيا ، ولقد سكن آدم في الجنة ، ونحن في صلبه ، ولقد ركب نوح السفينة ونحن في صلبه ولقد فذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه ، فلم يزل ينقلنا الله عزوجل من أصلاب طاهرة حتى إنتهى بنا إلى صلب عبد المطلب ، فجعل ذلك النور بنصفين فجعلني في صلب عبد الله ، وجعل عليا في صلب أبي طالب (الحديث) .
  (وفي أرجح المطالب ايضا ص 459) قال ، في رواية أبي الفتح محمد بن علي بن إبراهيم النضيري ، في الخصائص العلوية ، خرج بسنده

أبو طالب (ع) حامي الرسول وناصره (ص) _ 125 _

  عن سلمان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله ، يقول : خلقت أنا وعلي من نور عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل أن يخلق الله عزوجل آدم باربعة عشر ألف سنة ، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى اصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات ، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين فجعل النصف في صلب عبد الله ، وجعل النصف الآخر في صلب أبي طالب ، فخلقت من ذلك النصف ، وخلق علي من النصف الآخر ، واشتق لنا من أسمائه ، فالله المحمود وانا محمد ، والله الاعلى وأخي علي ، والله فاطر وابنتي فاطمة ، والله محسن وابناي الحسن والحسين ، فكان اسمي في الرسالة ، وكان اسمه في الخلافة والشجاعة فانا رسول الله ، وعلي سيف الله ، (وفي أرجح المطالب ايضا ص 458) عن كتاب الشفاء وغيره من كتب علماء أهل السنة قال : روي عن علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : خلقت أنا وعلي من نور واحد من قبل أن يخلق أبونا آدم بالفي عام فلما خلق آدم صرنا في صليه ، ثم نقلنا من كرام الاصلاب إلى مطهرات الارحام حتى صرنا في صلب عبد المطلب ثم انقسمنا نصفين فصرت في صلب عبد الله ، وصار علي في صلب أبي طالب ، واختارني بالنبوة ، واختار عليا بالشجاعة والعلم (الحديث) ، (قال المؤلف) هذه الاحاديث الثلاثة تثبت مطلوبنا وهو أن صلب أبي طالب كان طاهرا كما أن صلب عبد الله والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان طاهرا ، وبالتأمل في الاحاديث تعرف أن الاحاديث المذكورة حديث واحد ، وإن كان رواتها مختلفين ، ولكن يد التحريف والخيانة أثرت فيها فغير وبدل ونقص وزاد عليها ما ليس فيها ، هذا والمطلب المهم الذي نحن بصدد إثباته هو أن صلب والد النبي صلى الله