السامع) الملقب بـ (المحبوبي) جملة من مطاعن معاوية وفضائحه وينقل فيه أيضاًعن كتاب (السقيفة) رواية أبي صالح السليل أحمد بن عيسى ، وفي بعض مواضعه عن صاحب كتاب (السقيفه) أبو صالح السليل.
   وذكره الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب قائلاً: (وله كتاب غررالأخبار ودرر الآثار. . . قيل : إنّ حديث الكساء المشهور الذي يعد من متفردات منتخب الطريحي موجود في غرر هذا الشيخ )(1) .
   وعنونه السيد محسن الأمين في جملة مؤلفات الديلمي قائلاً : (غرر الأخبارودرر الآثار في مناقب الأطهار، وحديث الكساء المشهور المذكور في منتخب الطريحي مذكور فيه ، وقيل : إنّه يظهر منه أنّه ألّفه في أواسط المائة الثامنة)(2) .
   والكتاب لا يزال مخطوطاً، توجد نسخة منه في مكتبة جامعة طهران .
   اُنظر ( رياض العلماء 1 : 339، بحارالأنوار 1 : 16 ، 33، الذريعة 16 : 36 | 156 ، الحقائق الراهنة : 38، روضات الجنات 2 :
  292 ، أعيان الشيعة 5 : 251 ، الكنى والألقاب 2 : 213، هدية الأحباب : 137 ، هدية العارفين 5 : 287).
  4 ـ أعلام الدين في صفات المؤمنين : وهو الكتاب الذي بين يديك ويعتبر من الكتب المهمة للديلمي ، نقل فيه تمام كتاب ( البرهان على ثبوت الايمان )لأبي الصلاح الحلبي ، ويحتوي الكتاب على مواعظ أخلاقيّة ونوادر أدبيّة، اعتمده جمعمن أصحاب الموسوعات الروائية كالعلاّمة المجلسي في كتابه الجليل (بحار الأنوار)، و خاتمة المحدّثين الشيخ النوري في (مستدرك الوسائل ) حيث نقل عنه بتوسط كتاب (بحار الأنوار) لعدم توفر نسخة الكتاب لديه .
   قال الشيخ النوري : (وأمّا ما نقلنا عنه بتوسّط كتاب (بحار الأنوار) فهو . . . . . كتاب أعلام الدين في صفات المؤمنين للشيخ العارف أبي محمد الحسن

--------------------------------
(1) الكنى والألقاب 2 : 213 .
(2) أعيان الشيعة5 : 252.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 27 _

  ابن محمد الديلمي)(1).
   وعنونه الشيخ اقا بزرك الطهراني في الذريعة، وقال : (والأعلام هذا منمآخذ بحارالأنوار ، كما ذكره العلاّمة المجلسي ، وينقل عنه فيه ، وكذا ينقل عنهالأمير محمد أشرف في فضائل السادات المطبوع)(2).
   وذكره إسماعيل باشا في إيضاح المكنون قائلاَ: (أعلام الدين في صفاتالمؤمنين للحسن بن محمد الواعظ الشيعي )(3).
   اُنظر ) رياض العلماء 1 : 339، بحار الأنوار 1 : 16 ، 33، أعيان الشيعة5 : 251 ، روضات ، الجنات 2 : 292 ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة2 : 238 | 949 ، الحقائق الراهنة : 38، هدية العارفين 5: 287، إيضاح المكنون3 : 102 ، الكنى والألقاب 2 : 213، مستدرك الوسائل 3 : 291 ).

منهح التأليف :
  تُشكّل صفة الوعظ والإرشاد والنصيحة ميزة أساسية لمنهجية الديلمي فيصياغة مصنّفاته ، وتتجلّى بوضوح من خلال نظرة سريعة في كتابيه :
  ( إرشادألقلوب ) و (أعلام الدين)، حتى أنّها تُمثّل في قاموس ما يعتقده سبباً لتأليف كتبه ، وعلّة لتحرير مصنّفاته ، كما صرّح _ رضوان اللّه عليه _ في مقدمة كتابه (أعلام الدين) قائلاً في سبب تأليفه : (ليكون لي تذكرة وعدة، ولمن يقف عليه بعدي تبصرة وعبرة).
   ولتسليط الضوء على هذا الجانب المهم من ثقافة المؤلف (رضوان الله عليه) نرى لزاماً علينا أن نتحدث عن كتابه ( أعلام الدين في صفات ألمؤمنين )وما استنتجناه في مسيرة تحقيقه من ملاحظات وحقائق ، قد تمثل بمجموعهاخطوطآَ عريضة وثابتة لمنهج المؤلف ، لا في كتابه المذكور فحسب ، بل يتعداه إلى

--------------------------------
(1) مستدرك الوسائل 3 : 291.
(2) الذريعة 2 : 239.
(3) 1ايضاح المكنون 3 : 152 .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 28 _

