تأليف
الشيخ الجليل الحسن بن ابي الحسن الديلمي
من اعلام القرن الثامن الهجري
تحقيق
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث


  بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين ، محمد وآله الطيبين الطاهرين .
   وبعد :
   فإن الاسلام دين اللّه الخاتم ، وشريعته الأخيرة للبشرية جمعاء في كافة أقطارها، على مدى عصورها وأزمانها ، وقد جاء هذا الدين لينقذ البشرية من الجهل ، ويُخرجها من ظلماته إلى نور العلم والهدى ، فكان الحثُ على العلم وبيانقيمة العلماء من المعالم البارزة في القرآن الكرم وكلام أئمة الدين .
   وقد ورد في القرآن الكريم ما يزيد على 750 اية في العلم ومشتقّاته ، منمدح العلماء، وحثٌ على طلب العلم، وبيانٍ لأهمية العلم في حياة الانسان ، ويكفيك منها قوله تعالى: ( قُلْ هَل يَستوِي الَّذينَ يَعلَمُون وَالذين لا يَعلَمُون )(1)وقوله تعالى: (اِنمَا يخْشَى اللّهَ مِن عِبَادِهِ العُلماءُ)(2) أما ما أثِر عن النبي الأكرموأهل بيته الطاهرين ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) في هذا الباب فهو أكثرمن أن يُحصر ، وما على طالبه إلاّ أن يمدّ يده إلى أقرب كتاب حديثي إليه فسيجد

--------------------------------
(1) الزمر 39 : 9 .
(2) فاطر 35 : 28 .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 8 _

  فيه فصلاً بل فصولاً في الاشادة بالعلم والعلماء ، وسيمرّ عليك في أثناء هذا الكتاب من ذلك الشيء الكثير .
   هذا في اهتمام قادة الاسلام بالعلم بجميع شعبه وفنونه .
   أمَا علم الحديث الشريف فهو علم إسلامي بحت نشأ ونما وآتى اُكله ليحفظ لنا أقوال المعصومين عليهم السلام التي هي بيان وتفسير للقران الكريم ، وهدى إلى سعادة الدنيا والاخرة ، فيها جميع ما يحتاجه الانسان لتكميل نفسه وعمارة دنياه وسعادة أخراه .
   ولهذا العلم الشريف ، في المكتبة الآسلامية سهم كبير ومكان عال ،فالعلوم الاُخرى من تفسير وفقه وعقائد ... وتعتمد عليه وتستمدّ منه ، فهو الصدر الأول للمفسر والفقيه والمتكلّم والعارف . . .
   وهو علم تتميز به الاُمة الاسلامية عن بقيَة الأمم ، حيث حفظ هذا العلم الشريف جميع كلام النبي الأكرم وآل بيته الطاهرين وإخبارهم عن الله تعالى وما يتعلق بسيرهم وحياتهم ، وحفظ لنا _إضافة إلى هذا _ الصحيح من لأنبياء السابقين عليهم السلام . . .مما لا نجده عند أتباع الديانات الاخرى .
   وقد أتعب علماء المسلمين أنفسهم في نقل الحديث الشريف وحفظأسانيده ، ووضعوا له علماً مستقلاً يضبط أصوله وفروعه أسموه علم دراية الحديث .
   وكان أن نبغ عباقرة ثقات حفظوا هذا العلم للأمة ، وكان منهم من يحفظ مئات الألوف من الأحاديث بأسانيدها ، ودونوا الكتب المهمَة الضخمة فيه،فوصلت إلينا مكتبة فاخرة من كتب الحديث الشريف .
   من هذه الكتب التي وصلت إلى أيدينا كتاب (أعلام الدين) وهوكتاب جامع في طائفة مفيدة قيمة من الحديث الشريف ، وقد بناه مؤ لفه علىأبواب وفصول ، ذكر في كل باب وفصل منها مجموعة من الأحاديث الشريفة .
   وأليك عرضاً موجزاً للكتاب ، وهو عرض مختصر لا يغني عن مطالعةالكتاب والاستفادة من غرر أحاديثه الكريمة .
   بدأ المؤلف كتابه بفصل في المؤمن وما خصه الله وحباه من كريم لطفه

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 9 _

  وجزيل مننه وإحسانه ، وأن التارك للدنيا الزاهد فيها مثله كمثل الشمعة التيتحرق نفسها لتضيء الدرب للآخرين .
   وأتبعه بفصل عن الدليل على حدوث الانسان وإثبات محدثه ، استدل فيه بدليل الخلقة وغيره من الأدلة على إثبات الخالق تعالى ، وفَرع عليه وجوب الشكرعلى النعمة ، وفسر الشكر بانه الاعتراف بالنعمة مع تعظيم منعمها ، ومن أولى من الله تعالى بالشكر على نعمه الوافرة ؟!
   ثم ساق لنا كتاب ( البراهان على ثبوت الايمان) لأبي الصلاح التقي بننجم بن عبيدالله الحلي ، وهذا من مميزات الكتاب حيث حفظ لنا نسخة منهذاالكتاب الذي تخلو فهارس المكتبات المخطوطة _ في حدود اطلاعنا _ عن نسخة منه .
   وأتبعه بالخطبة الخالية من الألف المنقولة عن أميرالمؤمنين عليه السلام .
   وعقبها بفصل في فضل العلم والعلماء ، يذكر فيه نصيحة الامام أمير المؤمنين عليه السلام الطويلة لكميل التي يقول في فقرة منها:
   (يا كميل ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ،والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق ، وصنيع المال يزول بزواله ).
   ثم يتحدث عن أهمية القرآن في حياة المسلمين فيذكر : قوله( عليه السلام): (قراءة القران أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الصدقة،والصدقة أفضل من الصيام ، والصوم جُنة من النار).
   ثم يتطرق إلى صفات المؤمن وخلاله الحسنة فيذكرأحاديث منها :قال أبو عبداللّه عليه السلام : (من سرته حسنته ، وساءته سيئته فهو مؤمن ).
   وفي الكتاب من المواعظ والحكم الشيء الكثير، والتذكير بما حرم الله ، والأمر بغض الأبصار ، والخضوع في العبادة والتواضع .
   وفيه ذكر صفات المؤمنين وكيف أنّ قلوبهم خاشعة وأبدانهم طيّعة في عبادة رب العالمين .
   وذكر أوصاف شيعة علي المرتضى، وكيف أن شفاههم ذابلة ، ووجوهم

