وكان يقرأ ( وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) (الكهف/80).
* عين حامية !
  هذه من الروايات التي تصور كعب الأحبار الذي ملأ دنيا الإسلام بالإسرائيليات بصورة المتصدي لتصحيح قراءة المسلمين ، فيقيس القرآن بتوراة اليهود ! وأعجب منه أن ابن أبي سفيان ، معاوية ، كان ممن يقرأ القرآن ! بل ويهتم بقراءاته أيضا !
  ( أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية التي في سورة الكهف ( تغرب في عين حامية ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية رضي الله عنه ما نقرؤها (فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) (الكهف/86)، فسأل معاوية عبد الله بن عمرو : كيف تقرؤها ؟ فقال عبد الله : كما قرأتـها ! قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية في بيتي نزل القرآن ) (2) .
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ (فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) (الكهف/86)، قال كعب رضي الله عنه : ما سمعت أحدا يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس فإنا نـجدها في التوراة تغرب في حمئة سوداء ).
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في حمئة وحامية وقرأتـها (فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) (الكهف/86) ، فقال عمرو ( وحامية ) فسألنا كعبا فقال : إنـها في كتاب الله المنـزل تغرب في طينة سوداء ) (3) .

* صوما صمتا !
  ( أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أنس بن مالك أنه كان يقرأ ( إني نذرت للرحمن صوما صمتا ) ).
  وكشاهد نذكر ( أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها ( إني نذرت للرحمن صوما صمتا ) وقال ليس إلا أن حملت فوضعت ) (4) .

--------------------
(1) ن.م ص230.
(2) ن.م ص240.
(3) ن.م ص248.
(4) ن.م ص269.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 577 _
  ( أخرج ابن الأنباري عن الشعبي قال : في قراءة أبي بن كعب ( إني نذرت للرحمن صوما صمتا ) ) (1) ، وما أنزله الله عز وجل قرآنا هو (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) (مريم/26) ، نعم هذا من التنـزيل الذي نزل مع القرآن وكان سببا لاختلاط الأمر على بعض الصحابة إذ حسبوه كغيره من ألفاظ القرآن .
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عياش قال : في قراءة أبي ( قالوا يا ذا المهد ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (مريم/29ـ30).
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة إنه قرأ ( و إن منهم إلا وادها ) قال : وهم الظلمة كذلك كنا نقرؤها ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا) (مريم/71).
  ( أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب بن أبي ثابت قال : في حرف أبي ( قل من كان في الضلالة فانه يزيده الله ضلالة ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمانُ مَدًّا) (مريم/75).
  ( أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله (وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ) (مريم/80)، قال : ما عنده هو قوله (لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا) (مريم/77)، وفي حرف ابن مسعود ( ونرثه ما عنده و يأتينا فردا لا مال له ولا ولد ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا (أفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا أ اطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَانِ عَهْدًا كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا) (مريم/77ـ80).

--------------------
(1) ن.م ص270.
(2) ن.م ص270.
(3) ن.م ص282.
(4) ن.م ص283
(5) ن.م ص284.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 578 _
  ( أخرج الترمذي وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما قفل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم من خيبر أسري ليلة ـ إلى قوله ـ (وَأَقِمْ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي) (طه/14)، وكان ابن شهاب ـ الزهري ـ يقرؤها ( للذكرى ) ) (1) .

* أخفيها من نفسي !
  ( أخرج ابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنه عنهما إنه قرأ ( أكاد أخفيها من نفسي ) يقول : لأنـها لا تخفى من نفس الله أبدا ) .
  أقول : هذا ما يفعله الاجتهاد والرأي في نصوص القرآن ! وواضح هنا في أن علة انتخاب هذه القراءة ليس التوقيف بل الاجتهاد والرأي وههنا هو اعتقاد القارئ بعلم الله عز وجل بكل شيء ، فأين التوقيف من هذه القراءات كما يزعم أهل السنة ؟!
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ليس من أهل السموات والأرض أحد إلا قد أخفى الله عنه علم الساعة وهي في قراءة ابن مسعود ( أكاد أخفيها من نفسي ) يقول : أكتمها من الخلائق حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت ) .
  ( أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة ( أكاد أخفيها من نفسي ) قال : لعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ومن الأنبياء والمرسلين ) ، وهي في القرآن هكذا (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى) (طه/15) ، ثم تأتينا رواية تزيد الطين بلة وهو اجتهاد من سيد القراء يزيد به هذا المقطع ( فكيف أطلعكم عليها ) للآية :
  ( أخرج ابن الأنباري عن الفراء قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه ( أكاد أخفيها من نفسي فكيف أطلعكم عليها ) ) ! (2) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في بعض القراءة ( لنذبحنه ثم لنحرِقنه ) خفيفة قال قتادة : وكان له لحم ودم ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا) (طه/97) .

--------------------
(1) ن.م ص293ـ294.
(2) ن.م ص294.
(3) ن.م ص307.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 579 _
  ( أخرج عبد ابن حميد عن الضحاك رضي الله عنه (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الأنبياء/33)، قال : يجرون قال : وكان عبد الله يقرأ ( كل في فلك يعملون ) ) (1) .
  ( أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (حَصَبُ جَهَنَّمَ) (الأنبياء/98)، قال : حطبها ، قال : في بعض القراءة ( حطب جهنم ) من قراءة عائشة ) (2) .