  بقية مصنفاته .
   يقولَ الديلمي في مقدمة كتابه (أعلام الدين): (فأوّل ما أبدأ به ذكرالمعارف بالله تعالى وبرسوله صلّى اللّه عليه وآله وحججه من بعده ، وما يجوز عليه وعليهم وما لا يجوز ، ثمّ أثنّي بذكر فضل العالم والعلوم ، وما يتبع ذلك من العلوم الدينيّة والآداب الدنيائية، ولمْ ألتزم ذكر سندها لشهرتها عند العلماء في كتبه المصنفةّ المرويّة عن مشايخنا _ رحمهم الله تعالى_ وأحلت في ذلك على كتبهم وأسانيدهم ، إلاٌ ما شذٌ عنٌي من ذلك فلمْ أذكر إلا فصّ القول .
   وسمّيت هذا ا الكتاب كتاب (أعلام الدين في صفات المؤمنين وكنز علوم العارفين) فحقّ على من وقف عليه ، واستفاد به ، أن يدعو لمصنّفه ، ويترحّم عليه ،ويدع الهوى والميل في إعابة شيء منه ، فإنّه يشتمل على ترك الدنيا والرغبة في الآخرة، حسب ما يأتي ذكره وتفصيله ).
   ومن هذا ألنصّ نستنتج اُموراً عِدّة، من أهمّها أنّ المؤلّف لم يلتزم بذكرأسانيد الروايات والأحاديث التي نقلها في كتابه مكتفياً بالإحالة إلى مصادرالروايات ، ومن هذا المنطلق نستعرض عدّة نقاط ترتبط ارتباطاً وثيقآَ بما ذكره المؤلّف ، من خلال دراسة استقرائية لفصول الكتاب ، وهي :
   1 ـ إنّ المؤلّف دمج بين بعض خطب الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، حتّى ظهر النصّ وكأنّه خطبة واحدة، وبعد الرجوع إلى (نهج البلاغة)تمكنّا من تقطيع النص مع الإشارة إلى ذلك في هامش الكتاب ، راجع ص 63و65 .
   2 _ نقل المؤلّف بعض الأحاديث تتصدّرها عبارة (وبهذا الإسناد) وهيعين العبارة الموجودة في مصدر الرواية، ك _( ثواب الأعمال) مثلاً إلاّ أنّ نقبل الحديث من مصدره بضميمة هذه العبارة من دون ألإشارة يورث وهماً سندياً، وهوأن مرجع العبارة هو الحديث السابق في نفس كتاب أعلام الدين كما لا يخفى ،فاضطررنا للإشارة للسند ألمقصود في هامش الكتاب ، راجع ص 110 و 114 .
   3 _ نقل المؤلف مقاطع مطوّلة من الأحاديث والأقوال والنوادر والأشعار

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 29 _

  من كتب معيّنة بصورة متسلسلة ، كماحصل في ص 189 لي _ مايليها حيث نقل عن مجموعة ورأم وأمالي الطوسي والكافي ، حتى أنّه نقل فصولاً كاملة عن كتاب كنز الفوائد للكراجكي كما في ص 157 إلى ص 186 .
   4 _ أورد المصنف كتاب (البرهان على ثبوت الإيمان) لأبي الصلاح الحلبي بتمامه ، ولم نعثر على أيّ نسخة للكتاب إلاّ ما نقله الديلمي في أعلام الدين ، ممّا يعطي كتابنا هذا أهمّية خاصة لا تخفى على ذي بصيرة .
   كما أورد المصنّف أيضاً (الأربعون الودعانية) بكاملها ، وهي أربعون حديثاً رواها ابن ودعان الموصلي ، راجع ص 331.
   5 _ ذكر المصنف كلاماً بمقدار عِدة صفحات ، بعد قوله : (يقول العبدالفقير. . . جامع هذا الكناب) وبعد التتبّع وجدنا مجمل هذه النصوص بعينها تارة ، وباختلاف يسير تارة أخرى ، في كتاب (تنبيه الخواطر) للشيخ ورّام المتوفى سنة 605 ه_، راجع ص 240 _ 344 ، وص 253 وقد أشرنا في هامش الصفحات المذكورة إلى هذا الأمر فتأمل !
  6 _ نقل المؤلّف نصوصاً روائية كثيرة عن كتاب ( ثواب الاعمال )وكتاب ( المؤمن )، إلاّ أن الغريب في المقام أنّ المؤلف لفّق بين حديثين أو ثلاثةأو أكثر، حتى ظهرت بصورة حديث واحد براوِ واحد، ممّا أدى إلى أختلاطا لأسانيد والروايات ، وقد أشرنا للاختلاف ، ولَتخريج كلّ حديث في هامش الكتاب ، راجع ص 356 وما بعدها و ص 432 وما بعدها .
منهجية التحقيق :
  اعتمدنا في تحقيق الكتاب على النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا (عليه السلام) في مشهد المقدسة برقم 381، وهي النسخة الوحيدة التي استطعنا العثور عليها، مع العلم أنّ هناك نسخة اُخرى منه في مكتبة آية اللّه ألحكيم العامة في النجف الأشرف ، كما في فهرسها المطبوع ج 1 ص 64، لم يتيسر لنا الحصول عليها لأنّها سجينة الإرهاب الطائفي والكبت الفكري في أرض المقدسات .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 30 _

