قال رجل لأحد الزهاد: أوصني ، فقال : اُوصيك بخصلة واحدة ، إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما
(1).
ولقي حكيم حكيماً ، فقال له : عظني وأوجز ، قال : عليك بخصلتين : لا يراك الله حيث نهاك ، ولا يفقدك من حيث أمرك ، قال : زدني ، قال : لا أجد للحالين ثالثة
(2).
وقال حكيم الفرس : ثلاث خصال لا ينبغي للعاقل أن يضيعهن ، بل يجب أن يحث عليهن نفسه وأقاربه ومن أطاعه: عمل يتزود به لمعاده ، وعلم طب يذب به عن جسده ، وصناعة يستعين بها في معاشه
(3).
وقال بعض الحكماء:أربع خصال يمتن القلب: ترادف الذنب على الذنب ، وملاحاة الأحمق ، وكثرة منافثة
(4) النساء، والجلوس مع الموتى .
قيل له : ومن الموتى ؟ فقال : كل عبد مترف فهو ميت ، وكل من لا يعمل فهو ميت
(5).
وقال أبن عباس رحمة الله عليه : خمس خصال تورث خمسة أشياء: ما فشت الفاحشة في قوم قط إلا أخذهم الله بالموت ، وما طفف قوم الميزان إلاّ أخذهم الله بالسنين ، وما نقض قوم العهد إلاّ سلط الله عليهم عدوهم، وما جار قوم في الحكم إلا ّكان القتل بينهم ، وما منع قوم الزكاة إلا سلط الله عليهم عدوهم
(6).
وقال لقمان الحكيم لابنه في وصيته : يا بني ، أحثك على ست خصال ، ليسمنها خصلة إلأّ وهي تقربك إلى رضوان الله عز وجل ، وتباعدك من سخطه :
الأولة: أن تعبد الله لا تشرك به شيئاَ .
--------------------------------
(1) كنز الفوائد : 271 ، ومعدن الجواهر: 23 .
(2) كنز الفوائد : 271 ، ومعدن ألجواهر: 27 .
(3) كنز الفوائد : 271 ، ومعدن الجواهر: 35.
(4) منافثة النساء: ألكلام معهن ومحادثتهن (مجمع البحرين _ نفث _ 2 : 266 ) .
(5) كنز الفوائد : 271 .
(6) كنز الفوائد : 272 ، ومعدن الجواهر: 50.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 155 _
والثانية : الرضا بقدر الله فيما أحببت أو كرهت .
والثالثة : أن تحب في الله ، وتبغض في الله .
والرابعة : تحب للناس ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكرهه
(1) لنفسك .
والخامسة : تكظم الغيظ ، وتحسن إلى من أساء إليك .
والسادسة : ترك الهوى، ومخالفة الردى
(2).
وقال بعضهم : ذو المروة الكاملة من
(3) اجتمع فيه سبع خصال : إذا ذُكّر ذكر ، وإذا اُعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر ، وإذا عُصي غفر، وإذا أحسن استبشر، وإذا أساء استغفر، وإذا وعد أنجز ويسر
(4).
وقال بعض الحكماء: تحصن بثمان من ثمان : بالعدل في المنطق من[ملامة]
(5) الجلساء، وبالرويَّة في القول من الخطاء، وبحسن اللفظ من ألبذاء ، وبالأنصاف من الإعتداء ، وبلين الكف من الجفاء، وبالتودد من ضغائن الأعداء ،و بألمقاربة
(6) من الأستطالة ، وبالتوسط ، في إلاُمور من لطخ العيوب
(7).
وروي أن تسع خصال من الفضل والكمال، وهي داعية إلى المحبهّ ، مع ما فيها من القربة والمثوبة : الجود على المحتاج ، والمعونة لمستعين، وحسن التفقد للجيران ، وطلاقة الوجه للإخوان ، ورعاية الغائب فيمن يخلف، وأداء ألأمانة إلى المؤتمن ، وأعطاء ألحق في المعاملة، وحسن الخلق عند المعاشرة، والعفو عند المقدرة
(8).
وأوصى إفلاطن أحد أصحابه بعشر خصال ، قال : لا تقبل الرئاسة على أهل مدينتك البتة ، ولا تتهاون بالأمر الصغير إذا كان يقبل النماء، ولا تلاح رجلاً غضباناً فإنك تقلقه باللجاج ، ولا تجمع في منزلك نفسين يتنازعان في الغلبة، ولا تفرح بسقطة
--------------------------------
(1) في الكنز : ما تكره.
(2) كنز الفوائد: 272، ومعدن الجوهر: 55.
(3) في الاصل: لمن، وما أثبتناه من المصدر.
(4) كنز الفوائد : 272.
(5) أثبتناه من كنز الفوائد.
(6) في الاصل: وبالمفازة، وما أثبتناه من كنز الفوائد.
(7) كنز الفوائد: 272، ومعدن الجوهر:65
(8) كنز الفوائد : 272.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 156 _
غيرك فإنك لا تدري متى يحدث الزمان بك ، ولا ينفج
(1) في وقت الظفر فإنك لا تدري كيف يدور عليك الزمان ، ولا تهزل بخطأ غيرك فإن المنطق لا تملكه ، والق الخطأ من الناس بنوع من الصواب الذي في جوِهرك ، ولا تبذلن مودتك لصديقك دفعة واحدة ، وصير الحق أبداً أمامك، تسلم دهرك ولا تزال حراً
(2).
--------------------------------
(1) كذا في الأصل ، ولعل الصواب : ولا تنفج ، والنفاج : المتكبر (القاموس المحيط 1 : 211).
(2) كنز الفوائد : 272 ، ومعدن الجواهر: 73 .
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 157 _
تأويل آية
إن سأل سائل عن تأويل قول الله عز وجل :(وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بلسولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)
(1) فقال : كيف وصف الدم بأنه كذب ، والكذب من صفات الأقوال، لا من صفات الأجسام؟ وما معنى قول يعقوب عليه السلام: (فصبر جميل)، وكيف وصفه بذلك؟ ونحن نعلم أن صبر هلا يكون إلاّ جميلاً ؟
الجواب : قيل له : أما (كذب) فمعناه في هذا الموضع مكذوب فيه وعليه ، مثل قولهم : هذا ماء سكب ، وشراب صب ، يريدون
(2) مسكوباً ومصبوباً ، وقولهم : رجل صوم ، وامرأة نوح ، والمعنى : صائم ونائحة .
قال الشاعر:
تظل جيادهم نوحاً عليهم مـقلدة أعـنتها iiصفوفاً |
أراد نائحة عليهم .
ويقولون : مال فلان معقول ، يريدون عقلاً .
وقد قال الفراء وغيره : يجوز في النحو : بدم كذباً _ بالنصب على المصدر _ وتقدير الكلام كذبوا كذباً .
(وأما وصف الصبر بأنه جميل ، لأنه قصد به وجه الله ، وقيل : انه أراد صبراً لا شكوى فيه ولا جزاء معه، وقال أهل العربية: إن ارتفاع الصبر ها هنا ، فشأني صبر جميلاً)
(3) وإنما ذكرنا تفسير هذه الآية لأنه ورد في سياقة الكلام
(4).
--------------------------------
(1) يوسف 12: 18 .