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 10 _

  مصفرة من خشية الله ، وألوانهم متغيرة ، وبطونهم خميصة (اتخذوا الأرض فراشاً ،والتراب بساطاً ، والماء طيباً ، والقرآن شعاراً ، والدعاء دثاراُ).
   وأتبعه بفصل من الأدب والخلق الرفيع ومكارم الأخلاق ، ولم ينس الغنى والفقر والأرزاق ، فعقد لها فصولاً .
   أعقبها بفصل في ذكر الموت والقتل ، والفرق بينهما .
   وجاء بعده بفصل في كلام أمير المؤمنين عليه السلام في الاخوان وآداب الاخوة في الايمان .
   وفصل مما ورد في ذكر الظلم .
   وذكر وصية النبي لأبي ذر، وهي وصية مفصلة مطوَلة ، وفيما أنزل الله على عيسى بن مريم عليه السلام من الوعظ ، وهما من نوادر النصوص التى تستحق التدبر والاعتبار بها .
   ورجع فذكر فصلاً مفصّلاً في ذكر حقوق الاخوان من أحاديثه .
   ولم يهمل العبادة التي فيها تهذيب النفس وتكميلها وتحليتها بالفضائل ،فعقد فصلاً في قيام الليل والترغيب فيه .
   ولم يهمل المؤلف أقوال الحكماء والمؤمنين الصادقين ، ومواقفهم البطولية فيمجابهة طواغيت زمانهم ، فقد روى لنا من حكمة لقمان وصيته لولده تلك الوصيّةالخالدة المعروفة .
   وروى لنا موقف خالد بن معمر لما سأله معاوية : على ما أحببت علياً ؟ قال : على ثلاث خصال : على حلمه إذا غضب ، وعلى صدقه إذا قال ، وعلى عدله إذا ولي.
   وكانت للشعر الحكمي والعرفاني عند الديلمي منزلة سامية ، فقد ذكرالمؤلف من هذه الأشعار مجموعة طريفة .
   وذكر مواعظ بعض العلماء للحكام ، كما روى لنا كتاب الحسن البصرى إلى عمر بن عبدالعزيز.
   ويذكر مآل المؤمنين الصالحين إلى الجنة والسعادة الأخروية حيث الحور

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 11 _

  والولدان المخلدون ، والأنهار الجارية، ومنابر الياقوت الأحمر في خيام اللؤلؤ الرطب . . .
   ويعقبه بقول أمير المؤمنين عليه السلام : (فيا عجباً لمن يطلب الدنيا بذل النفوس والتعب ، ولا يطلب الآخرة بعز النفوس والراحة ؟!) ويعقد بابأ مهشاً في حسن الظن باللّه تعالى جاء فيه الحديث إلقدسي الشريف :(أنا عند ظن عبدي بي ، فلا يظن بي إلآ خيراً).
   ويعرج على قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله : ( من حفظ عنّي أربعين حديثاً حشره الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً).
   ويستطرد بذكر الأربعين حديثاً المعروفة بالأربعين الودعانية لابن ودعانا لموصلي .
   وللأسماء الالهية الحسنى مكانها الشامخ في الكتاب ، استهلّها المؤلفبالحديث النبويَ الشريف: ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها ودعا به دخل الجنة).    ثمَ يذكر فضائل قراءة القرآن الكريم وثواب تلاَوته ، ويستطرد في فضائل السور الكريمة سورة سورة .
   ولآل البيت عليهم السلام النصيب الأوفر، حيث روى المؤلف عدةأحاديث في فضلهم ومكانتهم العليا عند الله تعالى .
   وذكر المؤلف الخواتيم والفصوص فعقد لها فصلا ذكرفيه فضل التختّم بالفيروزج والياقوت والعقيق وأشباه ذلك .
   وعقد فصلا لذكر الموت وما بعد الموت ، ساق فيه الأحاديث المبشرة للمؤمن والرادعة عن المعاصي ، والتي فيها أوصاف أهوال الموت والقبر والحساب. . .
   وذكر الدعاء وأهميته في الدين الاسلامي وكونه من العبادة، فذكر أحاديث كثيرة منها ، قوله عليه السلام : ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة ، وإعلموا

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 12 _

  أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل ).
   وختم كتابه بنصائح قيمة للقارئ اللبيب ، وهي خلاصة معاناة المؤَلف في حياة زاهدة تقية مؤمنة .
   ومن ميزات الكتاب انفراده بأحاديث لم يعثر عليها في الكتب الروائية الموجودة، نقلها صاحب البحار عن كتابنا هذا .