* صوافن !
  ( أخرج ابن الأنباري في المصاحف والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ ( فاذكروا اسم الله عليها صوافن ) ).
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن الأنباري عن قتادة قال : كان عبد الله بن مسعود يقرأ ( فاذكروا اسم الله عليها صوافن ) أي معقولة قياما ) .
  ( أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرؤها صوافن قال : رأيت ابن عمر ينحر بدنته وهي علي ثلاثة قوائم قياما معقولة ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ) (الحج/36) .
  ( أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس رضي الله عنه يقرأ ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث ) ) (4) .
  أقول : هذه الزيادة ( ولا محدث ) وردت في الكافي فكانت ومازالت محلا لـهرج الوهابية ولغطهم على الشيعة بفرية تحريف القرآن ! ويا ليتهم نظروا في كتبهم قبل أن يتفوهوا بشيء ! مع أن الشيعة عندهم الوجه الصحيح لهذا المقطع ولكن أهل السنة يقولون هو مما حذفه عثمان ! ، وهذا ليس إلا تحريف للقرآن لأن هذه الجملة إما من القرآن فعثمان حرفه بحذفها وإما ليست من القرآن فابن عباس هو المحرف ، وعلى أي حال فما أنزل من السماء كنص قرآني هو (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ) (الحج/52)
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن مسروق قال : في قراءة عبد الله ( والذي تولى كبره منهم له عذاب أليم ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور/11).

--------------------
(1) ن.م ص318.
(2) ن.م ص339.
(3) ن.م ج4 ص362.
(4) ن.م ص366 .
(5) ن.م ج5ص33.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 580 _
  ( أخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن أبي مليكة قال : كانت عائشة تقرأ ( إذ تقلونه بألسنتكم ) وتقول : إنما هو ولق القول ، والولق الكذب ، قال : ابن أبي مليكة : هي أعلم به من غيرها لأن ذلك نزل فيها ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) (النور/15).

* حتى تستأذنوا !
  ( أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن إبراهيم قال : في مصحف عبد الله ( حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا ) ) .
  ( أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : هي في قراءة أُبـيّ (حتى تسلموا وتستأذنوا ) ) (2) .
  وهذا المقطع ادعى ابن عباس تحريفه من قبل كاتب المصحف وسيأتي الكلام عنه بإذنه تعالى ، وهي في القرآن هكذا (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا) (النور/27).

* الذين لم يبلغوا الحلم !
  ( أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ) (النور/31)، قال : في القراءة الأولى ( الذين لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم ) ).
  ( أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن طاووس ومجاهد قال : لا ينظر المملوك لشعر سيدته ، قالا : وفي بعض القراءة ( أو ما ملكت أيمانكم الذين لم يبلغوا الحلم )" (3) ، وهي في القرآن هكذا (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ) (النور/31).
  ( أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : في قراءة ابن مسعود ( فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم ) قال للمكرهات على الزنا ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور/33).

--------------------
(1) ن.م ص34ـ35.
(2) ن.م ص38.
(3) ن.م ص43 .
(4) ن.م ص47.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 581 _
* نور المؤمن !
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي العالية قال : هي في قراءة أبي بن كعب ( مثل نور من آمن به ) أو قال ( مثل من آمن به ) ) .
  ( أخرج عبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي بن كعب (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ ) (النور/35). قال : هو المؤمن الذي جعل الإيمان والقرآن في صدره فضرب الله مثله فقال (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) نفسه ثم ذكر نور المؤمن فقال : ( مثل نور من آمن به ) فكان أبي بن كعب يقرؤها ( مثل نور من آمن به ) فهو المؤمن جعل الإيمان والقرآن في صدره كمشكاة قال : فصدر المؤمن المشكاة فيها مصباح والمصباح النور وهو القرآن والايمان الذي جعل في صدره ... الخ).
  ( أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن الشعبي قال : في قراءة أبي بن كعب ( مثل نور المؤمن كمشكاة ) ) (1) .
  أقول : على ضوء هذه الروايات تكون قراءة أبي بن كعب هي ( نور من آمن به ) أو ( نور المؤمن ) وهي عين قراءة ابن عباس الذي ادعى تحريف هذا المقطع من القرآن كما سيأتي الكلام عنه إن شاء الله تعالى ، والسؤال هو : أين التوقيف واتباع قراءة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من اجتهاد أبي بن كعب في القراءة وإدخال رأيه فيها ؟!
* جلابيبهن !
  ( أخرج ابن المنذر عن ميمون بن مهران قال في مصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود ( فليس عليهن جناح أن يضعن جلابيبهن غير متبرجات ) ).
  ( أخرج ابن أبى حاتم عن ابن مسعود وابن عباس أنـهما كانا يقرآن ( فليس عليهن جناح أن يضعن جلابيبهن غير متبرجات ) ) .
  قد أثر عن ابن عباس أنه كان يقرأها بالشكلين بما أنزله الله عز وجل وبغيره ويكفي لإثبات التلاعب هو اعتقاد القارئ قرآنية الشاذ سواء اقتصر على الشاذ أم كان يرى قرآنية غيره أيضا ، وكان ابن عباس يعلل ذلك بأن الثياب تعني الجلباب ! : ( أخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر وابن الأنباري

--------------------
(1) ن.م ص48.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 582 _
  في المصاحف والبيهقي في السنن عن ابن عباس أنه كان يقرأ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ ويقول : هي الجلباب ) (1) ، ولعل عدوى ابن مسعود أصابت ابن عباس ! ، وهي في القرآن هكذا (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ) (النور/60).
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن الزبير أنه قرأ في صلاة الصبح الفرقان فلما أتى على هذه الآية قرأ ( فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما ) ).
  وكشاهد ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه قرأ ( فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما ) ) ، وهي في القرآن هكذا (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) (الفرقان/77).

* من الجاهلين !
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ) رض ( ـ إلى قوله ـ (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) (الشعراء/19)، قال قتلت النفس التي قتلت (وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ) (الشعراء/19)، قال فتبرأ من ذلك نبي الله (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّين) (الشعراء/20)، قال : من الجاهلين ، قال : وهي في بعض القراءة ( إذن وأنا من الجاهلين ) فإنما هو شئ جهله ولم يتعمده ) ( أخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : في قراءة ابن مسعود ( فعلتها إذن وأنا من الجاهلين ) ) (2) .
  ( أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يقرؤها ( وإنا لجميع حاذوون ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) (الشعراء/56).