(2) في الأصل: يريدان ، وما أثبتناه من ألمصدر.
(3) ورد في كنز الفوائد بدل مابين القوسين ما لفظه:( وأما وصف الصبر بأنه جميل فلأن الصبر قد يكون جميلاً وغير جميل ، وإنما يكون جميلاً إذا قصد به وجه الله تعالى ، فلما كان في هذا الموضع واقعاً على الوجه المحمود صح وصفه بالجميل، وقد قيل: أنه أراد صبراً لا شكوى فيه ولا جزع معه ، ولو لم يصفه بذلك لظن مصاحبة الشكوى والجزع له ، وقد قال أهل العربية:إن ارتفاع الصبر هاهنا إنما هو لأن المعنى فشأن يصبر جميل والذي اعتقده صبر جميل).
(4) كنز الفوائد : 272 ، 273 .
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 158 _
روي عن بعض الأدباء أنه قال لابنه : يا بني ، اقتن من مكارم الأخلاق خمساً ، وارفض ستاً ، واطلب العز بسبع ، واحرص على ثمان فإن فزت بتسع بلغت المدى ، وان أحرزت عشراً أدركت
(2) الاخرة والدنيا .
فأما الخمس المقتناة : فخفض الجانب ، وبذل المعروف، وإعطاء النصف
(3)من نفسك ، وتجنب الأذى، وتوقي الذم .
وأما الستة المرفوضة: فطاعة الهو ، وارتكاب البغي، وسلوك التطاول ، وقساوة القلب، وفظاظة القول، وكثرة التهاون.
وأما السبعة التي ينال بها العز: فأداء الأمانة، وكتمان السر وتأليف المُجانب ، وحفظ الأخاء، وإقالة العترة ، والسعي في حوائج الناس، والصفح عن الأعتذار.
وأما الثمان التي يحرص عليها: فتعظيم أهل الفضل، وسلوك طرق الكرم ، والمواساة بملك اليد، وحفظ النعم بالشكر، واكتساب الأجر بالصبر، والاغضاء عن زلل الصديق ، واحتمال النوائب، وترك الإمتنان بالاحسان .
واما التسع التي تبلغ بها المدى : فالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، وحرز اللسان من سقوط الكلام، وغض الطرف، وصدق النية، والرحمة لأهل البلاء ، والموالاة على الدين ، والمسامحة في الاُمور، والرضا بالمقسوم .
وأما العشرة الكاملة ، التي تنال بها الدنيا و الاخرة: فالزهد فيما بقي ، و الإستعداد لما يأتي، وكثرة الندم على ما فات ، وإدمان الإستغفار ، واستشعار التقوى ، وخشوع ألقلب ، وكثرة الذكر لله تعالى ، والرضا بأفعال الله سبحانه ، وملازمة الصدق ،والعمل بما ينجي .
--------------------------------
(1) كنز الفوائد : 288، وفيه تمام الفضل.
(2) في المصدر : أحرزت .
(3) في المصدر : النصفة.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 159 _
قال رسول الله صلى الله عليه واله : ( ليس الغنى
(2) كثرة الحرص، وإنما الغنى غنى النفس ).
وقال عليه واله السلام : (ثلاث خصال من صفة أولياء الله تعالى : الثقة بالله في كل شيء ، والغنى به عن كل شيء ، والإفتقار إليه في كل شيء ).
وقال صلى الله عليه وآله : (ألا اُخبركم بأشقى الأشقياء ؟) قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : (من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة) نعوذ بالله من ذلك .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (الفقر يخرس الفطن عن حجته ، والمقلّ غريب في بلدته ، ومن فتح على نفسه باباً من المسألة فتح الله عليه باباً من الفقر).
وقال : (العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى) .
وقال : (من كساه الغنى ثوبه ، خفي عن الناس عيبه ).
وقال: (من أبدى إلى الناس ضره فقد فضح نفسه، وخير الغنى ترك السؤال،وشر الفقر لزوم الخضوع).
وقال : (استغن عن من شئت تكون نظيره ، واحتج إلى من شئت تكون أسيره ، وأفضل على من شئت تكن أميره) [وقال عليه السلام:]
(3) (لا ملك أذهب للفاقة من الرضا بالقنوع).
وروي أن الماء نضب عن
(4) صخرة فوجد عليها مكتوباً : إنما يتبين الغني والفقير بعد العرض على الله عز وجل .
وقال رجل للصادق عليه السلام : عظني ، فقال : (لا تحدث نفسك بفقر، ولا بطول عمر).
وقيل: ما استغنى أحد بالله ، إلا افتقر الناس إليه .
--------------------------------
(1) كنز الفوائد : 288 _289، وفيه تمام الفصل.
(2) في المصدر زيادة في .
(3) أثبتناه من المصدر.
(4) في المصدر: صب على.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 160 _
وقيل : الفقير من طمع والغني من قنع
(1).
وانشد أمير المؤمنين صلوات الله عليه :
ادفـع الـدنيا بما iiاندفعت وأقطع الدنيا بما iiانقطعت يـطلب المرء الغنى iiعبثاً والغنى في النفس لو قنعت |
ومن قطعة أبي ذؤيب :
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا تـردّ إلى قليل iiتقنع |
لمحمود الوراق :
أراك يزيدك الاثراء iiحرصاً عـلى الدنيا كأنك لا iiتموت فهل لك غاية إن صرت يوماً إليها، قلت: حسبي قد غنيت تـظل على الغنى أبداً iiفقيراً تخاف فوات شيء لا iiيفوت |
وله أيضاً:
يـا عـائب الـفقر ألا تزدجر عـيب الـغنى أكبر لو تعتبر مـن شرف الفقر ومن iiفضله على الغنى إن صح منك النظر أنـك تـعصي لـتنال iiالغنى ولـست تعصي الله كي iiتفتقر |
لغيره :
أرى اُنـاسا بـأدنى الدين قد قنعوا ولا أراهم رضوا في العيش بالدون فـاستغن بالله عن دنيا الملوك كما اسـتغنى الملوك بدنياهم عن iiالدين |
وقال آخر:
دلـيلك ان الفقر خير من iiالغنى وأن قليل المال خير من iiالمثري لقاؤك إنساناً عصى الله في iiالغنى ولم تر إنساناً عصى الله في الفقر |
--------------------------------
(1) في الأصل : اقنع، وما أثبتناه من المصدر.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 161 _
روي عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ، أنه قال : (أكثروا الإستغفار فإنه يجلب الرزق ) .
وقال عليه السلام : (من رضي باليسير من الرزق
(2)، رضي الله منه باليسير من العمل).
وروي ان الله _ جل اسمه _ أوحى إلى عيسى بن مريم عليه السلام :(ليحذر الذي يستبطئني في الرزق، أن أغضب فافتح عليه باباً من الدنيا).
وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : (الرزق رزقان : رزق تطلبه ، ورزق يطلبك ، فإن لم تأته أتاك) .
وروي عن أحد الأئمة عليه السلام، أنه قال في الرزق المقسوم بالحركة :(إن من طلبه من غير حلّه فوصل إليه ، حوسب به من حله وبقي عليه وزره ) فالواجب أن لا يطلب إلا من الوجه المباح دون المحظور.
وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه قال : (من حسنت نيته زيد فيرزقه).