ترجمة المؤلف:
إسمه واسم أبيه :
   إتَفقت المصادر المترجمة له على أنَ اسمِه (الحسن) ولكنّها اختلفت اختلافاً شديداً في اسم أبيه، قال صاحب أعيان الشيعة في ترجمته : اقتصر بعضهم في اسم أبيه على أبي الحسن ، وبعضهم سماه محمداً ولم يذكر أبا الحسن ، وبعض قال : الحسن بن أبي الحسن محمّد ، فجعل كنية أبيه أبا الحسن واسمه محمداً ، وبعضهم قال : الحسن بن أبي الحسن بن محمد .
   وعنونه في الرياض مرّة الحسن بن أبي الحسن محمد ، واُخرى الحسن بن أبي الحسن بن محمد .
   وعنونه صاحب أمل الامل : الحسن بن محمد الديلمي .
   قال صاحب الرياض : لعله كان في نسخة صاحب الأمل لفظة (ابن) بعد أبي الحسن ساقطة فظن أن أبا الحسن كنية والده محمد ، فأسقط الكنية رأساً ، ولعله سهو .
   وأقول : هذا تخرص على الغيب .
   وقال السيد الأمين أيضاً: وفي صدر نسخ إرشاده ، وكذا في بعض المواضع منه : الحسن بن محمد الديلمي .
   أقول : الصواب أنه الحسن بن أبي الحسن محمد ، وأبوالحسن كنية أبيه واسم أبيه محمد ، أما محمد بن أبي الحسن بن محمد فزيادة (ابن) قبل محمد منسهو النساخ ، ومثله يقع كثيراً ، فحين يرى الناظر الحسن بن أبي الحسن محمد ،

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 13 _

   يسبق إلى ذهنه زيادة ابن قبل محمد .
   انتهى ما ذكره السيد الامين في ج 5 : 250 من أعيان الشيعة.
   وعاد في ج 4 : 629 قائلاً: الحسن بن أبي الحسن الديلمي يأتي بعنوان الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي .
   وكرره في 4 : 629 أيضاً قائلاً: الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلميي أتي في ترجمة الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ، احتمال أن يكون أبوالحسن كنية والده واسمه ، وأن يكون محمد اسم جده ، فراجع .
  هذا مجمل القول في اختلافهم في اسم أبيه .
   والذي نطمئنَ إليه ما جاء في أعلام الدين نفسه ص 97 حيث يقول مانصٌه : (يقول العبد الفقير إلى رحمه اللّه وعفوه ، الحسن بن علي بن محمد بن الديلمي تغمَده اللّه برحمته ومسامحته وغفرانه ، جامع هذا المجموع . . .)
   وهذا ما يحل المشكلة في اسم أبيه ، حيث صرَح بأن اسم والده (علي) وعلي يكنى أبا الحسن كما هو معروف ، فيكون محمد جداً له .
   فالمحصل أن مؤلفنا هو الحسن بن أبي الحسن علي بن محمد بن الديلمي .

القول في طبقته وعصره:
  ينقسم العلماء في تحديد طبقة المترجم له إلى قسمين :
   الأول : يرى أنه من المتقدّمين على الشيخ المفيد أو من معاصريه ، وهو ما ذهب إليه صاحب الرياض (1)، ونقله عنه السيد الأمين في الأعيان (2) ، ويستندهذا الرأي إلى ما يلي :
   1 _ إن الكراجكي في كنز الفوائد، وشرف الدين النجفي في تأويل الايات الباهرة، نسبا كتاب التفسير إلى الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، ونقلا عنه بعض الأخبار(3)، وبما أن الكراجكي قد تُوفي سنة 449ه_، فمن الطبيعي أن يكون من

--------------------------------
(1) رياض العلماء 1 : 338.
(2) أعيان الشيعة: 250 .
(3) رياض العلماء 1: 339.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 14 _

  نقل عنه الكراجكي متقدما طبقة عليه .
   2 _ قول صاحب الرياض بأنَه رأى ( في كتب من تقدم على العلاّمة بكثير روايته عن كتاب حسن بن أبي الحسن الديلمي ، ومنهم ابن شهرآشوب في المناقب ، وابن جني في البحث)(1).
   ومع هذا فإنَ صاحب الرياض لا يخفي تردده حول هذا الرأي ، لقوّة أدلة الرأي الاخر (2) الذيَ سنذكره بعد قليل ، مع العلم أن ما ذكر صاحب الرياض أوجدَ حيرة بدتْ واضحة في كلام من بحث حول طبقة المترجم له ، حتَى ان السيد الأمين صرَح في الأعيان قائلاً: (ومع ذلك فالظاهر انه لا يرتفع الاشكال ، فإن تأريخ (673) لا يكاد يجتمع مع تاريخ (841) وكذلك تأريخ (413) لا يكاد يجتمع مع تأريخ (588) إلا أن يُلتزم بأن معاصرته لبعض من ذكر غير صواب ، والله أعلم )(3) وقبل أن نتطرق إلى أدلة القائلين بالرأي الآخر_ الذين لم يتطرقوا للجواب على ما ذكره صاحب الرياض _ نرى لزاما علينا أن نبيَن بعض الحقائق حول كلا مصاحب الرياض ، لعلها تكون بمثابة الخطوة الاُولى في الطريق الموصل إلى ما نركنإليه من َرأي ، مستهدفين بذلك الحقيقة في طرح الإشكال والجواب عليه ، فنقول :
   1 _ لم نعثر في كتاب (كنز الفوائد) للكراجكي _ وعندنا منه نسخة مطبوعة على الحجر مقابلة مع نسخة مخطوطة ثمينة، كتبت سنة 677 ه_، موجودة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مشهد المقدسة _ على أيّ أثر للحسن بن أبيالحسن الديلمي أو أحد كتبه !
   2 _ إذن ، كيف ذكر صاحب الرياض ذلك ؟! وهل يوجد تبرير مقنع يمكننها من خلال تبنيه حلّ الاشكال ؟ وللجواب على هذه الأسئلة وغيرها نطرحما يلي :