وصف النسخة :
  تقع النسخة في 146 ورقة، بطول 24 وعرض 17 سم ، مختلفة عددالأسطر، تبدو عليها آثار القدم ، ويغلب على الظنّ أنها كتبت في حياة المؤلّف ، كما يظهر من الورقة الأولى حيث ورد ما لفظه : ( كتاب أعلام الدين في صفات المؤمنين وكنز علوم العارفين تصنيف الشيخ الأوحد العالم العامل العارف الزاهدالعابد الورع الفقيه أمين الدين تاج الاسلام أبي محمد الحسن بن أبي الحسن بنمحمد الديلمي رفع اللّه في الدارين قدره وأطال في التأييد عمره ، وختم بالصالحات أمره ، وحشره مع مواليه المصطفين الأخيار محمد وآله الأخيار الأبرار) ولا يخفى أنّ عبارة (وأطال في التأييد عمره تدلّ على أنّ النسخة كتبت في حياة المؤلّف ).
  وجاء فيها _ أيضاً_ أنّها وقف الشيخ بهاء الدين عليه الرحمة.
  وفي نفس الورقة وردت عدة تملّكات بالعربية والفارسية عَدتْ عليها يد المجلّد: منها تملّك (. . . هلال الكركي عامله . . . الخفيّ بمحمد وعلي وا. . .الأطَهار في شهر. . . القعدة الحرام من سنة . . . وستين وتسعمائة) وتحتها ختم المالك .
  ووردت عِدّة أختام لمْ تتّضح لنا قراءتها في النسخة المصورة التي بأيدينا .
  وفي الورقة الأخيرة من الكتاب ورد تأريخ الفراغ منه ولم يتّضح لنا الخط كاملاً في المصورة، لكنْ ذكر مفهرس المكتبة:
  (نصره (كذا) من أوله إلى اخره أضعف عباد اللّه وأحوجهم محمد بنعبد الحسين (أو عبدالحبيب) ابن موحد (أو أبو منصور) المؤذن بالحرم الشريف الغروي ( تلفت عند التجليد) وذلك من سنة 3 ك _ وسبعمائه).
  قال مفهرس النسخة: والظاهر أنّ قصده من هذا التاريخ 723 ويحتمل763(1).

--------------------------------
(1) فهرس مكتبة الامام الرضا (عليه السلام) : الجزء الخامس ص 381/26.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 31 _

   وقد ورد في الورقة الأخيرة أيضاً أبيات كل من الشعر ،هي:
يقولون لي أصدقاءُ iiالصفا      لم  لا تشفى من iiالحاسدين
فقلت ذروني على غصّتي      وأملي  لهم إن كيدي متين
  وفيها أيضاً : (لمحرره :
إليكم معشر الأصحاب نُصحي      ألا لا تـنظروا نـظر iiالتلهى
إلـى الخود الحسان iiالناعمات      فـقد أنـذرتكم نـاراً تـلظّى
  حرّره ناظمه أقل الخليقة _ بل لا شيء في الحقيقة_ أبوالحسن بن محمدالرضوي في يوم الفطر من شهور سنة 1028 ه _ في المشهد المقدّس الرضوي ).
  واشتركت عدّة لجان في تحقيق الكتاب موزّعة حسب الاختصاصات وهي :
  1 _ لجنة المقابلة : ومهمّتها مقابلة النسخة الخطيّة بعد الاستنساخ ، وكذلك مقابلة الكتاب بعد طبعه ، وتألفت من : الاخوة الاماجد الحاج عز الدين عبد الملك وعبدالرضا كاظم كريدي .
  2 _ لجنة تخريج الأحاديث : وقد عنيت بتخريج الأحاديث والروايات ، والمتون المنقوله من المصادر الأصلية .
  3 _ لجنة تقويم النص ، وضبط عباراته ، وتعيين المصحف من الصحيح حيث لم تسلم النسخة المذكورة من التصحيف والتحريف ، فاعتمدنا تصحيح عبارة المتن بالاستفادة من مصادر الرواية و الحديث ، وفي حالة نقل المؤلف . بحوث كلامية وعقائدية لا مصدر لها ك_( كتاب البرهان على ثبوت الايمان) لأبي الصلاح الحلبي ، فضّلنا إبقاء المتن كما ورد في مصورة المخطوطة، مع الاشارة لما نستظهره من صواب العبارة في الهامش ، وقد قام بهذه المهمة الاُستاذ المحقّق الفاضل أسد مولوي .
  4 _ لجنة ضبط الاختلافات الرجاليّة : ومهمّتها تصحيح وضبط ما ورد منأعلام في الكتاب بقرينة ما ورد في المعاجم الرجاليّة، والاشارة إلى ذلك في الهامش ، وقد قام بهذه المهمّة حجّة الإسلام الشيخ أحمد الأهري والأخ الفاضل

