لمن وفقه اللهّ تعالى لأداء حق المؤمن ).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (فرض الله الاثرة، فقال : ألا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك ).
وهذا الحديث من كتاب المجالس للبرقي .
وروى أبو جعفر الكليني _ في كتاب الزكاة _ عن المفضل بن عمر قال :كنت عند الصادق عليه السلام ، وقد سأله رجل فقال له
(1): كم تجب الزكاة عن المال ؟ فقال : (الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد ؟ ) فقال : اُُريدهما جميعاً ، فقال :(أما الظاهرة ففي كل ألف درهم خمسة وعشرون درهماً، وأما الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو احوج إليه منك )
(2).
وعن الباقر عليه السلام قال : (ان لله جنة لا يسكنها إلا ثلاثة: أحدهم رجل آثر أخاه المؤمن في الله على نفسه )
(3).
وعن أبان بن تغلب قال : قلت للصادق عليه السلام : ما حق المؤمن على أخيه ؟ فقال : لا ترده ، فقلت : بلى ، فقال : (أن تقاسمه مالك شطرين ) .
قال : فعظم ذلك عليَّ ، فلما رأى عليه السلام شدته عليَّ قال : (أما علمت أن الله تعالى ذكر المؤثرين على أنفسهم ومدحهم في قوله تعالى : (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)
(4) ؟ فقلت : بلى فقال : (فإذا قاسمته وواسيته وأعطيتها لنصف من مالك لم تؤثره ، إنما تؤثره إذا أعطيته أكثر مما تأخذه )
(5).
عن محمد بن سنان قال : كنت عند الصادق عليه السلام _ ومبشر
(6)عنده _ فقال : (يا مبشر ، قال : لبيك ، فقال له : قد حضر أجلك غير مرة ومرتين ، كلذلك يؤخر لصلتك المؤمن )
(7).
--------------------------------
(1) في الأصل : لي ، وما أثبتناه هو الصواب .
(2) الكافي 3 : 500 | 13 .
(3) الكافي 2، 142 | 11 ، باختلاف يسير.
(4) الحشر 59: 9 .
(5) الكافي 2 : 137 | 8 باختلاف في ألفاظه .
(6) كذا في الأصل ، والظاهر ان الصواب : ميسر ، لورود الحديث باختلاف يسير في ترجمته ، اُنظر(رجال الكشي 2: 513 | 448، معجم رجال الحديث 19 : 106).
(7) رواه الحسين بن سعيد في الزهد: 41 | 11، باختلاف يسير، وفيه :حدثني ابن مسكان ، عن
=
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 127 _
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (صلة الرحم تزيد في العمر ، وصلة المؤمن صلة الله تعالى ، فمن قطع أخاه المؤمن صلته ، قطع الله الحبل الذي بينهما ، وسلبه معرفته ، وتركه في طغيانه يعمه) .
وقال عليه السلام : (يأتي على الناس زمان ، من سكت فيه مات ، ومن تكلم فيه عاش . فقال إسحاق بن عمار : ما أصنع إن أدركت ذلك الزمان ؟ فقال : تعينهم بما عندك ، فإن لم تجد فبجاهك)
(1) .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (من كمال المرء المؤمن تركه مالا يجمل به ، ومن حيائه أن لا يلقى أحداً بما يكره ، ومن عقله حسن رفقه ، ومن أدبه علمه بما لا بدّ له منه ، ومن ورعه غض بصره وعفة بطنه ، ومن حسن خلقه كفه أذاه ، سخائه بره بمن يجب حقه ، ومن دينه إيثاره على نفسه ، ومن صبره قلة شكواه ، ومن عقله إنصافه من نفسه وتركه الغضب عند مخالفته ، وقبوله الحق إذا بان له ، ومن نصيحته نهيه أخاه عن معصيته ، ومن حفظه جواره ستره لعيوب جيرانه ، وتركه توبيخهم عند إساءتهم إليه ، ومن رفقه تركه المواقفة على الذنب بين يدي من يلوم المذنب على ذنبه ، ومن حسن صحبته إسقاطه عن صاحبه مؤونة أذاه ، ومن صداقته كثرة موافقته ، ومن صلاحه شدة حزنه ، ومن شكره معرفة إحسان من أحسن اليه ، ومن تواضعه معرفته بقدره ، ومن حكمته معرفته بذاته ، ومن مخافته ذكره الآخرة بقلبه ولسانه ،ومن سلامته قلة تحفظه لعيوب غيره واعتنائه في صلاح عيوب نفسه ).
وقال الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام ، لبعض شيعته : (إنا لا نغني عنكم شيئاً إلاّ بالورع ، وإن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد، ولا تدرك إلا ّبالعمل ، وإن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من وصف عدلاً وأتى جوراً).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (إن من أحب عباد الله إليه ، عبداً أعانه الله على نفسه ، فاستشعر الحزن ، وتجلبب الخوف ، فزهر مصباح الهدى في قلبه ، وأعدَّ القِرى ليومه النازل به ، فقرب على نفسه البعيد، وهون الشديد.
نظر فأبصر ، وذكر فأكثر ، فارتوى من عذب فرات ، سهلت له موارده فشرب
--------------------------------
=
رجل انهم كانوا في منزل أبي عبد الله (عليه السلام) وفيهم ميسر. . . ، ورواه الكشي في رجاله 2 : 513 | 448 وفيه :عن حنان وابن مسكان ،عن ميسر، قال : دخلنا على أبي جعفر عليه السلام .
(1) الكافي 4 : 46 | 1 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 128 _
نهلاً ، وسلك سبيلاً جدداً ، قد خلع سرابيل الشهوات ، وتخلى من الهموم إلا هماًواحداً انفرد به ، فخرج من صفة العمى ، ومشاركة أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى، ومغاليق أبواب الردى، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، وعرف مناره ،وقطع غماره
(1)، واستمسك من العرى بأوثّقها، ومن الحبال بأمتنها ، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس .
قد نصب نفسه _ لله سبحانه _ في أرفع الاُمور، من إصدار كل وارد عليه ، و تصيير كل فرع إلى أصله ، مصباح ظلمات ، كشاف غشوات ، مفتاح مهمات ، دفاع معضلات ، دليل فلوات ، يقول فيفهم ، ويسكت فيسلم .
قد أخلص لله سبحانه فاستخلصه ، فهو من معادن دينه ، وأوتاد أرضه ، قد ألزم نفسه العدل ، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه ، يصف الحق ويعمل به ، لا يدع للخير غاية إلا أمها، ولا مظنة إلاّ قصدها ، قد أمكن الكتاب من زمامه ، فهو قائد هو إمامه ، يحل حيث كان محله ، وينزل حيث كان منزله .
واخر قد تسمى عالماً وليس به ، فاقتبس جهائل من جهال ، وأضاليل منضُلاّل ، ونصب للناس أشراكاً من حبائل غرور وقول زور، قد حمل الكتاب علىارائه ، وعطف الحق على أهوائه ، يؤمن من العظائم ، ويهون كبير الجرائم ، يقول : أقف عند الشبهات ، وفيها وقع ، ويقول : أعتزل البدع ، وبينها اضطجع ، فالصورةصورة إنسان ، والقلب قلب حيوان ، لا يعرف باب الهدى فيتبعه ، ولا باب العمى فيصدعنه ، فذلك ميت الأحياء.
فأين تذهبون ! وأنى تؤفكون ! والأعلام قائمة ، والآيات واضحة ، والمنار منصوبة ، فأين يتاه بكم ! بل كيف تعمهون ! و وبينكم عترة نبيكم ، وهم أزمّة الحق ،وألسنة الصدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل ، وردوهم ورود الهيم العطاش .
أيها الناس ، خذوها عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم : انه يموت من يموت منّا وليس بميت ، ويبلى من بلي وليس ببال ، فلا تقولوا مالا تعرفون، فإن أكثر الحق فيما تنكرون ، واعذروا من لاحجة لكم عليه وأنا هو، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر ! وأترك فيكم الثقل الأصغر ! وركزت فيكم راية الإيمان ! ووقفتكم على الحلال والحرام ! وألبستكم العافية من عدلي ! وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي ! وأريتكم كرائم
--------------------------------
(1) غمار: جمع غمرة وهي شدة الشيء و مزدحمه (القاموس المحيط _ غمر _2 : 104).