--------------------
(1) ن.م ص57.
(2) ن.م ص83.
(3) ن.م ص86.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 583 _
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن مجاهد قال : في قراءة عبد الله ( وواعدناه أن نؤمنه أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ) ) (1) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : ذكر لنا أنـها كانت مع لوط لما خرج من القرية فسمعت الصوت فالتفتت فأرسل الله عليها حجرا فأهلكها فهي معلوم مكانـها شاذة عن القوم وهي في مصحف عبد الله ( ولقد وفينا إليه أهله كلهم إلا عجوزا في الغبـر ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا    (فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ) (الشعراء/170ـ171).

* ورهطك منهم المخلصين !
  ( أخرج ابن جرير عن عمرو بن مرة أنه كان يقرأ ( و أنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) (الشعراء/214ـ215).
  فلتقرأ الوهابية صحيحي البخاري ومسلم !
  هذه القراءة وردت في بحار الأنوار للعلامة المجلسي رضوان الله تعالى عليه منسوبة لابن مسعود :
  ( الحسين بن سعيد ـ معنعنا ـ عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما نزلت عليّ ( وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين ) ، فقال أبو جعفر عليه السلام : هذه قراءة عبد الله ) ) (4) .
  وذكرها أحد علماء أهل السنة وهو الثعلبي في تفسيره حيث قال : ( وفي قراءة عبد الله بن مسعود ( وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين ) ) (5) ، ولم يقتصر أمر هذه القراءة على روايات الشيعة الضعيفة سندا بل أخرجها كل من البخاري ومسلم في صحيحيهما وبلفظ ( لما نزلت ) ، وهذا نص صحيح البخاري :

--------------------
(1) ن.م ص93.
(2) ن.م ج3ص345.
(3) ن.م ص93.
(4) بحار الأنوار ج18ص211 .
(5) تفسير الثعلبي ج3 ص 163.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 584 _
  ( حدثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : لما نزلت ( وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين ) ، خرج رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم الخ ) (1) .
  والسيوطي تتبع هذه الزيادة في المصادر وذكر من أخرجها ، فقال : ( أخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لما نزلت ( وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين ) الخ ) (2) .
  فأقول : هذه الزيادة نزلت من عند الله عز وجل على رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم كما هو صريح روايتي البخاري ومسلم ، فإن لم تكن على نحو التنـزيل المفسر للقرآن ، فأين ذهبت تلك الزيادة التي ما فتئ بعض تابع التابعين يقرأ بـها ؟!
  والغريب أن بعض الوهابية واصل الضرب على أوتار التشويه والتشنيع على الشيعة بأن روايتهم تحرف القرآن مستدلا برواية البحار السابقة ! مع أن علماء الشيعة لا يعدون هذه الزيادة من النص القرآني المعجز كما حسب مغفلو الوهابية ! ، ناهيك عن أن مضمون هذه الرواية ورد في أصح الكتب عندهم وهما البخاري ومسلم ! فيا ليتهم مروا على البخاري ومسلم ولو مرة واحدة في حياتـهم قبل أن يبعبعوا !

* بوركت النار !
  ( أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : في مصحف أبي بن كعب ( بوركت النار ومن حولها ) أما النار فيزعمون أنـها نور رب العالمين ومن حولها الملائكة ).
  ( أخرج عبد بن حميد عن عكرمة انه كان يقرأ ( أن بوركت النار ) ) (3) ، وما أنزله الله عز وجل قرآنا (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) (النمل/8).
  ( أخرج عبد بن حميد عن حماد بن سلمة قال : قرأت في مصحف أبي بن كعب ( وإني عليه لقوي أمين قال أريد أعجل من ذلك ) ) (4) .

--------------------
(1) صحيح البخاري ج4ص1902 ح4687 باب تفسير سورة ( تبت يدا أبي لهب ) ، صحيح مسلم ج1ص193ح208 ، السنن الكبرى للبيهقي ج9ص7 .
(2) الدر المنثور ج6ص408 .
(3) ن.م ص102.
(4) ن.م ص109.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 585 _
  ( أخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : في قراءة ابن مسعود ( قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) قال فتكلم ذلك العالم بكلام دخل العرش في نفق تحت الأرض حتى خرج إليهم ) ، (1) وهي في القرآن هكذا (قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) (النمل/40) .
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وإذا وقع القول عليهم قال : إذا وجب القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم قال : وهي في بعض القراءة ( تحدثهم تقول لهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ) (النمل/82).
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون قال : في حرف ابن مسعود ( وأن اتل القرآن على الأمر ) وفي حرف أُبيّ بن كعب ( واتل عليهم القرآن ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) (النمل/92).
  ( أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : ما كان في القرآن (وَما اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلونَ) بالتاء (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلونَ) بالياء ) (4) .
  والآيات التي لا تنطبق عليها هذه الضابطة التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي : (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (البقرة/144).
   (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (هود/123).

--------------------
(1) ن.م ص109.
(2) ن.م ص115.
(3) ن.م ص119.
(4) ن.م ص119.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 586 _
-    (وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (النمل/93).
  ولا أدري كيف تنسجم هذه الرواية وقولهم إن من القراءات الصحيحة والمقبولة القراءة ب‍ (تعلمون) أو (يعلمون) ؟! ، فلم لم تقل الرواية إن قراءة أي منها لا يضر ؟!
  ( أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس أنه كان يقرؤها ( إن الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) (العنكبوت/45).