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 32 _

  كاظم الجواهري .
  5 _ الملاحظة النهائية: ومهمّتها ملاحظة الكتاب ملاحظة نهائية لجوانبهكافّة _ متناً وهامشاً_ لعلّ فيه ما زاغ عن البصر، لاصلاحه ، وكانت على كاهل الأخ المحقّق الفاضل حامد الخفاف مسؤول لجنة تحقيق مصادر ( بحارالأنوار ).
  مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
  صفر الخير 1408 هـ

  انموذج من بداية كتاب (البرهان على ثبوت الايمان) لأبي الصلاح الحلبي، الوارد ضمن الكتاب.

  انموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في مكتبة الامام الرضا (عليه السلام).

  انموذج صفحة عنوان كتاب (اعلام الدين) من النسخة المحفوظة في مكتبة الامام الرضا (عليه السلام).

  انموذج الصفحة الاولى من النسخة المحفوظة في مكتبة الامام الرضا (عليه السلام) .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 33 _

بسم الله الرحمن الرحيم

  أحمد الله ذي القدرة والجلال ، والرفعة والكال ، الذي عٌم عباده بالفضلوالاحسان ، وميّزهم بالعقول والأذهان ، وشرّفهم بالعلوم ومكّن لهم الدليل والبرهان ،وهداهم إلى معرفة الحق والصواب ، بما نزّل من الوحي والكتاب ، الذي جاء به أفضل أوولي العزم الكرام ، مولانا وسيدنا محمد بن عبداللّه خاتم النبيين وأشرف العالمين ( صلّى اللهّ عليه وعلى الأطايب من عترته ) ، ذوي الفضائل والمناقب ، حجج اللّه على كافةالمسلمين ، الهادين المهديين ، الذين يهدون بالحق وبه يعدلون .
  يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه (الحسن بن أبي الحسن الديلمي)أعانه الله على طاعته ، وتغمّده برأفته ورحمته : انني حيث بليت بدارالغربة ، وفقدت الأنيس الصالح في الوحشة، وحملتني معرفة الناس على الوحدة، خفت على ما عساه حفظته من الاداب الدينية والعلوم العلوية _ وهو قليل من كثير ، ويسير من كبير _ أن يشذ عن خاطري ، ويزول عن ناظري _ لعدم المذاكر_ اثبت ما سنح لي إيراده ،وسهل علي اسناده ، ليكون لي تذكرة وعدة، ولمن يقف عليه بعدي تبصرة وعبرة وفق اللّه المراعاة له والعمل به ، وجعله خالصآَ لوجهه الكريم ، وموجباً لثوابه الجزيل العظيم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
  فأول ما أبدأ به ذكر المعارف باللّه تعالى وبرسوله ( صلى اللّه عليه وآله وحججه من بعده )، وما يجوز عليه وعليهم وما لا يجوز .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 34 _

ثم اثني بذكر فضل العالم والعلوم ، وما يتبع ذلك من العلوم الدينية والآداب الدنيائية ، ولم ألتزم ذكر سندها ، لشهرتها عند العلماء في كتبها ألمصنفة المروية عن مشايخنا _ رحمهم الله تعالى _ وأحلْتُ في ذلك على كتبهم وأسانيدهم ، إلاّ ما شذ عنيمن ذلك فلم أذكر إلآ فص (1) القول .
  وسميت هذا الكتاب كتاب (أعلام الدين في صفات المؤمنين وكنز علوم العارفين) فحق على ، من وقف عليه ، واستفاد به ، أن يدعو لمصنفه ، ويترحّم عليه ،ويدع الهوى والميل في إعابة شيء منه ، فإنه يشتمل على ترك الدنيا والرغبة في الآخرة ، حسب ما يأتي ذكره وتفصيله .

--------------------------------
(1) فص الأمر: حقيقته ، يقال : أنا آتيك بالأمر من فصه ، يعني من مخرجه الذي قد خرج منه(لسان العرب _ فصص _7: 66).