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 129 _
الأخلاق من نفسي ! فلا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر، ولا يتغلغل إليه الفكر، حتى يظن الظان أن الدنيا معقولة على بني اُمية، تمنحهم درها ، وتورده مصفوها، ولا يرفع عن الاُمة سيفها ولا سوطها، وكذب الظان لذلك ، بل هي مجة من لذيذ العيش ، يتطعمونها برهة ثم يلفظونها جملة)
(1).
ومن كتاب الخصال : عن محمد بن علي الباقر قال : (سئل رسول الله صلى ، الله عليه وآله وسلم ، عن خيار العباد، قال : الذين إذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساؤا استغفروا،و اذا أُعطوا شكروا، واذا ابتُلُوا صبروا، واذا غضبوا غفروا)
(2) .
وروى الحارث بن المغيرة النضري
(3)، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال :(ستة لا تكون في المؤمن : العسر، والنكد
(4)، واللجاجة، والكذب ، والحسد [والبغي]
(5) )
(6) .
ومن الكتاب المذكور: عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : (قال عيسى بن مريم عليه السلام : طوبى لمن كان صمته فكراً ،ونظره عبراَ، ووسعه بيته ، وبكى على خطيئته ، وسلم الناس من يده ولسانه )
(7).
ومن الكتاب المذكور : عن جعفر بن محمد عليه السلام ، قال : (إنما شيعة جعفر،من عف بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فإذا رأيت اولئك ، فأولئك شيعة جعفر) .
يقول عليه السلام ذاك للمفضل بن عمر رحمه الله تعالى
(8).
ومن الكتاب المذكور: عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : (إن الله عز وجل
--------------------------------
(1) نهج البلاغة 1 : 149 | 83 .
(2) الخصال : 317 | 99 .
(3) في الأصل : البصري ، تصحيف ، وما أثبتناه من المصدر، وجاء في بعض الموارد: النصري ،بالصاد المهملة، ولعله هو الصواب ، نسبة إلى بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ، اُنظر (معجم قبائل ألعرب 3: 1181، ومعجم رجال الحديث 4 : 208).
(4) في الأصل : النكل ، تصحيف ، وما أثبتناه من المصدر.
(5) أثبتناه من المصدر.
(6) الخصال : 325 | 15 .
(7) الخصال : 295 | 62 .
(8) الخصال : 295 | 63 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 130 _
أعفا شيعتنا من ست خصال : من الجنون ، والبرص ، والجذام ، والابنة
(1)، وأن يولد لهم من زنا، وأن يسأل الناس بكفه
(2) )
(3) .
وقال عليه السلام : (ألا إن شيعتنا قد أعاذهم الله عز وجل عن ست : عن انيطمعوا طمع الغراب ، أويهرّوا هرير الكلاب ، أو ينكحوا في أدبارهم ، أو يولدوا من الزنا ،أو يلدوا من الزنا، أو يتصدّقوا على الأبواب)
(4) .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : (المؤمن بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أو سع شِيء صدراً، وأذل شيء نفساً، يكره الرفعة، ويشنأ السمعة، طويل غمه ، بعيد همه ،كثير صمته ، مشغول وقته ، شكور صبور، مغمور بفكرته ، ضنين بخلته ، سهل الخليقة،لين العريكة، نفسه أصلب من الصلد، وهو أذل من العبد)
(5).
وقال عليه السلام : (المؤمن ينظر إلى الدنيا بعين الإعتبار، ويقتات منها ببطن الاضطرار، ويسمع فيها باُذن المقت والإبغاض ، إن قيل : أثرى قيل : أَكدى، وإن فُرحله بالبقاء، حُزن له بالفناء ، هذا ولم يأتهم يوم فيه يبلسون
(6).
إن الله تعالى وضع الثواب على طاعته ، والعقاب على معصيته ، ذيادة لعباده من نقمته ، وحياشة لهم إلى جنته )
(7).
من كتاب الخصال لابن بابويه : عن معاوية بن وهب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : (الشيعة [ثلاث]
(8)محب وادّ ، فهو منا ، [و]
(9) متزين بنا، ونحن زين لمن تزين بنا. ومستأكل بنا الناس ، ومن استأكل بنا افتقر)
(10).
وقال عليه السلام : (امتحنوا شيعتنا عند ثلاث : عند مواقيت الصلاة، كيف محافظتهم عليها ؟ وعند أسرارهم ، كيف حفظهم لها من عدونا ؟ وعند أموالهم ، كيف
--------------------------------
(1)الأبنة: داء قوم لوط ، اُنظر (لسان العرب _ أبن _ 13 : 3).
(2) في الأصل : بلغة، تصحيف ، وما أثبتناه من المصدر.
(3) الخصال : 336 | 37 .
(4) الخصال : 336 | 38 .
(5) نهج البلاغة 3 : 232 | 333 .
(6) نهج البلاغة 3 : 240 | 367.
(7) نهج البلاغة 3 : 241 | 368.
(8 ، 9) أثبتناه من المصدر.
(10) الخصال : 103 | 61.
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 131 _
مواساتهم لإخوانهم فيها ؟)
(1).
وقال عليه السلام : (المؤمن إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل ، واذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له )
(2).
وقال عليه السلام : ( ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان : من صبر على الظلم،وكظم غيظه ، وعفا واحتسب وغفر، كان ممن يدخله الله الجنة بغير حساب ، ويشفعه فيمثل ربيعة ومضر )
(3).
وقال، عليه السلام : (إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق ، وإذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي وإلى ما ليس له بحق)
(4).
وقال عليه السلام : (شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كف الأذى عنالناس)
(5) .
ومن كتاب الخصال أيضاً: عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال :(خصلتان لا تجتمعان في مؤمن : البخل ، وسوء الخلق )
(6) .
وقال عليه السلام : (لا يجتمع الشحّ والإيمان في قلب عبد أبداَ)
(7).
وقال عليه السلام : (إن صلاح أول هذه الامة بالزهد
(8) واليقين ، وهلاك اخرها بالشحّ والأمل )
(9).
ومن كتاب الخصال : عن أبي مالك قال : قلت لعلي
(10)عليه السلام : أخبرني
--------------------------------
(1)الخصال : 103 | 62.
(2) الخصال : 105 | 64.
(3) الخصال : 104 | 63 .
(4) الخصال : 105 | 65، وفيه : عن أبي جعفر عليه ألسلام .
(5) الخصال : 6 |18 .
(6) الخصال :75 | 117 .
(7) الخصال : 75 | 118 .
(8) في الأصل : في الزهد، وما أثبتناه من المصدر.
(9) الخصال : 79 | 128 .
(10) المراد: علي بن الحسين عليه السلام ، كما في المصدر.
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 132 _
بجميع شرائع الدين . فقال : (قول الحق ، والحكم بالعدل ، والوفاء بالعهد، فهذه جميع شرائع الدين )
(1) .
ومن الكتاب : عن أبي عبد الله قال : (الرجال ثلاثة: رجل بماله ، ورجل بجاهه ، ورجل بلسانه ، وهو أفضل الثلاثة)
(2) .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (الرجال ثلاثة : عاقل وأحمق جاهل
(3)وفاجر، فالعاقل الدين شريعته ، والحلم طبيعته ، والرأي سجيته ، ان سئل أجاب ، وإن تكلم أصاب ، وإن سمع وعى، وإن حدّث صدق ، وإن اطمأن إليه أحد وفى ، (والجاهل الحمق)
(4) إن استقبلته
(5) بجميل غفل ، وإن استنزل عن حسن نزل ، وإن حمل على جهل جهل ، وإن حدّث كذب ، لا يفقه وإن فقه لم يتفقه ، والفاجر إن ائتمنته خانك ، وإن صحبته شانك ، وإن وثقت به لم ينصحك )
(6).
وقال أبو عبد الله عليه السلام : (الناس يغدون[على ثلاثة]
(7) : عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون ، وسائر الناس غثاء)
(8).
وقال لقمان لابنه : يا بني ، للإيمان ثلاث علامات : العلم والإيمان والعمل ،وللعالم ثلاث علامات : الصلاة والصيام والزكاة
(9).
وقال الكاظم عليه السلام : (الناس ثلاثة : عربي ومولى وعِلج ، فأمّا العرب فنحن ، وأمّا المولى فمن والانا، وأمّا العِلج فمن تبرأ منا وناصبنا)
(10)
--------------------------------
(1) الخصال : 113 | 90 .
(2) الخصال : 116 | 95 .
(3) ليس في المصدر.
(4) في المصدر: والأحمق .
(5) في المصدر: استنبه .
(6) الخصال : 116 | 96 .