* وهو أب لهم !
  ( أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور واسحق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي عن بجالة قال مرّ عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتـهم وهو أب لهم ) فقال : يا غلام حكها ! فقال : هذا مصحف أُبيّ ، فذهب إليه فسأله فقال : إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق ! ) ، ( أخرج الفريابي وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ هذه لآية ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتـهم ) ) (2) .
  ( أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ( قالَ يا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَناتي ) قال : ما عرض لوط عليه السلام بناته على قومه لا سفاحا ولا نكاحا إنما قال : هؤلاء بناتي نساؤكم لأن النبي إذا كان بين ظهري قوم فهو أبوهم قال الله في القرآن ( وأزواجه أمهاتـهم وهو أبوهم ) في قراءة أبي رضي الله عنه ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) (الأحزاب/6).
  ( أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا) (الأحزاب/6)، قال : القرابة من أهل الشرك معروفا ، قال :وصية ولا ميراث لهم كان ذلك في الكتاب مسطورا قال : وفي بعض القراءة ( كان ذلك عند الله مكتوبا أن لا يرث المشرك المؤمن ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا) (الأحزاب/6).

--------------------
(1) ن.م ص145.
(2) ن.م ص183.
(3) ن.م ص342.
(4) ن.م ص183.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 587 _
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأ ( فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وآخرون ما بدلوا تبديلا ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب/23).
  ( أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ هذا الحرف ( وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب ) ) (2) .
  أقول : هذا المقطع يعكس الواقع المتعارف عليه بين الصحابة ، من أن الله عز وجل كفى المؤمنين القتال بشجاعة الإمام علي عليه السلام حينما قتل عمرو بن عبد ود العامري رأس الشرك حتى أنزل هذا المعنى من السماء تفسيرا لكتابه ، وما أنزله الله عز وجل قرآنا خالصا من التنـزيل هو (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) (الأحزاب/25).
  ( أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حميدة قالت : أوصت لنا عائشة بمتاعها فكان في مصحفها ( إن الله وملائكته يصلون علي النبي والذين يصفون الصفوف الأول ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (الأحزاب/56).
  لمتابعة القراءات الشاذة اضغط على الصفحة التالية أدناه

--------------------
(1) ن.م ص191.
(2) ن.م ص192، وهذا بعض ما وجدته في مصادر الشيعة : في الإرشاد للشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه ج1ص93ـ94ح7 : ( وقد روى يوسف بن كليب ، عن سفيان بن يزيد ، عن قرة وغيره ، عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ ( وكفى الله المؤمنين القتال بعلى وكان الله قويا عزيزا ) ) ، وفي نـهج الحق ص199 ( قوله تعالى : (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ ا لْقِتَالَ) في قراءة ابن مسعود : ( بعلي بن أبي طالب ) ) ، ومن الهامش : ( ينابيع المودة ص 94 ، والدر المنثور ج 5 ص 192 ، وروح المعاني ج 21 ص 156 ، وشواهد التنزيل ج 2 ص 3 ، وكفاية الطالب ص 234 ) ، وفي بحار الأنوار ج20ص205 : ( وعن الحاكم أبي القاسم أيضا بالإسناد عن سفيان الثوري عن زبيد الشامي عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال : كان يقرأ ( وكفى الله المؤمنين القتال بعلي ) )
  بحار الأنوار ج20ص274 : ( وقال ابن عباس في قوله : (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) قال : ( بعلي بن أبى طالب ) ).
  بحار الأنوار ج32ص25ح10 : ( محمد بن العباس عن علي بن العباس عن عباد بن يعقوب عن فضل بن القاسم عن سفيان الثوري عن زبيد الشامي عن مرة عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ ( وكفى الله المؤمنين القتال بعلي وكان الله قويا عزيزا ) وروى أيضا عن محمد بن يونس عن مبارك عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن يحيى بن معلى الأسلمي عن محمد بن عمار بن زريق عن أبي إسحاق عن أبي زياد بن مطر قال : كان عبد الله بن مسعود يقرأ ( وكفى الله المؤمنين القتال بعلي ) عليه السلام روى أيضا عن محمد بن يونس عن مبارك عن يحيى بن عبد الحميد قال : قال أبو زياد : هو في مصحفه هكذا رأيتها .
  روى أبو بكر بن مردويه عن ابن مسعود مثله ، وروى أبو نعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي بإسناده عن ابن مسعود أنه كان يقرأ هذه الآية ( وكفى الله المؤمنين القتال ، بعلي بن أبي طالب ) عليه السلام .
  أقول ـ المجلسي ـ : روى ابن بطريق في المستدرك عن الحافظ أبي نعيم ، بإسناده عن مرة ، عن ابن مسعود مثله ، بحار الأنوار ج35ص2 : ( وروى السيد أبو محمد الحسيني عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بإسناده عن سفيان الثوري عن زبيد الشامي عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال : وكان يقرأ ( وكفى الله المؤمنين القتال بعلي ) )
  بحار الأنوار ج37ص88 : ( في قوله تعالى : ( وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب عليه السلام وقتله عمرو بن عبد ود ) ، وقد رواه أبو نعيم الأصفهاني فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام بالإسناد عن سفيان الثوري عن رجل عن مرة عن عبد الله ).
  أقول : لا ريب أن هذه الروايات كلها سنية كانت أو شيعية تحكي التنـزيل المفسر للآية ، ويخطر في بالي سؤال وهو إلى متى تتحايل الوهابية وتستغفل العوام بالاقتصار على نقل روايات الشيعة فقط وتخفي رواياتـهم ؟!
(3) ن.م ص220 .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 588 _
* تبيّنت الإنس ! فمكثوا يدينون له !
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان سليمان عليه السلام يخلو في بيت المقدس ـ إلى قوله ـ فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها يوما وليلة ثم حسبوا علي نحو ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة وهي في قراءة ابن مسعود ( فمكثوا يدينون له من بعد موته حولا كاملا ) ) (1) .
  ( أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لبث سليمان عليه السلام علي عصاه حولا بعدما مات ثم خر علي رأس الحول فأخذت الإنس عصا مثل عصاه ودابة مثل دابته فأرسلوها عليها فأكلتها في سنة وكان ابن عباس يقرأ ( فلما خرّ تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة ) قال سفيان وفي قراءة ابن مسعود ( وهم يدأبون له حولا ) ) .
  ( أخرج البزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم و الطبراني وابن السني في الطب النبوي وابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : كان سليمان عليه السلام ـ إلى قوله ـ فأكلتها الإرضة فسقطت فعلموا عند ذلك بموته ( فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ) وكان ابن عباس يقرؤها كذلك ، فشكرت الجن الأرضة فأينما كانت يأتونـها بالماء أخرجه البزار والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس موقوفا ).
  ( أخرج عبد ابن حميد عن قتادة قال كانت الجن تخبر الإنس انـهم يعلمون من الغيب أشياء وانـهم يعلمون ما في غد فابتلوا بموت سليمان عليه الصلاة والسلام فمات فلبث سنة علي عصاه وهم لا يشعرون بموته وهم مسخرون تلك السنة ويعملون دائبين فلما خر تبينت الجن وفي بعض القراءة