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 35 _

فصل
(في الدليل على حدث الإنسان وإثبات محدثه)

  أقرب ما يستدل به الإنسان على حدثه وإثبات محدثه ، ما يراه من حاله وتغيره الواقع بغير اختياره وقصده ، كالزيادة والنقص المعترضين في جسمه وحسه ، و[ما](1)يتعاقب عليه من صحته وسقمه ، وينتقل إليه من شيبته وهرمه ، وأنه لايدفع في همن ذلك طارئاً موجودا ولا يعيد ماضيها مفقوداً ، لو نقصت منه جارحة لم يقدر على التعويض منها ، ولا يستطيع الاستغناء في الادراك بغيرها عنها ، لا يعلم غيب أمره ، ولا يتحقق مبلغ عمره ، وقُدَر(2) متناهية ، وبنية ضعيفة واهية .
  فيعلم بذلك أن له مصوراً صوّره ، ومدبرا دبّره لأن التصوير والتدبير فعلان لم يحدثهما الانسان لنفسه ، ولا كانا بقدرته ، والفعل فلابد له من فاعل ، كما أن الكتابة لاغنى بها عن كاتب .
  ثم يعلم ان مصوّره صانعه ومحدثه ، وأن مدبره خالقه وموجده ، لأنه لايصح وجوده إلاّ مصوراً مدبراً .
  ثم يعلم أيضاً ان محدثه قادر ، إذ كان لا يصح الفعل من عاجز .
  ويعلم أنه حكيم عالم ، لأن الأفعال المحكمة لا تقع إلاّ من عالم .
  ثم يعلم أنه واحد ، إذ لوكان اثنين لجاز اختلاف مراديهما فيه ، بأن يريد أحدهماأن يميته ، ويريد الاخر أن يحييه ، فيؤدي ذلك إلى وجود المحال ، وكونه ميتاً حيا فيحال ، أو إلى انتفاء الحالين وتمانع المرادين ، فيبطل ذلك أيضاً ويستحيل ، وهذا يبيّنأن صانعه واحد ليس باثنين .
  ويعلم أنه لا يجوز على محدثه النقص والتغيير ، وما هو جائز على المحدثين ، لإنفي جواز ذلك عليه مشابهة للمصنوعين ، وهو يقتضي وجود صانع له أحدثه وصوّره ودبّره ،إمّا محدث مثله أو قديم ،وفي استحالة تَنقّل ذلك إلى ما لا يتناهى ، دلالة على أنصانعه قديم .

--------------------------------
(1) أثبتناه لضرورة السياق.
(2) قدٌر : جمع قدرة .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 36 _

  ويعلم بمشابهة حال غيره لحاله ، أن حكمه كحكمة ، وأنه لابد من الإقرار بوجود صانع للجميع ، لبطلان التثنية حسب ما شهد به الدليل .
  فصل : وقد ورد في الحديث (1): ان أبا شاكرالديصاني وقف ذات يوم في مجلس الإمام الصادق ( أبي عبداللّه جعفر بن محمد صلى الله عليه )
  فقال له : أبا عبداللّه ،انك لأحد النجوم الزواهر، وكان آباؤك بدورا بواهر، وامهاتك عقيلات طواهر(2)،وعنصرك من أكرم العناصر، وإذا ذكر العلماء فبك (3) تثنى الخناصر، خبٌرنا أيها البحر الزاخر، ما الدليل على حدث (4) العالم ؟ فقال أبو عبد اللّه صلى اللّه عليه واله : (إنّ من أقرب الدليل على ذلك ما أذكرهلك ، ثم دعا ببيضة فوضعها في راحته وقال : هذا حصن ملموم ،داخله غرقىء(5) رقيق ، يطيف به كالفضة السائلة، والذهبة المائعة، أشك في ذلك ) ؟
  قال أبو شاكر : لاشك فيه .
  قال الإمام (عليه السلام) : (ثم إنّه ينفلق عن صورة كالطأووس ، أدخله شيء غيرماعرفت ؟
  قال : لا .
  قال : (فهذا الدليل على حدث العالم ).
  قال أبوشاكر: دللت _ أبا عبد اللّه _ فأوضحت ، وقلت فأحسنت ، وذكرت فأوجزت ، وقد علمت أنا لانقبل إلاّ ما أدركت أبصارنا ، أو سمعناه بآذاننا ، أو ذقناه بأفواهنا ، أو شممناه باُنوفنا، أو لمسناه ببشرنا .
  فقال الصادق (عليه السلام) : ذكرت الحواس (6) وهي لاتنفع في الاستنباط إلاّ بدليل ، كما لاتقطع الظلمة بغير مصباح ).
  قال شيخنا المفيد أبوعبداللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي رضي اللّه عنه :

--------------------------------
(1) رواه الصدوق في الأمالي 288 | 5 والتوحيد 292 ، والمفيد في الإرشاد : 281 .
(2) في الإرشاد: عباهر، والعباهر: جمع عبهرة، وهي الجامعة للحسن (القاموس المحيط _ عبهر _ 2 : 84) .
(3) في الارشاد: فعليك.
(4) في الارشاد: حدوث .
(5) الغرقىء : قشر البيض الذي تحت القشر الصلب (الصحاح _ غرقاً_ 1 : 62).
(6) في الإرشاد زيادة : الخمس .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 37 _