(7) أثبتناه من المصدر.
(8) الخصال :123 | 115 .
(9) الخصال : 121 | 113، وفيه : قال لقمان لابنه : يا بني لكل شيء علامة يعرف بها ويشهد عليها، وإن للدين ثلاث علامات : العلم والإيمان والعمل به ، وللإيمان ثلاث علامات : الإيمان بالله وكتب هو رسله، وللعالم ثلاث علامات : العلم بالله وبما يجب وبما يكره ، وللعامل ثلاث علامات الصلاة والصيام والزكاة . . .
(10) الخصال : 123 | 116 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 133 _
وقال أمير المؤمنين عليه السلام للحارث الأعور: (ثلاث بهن يكمل المسلم :التفقه في ألدين ، والتقدير في المعيشة، والصبر على النوائب)
(1) .
وأوصى رسول الله صلى الله عليه واله علياً عليه السلام فقال له : (يا علي ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام : الحسد، والحرص ، والكذب .
يا علي ، أشد
(2) الأعمال ثلاث خصال : إنصافك الناس من نفسك ، ومواساة الأخ في الله عز وجل ، وذكر الله عز وجل على كل حال .
يا علي ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا: لقاء الإخوان ، و ألإفطار من الصيام ،والتهجد من آخر الليل .
يا علي ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له عمل : تورع يحجزه عن معاصي الله عز وجل ، وخلق يداري به الناس ، وحلم يرد به جهل الجاهل .
يا علي ، ثلاث من حقائق الإيمان : الإنفاق من الاقتار ، و انصاف الناس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلم .
يا علي ، ثلاث من مكارم الأخلاق : تعطي من حومك ، وتصل من قطعك ،وتعفو عن من ظلمك)
(3).
وقال أبو عبد الله عليه السلام : (ثلاث خصال في المؤمن ، لا يجمعها الله تعالى لمنافق : حسن الخلق ، والفقه ، وحسن السمت)
(4).
وقال عليه السلام : (ثلاث لا يطيقهن الناس : الصفح عن الناس ، ومواساة الأخ في الله تعالى أخاه في ماله ، وذكر الله كثيرا)
(5).
وقال عليه السلام : (من علامات المؤمن
(6): الحلم والعلم والصمت ، وإن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت ينشب
(7) المحبة، وإنه دليل على كل
--------------------------------
(1)الخصال : 124 | 120 .
(2) في المصدر: سيد.
(3) الخصال : 124 | 121 .
(4) الخصال : 127 | 126 باختلاف يسير.
(5) الخصال : 133 | 142 .
(6) في المصدر: الفقه .
(7) في المصدر: يكسب .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 134 _
خير)
(1).
وقال عليه السلام : (ثلاث إذا كنّ في الرجل ، لا تحرج أن تقول : انه في جهنم : الجفاء، والجبن ، والبخل )
(2).
وقال عليه السلام : (الهدي الصالح ، و السمت الصالح ، والاقتصاد، جزء من خمسة وسبعين
(3) جزءاً من النبوة)
(4).
وقال عليه السلام : (الإيمان معرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان)
(5) .
وعن سماعة،عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه قال : (يا سماعة، لا ينفك المؤمن من خصال أربع : من جار يؤذيه ، وشيطان يغويه ، ومنافق يقفو أثره ، ومؤمن يحسده ، ثم قال : يا سماعة ، أما إنه أشد [هم]
(6)عليه ، قلت : كيف ذلك ؟ قال : إنّه يقول فيها لقول فيصدق عليه)
(7).
ومن كتاب الخصال : عن جميل بن دراج قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : (خياركم سمحاؤكم ، وشراركم بخلاؤكم ، ومن صالح الأعمال البر بالإخوان ، والسعي في حوائجهم ، وفي ذلك مرغمة ومدحرة للشيطان ، وتزحزح عن النيران ، ودخول الجنان ، يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك . قال : قلت : ومنغرر أصحابي ؟ قال : هم البارون بالإخوان في العسر واليسر، ثم قال : يا جميل ، أما إن ّصاحب الكثير يهون عليه ذلك ، وقد مدح الله عز وجل صاحب القليل ،فقال :(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
(8))
(9).
--------------------------------
(1) الخصال : 158 | 202، وفيه : عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : قال أبو الحسن عليه السلام .
(2) الخصال : 158 | 204 .
(3) في المصدر: خمسة وأربعين
(4) الخصال : 178 | 238، وفيه : عن رسول الله صلى الله عليه واله.
(5) الخصال : 178 | 239، وفيه : عن رسول الله صلّى الله عليه وآله .
(6) أثبتناه من المصدر.
(7) الخصال : 229 | 70 .
(8) الحشر 59 : 9 .
(9) الخصال : 96 | 42 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 135 _
وروي أنه لمّا نزل قوله تعالى : (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ)
(1)قالوا : يا رسول الله ، كيف يشرح الله صدره للإسلام ؟ قال عليه السلام : (يقذف الله تعالى نوراً في قلبه فينشرح ويستوسع ، فقالوا : وهل لذلك علامة ؟ فقال : نعم ، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والتزود لسكنى القبور) .
وقال عليه الصلاة والسلام : (إذا أحب الله تعالى عبداً نكت في قلبه نكتة بيضاء، وفتح مسامع قلبه ، ووكل به ملكاً يسدده ، وإذا أبغض عبداً نكت في قلبه نكتة سوداء، ووكل به شيطانا يغويه ، وعلى ذلك نزل قول الله تعالى: (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ )
(2)).
وروي : إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيراً ألهمه الطاعة، وألزمه القناعة، وفقهه في الدين ، وقواه باليقين ، فاكتفى بالكفاف ، وتحلى بالقناعة .
وروى أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام ، قال : (خرج أمير المؤمنين عليه السلام يوماً إلى المسجد، فإذا قوم من الشيعة قعود فيه ، فقال : من أنتم ؟
فقالوا: نحن شيعتك يا أمير المؤمنين . فقال : فما لي لا أرى عليكم سيماء الشيعة ؟ فقالوا : ما سيماء الشيعة، يا أمير المؤمنين ؟ فقال : عمش العيون من البكاء ، خمص البطون من الصيام والظمأ، صفر الوجوه من السهر، يحسبهم الجاهل مرضى وما بهم من مرض ، ولكن فرقمن الحساب ويومه أمرضهم ، يحسبهم أهل الغفلة سكارى، وما هم بسكارى ولكن ذكر الموت أسكرهم .
إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن قالوا لم يُصدّقوا ، وإن سكتوا لم يُسألوا ، وان أساؤا استغفروا، وإن أحسنوا لم يفخروا ، وإن ظلموا صبروا ، حتى يكون الله تعالى هو المنتقم لهم ، يجوعون إذا شبع الناس ، ويسهرون إذا رقد الناس ، ويدعون إذا غفل الناس ، ويبكون إذا ضحك الناس .
يتمايلون بالليل على أقدامهم مرة وعلى الأصابع ، تجري دموعهم على خدودهم من خيفة الله وهم أبداً سكوت ، فإذا ذكروا عظمة الله عز وجل انكسرت قلوبهم وطاشت عقولهم ، اُولئك أصحابي وشيعتي حقاً ، الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم
--------------------------------
(1) الأنعام 6 : 125 .
(2) الزخرف 43 : 36 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 136 _
مغفرة وأجر عظيم) .
وروى جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن أبي ذر قال : كنت جالساَ عند النبي صلى الله عليه وآله في المسجد، إذ أقبل علي عليه السلام ، فلما رآه مقبلاً قال : (يا باذر، من هذا المقبل ؟ ) فقلت : علي ، يا رسول الله .
فقال : (يا باذر، أتحبه ؟ ) فقلت : أي والله _ يا رسول الله _ إني لأحبه ، و اُحب من يحبه .
فقال : (يا باذر، حب علياً، وحب من أحبه ، فإن الحجاب الذي بين العبد وبين الله تعالى حب علي بن أبي طالب عليه السلام .
يا باذر ، حب علياً مخلصاً ، فما من امرىء أحب علياً مخلصاً ، وسأل الله تعالى شيئاً إلاّ أعطاه ، ولا دعا الله إلا لبّاه) .
فقلت : يا رسول الله ، إني لأجد حب علي بن أبي طالب على كبدي كبارد الماء، أو كعسل النحل، أو كآية من كتاب الله أتلوها، وهو عندي أحلى من العسل .