--------------------
(1) ن.م ص229ـ230.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 589 _
  ( فلما خر تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين وقد لبثوا يدأبون ويعملون له حولا بعد موته ) ).
  ( أخرج عبد بن حميد من طريق قيس بن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت الإنس ـ إلى قوله ـ ميتا حولا والجن تعمل بقيامه ( فلما خر تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) كان ابن عباس رضي الله عنهما كذلك يقرؤها ، قال قيس بن سعد رضي الله عنه : وهي قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه كذلك ) (1) .
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة )رض( قال لما رد الله الخاتم إليه ـ إلى قوله ـ فعلمت الجن أنه قد مات فذلك قوله (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ) (سبأ/14)، ولقد كانت الجن تعلم أنـها لا تعلم الغيب ولكن في القراءة الأولى ( تبينت الإنس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) (سبأ/14).
  ( أخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : في قراءة ابن مسعود ( إن كانت إلا رتقة واحدة ) وفي قراءتنا (إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً) (يس/29)) (3) .
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ) (يس/30)، يا حسرة العباد على أنفسها على ما ضيّعت من أمر الله وفرطت في جنب الله تعالى وقال : وفي بعض القراءة ( يا حسرة العباد على أنفسها ما يأتيهم من رسول ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون) (يس/30).
  ( أخرج سعيد بن منصور وأحمد و الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي ذر قال : دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم جالس فقال يا أبا ذر ـ إلى قوله ـ فتطلع

--------------------
(1) ن.م ص230.
(2) ن.م ص231.
(3) ن.م ص262.
(4) ن.م ص262.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 590 _
  من مغربـها ثم قرأ ( وذلك مستقر لها ) قال : وذلك قراءة عبد لله (1) ، وهي في القرآن هكذا (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (يس/38).

* فمنها ركوبتهم !
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عروة قال : في مصحف عائشة (رض) ( فمنها ركوبتهم ) ) .
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون قال : في حرف أبي بن كعب رضي الله عنها ( فمنها ركوبتهم ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا
(فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ) (يس/72).
  ( أخرج ابن جرير عن السدي في قوله (بَيْضاءَ) قال : في قراءة عبد الله ( صفراء ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) (الصافات/46).
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن جريج قال : في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه ( ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم) ).
  وكشاهد ( أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن مسعود رضى الله عنه قال لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء وهؤلاء أهل الجنة وأهل النار وقرأ ( ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ) (الصافات/68).
  ( أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه إنه كان يقرؤها ( قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا (أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) (الزمر/3).

--------------------
(1) ن.م ص263.
(2) ن.م ص269.
(3) ن.م ص274.
(4) ن.م ص278.
(5) ن.م ص322.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 591 _
  ( أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأ ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر عذاب الآخرة ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) (الزمر/9).
  ( أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد أنه كان يقرأ ( والذي جاء بالصدق وصدقوا به ) قال : هم أهل القرآن يجيئون بالقرآن يوم القيامة يقولون هذا ما أعطيتمونا قد اتبعنا ما فيه ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (الزمر/33).
  أقول : ليس من البعيد أن يكون الهدف من هذا التلاعب هو صرف مقطع الآية ( وَصَدَّقَ بِهِ) عن الإمام علي عليه السلام كما وردت بذلك الأخبار ، وهذا ليس بعزيز على مجاهد بن جبر .
  ( أخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : في بعض القراءة ( الذين يحملون العرش فالذين حوله الملائكة يسبحون بحمد ربـهم ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) (غافر/7).
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَانِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (الزخرف/45)، قال : سل أهل التوراة والإنجيل هل جاءت الرسل إلا بالتوحيد ، وقال : في بعض القراءة ( واسأل من أرسلنا إليهم رسلنا قبلك ) ) .
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن مجاهد قال كان عبد الله يقرأ ( و اسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا ) قال : في قراءة

--------------------
(1) ن.م ص323.
(2) ن.م ص328.
(3) ن.م ص347.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 592 _
  ابن مسعود ( واسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبل مؤمني أهل الكتاب) " (1) ، وهي في القرآن هكذا (فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ) (يونس/94).
  ( أخرج عبد بن حميد عن حماد بن سلمة قال : قرأتـها في مصحف أبي ( وانه لذكر للساعة ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) (الزخرف/61).
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ)(الدخان/51)، قال : أمين من الشيطان والأوصاب والأحزان ، وفي قوله (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (الدخان/54)، قال : بيض عين ، قال : وفي قراءة ابن مسعود ( بعيس عين ) ) (3) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في قراءة ابن مسعود ( لا يذوقون فيها طعم الموت ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى) (الدخان/56).