  إن الصادق (عليه السلام) أراد الحواس الخمس بغير عقل لا توصل إلى معرفة الغائبات ،وان الذي أراه من حدوث الصورة معقول ، بني ألعلم به على محسوس (1)، واعلم _ آيدك اللّه _ أن الاجسام إذا لم تخل من ألصورة _ التي قد ثبت حدثها _فهي محدثة مثلها .
  دليل آخرعلى حدث العالم: الذي يدلنا على ذلك ، أنّا نرى أجسامنا لا تخلو من الحوادث المتعاقبة عليها، ولا يتصورفي العقل أنها كانت خالية منها ، وهذا يوضح أنها ، محدثه مثلها ، لشهادة العقل بأن مالم يوجد عارياً من المحدث فإنه يجب أن يكون مثله محدثاً .
  وهذه الحوادث هي : الاجتماع والافتراق ، والحركة والسكون ، والألوان و الروائح والطعوم ، ونحو ذلك من صفات الأجسام .
والذي يدل على أنها أشياء غير الجسم ، مانراه من تعاقبها عليه ، وهو موجود معكل واحد منها .
  وهذا يبين أيضاً حدثها، لأن الضدين المتعاقبين لايجوز أن يكونا مجتمعين فيألجسم ، ولا يتصور اجتماعهما في العقل ، وإنما وجد أحدهما وعدم الآخر، فالذي طرأووجد هو المحدث ، لأنه كائن بعد أن لم يكن ، والذي انعدم أيضاً محدث ، لأنه لو كان غير محدث لم يجزأن ينعدم ، ولأن مثله أيضاً نراه قد تجدد وحدث .
  والذي يشهد بأن الأجسام لم تخل من هذه الحوادث بَدائه العقول و أوائل العلوم ، إذ كان لا يتصور فيها وجود الجسم مع عدم هذه الاُمور، ولو جاز أن يخلو الجسم منها فيما مضى ، لجاز أن يخلو منها الآن فيما يستقبل من الزمان .
  فالذيَ يدل على أن حكم الجسم كحكمها في الحدوث ، أن المحدث هو الذي لوجوده أول ، والقديم هو المتقدم على كل محدث وليس لوجوده أول ، فلو كان الجسم قديما لكان موجوداً قبل الحوادث كلها خالياً منها ، وفيما قدّمناه من استحالة خلوّه منها دلالة على أنه محدث مثلها ، فالحمد للّه .

--------------------------------
(1) ارشاد المفيد: 381.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 38 _

  فصل من السؤال والبيان (1)
  إن سألك سائل عن أول ما فرض عليك؟
  فقل: النظر المؤدي إلى معرفة الله.
  فإن قال :لم زعمت ذلك ؟
  فقل : لأنه _ سبحانه _ أوجب معرفته ، ولا سبيل إلى معرفته إلاّ بالنظر فيالأدلة المؤدية إليها .
  فإن قال : فإذا كانت المعرفة باللّه _ جل وعز_ لاتدرك إلا بالنظر، فقد حصل (2) المقلد غير عارف باللّه .
  فقل : هو كذاك .
  فإن قال : فيجب أن يكون جميع المقلدين في النار.
  فقل : إن العاقل المستطيع إذا أهمل النظر والإعتبار ، واقتصر على تقليد الناس ،فقد خالف اللّه تعالى وانصرف عن (3) أمره ومراده ، ولم يكفه تقليده في أداء فرضه ،واستحق العقاب على مخالفته وتفريطه .
  غير انّا نرجو العفو عمّن قلد المحق والتفضل عليه ، ولا نرجوه لمن قلد المبطل ولا نعتقده فيه .
  وكلّ مكلف يلزمه من النظر بحسب طاقته ونهاية إدراكه وفطنته ، وأما المقصّر الضعيف الذي ليس له استنباط صحيح ، فإنه يجزيه التمسك _ في الجملة_ بظاهر ما عليه المسلمون .
  فإن قال : كيف يكون التقليد قبيحاً من العقلاء المميزين ، وقد قلد الناس رسول الله صلّى اللّه عليه وآله فيما أخبر به عن رب العالمين ، ورضي بذلك عنهم ، ولميكلفهم ما تدعون ؟

--------------------------------
(1) أورد الكراجكي في كنزالفوائد : 98 _ 101 ، هذا الفصل إلى بداية كتاب (البرهان على ثبوت الإيمان) الآتي .
(2) حصل : ِصار .
(3) في الأصل : على ، ما أثبتناه من الكنز.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 39 _