فقال رسول الله صلى الله عليه واله : (نحن الشجرة الطيبة، والعروة الوثقى ، ومحبونا ورقها، فمن أراد الدخول إلى الجنة، فليستمسك بغصن من أغصانها) .
وروى حذيفة بن اليمان ، عن الحسن عليه السلام قال : (إن الله تعالى أوحى إلي : يا أخا النبيين ، يا أخا المرسلين ، يا أخا المنذرين ، أنذر قومك : ألاّ يدخلوا بيتاً من بيوتي إلاّ بقلوب سليمة، وألسن صادقة ، وأيد نقية ، وفروج طاهرة ، ولا يدخلوا بيتاً منبيوتي ولأحد عندهم مظلمة ، فإنّي ألعنه مادام قائماً بين يدي يصلي ، حتى يرد تلك المظلمة إلى أهلها، فأكون سمعه الذي يسمع به ، وأكون بصره الذي يبصر به ، ويكون من أوليائي وأصفيائي ، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) .
وروي عن الحسن بن علي عليهما السلام ، أنه قال : (من لم يحفظ هذا الحديث كان ناقصاً في مروته وعقله ).
قلنا: وما ذاك يا بن رسول الله ؟ فبكى وأنشأ يحدثنا فقال : (لو أن رجلاً من المهاجرين أو الأنصار، يطلع من باب مسجدكم هذا ، ما أدرك شيئاً مما كانوا عليه إلا قبلتكم هذه _ ثم قال _ هلك الناس _ ثلاثاُ _ بقول ولا فعل ، ومعرفة ولا صبر ، ووصف ولا صدق ، ووعد ولا وفاء ، مالي أرى رجالاً ولا عقول ، وأرى أجساماً ولا أرى
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 137 _
قلوباً دخلوا في الدين ثم خرجوا منه ، وحرموا ثم أستحلوا، وعرفوا ثم أنكروا ، وأنما دين أحدكم على لسانه ، ولئن سألته هل يؤمن بيوم الحساب ؟ قال : نعم ، كذب ومالك يوم الدين ، إن من أخلاق المؤمنين قوة في دين ، وحزماً في لين ، وإيماناً في يقين ، وحرصاً فيعلم ، وشفقة في مقة
(1)، وحلماً في حكم ، وقصداً في غنى، وتجملاً في فاقة ، وتحرجاً عن طمع ، وكسباً من حلال ، وبراً في استقامة، ونشاطاً في هدى ، ونهياَ عن شهوة .
إن المؤمن عواذ بالله ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يضيع ما استودع ، ولا يحسد، ولا يطعن ، ويعترف بالحق وإن لم يشهد عليه ، ولا ينابز بالألقاب ، في الصلاة متخشع ، وإلى الزكاة مسارع ، وفي الزلات وقور، وقي الرخاء شكور، قانع بالذي عنده ، لا يدعي ما ليس له ، لا يجمع في قنط
(2)، ولا يغلبه الشح عن معروف يريده ، يخالط الناس ليعلم ، و يناطق ليفهم ، وإن ظلُم أو بُغي عليه صبر حتى يكون الرحمن الذي ينتصر له .
وقال الحسن : وعظني بهذا الحديث جندب بن عبد الله ، وقال جندب : وعظني بهذا الحديث رسول الله صلى الله عليه واله ، وقال : حق على كل مسلم تعلمه وحفظه ).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام لمولاه نوف الشامي ، و وهو معه في السطح :(يا نوف ، أرامق أنت أم نبهان ؟ قال : قال نبهان أرمقك يا أمير المؤمنين ، قال : هل تدري من شيعتي ؟ قال : لا والله ، قال : شيعتي الذبل الشفاه ، والخمص البطون ، الذين تعرف الرهبانية والربانية في وجوههم ، رهبان بالليل اُسد بالنهار، الذين إذا أجنهم الليل اتّزروا على أوساطهم ، وارتدوا على أطرافهم ، وصفوا أقدامهم ، وافترشوا جباههم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم ، وأما النهار فحلماء ، وعلماء ، كرام ، نجباء ، أبرار، أتقياء.
يا نوف ، شيعتي الذين اتخذوا الأرض بساطاَ ، والماء طيباً ، والقرآن شعاراً، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفقدوا ، شيعتي الذين في قبورهم يتزاورون ، وفي أموالهم يتواسون ، وفي الله يتباذلون .
--------------------------------
(1) المِقة: الحب والمودة (القاموس المحيط _ ومق _ 3 :290).
(2) القنَط : اليأس (الصحاح _ قنط _ 3: 1155).
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 138 _
يا نوف ، درهم ودرهم ، وثوب وثوب ، وإلاّ فلا ، شيعتي من لم يهر هريرالكلاب ، ولم يطمع طمع الغراب ، ولم يسأل الناس ولو مات جوعاً، إن رأى مؤمناً أكرمه ، وإن رأى فاسقاً هجره هؤلاء _ والله يا نوف _ شيعتي ، شرورهم مأمونه ، وقلوبم محزونة ، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، اختلفت بهم الأبدان ولم تختلف قلوبهم .
قال : قلت : يا أمير المؤمنين _ جعلني الله فداك _ أين أطلب هؤلاء ؟ قال : فقال لي : (في أطراف الأرض .
يا نوف ، يجيء النبي صلى الله عليه واله يوم القيامة آخذاً بحجزة ربه جلّت اسماؤه _ يعني بحبل الدين وحجزة الدين _ وأنا اخذ بحجزته ، وأهل بيتي اخذون بحجزتي ، وشيعتنا اخذون بحجزتنا ، فإلى أين ؟ إلى الجنة ورب الكعبة _ قالها ثلاثا _ )
(1)
عن نوف البكالي ، قال : عرضت لي إلى أمير المؤمنين عليه السلام حاجة ، فا ستسعيت إليه جندب بن زهير والربيع بن خيثم وابن أخيه همام بن عبادة، وكان من أصحاب البرانس ، فأقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين ، فألفيناه حين خرج إلى المسجد، فأفضى ونحن معه إلى نفر قد أفاضوا في الأحدوثات تفكهاً ، فلما أشرف لهم أسرعوا إليه قياماً ، فسلموا فرد التحية ثم قال : (من القوم ؟) .
قالوا : اُناس من شيعتك ، يا أمير المؤمنين .
فقال لهم خيرا ، ثم قال : (يا هؤلاء، مالي لا أرى فيكم سمة الشيعة وحليتهم ؟ ) فأمسك القوم حياء، قال نوف : فأقبل عليه جندب والربيع فقالا : ما سمة شيعتكم ، يا أمير المؤمنين ؟ فتثاقل عن جوابهما وقال : (اتقيا الله _ أيها الرجلان _ وأحسنا ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) فقال همام بن عبادة _ وكان عابداً متزهداً مجتهداً _ : أسألك بالذي أكرمكم _ أهل البيت _ وخصكم وحباكم وفضلكم تفضيلاً لما انبأتنا بصفة شيعتكم ؟ فقال : (لا تقسم فسأنبئكم جميعاً ) وأخذ بيد همام فدخل المسجد فصلى ركعتين أوجزهما وأكملهما، ثم جلس وأقبل علينا، وحف القوم به ، فحمد الله وأثنى
--------------------------------
(1) رواه الكراجكي مسنداً في كنز الفوائد:30.
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 139 _
عليه ، وصلى على النبي صلى الله عليه واله ، ثم قال :
(أما بعد : فإن الله _ جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه _ خلق خلقه فألزمهم عبادته ، وكلّفهم طاعته ، وقسم بينهم معايشهم ، ووضعهم في الدنيا بحيث وضعهم ، وهو في ذلك غني عنهم ، لا تنفعه طاعة من أطاعه ، ولا تضرِّه معصية من عصاه منهم ،لكنه علم تعالى قصورهم عمّا تصلح عليه شؤونهم ، وتستقيم به دهماؤهم في عاجلهم وآجلهم ، فارتبطهم بإذنه في أمره ونهيه ، فأمرهم تخييراً ، وكلّفهم يسيراً ، وأثابهم كثيراً ، وأماز بينهم سبحانه بعدل حكمه وحكمته ، بين الموجف
(1) من أنامه إلى مرضاته ومحبته ، وبين المبطئ عنها والمستظهر منهم على نعمته بمعصيته ، فذلك قول الله عز وجل :(ام حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون)
(2).