واعلم أن الدليل على جواز الزيادة في الأرزاق، هو الدليل على جواز الزيادة في إلأعمار، لأن الله تعالى إذا زاد في عمر عبده، وجب أن يرزقه ما يغتذي به .
ذكروا إن إبراهيم بن هرمة إنقطع إلى جعفر بن سليمان الهاشمي، فكان يجريله رزقاً فقطعه ، فكتب إليه إبن هرمة :
إن الـذي شـق فمي iiضامن لـلـرزق حـتى يـتوفاني حـرمتني شـيئاً قـليلاً فما ان زاد في مالك حرماني (3) |
فرد عليه رزقه وأحسن إليه، فأنشد لبعضهم:
الـتـمس الأرزاق عـند iiالـذي مـا دونـه إن سـيل من iiحاجب مــن يـبغض الـتارك تـسآله جوداً ؟ ومن يرضى عن آل طالب !؟ |
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 290 _292، وفيه تمام الفضل.
(2) في الأصل : بالرزق ، وما اثبتناه من المصدر.
(3) في الأصل: حرمتني شيئاً قليلاً نلته = ما زاد في مالك حرماني، وما أثبتناه من المصدر.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 162 _
ومن [إذا] (1) قال جرى قوله بـغير تـوقيع إلـى iiكـاتب |
ورويَ عن الصادق صلوات الله عليه ، أنه قال :(ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم : رجل جلس عن طلب الرزق، ثم يقول : اللهم ارزقنى، يقول الله تعالى : ألم أجعل لك طريقاً إلى الطلب! ورجل له امرأة سوء يقول : اللهم خلصني منها ، يقول الله تعالى : أليس قد جعلت أمرها بيدك ! ورجل سلم ماله إلى رجل [و]
(2) لم يشهد [عليه]
(3) به ،فجحده إياه ، فهو يدعو
(4) عليه ، يقول الله تعالى : قد أمرتك بالاشهاد فلم تفعل) .
لابن وكيع التنيسي :
لا تحيلن على سعدك في الرزق ونحسك وإذا أغـفلك الـدهر فـذكّره iiبـنفسك لا تعجّل بلزوم البيت رمساً قبل iiرمسك إنما يحمد حسن الرزق في حمده iiحسك |
وروي في بعض الكتب : إن الله عز وجل يقول : (يا بن آدم، حرك يدك أبسط لك في الرزق، وأطعني فيما آمرك فما اعلمني بما يصلحك).
قيل لبعضهم : لو تعرضت لفلان لوصلك ، فقال : ما تلهفت على (أحد بشيء)
(5) من أمر الدنيا ، منذ حفظت هذه الأربع الآيات من كتاب الله عز وجل :قوله : (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا مسمك لها)
(6) [وقوله سبحانه:]
(7) (وان يردك بخيرفلا رادّ لفضله)
(8) وقوله سبحانه : (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)
(9) وقوله جل اسمه : (وفي السماء رزقكم وما توعدون)
(10) .
فروي أن صلة الرجل الذي قيل له : لو تعرضت له ، أتت الى منزله من غير طلب
--------------------------------
(1) أثبتناه من المصدر.
(2) أثبتناه من المصدر.
(3) أثبتناه من المصدر.
(4) في ألاصل : فيدعو ، وما أثبتناه من المصدر.
(5) في المصدر: شيء .
(6) فاطر 35 : 2 .
(7) أثبتناه ليستقيم السياق .
(8) يونس 107:10 .
(9) هود 11 : 6 .
(10) الذاريات 51: 22 .
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 163 _
وانشد لابن أصبغ:
لو كان في صخرة في البحر راسية صـماء مـلمومة مـلس iiنواحيها رزق لـنفس بـراها الله iiلانفلقت عـنه فـأدّت إلـيها كـل ما فيها أو كـان بـين طباق السبع مطلبها لـسهل الله فـي الـمرقى iiمراقيها حتى يلاقي الذي في اللوح خط iiله إن هي أتته [و] (1)ألا سوف iiيأتيها |
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، أنه قال : (ما من مؤمن إلأ وله بابي صعد منه عمله، وباب ينزل منه رزقه ، فإذا مات بكيا عليه ، وذلك قول الله عز وجل :( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين)
(2).
--------------------------------
(1) أثبتناه من المصدر.
(2) الدخان 44: 29.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 164 _
مـا طـاب فرع لا يطيب iiأصله حـمـى مـؤاخاة الـلئيم iiفـعله
وكـل مـن آخـا لـئيماً iiمـثله من يشتكي الدهر يطل في الشكوى والـدهر مـا لـيس عليه عدوى
مـستشعر الحرص عظيم iiالبلوى مـن أمـن الـدهر اُتي من iiمأمنه لا تـستثر ذا لـبد مـن iiمـكمنه
وكـل شـيء يُـبتغى من iiمعدنه لـكـل نـاع ذات يـوم iiنـاعي وانـما الـسعي بـقدر الـساعي
قـد يُـهلك المرعيَّ عنف iiالراعي مـن تـرك القصد تضق iiمذاهبه دل عـلى فـعل امرىء iiمصاحبه
لا تـركب الأمـر وأنـت iiعائبه مـن لـزم الـتقوى استبان iiعدله مـن مـلك الـصبر عـليه iiعقله
نـجا مـن الـعثر وبـان iiفضله يـجـلو الـيقين كـدر iiالـظنون والـمرء فـي تـقلّب iiالـشؤون
حـتـى تـوفـاه يــد الـمنون يــا رب حُـلوٍ سـيعود iiسـمّا ورب حـمـد سـيـحور iiذَمّــا
ورب روح سـيـصـير iiهـمّـا مـن لـم يصل فارض إذا iiجفاكا وأولـــه حـمـداً إذا iiقـلاكـا
أو أولــه مـنك الـذي iiأولاكـا مـالـك إلا مــا عـليك iiمـثله لا تـحمدّن الـمرء مـا لـم iiتبله
والـمرء كـالصورة لـولا فـعله يــا ربـما أورثـت iiالـلجاجة مـا لـيس بـالمرء إلـيه iiحاجة
وضـيق أمـر يـتبع iiانـفراجه |
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 11، تمام القصيدة
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 165 _
لـيس يـقي مـن لم يق الله الحذر ولـيس يـفتات امـرؤ على iiالقدر
والـقلب يعمى مثل ما يعمى iiالبصر كـم مـن وعـيد يـخرق iiالاذانـا كـأنـما يـعـني بــه iiسـوانـا
أصـمّـنا الامـهال بـل iiأعـمانا مـا أفـسد الـخرق اسـاهُ iiالـرفق وخـير مـا أنـبأ عـنك iiالـصدق
كــم صـعقة دلّ عـليها iiالـبرق لـكـل مـا يـؤذي وإن قـل ألـم مـا أطـول الـليل على من لم iiينم
وسـقم عـقل المرء من شر iiالسقم أعــداءُ غـيب إخـوة iiالـتلاقي يـاسـوءتا لـهـذه (1)ii الأخـلاق
كـأنـما اشـتـقت مـن iiالـنفاق أنف الفتى وهو صريم (2)أجدع (3) مـن وجـهه وهـو قـبيح iiأشـنع
هل يستوى المحفوظ (4) iiوالمضيَّع مـا مـنك مـن لـم يقبل iiالمعاتبة وشـر أخـلاق الـفتى iiالـمواربة
يـنـجيك مـمـا تـكره الـمجانبة مـتى تـصيب الـصاحب iiالمهذبا هـيهات مـا أعـسر هـذا iiمطلبا
وشـرّ مـا طـالبته مـا iiاستصعبا آفــة عـقل الأشـمط iiالـتصابي رب مَـعـيـب فـعـله iiعـيّـاب
زم الـكـلام حــذر iiالـجـواب لـكل مـا مـجري جـواد iiكـبوه مـالـك إلاّ مــا قـبـلت عَـدْوَه
مـن ذا الـذي يـسقيك عفواً صفوه لا يـسـلك الـشر سـبيل iiالـخير والله يـقضي لـيس زجـر iiالطير
كــم قـمـر عـاد إلـى iiقـمير |
--------------------------------
(1) في الأصل : يا سوء مال هذه ، وما أثبتناه من المصدر.