* ويسبحوا الله !
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة : -إلى قوله-وكان في بعض القراءة ( ويسبحوا الله بكرة وأصيلا ) ) (5) ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون قال : في قراءة ابن مسعود ( ويسبحوا الله بكرة وأصيلا ) ) .
  ( أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ ( ويسبحوا الله بكرة وأصيلا ) ) (6) ، وهي في القرآن هكذا (وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفتح/9).
  ( أخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : في قراءة عبد الله ( متكئين على سرر وفرش بطائنها من رفرف من إستبرق ) والإستبرق لغة فارس يسمون الديباج الغليظ الإستبرق ) (7) ، وهي في القرآن هكذا (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) (الرحمن/54).

--------------------
(1) ن.م ص19.
(2) ن.م ص21.
(3) ن.م ص33.
(4) ن.م ص34.
(5) ن.م ص71.
(6) ن.م ص72.
(7) ن.م ص147.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 593 _
  جاء في السنن الكبرى : ( عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أن أبا الدرداء قال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأها هو (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) (الرحمن/46ـ47) فقلت : وإن زنا وإن سرق يا رسول الله ؟! قال : (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) ، قال قلت : وإن زنا وإن سرق يا رسول الله ؟! قال : (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) وإن زنا وإن سرق ، ورغم أنف أبي الدرداء !، فلا أزال أقرؤها كذلك حتى ألقاه صلى الله عليه وسلم ) (1) .
  أقول : هذه إحدى الشواهد على أن بعض الصحابة كانوا يدخلون في القرآن ما ليس منه بجهل وسذاجة ، فعلى هذه الرواية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن بصدد بيان تكملة الآية وإنما أراد إنـهاء مضايقة أبي الدرداء له صلى الله عليه وآله وسلم ، ومع ذلك اتـخذ أبو الدرداء تلك الزيادة قراءة لا يتنازل عنها بدعوى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قالها !! مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقلها قرآنا ! ، وهناك من الصحابة من كان يفاخر أنه لا يدع أي شيء سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حال قراءته للآية ! .
  وبـهذا يتضح للعاقل الخطأ العظيم الذي يقع فيه من انتهج منهجية إيجاد المخارج الشرعية والتوجيهات والتأويلات المنسوبة للدين لظاهر أفعال الصحابة وهم أناس يخطئون ويصيبون وقد يتصرفون بما لا يقبله المنطق السليم ولا الصراط المستقيم ، نعم هناك أمور لا يعقل أخذها على ظاهرها فحينها نقوم بالتأويل ونقول لعل كذا ولعل كذا ، أما أن نؤول كل ما ظاهره الفسق أو الجهل فهذا غير مقبول لأنه يرفع مقام الصحابة ولكنه يهدم الدين في المقابل ، فمثلا قراءة أبي الدرداء السابقة ( وإن زنى وإن سرق ) من غير المعقول أن نحسن الظن بـها فنخترع أصولا ما أنزل الله بـها من سلطان فنجعلها من الدين ، وأن هناك شيئا اسمه نسخ تلاوة وهي منه ، أو هي من القراءات الشاذة التي جاءت من شيء اسمه الأحرف السبعة ، أو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأها وتواترت عند أبي الدرداء ولم تتواتر عند غيره و و و إلخ من الحكايات العجيبة الغريبة ، ثم لماذا كل هذا ؟! لتصحيح ما أخطأ به فلان من الصحابة ! ، وكأن الدين في خدمة الصحابة ! سبحان الله !

--------------------
(1) السنن الكبرى ج6ص478ـ479ح11561.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 594 _
  ( أخرج ابن جرير عن ابن اسحق قال : في قراءة عبد الله ( متكئين عليها ناعمين ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ) (الواقعة/16).
  ( أخرج ابن جرير عن قتادة قال : في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه ( ما يمسه إلا المطهرون ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة/79).

* تـجعلون شكركم !
  ( أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يقرأ ( وتجعلون شكركم إنكم تكذبون ) ) (3) .
  ( أخرج ابن مردويه عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال : قرأ علي رضي الله عنه الواقعات في الفجر فقال : ( وتجعلون شكركم إنكم تكذبون ) فلما انصرف قال : إني قد عرفت انه سيقول قائل لم قرأها هكذا ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقرؤها كذلك ، كانوا إذا مطروا قالوا مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله ( وتجعلون شكركم إنكم إذا مطرتم تكذبون ) ) (4).
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبى عبد الرحمن رضى الله عنه قال كان علي رضي الله عنه يقرأ ( وتجعلون شكركم إنكم تكذبون ) " ، وهي في القرآن هكذا (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (الواقعة/82).
  ( أخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : ما خص الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم في هذه الآية ( فضل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة/11).

--------------------
(1) ن.م ص155.
(2) ن.م ص162.
(3) ن.م ص162.
(4) ن.م ص162.
(5) ن.م ص185.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 595 _
  ( أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش قال : ليس بين مصحف عبد الله وزيد بن ثابت خلاف في حلال وحرام إلا في حرفين في سورة الأنفال ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والمهاجرين في سبيل الله ) وفي سورة الحشر ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول و لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والمهاجرين في سبيل الله ) ) (1) ، آية الأنفال في القرآن هكذا ء(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ) (الأنفال/41)، ، وآية سورة الحشر هكذا (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) (الحشر/7).
  ( أخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه كان يقرأ ( فكان عاقبتهما أنـهما في النار خالدان فيها ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (الحشر/17).