ثم وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه يده على منكب همام بن عبادة فقال :(ألا من سأل عن شيعة أهل البيت ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم في كتابه مع نبيه تطهيراً، فهم العارفون بالله، العاملون بأمر الله ، أهل الفضائل و الفواضل ،منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع ، بخعوا
(3) لله تعالى بطاعته ،وخضعوا له بعبادته ، فمضوا غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عليهم ، واقفين أسماعهم على،العلم بدينهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضى منهم لله بالقضاء ، فلولا الآجال التي كتب الله لهم ، لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ،شوقاَ إلى لقاء الثواب ، وخوفاً من العقاب ، عظم الخالق في أنفسهم ، وصغر ما دونه عينهم ، فهم والجنة كمن قد رآها، فهم على أرائكها متكئون ، وهم والنار كمن قد دخلها، فهم فيها معذّبون ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة ، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة ، وومعونتهم في الإسلام عظيمة، صبروا أياماً قليلة فأعقبتهم راحة طويلة ، وتجارة مربحة يسّرها لهم رب كريم .
اُناس أكياس ، أرادتهم الدنيا فلم يُريدوها ، ووطلبتهم فأعجزوها ، أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القران يرتلونه ترتيلاً ، يعظون أنفسهم بأمثاله ، يستشفون
--------------------------------
(1) الموجف : المسرع (لسان الرب _ وجف _ 9 : 352).
(2) الجاثية45 : 21 .
(3) بخع لله : اقرّ به وخضع له . (الصحاح _ بخع _ 3 : 1183).
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 140 _
لدائهم بدوائه تارة ، وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يمجّدون جباراً عظيماً، ويجأرون إليه _ جلّ جلاله _ فيفكاك رقابهم .
هذا ليلهم ، وأمّا النهار فحلماء علماء، بررة أتقياء، براهم
(1) خوف بارئهم ،فهم أمثال القداح
(2)، يحسبهم الناظر إليهم مرضى وما بالقوم من مرض ، أوقد خولطوا وقد خالط القوم من عظمة ربهم وشدة سلطانه أمر عظيم ، طاشت له قلوبهم ، وذهلت منه عقولهم ، فإذا استقاموا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزاكية ، لا يرضون لهب القليل، ولا يستكثرون له الجزيل ، فهم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إن بهي أحدهم خاف مما يقولون ، وقال : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربي أعلم بي ،اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، فاجعلني خيراً مما يظنون ، واغفر لي مالا يعلمون ، فإنك علام الغيوب وساتر العيوب .
هذا، ومن علامة أحدهم أن ترى له قوة في دين ، وحزماً في لين ، وإيمانا في يقين ، وحرصاً على علم ، وفهماً في فقه ، وعلماً في حكم ، وكيساً في رفق ، وقصداً فيغنى ، وتجملاً في فاقة ، وصبراً في شدة ، وخشوعاً في عبادة، ورحمة للمجهود ، وإعطاءَ في حق ، ورفقاً في كسب ، وطلباً في حلال ، وتعفّفاَ في طمع ، وطمعاً في غير طبع _ أي دنس _ ونشاطاً في هدى ، واعتصاماَ في شهوة، وبراً في استقامة، لا يغرّه من جهله ، ولا يدع أحصاء ما عمله ، يستبطئ نفسه في العمل ، وهو من صالح عمله على وجل ، يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمّه الفكر، يبيت حذراً من سنة الغفلة ، ويصبح فرحاً لما أصابه من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما يكره ، لم يعطها سؤلها فيما إليه تشره
(3) ، ورغبته فيما يبقى ، وزهادته فيما يفنى، قد قرن العلم بالعمل ،والعمل بالحلم ، يظل دائماً نشاطه ، بعيداَ كسله ، قريباً أمله ، قليلاً زلَله ، متوقعاً أجله ،خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعةً نفسه ، غارباً جهله ، محرزاً دينه ، ميتاَ داؤه كاظماً غيظه ،صافياً خلقه ، امناً منه جاره ، سهلا امره ، معدوماً كبره ، ثبتاً صبره ، كثيراً ذكره ،
--------------------------------
(1) برى السهم : نحته . (القاموس المحيط _ بري _ 4 : 303).
(2) القداح : واحدها قِدح وهو السهم ، كناية عن ضعف أجسامهم ونحولها (القاموس المحيط _ قدح _ 241:1).
(3) الشراهة : غلبة الحرص (القاموس المحيط _ شره _ 4 : 286) .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 141 _
لا يعمل شيئاً من الخير رياء ، ولا يتركه حياءً ، الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان بين الغافلين كّتب من الذاكرين ، وإن كان بين الذاكرين لم يكتب من الغافلين .
يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ة ويصل من قطعه ، قريباً معروفه ، صادق قوله ، حسن فعله ، مقبل خيره ، مدبر شره ، غائب مكره ، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور ، لا يحيف على ما يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد ما عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينابز بالألقاب ، لا يبغي على أحد، ولا يغلبه الحسد، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصاب ، مؤد للأمانات ، عامل بالطاعات ، سريع إلى الخيرات ،بطيء عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويجتنبه ، لا يدخل فى الأمور بجهل ، ولا يخرج من الحق بعجز ، إن صمت لم يعبه الصمت ، وإن نطق لم يعبه اللفظ ، وإن ضحك لم يعلُ به صوته ، قانع بالذي قدر له ، لا يجمح به الغيظ ، ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح .
يخالط الناس ليعلم ويفارقهم ليسلم ، يتكلم ليغنم ، ويسأل ليفهم ، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، أراح الناس من نفسه ، وأتعبها لآخرته ، إن بُغي عليه صبر ليكون الله هو المنتصر له ، يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله ، فهو قدوة لمن خلفمن طالب البر بعده .
اُولئك عمال الله ، ومطايا أمره وطاعته وسرج أرضه وبريته ، اُولئك شيعتنا وأحبتنا ، ألا، ها شوقاً إليهم ) .
فصاح همام بن عبادة صيحة ووقع مغشياً عليه ، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه . واستعبر الربيع باكياً وقال : لأسرع ما أودت موعظتك _ يا أمير المؤمنين _ بابن أني ، ولوددت اني بمكانه .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : (هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها ، أما _ والله _ لقد كنت أخافها عليه) .
فقال له قائل : فما بالك أنت يا أمير المؤمنين ؟ فقال :(ويحك ، ان لكل واحد أجلاً لن يعدوه ، وسبباَ لن يتجاوزه ، فمهلاَ لا تعدلها ، فإنما نفثها على لسانك الشيطان ).
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 145 _
قال : فصلى عليه أمير المؤمنين عشية ذلك اليوم وشهد جنازته ، ونحن معه .
قال الراوي عن نوف : فصرت إلى الربيع بن خيثم فذكرت له ما حدثني نوف ، فبكى الربيع حتى كادت نفسه أن تغيظ ، وقال : صدق أخي ، لا جرم ان موعظة أمير المؤمنين وكلامه ذلك مني بمرأىً ومسمع ، وما ذكرت ما كان من همام بن عبادة _ يومئذ _ وأنا في بُلَهْنية
(1) إلا كدرها، ولا شدة إلا فرّجها
(2).
وروى الفضيل بن يسار
(3)عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (إن شيعة علي عليه السلام كانوا المنظور إليهم ، وأصحاب الودائع في الودائع ، مرضيين عند الناس ، شهب الليل مصابيح النهار).
وقال عليه السلام : (الناس ثلاثة أصناف : صنف تزينوا بنا ، وصنف أكلوا بنا ، وصنف اهتدوا بهدانا واقتدوا بأمرنا ، وهم أقل الأصناف ، اُولئك الحكماء السعداء النجباء الفقهاء العلماء الحلماء).
وقال أبو جعفر عليه السلام للفضيل بن يسار: (يا فضيل ، تأتي الجبل تنحت منه ، والمؤمن لا يستقل منه شيء) .
قال عليه السلام لأبي المقدام ؟ (إنما شيعة على الشاحبون الناحلون الذابلون ، ذابلة شفاههم ، مصفرة وجوههم ، متغيرة ألوانهم، خميصة بطونهم ، إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشاً ، وترابها بساطاً ، وماءها طيباً ، والقران شعاراً ، والدعاء دثاراً ، كثير سجودهم ، غزيرة دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم محزونون ،
(4) .
--------------------------------
(1) بلهنية من العيش : سعة ورفاهية (القاموس المحيط _ بلهن _ 4: 203).
(2) كنز الفوائد : 30 _ 34 .