(2) يقال : صَرَمْت الشيء صرماً من باب ضرب : قطعته (مجمع البحرين _ صرم _ 6 : 101).
(3) الجدع : قطع الأنف والأذن والشفة واليد (مجمع ألبحرين _ جدع _ 4 : 310) .
(4) في المصدر: المحظوظ .
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 166 _
لا يـجـتمع جـمـع لـغير iiبـين لـفـرقة كــل اجـتـماع اثـنين
يـعمى الـفتى وهـو بصير iiالعين الـصمت إن ضـاق الـكلام iiأوسع لـكل جـنب ذات يـوم iiمـصرع
كــم جـارع لـغيره مـا iiيـجمع مـالـك إلا مــا بـذلـت iiمـال فـي طـرفة الـعين يـحول iiالحال
ودون آمــال الـفـتى iiالآجــال كـم قـد بـكت عين وليس iiتضحك وضـاق مـن بـعد اتـساع iiمسلك
لا تُـبرَ مَـنْ أمـراً عـليك iiيُـملك خـير الاُمـور مـا حـمدت iiغـبه لا يـرهـب الـمـذنب إلا iiذنـبه
والـمرء (1) مـقرون بـمن iiأحبه كـــل مـقـام فـلـه iiمـقـال كــل زمــان فـلـه iiرجــال
ولـلـعقول تـضـرب iiالأمـثـال دع كـل أمـر مـنه يـوماً تـعتذر عـف كل ورد غير محمود iiالصدر
لا تـنفع الـحيلة فـي ماضي iiالقدر نـوم امـرىء خـير لـه من iiيقظه لـم تـرضه فـيه الـكرام iiالحفظه
وفـي صـروف الدهر للمرء عظه مـسـألـة الـنـاس لـبـاس ذل مـن عـف لـم يـسأم ولـم iiيمل
فــارضَ مـن الا سـتر بـالأقل جـواب سـوء الـمنطق iiالـسكوت قــد أفـلـح iiالـمُتَّئدُ(2)الصموت
مـاحـم مــن رزقـك لا iiيـفوت فـي كـل شـيء عـبرة لمن iiعقل قـد يـسعد الـمرء إذا المرء اعتدل
يرجو غداً ودون ما يرجو الأجل (3) مـن لـك بـالمحض وليس iiمحض يـخبث بـعض ويـطيب iiبـعض
و ربّ أمــر قـد نـهاه الـنقض |
--------------------------------
(1) في الأصل : والأمر، وما أثبتناه من المصدر.
(2) التؤده: التأني والرزانة ضد التسرع ( مجمع البحرين _تأتد _18:3).
(3) في ألأصل : ألأمل ، وما أثبتناه من المصدر.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 167 _
كـم زاد فـي ذنب جهول عذره دع أمر من يعنى عليك (1)iiأمره
يـخشى امـرؤ شيئاً ولا iiيضره يـا رب إحـسان يـعود iiذنـبا ورب سـلـم سـيعود iiحـربا
وذو الـحجى يـجهل إن iiأحـبّا قـد يـدرك المعسر في iiإعساره مـا يـبلغ الـموسر في iiإيساره
ويـنتهى الـهاوي إلـى iiقراره الـشيء فـي نـقص إذا تنهاها والـنفس تـنقاد إلـى iiرداهـا
مـذعـنة تـجـيب iiسـائقاها الـناس فـي فـطرتهم iiسـواء وإن تـسـاوت بـهم iiالأهـواء
كــل بـقـاء بـعـده فـناء لم يغل شيء وهو موجود iiالثمن مال الفتى ما فضه لا ما iiاحتجن
إذا حوى جثمانه يرى الحبن (2) الـمال يـحكى الـفيء iiبانتقاله وإنـما الـمنفق مـن iiأمـواله
مـا عـمر الخلة من سؤاله (3)ii من لاح في عارضه القتير (4)ii فـقـد أتــاه بـالبلى iiالـنذير
ثـم إلـى ذي الـعزة iiالمصير رأيـت غـب الصبر مما iiتحمد وإنـما الـنفس (5)كـما iiتعود
وشـر مـا يـطلب مالا iiيوجد إن أتـباع الـمرء كـل iiشهوة لـيلبس الـقلب لـباس iiقـسوة
وكـبوة الـعجب أشـد iiكـبوة مـن يزرع المعروف ما iiرضي لـكل شـيء غـاية iiستنقضي
والـشر مـوقوف لذي التعرض |
--------------------------------
(1) في الأصل: يغني عليكم، وما أثبتناه من المصدر.
(2) الحبن: عظم البطن ( النهاية _حبن _335:1).
(3) في الاصل: نسأله، وما أثبتناه من المصدر.
(4) القتبر: الشيب (النهاية _ قتر_ 4: 12).
(5) في الاصل: المنفق، وما أثبتناه من المصدر.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 168 _
لا يـأكل الانـسان إلا ما iiرزق مـا كـل أخـلاق الرجال iiتتفق
هـان على النائم ما يلقى iiالأرق مـن يلذع الناس يجد من iiيلذعه لـسان ذى الجهل وشيكاً iiيوقعه
لا يـعدم الـباطل حـقاً iiيدمغه كــل زمــان فـله iiتـوابع والـحق لـلباطل ضـد iiدافـع
يـغصك الـمشروب وهو iiسائغ رب رجـاء مض(1) من iiمخافة ورب أمــن سـيـعود iiآفـة
ذو الـنجح لا يـستبعد iiالمسافة كـم مـن عـزيز قد رأيت iiذلاً وكــم سـرور مـقبل iiتـولّى
وكـم وضـيع شـال iiفـاستقلا لا خير في صحبة من لا ينصف والـدهر يـجفو أمـره iiويلطف
والـموت يفني كل عين iiتطرف رب صـباح لامـريء لم يمسه حـتف الـفتى مـوكّل iiبـنفسه
حـتى يـحل في ضريح iiرمسه إنـي أرى كـل جـديد iiبـالي وكــل شــيء فـإلى iiزوال
فـاستشف مـن جهلك iiبالسؤال إن رحـيـلاً فـأعـدّ iiالـزادا إن مـعـاداً فـاحـذر iiالـمعادا
لا يـلـهك الـعمر وإن iiتـمادا إنـك مـربوب مـدين تُـسأل والـدهر عن ذي غفلة لا iiيغفل وكــل مـا قـدمته iiمـحصّل حـتى يـجيء يـومك iiالمؤجل |
--------------------------------
(1) في الاصل: فص ، وما أثبتناه من المصدر.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 169 _
[فصل] (1)
روي عن أحد الائمة عليهم السلام انه قال : (قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : إن الله عز وجل كتم ثلاثة في ثلاثة : كتم رضاه في طاعته، حتى لا يستصغر أحداً شيئاً من الطاعات، فلعل فيه رضاه. وكتم سخطه في معصيته ، حتى لا يستصغر أحد سيئة، فلعل فيها سخطه ، وكتم وليه في خلقه، فلا يستخفن أحدكم أخاه، فإنه لا يدري لعله ولي لله )
(2).