--------------------------------
(1) رياض العلماء 1 : 340.
(2) رياض العلماء 1 : 340.
(3) أعيان الشيعة5 : 250.

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 15 _

   ليس من شك أن كتاب ( بحارألأنوار ) لشيخ الإسلام العلامة المجلسي (ت 1110 هـ) يعتبر من أهم الموسوعات ألحديثية التي جمعت التراث الروائي ، فصانته بذلك من الضياع ، وحفظته من التلف، فكان أن اعتمد العلامة المجلسي( رضوان الله عليه ) على مجموعة كبيرة من كتب الرواية والحديث ذكرها في مقدمة كتابه الكبير ، وقد استخدم طريقة الرموز في الاشارة للكتب التي نقل عنها ، فرمز لكتاب الخصال ب _ (ل) وللكافي ب_(كا) ولأمالي إلمفيد ب _ (جا) وهكذا. . . ،ولم يذكر لطائفة صغيرهّ من الكتب رمزاً ما ، بل صرح بأسمائها حين نقل عنها .
   ومن الكتب التي اعتمدها المجلسي ونقل عنها، كتاباً ( كنز جامع الفوائد) و (تأويل الآيات الظاهرة)، ورمز لهما معا ب_(كنز) لكون أحدهمام أخوذاً عن الآخر (1) .
   وكتاب (تأويل الآيات الظاهر في فضائل العترة الطاهرة) للسيد شرف الدين علي الحسيني الاستر ابادي الغروي تلميذ المحقق الكركي الذيَ توفي سنة940 ه_، جمع فيه تأويل الآيات التي تتضمن مدح أهل البيت عليهم السلام ومدح أوليائهم وذم أعدائهم من طرقنا وطرق أهل السنة(2) وينقل فيه عن عدة مصادر ،منها مارواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي(3).
   وكتاب ( كنز جامع الفوائد ودافع المعاند) ، هو للشيخ علم بن سيف بن منصور النجفي الحلّي ، انتخبه واختصر في سنة 937 ه_من كتاب (تأويل الايات الظاهرة) الانف ألذكر، ولذا فقد أشار العلآمة المجلسي لهما برمز (كنز) ،باعتبار أن أحدهما منقول عن الآخر.
   ولعل هناك من يتوهم أن رمز (كنز) هو لكتاب (كنز الفوائد) للكراجكي ، فينقل النصوص عن كتاب بحار الأنوار وينسبها لكتاب (كنز الفوائد) كما حصل لبعض علمائنا رضوان اللّه عليهم ، فلعل ما ذكره صاحب

--------------------------------
(1) بحارالأنوار 1 : 47 .
(2) الذ ريعة 3 : 304/ 1130 .
(3) اُنظر تأويل الآيات : 92 ب ، 101 أ، 115 ب ، 118 ب .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 16 _

  الرياض من قوله : ( نسب الكراجكي في كنز الفوائد وصاحب كتاب تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة كتاب التفسير إلى الحسن بن أبي الحسن الديلمي ويروي عنه بعض الأخبار في أواخر كتابه )(1) هو من هذا القبيل ، أي أنه رأى مانقله العلآمة المجلسي عن هذين الكتابين برمز (كنز) فتبادر إلى ذهنه أن هذه النصوص منقولة عن كتاب (كنز الفوائد) للكراجكي .
   ويدعم هذا الاحتمال ذكر صاحب الرياض لكتاب (تأويل الايات )بضميمة كتاب (كنزالفوائد) ، ممَا يؤكد أنه _ رضوان الله عليه _ استند في كلامه هذا على ما راه في كتاب (بحارالأنوار ) ، والله العالم .
   وعلى هذا نكون قد دفعنا إشكال صاحب الرياض ، وأزلنا بذلك عقبة كأداء أمام تعيين طبقة المترجم له ، إذ لا ضيرأن يكون قد نقل عنه أمثال الشيخ شرف الدين النجفي ، وهو تلميذ المحقق الكركي المتوفى سنة 940 ه_.
   3 _ وأما تعقيبنا على كلام صاحب الرياض بأنه رأى ( في كتب من تقدم على العلآمة بكثير روايته عن كتاب حسن بن أبي الحسن الديلمي ، ومنهم ابن شهر آشرب في المناقب ، وابن جني في البحث ) هو أننا لم نجد في كتاب ( مناقب آل أبي طالب ) لابن شهر آشوب المازندراني أي إشارة لكتاب الحسن بن أبي الحسن الديلمي هذا ! هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى فمن البعيد أن ينقل ابن جني _ وهو العالم اللغوي النحوي _ عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي _ على فرض كونه متقدماً عليه _ وهو رجل الحكمة والموعظة والحديث (2) .
   وبعد هذا العرض الموجز لأدلة القائلين بالرأي الاول والتعقيب عليها .
   نتطرق الآن للرأي الثاني .
   الرأي الثاني : يرى القائلون به أنَ المترجم له كان معاصراً للعلآمة الحلي