(3) في الأصل : الفضيل بن بشار، وهو تصحيف ، صوابه ما أثبتناه في المتن، وهو الفضيل بنيسار النهدي ، عده الشيخ من أصحاب الباقر عليه السلام تارة، ومن أصحاب ألصادق عليه السلام تارة اُخرى، وعده الشيخ المفيد في الرسالة العددية من الفقهاء و الاعلام المأخوذ منهم ألحلال والحرام وألفتا في الأحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق لذم واحد منهم ، مات في حياة أبي عبد الله عليه السلام .
اُنظر (رجاك الشيخ : 132 رقم 1 و271 رقم 15، رجال النجاشي : 215، مجمع الرجال 5: 36 ، معجم رجال الحديث 13 : 335).
(4) الخصال : 444 | 40 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 143 _
وقال جابر بن يزيد الجعفي : دخلت على مولاي أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال : (يا جابر ، ليس من انتحل التشيع وحبنا أهل البيت بلسانه كان من شيعتنا ، فلا تذهبن بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه ، إن شيعتنا لا يطمعون طمع الغراب ، ولا يهرون هرير الكلاب ، وإن شيعتنا أهل التواضع والتخشع ، والتعبد والورع والاجتهاد ، وتعهد الأخوان، ومواصلة الجيران والفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والغارمين ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام ، وتلاوة القران ، وكثرة الذكر لله تعالى ، وكف الألسن إلاّ من خير) .
فقال جابر : يا مولاي ، ما أعرف أحداً اليوم بهذه الصفات .
فقال : (يا جابر، حَسِبَ الرجل ان يقول اُحب علياً وأتولاه ، ولا يكون مع ذلك عاملاً بقوله! فلو قال : اُحب رسول الله _ فرسول الله خير من علي _ ولم يتبع سيرته ، ولم يعمل بسنته ، ما أغنى عنه ذلك من الله شيئاً ، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، فإن أحب العباد إلى الله أعملهم بطاعته وأتقاهم له ، وإنه ليس بين الله وبين أحد قرابة،وما معنا براءة من النار، ولا لنا على الله من حجة ، من كان طائعاً لله فهو لنا ولي ولو كان عبداً حبشياً، ومن كان عاصيا لله فهو لنا عدو وإن كان حراً قرشياً ،
والله ما تنال شفاعتنا الا بالتقوى والورع والعمل الصالح ، والجد و الإجتهاد ،فلا تغتروا بالعمل ويسقط عنكم
(1)، فاذن أنتم أعز على الله منا ، فاتقوا الله وكونوا لنازيناً ولا تكونوا لنا شيناً، قولوا للناس حسناً، حببونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم ، قولوا فينا كل خير، وادفعوا عنا كل قبيح، وجروا إلينا كل مودة، فما قيل فينا من خير فنحن أهله ،وما قيل فينا من شر فلسنا كذلك ، لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله ، وولادة طاهرة طيبة، فهكذا قولوا ، ولا تعدوا بنا أقدارنا، فإنما نحن عبيد الله مربوبون ،لا نملك إلاّ ما ملكنا ، ولا نأخذ إلاّ ما أعطانا، لا نستطيع لأنفسنا نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، لا والله لا أعلم _ أنا، ولا أحد من آبائي _ الغيب ، ولا يعلم الغيب إلاّ الله ، كما قال سبحانه : (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
(2) ).
--------------------------------
(1) كذا في الأصل ، والظاهر أن المراد: فلا تغتروا بأن العمل يسقط عنكم .
(2) لقمان 31 : 34 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 144 _
وقال عليه السلام لمحمد بن مسلم : (يا محمد ، لا تذهبن بكم المذاهب ، فو الله ما شيعتنا منكم إلا من أطاع الله )
(1).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: (الإيمان في عشر خصال : المعرفة، والطاعة ، والعلم ، والعمل ، والورع ، والاجتهاد ، والصبر ، والصدق ، والرضا ، والتسليم ، فمتى فقد صاحبها واحدة منها انفك نظامه )
(2).
وقال عليه واله السلام : (خمس لا يجتمعن إلاّ في مؤمن حقاً يوجب الله له بهن الجنة: الفقه في الإسلام ، والورع في الدين ، والنور في القلب، وحسن السمت في الوجه ،والمودة في الناس )
(3).
وقال صلى الله عليه وآله : (إن في الفردوس لعيناً ماؤها أحلى من الشهد ، وألين من الزبد، وأبرد من الثلج ، وأطيب من المسك ، فيها طينة طيبة خلقنا الله منها ، وخلق شيعتنا من فضلتها ، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا ، وهي الميثاق الذي أخذ الله _ تعالى ذكره _ عليه ولاية علي وأهل بيته عليهم السلام )
(4) .
وقال صلى الله عليه وآله : (لا يكمل المؤمن الإيمان حتى يكون فيه خمس خصال : التوكل على الله ، والتفويض إلى الله ، والتسليم لأمر الله ، والصبر على بلاء الله ، والرضا بقضاء الله ، إنه من أحب في الله ، وأبغض في الله، وأعطى في الله ، ومنع في إلله ، فقد استكمل الأيمان ) .
وقال صلى الله عليه واله : (أيها الناس ، إن العبد لا يكتب في المسلمين حتى يسلم الناس من يده ولسانه ، ولا ينال درجة ألمؤمنين حتى يسلم أخوه من بوائقه وجاره من بوادره ، ولا يعدّ في المتقين حتى [لا]
(5) يقول ما لا بأس به حذار ما به البأس .
أيها الناس ، إنه من خاف البيات أدلج ، ومن أجدّ في السير وصل ، وإنما تعرفون عواقب أعمالكم لو قد طويت صحائف اجالكم ).
وروى نوف البكالي قال : سمعت مولاي أمير المؤمنين عليه السلام ، يقول :
--------------------------------
(1) تنبيه الخواطر 2 :185 .
(2) كنز الفوائد : 185 .
(3) كنز الفوائد : 184 .
(4) أمالي الطوسي 2 : 269 .
(5) أثبتناه لضرورة السياق .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 145 _
(خلقنا من طينة ، وخلق شيعتنا من فضل طينتنا ، فإذا [كان يوم القيامة]
(1) الحقوا بنا).
فقلت : يا أمير المؤمنين ، صف لي شيعتك ، فبكى عليه السلام ، ثم قال :
(شيعتي _ والله _ الحلماء الحكماء، العلماء بالله وبدينه ، العاملون بأمره ، المهتدون بطاعته ، أحلاس عبادة ، وانضاء زهادة ، صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء ، خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء، مصابيح كل ظلمة ، وربحان كلقبيله ، تعرف الزهادة من سيماهم ، والرهبانية في وجوههم ، لا يسبون من المسلمين خلقاً ، ولا يقتفون منهم اثرا ، شرورهم مأمونة ، وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، وقلوكم محزونة ، فهم الأكايس
(2) الألباء ، الخلصاء النجباء، الرّواعون فراراً بدينهم ، الذين إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا، اولئك شيعتي الأطيبون ، وإخواني الأكرمون ، ألا ، ها شوقاً إلى رؤيتهم )
(3).
وروى عبد الله بن عباس ، قال لي الحسين بن علي عليهما السلام : (يا بن عباس ، لا تتكلمن بما لا يعنيك فإنني أخاف عليك الوزر، ولا تتكلمن بما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فربّ متكلم قد تكلم بحق فعيب ، ولا تمارين حليماً ولا سفيهاً ، فإن الحليم يقليك ، والسفيه يرديك ، ولا تقولن خلف أحد إذا توارى عنك ، إلاّ مثل ما تحبأن يقول عنك إذا تواريت عنه ، واعمل عمل عبد يعلم أنه مأخوذ بالإجرام مجزي بالأحسان ، والسلام)
(4) .
وقال علي بن الحسين : (إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره ، وإن كانعندك اعتذاره، فما كل من تسمعه نكراَ ، يمكنك أن توسعه عذراً) .
وروي أن بعض الأنصار حضرته الوفاة، فأوصى ولداً له فقال : يا بني ، احفظ وصيتي ، فإنك إن لم تحفظها مني ، كنت خليقاً أن لا تحفظها من غيري .
يا بني ، اتق الله ، وإن استطعت أن تكون اليوم خيراً منك أمس ، وغداً خيراً منك اليوم ، وإن عثر عاثر من الناس فاحمد الله أن لا تكونه ، وإياك والطمع فإنه فقر
--------------------------------
(1) أثبتناه من تنبيه الخواطر.
(2) الأكياس، من الكيس : وهو العقل والفطنة (القاموس المحيط _ كيس _ 2 : 247).