وأيضاً أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس ، ليحافظ الإنسان على ، الصلوات الخمس فيحصل الوسطى، وأخفى ليلة القدر في ليالي رمضان ليحافظ الرجل على ليالي رمضان، فيحصل له ليلة القدر، وأخفى ساعة الإجابة في الليل والنهار ، ليحافظ على ، الدعاء في الليل والنهار .
ومن كلامه صلى الله عليه واله: (من سرته حسنته ، وساءته سيئته، فهو مؤمن).
لا خير في العيش إلاّ لرجلين : عالم مطاع ، ومستمع واع .
وكفى بالقناعة غنى، وبالعبادة شغلاً .
لا تنظروا إلى صغير الذنب، ولكن انظروا إلى من اجترأتم عليه .
وقال عليه السلام: آفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف.
لا حسب إلا بتواضع ، ولا كرم إلا بتقوى ، ولا عمل إلا بنية، ولا عبادة إلا بيقين .
إن العاقل من أطاع الله وإن كان ذميم المنظر حقير الخطر، وإن الجاهل من عصى الله وإن كان جميل المنظر عظيم الخطر .
أفضل الناس أعقل الناس، إن الله تعالى قسم العقل ثلاثة أجزاء، فمن كانت
--------------------------------
(1) أثبتناه من كنز الفوائد.
(2) كنز الفوائد: 13 باختلاف يسير.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 170 _
فيه كمل عقله ، ومن لم تكن فيه فلا عقل له : المعرفة بالله تعالى ، وحسن الطاعة ، وحسن الصبر.
إن لكل شيء آلة وعدة ، وآلة المؤمن وعدته العقل ، ولكل شيء مطية ، ومطية المرء العقل ، ولكل شيء دعامة ، ودعامة الدين العقل ، ولكل شيء غاية ، وغاية العبادة العقل ، ولكل قوم راع ، وراعي العابدين العقل ، ولكل تاجر بضاعة ، وبضاعة المجتهدين العقل ، ولكل خراب عمارة ، وعمارة الآخرة العقل ولكل سفر فسطاط يلجأون اليه ، وفسطاط المسلمين العقل
(1).
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 13، وفيه من كلامه صلى الله عليه وآله من سرته حسنته...
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 171 _
فصل
روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أنه قال: (العقل ولادة ، والعلم إفادة ، ومجالسة العلماء زيادة)
(1).
وروي عنه عليه السلام أنه قال: (هبط جبريل عليه السلام على آدم صلوات الله عليه فقال له: يا آدم ، اُمرت أن أخيّرك بين ثلاث ، فاختر منهن واحدة ودع اثنتين.
فقال له آدم عليه السلام: وما الثلاث؟
قال: العقل، والحياء، والدين .
فقال آدم صلى الله عليه: فاني قد اخترت العقل .
فقال جبريل للحياء والدين: انصرفا، فقالا يا جبريل: انا اُمرنا أن نكون مع العقل
(2) ).
روي أن طاووس اليماني قال: رأيت في جوف الليل رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول :
ألا أيـها الـمأمول في كلّ iiحاجة شكوت إليك الضرّ فاسمع iiشكايتي ألا يـا رجائي أنت كاشف كربتي فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي زادي قـلـيل مــا أراه مـبلّغي ألـلزاد أبـكي أم لـبعد iiمـسافتي أتـيـت بـأعمال قـباح iiرديّـة فما في الورى خلق جنى iiكجنايتي أتـحرقني في النار يا غاية iiالمنى فـأين رجـائي منك أين iiمخافتي |
قال فتأملته فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام فقلت : يا ابن رسول الله، ما هذا الجزع وأنت ابن رسول الله! ولك أربع خصال: رحمة الله، وشفاعة جدك رسول الله، وأنت ابنه، وأنت طفل صغير
(3).
--------------------------------
(1) كنز الفوائد 13.
(2) كنز الفوائد 13، وفيه زيادة: حيث كان قال: فشأنكما، وعرج
(3) لا يخفى تعارض هذه القطعة من الحديث ، وما يأتي من قوله عليه السلام: ( وأنما كوني طفلاً) مع ما تقدم في بدايته من قول طاووس اليماني: (رأيت في جوف الليل رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة) ، كما أن المشهور في هذه الواقعة التأريخية ان طاووس قال: رايت رجلاً يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي فيدعائه ، فجئته حين فرغ من الصلاة فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام فقلت له يا أبن رسول الله رأيتك على
=
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 172 _
فقال له: (يا طاووس ، إنني نظرت في كتاب الله فلم أرلي من ذلك شيئاً فإن الله تعالى يقول: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ )
(1) وأما كوني ابن رسول الله، فإن الله تعالى يقول: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ )
(2) وأما كوني طفلاً ، فإني رأيت الحطب الكبارلايشتعل إلا بالصغار) ثمبكى عليه السلام حتى غشي عليه
(3).
خبر اخر في العقل، وهو المشتهر بين الخاصة والعامة، من أن أول شيء خلق الله تعالى العقل، فقال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له: أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي، ما خلقتك خلقاً أحب الي منك، بك اُعطي وبك أمنع، وبك اُثيب وبك اُعاقب ، وعزتي وجلالي ، ما أكملتك إلاّ فيمن أحببت.
--------------------------------
=
حاله كذا، ولك ثلاثة أرجو أن تؤمنك الخوف ، أحدها: أنك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله والثاني شفاعة جدك ، والثالث: رحمة الله، فقال: يا طاووس أمّا اني ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يؤمنني وقد سمعت الله تعالى يقول: (فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ) وأمّا شفاعة جدي فلا تؤمنني لأن الله تعالى يقول: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى) وامّا رحمة الله فإن الله تعالى يقول انها قريبة من المحسنين، ولا علم اني محسن ، اُنظر (كشف الغمة2 : 108، وعنه في البحار 46 : 101 | 89).
(1) الأنبياء 21: 28.
(2) المؤمنون 23: 101 _ 103.
(3) أخرجه المجلسي في بحار الانوار 99 : 198 | 15عن اعلام الدين.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 173 _
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : (من أحب دنياه أضرّ بآخرته ).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (الدنيا دول ، فاطلب حظك منها بأجمل الطلب ).
وقال عليه السلام: (من أمن الزمان خانه، ومن غالبه أهانه ).