  فقل: معاذ اللّه أن نقول ذلك أونذهب إليه ، ورسول اللّه( صلّى اللّه عليه وآله وسلم ) لميرض من الناس التقليد دون الاعتبار، وما دعاهم إلا إلى اللّه بالاستدلال ، ونبههم عليه بآيات ألقرآن من قوله سبحانه : (أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ )(1).
  وقوله : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ )(2) .
  وقوله :(وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ )(3) .
  وقوله : (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (4).
  ونحن نعلم أنه مما أراد بذلك إلا نظر الاعتبار.
  فلو كان (عليه السلام) إنما دعا الناس إلى التقليد، ولم يرد (منهم الاستدلال)(5)،لم يكن معنى لنزول هذه الآيات .
  ولو كان أراد أن يصدقوه ويقبلوا قوله تقليداً بغير تأمل واعتبار ، لم يحتج إلى أن يكون على يده ما ظهر من الايات والمعجزات .
  فأما قبول قوله صلى اللّه عليه وآله بعد قيام الدلالة على صدقه ، فهو تسليم و ليس بتقليد .
  وكذلك قبولنا لما أتت به أئمتنا عليهم السلام ، ورجوعنا إلى فتأويهم في [شريعة ](6) الاسلام .
  فإن قال قائل : فأبن لنا ما التقليد في الحقيقة، وما التسليم ؟ ليقع الفرق .
  فقل : التقليد: قبول [قول ] من لم يثبت صدقه ، ومأخوذ من القلادة .
  والتسليم : هو قبول من ثبت صدقه ، وهذا لايكون إلا ببينة وحجة، والحمد للّه .

--------------------------------
(1) الاعراف 7 : 185
(2) آل عمران 3 : 190
(3) الذاريات 51: 20 ، 21
(4) الغاشية 88 : 17 .
(5) في الأصل: الإستدلال عنهم، وما أثبتناه من كنز الفوائد.
(6) أثبتناه من الكنز.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 40 _

     فصل
(من كلام جعفربن محمد (عليه السلام))

  قال : ( وجدت علم الناس في أربع : أحدها : أن تعرف ربك ، والثاني : أن تعرف ما صنع بك ، والثالث : أن تعرف ما يخرجك عن دينك ، والرابع : أن تعرف ما أراد منك).
  قال شيخنا المفيد رحمه اللّه : هذه أقسام تحيط بالمفروض من المعارف ، لأنه أولما يجب على العبد معرفة ربه جل جلاله ، فإذا علم أن له إلهاً وجب أن يعرف صنعه اليه ، فإذا عرف صنعه عرف نعمته ، فإذا عرف نعمته وجب عليه شكره ، فإذا أراد تأدية شكره وجب عليه معرفة مراده ليطيعه بفعله ، وإذا وجبت عليه طاعته وجب عليه معرفةما يخرجه من دينه ليجتنبه ، فتصح (1) به طاعة ربه وشكر إنعامه (2).
  ولقد أحسن بعض أهل الفضل والعلم ، في قوله في المعرفة باللّه تعالى ، وذم التقليد وبالغ :
إن كان جسما فما ينفك عن iiعرض      أو  جـوهراً فبذي الأقطار iiموجود
أو  كـان مـتصلاً بالشيء فهو iiبه      أو كـان مـنفصلاً فـالكل iiمحدود
لاتـطلبنّ إلـى التكييف من iiسبب      إن  الـسبيل إلـى التكييف مسدود
واستعمل الحبل حبل العقل تحظ به      فـالعقل حـبل إلـى باريك ممدود
والـزم مـن الدين ماقام الدليل iiبه      فــإنّ  أكـثردين الـناس تـقليد
وكـلـما وافـق الـتقليد iiمـختلق      زور وإن كـثرت فـيه iiالأسـانيد
وكـلما  نـقل الاحـاد مـن iiخبر      مـخـالف لـكتاب الـلّه مـردود

--------------------------------
(1) في الكنز: فتخلص
(2) إرشاد المفيد: 282

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 41 _

     فصل
آخر في السؤال والبيان

  إن سألك سائل فقال : ما أول نعمة الله تعالى عليك ؟
  فقل : خلقه إياي حيا لينفعني .
  فأن قال : ولم زعمت أن خلقه إياكُ حياً أول النعم ؟
  فقل : لأنه خلقني لينفعني ، ولا طريق إلى نيل النفع إلا بالحياة التي يصح معهاالإدراك .
  فإن قال : ما النعمة؟
  فقل : هي المنفعة إذا كان فاعلها قاصداً لها .
  فإن قال : فما المنفعة؟
  قل : هي اللذة الحسنة، أو ما يؤدي إليها .
  فإن قال : لم اشترطت أن تكون اللذة حسنة به (1)؟
  فقل : لأن من اللذات ما يكون قاتلاً ، فلا يكون حسنا .
  فإن قال : لم قلت : أو ما يؤدي إليها؟
  فقل : لأن كثيراً من المنافع لا يتوصل إليها إلاّ بالمشاق ، كشرب الدواء الكريه ، والفصد ، ونحو ذلك من الاُمور المؤدية إلى السلامة واللذات ، فتكون ، هذه المشاق منافع لما تؤدي إليه في عاقبة الحال .
  ولذلك قلنا: إن التكليف نعمة حسنة، لأن به ينال مستحق النعيم الدائم واللذات .
  فإن قال : فما كمال نعم اللّه تعالى؟
  فقل : إن نعمه تتجدد علينا في كل حال ، ولا يستطاع لها الإحصاء.
  فإن قال : فما تقولون في شكر المنعم ؟
  فقل : هو واجب .
  فإن قال : فمن أين عرفت وجوبه ؟