(3) تنبيه الخواطر 2 :70، باختلاف يسير.
(4) كنز الفوائد : 194 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 146 _
حاضر ، وعليك باليأس فإنك إن تأيس من شيء إلاّ أغناك الله عنه ، وإياك وما يعتذر منه ، فإنه لا يعتذر من كل خير ، وإذا صليت فصلّ صلاة مودع ، وأنت ترى ان كلا تبقى لصلاة بعدها أبداً) .
ومن كتاب الكراجكي : روي عن النبي صلى الله عليه واله ، أنه قال :(كونوا في الدنيا أضيافاَ ، واتخذوا المساجد بيوتاً ، وعوّدوا قلوبكم الرقة، وأكثروا من التفكر والبكاء من خشية الله ، ولا تختلفن بكم الأهواء، تبنون مالا تسكنون ، وتجمعون مالا تأكلون ، وتأملون ما لا تدركون)
(1).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (نزل جبريل إليَّ في أحسن صورة فقال : يا محمد ، ربك يقرؤك السلام ، ويقول : إني أوحيت إلى الدنيا: أن تسهلي وبطئي وتيسّريل أعدائي حتى يبغضوا لقائي ، وتشدّدي وتعسّري وتضيقي على أوليائي ليحبّوا لقائي ، فإني جعلت الدنيا سجناً لأوليائي ، وجنة لأعدائي) .
وروي عنه صلّى الله عليه واله ، أنه قال : (إذا أحب الله تعالى عبداً نصب فيقلبه نائحة من الخوف ، وإذا أبغض عبداً جعل في قلبه مزماراً من الضحك ، فإن الله تعالى يحب كل باك حزين ، ما يدخل النار من بكى من خشية الله ، حتى يرجع اللبن الضرع ، ولن يجتمع في منخري مؤمن دخان جهنم وغبار في سبيل الله ).
وروي أن رجلاً قال لأمير المؤمنين عليه السلام : عظني . فقال له : (لا تكن ممن يرجو الأخرة بغير عمل ، ويؤخر التوبة بطول أمل ، يقول في الدنيا بقول الزاهدين ،ويعمل عمل الراغبين ، إن اُعطي لم يشبع ، وإن مُنع لم يقنع ، يعجز عن شكر ما اُوتي ،ويبتغي الزيادة فيما بقي ، ينهى ولا ينتهي ، يأمر بما لا يأتي ، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم ، يبغض المذنبين وهو أحدهم ، يكره الموت لكثرة ذنوبه ويقيم على [ما]
(2) يكره الموتله ، إن سقم ظل نادماً، وإن صحّ أمن لاهياً، يعجب بنفسه إذا عوفي ، ويقنط إذا ابتلي ،إن أصابه بلاء دعا مضطراً، وإن ناله رخاء أعرض مغتراً ، تغلبه نفسه على ما يظن ، ولا يغلبها على ما يستيقن ، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله .
إن استغنى بطر ، وإن افتقر قنط ووهن ، يقصر إذا عمل ، ويبالغ إذا سأل ، إن
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 160 .
(2) أثبتناه من نهج البلاغة .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 147 _
عرضت له شهوة أسلف المعصية وسوّف التوبة، وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملّة ، يصف العبرة ولا يعتبر ، ويبالغ في الموعظة ولا يتّعظ ، فهو بالقول مدلّ ، ومن العمل مقل ، ينافس فيما يفنى ، ويسامح فيما يبقى، يرى الغنم مغرماً والغُرم مغنماً ، يخشى الموتولا يبادر الفوت ، يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه ، ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره ، فهو على الناس طاعن ، ولنفسه مداهن ، اللهو مع الأغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء، يحكم على غيره لنفسه ، ولا يحكم عليها لغيره ، يرشد غيره ويغوي نفسه ، فهو يطاع ويعصي ، ويستوفي ولا يوفي ، يخشى الخلق في غير ربه، ولا يخشى ربه في
(1)خلقه)
(2).
وقال عليه السلام : (ذمتي بما أقول رهينة ، وأنا به زعيم ، إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات ، حجزه التقوى عن تقحم الشبهات)
(3).
وقال عليه السلام : (كان لي أخ في الله ، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا فيعينه ، وكان خارجاً عن سلطان بطنه ، لا يشتهي مالا يجد ، ولا يكثر إذا وجد، وكان أكثر دهره صامتاَ ، فإن قال بذ
(4) القائلين ، ونقع غليل السائلين، وكان ضعيفاً مستضعفاً ، فإذا جاء الجد فليثٌ عاد، وصلُّ واد ، لا يدلي بحجة حتى يأتي قاضياً ، وكان لا يشكو وجعاً إلا عند برئه ، وكان لا يلوم أحداً على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره ، وكان يقول ما يفعل ولا يقول ما لا يفعل ، وكان على أن يسكت أحرص منه على أن يتكلم ، وكان إن غلب على الكلام لم يُغلب على السكوت ، وكان إذا بدهه أمران نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه ، فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها ، فإن لم تستطيعوها فاعلموا إن أخذ القليل خير من ترك الكثير)
(5) .
(ولو لم يأمر الله بطاعته لكان يجب أن لا يعصى شكراً لنعمته)
(6).
--------------------------------
(1) في الأصل زيادة: غير.
(2) نهج البلاغة 3 : 189 | 150، باختلاف يسير، ووفيه: قال الرضي : لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى [به] موعظة ناجعة، وحكمة بالغة، وبصيرة لمبصر، وعبرة لناظر مفكر.
(3) نهج البلاغة 1 : 42 | 15 .
(4) بذّ : غلب وفاق (الصحاح _ بذذ _ 2: 561).
(5) نهج البلاغة 3 : 223 | 289 .
(6) نهج البلاغة 3 : 224 | 290، وفيه : لو لم يتوعد الله على معصيته لكان يجب أن لا يعصى شكراً لنعمه .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 148 _
ومن كتاب كنز الفوائد: عن أبي سعيد الحذاء قال : كان النبي صلى الله عليه وآله يوصينا ويقول لنا: (سيأتيكم قوم يسألونكم الحديث عني ، فإذا جاؤوكم فاستوصوا بهم خيرا)
(1).
وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : (من قضى لأخيه المؤمن حاجة ، كان كمن خدم الله عمره).
وعن سلمان الفارسي _ رحمة الله عليه _ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :(لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من الله لفلان ابن فلان ، أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية) .
وقال عليه السلام : (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه ).
وعنه عليه السلام قال : (سباب المؤمن فسوق ، وقتاله كفر)
(2).
و قال عليه السلام : (مما أدرك الناس من كلام الحكمة: إذا لم تستحي فاعمل ما شئت ).
وقال أبو تمام في ذلك :
إذا لـم تـخش عاقبة iiالليالي ولـم تستحي فاصنع ما iiتشاء يعيش المرء ما استحيى بخير ويـبقى العود ما بقي iiاللحاء فـلا والله ما في العيش بخير ولا الـدنيا اذا ذهـب iiالحياء |
ومما حفظته من كتاب كنز الفوائد: عن أبي عبيدة الحذاء، عن اَبي جعفر محمد ابن علي عليه السلام قال : (قال رسول الله صلى الله عليه واله : قال الله تعالى : لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي ، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي ، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي ، فيما يطلبون من كرامتي ، والنعم في جناني، ورفيع الدرجات العلى في جواري ، ولكن برحمتي فليثقوا ، وفضلي فليرجوا ، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا ، فإن رحمتي عند ذلك تسعهم
(3)، وبمنّي اُبلغه مرضواني ومغفرتي ، و اُلبسهم عفوي ، فإنّي أنا الله الرحمن الرحيم بذلك تسميت)
(4).
--------------------------------
(1) لم نجده في كنز الفوائد.
(2) كنز الفوائد : 97 .
(3) في المصدر: تدركهم .
(4) كنز الفوائد: 100 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 149 _
وعن عطاء بن يسار
(1) قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : (يوقف العبد يوم القيامة بين يدي الله فيقول : قيسوا بين نعمتي عليه وعمله ، فتستغرق النعم العمل ،فيقول : قد وهبت له نعمي عليه ، قيسوا بين الخير و الشر، فإن استوى العملان ، أذهب الله تعالى الشر بالخير، وأدخله الجنة، وإن كان له فضل أعطاه الله بفضله ، وإن كان عليه فضل _ وهو من أهل التقوى ، لم يشرك بالله تعالى ، واتقى الشرك _ فهو من أهل المغفرة يغفر الله له برحمته ، ويدخله الجنة إن شاء
(2) بعفوه )
(3).