* فامضوا إلى ذكر الله !
عمر يرى أن ما نقرأه في مصاحفنا اليوم هو المنسوخ
  ( أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خرشة بن الحر قال : رأى معي عمر بن الخطاب لوحا مكتوبا فيه (إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الجمعة/9) ، فقال من أملى عليك هذا ! قلت : أبي ابن كعب قال : إن أبيا أقرؤنا للمنسوخ قرأها ( فامضوا إلى ذكر الله ) ) .
  ( أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : قيل لعمر إن أبيا يقرأ ( فاسعوا إلى ذكر الله ) قال عمر : أبي أعلمنا بالمنسوخ وكان يقرؤها ( فامضوا إلى ذكر الله ) ).

* العبقرية ، إلى الممات !
  ( أخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال : ما سمعت عمر يقرؤها قط إلا ( فامضوا إلى ذكر الله ) ) .

--------------------
(1) ن.م ص192.
(2) ن.م ص201.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 596 _
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال : ما سمعت عمر يقرؤها قط (إلا فامضوا إلى ذكر الله ) ).
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عمر قال لقد توفي عمر وما يقول هذه الآية التي في سورة الجمعة ( إلا فامضوا إلى ذكر الله ) ).

* مرجع الصحابة في القرآن مؤيد للعبقرية !
  ( أخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني من طرق عن ابن مسعود أنه كان يقرأ ( فامضوا إلى ذكر الله ) قال : ولو كانت ( فَاسْعَوْا ) (الجمعة/9) لسعيت حتى يسقط ردائي ) .
  ( أخرج عبد الرزاق والطبراني عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود ( فامضوا إلى ذكر الله ) وهو كقوله (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (الليل/4) ).

* سيد القرّاء وابن الزبير يصوتان للعبقرية !
  ( أخرج عبد بن حميد من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب وابن مسعود انـهما كانا يقرآن ( فامضوا إلى ذكر الله ) ) ، لاحظ مناقضتها للرواية الأولى المثبتة أن أبي بن كعب كان يقرأ بما هو موجود في مصحفنا !
  ( أخرج ابن المنذر عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقرؤها ( فامضوا إلى ذكر الله ) ) (1) .
  وأخيرا قال ابن عبد البر في التمهيد : ( وأما (فامضوا إلى ذكر الله) فقرأ به عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبو العالية وأبو عبد الرحمن السلمي ومسروق وطاوس وسالم بن عبد الله وطلحة بن مصرف ) (2) .
  أقول ، هل يلام أحد من الخلف إن أخذ برأي السلف الصالح من الصحابة والتابعين وقال بتحريف هذه الآية الكريمة ؟!

--------------------
(1) ن.م ص219.
(2) التمهيد لابن عبد البر ج8ص298.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 597 _
  ( أخرج ابن مردويه عن زيد بن أرقم و عبد الله بن مسعود أنـهما كانا يقرآن ( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) (المنافقون/7).

* في قبل عدّتـهن !
  ( أخرج ابن مردويه من طريق أبى الزبير عن ابن عمر انه طلق امرأته وهى حائض على عهد النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فانطلق عمر فذكر ذلك له فقال : مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم يطلقها إن بدا له فأنزل الله عند ذلك ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتـهن ) قال : أبو الزبير هكذا سمعت ابن عمر يقرؤها ) (2)
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبراني وابن مردويه عن مجاهد رضى الله عنه قال : سأل ابن عباس يوما رجل فقال يا أبا عباس إني طلقت امرأتي ثلاثا ، فقال ابن عباس : عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك ولم تتق الله ليجعل لك مخرجا ، يطلق أحدكم ثم يقول : يا أبا عباس ! قال الله : ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتـهن ) وهكذا كان ابن عباس يقرأ هذا الحرف ).
  ( أخرج عبد الرزاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن مجاهد أنه كان يقرأ ( فطلقوهن لقبل عدتـهن ) ).
  ( أخرج عبد الرزاق والبيهقي وابن مردويه عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل طلق امرأته مائة ، قال : عصيت ربك (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) ( الطلاق/2)، ثم تلا ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتـهن ) ) (3) ، وما أنزله الله تعالى كنص قرآني هو (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (الطلاق/1).

--------------------
(1) الدر المنثور ج6ص225.
(2) ن.م ص229.
(3) ن.م ص230 ، وهذا ما ذكره البيهقي في سننه الكبرى ج7ص323 : ( قال ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتـهن ) رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن عبد الله عن حجاج ) .
  وفي ص327 قال : ( رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع ، سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قرأ ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتـهن ) ، بسنده مجاهد أن ابن عباس كان يقرأ هذا الحرف ( فطلقوهن قبل عدتـهن أو لقبل عدتـهن ) ، بسنده كان مجاهد يقرؤها هكذا يعنى ( لقبل عدتـهن ) ).
  وفي ص331 منه : ( عن مجاهد قال كنت عند ابن عباس رضى الله عنهما فجاءه رجل فقال إنه طلق امرأته ثلاثا ، قال : فسكت حتى ظننا أنه رادها إليه ، ثم قال : ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ثم يقول : يا ابن عباس ، يا ابن عباس ، وان الله جل ثناؤه قال ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) وانك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجا عصيت ربك وبانت منك امرأتك (!!) وان الله قال ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتـهن ) هكذا في هذه الرواية ثلاثا .
  وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل طلق امرأته مائة تطليقه قال : عصيت ربك وبانت منك امرأتك لم تتق الله فيجعل لك مخرجا (!!) ثم قرأ ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتـهن ) ).

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 598 _
  قال النووي : ( وقرأ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ( فطلقوهن في قبل عدتـهن ) هذه قراءة ابن عباس وابن عمر وهي شاذة لا تثبت قرآنا بالإجماع ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا وعند محققي الأصوليين والله أعلم ) (1) .
  أقول : ليست بقرآن عند علماء أهل السنة وكان بعض الصحابة والتابعين يقرؤونـها كقرآن ، فمن المحرف منهم ؟!
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ) رض (بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (النساء/19) ، قال : هو النشوز وفي حرف ابن مسعود ( إلا أن يفحشن ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (النساء/19).