وقال: (الدهر يومان : يوم لك، ويوم عليك، فإن كان لك فلاَ تبطر، وإن كان عليك فاصبر ، فكلاهما عنك سينحسر).
لبعض الشعراء:
وإن امرءاً دنياه أكبر iiهمّه لمستمسك منها بحبل غرور |
وقال بعضهم: إياك والاغترار بالدنيا والركون إليها، فإن أمانيها كاذبة وما لها خائبة ، وعيشها نكد وصفوها كدر ، وأنت منها على خطر ، اما نعمة زائلة واما بلية نازلة،واما مصيبة موجعة واما منية مفجعة .
وقال اخر: صاحب الدنيا في حرب ، يكابد الأهوال لتنقدع
(2)، والجهالة لتنقمع ، والأدواء لتندفع ، والآمال لتنال ، والمكروه ليزال ، وبعض ذلك عن بعض شاغل ، والمشتغل عنه ضائع ، فلما رأى الحكماء أنه لا سبيل إلى إحكام ذلك ، تركوا ما يفنى ليحرزوا ما يبقى .
--------------------------------
(1) تمام الفصل في كنزالفوائد: 16، وفيه (ذكر)بدل (ذم).
(2) قدعت فرسي: كففته. (مجمع البحرين _ قدع _ 4: 376).
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 174 _
روي ان الله تعالى قال: يا بن آدم، في كل يوم تؤتى رزقك وأنت تحزن ، وعمرك ينقص وأنت لا تحزن ، تطلب ما يطغيك ، وعندك ما يكفيك.
وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : (من كان يأمل أن يعيش غداً، فإنه يأمل أن يعيش أبداً).
وقال بعضهم : الآمال لا تنتهي، والحي لا يكتفي .
وقيل: ما أطاع عبد أمله، إلاّ قصر عمله .
وقال اخر: لايلهك الأمل الطويل عن الأجل القصير .
وقال اخر: من جرى في عنان أمله عثر بأجله .
وقال اخر: إنك إن أدركت أملك قرّبك من أجلك، وإذا أدركك أجلك لمتبلغ أملك.
ابن الرومي:
خمسون عاماً كنت أمّلتها كـانت أمامي ثم خلفتها كـنز حـياة لـي أنفقته على تصاريف iiتصرفتها لو كان عمري مئة هدّني يـذكرني اني iiتنصفتها |
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 16 ، وفيه تمام الفضل.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 175 _
روي أنه كان في التوراة مكتوباً : يا ابن آدم، أنت لا تشتهي تموت حتى تتوب، وأنت لا تتوب حتى تموت .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير).
وقال بعضهم : لو رأيتم الأجل ومسيره ، لأبغضتم الأمل وغروره ، وأنشد :
نُراعُ لذكر الموت ساعة ذكره وتعترض الدنيا فنلهو iiونلعب |
وقيل: إن أمراً اخره الموت لحقيق أن يخاف ما بعده .
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام سمع إنساناً يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال : (قولنا : إنا لله إقراراً له منا بالملك ، وقولنا: إنا إليه راجعون إقراراً على أنفسنا بالهلك ).
وقيل: من عجائب الدنيا أنك تبكي على، من تدفنه، وتترك
(2) التراب على وجه من تكرمه .
وقال ابو نؤاس :
غـرّ جـهولاً iiأمـله يـموت مـن جا iiأجله ومـن دنـا من iiيومه لـم تـغن عنه iiحيله وكـيف يـبقى آخـر قـد غـاب عنه iiأوله لا يصحب الانسان من دنـياه إلا عـمله (3)ii |
أبو ذؤيب:
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألـفيت كل تميمة لا تنفع |
غيره:
ننافس في الدنيا ونحن iiنعيبها فقد حذّر تناها لعمري iiخطوبها وما نحسب الساعات تقطع مدة عـلى انـها فينا سريع iiدبيبها |
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 16 _18، وفيه تمام الفصل.
(2) في المصدر: وتطرح.
(3) في الأصل: أمله، وما أثبتناه من المصدر.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 176 _
كأني برهطي يحملون iiجنازتي إلـى حـفرة يحثى عليَّ iiكثيبها وبـاكية حـرى تـنوح iiوإنني على غفلة عن صوتها لا اُجيبها أيا هادم اللذات ما منك iiمهرب تحاذر نفسي منك ما iiسيصيبها رأيت المنايا قسمت بين iiأنفس ونفسي سيأتي بعد ذاك iiنصيبها |
لأبي إسحاق الصابي من قطعة كتبها إلى الشريف الرضي أبي الحسن الموسوي:
وإني على عيث الردى في iiجوانبي وما كف من خطوى(1)وبطش بناني وإن لـم يـدع إلا فـؤاداً iiمـروعا بــه غُـبر بـاق مـن iiالـخفقان تـلوم تـحت الـحجب ينفث حكمة إلـى اُذن تـصغي لـنطق iiلساني لأعـلم أنـي مـيت عـاق دفـنه ذمـاء قـليل فـي غـد هـو iiفاني وان فـما لـلأرض غـرثان iiحائماً يـراصد مـن أكـلي حضور iiاؤان بـه شـرهُ عـم الـورى iiبـفجائع تـركـن فـلانـاً ثـاكلاً iiلـفلان غدا فاغراً يشكو الطوى وهو iiراتع فـمـا تـلتقي يـوماً لـه iiشـفتان وكـيف وحـدّ الـفوت منه iiفناؤنا ومــا دون ذاك الـحدِ رَدّ iiعـنان إذا غـاضنا بـالنسل مـمن iiنعوله تــلا أولاً مـنـه بـمهلك iiثـاني إلى ذات يوم لا ترى الأرض وارثاً سـوى الله من انس براه وجان (2)ii |
لغيره :
فـكم مـن صـحيح بات للموت iiآمنا أتـته الـمنايا رقـدة بـعدما iiهـجع فـلم يـستطع اذ جـاءه الموت iiبغتةً فــراراً ولا مـنه بـحيلته iiانـتفع فـأصـبح تـبـكيه الـنساء iiمـكفّناً ولا يسمع الداعي إذا صوته ارتفع (3) وقُـرّب مـن لـحدٍ فـصار iiمـقيله وفـارق مـا قد كان بالأمس قد iiجمع |
--------------------------------
(1) في الأصل: خطوبي، وما أثبتناه من المصدر.
(2) رسائل الصابي والشريف الرضي: 16.
(3) في المصدر: رفع.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 177 _
بينهما والفرق بينهما
(1)إعلم، أن الموت غير القتل، والذي يدل على أنهما غير ان قول الله عز وجل: (أفان مات أو قتل)
(2) وقوله تعالى : (ولئن متم أو قتلتم)
(3) وقوله سبحانه: (ما ماتوا وما قتلوا)
(4)وليس يجوز أن يكون التأكيد والتكرير في لفظين يرجعان إلى معنى واحد .
ويدل على ذلك أيضاً العلم بأن الله سبحانه ليس بقاتل لمن مات حتف أنفه ، ولو قال قائل في ميت : إن الله قتله ، لعاب العقلاء عليه، والموت والقتل عرضان وليساب جسمين .
وقد قال شيخنا المفيد رضي الله عنه: إن القتل متولد عن الأسباب ، ومحله محل حياة الأجسام، والموت معنى يضاد حياة الفاعل المخلوق ولا يصح حلوله في الأجسام، قال : وهذا مذهب يختص بي .