ومن الكتاب: عن سعد بن خلف، عن أبي الحسن
(4) عليه السلام قال :(عليك بالجد ، ولا تخرجنّ نفسك من حد التقصير في عبادة الله وطاعته ، فإن الله تعالى لا يعبد حق عبادته )
(5).
ومن الكتاب : قال عليه السلام وآله : (استحيوا من الله حق الحياء، قيل له :يا رسول الله ، إنا نستحي ، فقال : ليس كذلك ، من استحيى من الله حق الحياء،فليحفظ الرأس و ما حوى ، والبطن وما وعى ، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الاخرة ، ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء)
(6).
وقال عليه السلام : (حب الدنيا رأس كل خطيئة)
(7).
وقال عليه السلام : (إنكم لا تنالون ما تحبّون إلا بالصبر على ما تكرهون ، ولا تبلغون ما تأملون إلا بترك ما تشتهون )
(8).
وقال عليه وآله السلام : (إنكم في زمان من ترك عُشر ما اُمر به هلك ،
--------------------------------
(1) في الأصل : (بشار) وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ، وهو : عطاء بن يسار_ بالياء المثناة _ الهلالي ، أبو محمد المدني القاص مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله ، كان صاحب مواعظ ، روى عن معاذ بن جبل وأبي ذر وغيرهم ، توفي سنة 94 هـ. انظر(تهذيب التهذيب 7 : 217، تقريب التهذيب 2 : 23 | 204) .
(2) في المصدر زيادة : وبتفضل عليه .
(3) كنز الفوائد : 150 .
(4) في الأصل : عن أبي عبد الله عليه السلام ، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب .
(5) كنز الفوائد : 101 .
(6) كنز الفوائد : 98 .
(7 ، 8) كنز الفوائد : 98 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 150 _
وسيأتي على الناس زمان من عمل به بعشر ما اُمر به نجا)
(1).
ومن كتاب قال : دخل ضرار بن ضميرة الليثي
(2) على معاوية بن أبي سفيان _حسبه الله _يوماً فقال يا ضرار، صف علياً، فقال : أو تعفني من ذلك ؟ فقال : لا أعفيك.
فقال: كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فضلاً، ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته .
كان _ والله _ غزير العبرة
(3)، طويل الفكرة، (يحاسب نفسه)
(4)، ويقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، ويناجي ربه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب كان _ والله _ فينا كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه، وكنا معدنوه منا قربنا منه، لا نكلمه لهيبته ، ولا نرفع أعيننا إليه لعظمته ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤِ المنظوم ، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله .
وأشهد بالله ، لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدو له ، وغارت نجومه ، وهو قائم في محرابه ، قابض على لحيته ، يتململ ، تململ السليم
(5)، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني: الآن اسمعه هو يقول : (يا دنيا ، يا دنيا ، إليَّ تعرضت ، أم إليّ تشوّقت
(6): هيهات ، هيهات ، غري غيري، لا حاجة لي فيك ، قد بتتك
(7) ثلاثاً لارجعة فيها ، فعمرك
--------------------------------
(1) كنز الفوائد : 97 .
(2) في ألمصدر: الكافي ، وقد ورد لألفاظ عديدة ، منها في نهج البلاغة 3 : 166 | 77 بلفظ : الضبائي ، وفي الشرح الحديدي 18: 224: الضابي ، وفي الاستيعاب 42:3 الصدائي
(3) في المصدر: الدمعة.
(4) ليس في المصدر.
(5) السليم: اللديغ ، كأنهم تفاء لواله بالسلامة ( الصحاح _ سلم _1952:5).
(6) كذا في الاصل ، والمناسب للسياق: ( تشوقت)، وتشوفت الجارية: تزينت. (الصحاح _ شوف _ 4: 1383).
(7) البت: القطع.. ومنه طلقها ثلاثاً بته (الصحاح _بتت _1: 242).
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 151 _
قصير ، وخطرك يسير ، وأملك حقير، آه آه، من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق، وعظم المورد) ثم بكى حتى ظننت أن نفسه قد خرجت.
فوكفت دموع معاوية على لحيته [وجعل]
(1) ينشفها بكمّه، واختنق القوم بالبكاء ، ثم قال : كان _ والله _ أبو الحسن كذلك، فكيف صبرك عنه يا ضرار ؟ قال : صبرت من ذبح واحدها على صدرها ، فهى لا ترقأ عبرتها ، ولا تسكن حرارتها،ثم قام فخرج وهو باك .
فقال معاوية : أما إنكم لو فقدتموني ، لما كان فيكم من يثني عليّ مثل هذا الثناء.
فقال له بعض من كان حاضراً: الصاحب على قدر صاحبه
(2).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (ثلاث درجات، وثلاث كفارات، وثلاث موبقات ، وثلاث منجيات ، فالدرجات : إفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة والناس نيام ، والمهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وأعجاب المرء بنفسه. والمنجيات : خوف الله في السر و العلانية ، والقصد، في الغنى والفقر، وكلمة العدل في الأرض و السخط ، والكفارات : إسباغ الوضوء في السبرات
(3) ، والمشي بالليل والنهار إلى الصلوات ، والمحافظة على الجماعات ) .
وعن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : (من صدق لسانه زكا عمله ، ومن حسنت نيته زاد الله في رزقه ، ومن حسن بره بأهله زاد الله في عمره)
(4).
وقال عليه السلام : (ثلاث من كن فيه زوجه الله تعالى من الحور العين كيف شاء : كظم الغيض ، والصبر على السيوف في الله ، ورجل أشرف على مال حرام فتركه لله )
(5).
وقال النبي صلى الله عليه واله : (ثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة
--------------------------------
(1) أثبتناه من كنز الفوائد.
(2) كنز الفوائد: 270.
(3) ألسبرات : جمع سبرة ، وهي الغداة الباردة (الصحاح _ سبر_ 2 : 675) .
(4) الخصال : 87 | 21.
(5) ألخصال : 85 | 14 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 152 _
الأنذال ، والحديث مع النساء، ومجالسة الأغنياء)
(1) .
وقال عليه السلام : (ثلاث فيهن المقت من اللهّ تعالى: نوم من غير سهر ، وضحك من غير عجب ، وأكل على الشبع)
(2).
وقال عليه السلام : (إن في الجنة درجة لا يبلغها إلا ثلاثة : إمام عادل ، وذو رحم وصول ، وذو عيال صبور)
(3) .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (ما زالت نعمة عن قوم ولا غضارة عيش إلاّ بذنوب اجترحوها ، فإن الله ليس بظلام للعبيد ، ولو ان الناس حين تزول عنهم النعم وتنزل بهم النقم، فزعوا إلى الله بولهٍ من أنفسهم ، وصدق من نياتهم ، وخالص من سريراتهم ، لرد عليهم كل شارد، ولأصلح لهم كل فاسد).
وقال رسول الله صلى الله عليه واله : (أحسنوا مجاورة النعم بشكرها والقيام بحقوقها ، ولا تنفروها ، فانها قل ما نفرت عن قوم فعادت إليهم )
(4).
ويقول الله تعالى في بعض كتبه : (إني أنا الله لا إله الا أنا ذو بكة
(5)، مفقر الزناة، وتارك تاركي الصلاة عراة)
(6).
وقال عليه السلام : (من قال : قبح الله الدنيا، قالت الدنيا : قبح الله أعصانا لربه ، من عفّ عن محارم الله كان عابداً ، ومن رضي بقسم الله كان غنياً ، ومن أحسن مجاورة من جاوره كان مسلماً، ومن صاحب الناس بالذي يحب أن يصاحبوه به كان عدلاً)
(7) .
وقال عليه وآله السلام : من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب ، ومن ارتقب
--------------------------------
(1) الخصال : 87 | 20
(2) الخصال : 89 |25 .
(3) الخصال : 93 | 39.
(4) كنز الفوائد : 271 .
(5) بكة: اسم من أسماء مكة المكرمة (الصحاح _ بكك _4: 1576).
(6) كنز الفوائد : 271.
(7) كنز الفوائد : 271 .
أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين
_ 153 _
الموت سارع في الخيرات)
(1).
وقال عليه وآله السلام : (اجتهدوا في العمل، فإن قصر بكم ضعف فكفوا عن المعاصي)
(2).
--------------------------------
(1) كنز الفوائد : 271 .
(2) كنز الفوائد : 271 .