--------------------------------
(1) رياض العلماء 1 : 339 .
(2) اُنظر ترجمة ابن جني وذكر تصانيفه في إنباه الرواة على أنباه النحاة 2 : 335_ 340 .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 17 _

  (726هـ)، أو الشهيد الأول (786 هـ) أو متأخراً عنهما بقليل ، وآنه معاصر لفخرالمحققين ابن العلاٌمة الحلي المتوفى سنة (771 هـ) أي إنّه من أعلام المائة الثامنة،وهو ما ذهب اليه السيد الخوانساري (1) والشيخ آقا بزرك الطهراني (2) ، وحاجي خليفة(3).
   ويستند أصحاب هذا الرأي إلى ما يلي :
   1 _ إن الديلمي نقل في الجزء الأول من إرشاد القلوب عن كتابورّام (4)، فهو متأخر عن الشيخ ورام المتوفى سنة605 ه_قطعاً .
   2 _ أنّه نقل في الجزء الثاني من إرشاد القلوب عن كتاب (الألفين )للعلامة(5) المتوفّى سنة 726 ه_، فيكون متأخراً عنه أيضاً، أو معاصراً له .
   3 _ إن المترجم له قال في كتابه (غرر الأخبار) ما لفظه : (وفي كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد... وقال بعد ذكرما جرى من بني اُمية ثمّ من بني العباس على المسلمين ، بتأثير اختلاف ملوك المسلمين شرقاً وغرباً في ضعف الاسلام وتقوية الكفّار_ إلى قوله _ فالكفار اليوم دون المائة سنة قد أباحوا المسلمين قتلا ونهبا)(6).
   فيظهر من هذا النص أنه ألف كتابه المذكور بعد أَنقراض دولة بني العباس في سنة 656 ه_بما يقرب من مائة سنة، أي في أواسط المائة الثامنة .
   4 _ إنّ الشيخ ابن فهد الحلّي المتوفّى سنة 841 نقل في كتابه عدة الداعي عن المترجم له بعنوان الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، فهو متقدم عليه قطعا .
   وعلى هذا يمكن حصر طبقة المترجم له ، والفترة التي عاش فيها من ما بعدسنة 726 ه_إلى ما قبل سنة 841 ه_تقريبا ، وهذا الاحتمال أقرب للواقع _ كما

--------------------------------
(1) روضات الجنات 291:2 .
(2) الذريعة 16 : 56 | 256 .
(3) هدية العارفين 5: 387، وهو الوحيد الذي صرح بأن الديلمي (كان حياً في حدود سنة 760 ه_).
(4) إرشاد القلوب 1 : 173 .
(5) إرشاد القلوب 2: 251.
(6) الذريعة 11 : 9 | 256 . .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 18 _

  نرى_ من خلال ما تقدّم .
  أقوال العلماء فيه :
   1 _ الشيخ الحر العاملي في أمل ألآمل 2 : 77 | 211 : (كان فاضلاً محدثا صالحاً).
   2 _ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار 1 : 16 بعد ذكر مؤّلفاته : (كلّها للشيخ العارف أبي محمد الحسن بن محمد الديلمي).
   وفي ج 1 : 33، بعد ذكر كتابي أعلام الدين ، وغرر الأخبار: (وإنكان يظهر من الجميع ونقل الأكابر عنهما جلالة مؤلفهما).
   3 _ الميرزا عبداللّه أفندي في رياض العلماء 1 : 338 : (الشيخ العارف أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي قدس اللّه سره : العالم المحدّث الجليل المعروف بالديلمي ) .
   4 _ السيد الخوانساري في روضات الجنات 2 : 291 : ( العالم العارف الوجيه أبو محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ، الواعظ المعروف الذي هوبكلّ جميل موصوف .. . وبالجملة فهذا الشيخ من كبراء أصحابنا المحدّثين ).
   5 _ السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة 5 : 250: (هوعالم عارف عامل محدّث كامل وجيه ، من كبار أصحابنا الفضلاء في الفقه والحديث والعرفان ،والمغازي والسير).
   6 _ الشيخ عباس القمّي في الكنى وألألقاب 2 : 212 : (أبومحمد الحسن ابن أبي الحسن محمد الديلمي الشيخ المحدّث الوجيه النبيه).
   وقال في هدية الأحباب ص 137 : ( الديلمي شيخ محدّث وجيه نبيه).
   7 _ حاجي خليفة في هدية العارفين 287:5: ( الديلمي _ حسن بن أبي الحسن محمد الديلمي الشيعي ، أبو محمد الواعظ ، كان حياً في حدود سنة760 هـ) .
   8 _ إسماعيل باشا في إيضاح المكنون 3 : 62 ، بعد ذكر كتاب الارشاد:

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 19 _

  ( للشيخ أبي محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي الواعظ الشيعي).
  سيرى القارئ في (منهجيّة المؤلف) أنّ الديلمي _ رحمه اللّه _ مضطرب النفس في كتابه أعلام الدين ، يعتمد على ذاكرته في نقل الأحاديث ، قليل الكتب حيث ينقل النصوص المضبوطة عن كتابين أو ثلاثة منها مجموعة ورام .
   هذه الظاهرة سببها _ فيما يظهر أبتلاؤه بالغربة والوحدة وضيق ذات اليد ، وهي حالة يبتلى بها العارفون المخلصون الزاهدون في الدنيا، العاملون في سبيل عمارة اُخراهم ولو أضرّ ذلك بدنياهم .
   وقد تنبأ له والده بهذا المستقبل .
   قال المؤلف رحمه اللّه في أعلام الدين ص 326 بعد ذكر عدّة آيات قرأنية في الموالاة في اللّه والمعاداة فيه عزّوجل :
  (يقسم باللّه _ جلّ جلاله _ مملي هذا الكتاب : إنّ أوثق وأنجح ما توخيته فيما بيني وبين الله عزّ وجل ، بعد المعرفة والولاية هذا المعنى، ولقد فعل الله تعالى معي به كلّ خير ، وإن كان أكسبني العداوة من الناس ، فقد ألبسني ثوب الولاية للّه تعالى ، لأنّ اللّه تعالى علِمَ منّي مراعاة هذا الأمر صغيراً وكبيراً، وما عرفني بهم عرفة صحيحة غير والدي _ رحمه اللّه _ فإنّه قال لي يوماً من الأيّام : يا ولدي ، أنت تريد الأشياء بيضاء نقية خالية من الغش من كلّ الناس ، وهذا أمر ما صحّ منهم للّه ولا لرسوله ، ولا لأمير المؤمنين ، ولا لأولاده الأئمة عليهم السلام ، فإذاً تعيش فريداً وحيداً غريباً فقيراً ، وكان الأمر كما قال ، ولست بحمد اللّه بندم ان على ما فات ، حيث كان في ذلك حفاظ جنب اللّه تعالى، وكفى به حسيبا ونصيراً) .
وقد صدقت نبوءة والده فيه ، فإنّه لما خبر الناس والمجتمعات التي يحكمهاالطواغيت وعرفها عن كثب ، وجدها تجمّعات لذئاب في أبدان بشريّة لا يرعون لعهد _ إلهي ولا إنساني _ إلاّ (ولا ذمّة ، فآثر وحشة الانزواء وغربة الانطواء على الذات على مخالطة تلك الذئاب الكاسرة . . . خوفاً على ما حصّله من تزكية نفسه

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 20 _

  وتكميلها .
   فعاش فريدا وحيدا غريباً فقيرا كما تنبأ له والده ، وكما أخبرنا هوفي أولصفحة من كتابه حيث قال :
  (إنّني حيث بليت بدار الغربة، وفقد الأنيس الصالح في الوحشة ، وحملتني معرفة الناس على الوحدة ، خفت على ما عساه حفظته من الاداب الدينيّةوالعلوم العلوية _ وهوقليل من كثير ويسير من كبير أن يشذ عن خاطري ، ويزول عن ناظري _ لعدم المذاكر _ أثبت ما سنح لي إيراده . . .).
   ساعد اللّه العارفين على ما يلقونه من أقوامهم ، وانس وحشة غربتهم في ديارهم ، وكان اللّه لهم . . .

شعره :
  لمؤلفنا شعر يتسم بالنصيحة والوعظ والارشاد على طريقة شعر الزهادوالعارفين ، من هذا الشعر ما عثرنا عليه في مؤلفاته التي اطّلعنا عليها .
   قال في أعلام الدين ص 332 بعد أن روى حديثاً عن خليفة بن حصين ،شعراً في معناه :
تـخيٌر  قـرينآ مـن فعالِكَ iiصالحاً      يُـنعِتكَ  عـلى هول القيامةِ iiوالقّبرِ
ويـسعى  بـه نـوراً لديك ورحمة      تعمٌكَ يومَ الروعِ في عرصةِ iiالحشرِِ
وتـأتي بـه يـوم الـتغابُن iiآمـنآَ      أمـانك  في يمناكَ من روعةِ iiالنشرِِ
فـمَا  يصحب الانسانَ من جل iiماله      سوى صالح الأعمال أو خالص البرّ
بـهذا  أتـى ألتنزيلُ في كلِّ iiسورة      يـفصّلُها  ربُّ الـخلائق في iiالذكرِِ
وفـي سُـنَّة المبعوث للناسِ iiرحمة      سـلامٌ عـليه بـالعشيِ وفي iiالفجرِ
حـديثٌ رواه ابـنُ الحصينِ iiخليفةٌ      ُيـحدثه قـيس بنُ عاصم ذو iiالوفرِ
  وفي إرشاد القلوب ص 113 ، قال المصنف :
لا تنسوا الموتَ في غمٍّ ولا iiفرح      والأرضُ ذئبٌ وعزرائيلُ قصّاب