والقتل عند جميع أهل العدل من مقدورات العباد، والموت لا يقدر عليه أحد إلاّ الله عز وجل.
ولو كان القتل هوالموت لكان من ذبح فرس غيره وإبله وغنمه قد أحسن إليه، لأن لولا ذبحه لماتت _على رأي من يقول : إن القتل هو الموت _ ومعلوم خلا فذاك ، وذاك أن القتل سبب لزوال الحياة، لأن المقتول لو تعداه القتل لجاز من الله تعالى أن يبقيه أو يميته ، ولا دليل على أحد الأمرين.
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 18، وفيه إلى قول: ولو كان القتل هو الموت.
(2) آل عمران 3: 144.
(3) آل عمران 3: 158.
(4) آل عمران 3: 156.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 178 _
(الناس إخوان فمن كانت اخوته في غير ذات الله فهي عداوة، وذلك قوله عز وجل: (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ )
(2).
من قلب الاخوان عرف جواهر الرجال.
امحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة ، ساعده على كل حال وزل معه حيث مازال ، فلا تطلبن منه المجازاة، فإنها من شيم الدناة .
ابذل لصديقك كل المودة ، ولا تبذل له كل الطمأنينة، و اعطه كل المواساة،ولا تفضي إليه بكل الأسرار، توفي الحكمة حقها، والصديق واجبه .
لا يكوننّ أخوك أقوى منك على مودتك .
البشاشة فخ المودة، والمودة قرابة مستفادة .
لا يفسدك الظن على صديق أصلحه لك اليقين .
كفى بك أدباً لنفسك ما كرهته لغيرك .
لأخيك عليك مثل الذي لك عليه .
لا تضيعنّ حق أخيك إتكالاً على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من ضيعت حقه .
ولا يكن أهلك أشق الناس بك .
إقبل عذر أخيك، وإن لم يكن له عذر فالتمس له عذراً.
لا يكلف أحدكم أخاه الطلب إذا عرف حاجته.
لا ترغبن فيمن زهد فيك، ولا تزهدن فيمن رغب فيك .
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 34: وفيه تمام الفصل .
(2) الزخرف 43: 67.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 179 _
إذا كان للمحافظة موضعاً لا تكثرن العتاب، فإنه يرث الضغينة ويجر الى البغضة، وكثرته من سوء الأدب.
إرحم أخاك وإن عصاك، وصله وإن جفاك.
إحفظ
(1) زلة وليك لوقت وثبة عدوك.
من وعظ أخاه سراً فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه .
من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه ، وحنينه إلى أوطانه، وحفظ قديم إخوانه.
--------------------------------
(1) في المصدر: احتمل.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 180 _
روي أن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام كان يتمثل كثيراً بهذين البيتين:
أخوك الذي لو جئت بالسيف عامداً لـتضربه لـم يـستَغِشَّك في iiالود ولـو جـئتَهُ تدعوه للموت لم يكن يـردك إبقاءاً عليك من الرد (2)ii |
وقال سالم
(3) بن وابصة:
احب الفتى ينفي الفواحشَ iiسمعه كـأن بـه مـن كل فاحشة iiوقرا سليم دواعي الصدر لا باسطاً أذى ولا مـانعاً خيراً ولا قائلاً iiهجرا إذا مـا أتت من صاحب لك iiزلة فـكن أنـت مـحتالاً لزلته عذرا غنى النفس ما يكفيك من سدّ iiخِلة فإن زاد شيئاً عاد ذاك الغنى فقرا |
لغيره :
إذا جـمع الـفتى حـسبا iiودينا فـلا تـعدل بـه أبـدا iiقـرينا ولا تـسمح بحظك منه بل iiكن بحظك من (4)مودته ضنينا (5) |
وقال آخر:
وكنت إذا الصديق أراد غيظي وأشـرقني على حنق iiبريقي غـفرت ذنوبه وصفحت iiعنه مـخافة أن أعيش بلا صديق |
لآخر:
ومـن لم يغمض عينه عن iiصديقه وعن بعض مافيه يعيش وهو عاتب ومـن يـتتبع جـاهداً كـل iiعثرة يـجدها ولم يسلم له الدهر iiصاحب |
وقال إياس بن القائف :
يقيم الرجال الأغنياء iiبأرضهم ترمي النوى بالمقترين المراميا فاكرم أخاك الدهر ما دمتما iiمعاً كـفى بـالممات فرقة iiوتنائيا |
--------------------------------
(1) كنز الفوائد: 34 وفيه تمام الفصل.
(2) في المصدر: الود.
(3) في المصدر: مسلم.
(4) في الأصل: في ، وما أثبتناه من المصدر.
(5) الضنين: البخيل (الصحاح _ ضنن _ 6: 2156).
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 181 _
إذا زرت ارضاً بعد طول اجتنابها فـقدر صـديقي والبلاد كما iiهيا |
وقال حاتم بن عبد الله:
ومـا انـا بالساعي بفضل iiزمامها لتشرب ما في الحوض قبل الركائب ومـا أنـا بالطاوي iiحقيبة(1)رحلها لا بـعثها خـفاً وأتـرك iiصـاحبي |
لبعضهم :
بـدا حين اثرى iiباخوانه فقلل عنهم شناة (2) العدم و ذكره الحزم غب الاُمور فـبادر قـبل انتقال iiالنعم |
لغيره :
ألا إن عبد الله لما حوى (3) الغنى وصـار لـه من بين إخوانه مال رأى خـلـة مـنهم تـسد iiبـماله فـساواهم حتى استوت بهم iiالحال |
لموسى بن يقطين :
تـتبع اخوانه في iiالبلاد فأغنى المقل عن المكثر |
ولسلمان بن فلاح :
لـي صديق ما مسني iiعدم مذ وقعت عينه على عدمي قـام بعذري لما قعدت iiبه ونمت عن حاجتي ولم iiينم أغنى وأقنى ولم يسم iiكرماً تـقبيل كـف له ولا iiقدم |
لبشار بن برد
(4):
أذا كـنت فـي كـل ألاُمور iiمعاتبا صـديقك لـم تـلق الذي لا iiتعاتبه فـعش واحـداً أوصـل أخاك iiفإنه مـقـارف ذنـب مـرة iiومـجانبه إذا أنت لم تشرب مراراً على iiالقذى ضمئت ، وأي الناس تصفو مشاربه! |
لزياد الأعجم:
أخ لك لا تراه الدهر َإلاّ على العلات بسّاماً جوادا |
--------------------------------
(1) الحقيبة: من أجزاء الرحل وتكون من خلف (لسان العرب _حقب _ 325:1).
(2) الشناءة: مثل الشناعة: البغض، وقد خففت الهمزة هنا لإقتضاء الوزن اُنظر(الصحاح _ شنأ _ 1 : 57 ) .
(3) في الأصل: جرا، وما أثبتناه من المصدر.