* الخاطون !
  ( أخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه من طريق أبي أخرج سعيد بن منصور عن مجاهد أنه كان يقرأ ( لا يأكله إلا الخاطون ) لا يهمز ).
  أقول : مما يجعلنا نثق بأنـها قراءة مدخولة منحولة لم ينـزل الله بـها من سلطان أن بعض الصحابة اعترضوا على هذه القراءة : ( أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن صعصعة بن صوحان قال : جاء أعرابي إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام) فقال كيف هذا الحرف ( لا يأكله إلا الخاطون ) كلٌّ والله يخطو ! فتبسم علي ( عليه السلام) وقال : يا أعرابي (لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ) (الحاقة/37)، قال : صدقت والله يا أمير المؤمنين ما كان الله ليسلم عبده ثم التفت علي( عليه السلام) إلى أبي الأسود فقال إن الأعاجم قد دخلت في الدين كافة فضع للناس شيئًا يستدلون به على صلاح ألسنتهم فرسم لهم الرفع والنصب والخفض ) .
  ( أخرج الحاكم وصححه من طريق أبي الأسود الدؤلي ويحيي بن يعمر عن ابن عباس قال : ما الخاطون !؟ إنما هو (الْخَاطِئُونَ) ، ما الصابون ؟! إنما هو (الصَّابِئُونَ) (المائدة/69) ) (3) .

--------------------
(1) شرح النووي على صحيح مسلم ج10ص69.
(2) الدر المنثور ج6ص231.
(3) ن.م ص263.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 599 _
  وعليه يتضح أن أي تغيير في النص القرآني يعتبر تحريفاً ، ولا مكان لشيء اسمه القراءات الشاذة والأحرف السبعة وما شاكل من الخزعبلات ! وإلا لما كان هناك وجه لاعتراض ابن عباس ، أو لتصحيح الخطأ الذي وقع به الأعرابي من قِبل الأمير عليه السلام كما جاء في الرواية .
  ( أخرج عبد بن حميد عن أبي الأشهب عن الحسن أنه كان يقرؤها ( خاشعا أبصارهم ) قال : وكان أبو رجاء يقرؤها ( خاشعة أبصارهم ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ) (القلم/43)، واختصاص أبي الرجاء بالذكر لأجل مخالفته للقراءة المتواترة في الحركات الإعرابية لا في الرسم .
  ( أخرج أبو يعلي وابن جرير ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف عن أنس بن مالك أنه قرأ هذه الآية ( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلا ) فقال له رجل : إنا نقرؤها (وَأَقْوَمُ قِيلاً) (المزمل/6) ! فقال : إن أصوب وأقوم وأهيأ وأشباه هذا واحد ) (2) .
  هذه آفة القرآن وهي القراءة بالمعنى التي تساهل فيها ابن مسعود ، وليس من الغريب أن يقلده أنس في هذا المورد ، وقول الرجل ( إنا نقرؤها ) بصيغة الجمع يشعر بأن قراءة أنس كانت غير معروفة .
  ( أخرج ابن المنذر عن حماد قال : قرأت في مصحف أبي ( ولا تمنن أن تستكثر ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (المدثر/6).
  ( أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي داود وابن الأنباري معا في المصاحف وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار قال : سمعت عبد الله بن الزبير يقرأ ( في جنات يتساءلون عن المجرمين يا فلان ما سلككم في سقر ) قال عمرو : وأخبرني لقيط قال : سمعت ابن الزبير قال : سمعت عمر بن الخطاب يقرؤها كذلك ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (المدثر/40ـ42).

--------------------
(1) ن.م ص267.
(2) ن.م ص278.
(3) ن.م ص282.
(4) ن.م ص285.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 600 _
  بالتتبع نشعر أن قراءات ابن الزبير التي شذ بـها ترجع غالبيتها إلى عبقريات ابن الخطاب ، ولعل إرجاع ابن الزبير قراءاته لقراءة عمر أسلم له عند مواجهة الاعتراضات .
  ( أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ ( وأيقن انه الفراق ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ) (القيامة/28).
  ( أخرج عبد بن حميد عن ابن اسحق قال : في قراءة عبد الله ( كأسا صفرا كان مزاجها ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا (إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا) (الإنسان/5).
  العجب من ابن مسعود الذي لا يفتأ يغير ألفاظ شراب الجنة إلى الأصفر ! وقد مرّت قراءته ( صفراء لذة للشاربين ) ، وما يدرينا لعل هذا مما علم به ابن مسعود في العرضة الأخيرة للقرآن التي عرضها عليه الرسول صلى الله عليه و آله وسلم فعلم ما نسخ وما بُدِّل ! كما يزعم أهل السنة .
  ( أخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة قال: في قراءة ابن عباس ( وأنزلنا من المعصرات بالرياح ) ) (3) .
  وعكرمة كان يقرأها بمزاج آخر : ( عن عكرمة أنه كان يقرأ ( وأنزلنا بالمعصرات ) يعني الرياح ، حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قال : هي في بعض القراءات ( وأنزلنا بالمعصرات الرياح ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا) ( النبأ/14).

* ظنيـن !
  ( أخرج الدارقطني في الأفراد والخطيب في تاريخه والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة )رض(أن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم كان يقرؤها ( وما هو على الغيب بظنين ) بالظاء ).
  ( أخرج عبد بن حميد عن هشام بن عروة قال كان أبي يقرؤها ( وما هو على الغيب بظنين ) فقيل له في ذلك فقال : قالت عائشة : إن الكتّاب يخطئون في المصاحف ).

--------------------
(1) ن.م ص295.
(2) ن.م ص298.
(3) ن.م ص306.
(4) تفسير الطبري ج12 ص 4 .