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 21 _

  وفيه ص 127 ، قال المصنف :
صبرتُ  ولم اطلِعْ هواي على iiصبري      وأخفيتُ ما بي منك عن موضعِ الصبر
مـخافة  أن يـشكوا ضميري صبابتي      إلـى  دمـعتي سرّاً فيجري ولا iiأدريَ
مؤلفاته :
  1 _ إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي من عمل به من أليم العقاب :
  وهو من أشهر مؤلفاته ، ويعرف بإرشاد الديلمي ، نقل عنه العلاّمة المجلسي في كتابه الكبير بحارالأنوار ، وقال عنه : ( وكتاب إرشاد القلوب كتاب لطيف مشتمل على أخبار متينة غريبة )(1) .
   واعتمده الشيخ الحرّ في موسوعته وسائل الشيعة، وعنونه في الفائدة الرابعة منخاتمة الكتاب بعد أن قال : ( الفائدة الرابعة : في ذكر الكتب التي نقلت منها أحاديث هذاالكتاب ، وشهد بصحتها مؤلّفوها وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها ، وتواترت عن مؤلفيهاأو علمت صحة نسبتها إليهم وقامت بحيثٌ لم يبق فيها شكّ ولا ريب ، كوجودها بخطوط أكابرالعلماء ، وتكرّر ذكرها في مصنّفاتهم ، وشهادتهم بنسبتها ، وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة، أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة ، وغير ذلك وهي (2) : . . . كتاب الارشاد للديلمي الحسن بن محمد )(3) .
   وقال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني : (وهو كتاب جليل قرظه السيدعلي صدر الدين المدني المتوفى سنة 1120 برباعيتين ، إحداهما:
إذا  ضلّت قلوب عن iiهداها      فـلم تدرِالعقابَ من iiالثوابِ
فـأرشِدْها  جزاك اللّهُ خيرأ      بإرشاد القلوبِ إلى الصوابِ

--------------------------------
(1) بحار الأنوار 1 : 33 .
(2) وسائل الشيعة 20 : 43.
(3) وسائل الشيعة 20 : 36 .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 22 _

  وثانيتهما :
هـذا  كـتابٌ فـي معانيه iiحسَنْ      لـلديلمي  أبـي مـحمدٍ الـحَسَنْ
أشهى إن المضنى العليلِ من الشفا      وألذّ للعينين من غمضِ iiالوسن(1)
  وذكره إسماعيل باشا في إيضاح المكنون قائلاً: ( إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي مَن عمل به من أليم العقاب ، للشيخ أبي محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي ، الواعظ الشيعي) (2) .
   وقال السيد الخوانساري في الروضات : (وله كتب ومصنّفات منها كتابإرشاد ألقلوب ، في مجلّدين ، رأيت منه نسخاً كثيرة، وينقل عنه صاحب الوسائل والبحار كثيراً، معتمدين عليه )(3) .
   يقع الكتاب في مجلدين ، المجلد الأول في المواعظ والنصائح ونحوها،والمجلّد الثاني في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام .
   قال الشيخ الحر بعد الثناء على المؤلف : (له كتاب إرشادالقلوب مجلدان ) (4) .
   وقد شكّك صاحب الرياض في نسبة المجلّد الثاني من الكتاب للديلمي وقال : (وبالجملة المجلّد الثاني من كتاب إرشاده كثيراً ما يشتبه الحال فيه ، بللا يعلم الأكثر أنه المجلد الثاني من ذلك الكتاب) (5).
   وقال السيد الخوانساري : ( إلاّ أنّ في كون المجلد الثاني منه المخصوص بأخبارالمناقب تصنيفا له أو جزءاً من الكتاب نظراً بيّناً ، حيث ان وضعه كما أستفيد لنا من خطبته على خمس وخمسين باباً كما في الحكم والمواعظ ، فبتمام المجلّدالأول تتصرّم عدّة الأبواب ، مضافاً إلى أنّ في الثاني توجد نقل أبيات في المناقب

--------------------------------
(1) الذريعة 1 : 517 | 2527 .
(2) إيضاح المكنون 3 : 62 .
(3) روضات الجنات 2 : 291.
(4) أمل الامل 2 : 77 | 211 .
(5) رياض العلماء1: 340 .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 23 _

  عن الحافظ رجب البرسي مع أنّه من علماء المائة التاسعة)(1).
   وقال السيد الأمين بعد ذكره قول الميرزا الأفنديَ والسيد الخوانساري :(يرشد إليه ما ستعرف من أسمه الدالّ على أنه في المواعظ خاصة)(2) .
   نقول : أمّا ما ذهب إليه السيد الخوانساري قدس سرّه من أنّه استفاد منخطبة الكتاب أنّه صنف على خمس وخمسين باباً كلّها في الحكم والمواعظ ، وأنّعدة الأبواب تتصرٌم بتمام المجلد الأول _ يندفع إذا عرفنا أنّ عدة إلأبواب قبل الجزءالثاني أربعة وخمسين باباً _ على ما في النسخة المطبوعة من الكتاب _ وأنّ الجزءالثاني بمثابة الباب الخامس والخمسين من الكتاب ، وفي نهاية الجزء الأول منالكتاب ما لفظه : (تمّ الجزء الأول من كتاب إرشاد القلوب ...
   ويليله الجزء الثاني الباب الخامس والخمسون والأخير، وفيه فضائل الإمام علي عليه السلام ومناقبه وغزواته)(3) .
   وأما قوله قدّس سرّه (كلّها في الحكم والمواعظ) فلم نجد في خطبةالكتاب ما يدل على هذه (الكلية).
   وأمّاما في الأعيان من الاسترشاد باسم الكتاب على أنّه في المواعظ خاصة،مندفع أيضاً، اذ أنّ اسم الكتاب هو(إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي مَنعمل به من أليم العقاب) لا يوحي كونه من المواعظ خاصة، وأنّ ما في الجزءالثاني من الكتاب يندرج تحت هذا العنوان ، لأن التذكير بفضائل أميرالمؤمنين (عليه السلام) من فواضل الأمور، أليس هو المحجة البيضاء والصراط المستقيم ؟!أليس حبّه جُنّه من النار وأمانآَ من العذاب ؟! وهل نجاة ترجى بدون التمسك بولايته (عليه السلام) ؟!
  نعم ، هناك بعض الإشكالات التي يمكن الاعتماد عليها في التشكيك في نسبة الكتاب للديلمي منها:

--------------------------------
(1) روضات الجنات 2 : 291 .
(2) أعيان الشيعة5: 250 .
(3) إرشاد القلوب :260 .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 24 _

  1 _ ذكر في ص 298 من الجزء الثاني حديثاً مرفوعاً إلى الشيخ المفيد إلى سليم بن قيس الهلالي ، وقال بعده :
  (وذكره المجلسي رحمه اللّه في المجلّد التاسع من كتاب بحار الأنوار والسيدالبحراني في كتاب مدينة المعاجز بتغيير ما ، فمن أراده فل يراجعهما ).
   وهذا النص صريح في أنّ مصنّف الكتاب هومن علماء القرن الحادي عشر الهجري _ على أقل تقدير _ إذا لم يكن من علماء القرن الثاني عشرة ، باعتبار وفاة العلامة المجلسي سنة . 1110ه_.
   نعم ، قد يقال : إنّ هذه العبارة مقحمة سهواً من قبل ناشر النسخةالمطبوعة للكتاب من هوامش النسخة الخطوطة، أَو ما شابه ذلك ، باعتبار إقرار الشيخ الحر المتوفى سنة 1104 ه _ في أمل الامل بكون الكتاب مجلّدين .
   2 _ لا يوجد في الجزء الثاني من الكتاب ما يدلّ على كونه للديلمي ، مع العلم أنّ الجزء الأول من الكتاب يحتوي على عدّة عبارات تؤكّد نسبة الكتاب للمصنّف ، مثل عبارة ( يقول العبد الفقير إلى رحمة اللّه ورضوانه الحسن بن محمد الديلمي تغمده الله برحمته ) وغيرها ، وخلوّ الجزء الثاني منها ، يعتبر تبايناً واضحاً في الشكل العام للكتاب .
   ومن مظاهر الاهتمام بالكتاب ، تلخيصه من قبل الشيخ شرف الدين البحراني ، قال الشيخ الطهراني : ( تلخيص إرشاد القلوب تأليف الديلمي ، للشيخ شرف الدين يحيى بن عزالدين حسين بن عشيرة بن ناصر البحراني نزيل يزد،ونائب أستاذه المحقق الكركي كما حُكي عن الرياض )(1) .
   أنظر (أمل الآمل 1 : 338 ، بحار الأنوار 1 : 16 ، 33، رياض العلماء 1 :339، روضات الجنات 2 : 291، هدية العارفين 5: 287 ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 1 : 517 | 2527 ، الحقائق الراهنة : 38 إيضاح المكنون 3 : 62، الكنيه والألقاب 2 : 213، هدية الأحباب :
  137 ، أعيان الشيعة 5 : 251).

--------------------------------
(1) الذريعة 4 : 419 | 1849 .

أعـَـلامُ الـدِّيـِـن في صفات المؤمنين _ 25 _

  2 _ الأربعون حديثاً : ذكره الشيخ أقا بزرك الطهراني في الذريعة، قال :(قال الفاضل المعاصر الشيخ علي أكبر البجنوردي : إنّه كانت عندي نسخة منه وتلفت ، وكان أوّل أحاديثه حديث جنود العقل والجهل ، وثالثها حديث الغدير)(1) .
   3 _ غرر الأخبار ودرر الآثار في مناقب الأطهار : ذكره الشيخ اقا بزرك الطهراني في الذريعة وقال : ( ينقل عنه المجلسي في أول البحار، وأيضاً ينقل عن الغرر المولى محمد حسين الكوهرودي المعاصر المتوفّى بالكاظمية في 1314 ه_ في تأليفاته كثيراً ، منها حديث الكساء بالترتيب الموجود في منتخب الطريحي باختلاف يسير جدّاً ، بأسانيد عديدة .
   أقول : رأيت عند السيد اقا بزرك التستري نسخة من الغرر مخرومة ، وفيعدة مواضع من أواسطه : يقول العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى ورضوانه الحسن بنأبي الحسن محمد الديلمي _ إلى قوله _ وفي كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد. . . .
   وقال بعد ذكر ما جرى من بني أميّة ثمّ بني العباس على المسلمين ، بتأثير اختلاف ملوك المسلمين شرقا وغربا في ضعف الاسلام وتقوية الكفار _ إلى قوله _ فالكفاراليوم دون المائة سنة قد أباحوا المسلمين قتلاً ونهباً فيظهر منه أنّه (ألّفه) بعد مائة سنة من انقراض بني العباس في 656 ه_) (2) .
   وعقب السيد محسن الأمين بعد ذكره كلام الشيخ الطهراني قائلاً: ( واستفاد من ذلك أنّ تأليف غرر الأخباركان بعد انقراض دولة بني العباس بما يقرب من مائة سنة ، فيكون في أواسط المائة الثامنة ، وسواء أدلّ كلامه على ذلك أو لم يدلّ ، فهو يدل على أنّ تأليفه كان بعد انقراض دولة بني العباس ، يكون بعدي أواسط المائة السابعة)(3).
  وقال الشيخ الطهراني : ( وينقل في الغررأيضاً عن كتاب (نزهة

--------------------------------
(1) الذريعة 1 :414 | 3144 ، أعيان الشيعة5: 251.
(2) الذريعة 16 : 36 | 156 .
(3) روضات الجنات 5: 250.