(4) في المصدر زيادة: ويكنى أبا معاذ ويلقب بالمرعث الأعمى.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 182 _
أخ لك ليس خلته بمذق
(1) إذا ما عاد فقر أخيه عادا
شّاعر:
أذا كان ذواقاً أخوك من iiالهوى مـوجّهة فـي كـل فج iiركائبه فـخلّ له وجه الطريق iiولاتكن مـطية رحّـال كـثير iiمذاهبه تخاف المنايا أن ترحل صاحبي كـأن الـمنايا في المقام iiتناسبه |
ولبشار أيضا:
خير إخوانك المشارك في iiالمر وأيـن الـشريك فـي iiالمرّأينا الذي إن شهدت سرك في الناس وإن غـبت كـان اُذنـاً iiوعينا مـثل سر العقيان إن مسه النار جـلاه الـبلاء فـازداد iiزيـنا |
وأنشدت لابن معمعة
(2):
أيـها الـعالم iiالـذي مـلأ الأرض iiعـلمه قـلت لـما iiجرحت قـلبي بـحال iiتغمه لا يـضرّ الجواد iiأن تـتـوطـاه iiاُمــه ولـعـمري لَـضَـمّ كـان أحـلى iiوشمه لاَ تَهَجَّم على الصديق بــشـيء iiيـغـمه فـإذا أحوج iiالشجاع بــدا مـنه iiسـمّه |
قال : وأنشدت لغيره :
لا توردن على iiالصديق مـن الـدعابة ما iiيغمّه واحذر بوادر طيشه يوماً إذا مــا طـال حـلمه فـالعجل تـنطحه iiعلى إدمان مص الضرع اُمّه |
--------------------------------
(1) المذق: الود غير الخالص ( الصحاح _ مذق _ 4 : 1553).
(2) في المصدر زيادة الخطيب مما قاله في مجلس ابن خالويه.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 183 _
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (إذا آخى أحدكم رجلاً فليسأله عن اسمه واسم أبيه وقبيلته ومنزله، فإنه من واجب الحق، وصافي الإخاء، وإلا فهي المودة الحمقاء).
وروي أن داود قال لابنه سليمان عليهما السلام: يا بني ، لا تستبدلن بأخ قديم أخاً مستفاداً ما استقام لك ، ولا تستقلن أن يكون لك عدو واحد، ولا تستكثرن أن يكون لك ألف صديق .
وأنشد لأمير المؤمنين عليه السلام:
وليس كثير ألف خل وصاحب وإن عــدواً واحـداً لـكثير |
وروي أن سليمان عليه السلام قال : لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا إلى من يخادن ، فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه، وينسب الى أصحابه وأخدانه .
وروي أنه كانت بين الحسن والحسين صلوات الله عليهما وحشة، فقيل للحسين عليه السلام: لم لا تدخل على أخيك وهو أسن منك ؟ قال : (سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : أيّما اثنان جرى بينهما كلام فطلب أحدهما رضا صاحبه ، كان سابقاً له إلى الجنة، وأكره أن أسبق أبا محمد إلى الجنة ( فبلغ ذلك الحسن عليه السلام فقام يجر رداءه حتى دخل على الحسين صلوات الله عليهما فترضاه .
--------------------------------
(1) كنزالفوائد: 36 ، وفيه تمام الفصل.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 184 _
روى عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال : ([قال]
(2) رسول الله صلى الله عليه واله: أوحى الله إلى نبي من أنبيائه: يا ابن آدم اذكرني عند غضبك أذكرك عند غضبي فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك ، فإن انتصاري لك خيرمن انتصارك لنفسك واعلم أن الخلق الحسن يذيب السيئة كما تذيب الشمس الجليد، وان الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ).
وروي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنه قال : (من ولي شيئاً من اُموراُمتي فحسنت سريرته لهم ، رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم ، ومن بسط كفه إليه مبالمعروف رزق المحبة منهم ، ومن كفّ عن أموالهم وفر الله عز وجل ماله ، ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنة مصاحباً ، ومن كثر عفوه مد في عمره، ومن عم عدله نصر على عدوه ، ومن خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة، آنسه الله عز وجل بغير أنيس وأعانه بغير مال ).
وروي أن في التوراة مكَتوب : من يظلم يخرب بيته، ومصداق ذلك في كتاب الله عز وجل: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا)
(3).
وقد قيل: إذا ظلم من دونك عاقبك من فوقك .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن الله تعالى يمهل الظالم حتى يقول
(4):اهملني ، ثم إذا أخذه اخذة رابية).
وقال صلى الله عليه وآله: (إن الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين فقال:(فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين)
(5) ).
ومن كلام إمير المؤمنين في ذلك : (لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك ، فإنما سعى في مضرته ونفعك، وليس جزاء
--------------------------------
(1) كنز الفوائد : 56 _ 57، وفيه تمام الفصل.
(2) أثبتناه من المصدر.
(3) النمل27: 52.
(4) في الأصل: يقال ، وما أتبتناه من المصدر.
(5) الأنعام 6: 45.
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 185 _
من سرك أن تسوءه .
ومن سلّ سيف البغي قتل به ، ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها ، ومن هتك حجاب أخيه انهتكت عورات بيته .
بئس الزاد إلى المعاد، العدوان على العباد.
أسد حطوم خير من سلطان ظلوم ، وسلطان ظلوم خير من فتن تدوم .
اذكر عند الظلم عدل الله فيك، وعند المقدرة قدرة الله عليك ).
المتنبي:
وأظلم خلق الله من بات حاسداً لـمن بـات في نعمائه iiيتقلب |
الأمـــــان من اخطار الأسفار والازمان
_ 186 _
قال أمير المؤمنين عليه السلام: (لا شرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة).
(ومن ضاق صدره لا يصبر على أداء حق ).
(من كسل لم يؤد حق الله ، ومن عظّم أوامر الله أجاب سؤاله ).
(من تنزه عن حرمات الله، سارع إليه عفو الله ).
(من تواضع قلبه لله، لم يسأم بدنه طاعة الله ).
(الداعي بلا عمل ، كالرامي بلا وتر).
(ليس مع قطيعة الرحم نماء، ولا مع الفجور غنى).
(عند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر)،(تصفية العمل خير من العمل ).
(عند الخوف يحسن العمل )، (رأس الدين صحة اليقين ).
(أفضل ما لقيت الله به ، نصيحة من قلب، وتوبة من ذنب ).
(إياكم والجدال ، فإنه يورث الشك في الدين ).
(بضاعة الآخرة كاسدة ، فاستكثروا منها في أوان كسادها).
(اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل ).
(دخول الجنة رخيص ، ودخول النار غال ).
(التقي سابق إلى كل خير)، (من غرس أشجار التقى ، جنى ثمار الهدى).
(الكريم من اكرم عن ذل النار وجهه ).
(ضاحك معترف بذنبه ، أفضل من باك مدلّ على ربه ).
(من عرف عيب نفسه ، اشتغل عن عيب غيره ).
(من نسى خطيئته ، استعظم خطيئة غيره ).
(ومن نظر في عيوب الناس ونسبها
(3) لنفسه ، فذاك الأحمق بعينه ).
(كفاك أدباً لنفسك ما كرهته لغيرك ).
--------------------------------
(1) أثبتناه من كنز الفوائد.
(2) كنز الفوائد: 128، وفيه تمام الفصل، إلى قوله عليه السلام: ( من لزم الأستقامة لزمته السلامة)
(3) في المصدر: ورضيها.