--------------------------------
(1) ليست في المصدر، والظاهر أنها زائدة.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 42 _

   فقل : من العقل وشهادته ، وأوضخ (1) حجته ودلالته ، ووجوب شكر المنعم على نعمته ، مما تتفق العقول عليه ولا تختلف فيه .
  فإن قال : فما الشكر اللازم على النعمة؟
  فقل : هو الاعتراف بها ، مع تعظيم منعمها .
  فإن قال : فهل أحد من الخلق يكافىء نعم اللّه تعالى بشكر، أو يوفي حقهابعمل ؟
  فقل :لا يستطيع ذلك أحد من العباد، من قبل أن الشيء إنما يكون كفواً لغيره ،إذا سد مسده ، وناب منابه ، وقابله في قدره ، وماثله في وزنه .
  وقد علمنا أنه ليس من أفعال الخلق ما يسد مسد نعم اللّه عليهم ، لاستحالةالوصف للّه تعالى بالإنتفاع ، أو تعلق الحوائج به إلى المجازاة .
  وفساد مقال من زعم أن الخلق يحيطون علماً بغاية الانعام من اللّه تعالى عليهم والافضال ، فيتمكنون من مقابلتها بالشكرعلى الاستيفاء للواجب والاتمام .
  فنعلم بهذا تقصير العباد عن مكافاة نعم اللّه تعالى عليهم ، ولو بذلوا في الشكروالطاعات غاية المستطاع ، وحصل ثوابهم في الاخرة تفضلاً من اللّه تعالى عليهم وإحساناًإليهم ، وإنما سميناه استحقاقاً في بعض الكلام ، لأنه وعد به على الطاعات ،وهو الموجب له على نفسه بصادق وعده ، وإن لم يتنأول شرط الاستحقاق على الأعمال ، وهذا خلاف ماذهبت إليه المعتزلة، إلاّ أبوالقاسم البلخي فإنه يوافق في هذا المقال ، وقد تناصرت به مع قيام الأدلة العقلية عليه الأخبار.
  روى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم ): (قال الله تعالى : لايتكل العاملون على أعمالهم التي يعطونها لثوابي ، فإنهم لواجتهدوا واتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي ، كانوا مقصرين غير بالغين [ في عبادتهم كنه عبادتي ، فيما يطلبون ](2) من كرامتي ، والنعيم في جناتي ، و(3) رفيع الدرجات العلى فيجواري ، ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي فليرجوا ، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن

--------------------------------
(1) في الكنز: وواضح .
(2) ما بين المعقوفبن أثتناه من الكنز.
(3) في الأصل: من ، وما أثبتناه من الكنز.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 43 _

  رحمتي عند ذلك تدركهم ، وبمنّي ابلغهم رضوان [ ومغفرتي وألبسهم عفوي ](1) ) وبعفو ياُدخلهم جنتي ، فإني أنا اللّه الرحمن الرحيم ، بذلك تسميت ).
  وعن عطا بن يسار ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : (يوقف العبد ، بين يدي اللّه ، فيقول لملائكته : قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله .
  فتستغرق النعم العمل ، فيقول :هبوا له النعم ، وقيسوا بين الخير والشر منه ، فإن استوى العملان أذهب اللّه الشر بالخير وأدخله الجنة، وإن كان له فضل أعطاه اللّه بفضله ، وإن كان عليه فضل _ وهو منأهل التقوى، ولم يشرك باللّه تعالى _ فهو من أهل المغفرة، يغفراللّه له برحمته إن (2)شاء ويتفضل عليه بعفوه ).
  وعن سعد (3) بن خلف ، عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال له : (عليك بالجد والاجتهاد في طاعة اللّه ، ولا تخرج نفسك من حد التقصير في عبادة اللّه وطاعته ، فإن الله تعالى لا يعبد حق عبادته ).

--------------------------------
(1) أثبثناه من الكنز.
(2)في الاصل : لمن وما اثبتناه من الكنز.
(3) في الاصل : سعيد، وما أثبتناه من الكنز ومعاجم الرجال هو الصواب ، فقد عده الشيخ فيرجاله من أصحاب الكاظم (عليه السلام)، وقال :
  واقفي ، أُنظر (رجال الشيخ : 350 رقم 2 ، تنقيح المقال 2:12، معجم رجال الحديث 8 :5025/58).